السياسية

عون للقضاة: مرجعيتكم الوحيدة هي بلدكم

أكّد رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون أن “مكافحة الفساد ستكون مهمة أساسية في عهدي، وأن القضاء سيكون له دور أساسي في هذا المجال، فعندما يقوم القضاء بواجباته، يلتزم الجميع بأحكامه وتكون له الكلمة الفصل”، مشدّدًا على أنه سيكون “الدرع الأول للقضاء والقضاة الذين دعاهم للقيام بواجباتهم بموجب القانون وما تفرضه عليهم ضمائرهم”.
وأضاف الرئيس : “لا تخضعوا لأي ضغوطات أو تدخلات من أي جهة كانت، وليكن ولاؤكم للبلد لا للسلطة السياسية أو المرجعية الحزبية أو الدينية، فمرجعيتكم الوحيدة هي بلدكم ومصلحته حصرا”.

كلام الرئيس عون جاء خلال استقباله صباح اليوم في قصر بعبدا، المدعي العام المالي القاضي الدكتور علي إبراهيم على رأس وفد ضم القضاة دورا الخازن، فاتن عيسى، إيمان عبد الله، علي حدرج، ستيفاني الفغالي، إميليو القزي، ديمتري عجوز، نزار إسماعيل، كريم إبراهيم والمحامي الدكتور محمد إبراهيم، الذين هنأوه بانتخابه رئيسًا للجمهورية.
في مستهل اللقاء، تحدّث القاضي إبراهيم متمنياً لرئيس الجمهورية “التوفيق في قيادة البلاد”، مؤكدًا الوقوف إلى جانبه “في التمسك بدور القضاء اللبناني، لا سيما أنكم القاضي الأول في هذه الجمهورية”، وقال: “إن النيابة العامة المالية هي جزء من القضاء الذي استحوذ مساحة واسعة من خطاب القسم، ونحن ملتزمون بالقواعد الدستورية والقانونية والشفافية التي يقوم عليها لبنان”.
ورد الرئيس عون مرحبًا بالوفد، مؤكدًا “أهمية ركيزتي الأمن والقضاء في البلد، اللذين يساهمان في تحقيق الازدهار الاقتصادي وخلق الثقة في الداخل والخارج على حد سواء”. وتوجّه إلى الوفد قائلاً: “دوركم كبير وأساسي ولا يمكننا الاستمرار في الاستخفاف بمسألة القضاء في ظل متابعة الدول الراغبة بمساعدة لبنان لما سنحققه على هذا الصعيد وعلى صعيد بناء جسور الثقة معها”.
وأضاف الرئيس عون: “لا يمكن لأي بلد أن يقوم من دون قضاء. ماذا يريد الخارج منا؟ إنه يريد الإصلاحات ومكافحة الفساد، التي ستكون مهمة أساسية في عهدي، وللقضاء دور أساسي فيها. فعندما يقوم القضاء بواجباته، يلتزم الجميع بأحكامه وتكون له الكلمة الفصل”. وشدّد على أن “سر نجاح أرقى ديمقراطيات العالم هو قضاؤها وأمنها”.
وأكّد أن “لا شك أن في لبنان عددًا من القضاة الشرفاء، لكن القضاء قصر كثيرًا في الفترة الأخيرة، لا سيما لجهة محاسبة المرتكبين في بعض القضايا. من هنا، فإن دوركم أساسي اليوم في إعادة الدور الرئيسي للقضاء وفي مكافحة الفساد، لأنه لا يمكن النهوض بالبلد من جديد دون تضافر جهود كل مؤسسات الدولة، وعلى رأسها القضاء”.
وأكد رئيس الجمهورية أيضًا “أهمية استقلالية القضاء كما على استقلالية القضاة أنفسهم وحكمتهم”، مشدّدًا على أن “لا إصلاحات ولا اقتصاد في البلد من دون قضاء”، متوجهًا إلى القضاة بالقول: “قوموا بواجباتكم بموجب ما يفرضه عليكم القانون وضمائركم ولا تخضعوا لأي ضغوطات أو تدخلات من أي جهة كانت، ورئيس الجمهورية سيكون الدرع الأول لكم. يجب أن يكون ولاؤكم للبلد لا للسلطة السياسية أو المرجعية الحزبية أو الدينية. ومرجعيتكم الوحيدة هي بلدكم ومصلحته حصرا”.
من جهة أخرى، استقبل الرئيس عون الرئيس السابق ميشال سليمان الذي هنأه بانتخابه رئيسًا للجمهورية. وتم خلال اللقاء عرض الأوضاع العامة في البلاد والتطورات على الساحة الجنوبية بالإضافة إلى الاتصالات القائمة لتشكيل حكومة.
بعد اللقاء، صرّح الرئيس سليمان للصحافيين قائلاً: “أتوجه بالتهنئة إلى اللبنانيين بعودة الحياة الدستورية إلى لبنان، بدءًا بانتخاب رئيس الجمهورية واختيار رئيس الحكومة القاضي نواف سلام. وأهنئ أيضًا فخامة الرئيس العماد جوزاف عون، وأدعو الجميع للالتفاف حوله وحول رئيس الحكومة المكلف لتطبيق خطاب القسم، وهو خطاب واعد ودستوري مئة بالمئة، ويجب أن تتم ترجمته حرفيًا في البيان الوزاري”.
وأضاف: “أما الأمر الثاني فهو موضوع الحياد الإيجابي الذي أورده رئيس الجمهورية في خطاب القسم. هذا أمر مهم جدًا ومفتاح الاستقرار والازدهار في لبنان، ويجب تطبيقه حرفيًا بعدما اختبرنا موضوع التدخل. في العام 2009، اتفقنا على طاولة الحوار في قصر بعبدا على عدم تدخل لبنان في حرب غزة، وشهد البلد فترة ازدهار لعدة سنوات، ثم بدأت الأمور بالتراجع بسبب التدخلات في سوريا. يجب علينا تحييد لبنان لإعادة بناء المؤسسات وتعزيز الازدهار”.
وتابع سليمان: “أما الأمر الثالث فهو الحوار. فالحوار يجب أن يكون في روح الدستور واتفاق الطائف. لا نريد حوارًا حول الاستراتيجية الدفاعية، التي هي شأن عسكري، ولكننا نتمنى أن يتم الحوار لاستكمال تطبيق اتفاق الطائف، ولتحقيق الحياد الإيجابي أو التحييد، ومن ثم تشكيل هيئة لإلغاء الطائفية السياسية، وإنشاء مجلس الشيوخ كما نصّت عليه المادة 95 من الدستور”.
استقبل الرئيس عون أيضًا النائب طوني فرنجية الذي هنأه بانتخابه، وتمنى له التوفيق في قيادة البلاد، معربًا عن استعداد كتلته لدعم الحكومة المرتقبة. بعد اللقاء، صرّح فرنجية قائلًا: “هدفنا هو إنقاذ لبنان. علينا أن نضع أنفسنا في خدمة نجاح هذا المشروع الوطني، ويجب أن نبذل جهدنا لتشكيل حكومة بأسرع وقت ممكن”. وأضاف: “نؤكد أننا سنكون عاملًا مسهّلًا لتشكيل الحكومة، ولن نعرقل تشكيلها، كما أننا نضع أنفسنا في خدمة العهد الجديد.”
كما استقبل الرئيس عون الوزير السابق طلال أرسلان، الذي هنأه بانتخابه، مشيرًا إلى ضرورة الالتزام بروحية الدستور وعدم السماح بتغليب الأعراف على النصوص الدستورية، مؤكدًا على أهمية المداورة في الحقائب الوزارية. أرسلان دعا القوى السياسية إلى الالتزام بحدودها لتسهيل انطلاق العهد الجديد.
وأشار الرئيس عون إلى ضرورة التزام الدستور ووقف انتهاك القوانين، مؤكدًا أن “لبنان لن يحصل على مساعدات قبل أن يثبت للعالم أنه بات أهلًا لذلك، وقبل أن يبدأ في استثمار الإمكانات للمصلحة العامة”.

زر الذهاب إلى الأعلى