إفتتاح المؤتمر الدولي السنوي الثاني والعشرين للمنظمة العالميّة لحوار الأديان والحضارات (أويسكو) في أنطش مار يوحنّا مرقس في جبيل تحت عنوان “قيم السلام في المسيحيّة والإسلام” بمشاركة عدد من الجهات والمؤسسات والمراكز الحواريّة والدينيّة والأكاديميّة والثقافيّة من داخل وخارج لبنان*
الإثنين 19 حزيران – يونيو 2023م
أنطش مار يوحنّا مرقس – جبيل
إنعقد المؤتمر الدولي السنوي الثاني والعشرين للمنظمة العالمية لحوار الأديّان والحضارات (أويسكو) الذي عقد هذا العام في الجمهوريّة اللبنانيّة في قاعة المؤتمرات في أنطش مار يوحنّا مرقس – جبيل تحت عنوان “قيم السلام في المسيحيّة والإسلام” بالتعاون وبمشاركة عدد من الجهات والمؤسسات والمراكز الحواريّة والدينيّة والأكاديميّة والثقافيّة من داخل لبنان وخارجه تتقدمهم كل من الهيئة العالميّة للفقه الإسلامي، ملتقى الأديان والثقافات للتنمية والحوار في لبنان، المركز الدولي للحوار الديني والإنساني في أوسلو – النرويج، دار الإفتاء الجعفري في جبيل وكسروان، دار إفتاء بلاد جبيل وتوابعها، دار الافتاء الجعفري في صيدا، المحكمة الشرعيّة في جبل لبنان، اللجنة الأسقفيّة للحوار المسيحي الإسلامي في لبنان، المركز الكاثوليكي للإعلام – اللجنة الأسقفيّة لوسائل الإعلام، مطرانية جبل لبنان وطرابلس للسريان الأرثوذكس، مطرانية بيروت وجبيل للروم الملكييـن الكاثوليك، أكاديمية الانسان للتلاقي والحوار، مؤسسة العرفان التوحيدية، أكاديميّة الكوفة في هولندا، الجمعية اللبنانية لفلسفة القانون (الجامعة اللبنانيّة)، المكتبة الوطنية في بعقلين، لقاء أبناء الجبل، نادي الشرق لحوار الحضارات، المؤسسة الرومانيّة للترجمة ANCI، وبحضور وبمشاركة عدد من الفاعليات والشخصيات الدينيّة والأكاديميّة والثقافيّة والدبلوماسيّة من داخل لبنان وخارجه.
الدكتور الجدة
بداية إفتتحت أعمال المؤتمر واستهلت بالكلمة الإفتتاحيّة والترحيبيّة ألقاها أمين عام المؤتمر الدكتور الشيخ مخلص الجدة رئيس المنظمة العالمية لحوار الأديّان والحضارات (أويسكو) التي دارت حول شعار المؤتمر لهذا العام وأكد خلالها أن الحوار هو من أهم القواعد التي ترسي السلام والامن وتساعد الشعوب والمجتمعات على المزيد من الاستقرار.
مضيفاً إن إختيارنا لعقد مؤتمرنا السنوي لهذا العام في مدينة جبيل هذه المدينة العريقة التي طالما احتضنت الحوار والعيش المشترك على المستويات كافة، وتقيم المبادرات واللقاءات والندوات التوعوية والتي أصبحت مثالاً يحتذى به، وهذا ما رشحها بجدارة في أن تكون “عاصمة الحوار الاسلامي المسيحي”.
الأب عبّود
بعدها تحدث رئيس أنطش مار يوحنّا مرقس في جبيل الأب الدكتور سيمون عبّود الذي رحب بداية بالحضور الكريم في هذا الصرح الروحي والإجتماعي في هذه المدينة وأعرب في كلمته التي قال فيها “وما مُؤتَمَرُنَا اليَوْمَ، إلاَّ استِكْشَافٌ لِمَعْنَى أَعْمَقَ لِقيمَةِ السَلامِ، وَالَّذِي هُوَ أَكْثَرُ مِنْ مُجَرَّدِ حَالَةِ عَدَمِ وُجُودِ حَرْبٍ أَوْ صِرَاعَاتٍ عَنِيفَةٍ، إنَّهُ هَالَةٌ تَتَطَلَّبُ السَّعْيَ لِلتَّفَاهُمِ وَالتَّعَايُشِ وَالتَّحْلِيّ بِالْإِرَادَةِ لِبِنَاءِ عَالَمٍ يَتَّسِمُ بِالْعَدْلِ وَالْمُسَاوَاةِ فِي الْبُعْدِ الزَّمَنِيِّ، وَبِالطُّهْرِ وَالْقَدَاسَةِ فِي الْبُعْدِ الْأَبَدِي.”
وأكد “إنَّ قيمَةَ السَّلَامِ تَتَخَطَّى الْجَوَانِبَ السِيَاسِيَّةَ وَالِاقْتِصَادِيَّةَ، وَتَغُوصُ إلَى عُمْقِ الرُّوحِ الْإِنْسَانِيّ. إنَّهَا قيمَةٌ تَشْتَمِلُ عَلَى الصَّفَاءِ الدَّاخِلِيِّ وَالسَّكِينَةِ وَالتَّوَازُنِ الَّذِي يَنْبَثِقُ مِنْ تَقَبُّلِ وَاحْتِرَامِ كَرَامَةِ الْإِنْسَانِ كُلّ إِنْسَانٍ.”
وتابع “إنَّ السَّلَامَ يَتَعَلَّقُ بِالتَّوَاصُلِ وَالتَّفَاهُمِ المتَبَادَلِ بَيْنَ الثَّقَافَاتِ وَالْأَدْيَانِ الْمُخْتَلِفَةِ. إنَّهُ يُعَزِّزُ الْقُدْرَةَ عَلَى التَّعَاوُنِ وَالْعَمَلِ الْمُشْتَركِ لِمُوَاجَهَةِ التَّحَدِّيَاتِ الْمُشْتَركَة. إذًا، فَهُوَ رِحْلَةٌ مُسْتَمِرَّةٌ لِاِسْتِنْبَاطِ الْقِيَمِ الْمُشْتَركَةِ وَإِشَاعَةِ الْحُبِّ وَالْمَحَبَّةِ بَيْنَ الْمَجْتَمَعَاتِ.
وَعِنْدَمَا نَتَحَدَّثُ عَنِ السَلَامِ فِي سِيَاقِ الْحوَارِ الْمَسِيحِيِّ الْإِسْلَامِيِّ، فَإِنَّنَا نَتَحَدَّثُ عَنِ الرَّغْبَةِ الْحَقِيقِيَّةِ فِي بِنَاءِ عَالَمٍ يَسُودُهُ التَّعَاوُنُ وَالِاحْتِرَامُ بَيْنَ الْجَمِيعِ. إِنَّهُ تَكْرِيسٌ لِلْعَدْلِ وَالْمُسَاوَاةِ وَحَقُوقِ الْإِنْسَانِ.
لِذَا، دَعُونَا نَجِدُ ضَالَّتَنَا فِي قِيَمَةِ السَّلَامِ، وَلْنَتَعَمَّقْ مَعًا فِي هَذَا الْمُؤْتَمَرِ، لِنَسْتَكْشِفَ سُبُلَ تَحْقِيقِ السَّلَامِ وَتَعْزِيزِ التَّعَاوُنِ الْبَنّاءِ مِنْ أَجْلِ عَالَمٍ يَزْهَوُ فِيهِ السَّلَامُ وَالتَّسَامُحُ وَالْعَدْلُ.”
وأضاف “وإنِّي، إذْ أَنعَمُ بِمُشَاركَتِكُمْ هَذَا الْمُؤْتَمَرِ فِي أَنْطِشِّ مَارْ يُوحَنَّا مَرْقُسْ – جُبَيْلٍ، هَذَا الصَّرْحِ الرُّوحِيِّ وَالْاِجْتِمَاعِيِّ لِلْمَدِينَةِ وَلِلْقَضَاءِ، أَدْعُوكُمْ لِسَبْرِ غُورِ آفَاقٍ جَدِيدَةٍ لِلتَّوَاصُلِ وَالتَّأَمُّلِ مَعًا، مُتَمَنِّيًا لَكُمْ مُؤْتَمَرًا مُلِيئًا بِالْحَوَارِ الثَّقَافِيِّ وَالرُّوحِيِّ، فَنَصِبَحُ مَعًا رُوَادًا لِلسَّلَامِ وَمِنْبَرًا لِلْأَمَلِ فِي عَالَمِنَا الْمُضْطَرِبِ. “
وفي ختام كلمته منحه الدكتور الجدة الوسام المذهّب للمنظمة وشهادة الإستحقاق والتَقدِير العاليِ والمساويّة لدرجة الدكتوراه الفخريّة في فلسفة الحوار الديني والإنساني وذلك تقديراً لإسهاماته ودوره المتواصل في قضايا الحوار بين أتباع الأديان والثقافات.
وبعدها توجه الأب عبّود بكلمة شكر قال فيها “إنَّ دفءَ التكريمِ هذا، وعمقَ الإحترام، يُعزّزان ايماني بانفتاحِ الحوارِ الى اللّاحدود، حيثُ تحاكي النفسُ جوهرَ التلاقي والإحترام.
وأضاف “وما المنظمة العالمية لحوار الأديّان والحضارات (أويسكو) وجامعةُ الحضارةِ العالميّة المفتوحة، بشخص الدكتور مخلص الجدّة المحترم، إلّا مرساةُ مراكبِ الأديانِ في ميناءِ الحوارِ والتلاقي، تحتَ شراعِ الوحدةِ في التعدّديّة، ومجذافِ الإنسانيّةِ والإحترامِ المتبادلِ لخصوصيّةِ الأديان.”
وتابع “إنَّ عظمةَ الإيمان، تتجلى بلغةِ الصلاةِ التي ترتفعُ بصمتٍ كعَبَقِ البخورِ نحو السماء. وما يجمعُنا، لأبلغُ تعبيرٍ عن أنبلِ العلاقةِ ما بين كنيسةٍ ومسجد أو حتى مذبحٍ ومحراب.”
الأستاذ بطرس عبّود
بعدها كانت كلمة رئيس بلدية عنايا كفربعال الأستاذ بطرس عبّود الذي رحب بداية بالحضور وشدد في كلمته التي قال فيها “عَلَى مَرِّ التَّارِيخِ، كَتَبَ الْعَدِيدُ مِنَ الْفَلاَسِفَةِ وَالشُعَرَاءِ عَنْ قِيَمَةِ السَلَامِ وَأَهَمِّيَّتِهَا فِي حَيَاةِ الْبَشَرِيَّةِ. لَقَدْ وَصَفُوهَا بِأَنَّهَا نُورٌ يُضِيءُ طَرِيقَ الْحَيَاةِ، وَرَمْزٌ لِلأَمَانِ وَالاِسْتِقْرَارِ، وَأَسَاسٌ لِلتَّعَاوُنِ وَالتَّقَدُّمِ. وَعِنْدَمَا نَتَأَمَّلُ فِي قِيَمَةِ السَّلَامِ، نُدْرِكُ أَنَّهَا لَيْستَ مُجَرَّدَ حَالَةٍ سَطْحِيَّةٍ أَوْ طَمَوْحًا بَعِيدَ الْمَنَالِ، بَلْ مِفْتَاحٌ لِتَحْقِيقِ التَّوَازُنِ وَالتَّنَاغُمِ فِي الذَّاتِ وَالْمُجْتَمَعَات.”
وأكد “إِنَّ هَذَا الْمُؤْتَمَرُ هُوَ فَرْصَةٌ قَيِّمَةٌ لَنَا جَمِيعًا لِنَتَعَلَّمَ مِنْ بَعْضِنَا الْبَعْضِ، وَنَتَبَادَلَ الْأَفْكَارَ وَالتَّجَارِبَ، وَنُعَزِّزُ قِيَمَ التَّعَايَشِ. إِنَّهُ مِنْبَرٌ لِنَشْرِ رِسَالَةِ الْحُبِّ وَالسَّلَامِ، وَلِلتَّأْكِيدِ عَلَى أَنَّ الدِّيَانَاتِ السَّمَاوِيَّةِ تَدْعُو إِلَى الْوَحْدَةِ وَالتَّعَاوُنِ بَيْنَ الْبَشَر. إِنَّهَا دَعْوَةٌ لِنَصْنَعَ السَّلَامَ دَاخِلَ قُلُوبِنَا قَبْلَ أَنْ نَنْشُرَهُ حَوْلَنَا.
وأضاف “فَمَا هُوَ السَّلَامُ إلاَّ رِحْلَةٌ دَاخِلِيَّةٌ وَخَارِجِيَّةٌ فِي آنٍ وَاحِدٍ. وَعَلَيْنَا أَنْ نَبْنِيَ جِسْرًا مِنَ التَّفَاهُمِ وَالْمَحَبَّةِ، وَنُؤْمِنَ بِأَنَّ التَّعَاوُنَ وَالتَّسَامُحَ هُمَا السَّبِيلُ لِتَحْقِيقِ السَّلَامِ الْمُسْتَدَامِ. إِنَّ قِيَمَةَ السَّلَامِ تَتَجَاوَزُ حُدُودَ الثَّقَافَاتِ وَالدِّيَانَاتِ، فَهِيَ قِيَمَةٌ إِنْسَانِيَّةٌ عَالَمِيَّة. إِنَّهَا مِنْبَرٌ لِنَبْذِ الْعَدَاءِ وَالتَّفَرُّقَةِ، وَلِلْوَحْدَةِ وَالتَّآخِيِّ بَيْنَ الْأُمَمِ. “
الجلسة العلميّة الأولى
ثم في الجلسة العلميّة الأولى كانت كلمات أصحاب السماحة والفضيلة والنيافة والسيادة بداية كل من المفتي الشيخ الدكتور مالك الشعّار مفتي طرابلس والشمال السّابق، العلامة الشيخ حسين أحمد شحادة أمين عام اللقاء التشاوري وملتقى الأديان والثقافات للتنمية والحوار في لبنان، المفتي الدكتور الشيخ محمد عسيران مفتي صيدا الجعفري وأمين عام الهيئة العالميّة للفقه الإسلاميّ، المفتي الشيخ غسان اللقيس مفتي بلاد جبيل وتوابعها، مطران جبل لبنان للسريان الأرثوذكس جورج ثاوفيلوس صليبا، متروبوليت بيروت للروم الملكيين الكاثوليك السابق المطران كيرلس سليم بسترس، كلمة رئيس مؤسسة العرفان التوحيدية الدكتور الشيخ نزيه رافع القاها ممثله الشيخ سليمان الحلبي، رئيس محكمة جبل لبنان الشرعيّة السنيّة القاضي الدكتور الشيخ أحمد درويش الكردي، معاون المفتي الجعفري في بلاد جبيل وكسروان العلامة الشيخ محمد حيدر أحمد، مستشار مطران بيروت للروم الملكييّن الكاثوليك الدكتور سهيل أبو حلا، أمين السر العام في المجلس المذهبي الدرزي سابقًا مستشار البنك الدولي الدكتور منير حمزة، مستشار رئيس الجمهورية السابق لشؤون الحوار الإسلامي المسيحي ومنسق اللجنة الأكاديمية لـ”أكاديمية الانسان للتلاقي والحوار” الدكتور ناجي خوري.
الجلسة العلميّة الثانية
بعدها في الجلسة العلميّة الثانية التي ترأستها الدكتورة سلوى الخليل الأمين رئيسة ديوان أهل القلم ألقى المشاركون في المؤتمر كلماتهم وأوراقهم البحثيّة كل من القاضي في المحكمة الاستئنافية البطرياركية للروم الملكيين الكاثوليك في لبنان الأب الياس صليبا، الأب الدكتور ميخائيل روحانا الأنطوني، مدير المكتبة الوطنية في بعقلين الأستاذ غازي صعب، الدكتور حسن حيدر أحمد، الدكتور أحمد نبيل الأشقر، الدكتور أمير العطية من مستشفى الشرق الأوسط ورئيس جمعيّة الصداقة اللبنانيّة العراقيّة، ممثل الدول العربية في الشبكة العالمية للموارد الطبيعية والانتاج الانظف لدى الأمم المتحدة الدكتور علي محمد يعقوب، مستشار المنظمة للشؤون العلميّة والثقافيّة الدكتور ميشال جحا أستاذ الأدب العربي وعلم المرافعة للحقوقيين في جامعة الحكمة وجامعة القديس يوسف سابقاً بالإضافة الى عدد من الأساتذة الجامعيين، وبعد ختام المؤتمر إنتقل المشاركون والحضور الى حفل العشاء المقام على شرفهم.