
في إطار الحملة العالمية لمناهضة العنف ضد المرأة، وبرعاية وحضور معالي وزيرة البيئة الدكتورة تمارا الزين، ممثَّلةً بمستشارة الوزيرة للشؤون الخارجية ونائب الأمين العام للجنة الوطنية للأونيسكو السيدة رمزا جابر، نظّمت جمعية “ما تنسونا” ندوةً توعوية بعنوان “قوة المرأة… بين الوعي والتغيير”، بحضور نخبة من الشخصيات الرسمية، القانونية، الأكاديمية، الإعلامية، وناشطات المجتمع المدني.

وألقت السيدة رمزا جابر كلمة باسم وزيرة البيئة، شدّدت فيها على أن العنف ضد المرأة ليس قضية نسائية فحسب، بل قضية كرامة وحقوق وتنمية تمسّ المجتمع بأسره، معتبرةً أن عنوان الندوة يشكّل مسارًا يبدأ بالوعي وينتهي ببناء مجتمع أكثر عدلًا وأمانًا. وأكدت أن مسؤولية مواجهة العنف لا تقتصر على الإدانة، بل تتطلّب ترسيخ ثقافة احترام، وسياسات حماية تضمن للنساء الدعم بكرامة وسرّية، لافتةً إلى أن البيئة لا تُختصر بالطبيعة فقط، بل تشمل البيت والمجتمع، حيث إن اختلال الأمان داخل الأسرة ينعكس سلبًا على المجتمع ككل، لا سيما في ظل الأزمات المتفاقمة.
افتُتحت الندوة بكلمة ترحيبية قدّمتها الإعلامية نورا زعيتر، مقدّمة البرامج السياسية في قناة OTV، رحّبت فيها بالحضور من مسؤولين واختصاصيين وإعلاميين وسيدات فاعلات في المجتمع اللبناني، مؤكدةً أهمية هذا اللقاء كمساحة حوار صادق حول تمكين المرأة ودورها المحوري في إحداث التغيير.

وألقت رئيسة جمعية “ما تنسونا” الخيرية السيدة ندى الخليل كلمة شكرت فيها الحضور، معتبرةً أن هذه الندوة تشكّل تتويجًا لست سنوات من العمل المتواصل في خدمة المرأة اللبنانية التي فقدت معيلها، والوقوف إلى جانبها نفسيًا، اجتماعيًا، ثقافيًا وماديًا.
وأكدت الخليل أن الجمعية، منذ تأسيسها، آمنت بأن تمكين المرأة يبدأ من الداخل، عبر دعمها نفسيًا ومنحها الأدوات التي تساعدها على إعادة بناء ذاتها وأسرتها، مشيرةً إلى أن الندوات التوعوية والنشاطات المختلفة كانت ولا تزال جزءًا أساسيًا من هذه الرسالة.

كما كشفت عن مشروع قيد الإنشاء يتمثّل بمبنى متكامل لتمكين المرأة، يهدف إلى احتضان النساء المحتاجات إلى رعاية نفسية، تدريب ثقافي ومهني، ودعم اجتماعي شامل، بانتظار استكمال الموافقات اللازمة للتمويل، على أمل أن يرى المشروع النور قريبًا.
وتناولت الإخصائية النفسية الدكتورة فرح الحر أهمية الصحة النفسية للمرأة وانعكاسها المباشر على الأسرة والمجتمع، مؤكدةً أن إنهاك المرأة نفسيًا ينعكس توترًا داخل الأسرة ويؤثر سلبًا على الأطفال والعلاقة الزوجية، مشددةً على أهمية الوعي، والتعبير عن الضغوط، وطلب الدعم، والذكاء العاطفي والحوار السليم، وعلى أن العلاقة بين المرأة والرجل تقوم على التكامل واحترام الفروقات.
كما ركّزت الإخصائية النفسية الأستاذة سالي الديراني على ضرورة إعادة النظر في الصورة النمطية للمرأة، معتبرةً أن المرأة كيان متكامل لا يُختصر بأدوار تقليدية، وتطرّقت إلى المفهوم الشائع عن “المرأة القوية نفسيًا”، محذّرةً من تحويل التحمّل الدائم إلى معيار للقوة، ومن انتشار ظاهرة الـLife Coaching غير المبني على تأهيل علمي، لما لذلك من آثار سلبية على الصحة النفسية.
وتوقّف الحضور عند المسيرة الإنسانية والاجتماعية لرئيسة الجمعية السيدة ندى الخليل، التي كرّست سنوات من حياتها لخدمة المرأة التي تُركت وحيدة في مواجهة الظروف القاسية، فأطلقت مبادرات ومشاريع ذات أثر فعلي في المجتمع.
واختُتمت الندوة بمداخلة للدكتور إياد سكرية، المحاضر في كلية الأركان في الجيش اللبناني والجامعة اللبنانية، قدّم فيها مقاربة علمية وواقعية للعلاقة بين الرجل والمرأة، داعيًا إلى تشخيص كل حالة على حدة، ومؤكدًا أن العلاقات السليمة تقوم على التكامل لا التطابق، وعلى تحويل هذه النقاشات إلى توصيات عملية تُرفع إلى الجهات المعنية.