اخبار ومتفرقات

خنجر النفاق: الشيعة بين مطرقة الأعداء وسندان المتاجرين

كل يومٍ، أصحو على وقع معركةٍ فكريةٍ وجدلٍ عقيم، تشعله هفوات قاتلة يرتكبها “كلمنجية” اعلام محور المقاومة، ممن يمارسون فوقية مقيتة ويجترّون خطاباً مستفزا، حوّلنا في نظر العالم إلى مهرجين في “سيرك الموت”. فما تكاد الطائفة الشيعية تحاول النهوض من قاع المأساة، حتى يطلّ هؤلاء ليهشموا أي صورة نحاول ترميمها.

لذا، فإن أخطر ما يواجهنا اليوم ليس العدو الخارجي فحسب، بل ذلك “الاستغلال العاطفي” من شرذمة المرتزقة الذين وجدوا ضالتهم في “الاستحمام” ببرك الدم الشيعي. طائفةٌ قدّمت بصدقٍ قرابينها، لم تجد حولها سوى “طفيليات” تمتص دمها وتزايد على دورها. لقد بات العالم – وحتى أشد الخصوم كترامب – يدركون ضمناً أن شيعة لبنان ضحية “الصدق الخالص” في زمن النفاق، وأنهم فئة خُدعت حين قدمت نفسها قرباناً لقضايا عربية واسلامية كفر بها أهلها.

بالأمس، صرخ أحدهم بمرارة: “متى نتحرر من باعة الكلام هؤلاء؟”. الذين يمنّون علينا بمواقفهم، ولو كان لهم تأثير يذكر – ولو بنسبة واحد بالمائة – على إسرائيل، لكان حالهم كحال قناة “المنار” التي حُجبت عن الفضاء والإنترنت لأنها كانت تؤثر بالراي العام بسبب اطلالات السيد نصرالله عليها، وكان حجب المنار صممه بخبث هؤلاء الذين ظهروا بسبب حجبها.

 هل تصدقون ان كل هذا الاعلام يؤثر على سياسة اسرائيل وامريكا ولا يتم حجبه بثواني.

مجرد صورة للسيد نصرالله على حساب فيس بوك، يتم اغلاقه لو كان عليه ملايين المتابعين.

توقفوا عن هذا الاستمثار باعلام كسلة الخضار المثقوبة الذي نضع فيه دمائنا، فتهدر على الارض دون اي نتيجة. 

والمفارقة المؤلمة تكمن في “فاتورة” هذا الضجيج؛ فبينما يزداد هؤلاء المتشدقون ثراءً، وتتبدل أحوالهم نحو البذخ والقصور والمواكب، تذبل وجوه الشيعة وهم يهيمون بحثاً عن مأوى مؤقت. الشيعي يدفع روحه ورزقه ثمناً لثرثرة هؤلاء، وهو ثمنٌ باهظٌ يضع طائفة بأكملها أمام خطر وجودي، في حين أن من يدفع ليطرب بصوت فنان لا يخسر سوى المال.

استيقظوا، فنحن على مفترق طرق خطير. العالم مندهش من “العزلة” التي نعيشها، وكأن حدوداً تفصل قرانا المدمرة عن بقية لبنان المزدهر. ولن يأسف أحدٌ على تضحياتنا طالما منابرنا تشرّع أبوابها لوجوه أدمنت الشتائم؛ فمن تطاول على السوري والكويتي، إلى من أهان العرب وشركاء الوطن، ما زال يتصدر المشهد. هؤلاء أصبحوا “عبئاً وجودياً” علينا، وأضعف الإيمان إن أردنا إرسال رسائل تغيير للعالم، أن نقصيهم عن واجهتنا.

ليست مشكلتنا مع المزارع الصامد الذي يزرع قمحه ويحصد زرعه تحت القصف وجحيم النيران، ولا مع المقاوم الشهيد الذي امتزج دمه بتراب وطنه، وآخر صورة طبعت في ذهنه كانت ابتسامةً يودع بها أهله ورفاقه. وليست مشكلتنا مع الأم الثكلى التي تصرخ “يا زهراء، يا زينب” وهي تحمل أشلاء عائلتها وحزنها كما حملت زينب حزن كربلاء، ولا حتى مع رجال الدين الداعين للوحدة.

مشكلتنا الحقيقية مع إعلامٍ لوّث الفكر الشيعي بخطاب “فرز الناس كالنفايات”، بينما جوهر الدين الشيعي يرى الإنسان “أخاً لك في الدين أو نظيراً لك في الخلق”.

المشكلة تكمن فيمن ضيعوا دماءنا وتضحياتنا لبقائهم؛ كالإعلاميين الذين اعتقدوا للحظة أن الطائفة انتهت، فانقلبوا عليها وتبرأوا منها، ووصفوا ناسها بأنهم “كالقطيع” في الصفوف لا يرون أمامهم ولا خلفهم، واليوم يُعاد تظهيرهم على إعلام محور المقاومة باستخفاف غير مسبوق بعقول وذاكرة ومشاعر الطائفة.

وكذلك الأمر مع السياسيين الذين انقلبوا على المقاومة؛ فمن رحل منهم نهائياً قد رحل، ولكن المصيبة في أولئك الذين يعودون للتقرب منها عند كل استحقاق مستغلين “طيبة قلب الشيعة”، وسط تسويق إعلامي مريب يطرح سؤالاً كبيراً: “من يدير الإعلام الشيعي اليوم؟”.

إن خطر إظهار الطائفة الشيعية وكأنها جمعٌ من المغيبين، هو أشد فتكاً من الدمار الذي يحدثه الإسرائيلي. فالدمار والتفوق العسكري الإسرائيلي له مبرراته التقنية التي يعترف بها العالم، كما يعترفون بأن الشيعة هم “أقوى الأقوياء” في مواجهة هذه القوة الغاشمة. ولكن، كيف نبرر للعالم أننا لا نميز الأبيض من الأسود بسبب “مهرجين” من الإعلاميين حوّلوا الطائفة بإطلالاتهم وتحليلاتهم إلى مادة للسخرية؟

أيها الشيعة، إن أردتم الموت فأنتم أحرار، ولكن لا تموتوا ليقول التاريخ عنكم “سُذجاً”. هؤلاء المتاجرون يصورونكم في قمة الغباء السياسي.

استيقظوا من هذا النفاق، واحترموا عقولكم ودماء شهدائكم التي باتت تحتاج لفحوص (DNA) لتعرفوا أصحابها، بينما “تجار الكلام” يرفلون في النعيم، ووجوههم باتت أشهر من صناع القرار العالمي على حسابنا.

استيقظوا قبل فوات الأوان.. ولا يظننّ أحد أن هؤلاء الإعلاميين الذين يصرخون اليوم هم شجعان، بل هم عند أول منعطف – وكما فعل غالبيتهم سابقاً – سيتباكون ويدّعون أن الشيعة هم من ضغطوا عليهم لقول هذا الكلام.

المقال يعبر عن رأي الكاتب وليس رأي الموقع، شكرا على المتابعة. 

زر الذهاب إلى الأعلى