عادة ما نهتم بتعليم أطفالنا الصغار كل ما يلزم للحفاظ على سلامتهم، فنعلمهم أن ينتبهوا للموقد الساخن، وأن ينظروا في كلا الاتجاهين قبل عبورهم الشارع، ولكن في كثير من الأحيان، لا نعلمهم الدفاع عن النفس من الأذى الجسدي حتى سن متقدمة، وفي بعض الأحيان يكون قد فات الأوان! تشير الأبحاث التي أجرتها مراكز السيطرة على الأمراض (CDC) إلى أن واحدًا من كل ستة فتيان وواحد من كل أربع فتيات يتعرضون للإيذاء الجنسي قبل سن 18 عامًا. كثيرًا ما يظن الآباء أن هذا لا يمكن أن يحدث لأطفالهم، فهم لا يتركونهم مع الغرباء أبدا، ويبقوهم دائما تحت أنظارهم، في الواقع كثير من الوقائع كان المتحرش فيها أحد المقربين من الطفل، أو أطفال آخرين! في موضوعنا سنعرفك إلى نصائح لحماية الطفل من التحرش.
نصائح لحماية الطفل من التحرش :
أولًا يجب أن تعلمي أن الطفل الأكثر عرضة للتحرّش هو الطفل الضعيف، إذ يستغل المتحرّش فكرة أن هذا الطفل سيخاف ومن ثم سيسكت على التحرّش، كذلك الطفل فاقد الاهتمام والإشباع العاطفي. سألنا خبيرة التربية فاطمة عبد الاه عن الخطوات التي على اﻷم اتخاذها لوقاية طفلها من التعرض للتحرّش الجنسي.
“سواء كان طفلك يختلط بالغرباء أم لا، عليكِ توعيته والتحدث معه لمساعدته إذا واجهه مثل هذا النوع من المواقف”، هكذا بدأت أ.فاطمة حديثها. الخطوات التالية للأطفال في سنّ 5 سنوات فيما فوق :
علمي طفلك أن تكون لديه خصوصية مثل “أن يبدل ملابسه في غرفة مغلقة”، أن يغلق باب غرفته جيدًا في أثناء تبديل ملابسه، أن يغلق باب الحمام خلفه.
قدمي لطفلك معلومات عن أجزاء جسمه، لا تخجلي من تسمية أعضاء الجسم باسمها، واﻷجزاء التي يُسمح للغرباء بلمسها والتي لا يسمح مُطلقًا، والحركات واللمسات المسموح بها من الغرباء أو حتى اﻷقارب، بخلاف اﻷب و اﻷم.
شجعي طفلك على الاستماع والتحدث، وتجنبي إلقاء اللوم عليه، اتبعي أسلوب الشرح والمناقشة بدلًا من التوبيخ. أكثر شيء من شأنه أن يُخيف طفلك ألا تكون هناك علاقة صداقة وحديث متبادل بينكما وأن يكون معتادًا على اللوم والخوف منكِ أو من والده.
سلِّحي طفلك بشعور القوة والثقة وبأنّه محمي منكِ أنتِ ووالده دائمًا.
اعتني بالإشباع النفسي لطفلك، بتبادل الحديث اليومي معه، ومتابعة أخباره باستمرار، واللعب معه طوال الوقت.
علمي طفلك المسموح والممنوع عند الحديث مع الغرباء.
إذا كان ابنك يحتك بالغرباء بشكل يومي سواء في المدرسة، النادي، أو الشارع:
أخبريه أن عليه تعلم الدفاع عن نفسه، أبسط هذه الطرق أن يصرخ إذا طلب منه أحد القيام بفعل خاطئ، أو ينسحب بسرعة من المكان للخروج من الموقف. ويمكنكِ هنا بدء تعليمه رياضة مثل الكاراتيه أو ألعاب القوى ليستطيع الدفاع عن نفسه بحركات بسيطة وليتحلى بالمرونة التي يمكن أن تنقذه من الموقف.
علميه أن عليه دفع الشخص الواقف أمامه، فالمتحرّش شخص جبان وإذا لمس القوة في الطفل سيخاف ويتوقف عن هذا الفعل الدنئ خوفًا من أن يُفضح أمره.
تحلي بالهدوء الشديد إذا تحدث طفلك عن موقف تحرش تعرض له، ولا تلوميه أو توبخيه مطلقًا بل انصحيه وعلّميه برفق، واتخذي اﻹجراءات اللازمة مهما كانت صلة المتحرش بعائلتك. حاولي أن تشغلي وقت فراغ طفلك قدر الإمكان، واسعي إلى تنمية وعيه.
نبهي عليه ألا يتحرك من مكان إلى مكان دون علمك مُطلقًا، ولا تدعيه يذهب بمفرده لمشوار طويل أو ﻷحد الجيران الذين تشكين في سلوكهم.
علميه أن يمشي مع أصدقائه في تجمعات ولا يستجيب ﻷحد يريد أن يجذبه بعيدًا.
تحدثي مع طفلك عن اﻷمر خاصة أنّه الآن يستطيع التحدث وفهم ما تقولينه، تحدثي عن أن هناك شيئًا يُسمي التحرش الجنسي بالأطفال بعبارات مبسطة دون اﻹفراط في تخويفه، سواء التحرّش باﻷلفاظ أو ملامسة أعضاء جسم الطفل التناسيلة، أو حتى اﻹيماءات الجنسية للطفل، وعرفيه ما يناسب سنه ويستطيع فهمه عن الجنس.
أهمية التثقيف الجنسي للأطفال :
عندما يتحدث الآباء مع أطفالهم عن الجنس يتيح لهم ذلك التأكد من حصول أطفالهم على المعلومات الصحيحة، يجب أن يكون الوالدان المصدر الأول لمعلومات الطفل عن الجنس، إذ يساعد فهم المعلومات الصحيحة على حماية الأطفال من السلوك المنحرف المحفوف بالمخاطر في أثناء نموهم. يوفر التثقيف الجنسي أيضًا فرصة لغرس قيم عائلتك ومعتقداتك في أطفالك، وما تؤمنين أنه مسموح وما هو غير مسموح، وعلى كل حال إذا لم يتعلم طفلك عن الجنس منك فسوف يتعلم عنه من مكان آخر! يبدأ تعرض الطفل لمعلومات عن الجنس في وقت أبكر بكثير مما يتخيله كثير من الآباء، خاصة في ظل التعرض لوسائل التواصل الاجتماعي ومنصات الإنترنت، ويعني عدم التحدث مع الأطفال عنه، أن الآباء لن تكون لديهم سيطرة تذكر على ماذا وكيف يتعلمون بخصوصه.
حتى إذا تعلم طفلك التربية الجنسية في المدرسة، راجعيها معه، واسأليه عما تعلمه، ما يتعلمه الطفل في فناء المدرسة ومن الأصدقاء ومن وسائل التواصل الاجتماعي سيكون غير مكتمل وقد يكون غير صحيح، وقد يكون أيضًا مهينًا أو حتى خطيرًا. الأطفال الذين يتلقون التثقيف الجنسي في المنزل أقل عرضة للانخراط في نشاط جنسي محفوف بالمخاطر.
ختامًا، بعد معرفتك نصائح لحماية الطفل من التحرش، اعلمي أن العلاقة القوية بينك وبين طفلك واستقراره النفسي درع تقيه التعرض لمثل هذه المواقف، وتساعده على حسن التصرف حال المواجهة، والتواصل المفتوح والمناسب لعمر طفلك بخصوص الجنس أمر صحي وآمن على المدى الطويل، لكن لا يعني هذا بالضرورة أنه سيكون سهلاً ودون لحظات محرجة.
أبناؤنا أغلى ما لدينا، نهتم بصحتهم ونتألم لما يصيبهم ونسهر على رعايتهم، ونساعد كل الأمهات بأفضل النصائح والخبرات لرعاية الأطفال والاهتمام بصحتهم .