يعتمد الزواج الناجح على التفاهم والتقبل المتبادل، وقد يعاني العديد من الأزواج من مشكلة البرود العاطفي، التي قد تؤدي إلى توتر العلاقات الزوجية وتفاقم الخلافات، فهو من أخطر التحديات التي قد يواجهها الزوجان في أي وقت خلال مسيرة الحياة الزوجية.
الطبيعة البشرية تفرض علينا المرونة والتعاطف :
زوجة تبدو متضايقة حزينة بسبب جمود المشاعر بينها وبين زوجها
تقول استشاري العلاقات الأسرية آمال إسماعيل لسيدتي: الطبيعية البشرية تفرض علينا المرونة والتعاطف والترابط والتعاون؛ لكي نشعر بأننا لازلنا نشعر بطعم الحياة، ولكن في بعض الأحيان يواجه الأزواج البرود العاطفي، فيكون هناك حالة من تسلل الملل والفتور العاطفي، وجفاف المشاعر في العلاقات الزوجية، فما أصعب أن يتحول الزواج من عش هادئ يملؤه السكينة والود والرحمة إلى قيد وغل يقيد حياتنا، وتتحول الحياة الزوجية إلى حالة من الفتور في المشاعر والاهتمامات بين الزوجين، أو ينتابه بعض المنغصات التي تجعل طبيعة الحياة الزوجية تتبدل؛ مما يجعل العواطف تنزوي، فيحدث بين الزوجين ما يطلق عليه البرود العاطفي، الذي قد يتضح على شكل سلوك واضح في تصرفات أحد الطرفين أو كليهما؛ ما يجعل المشاكل تزداد بين الشريكين باستمرار.
مسببات البرود العاطفي في الحياة الزوجية :
هناك العديد من العوامل التي قد تؤدي إلى البرود العاطفي بين الزوجين، منها :
اختلاف المستوى الثقافي والاجتماعي :
البرود العاطفي بين الزوجين
زوجان متباعدان ومختلفان يجلس كل منهما بجانب بعيداً عن الآخر تحيط بهما هالة من البرود العاطفي
اختلاف المستوى التعليمي والثقافي والاجتماعي والاهتمامات والمعتقدات بين الزوجين، يجعل التواصل بينهما شبه مستحيل، فتدخل حياتهما الزوجية في حالة برود عاطفي ومشكلات، حيث يختفي فيها الشعور بالحب والأمان اللذان يمثلان الركيزتين الأساسيتين لنجاح العلاقة الزوجية فتؤدي إلى صعوبة في التفاهم والتواصل.
الخلافات المادية :
الخلافات المادية تحتل نصيب الأسد من الخلافات الزوجية، فالمشاكل المالية قد تزيد من التوتر والابتعاد العاطفي بين الزوجين، فقد يشعر الزوجان بتزايد الضغوط عليهما وتتزايد الخلافات الزوجية، ويحدث فتور في العلاقة، ويصبح الطلاق حلاً سهلاً للجوء إليه في كل خلاف.
العنف وقسوة القلب :
التعامل بالعنف أو الإساءة يمكن أن يدمر العلاقة العاطفية ويخلق فجوة كبيرة بين الزوجين ينتج عنها تفاقم البرود العاطفي، فنجد أحد الطرفين أو كليهما يقوم بتحويل المنزل إلى جحيم لا يطاق، يهدم كل سعادة ويمحو كل بسمة، فنجد أن الميل دائماً للعنف واستعمال الشدة يسبب القسوة وغياب العطف والحنان وشدة الغلظة في التعاملات بين الزوجين، فالقسوة تكون على رأس أسباب البرود العاطفي بين الزوجين، لأن التعامل السيء بين الزوجين والقسوة في التعامل كلها أمور تسبب تغييراً كبيراً في المشاعر ينتج عنه البرود العاطفي بين الزوجين.
التعود يصنع الملل :
الشغف واللهفة هما المحرك الأساسي لنجاح العلاقات الزوجية، فعندما تموت اللهفة بين الزوجين، تصبح علاقتهما معاً تحت سقف واحد باردة ليس بها روح، مثل أي روتين يومي يفعلونه كل يوم؛ إذ يتحول الحب إلى تعود، فالتعود يخلق حالة من الملل والفتور الذي له آثار عميقة في استمرارية أي علاقة عاطفية، وبالتالي يظهر البرود العاطفي بين الزوجين.
تجنب الظهور معاً في المناسبات :
تجنب كل من الزوجين الظهور معاً في أكثر المناسبات دلالة على اختفاء المشاعر، فبعد أن كان حضورهما معاً شيئاً أساسياً في كل المناسبات الاجتماعية على محيط الأهل والأقارب والأصدقاء، أصبح كل منهما بعيداً عن الآخر، لدرجة غياب أحدهما عن المناسبات بسبب اختفاء السعادة لوجوده، وأصبحت العلاقة يشوبها الجفاف العاطفي، ولتجنب الاحتكاك بالآخر.
موت الغيرة :
انعدام الغيرة مؤشر على مشاعرَ وأحاسيس سلبيةٍ، أدناها اللامبالاة وشحُّ الاهتمام، لأن الغيرة الإيجابية بين الزوجين من الأمور التي يكون لها انعكاسات إيجابية عليهما، كما أنها دلالة على علاقة حب قوية بينهما، ولكن يعد موت الغيرة من علامات موت الحب بين الزوجين.
غياب التواصل :
مع غياب التواصل وعدم الاهتمام به، من علامات موت المشاعر العميقة بين الزوجين، فيحدث البرود العاطفي بين الزوجين، وذلك بسبب جمود العلاقة بينهما بسبب حالة التبلد والجمود التي سيطرت على الحياة الزوجية، وعدم مشاركتهما لبعضهما البعض في كثير من الأمور.
عدم الغفران :
يجعل بداخلنا إحساساً بعدم القيمة في نظر الطرف الآخر في العلاقة، وعدم الغفران يؤدي بنا إلى بناء أسوار وحواجز بيننا وبين الشريك، حتى وإن لم يخطئوا في حقنا، فعندما لا يغفر أحد طرفي العلاقة الزوجية الأخطاء والزلات، وعندما يختفي التسامح من علاقتهما، تتبلد المشاعر ويحدث البرود العاطفي؛ لأن التسامح والغفران بين الزوجين سر نجاح العلاقة الزوجية.
ونحو المزيد من ذات السياق تابعي الرابط: أساليب التعامل مع جمود الزوج العاطفي
نصائح للتعامل مع البرود العاطفي بين الزوجين :
تقوية الصداقة بينكم
زوجان يتابعان فيلمًا سويًا وتبدو البهجة والسعادة على وجهيهما
الحب وحده لا يكفي لبناء حياة زوجية مستقرة وهادئة، ولكن مع وجود الصداقة والاحتواء بين الزوجين، تزداد تلك العلاقة الزوجية بهجة وسعادة، ولأن الزواج السعيد هو الذي يقوم على صداقة عميقة، فمن الضروري أن تكون هناك علاقة صداقة بين الزوجين لكي تتمكن من تكوين علاقة زوجية ناجحة، فهي ضرورية إذا كنت تريد تحقيق قفزة في علاقاتكما العاطفية، والأزواج الأصدقاء يتفهمون ذلك ويدعمون بعضهم البعض، بكل احترام وتقدير لمشاعرهما.
الاهتمام بالمشاعر العميقة :
من أعظم ما يساعد في الحفاظ على هذه العلاقة وفي استجلاب المودة بين الزوجين، هو أن يحافظ كلٌّ منهما على مشاعر الآخر، ويتحقق ذلك بالكلمات الطيبة والعبارات الحسنة والمبادرات الكريمة، والاعتراف بحبهما لبعض بطرق عديدة، وإلا فإنَّ الحياة ستكون رتيبةً مملَّةً قد تؤول إلى ما يسمَّى الانفصال العاطفي، فعندما يكون الطرفان على دراية بما يحدث في داخل بعضهما البعض يساعدك ذلك في القضاء على البرود العاطفي بالتدريج.
اختيار موضوعات لبدء النقاش :
أهم المواضيع للحديث مع الزوج أن تسأليه عن يومه كيف كان، والاطمئنان على مجريات يومه في العمل، فهذا الاهتمام هو مفتاح الحوار الحميمي بين الزوجين، فيمكنكما تخصيص وقت للمحادثة معاً للتركيز على الحديث، واختيار مواضيع تزيد من متعة الوقت الذي يقضيه الزوجان معاً، ومناقشة مواضيع اجتماعية أسرية وفكرية تفرضها الحياة على الزوجين.
البحث عن الأشياء التي يحبها الزوج :
في حالة الشعور بالبرود العاطفي في العلاقة الزوجية يمكنك البحث وراء الاحتياجات التي يحبها الزوج وتجديدها لإنعاش العلاقة العاطفية، كما يمكنك أن تشعريه برضاك عن الحياة الزوجية، فيحب الزوج أن تشعر الزوجة بالرضا، بما تحققه بمفردها، وكذلك ما يحققه زوجها.
التغاضي عن بعض الأخطاء :
لابد من تلافي السلبيات والتركيز على الإيجابيات، وعدم الالتفات إلى الأخطاء الصغيرة حتى لا تضعف علاقاتكما العاطفية، فلا بأس من التغاضي عن بعض الأخطاء التي سوف يرتكبها الطرف الآخر والحرص على عدم استخدامها ضده، ومحاولة التركيز على كيفية تجنب وقوع هذه الأخطاء لتفادي المشاكل الزوجية مثل البرود العاطفي.
ممارسة أنشطة وهوايات جديدة معاً :
يمكن تجربة هواية أو مهارة جديدة مع الطرف الآخر، كطهي وجبة طعام معاً، فهي السبيل للحفاظ على حيوية العلاقة، وستصبحون أكثر رضا في علاقاتكما بشكل أفضل، فهذا الشعور يعزز الارتباط بشركائكم، وستصبحون أقل عرضة للسأم والملل من الحياة الزوجية.