
ثمة وجوه حفرت اسمها واسم وطنها بحروف من ذهب في داخل لبنان وخارجه، ولعل سيرة سفير لبنان في روسيا شوقي ابو نصار خير شاهد وشهيد على ذلك.
ابو نصار الذي حاز ثقة ومحبة كبيرة من القيادة الروسية وربطته علاقات وطيدة جدا بها، يؤكد في حديث خاص ل”سانا نيوز” أن وصول الرئيس فلاديمير بوتين للرئاسة في روسيا شكّل علامة فارقة لناحية الانفتاح، فروسيا الاتحادية هي أكبر دولة في العالم من حيث المساحة حيث توازي ضعف مساحة أميركا والصين،وتمتلك كل انواع الثروات في المعادن والبترول والذهب والالماز، إضافة لشعب يمتلك تاريخا عظيما، وعلى صعيد الادب والشعر والفن، وبالرغم من تراجع مكانة روسيا لفترة من الزمن إلا أنها تعود اليوم لتكون إحدى أبرز القوى العظمى، وقد كان لنا شرف أن نمثّل وطننا لبنان لحوالي ثلاث عشر سنة، فقد كانت هذه المهمة الدبلوماسية في فترة دقيقة جدا لناحية اندلاع الأزمة السورية وما تلاها من أحداث كبرى في منطقتنا ، ففي عام ٢٠١٥ اتخذ الرئيس بوتين قرارًا بالتّدخل العسكري في سوريا عندما أرسل الطيران وافتتح قاعدة حميميم في سوريا، فالروس تاريخيا يهتمون بموقع سوريا الجيوسياسي ويعتبرنه مركزيًّا كنقطة تمويل للمصالح الروسية في القارة الأفريقية بعد أن تمكنت روسيا وامريكا من أبعاد الفرنسيين عن السيطرة على القارة السمراء، ومن خلال العلاقة الوطيدة مع وزير الخارجية بوغدانوف أبلغنا حينها أن التدخل الروسي سببه المركزي هو القلق من سيطرة الإرهاب على سوريا، والمخابرات الروسية كانت على يقين أن التأخر في تدخلها سيغير المشهد برمّته في سوريا لنواحي خطيرة جدًّا، ولكن النظام عينه ارتكب أخطاء فادحة تجاه شعبه والدول الأخرى، ولم يسمع النظام النصائح التي أُُسديت له من روسيا، ولأجل كل ذلك وأكثر في سوريا وتأثيرها على لبنان بشكل مباشر.
يضيف :” تحدثنا بإسهاب عن سوريا لأن ثمة تأثير كبير للمشهد السوري على الداخل اللبناني، فروسيا لم يسبق لها تاريخيا أن اعتدت على دولة عربية بل كانت دومًا إيجابية تجاه كل الدول العربيّة ولبنان في طليعتها، ولطالما أوصلنا رسائل للقيادات والأحزاب اللبنانية أن روسيا لا يمكن أن تقف بشكل مباشر مع دولة ضد أخرى، وانما تدعم القضايا العربية واستقرار لبنان وسيادته على أراضيه، وهذا المشهد ما زال مستمرًا من خلال بذل كل الجهود لعودة الاستقرار السياسي والامني إلى لبنان.
يختم السفير اللبناني الذي شغل منصب عميد السلك العربي في روسيا لمدة خمس سنوات مؤّكدًا أن الحل الوحيد وبصيص النور الوطني وسط ضبابية المشهد يتمثّل بترفّع اللبنانيين عن الانتماءات الضيقة والوحدة تحت سماء الانتماء الوطني الأرحب.