
أعطوا هذه الارض إجازةً!
الاعلامية ريتا بشارة
منذ بدء التكوين ، كان لبنان أرض القداسة و الثقافات و الحضارات و بحكم موقعه الجغرافي كان همزة وصل بين الشرق و الغرب و كان ممرّاً للغزاة و الصراعات.
لماذا حرمت هذه الأرض المقدسة منذ ولادتها من السلام الدائم و الاستقرار الكامل والراحة الأبدية وما حظيت يوماً بالنعيم و الأمان والهناء والطمأنينة والسكون؟
انها في حالة شلل كاملة لا تقوى على النهوض. كأن مصيرها مقدراً لها أن لا تجري ، مكتوباً لها منذ الازمنة أن تكون بلا أرجل، بلا نفس، بلا رئة لتتنفس، بلا عصب لتتحرك. لماذا ممنوع عليها الاوكسيجن والحياة الحقيقية ؟ وعندما يرونها تحاول جاهدةً ان تسترجع حيويتها ونبضها يتم تخديرها بجرعةٍ إضافية مرةً اخرى لتفقد وعيها الكامل من جديد لكي لا تثور ولا تنتفض من الركام والانقاض والا تتحرر من السيطرة والغطرسة والدمار أو أن تتعافى من حالتها الكارثية وتعود للحياة مجدداً.واذا كافحت لتواجه الرياح والعواصف الشديدة وتقف على رجليها، يتم تخديرها وتنويمها باحداث و حروب او صراعات وفتن واجتياحات حديثة. اذا انتفضت وتخلصت من عدوٍ سابق ، يؤتيها بعدوٍ آخر، اذا انتهت من حربٍ ما ،تؤتيها بحربٍ أخرى، واذا ارتاحت من مشكلة ام ضائقة ، يخلق لها لا محال مشكلةً أخرى، واذا تعافت من مرضٍ يصيبها مرضاً آخر . هل 10452 km مربع رقماً مشؤوماً او مميزاً؟ لهذه الدرجة ارض لبنان تملك كل صبر ايوب لا حدود له وقدرة حقيقية هائلة لكي تستوعب كل هذه المشاهد والاحداث والظواهر والوقائع والمصائب؟ هل هذه الصراعات هي نتيحة وضريبة صراخ وأنين ارواح الشهداء و الابرياء و الاطفال الصاعدة من أعماق هذه الارض ؟ ماذا يريدون من هذه الرقعة الجغرافية الصغيرة التي هي النقطة المسالمة الوحيدة مكتومة الصوت و مكسورة الجناح المطبوعة على ورقة من اوراق الازمنة؟ لهذه الدرجة هذه البقعة الصغيرة ، محطة لأطماع القوى العالمية تنشغل بها الكواكب كلها؟ ألا يفهمون أن هذه الارض عانت وتحملت مراراً وتكراراً وجاء اليوم لتأخذ إجازتها وترتاح.والآن اي داءٍ سيصيبها لتشغل نفسها به؟
ابعدوا شركم عنها!