لا يكاد يوجد فرد واحد يمكن أن يسلم منه، بدءاً من ذلك الصغير وصولاً إلى الشيخ الكبير، حتى بات للأسف في كثير من الأحيان أمراً اعتيادياً لا نتعجب منه ونندهش ممن يرفضونه.
ويختلف العنف بين العنف اللفظي والجسدي، وبين العنف الفردي والعام، كما يتنوع في درجات متتالية تبدأ من مجرد إلقاء النكات الساخرة، وصولًا إلى السباب المبتذل والتحقير والاستهانة في العنف اللفظي، ومن اللكز والدفع والقرص، وصولًا إلى الضرب المبرح أو الجرح في الجسدي، ويأتي من احتقار الطبقات الكادحة والفقيرة أو تفشي الظلم في العنف العام.
وهو أنواع من حيث مرتكبيه أو متلقييه، فقد يكون ضد الطفل أو ضد الزوجة أو ضد الزوج أو ضد الإخوة ذكوراً أو إناثاً، وعلى الرغم من أن مجتمعنا ذكوري، وفي الغالب يكون العنف ضد المرأة طفلة وشابة وامرأة، لكنه يمكن أن يمارس ضد الذكور أيضاً خارج الأسرة.
وتجاهل المشكلة يجعلها تتحول إلى مأساة مجتمعية عميقة، لأنه يُنتج لنا أفراداً غير عاملين لا يستطيعون التعايش ولا الحياة ولا الإبداع ولا النهوض بأنفسهم ومجتمعاتهم، حيث يبدو المجني عليهم دائماً فاقدو الثقة في أنفسهم وفي الحياة، ويظهر الجناة مجرد فقاعة هواء فارغة لا يستطيعون عمل أي شيء حقيقي، ولا يشعرون بالرضا إلا في ممارسة تلك الجريمة، وهكذا يمكن أن يتحول المجتمع إلى غابة لا يعيش فيها بشر، وإنما وحوش على هيئة بشرية.
وتأتي مواجهة هذه الجريمة المجتمعية، بصدق فهمها ودراسة جميع جوانبها، وتفعيل الأمر على كل المستويات الحكومية والمدنية العامة والفردية، وهو يدل دوماً على وجود خلل نفسي عند المعتدي، بدءاً بخلل في التربية، وصولاً إلى مرض نفسي قد يحتاج إلى علاج حقيقي، كما يؤدي خضوع المجني عليه للاعتداء، إلى حدوث خلل نفسي أيضاً، يبدأ بضعف الثقة بالنفس والنظرة الدونية للنفس، والخضوع للأمر باعتبار أنه يستحق ذلك.
وبصفتنا مجتمعات عربية، فإننا نصنف مجتمعات متدينة يُعد فيها الدين – الإسلامي والمسيحي- أمراً جوهرياً أساسياً، لكننا لا نفهم منه سوى العبادات، تاركين الأخلاق جانباً، وهو ما يؤدي بمجتمعاتنا إلى منحدر كبير.
- العنف ضد الطفل
يتنوع الجناة بين الأبوين والأجداد والإخوة والزملاء الأكبر عمراً أو المعلم والمعلمة، لفظياً بالسخرية منه، أو الحط من شأنه أو تخويفه وترويعه، أو بمناداته بصفات كالغبي وغيرها، أو جسدياً بدءاً من اللكز والضرب، وصولاً إلى الضرب المبرح والجرح والتحرش الجنسي والاغتصاب.
- العنف ضد المرأة
يمارس من الأب أو الأخ أو الزوج أو من رجل غريب، أو ربما من امرأة أخرى كالأم أو غيرها، ويكون على نفس الشاكلة السابقة.
- العنف ضد الرجل
يمارس من الإخوة أو ربما من شباب المنطقة، أو من رجال أقوى بنياناً أو أرفع شأناً اجتماعياً، وقد يمارس من الزوجة أو الأم لفظياً في الحط من شأنه والسخرية منه. في المقال القادم نقدم لك تصورنا للمشكلة لكِ أنتِ بصفتك أمًا تسعى لأن تكون «سوبر ماما».