.

كرة التعطيل انتقلت الى ملعب رافضي الحوار… إمتحان جدّي للمهدّدين بالعقوبات

كتب محمد علوش في جريدة “الديار”

منذ مغادرة المبعوث الرئاسي الفرنسي جانب إيف لودريان بيروت بعد إنتهاء زيارته الثانية، تطرح الكثير من علامات الاستفهام حول موقف قوى المعارضة، لا سيما بعد أن أعلنت معظم أركانها رفضها الحوار مع حزب الله وحلفائه، الأمر الذي اعتبر تعاملاً سلبياً من قبلها مع الطرح الفرنسي، حتى بات بالإمكان اعتباره تحدياً للفرنسيين بشكل مباشر.

في المقابل، يبدو أن قوى الثامن من آذار نجحت في استغلال هذا الواقع جيداً، عبر التعبير عن الرغبة في التعامل الإيجابي مع هذا الطرح، ما يعيد رمي كرة التعطيل في ملعب الفريق الآخر، الذي يرفض الحوار ولا يملك خيارات بديلة عنه، خصوصاً أن التوازنات القائمة في الوقت الراهن لا تصب في مصلحته، بالإضافة إلى غياب المقوّمات التي تسمح له بالذهاب إلى المواجهة المفتوحة، بسبب غياب الرغبة الخارجية بالدرجة الأولى.

عند صدور بيان إجتماع اللجنة الخماسية، الذي عقد في العاصمة القطرية الدوحة، ظن الكثيرون أن ما تضمنه سيسبب إرباكاً كبيراً في صفوف قوى الثامن من آذار، لكن من الناحية العملية الإرباك انتقل إلى الكتل النيابية المعارضة، لا سيما أن قوى الثامن آذار تستطيع الرهان على إمكان نجاح الحوار القائم بين التيار الوطني الحر وحزب الله، من أجل تعزيز أوراق مرشحها رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية، بينما الفريق الآخر الذي يرفض الحوار تعرّض لضربات قاسية بعد عودة الحوار بين التيار وحزب الله.

بالإضافة إلى ما تقدم، فشل مهمة لودريان، الذي قد يكون مؤشراً على إمكان الذهاب إلى المزيد من التعقيد على مستوى الاستحقاق الرئاسي، ستتحمّل مسؤوليته القوى المعارضة، الأمر الذي من المؤكد أنه سيؤثر في علاقاتها مع باريس، في حين أن الفريق الآخر، المتفاهم مع الجانب الفرنسي حول العديد من النقاط، يستطيع أن يتوجه إلى إدارة الرئيس إيمانويل ماكرون بالقول: “سعينا الى تسهيل مهمتكم لكن المشكلة في مكان آخر”.

هذا الواقع قرأه الفرنسيون بشكل جيد، إذ تعبّر أوساطهم عن غضب فرنسي من مواقف القوى المعارضة، علماً أن هذه القوى لم ترفض الحوار عندما طرح فكرته لودريان في بيروت. وتُشير هذه الأوساط الى أن فرنسا تبحث عن الداعم الخارجي لهذه المواقف دون أن تجده حتى اللحظة.

بعد أن كثرت اتهامات القوى المعارضة لفريق 8 آذار بتعطيل الانتخابات الرئاسية، انتقلت التهمة الى المعارضين، فهم لا يريدون الحوار ولا يريدون التوافق على انتخاب الرئيس، بل وجّهوا معركتهم في لحظة إقليمية غير مفهومة الى السلاح، بالوقت الذي تشهد فيه المنطقة مفاوضات جادة بين ايران والسعودية، ولمَ لا حوار مستقبلي بين السعودية وحزب الله؟

إن هذا الواقع يُريح حزب الله وفريق 8 آذار، حيث سيصبح السؤال هو الاتي: هل تنفذ اللجنة الخماسية تهديدها بفرض عقوبات على معرقلي انتخاب الرئيس ورافضي الحوار؟ أم سيتأكد أن هذه التهديدات لا تستهدف المعرقلين، بل تستهدف فريقا واحدا هو حزب الله والحلفاء كما كان يحصل سابقاً؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى