بعض الأشخاص يتميزون بالقوة الداخلية حيث تساعدهم مقدرتهم الفريدة على التحكم بذواتهم وثباتهم الانفعالي على تخطي كثير من تحديات الحياة، فالقوة الداخلية هي ما يساعدنا على التأقلم بشكل أفضل عندما تصبح الحياة صعبة. بالسياق التالي سيدتي التقت إستشاري العلاقات الأسرية ومختصة التنمية البشرية نرمين فؤاد في حديث حول استراتيجيات تعرفك كيف تكوني قوية من الداخل، تعرفي إليها وأخبرينا عن قوتك الداخلية وحدودها.
هل يمكن قياس قوتنا وقدرتنا في التعامل مع تحديات الحياة؟
فتاة شابة تقف بثبات يعكس قوتها الداخلية
تقول نرمين فؤاد: “في بعض الأيام، قد يكون سكب القهوة على فستانك وأنت على وشك الذهاب للعمل أمرًا تضحكين عليه قبل تغييره، في يوم آخر خاصة وأنت واقعة تحت ضغط ما يبدو الأمر وكأنه نهاية العالم وليس مجرد تغيير فستان، وهذا أمر عادي فالقوة الداخلية التي تتحكم في طريقة تعاملنا مع التحديات مهما كانت سهلة هي المحرك الأساسي والذي يفرض علينا طريقة التصرف، فإذا كانت هذه القوة مستثارة أو محفزة نجد أنفسنا ملئين بالطاقة، وإن كانت هذه القوة خاملة أو خامدة سنجد أن أبسط تحدي لا نقدر عليه حتى ولو كان مجرد الجدال مع النادل على كوب من القهوة، فلماذا يحدث هذا؟ وما الذي يحفز قوتنا وطاقتنا أو يخمدها، وما الذي يجعل الإنسان أقوى من الداخل ليتمكن طوال الوقت من مواجهة كل الأمور والعقبات؟”.
تقول نرمين: “إن قدرتنا فى التعامل مع تقلبات الحياة وتحدياتها التي نواجهها كل يوم يمكن قياسها فنعطي لأنفسنا درجة سيئة، أو متوسطة، أو درجة مميزة، وقد ننفصل عن الحياة ونتجاهل هذه التحديات من الأساس. تأرجح المشاعر هذا ما هو إلا مجرد جزء من كوننا بشرًا، ولكن هناك طرق يمكننا من خلالها بناء قوتنا الداخلية وتحفيزها فلا تهددنا التجارب الصعبة، ولا تؤثر علينا التحديات والضغوط المتلاحقة، وهذا الأمر يتشابه مع أن نطور قوتنا البدنية من خلال ممارسة التمارين الرياضية بانتظام لكي نكون متسقين صحيًاوعضويًا، وأن نطور قوتنا العقلية من خلال تمرين أدمغتنا لنكون على استعداد لمواجهة أي معضلة بالعمل أو العلم، وأن نطور ذواتنا وقوتنا الداخلية حتى نكون على استعداد لمواجهة ما تسفر عنه الحياة من تحديات ومصاعب”.
ما هي القوة الداخلية؟
تشير القوة الداخلية، في أبسط مصطلحاتها، إلى مدى قوة الشخصية وفعالية شخص ما في التعامل مع التحديات والضغوط والصعوبات في الحياة. فأن تكون قويًا داخليًا لا يعني القدرة على قمع العواطف ومن ثم ّ فلن تواجه أبدًا لحظات من الشك أو الانزعاج أو الإحباط أو الحزن. الأمر يتعلق بمهاراتك في:
التأقلم على المدى الطويل عبر المرونة بالتعاملات
- تعزيز الوعي الذاتي
- القدرة على التكيف في مواجهة الظروف المتغيرة.
- الصبر عند الجزع والذي يتطلب مرونة عاطفية
- ماذا تفعل عندما تنشأ مشكلة؟
- تتساءل نرمين: عندما تنشأ مشكلة ماذا تفعل؟ إجابتك على تلك الأسئلة توضح مدى قوتك الداخلية
- فهل تقفز على الفور إلى وضع حل المشكلة؟
- هل تتخبط في مصيبتك حتى تجد حلًا؟هل تترك القضية وتوليها ظهرك وتتخيل أن الأمر على ما يرام؟
- أم أنك تهدأ وتفكر وتبحث عن الحلول؟
تقول نرمين: الإجابة على هذا السؤال تعكس قوتك الداخلية وقدراتك العقلية ومرونتك في التعامل. ومع ذلك، قبل أن تقفز للحكم على نفسك، اعلم أن هذا ليس اختبارًا للشخصية. بل مجرد استطلاع رأيك الداخلي في القوة الداخلية
يمكنك كذلك التعرف على: أشياء تقوي الشخصية وتساعد على تحقيق الطموحات
طرق لتنمية قوتك الداخلية :
إن بناء الصلابة الداخلية هي عملية وليست حدثًا، حيث يتعلق الأمر بتطوير عاداتك في التعامل مع المشاكل والضغوطات، وفيما يلي استراتيجيات لمساعدتك في تعزيز قوتك الداخلية:
تنمية قوتك العقلية :
القدرات والذكاء ليسا فطريين. بل يمكن الحصول عليهما من خلال التفاني والعمل الجاد، كذلك لا بد أن تدرك أن حالات الفشل والنكسات ليست طريقًا مسدودًا ولكنها نقطة انطلاق للتعلم والنمو.
تنمية مهارات التنظيم العاطفي :
يشير التنظيم العاطفي إلى قدرتنا على إدارة التجربة العاطفية والاستجابة لها بطريقة مقبولة ومرنة اجتماعيًا. يعد تطوير مهارات التنظيم العاطفي أمرًا بالغ الأهمية لقوتك الداخلية، ويمكن أن تساعدك تقنيات مثل التأمل الذهني والتنفس العميق وتدوين اليوميات على إدارة مشاعرك بفعالية، حتى تتمكن من البقاء هادئًا تحت الضغط.
تعزيز نظام الدعم الخاص بك :
يلعب نظام الدعم القوي دورًا حيويًا في تعزيز القوة الداخلية، فإن وجود العائلة أو الأصدقاء أو المستشارين المحترفين الذين يمكنك اللجوء إليهم للحصول على الدعم خلال الأوقات الصعبة يمكن أن يعزز قوتك الداخلية بشكل كبير. يمكنهم تقديم التشجيع والتعليقات والتوجيه لمساعدتك في التغلب على تحديات الحياة.
مارس التعاطف مع الذات :
أن تكون لطيفًا مع نفسك خلال لحظات الفشل أو الشك الذاتي أمر حيوي للقوة الداخلية لذا تجنب النقد الذاتي وشارك في التشجيع.
تقبل المشاعر السلبية :
من المعتاد أننا إذا تعرضنا لموقف صعب فإن الحزن يعيقنا، والغضب يغمرنا، ونظل نبتلع خيبة الأمل الواحدة تلو الأخرى دون أن نعرف حقًا ما يجب فعله بكل تلك المشاعر السلبية. ولذلك لا بد أن نوقف هذه المشاعر فورًا وأن ندرك أن القبول بالأمر الواقع ليس مرادفاً للاستسلام، بل هو مرادف لافتراض حقائق داخلية يجب أن نعرف كيف نديرها ونواجهها.
اخرج من منطقة الراحة الخاصة بك
غالبًا ما يتضمن بناء القوة الداخلية الخروج من منطقة الراحة الخاصة بك ومواجهة مخاوفك. فمن خلال تجربة أشياء جديدة، يمكنك التغلب على القيود التي فرضتها على نفسك وربما تجد أنك أكثر قدرة على التكيف مما تعتقد. سواء كنت تتعلم مهارة جديدة، أو تقوم بمهمة صعبة، أو تواجه رهابًا طويل الأمد، فإن كل خطوة خارج منطقة الراحة الخاصة بك تساهم في تعزيز قوتك الداخلية.
تطوير روتين يومي :
يساعد إنشاء روتين يومي يعتمد على عادات تعزيز الدماغ على بناء القوة الداخلية. يمكنك تضمين أنشطة ممارسة اليقظة الذهنية وتمارين التأمل الواعي المنظم، أو أي ممارسات تشجعك على التوقف والتأمل وتحدي الأفكار السلبية والذي سيساهم في تعزيز قوتك الداخلية.
حافظ على اتصالاتك قوية :
يعد الحفاظ على روابط قوية مع أحبائك أمرًا حيويًا لتعزز قوتك الداخلية إذ توفر هذه العلاقات الراحة والدعم العاطفي والرفقة. إن قضاء وقت ممتع مع أحبائك، والمشاركة في الأنشطة المشتركة، وتقديم الدعم المتبادل يمكن أن يعزز قدرتك على الصمود بشكل كبير.