اخبار ومتفرقات

اليوم العالمي لمكافحة العنف ضدّ المرأة

وقفةٌ عالمية تُذكّر البشرية بأنّ حقوق المرأة ليست ترفًا اجتماعيًا، بل مقياسًا لرقيّ الأمم ونضجها. نعم، نحن في لبنان نتبنّى هذه الوقفة، لا من باب المجاملة، بل لأنّ واقع المرأة عندنا يُلامس المأساة بكل تفاصيلها.

قد يستهزئ البعض بهذه المناسبة، ويعتبر أن المرأة “آخدة حقها وزيادة”، لكن غاب عنهم أنّ أي إشكالية اجتماعية لا تُقاس من زاوية واحدة، بل من مجموع العوامل التي تشكّل بنيتها. وكما قال المفكر جون ستيوارت ميل:

“لا يمكن لمجتمع أن يكون حرًا حقًا إذا بقي نصفه مُقيّدًا.”

فالإنسان – رجلًا كان أم امرأة – هو الذي يُشكّل الأسرة والمجتمع. له حقوق وعليه واجبات، وبدون احترام هذه المعادلة لن يقوم مجتمعٌ عادل ولا دولة قوية. عندما يحصل كل فرد على حقوقه، وعندما تتساوى الفرص، تنمو شخصية الإنسان، يتبلور كيانه، ويصبح قادرًا أن يبني ويطالب ويُحاسب… وعندها فقط تُصبح له قيمة في ميزان العالم.

لكن ماذا يحصل عندنا؟

يتباهي بعض الرجال بقوتهم الجسدية فيعتبرون أن من حقهم “يفشّوا خلقهم” بزوجاتهم عند أول غضب، محميّين بقوانين بالية وأعراف مريضة، وبخطاب اجتماعي يُبرّئ الرجل ويُجرّم المرأة، فيُلصقون بها تهمًا من نوع: “ما بتسوى” و”مزنترة” لتبرير أذاهم.

يُظلّل المجتمع الذكوري الضعفاء بمظلّة شائعات تحمي الذَّكر وتُدين المرأة، حتى يصل الأمر إلى تبرير قتلها بحجّة “صون العرض والشرف”.

“الخطيئة ليست في ضعف القانون، بل في من يحمي ضعفه ويرضى به.”منقول

والطامة ليست محصورة في العنف الجسدي.

هناك عنفٌ أسري، وعنفٌ اقتصادي واستغلالي يُمارس على المرأة في العمل. لكن الأخطر… العنف الذي تُمارسه الدولة نفسها على نسائها.

في القرن الحادي والعشرين، بينما تتطوّر القوانين في العالم لتلائم نبض العصر، ما زلنا نقدّس قوانين العصر الحجري ونحتمي بقساوتها. تُحرَم المرأة عندنا من حقوق إنسانية بديهية، ويقف القانون متواطئًا مع الذكورية المتحجّرة التي تحتمي بمرجعيات دينية تُفسّر النصوص على هوى الرجل.

والأدهى عندما يُتاجر السياسيون بقضية العنف ضد المرأة وكأنّها محصورة في “الكدمات والضرب”، بينما العنف الحقيقي هو ذاك الذي يحرمها من كيانها، من أولادها، من حقوقها، من كرامتها…

كما قال غسّان كنفاني:

“الإنسان قضية… فإذا ضاعت قضيته ضاع كل شيء.”

نعم… لا عجب أن عائلاتنا متفككة ومجتمعنا هش.

فحين تُظلم المرأة، يختلّ الميزان بكامله.

وحين تُعاق المرأة على صمودها، يدفع الوطن ثمن انهياره من فم أطفاله.

المحاسبة تبدأ من أنفسنا.

والتصالح يبدأ من داخلنا.

فلا يمكن لإنسانٍ مُستسلِم لظلمه أن يواجه من يغتصب حقوقه.

كل واحد منّا مسؤول.

هل ندرك خطورة هذه المسؤولية؟

هل نعي أنّ قيمة الوطن تُقاس بكرامة ناسه؟

إلى أن نعي…

تصبحون على وطن.

خلود وتار قاسم 

المقال يعبر عن رأي الكاتب وليس رأي الموقع، شكرا على المتابعة. 

زر الذهاب إلى الأعلى