اخبار ومتفرقات

«يلا نِدبُك»… حين يتحوّل التراث إلى عرض حيّ على شاشة MTV

في وقتٍ تتسارع فيه الإيقاعات الفنية، وتكاد الفنون الشعبية تُزاحَم بوهج الحداثة، يطلّ برنامج «يلا نِدبُك» على شاشة MTV ليعيد للدبكة اللبنانية حضورها كفنّ جامع، لا يُختصر برقصة، بل يُقدَّم بوصفه تعبيرًا عن هوية وذاكرة جماعية متجذّرة في الأرض.

يقدّم البرنامج، الذي يتولّى تقديمه طوني بارود وكارلا حداد ، مساحة تنافسية تجمع نخبة فرق الدبكة من مختلف المناطق اللبنانية، في إطار إنتاجي منظّم يزاوج بين الطابع الاحتفالي والانضباط الفني. ومن خلال حلقاته المتتالية، ينجح «يلا نِدبُك» في عكس التنوّع الجغرافي والثقافي للبنان، ضمن رؤية تسعى إلى الحفاظ على التراث وتقديمه بلغة بصرية معاصرة.
وعلى خشبة البرنامج، برزت فرق عدّة قدّمت عروضًا متقدّمة، أكّدت أن الدبكة اللبنانية ما زالت حاضرة بقوّة، وقابلة للتطوّر من دون التفريط بجذورها. ومن بين هذه الفرق، سجّلت فرقة ديكتنا حضورًا لافتًا، من خلال أداء اتّسم بالتماسك والدقّة، وقدّمت الدبكة كحالة فنية متكاملة تقوم على الانسجام الجماعي، وضبط الإيقاع، والالتزام الواضح بروح هذا الفن.
وأظهرت عروض فرقة دبكتنا مستوى عاليًا من التحضير، حيث بدت الحركات مدروسة والانتقالات سلسة، ما عكس تدريبًا منهجيًا واحترامًا واضحًا لتفاصيل الدبكة التقليدية، من دون الوقوع في التكرار أو المبالغة، الأمر الذي منح الفريق هوية أدائية متوازنة بين القوّة والثبات.

إلى جانب دبكتنا، قدّمت الفرق المنافسة الأخرى عروضًا متنوّعة، عكست مدارس وأساليب مختلفة في أداء الدبكة، تعبّر عن خصوصية كل منطقة وخلفيتها الثقافية. وجاءت المنافسة ضمن أجواء مهنية راقية، ساهمت في رفع المستوى العام للحلقات، وتحويل المسرح إلى منصّة جامعة للفن الشعبي اللبناني.
ويتميّز «يلا نِدبُك» بمقاربته الإنتاجية التي تجمع بين الأصالة والتجديد، حيث لا تكتفي العروض بإعادة تقديم الدبكة بصورتها التقليدية، بل تسعى إلى تطويرها ضمن لوحات مدروسة تحافظ على الأساس الفولكلوري، وتخاطب في الوقت نفسه جمهورًا شابًا بلغة إخراجية حديثة.

وتؤدّي لجنة التحكيم، المؤلّفة من مختصّين في الفولكلور والموسيقى، دورًا محوريًا في توجيه المنافسة، من خلال تقييم مهني يستند إلى معايير تتجاوز الدقّة التقنية، لتشمل صدق الأداء، والقدرة على إيصال روح الدبكة إلى الجمهور.

في المحصّلة، يقدّم «يلا نِدبُك» نموذجًا لبرنامج فني يسعى إلى تثبيت حضور التراث اللبناني على الشاشة، مؤكدًا أن الفنون الشعبية، حين تُقدَّم ضمن رؤية إنتاجية واضحة واحترام لمضمونها الثقافي، تبقى قادرة على التفاعل والمنافسة.

على شاشة MTV، لا يقتصر المشهد على عروض دبكة متتالية، بل على محاولة جادّة لإعادة وصل الماضي بالحاضر، خطوةً خطوة، وعلى إيقاع الدبكة اللبنانية.
ميساء الحافظ

زر الذهاب إلى الأعلى