
١٤/٤/٢٠٢٤
بعد الرد الإيراني، تبين ان إسرائيل احتلت العالم العربي وهودت المسلمين، والشيعة بخطر حقيقي
بقلم ناجي أمهز
لقد ثبت ان ايران امة عظيمة حفرت اسمها في كرسي العرش بأنها أمة لا تركع إلا لله، وان ايران حقيقة قولا وفعلا هي ضد اسرائيل وتعمل لتحرير فلسطين وشعب فلسطين المستضعف، ولكن للأسف هؤلاء هم العرب، تآمروا مع معاوية ضد الإمام علي الذي كان يريد أن يبني لهم دولة العدالة الإنسانية، حتى قتلوه في المحراب يصلي، ثم تآمروا مع يزيد على الإمام الحسين الذي خرج ليدافع عنهم.
نعم إيران هكذا هم العرب تآمروا مع العباسيين على الأمويين، ثم تآمروا مع العثمانيين على العباسيين، ثم تامروا مع الانجليز على العثمانيين، ثم تامروا مع الامريكيين على البريطانيين، ثم تامروا مع الاسرائيلي على الامريكي، واليوم يتامر العرب والاسرائيليين على اتباع الامام علي ابن ابي طالب، اذا التاريخ يعيد نفسه.
لكن أخطر ما حصل بالأمس أنه تبين أن الخطر الحقيقي على إسرائيل ليس إيران ولا حتى الجمهورية اليمنية او المقاومة العراقية، بل هو حزب الله.
كما تبين أن إطلاق عشرة آلاف صاروخ ينطلقون من إيران واليمن والعراق لا يعادلون صواريخ حزب الله التي قد تطلق من جنوب لبنان، لذلك شيعة لبنان اليوم أمام واقع ومعادلة خطيرة جدا.
لذلك أنا حزين جدا على درجة الانحطاط والانبطاح التي وصلتها غالبية الدول العربية وشعوبها التي تبين أنها لا تقل تبعية وعمالة لإسرائيل، عن أي مستوطن إسرائيلي يحمل الجنسية الإسرائيلية.
وأنا لست ضد أي زعيم عربي يريد أن يقبل حذاء نتنياهو، أصلا غالبية زعماء العالم يقبلونه، لكن الفرق أن نتنياهو لا يستطيع أن يقتل مباشرة في تلك الدول، مع أن نتنياهو قادر على حذف أي شخصية غربية عن وجه الكرة الأرضية في الغرب، لكنه يستخدم القوانين مثل قانون معاداة السامية.
لكن في العالم العربي نتنياهو يرتكب المجازر، يقتل الأطفال، يدمر المساجد والكنائس والمستشفيات. يعني أيها الزعيم العربي عندما تركع على ركبتيك وتنبطح على بطنك وأنت تزحف لتقبل حذاء نتنياهو، اقله فكر في عقلك أن تترجاه ليوقف قتل الأطفال، بمعنى أوضح ابحث عن أي شيء أخلاقي يبرر فعلتك هذه.
اعذروني على هذه المقدمة لكن لا أعرف كيف أصف أن تقوم بعض الدول العربية بإسقاط الصواريخ والمسيرات التي من المحتمل أن تصنع فرقا يستفيد منه العرب والمسلمون.
لقد تبين أن هذه الشعوب العربية وهؤلاء الزعماء العرب الذين رفضوا فتح المعابر أو حتى القيام بتظاهرة لوقف القتل في في فلسطين ليسوا فقط على الحياد بل هم يرفضون حتى أن تتدخل إيران لتوقف نتنياهو عن قتل الأطفال والنساء في غزة.
مما يعني فعليا أن هذه الحكومات وهؤلاء الشعوب بغالبيتهم هم في دولة إسرائيل الكبرى، نعم عندما تغلق جمهورية اليمن البحر أمام البضائع الإسرائيلية وتأتي دول عربية تقوم بالتبرع بثمن الطعام وترسلها إلى إسرائيل يعني هذه الدول هي تابعة لحكومة إسرائيل.
.
عندما تقوم هذه الدول بتسخير جيوشها للدفاع حتى بالدم عن إسرائيل يعني هذه الدول والجيوش تأتمر بأمر القيادة العسكرية الإسرائيلية.
عندما يتظاهر المستوطنون الإسرائيليون في الكيان الإسرائيلي رفضا لسياسة نتنياهو، بينما يمنع نتنياهو العرب التظاهر اعتراضا على استباحة دمهم، يعني إسرائيل هي التي تتحكم مباشرة بالراي العام العربي.
أمام هذا الواقع المرير والمؤلم نجح العقل اليهودي بتحويل كل متر من الأراضي العربية إلى منصة تدافع عن إسرائيل كما نجح العقل اليهودي بتحويل العرب إلى منصات عبر السوشيال ميديا والإعلام وعلي منابر المساجد، وظيفتهم الدفاع عن إسرائيل، مما يعني بانت إسرائيل نجحت باحتلال العالم العربي من الفرات إلى لنيل.
وأمام هذا الواقع الجديد على المستوى السياسي والعسكري، يظهر أن الفئة الوحيدة التي هي ضد إسرائيل هم الشيعة فقط، نعم هم الشيعة فقط ضد إسرائيل ومعهم بعض الثائرين من مختلف دول، ولكن الحقيقة المجردة أن كل هؤلاء الثوار لا يغيرون بالمعادلة الحقيقية.
وعندما نقول إنه يوجد فقط مليون شخص شيعي في العالم العربي ضد إسرائيل التي هي ممتدة على مساحة العالم العربي، يعني حكما أن كل هؤلاء الزعماء والشعوب العربية التي منعت الصواريخ والمسيرات الإيرانية من الوصول إلى أهدافها العسكرية المعادية في فلسطين، هم ضد الشيعة كما هم اليوم ضد جزء من الشعب الفلسطيني الذي يقاوم بغزة دفاعا عن أرضه والمقدسات الإسلامية.
إذا اليوم الشيعة في لبنان بخطر، وخطر حقيقي، خطر وجودي، فالدول العربية والغربية التي تعمل على قتل 2 مليون عربي مسلم سني وطردهم من غزة خدمة لإسرائيل، لن تتأخر بالعمل على قتل مليون شيعي وإخراجهم من لبنان أو اقله تدمير الجنوب والضاحية وقصف البقاع.
لأن هؤلاء الحكام العرب والشعوب العربية أصبحوا منزعجين أكثر من الإسرائيليين، من الموقف الشيعي المناهض لإسرائيل، ومن القتال الشيعي ضد إسرائيل، بل إنهم يشعرون أن الموقف الشيعي يكشف عورتهم وعمالتهم لإسرائيل.
.
أمام هذا المتغير التي كشفته الصواريخ الباليستية والمسيرات الإيرانية، فإن شيعة لبنان اليوم بحاجة إلى استراتيجية سياسية جديدة ومختلفة كليا عما سبقها.
بالمختصر، قيادات الطائفة الشيعية بحاجة إلى دعوة النخب الشيعية لإنتاج ورقة عمل سياسية لا تقل أهمية عن ما قامة فيه المقاومة طيلة نصف قرن.
وكما المقاومة وضعت كل إمكانياتها بخدمة الترسانة العسكرية، فإنه اليوم من المهم أيضا الاهتمام بالسياسة والإعلام وبواقعية سياسية.
نحن اليوم في شرق أوسط جديد..
١٦/٤/٢٠٢٤
من القدس الله أكبر لبيك يا حسين وانتصرت ايران.
بقلم ناجي أمهز
صوت في قلب فلسطين بعد 1400 عام يشعر أنه ينتصر بكلمة لبيك يا حسين، لبيك يا زهراء، ومن إيران قلب الإسلام النابض هناك من يهتف لبيك يا أقصى لبيك يا غزة لبيك يا فلسطين
نعم هكذا بكل سهولة انتصرت إيران، وهكذا بكل بساطة هزم العرب وبدا سقوط إسرائيل.
هزيمة العرب وهل يوجد هزيمة اكبر من هذه الهزيمة التي حدثت تحت انظارهم عندما كانوا يرقصون طربا واهالي غزة ينحرون ظلما.
هل يوجد اكبر وانكر واحقر من مشهد العربان على موائد عامرة بينما مليونا فلسطيني يفطرون على الماء ورائحة البارود وحمم النار.
نعم شعرت العرب كمْ ظلموا الحسين وكمْ ظلموا عليا وحتى كم ظلموا محمد رسول الله عندما خانوا بيعة الغدير.
ولكن هل الصمت المطبق للشعوب العربية والاسلامية يصلح ما افسده الدهر،
حتما كلا والف كلا.
يجب على العرب التحرك واعلان النفير واطلاق التظاهرات ليس لشيء انما تعبير عن توبة صادقة لله والتبرء من هذه الاصنام الذين شاركوا بقتل وظلم اطفال غزة.
اذا كنتم مؤمنين او حتى تؤمنوا انه يوجد جنة او نار، صدقوني بحال لم تتحركوا فلا صلاة مقبولة منكم ولا زكاة ولا صوم وان كان في اب.
انا لا اقول لكم انكم شركاء بقتل الاطفال الرضع في فلسطين، انما اقول لكم صراحة انتم من خلال الصمت عن هذه الجرائم شركاء في ظلم الاطفال والنساء في فلسطين، انتم لن تنصروا المستصعفين ابناء دينكم على اليهود الذي هم بالدين وعلم الاجتماع وسياسات الامم منبوذون.
انا لا اطالبكم بالانتماء الى الفريق الخاسر، انا اطالبكم بالانتماء الى الفريق الذي ربح في الدنيا والاخرة وهو الفريق الذي يدافع عن فلسطين.
اليكم اجماع فقهاء السنة ماذا يقولون عن الظلم…
للظلم عواقب سيئة على الأمم والأفراد، وهو خُلق ذميم، وذنب عظيم، يحيل حياة الناس إلى شقاء وجحيم، ويأكل الحسنات، ويجلب الويلات على المجتمعات، قال الله تعالى: { وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِداً }(الكهف:59) .. ولشدة خطره وعظيم أثره كان النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يكثر من الاستعاذة منه فيقول: ( وأعوذ بك أن أَظلِم أو أُظلم ) رواه النسائي .
وعن أبي موسى الأشعري ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: ( إن الله ليُمْلِي للظالم، حتى إذا أخذه لم يفلته، ثم قرأ: { وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ }(هود:102) .
وقال ابن تيمية: ” إن الله يقيم الدولة العادلة وإن كانت كافرة، ولا يقيم الظالمة وإن كانت مسلمة، ويقال: الدنيا تدوم مع العدل والكفر، ولا تدوم مع الظلم والإسلام ” .
عن جابر – رضي الله عنه – قال: ( لما رجع مهاجروا البحر ( الحبشة ) إلى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال لهم: ألا تحدثوني بأعاجيب ما رأيتم بأرض الحبشة؟! ، قال فتية منهم: بلى يا رسول الله! بينما نحن جلوس، إذ مرت عجوز من عجائز رهابينهم تحمل على رأسها قُلَّةً من ماء، فقام إليها فتىً من فتيانهم فوضع إحدى يديه بين كتفيها ثم دفعها فخرت على ركبتيها، فانكسرت قلتها، فلما ارتفعت، التفتت إليه فقالت: سوف تعلم، يا غُدر (غادر)، إذا وضع الله الكرسي، وجمع الأولين والآخرين، وتكلمت الأيدي والأرجل بما كانوا يكسبون، فسوف تعلم كيف يكون أمري وأمرك عنده غداً، فقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: صدقت .. صدقت، كيف يقدس الله أمة لا يؤخذ لضعيفهم من شديدهم ؟! ) رواه ابن ماجه .
قال السِّندي: ( يقدِّس الله ) أي: يُطَهِّرهم من الدَّنس والآثام ” .
وقال المناوي: ” ( كيف يقدس الله أمة لا يؤخذ لضعيفهم من شديدهم ): استخبار فيه إنكار وتعجُّب، أي: أخبروني كيف يُطهِّر الله قومًا لا ينصرون العاجز الضَّعيف على الظَّالم القويِّ، مع تمكُّنهم من ذلك؟!، أي: لا يطهِّرهم الله أبدًا، فما أعجب حالكم إن ظننتم أنَّكم مع تماديكم في ذلك يُطهِّركم! “.
١٠/٥/٢٠٢٤
التيار الوطني الحر وناجي امهز واصوات فارس سعيد
ما يجري داخل التيار يدفع بالسؤال عما يحصل، وسألني الكثير لماذا لم أكتب عن ما يجري كما كتبت قديما عن نعيم عون وزياد عبس.
للأمانة أنا حذفت من ذاكرتي كل ما يتعلق بالتيار منذ وصول الجنرال عون لرئاسة الجمهورية.
وعندما كتبت في السابق حتى عام 2016 كنت أكتب من أجل نقاط أساسية لا أريد أن يصل إليها لبنان وتحديدا الشيعة.
عام 2009 التقيت مع شخصية كنسية أخبرتني أن الشيعة يرتكبون خطأ جسيما للغاية عندما يتكتلون إلى جانب فريق سياسي ماروني ضد بقية الموارنة، وكانت حينها المقارنة كيف صبت أصوات الشيعة في جبيل لصالح لائحة التيار الوطني الحر ضد لائحة سعيد الخوري، مع العلم أنه بحال حذفت الأصوات الشيعية كان هناك تعادل بين أصوات الدكتور سعيد والخوري وبين أصوات لائحة التيار.
وما حصل مع الدكتور فارس سعيد 2009 نبهني إلى أمور كثيرة جعلتني أطرح عشرات الأسئلة على نفسي، أولا أسباب التراجع بالتيار الوطني الحر حتى يصبح الدكتور سعيد كفرد يوازي حجم التيار مارونيا مع العلم أن التيار منتشر بكافة القرى والبلدات الجبيلية.
ثانيا: إن الكتل السياسية المسيحية وكل ماروني هو خارج التيار أو يطمح لكرسي نيابي أو منصب وزاري سيكون ضد الشيعة، لأن الشيعة هم صنفوا أنفسهم مع التيار الوطني حر، وهذا الأمر ينطبق على السنة والدروز، يعني الشيعة يشترون عداوة اكثر من 70% من المسيحيين وعداوة نصف الشعب اللبناني من اجل تحقيق المكاسب السياسية للتيار الوطني الحر.
وكان قبل انتخابات عام 2009 حصل هرج ومرج داخل التيار سرب بعضه الى الاعلام عام 2008، كل هذه الامور ادت الى مغادرتي التيار عام 2009 .
وبالرغم من مغادرتي التيار، الا ان العذاب الذي عشته في التسعينات من اجل الدفاع عن التيار كان يحرضني على الكتابة او حتى ابراز بعض المواقف، مع العلم ان امثالي لا يعتبرون كتابا، بل شهود على حقبة تاريخية معينة واسماؤنا تعرفها الدول، كما يعرفها صناع القرار في لبنان وسورية، لذلك مقالاتنا لها رمزية وتأثير معين، وتتابع بعمق وبدقة متناهية، لأننا أصحاب تجربة وبصيرة سياسية عمرها عقود مع عمالقة الساسة في لبنان.
وبسبب كل هذه التفاصيل كنت أسعى إلى لفت أنظار حزب الله وحتى التيار ربما يتغير شيء بالسياسة، قبل وصول الجميع إلى ما وصلوا إليه اليوم.
خاصة عندما غادر اللواء عصام أبو جمرة التيار حزنت كثيرا، لأنني كنت أعلم واعرف عن قرب، أنه لا يوجد في الدنيا كلها أحرص من اللواء عصام أبو جمرة على الجنرال ميشال عون، بل كان أبو جمرة هو الصديق والرفيق والشريك وهو العصب الإداري للتيار بل كان حكيم التيار وكان الجنرال عون هو الرمز، حينها أدركت أن التيار دخل المجهول، بل وادخل الشيعة معه بنفق قد تتشعب ظلماته ويدفع الشيعة ثمنها.
وبالرغم أن انتقاد الجنرال عون كان محرم عند الشيعة في تلك الفترة إلا أنني كنت الوحيد الذي يكتب وينتقد بشدة، بل آخر مقال عام 2016 حذرت الحزب من إيصال الجنرال عون إلى رئاسة الجمهورية، وأنه بحال وصول الجنرال عون إلى الرئاسة فإن سعد الحريري سيستقيل من ممارسة العمل السياسي، وان الدكتور جعجع سيصبح الأقوى مسيحيا بل الأكثر شعبية، وربما ينتهي دور سليمان فرنجية، وان هناك خلاف ماروني شيعي سيشتعل، وسيكون هناك صعوبة بالغة بايصال رئيس جديد للجمهورية.
أقصد من مقالي أنه عندما كتبت عن زياد عبس ونعيم عون وغيرهم لم أقصد الأشخاص بل كنت أكتب بظرف استثنائي يترافق مع هذه الشخصيات.
مثلا في إحدى المرات تسرب إلى الإعلام كما يحصل اليوم خلافات وإقالات في التيار، فكتبت حينها كيف أن الدكتور سمير جعجع بعد مغادرته السجن وبالرغم من مرضه إلا أنه آثر أن يسأل عن جميع من كان معه بل وزار الكثيرين في منازلهم، بينما التيار يقوم بفصل المناضلين، فقامت الدنيا على مقالي مع العلم أن غايتي هو لفت نظر الجميع أنه بالختام من يربح هو من يحافظ على خميرته الأساسية.
بالختام هذا التوضيح هو للتاريخ
والتيار لو حافظ على خميرته الأساسية ومناضليه ونهجه العلماني ولم ينزلق إلى الداخل الطائفي، كان حكم لبنان باكمله دون منافس، وكان الآن يبني لبنان جديدا.
ولكن للأسف بعد عام 2016 انتهى لبنان الذي نعرفه، ونحن اليوم أمام لبنان الجديد، ومن يخبركم بأن لبنان الغد سيكون رائعا هو يذكرني عندما أوهم ابني وأقول له غدا سأزوجك وأنا لا أستطيع أن أعطيه مصروف الجيب،.
وصدقا ودون مبالغة وبعيدا عن الصراعات السياسية، أقول لكم يجب الحفاظ على التعايش الماروني الشيعي، والموارنة والشيعة يعرفون أنني أسير بكل أفعالي بهذا الاتجاه، أما ما تبقى فلا قيمة له وكله قابلا لإعادة البحث والبناء، فالعالم بأكمله تغير، ومن السنن أن يتغير بلد مثل لبنان.
والسلام على العذراء وعلى الزهراء…
١٩/٥/٢٠٢٤
يجب على العالم بما فيهم الشعب الأمريكي والأوروبي أن يدافع عن حزب الله،.
بقلم ناجي امهز
بداية:
هذا المقال ليس موجها إلى أولئك المارين العابرين التافهين، الساكنون الساقطون في ظلمات الجهل والطائفية حتى القعر السحيق من العمالة والدونية
بل هو مقال إلى النخبة التي تصنع الغد وترسم المستقبل وتحيك بأفكارها وأناملها مجدا عظيما للبشرية.
أنا أعرف حقا أن المشهد معقد أكثر بكثير من أولئك الذين عقولهم في بطونهم وأفكارهم مختصرة بين خصيتيهم، وانبطاحهم امام من ملك المال ظنا منهم أن المال يصنع كل شيء، مما حول دينهم إلى دنانيرهم، ودين الدنانير الذي يمكن للعاهرة أن تحصله من خلال بيع جسدها أو الكاتب من خلال بيع معتقداته وحريته ليس بدين…
الدين هو ذاك المزيج من القيم والأخلاق التي تسمو بك حتى تصبح نصف إله، لا الزمن يقدر عليك ولا الموت ينال منك، وتخلد بأفعالك الحميدة، لذلك مهما دفعت من أثمان في طريق الفضيلة والكرم والنبل والشجاعة، فإنك تسير نحو الخلود والارتقاء إلى مصاف الأنبياء.
فالحقيقة والمواطنة لا يدركها أو يتلمس جوانبها إلا ذاك المتنور الذي يقف بهدوء وصمت وهو يراقب ضجيج الناس التي تركض دون وجهة أو فكرة، فالغالبية تعيش الضياع والصراع وعدم الاستقرار، لذلك أصبحنا نبكي على وطن، ونتحسر على أيام الفرح والبساطة مع أنها مجانية.
كل واحد منا يبحث في الماضي السحيق عن كلمة للإمام موسى الصدر أو البطريركيات والمفتين ولكل من كتب كلمة عن الوحدة والتعايش، ليرفعها بوجه أخيه بالمواطنة ويصرخ يا أخي اللبناني أنت أخي…
نبكي ونتألم ونتذكر كل شيء كان يبعث على الأمل والحياة حيث أضحت الأفلام الأبيض والأسود هي المعبر الوحيد وتلون حياتنا
هذا المقال هو لكل لبناني فينيقي يقف وسط العالم ويقول، من هنا خرج هانيبعل ليقاتل روما، ومن هنا يقاتل نصر الله أقوى قوة في هذا العالم.
هل تعلمون لماذا أكتب لكم هذا المقال اليوم ولماذا أصرخ بوجهكم علكم تستيقظون…
لقد اختار مارك زوكربيرغ، مؤسسة شركة ميتا (فيسبوك سابقا)، زيا مميزا للاحتفال بعيد ميلاده الأربعين، بعد أن ظهر مرتد قميص أسود عليه عبارة باللغة اللاتينية وكانت العبارة على القميص ” Carthago delenda est”، وهي جملة لاتينية تعني حرفيا “يجب تدمير قرطاج”.
نعم انهم يريدون ان يحاسبون قرطاجة بعد 2200 سنة، يريدون محاسبة هنيبعل بعد 2200 سنة، يريدون تدمير قرطاجة بعد 2200 سنة، هؤلاء لا يلعبون.
هؤلاء ليسوا هواة، هؤلاء هم حكام العالم بالأمس واليوم…
لذلك هذا المقال ليس للمتاجرين بالله والوطن والطوائف الذين يزحفون على بطونهم وينقلبون على ظهورهم ويلهثون أمام الغرباء محرضين على أبناء وطنهم وجلدتهم.
هذا المقال ليس للمجانين الذين يعتقدون أنهم بحال تعاملوا مع اليهود بأن اليهود يحافظون عليهم، فإن حالا هؤلاء كمن يعتقد أنه يوجد في النار ماء.
لذلك هذا المقال هو لأبناء المعرفة، للنخبة المتنورة التي تنظر إلى الحقيقة بتجرد وبصيرة، وأن اليهود لا يشاهدون في هذا الكون إلا مصالحهم،.
وأن نظرتهم للبشرية انهم بهائم (جوييم): ولا فرق عندهم بين خنزير بري وبين خنزير يعيش في المزارع، إلا باللون.
عندما قرر بعض اليهود 1982 من أصحاب شركات النفط والغاز ومعهم بوش الأب وديك تشيني من اسماء القيادات الامريكية، السيطرة على تركمستان التي يوجد فيها تريليونات الأمتار المكعبة من احتياطي الغاز ومد خط أنابيب من تركمانستان أفغانستان باكستان عبر أفغانستان، كان يجب تحرير تركمستان من الاتحاد السوفياتي وتحرير افغانستان، فاحضروا الألوف من شباب العرب والمسلمين وتحت راية محاربة الإلحاد خاضوا حرب الأديان ضد الاتحاد السوفياتي في أفغانستان وقتل عشرات الآلاف من الجانبين، بعدما انهار الاتحاد السوفياتي وخرجت روسيا مهزومة من أفغانستان بقي أمام اليهود الخطوة الثانية لتمرير خط الأنابيب من النفط…
وبعد خروج الاتحاد السوفياتي 1989نهائيا من افغانستان، دفع اليهود بضعة ملايين من الدولارات لحركة طالبان وكي لا ينكشف أمر اليهود وشركات النفط أنهم وراء تمويل طالبان، كانوا يشترون منهم الأفيون، ويتحدثون أمام العالم أن طالبان تمول نفسها من بيع الأفيون
وبعد مقتل مئات الألف من الأفغان بحرب أهلية همجية تافهة، وسيطرت طالبان على 90 % من أفغانستان 1994، بدأ الشعب الأمريكي يتظاهر ضد شركة النفط التي تستثمر في أفغانستان بسبب ما قام به بن لادن ضد الأمريكيين يومها كتب الإعلام أن التظاهر ليس اعتراضا على العمل في أفغانستان، بل بسبب الفساد…
(((يمكنكم مراجعة تلك الدعوى القضائية المدنية أمام محكمة دالاس الاتحادية بعد يوم واحد فقط من توجه الرئيس الأميركي جورج بوش إلى وول ستريت لإعلان الخطوط العريضة لمقترحات ترمي إلى وقف الفضائح المحاسبية التي هزت الثقة في الأسواق المالية الأميركية. وقالت الجماعة إنه أثناء تولي تشيني منصب المدير التنفيذي لهاليبرتون من عام 1995 إلى عام 2000 أعلنت الشركة عن تحقيقها دخلا لم تتحصل عليه من مستحقات عقود كانت ما تزال “موضع تخمين” ومحل نزاع))).
(في مطلع عام 2001 أعلن أن هناك شركة استأجرت بمبلغ تافه وسخيف وزهيد للغاية مبنى التجارة العالمي على 99 سنة)
وبينما الشارع الأمريكي ينتفض ضد شركات النفط وأصحابها من قيادة الحزب الجمهوري ومعهم شركاؤهم العرب، حصلت أحداث 11 أيلول 2001 وقتل من الأمريكيين ما يقارب ال 3000 ألف قتيل، وحينها توحد الشعب الأمريكي وأطلق يد الجيش الأمريكي لاحتلال العراق وأفغانستان وحتى القمر إن وجد فيه بعض الثروات.
_ملاحظة يمكنكم البحث عن القيادات العربية التي اختفت مباشرة بعد 2001 وستكتشفون الكثير من الحقائق)
والذي يقتل الأمريكي والروسي والاوروبي وكل بشري على وجه الأرض من أجل مصالحه لن يقف عند خاطر بعض اللبنانيين وبعض العرب من دول العالم الثالث.
لذلك هذا المقال هو إلى الأحرار أينما تواجدوا، أنه يجب مواجهة إله اليهود، وما هذا الإله الذي يخلق شعبا مختارا ويخلق شعب حمار، ما هذا الإله الذي حول الحيوانات إلى بشر (جوييم) من أجل ان يتقبل اليهودي اشكالنا ويسمح لنا بخدمته وان نكون عبيد عنده.
من هم هؤلاء اليهود كي نصدق أنهم أفضل منا، واننا محكومون بطاعتهم، وهم مجرد حفنة من اللصوص الذين سرقوا روايات بابل وصنعوا منها دينا، كما سرقوا تعاليم هاروت وماروت وحولوها إلى طقوس، وان يعقوب انتصر على الرب، بل وصل الأمر باليهود أنهم يصورون لك أن الرب كان يقدم لهم القرابين من الذهب، وأن الرب كان يعبدهم ليس هم الذين كانوا يعبدون الرب.
اليهود خدعوا البشرية قرونا طويلة، حتى جاء المسيح ورفع قيمة الإنسان التي كان يسعى اليهود لتحطيمها بأمراضهم وعقدهم النفسية، وأنهم أفضل من الإنسان “وتحدث عن الإله الذي علمنا وعرفنا نفسه لكي يجعلنا مثله”
فقط طالب يسوع بإنصاف واحترام الإنسان فصلبوه
محمد رسول الإسلام قال: “لا فضل لعربي على أعجمي، ولا لأبيض على أسود، ولا لأسود على أبيض إلا بالتقوى” حاربوه وقتلوه مسموما.
الخليفة الإمام علي بن أبي طالب، قال: «الناس صنفان إما أخ لك في الدين، أو نظير لك في الخلق». نحروه وهو ساجد يصلي…
اليهود يمنعون قيام المساواة ويرفضون من يعمل للعدالة الاجتماعية، لأنهم يريدون أن يعيشوا هذه الطبقية التي تجعلهم خارج دائرة المحاسبة والقانون
اليهودي يحدثك عن حقوق الطفل بينما هو يلتهم الطفل الفلسطيني على مائدته.
اليهودي يحدثك عن حقوق الإنسان -من وجهة نظره- أن الإنسان هو جوييم يجب أن يعامل كما يعامل الحمار،
القصة لا تنتهي هنا فالذي لا يريد أن يسمع لن يسمع والذي لا يريد أن يستيقظ لن يستيقظ، ومن يعبد العبودية تقتله الحرية…
ولكن أنا أتحدث مع النخبة الأحرار، التي عليها أينما تواجدت أن تدافع عن حزب الله ليس لأن حزب الله مسلم أو مسيحي أو حتى بوذي، يساري أو يميني، أو يدافع عن فلسطين أو حتى عن لبنان إلى آخر المفردات.
يجب أن تدافع النخبة عن حزب الله لأن حزب الله يجب أن يبقى شوكة في أعين اليهود قبل يسيطر اليهود على العالم حينها نتحول جميعا إلى “جوييم”.
أنا أتحدث مع صناع القرار السياسي، ومنهم الذين يقاتلون حزب الله، أنه حتى تبقى علة وجودكم قائمة يجب عليكم الحفاظ على حزب الله، كي تحافظ هذه الدول الكبرى عليكم.
أنا أتحدث مع الذين يريدون التوقيع على التطبيع مع اليهود، ان لا يذهبون بعيدا بأحلامهم، هؤلاء اليهود في لحظة التوقيع على التطبيع سيجعلونكم تدفعون الثمن غاليا، ومقابل كل قرش حصلتم عليه بل حتى عدد ساعات الحكم والمجد سيجعلونكم تدفعون ثمنها أضعافا مضاعفة من الألم، اليهود ذات عقول منحرفة وأمراض نفسية مستعصية، لا يقيمون وزنا لأحد، هم فقط يتجنبون أصحاب الطاقة، اليهود في هذا العالم لا يخشون إلا أصحاب الطاقة لأنهم هكذا تعلموا في علوم الكابالا.
أنا أتحدث مع خصوم حزب الله الذين يجدون من يسمع لهم أو يستقبلهم، أنه يجب عليكم الحفاظ عن حزب الله كي تبقى الأبواب مشرعة لكم، وان بقاء رسمكم واسمكم مرهون ببقاء اسم ورسم حزب الله
حتى للذين يعتاشون على فتات ما تقدمه لهم هذه القوة ثمن نباحهم على حزب الله، انبح وأنت تنبح تذكر وذكر هذه القوة الكبرى أن حزب الله قوي، فيجزلون لك العطاء أكثر ويرتفع نباحك أكثر ويصبح دورك اكبر…
بقلم ناجي امهز
٢٢/٥/٢٠٢٤
“إلى السلفيين في العالم الثالث، الشامتين باستشهاد قادة إيران”
بقلم ناجي أمهز
بينما يقف العالم ومجلس الامن دقيقة صمت حدادا على الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي ومرافقيه، ويعلن الحداد في عشرات الدول وتنكس الاعلام وتنهال برقيات التعزية من كافة الشخصيات العالمية وعلى كافة المستويات ومن كافة الفئات.
يخرج علينا بعض “السلفيين” بالشماتة والسب والشتم، وما يستفز ليس فقط الفاظهم واظهار تخلفهم، وكانهم قادمون من عصر الانسان الحجري، انما هؤلاء لا يحترمون المشاعر الانسانية، ولا يفقهون شيء عن حرمة الانفس والتفاعل الانساني بين المجتمعات، فعلا ان ما اظهره هؤلاء شيء سيؤدي الى انهيار كبير وانتشار للجهل والحقد والتطرف.
وحقد هؤلاء على الشيعة ليس له نظير وغير منطقي، فقد بدأت العلاقة بين التيار السلفي وأتباع المذهب الشيعي بالتوتر بعد مؤتمر الأرطاوية الذي عقد عام 1926 الذي اجتمعت فيه قبائل الإخوان السلفية كبداية حركتها ضد الإمام (الملك فيما بعد) عبد العزيز، منكرين عليه تصرفات عديدة منها تنصيب نفسه ملكا، لأن الإسلام يحرم الملكية، ومنها استخدامه السيارات والتلغراف والتلفون لأنها من أعمال السحر، ومنها أيضاً سكوته على شيعة الأحساء والقطيف وتقاعسه عن فرض الإسلام “الصحيح” عليهم (البند العاشر).
بعد مائة سنة واليوم المملكة العربية السعودية وشعب المملكة نفسه يرفض السلفية، والشباب السعودي اليوم يواجه بثبات وشجاعة اتباع السلفية، لانه يريد ان يعيش حياته ويندمج بكافة المجتمعات، تجد الحفلات والسهر والسينما والموسيقى، فلا يعقل ان يقبل بعد اليوم الشباب السعودي بان ياتيه السلفي ليرفض ما يريد ويؤمن بما يريد ويحرم ويحلل من عنده، فقد تبين ان السلفي ظلم المراة كثيرا عندما حرمها من ابسط حقوقها، كما انه حرم الكثيرين من نوابغ المملكة بمتابعة تعاليمهم بسبب فتاوي ان نقل الدم طبيا حرام والارض مسطحة، كما تبين ان السلفي دينه هواه، فهو شرع منصب الملك بعدما كان يحرمه، وحلل استخدام الهاتف بعدما كان يحرمه، ثم اكد ابن باز: التصوير لا يجوز، لا باليد ولا بغير اليد، فالتصوير كله منكر، والرسول عليه الصلاة والسلام لعن المصورين، وقال ﷺ: “أشد الناس عذابًا يوم القيامة المصورون”، وقال: “كل مصور في النار، والمصور: يعذب بكل صورة صورها لنفسه في نار جهنم”.
وتجد اليوم مشايخ واتباع السلفية 24/24 يصورون انفسهم ويظهرون الكثير من الامور المرفوضة عقليا.
لذلك نحن نطالب هؤلاء السلفيين بتطبيق تعاليم ابن باز، لان كل سلفي يظهر لنا عبر الفضائيات والسوشيال ميديا أو يستخدم الإنترنت هو في النار وملعون، بل لا يحق له أن يستخدم هذه الوسائل التي صنعها الكفار، لذلك يجب عليه أن يستخدم الحمام الزاجل.
كل سلفي مؤمن بأن الأرض مسطحة وأن الشمس ثابتة، لا يحق له أن يتحدث في الجغرافيا والسياسة والاقتصاد وعلم الاجتماع، لأنه على الأقل يوجد ثمانية مليارات شخص يعرفون أن الأرض كروية، يعني السلفي الذي يؤمن بأن الأرض مسطحة هو حتمًا خارج الزمن وخارج كوكب الأرض، يعني لا علاقة له بما يجري على كوكبنا الارض.
كل سلفي قرأ عشرات الكتب عن فتاوى ابن باز وغيره حول زواج الإنسي من جنية أو مجامعتها؟ وأنه يمكن للإنسي أن يتزوج جنية، ويجوز أن يتزوج كتابية محصنة (يهودية أو نصرانية) فلا بأس بخلاف الدين، ويصدر فتوى بتحريم زواج السلفي من الشيعية، هذا السلفي يحتاج إلى علاج نفسي في المصحات.
حقا هل يعقل أن يصدر عشرات الكتب عن زواج الإنسي بالجنية؟ صدقا يعقل هذا الأمر؟
على كل حال، أي إنسان أو مجتمع قادر أن يعيش مع أو بين فئة سلفية تعاني من كل هذه العقد والاضطرابات النفسية والسلوكية، وتحرم أبسط الأشياء منها التلفاز لأن فيه شر عظيم؛ وفيه من الشرور من الأغاني، وآلات الملاهي، وبروز النساء السافرات وما يقع فيه من بعض المسلسلات الرديئة؛ فهذا هو السبب الذي ينبغي ألا يقتنى من أجله.
أيها السلفي عندما تحرم نقل الدم أثناء عملية جراحية، من خلال تفسيرك قوله تعالى: “حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنزِيرِ” [المائدة:3] بأن الدم هنا يشمل دم الإنسان أيضًا؟ من الطبيعي أن يقتل بقربك عشرات الآلاف من الأطفال والنساء، وأنت تصلي خلف سلفي يقول لك: لا يجوز مقاتلة الإسرائيليين والدفاع عن المسلمين في فلسطين.
“أيها السلفي ربما تعاني من الكبت النفسي والاكتئاب، بسبب منعك من انتقاد ملك أو رئيس أو حتى موظف في بلدك، فتأتي وتصب غضبك على إيران، وتشمت فيها، بينما إيران، وهي أمة إسلامية عظيمة، تجري انتخابات رئاسية دورية لا يحق فيها للمرشح بأكثر من دورتين، وفيها انتخابات برلمانية، بينما أنت ممنوع عليك أن تنتخب حتى لجنة بناية، أو أصلاً لا يوافق أحد على أن يشاركك بشيء لسواد وفساد طبعك وكرهك لكل الناس.
أيها السلفي الذي تنكر العلم والتكنولوجيا، والتطور الطبي، لا يحق لك أن تنتقد أي دولة في العالم وأنت تستورد كلسونك من الصين، بينما إيران تمتلك تقنية النانو، وصنعت الأقمار الاصطناعية، وتخصب اليورانيوم، وتنتج أهم العقاقير الطبية في العالم.
بالختام، أيها السلفي، أنصحك بأن تستحصل على فتوى من شيخ سلفي يسمح لك بتصوير دماغك بالرنين المغناطيسي، ربما يكتشفون سبب هذه الأفكار التي تعيش عليها.
أيها السلفي بالختام والمحصلة، أمثالك لا يحق ولا يسمح لهم باستخدام السوشيال ميديا والتصوير، لأنه بعقيدتك حرام.
ارحمنا وارحم الامة ولا تستخدم السوشيال ميديا فانت تسيء الى البشرية جمعاء.
٢٣/٥/٢٠٢٤
حضرة الاعلامي ليس هكذا يتحدثون عن حزب الله أم هكذا يدافعون عن المسيحية؟
بقلم ناجي أمّهز
حضرة الاعلامي قبل ما تبلش بمطالعة المقال اتمنى عليك ان تختلي بنفسك خمس دقائق وتتخيل ان داعش تجتاح لبنان ولا يوجد المكون الشيعي، او اقله المكون الشيعي لا يمتلك ما يمتلكه اليوم من اسلحة، وتخبرني ماذا ستفعل وكيف تتصرف.
وبحال وجدت الجواب، أرجو أن تكتبه لي، لأن الدول الكبرى عندما تُخبرها أن المسيحيين في المشرق قادرون على مواجهة التكفيريين لا يصدقون ذلك، ويقولون: هل يعقل أن يكون المسيحيون في المشرق أقوى من جيش الاتحاد السوفياتي الذي سقط أمام التكفيريين؟
أولاً، حضرة الاعلامي، الشيعي لبناني لبناني متل ما الماروني لبناني لبناني، وبنفس التاريخ وبنفس الوقت هما لبنان على مر التاريخ، ولا يوجد فرق بين إلياس وعلي، منذ فجر التاريخ هذا هو تكوين لبنان.
أنا من بلاد جبيل، أختي برناديت التي باركها البطريرك صفير، هذا الحديث في بداية 1980، يعني بالتأكيد بيتنا ليس طائفياً. في بداية 1982 انتقلنا من جبيل إلى طرابلس لأن والدي كان من محبي العميد ريمون إده، وبدأت الأحزاب اليمنية تضايقه كما ضايقت حتى المسيحيين الذين كانوا مع العميد ريمون إده. لن أخبرك كيف هرب والدي ومن ساعده وبأي طريقة، أنت صحفي وأعتقد أن مخيلتك قادرة على استنتاج الصورة.
والدتي توفيت في طرابلس عام 1987، وفي منتصف 1988 عدنا وسكنا في جبيل مع الجدة لأن والدي كان يعمل في الخليج، وفي طرابلس لم يكن لدينا أحد.
بنهاية 1988 التحقت بالجنرال ميشال عون مثل الكثير من المسيحيين والمسلمين لأن ذاكرتنا تعبت من أفعال اليمين المسيحي ومن الوجود السوري، ولأنني كنت أكتب اليافطات وأصمم الشعارات، أصبحت من أقرب المقربين للقيادة العونية. تعرف في ذلك الوقت كان كل شيء يُرسم باليد، وكانت الكتابة والعمل على الدكتيلو.
يعني بدون تسميات يمكنك اعتباري شاهد ملك على حقبة تاريخية بأدق تفاصيلها ومن خلال النخبة المسيحية صاحبة القرار. وغالبية الأسماء التي تتذكرونها اليوم وتتحدثون عن أمجادها، أنا أعرفها شخصياً.
في عام 1990 رحل ميشال عون هو ورفاقه، وكثير من الناس المسيحيين رحلوا أيضاً. يعني يمكنك القول إنه بعد نفي الجنرال ميشال عون وسجن الدكتور جعجع، 70% من الشباب المسيحي رحل، لذلك اليوم لا ترى في الحشد المسيحي أو في الاحتفالات المسيحية عنصر الشباب، ترى غالبية الحضور من رعيل الثمانينات. لأن كل الشباب هاجر، ومن يهاجر لا يعود.
الله يرحمه، كان هناك صديق من بيت الناكوزي وهو من الفلاسفة الكبار، كان يأخذ قنينة “الماء” ويجلس على شاطئ البحر ويعد “الفلوكة” وهي تذهب إلى قبرص، وتطلع إلى أوروبا أو أمريكا أو حتى تذهب إلى الشريط الحدودي. ويقول لي: ” ناجي، أمثالك الذين سيأتون يوماً ويدافعون عما تبقى من المسيحية، نحن نخطئ كثيراً. كان يجب أن نستمع جيداً لبيار الجميل، لكن نحن الموارنة يبهرنا الشكل، وشياكة وحركات كميل شمعون لم تتركنا نستمع جيداً لشيخ بيار.
لقد التقيت وجلست واجتمعت مع قيادة الكنيسة في لبنان سواء كانت مارونية أو روم، وتحدثت بما يجب أن يُقال، والكبار تصغي جيداً لكل كلمة تقال ويتوقفون عندها. حتى الكتل السياسية اللبنانية الأساسية، ومن كل الطوائف، تستمع وتبحث عن مقالاتنا، لأن إذا أردت أن تتحدث في السياسة وتعمل في السياسة، يجب أن تقرأ لأشخاص عاشوا التاريخ والواقع السياسي.
القصد من هذه النقاط والاشارات، أن النضوج السياسي يحتاج إلى وقت. عندما كان الجنرال عون في المنفى والدكتور جعجع في السجن، كان أمثالنا هم القيادة لأن المرحلة كانت تحتاج إلى أبطال وثوار. حتى يمكن أن السوريين وغيرهم لم يريدوا قتلنا، لأن أحيانًا وجود النقيض هو نوع من الحياة والبقاء.
ولما خرج السوريون، انتهى دورنا ولم يعد لنا حتى وجود. حتى العونية لم يبقَ شيء من ذاكرتنا فيهم، كما تسمع.
الفكرة حضرة الاعلامي انك ما نسبته الى الشيعة غير دقيق ابدا.
ليس الشيعة هم من جلبوا الفلسطينيين إلى لبنان، المارونية السياسية هي التي جلبت الفلسطينيين.
ليس الشيعة هم من أدخل الجيش السوري إلى لبنان، السياسة المارونية أدخلتهم لإخراج الفلسطينيين.
ليس الشيعة هم من أدخلوا الجيش الإسرائيلي إلى لبنان، الموارنة أدخلوا الجيش الإسرائيلي وساعدوه لإخراج الجيش السوري والفلسطينيين الذين أدخلوهم إلى لبنان.
ليس الشيعة هم من بدأ الحرب الأهلية، اليمين الماروني هو الذي بدأ الحرب الأهلية، وكلمات بشير الجميل لا تزال موجودة في 14 أيلول 1982 عندما قال “لا تنسوا أن عمري 34 سنة” وتحدث عن المقاومة المسيحية التي أصبحت لبنانية يوم انتخابه.
ليس الشيعة هم من جعلوا سمير جعجع يختلف مع إيلي حبيقة أو الشيعة هم سبب صراع القوات الكتائب.
ليس الشيعة هم من أشعلوا حرب الإلغاء بين الجنرال عون والقوات.
الشيعة ليس لهم علاقة بأي شيء مما تتحدث عنه.
الشيعة يدفعون الدم من اجل بقاء لبنان، لان لا مكان لهم الا لبنان.
في سنة 1997، التقيت بأحد أهم الأشخاص في الرابطة المارونية، وكان قد عاد من جولة أوروبية أمريكية. التقيت به عند طبيب قرب مستديرة الحايك، هل تعرف ماذا قال لي؟ قال لي إن السوريين فرض عليهم اتفاق الطائف كما فرض على الموارنة. بل تم تهديد السوريين من الأمريكيين بأنه إذا لم يمشوا باتفاق الطائف، سيحركون الإسلاميين ضدهم وأن السوريين مع اليمين الانعزالي، هل تصدق ذلك؟
هل تصدق أن السوريين كانوا يرفضون اتفاق الطائف لأن بقاء الصلاحيات مع الرئيس الماروني اللبناني أسهل في التفاهم والاتفاق من انتقالها لمجلس الوزراء؟
حتى السوريون كانوا يعتبرون أن سحب الصلاحيات من الرئيس اللبناني الماروني هو تمهيد لخلق ثورة في سوريا لانتزاع الصلاحيات من يد الرئيس السوري ووضعها بيد مجلس الوزراء.
سأخبرك بشيء أهم وأعمق من هذا بكثير، لتعرف أهمية الشيعة عند النخبة المارونية.
جيش لبنان الجنوبي الذي كان يتعامل مع جيش الاحتلال الإسرائيلي، كان أحد مفاصل القوة عند الموارنة في لبنان. لأن بعض الموارنة عندما كانوا يريدون شيئًا من أمريكا أو أوروبا، كانوا يتحدثون مع قيادة الجيش الجنوبي، وقيادة الجيش الجنوبي كانت تطلب من الحكومة الإسرائيلية، والحكومة الإسرائيلية كانت تطلب من اللوبي الصهيوني، وهكذا كانت طلبات بعض الموارنة تُنفّذ دون اعتراض.
مع تحرير الجنوب وانهيار جيش لبنان الجنوبي، لم يجد جيش لبنان الجنوبي أحداً في العالم يدافع عنه أو يطالب به، بما فيهم العدو الإسرائيلي الذي حاول أن يقتلهم قبل خروجه من جنوب لبنان من خلال زجهم في معارك مع المقاومة.
أتعرف أن النخبة المارونية في ذلك الوقت منعت أي تصريح ضد الشيعة ورحبت بالتحرير، رغم الخسارة العالمية الكبيرة التي كان يستفيد منها الموارنة في العلاقات السياسية الدولية.
هل تصدق أنه في عام 2000 عندما تردد الكثيرون في التوقيع على عريضة منظمة العفو الدولية بسبب انتهاك حقوق الإنسان للدكتور سمير جعجع خوفاً من السوريين، أنني كنت أول شخص وقع على هذه العريضة، وبعدها زارني عبد المتعال كورشاب، وهذا الشيء ذكرته في مقال نُشر عام 2014.
ويمكنك مراجعة موقع البي بي سي وجريدة عرب تايمز التي تصدر في أمريكا، وترى مقالاتي منذ التسعينات، وبعدها ستستغرب كيف ما زلت حيًا.
أنا لا أنكر أنني عشت مع النخبة المارونية التي كان أحدهم يفتح هاتفه في جونية فيرن جرس الهاتف في البيت الأبيض أو في قصر الإليزيه، وتعلمت منهم كل ما أعرفه، وكيف بني وأسس هذا الشرق، ومع انتهاء هذه النخبة ينتهي لبنان الذي نعرفه.
لقد أخبرتك بين السطور عشرات الأسرار والمعادلات، إذا كنت ترغب في أن تصبح قائدًا في السياسة، أتمنى عليك أن تقرأ جيدًا، ويجب أن تعرف ليس هكذا يدافعون عن الموارنة ولا هكذا يتهجمون على الشيعة.
انا من وجهة نظري ان حزب الله خشبة الخلاص للبنان، والدليل ان وجودك اليوم على السوشيال ميديا هو لأنك بالأمس تحدثت عن حزب الله، لذلك علّة الوجود هي التوازن، ويجب التعامل بتوازن، والأهم وأكرر دائمًا هو استمرار التحالف الماروني الشيعي.
في الختام هذا هو الفرق بيني وبينك. أنا رغم كل ما أعرفه عن المارونية السياسية وتأثيري المباشر، لم أكتب ولا مرة واحدة أو أنتقص من دورهم، لأنني أعرف دور الموارنة في بقاء الشيعة وبقاء لبنان، ويجب على الموارنة أن يعرفوا دور الشيعة لاستمرار بقائهم واستمرار بقاء لبنان.
٢٥/٥/٢٠٢٤
*سماحة السيد حسن نصرالله.*
انا ناجي امهز الذي اكتب عن سماحتكم منذ عقود عن مجدكم وعزكم ونصركم، الذي لا ينتهي، والامل الذي أحيا امة كانت على وشك الموت.
*اليوم تخذلني كافة الاحرف وتتساقط الكلمات كاوراق الخريف.*
لا اعرف ما هي الكلمات التي يمكن ان اكتبها، لكن اردد ما قاله جبران خليل جبران:
الأم هي كل شيء في هذه الحياة ، هي التعزية في الحزن ، والرجاء في اليأس ، والقوة في الضعف ، هي ينبوع الحنو والرأفة والشفقة والغفران ، فالذي يفقد أمه يفقد صدرًا يسند إليه رأسه ويدًا تباركه وعينًا تحرسه …
رحم الله والدتكم الراضية المرضية.
ونشد على يدكم سماحة السيد نصرالله، سماحتكم بالنسبة لنا الاب والمعلم والقائد والتعزية في الحزن ، والرجاء في اليأس ، والقوة في الضعف ، وانك ينبوع الحنو والرأفة والشفقة والغفران.
*نسال الله ان يطيل بعمركم الشريف، لانك البركة التي تباركنا والعين التي تحرسنا.*
*لك الروح وياليت الارواح تستبدل مقابل دمعة حزن على خدك الشريف.*
*نحبك سماحة السيد*
*ولا حول ولا قوة الا بالله.*
١٢/٦/٢٠٢٤
يمكن أن تكون ضد حزب الله، لكن الله لا يقبل أن تكون حليفا لإسرائيل
بقلم ناجي أمهز
أن أهم مقومات علم الاجتماع هو التأقلم (أو التكيف مع الظروف) ونظرية التأقلم تعتبر من أهم النظريات الأساسية التي يحتاجها الجميع للبقاء والاستمرار، وخلاصة نظرية التأقلم أن كل كائن لا يتأقلم مع الظروف المحيطة حتما سيزول وينقرض، كما حصل مع الديناصورات التي انقرضت عن بكرة أبيها بسبب عدم قدرتها على التأقلم والتكيف مع الواقع الجديد.
ومن يطالع “نظرية التكيف الاجتماعي” يجد أن الفئة المعرضة للانقراض بعد الديناصورات هي الشعوب العربية، التي تقريبا أصبحت خارج الزمن، ولولا وجود النفط -عليه السلام- لكانت هذه الشعوب تعيش حتى الآن كما كانت قبل 1500 سنة.
وحتى مع تدفق ترليونات الدولارات، ومرور مليارات البشر من مختلف الدول ومختلف الطوائف والملل على شبه الجزيرة العربية إلا أن هذه الشعوب لم تتغير أو تتطور.
نحن نتحدث عن دول عربية كمية الأموال التي تتدفقت عليها تعادل ميزانية أمريكا أوروبا مجتمعة، ومع ذلك لم نسمع أن هذه الدول امتلكت مصنعا لصناعة رقائق الكومبيوتر، أو حتى أنتجت هاتفا لو كان يدويا، أو أنها نجحت في برنامج صناعي أو زراعي، أو حتى اخترعت سيارة دراجة، أو حتى حذاء، هذه الدول لم تكلف نفسها أن تضع اللغة العربية في البرامج التي تنتجها شركة البرمجة بينما إيران المفروضة عليها العقوبات لا تقبل بأي برنامج لا يتضمن اللغة الفارسية.
في مواسم الحج يؤم تلك البلاد أهم شخصيات العالم، ولو شعوب الجزيرة العربية تعلمت من كل نخبوي ومخترع معلومة واحدة أو فكرة ثقافية واحدة لكان شعب الخليج اليوم قد وصل إلى السماء السابعة من التطور والعلم.
بالمقابل تجد شعب الخليج يعيش تحت مقولة الأرض مسطحة، والتلفاز حرام، والتصوير حرام، والموسيقى حرام، والشطرنج حرام، وشرب بول البعير حلال…
*ابن باز: حديث لما جاء الاعراب قال الرسول صلى الله عليه وسلم؛ اذهبوا واشربوا من ابوالها والبانها.*
في نقاش مع فران مسلم (معلم مناقيش) ولكن للأمانة كان فيلسوفا، سألته لماذا تعترض على المسلمين، قال لي هؤلاء غالبيتهم ليسوا اتباع النبي محمد بل اتباع مسيلمة الكذاب، والدليل كما مسيلمة الكذاب اخترع الآيات، هؤلاء يخترعون الأخبار ويزيفونها، والمسلم الذي يكذب ليس بمسلم، وهؤلاء كذبهم ونفاقهم واضح.
حقيقة حال هذه الأمة مؤلم للغاية، لذلك تجد العرب لا يتحدثون إلا بماضيهم، كنا وكنا وكنا، لأنهم لا يملكون إلا الماضي، أما الحاضر فإنه مخز على كافة الصعد، ولا يمكن أن تطلب من مركز دراسات ان يقدم لك شرح واف عن حالة غالبية الشعوب العربية، وكيف بددت أموال النفط بموجة من الفساد والتبذير التي تعد الأكبر بتاريخ البشرية، وبينما العالم يبحث عن اختراعات توصلهم إلى المريخ، كان هناك بعض العرب يصنعون داعش.
وعندما تسألهم عن سبب اختراع داعش، يقولون لك إن السفر إلى المريخ يحتاج إلى سنوات، بينما داعش تستطيع أن توصل أي إنسان إلى السماء بدقيقة.
وحقيقة هكذا أمة لن تكون قادرة على التمييز ما ينفعها وما يضرها، أو أن تعرف العدو من الصديق.
لذلك أمام هذه الحقيقة، فإن كان هؤلاء لا يميزون بين ما ينفعهم ويضرهم في حياتهم الخاصة والعملية، فأنا لا أستغرب أن يكون غالبية هؤلاء ضد المقاومة وخاصة حزب الله، لانهم لا يدركون نعمة هذا التوازن الذي تنتجه المقاومة في المنطقة بظل انظمة مهزومة بكافة المقاييس.
ما أريد أن أقوله إنه في الدين الإسلامي حتى النصارى هم حلفاء، والعدو الوحيد هم اليهود،.
يقول الله سبحانه وتعالى.
*”لتَجِدَنَّ أَشَدَّ ٱلنَّاسِ عَدَٰوَةً لِّلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱلْيَهُودَ وَٱلَّذِينَ أَشْرَكُواْ ۖ وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُم مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱلَّذِينَ قَالُوٓاْ إِنَّا نَصَٰرَىٰ ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ”*
إلى غالبية العرب أنا لا أطالبكم باستخدام عقولكم مع أنها بالمجان، ولكن أطالبكم باتباع قول الله الذي حدد لك بصريح العبارة إن أشد عداوة للذين آمنوا اليهود،
إلا بحال كنتم غير مؤمنين إذا أنتم واليهود في تحالف واحد وموقف واحد وخمندق واحد، ضد الذين آمنوا.
لكن بالختام الله قد يغفر أن يكون بعضكم ضد المقاومة في فلسطين ولبنان والتي تقاتل اليهود الإسرائيليين، دفاعا عنكم وعن ارضكم واعراضكم، والكرامة الانسانية..
لكن الله لن يغفر لك أو يقبل أن تكون للحظة مع أو تدافع عن اليهود الإسرائيليين…
لان ما تشاهدونه من قتل واجرام وارهاب يمارسه اليهودي الاسرائيلي بغزة، بحال توسع وانتصر اليهود الاسرائيليين، فان هذا الامر من ارهاب وتدمير وقتل وابادة، سيمارسونه مع كل شعوب العالم.
١٥/٦/٢٠٢٤، ١١:٢٧ ص – .: *تبين أن اليهودي ليس جبان، غالبية العرب هم الجبناء، وغالبية العرب هم البخلاء*
*قلم ناجي أمهز*
صراحة ودون مواربة أو محاولة إخفاء الشمس بالغربال او الاختباء خلف الاصبع،
أنه لو أبعدنا الشيعة الذين هم حالة استثنائية بالتضحية والقتال والمقاومة، وأيضا ما يقارب ال 100 ألف مقاوم من أصول عربية موزعين بين فلسطين ولبنان وسوريا من بين 320 مليون عربي.
برأيكم كمْ ساعة تحتاج إسرائيل لتحتل العالم العربي من بابه لمرحاضه،
أنا بتصوري في 10 ساعات وإسرائيل قادرة أن تحتل العالم العربي، وأن يتحول نصف العالم العربي إلى يهود.
أصلا اليوم تجد أكثر من ثلث العالم العربي هم يهودا.
الإعلام الذي يحرض على الشعب الفلسطيني والمقاومة هم يهود.
رجال الدين الذين يكفرون الشيعة خدمة لإسرائيل، ويتهجمون على حماس وفصائل المقاومة الفلسطينية ومن معهم ومن يصلي خلفهم هم أيضا يهودا.
المفكرون والباحثون ورجال السلطة في إي دولة عربية تتهجم على المقاومة وتحملها مسؤولية ما جرى هم يهود.
هؤلاء الذين يحملون المقاومة مسؤولية ما جرى، ويطالبون المقاومة قبل أن تقوم بأي عملية عسكرية، أن تخبر الأمم المتحدة وأن تخبر الدول العربية وأن تخبر أوروبا وأمريكا، وأن تقوم بإجلاء الشعب الفلسطيني إلى خارج فلسطين ومن بعدها أن تقوم بعملية بعسكرية ضد جيش العدو الإسرائيلي.
هؤلاء العرب الخونة يبحثون عن أعذار لتبرير جرائم العدو الإسرائيلي، لأنهم شركاء إسرائيل في قتل أطفال ونساء فلسطين.
لقد تبين أن الشعب اليهودي ليس شعبا جبانا كما يشاع، ولكن الذي تبين أن اتباع الامام علي هم أصحاب بائس وقوة وشجاعة لم يخلق الله لها مثيلا، لأنهم من مدرسة الإمام الحسين الذي وقف أمام سبعين ألف إرهابي داعشي وصرخ بأعلى صوته بهم ” متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا؟
حكمة الله شأت ان يسكن اتباع الامام الحسين شمال فلسطين، ارادة الله ارادت ان يواجه الخير كله، والشر كله: قال صلى الله عليه وسلم: “لا تزال طائفة من أمتي على الدين ظاهرين، لعدوهم قاهرين، لا يضرهم من خالفهم إلا ما أصابهم من لأواء، حتى يأتيهم أمر الله. وهم كذلك”، قالوا: يا رسول الله وأين هم؟ قال: “ببيت المقدس وأكناف بيت المقدس” وأخرجه أيضا الطبراني .
غالبية العرب جبناء، جبناء
غالبية العرب هم البخلاء،
اغنياء اليهود يبترعون بجزء كبير من اموالهم واصولهم المالية والعقارية لدعم جيش العدو الاسرائيلي، حتى العاهرات اليهود تبرعن من الزنا للجيش اليهودي.
بينما لا تجد عربي مستعد ان يتبرع بدولار واحد للمقاومة،
غالبية العرب يتبرعون لحضور حفلة رقص وغناء ومشاهدة الافخاذ والمؤخرات
بعض العرب يبترعون لشراء كلسون المطربة الفلانية
جزء من العرب يتبرعون لشراء حذاء اللاعب الرياضي
لكن ان يتبرع العربي للمقاومة هذه خطيئة، هذا كفر، غالبية العرب اصبح دينهم دين الانبطاح، والتذلل، وعبادة الخوف.
نعم العرب هم البخلاء بكل شيء.
حلم كل سياسي يهودي ان يصبح زعيما بين اليهود.
وحلم غالبية الحكام العرب ان يصبحون عبيدا عند اليهود.
وحلم غالبية الشعوب العربية، ان يعملون خدم في مراحيض اليهود.
من المفارقة التي نسمعها، ان العسكري اليهودي ابن النائب او الزعيم السياسي اليهودي قتل في المعركة.
بينما تسمع ان ابن الزعيم العربي الفلاني وجد وهو يسرق الاثار الوطنية ويقوم بتهريبها وبيعها بالخارج،
انه ابن الزعيم العربي الفلاني قبض عليه وهو يمارس الدعارة او يغتصب فتاة تحت السن القانوني.
تسمع انه ابن الزعيم العربي الفلاني قبض عليه وهو يحاول سرقة اموال الشعب.
وهكذا تسمع وتسمع وتسمع،
وتجد ان ابناء غالبية الحكام العرب هم صورة طبق الاصل عن الفاسد يزيد ابن معاوية، ولكن الفرق ان معاوية كان داهية، بينما غالبية الحكام العرب اغبياء.
بالختام يجب على كل انسان حر شريف يخاف الله مقدار ذرة ولأي طائفة او دين انتمى، ان يشكر الله على وجود هؤلاء الابطال الذين هم تربية الامام علي بن ابي طالب، الذي علمهم انه لا فرق بين انسان وانسان، وان العدالة هي الاساس لارتقاء النفس البشرية.
هؤلاء الذين يضحون بانفسهم من اجل انقاذ الغريق، او اطفاء النار، او حتى نجاة طفلة من فم الوحش الاسرائيلي.
في دقيقة لنتصور او نتخايل، ان حزب الله غير موجود، وماذا كان سيحل ليس فقط بفلسطين ولبنان والاردن، بل بهذا العالم الذي لا يفهم الا لغة القوة.
والحمد لله على قوة حزب الله التي تحكمها قوانين وشرائع سيد العدالة الانسانية علي بن ابي طالب.
٢٢/٦/٢٠٢٤
بحال وقعت الحرب، سيسقط 300 ألف شهيد ولبنان لا يحتمل صبية الساسة الجدد، وأمثال فارس بويز يجب أن يعودوا إلى الحكم
بقلم ناجي أمّهز
البداية، سالت احدهم لماذا وصلنا الى هذا القعر بالسياسة، قال لي حرفيا، مع العلم ان غالبية الشعب اللبناني لا يمكنك ان تغريه بالمال الا انه في لبنان تحتاج الى 500 الف صوت فقط لتكرس نفسك زعيما، وعلى مساحة لبنان يوجد 128 نائب، يعني بحال رشحت مائة اسم وجمعت مائة مليون دولار، يمكنك بكل بساطة الحصول على 500 الف صوت اذا افترضنا ان ثمن الصوت 200$.
على كل حال هذا المقال ربما يكون الاخير لانه بحال اندلعت الحرب على لبنان سيتغير كليا، ويدري من يعيش، وسامحوني اذا شي يوم كنت قاسي بالكتابة لكن كما تعرفون انما احدثكم الحقيقة كما اعرفها، والحقيقة عارية منذ ان سرق الكذب ثوبها عندما نزلت الى البئر.
على حياة الرئيس رفيق الحريري، كان لبنان عاصمة الدبلوماسية والاستثمار المالي، حيث كانت رؤساء الدول تحج إلى لبنان لتقف طوابير طويلة على مدخل قصر قريطم الذي هو اليوم معروض للبيع، كما كل شيء للاسف معروض للبيع في لبنان. شركة الكهرباء التي انطفأ نورها ليتم بيعها، كما دُمّر المرفأ ليتم بيعه أيضًا، ولا ننسى القطاع المصرفي الذي نُهب وأفلس ليتم تضمينه أيضًا ببلاش. وهكذا كل شيء يتبدل في لبنان، حتى الشعب البديل أصبح جاهزًا. هناك أكثر من 2 مليون سوري يعرفون طرقات وشوارع لبنان وأراضيه الزراعية ويسيطرون على مؤسساته التجارية. اليد العاملة السورية متواجدة حتى في رغيف خبزنا ووجبات طعامنا، ويمكن في لحظة أن يصبحوا شعب لبنان، وربما سيحافظون على لبنان ألف مرة أفضل منا نحن الشعب اللبناني الذي دمرنا لبنان.
وما زلنا مختلفين على من أعطي مجد لبنان، هو يبقى لبنان وحينها نحصل جميعًا على المجد
في زمن رفيق الحريري، بحال نشوب الحرب، كان يجول الكرة الأرضية من أجل وقف هذه الحرب، ويتدخل جاك شيراك ويفرض على الإدارة الأمريكية والدول العربية أن تسعى جهدها للضغط من أجل وقف الحرب. اليوم بحال وقعت الحرب، من سيجول العالم؟ أي سياسي اليوم مستعد أن يدفع من جيبه أجرة تنقله؟ أصلًا غالبية الساسة ينتظرون معاشاتهم من هذه الدولة أو تلك. وأي دولة أو أي موظف من درجة عاشرة سيستقبل الشخصية اللبنانية للبحث في الحرب التي قد تصل لبنان.
واليوم أمين عام الأمم المتحدة قالها والجميع يقرأ ويعرف أنه بحال اندلعت حرب بين لبنان والعدو الإسرائيلي “أن لبنان سيصبح غزة أخرى”، مما يعني مئات الألوف من الشهداء في لبنان ولا أبالغ.
وأيضًا العدو الإسرائيلي سيدفع الثمن غاليًا بحال دخل الحرب ضد لبنان، لكن بالمقابل الكثير من الدول العربية سوف تزيد كميات المساعدات إلى جيش العدو كما ترسلها اليوم وهو يقتل الشعب الفلسطيني.
آن الأوان للشعب اللبناني، خاصة الشيعة، للنزول في التظاهرات من صغيرهم إلى كبيرهم، بعيدًا عن المعارك الدائرة بين حزب الله والعدو الإسرائيلي، لأن هذه المعارك لن تتوقف، لا اليوم ولا غدًا ولا بعد مائة سنة. طالما العدو الاسرائيلي له اطماع في الجنوب خاصة ولبنان عامة، طالما البندقية والصاروخ وحتى الطائرة ستكون بالمرصاد لصد أطماع العدو الإسرائيلي، فالجنوبي لن يترك السلاح حتى لو كل العالم طلب منه ذلك، لأن الجنوبي لن يقبل بأن يُؤسر ويُسجن ويُعتقل ويقتله الإسرائيلي كما فعل طوال أيام احتلاله للجنوب. لذلك يجب على السياديين تفهم هذا الأمر جيدًا أو أقله يسألون أنفسهم لماذا تخلوا عن الجنوب قبل أن يسألوا الشيعة لماذا يحملون السلاح.
يجب على الشيعة التظاهر حتى تحت القصف الإسرائيلي بحال اندلعت الحرب. يجب إيجاد حل للبنان، لا يعقل أن يكون الجنوب يُدمّر ويُقصف، وبعض الساسة يعطلون البلاد من أجل مصالحهم الشخصية للغاية. يجب التظاهر، إما أن يكون لبنان بلد الوحدة وخاصة في الازمات الكبرى، أو لطرح جديد، ومهما كان الثمن اليوم هو أقل بكثير مما سيجري غدًا.
أكرر، بحال اندلعت الحرب، البلد سيدمّر، وملايين الناس ستُشرّد، والذي يخبركم عكس ذلك يكذب عليكم. على الشعب تحمل مسؤولياته. أصلًا العدو الإسرائيلي لا يملك اي نوع من الاخلاقيات او الانسانيات لتردعه عن ارتكاب الجرائم، كما لا يملك قنابل صغيرة الحجم ليستخدمها، مما يعني أنه سيستخدم القنابل الكبيرة كالتي استخدمها في غزة.
ولا أحد يقنعكم أن حزب الله هو السبب بهذه الحرب، أبدًا، هذه كذبة كبيرة لا علاقة للحزب بالحرب. الحرب تم الإعداد لها منذ 2000 بعد رفض سورية مفاوضات شيبرزتاون عام 2000 واحتفاظ إسرائيل بالضفة الشرقية لهضبة الجولان، كما تم الإعداد للحرب على لبنان عام 2006 والتي فشلت فيها اسرائيل فانتقلت الى الحرب على سوريا عام 2011، ولكن انتصار سوريا أخّر الحرب على لبنان. هذه كل القصة. ونفس القوة التي خططت ومولت وجهزت ودربت وأرسلت للتدمير في سوريا هي نفسها خططت لتدمير لبنان اليوم.
والموارنة اليوم أمام امتحان وطني، إما يذهبون بعيدًا في الشعبوية وتنتهي قصة لبنان، خاصة منذ عام 2005 منذ وصول الجنرال عون إلى لبنان وقال جنبلاط إنه تسونامي، من وقتها ونحن نعيش الشعبوية. أنا معي سبعين بالمائة، لا أنت معك عشر نواب، وهكذا دخلنا في صراع الأرقام حتى ضاع لبنان.
وأصلًا من أخبر أن هذه الأرقام ثابتة؟ مع وصول عون حصل على ما يقارب 76% من الأصوات المسيحية وخلال عامين فقط هبطت شعبيته إلى النصف، وفي عام 2009 لولا أصوات الشيعة لربح الانتخابات فارس سعيد على التيار الوطني الحر في جبيل.
اليوم وصلنا إلى ما وصلنا إليه، ولا يفيد البكاء على الأطلال. هذا البلد لن يستمر حتى لو ذكر في الكتب المقدسة، فالكتب المقدسة أيضًا ذكرت حضارات انقرضت، ولن يكون لبنان مخالفًا للسنن الكونية بالختام. شعب مثل الشعب اللبناني منقسم إلى ألف فئة، و2000 طائفة ومليون حزب، كيف يستمر؟
ودعاة الفيدرالية يكذبون على أنفسهم وعلى أتباعهم بأن الفيدرالية تجلب الاستقرار. أصلًا كل منزل في لبنان هو مُفدرل، بل أصبح كل منزل هو وطن قائم مستقل بحد ذاته. فالمواطن اللبناني يستمد الكهرباء من الطاقة الشمسية والمياه من الآبار الجوفية والمواصلات يدفع أغلى ثمن عرفته البشرية، أما التعليم فهو أغلى من جامعات السوربون، والاستشفاء أصبح بالعطارة والأحجبة أو يدعو الله إما يشفيه أو يموت على فراشه لأنه سيموت على ابواب المستشفيات.
ينقص كل مواطن لبناني أن يصمم علمه ونشيده ودستوره الخاص به، ويطالب الأمم المتحدة أن تعترف به كيان مستقل.
وبعد أن أصبحت الأكثرية السياسية من السنافر الذين يعملون اليوم بالسياسة وعندما تسمع كلامهم يتبادر إلى ذهنك كلمات فيلمون وهبي: “سنفرله على السنفريال سنفر سنفر يا سنفور.” “وسركيس سركسيان”.
ولم يكن ينقص لبنان المنقسم إلا اللجنة الخماسية المنقسمة على نفسها أيضًا، حتى يزيد الانقسام انقسامًا وقسمة ومقسومين على بعض. فالاسم الذي يطرحه الفرنسي يعارضه الأمريكي، والذي يعرضه الأمريكي يرفضه القطري، والذي يزوره القطري والفرنسي لا يزوره الأمريكي والسعودي، والذي يزوره السعودي لا يزوره الأمريكي.
حتى أصبحت اللجنة الخماسية تحتاج إلى لجنة لحل مشاكل تقريب وجهات النظر فيما بينها.
في الختام الشرح طويل لكن هذا البلد غير قادر على الاستمرار بهذه الطبقة السياسية. لذلك يجب الاستفادة من قدرات لبنان السياسية ومن رعيل برع في إدارة الأزمات، وخاصة أن هذه الشخصيات هي شخصيات وطنية، وإن كان الشعب لا يحبها لأن الشعب اللبناني يبدو أنه يحب الذي يضحك عليه. ولكن في الأمور المصيرية لا ينفعنا غالبية المهرجين في السياسة والإعلام. ونحن اليوم أمام واقع صعب للغاية. لا نريد الوسيم لأن الجمال لا يطعم، ولا الغني الذي لم يتعلم العطاء، ولا البهلوان الذي يقفز من حبل إلى حبل مثل القرد.
وبعيدًا عن منصب الرئاسة، لكن بالفعل البلاد بحاجة إلى رجال دولة مثل فارس بويز الذي نجح بعمله الوطني في أصعب الظروف وأحلكها. هذا الرجل المتمرس والمخضرم في السياسة والذي اعترف الجميع بقدراته غير الطبيعية في حلحلة الأمور، وإيجاد الحلول، ورسم الاستراتيجيات.
نحن بحاجة إلى وزراء مثل عصام أبو جمرة الذي خرج من ست وزارات ونيابة رئاسة الحكومة مرتين وهو لا يملك إلا معاشه التقاعدي من الجيش، وسيارة ثمنها 2000$ وعفش منزل لم يتغير منذ السبعينات.
حتى مثل مصطفى بيرم هذا الوزير القادم من الطبقة الكادحة، والذي يرتدي بدلة رسمية من الأسعار الشعبية.
وأمثال فيصل كرامي الذي أوصاه والده كما أوصاه الشهيد رشيد كرامي، أن آل كرامي بأي منصب كانوا أو حتى خارج الدولة محرم عليهم أخذ مشروع واحد من الدولة أو التدخل أو التوسط لشركة أو حتى متعهد لتزفيت طريق، وأن كل أموال الدولة بأي طريقة أو تحت أي فكرة أو مسوغ ممنوع الاقتراب منها، آل كرامي يصرفون من جيوبهم بحال أرادوا القيام بعمل عام.
حتى وزراء القوات نحن بحاجة لامثالهم، والجميع يعرف ان الدكتور جعجع الذي اعترف الجميع بزعامته المسيحية انه في اللحظة المناسبة سيتخذ القرار مع ابناء بلده رغم اعتراضه او معارضته لبعض الامور، وما قاله الوزير سليمان فرنجية كان بقمة الصدق والشفافية، لكن بالختام جميعنا بمركب واحد، يتخذ قرار يتخذ قرار فيما يتعلق بتقريب وجهات النظر والتحالفات، وانا اول واحد اطالب فيه رئيسا للجمهورية بعد انتهاء رئاسة سليمان فرنجية، والوزير فرنجية كان صادقا بكل ما قاله، واليوم الجميع يعترف بان الدكتور جعجع الاكثر تمثيلا للمسيحيين.
يجب ان نمتلك الشجاعة والتضحية والتخلي عن الانا او اقله خلق معادلات جديدة للانتقال الى 2030 بعمل وطني جبار وكبير، يندمج فيه الجميع لان الوطن بحاجة الى الجميع، بعيدا عن كل هذه الصراعات السياسية، وكما اقتتالنا على السماء افقدنا الارض من تحت اقدامنا، كذلك صراعنا السياسي سيفقدنا لبنان.
والدكتور جعجع ركن اساسي وقد اثبت انه لا يتراجع ابدا، وعندما بدا باخراج النازحين السوريين بما يتطابق مع القانون اللبناني، اليوم تقريبا فرغت المناطق التي يتواجد فيها القوات من اي نازح سوري،
وهناك وزراء شرفاء كثر، وشخصيات اقتصادية وعلمية مختصة بمجال عملها تعمل وتطرح وجهات نظرها، يجب ايصالها الى السلطة والاستفادة من تجاربها وخبراتها، او علاقاتها والدولية، يجب خلط الاوراق، غالبية الطقم السياسي اليوم لا يمكن التعويل عليه خاصة انه دوليا اصبح مرفوض، وهو منفصل عن الواقع الشعبي، يعيش هاجس الصراع ولعبة الارقام، ويقاتل للبقاء في السلطة، لا يقاتل من اجل خدمة الوطن.
نحن اليوم نحتاج الى وزراء ونواب برتبة عمال للنهوض بالوطن، اما الوزراء والنواب برتبة الزعماء، لا الوطن ولا الشعب ولا حتى البنك الدولي قادر يلحق على مصروفهم وحاشيتهم ومرافقيهم.
يا شعب لبنان عليك بالتظاهر اذا اردت العيش وابعاد شبح الحرب، واذا الساسة لم يتفقوا فيما بينهم اذا لتكون هناك حكومة عسكرية تضم امثال هؤلاء الوزراء، لتنقذ ما يمكن انقاذه، قبل فوات الاوان.
يا شعب لبنان، لبنان بعد الحرب هذه لن يكون كما كان لبنان قبل الحرب.
والقرار لكم.
٢٧/٦/٢٠٢٤
بعد وصول المناشير إلى بعض المناطق اللبنانية تطالب الشعب اللبناني بمغادرة لبنان لأنه أرض إسرائيلية، بدأ التداول بمقال قديم
“خلاصة المقال” أن الكيان الإسرائيلي وحكومته في فلسطين المحتلة وفي العالم لن يستطيع بناء هيكل سليمان إلا في حال كان تحت سلطته قبر حيرام في صور.
لانه في الديانة الإسرائيلية، لا تكتمل مملكة إسرائيل إلا بوجود قبر حيرام تحت سلطتها الدينية والعسكرية. لذلك، المقاومة حتى هذه اللحظة لا تدافع فقط عن لبنان، بل تؤخر قيام الحكومة العالمية التي ستلغي كل الدول وتقهر وتستعبد كافة الشعوب.
*المقال*
الشيعة والموارنة وأسباب زوال لبنان، وأسرار العلم اللبناني حسب الرواية التلمودية
*بقلم ناجي أمّهز*
لبنان انتهى، فالدول عبارة عن شعب وماء وأرض، وللأسف الشعب اللبناني هو عبارة عن قبائل طائفية تتسابق لتنتزع حصتها من قطيع خراف أصبح هزيلاً، “فلا لحمه يشبع ولا صوفه يدفي”. والقبائل لم تبنِ في السابق دولاً ولا في الحاضر ولا حتى في المستقبل.
أما الماء فهو عبارة عن المال الذي يجنيه الفلاحون والعمال بعرق جبينهم وكد يمينهم، ويقتطعون منه القليل إما لله أو للدولة التي تعمل على رعايتهم وحمايتهم وتطوير سبل الحياة والأمان. وللأسف، هناك زمرة سرقوا المال وأوقفوا العمال عن العمل وأغلقوا المصانع وحرقوا المحاصيل، فلم يبق إلا أرض صحراء لا تصلح للحياة.
مشكلة لبنان ليست بتشكيل حكومة أو مصالحة بين فلان وعلان، بل بعقلية الحطاب الذي كان لديه شجرة تفاح تؤتيه أكلها، فأراد أن يبني معبداً يعبد الله فيه، فقطع شجرة التفاح وصنع منها معبداً يدعو الله فيه أن يرزقه التفاح.
الدول ليست دساتير ونواميس ونفط وغاز وقوة، الدول هي برجالها الذين يصنعون الغد ويبنون المجد ويحفرون بالصخر الصم عظمة الحياة التي نأتيها مرة ونخرج منها مرة، إما نحيا أعزاء مكرمين وإما نكون مجرد عبيد نخسر الدنيا والآخرة، لأن الله لا يدخل العبد الجنة، لأن العبودية لغير الله كفر وشرك، ونحن في لبنان نعبد ألف رب ورب.
لبنان لن ينهض دون مسيحية سياسية وطنية تشمر عن سواعدها وتتوجه نحو الغرب رافعة صوتها بأن لبنان الذي ذكر في التوراة والإنجيل، هو كل لبنان، ليس فقط جبل لبنان. وقد قال موسى: “الرب إلهنا قد تكلم في حوريب فقال لنا: كفتكم الإقامة في هذا الجبل. فتحولوا وارحلوا وادخلوا جبل الأموريين كل ما في جواره: العربة والجبل والسهل والنقب وساحل البحر، أرض الكنعانيين، ولبنان، إلى النهر الكبير، نهر الفرات. انظر: إني جعلت الأرض أمامكم، فادخلوا ورثوا الأرض التي أقسم الرب لآبائكم إبراهيم وإسحق ويعقوب أن يعطيها لهم ولنسلهم من بعدهم” (تثنية الاشتراع).
وعلم لبنان بخطين أحمرين وشعار الأرز بالنسبة للتلموديين ليس إلا طريق الدم الذي يمتد من شليم في فلسطين إلى قبر حيرام أبي في صور، حيث ينحرون البقرة الحمراء ويتعمدون بدمها وينقلون الأرز لبناء الهيكل المزعوم، ويحققون ما جاء بعلمهم الذي هو خطين من الماء ونجمة داود بوسطه.
وأنا الشيعي أخاطب المسيحيين الذين يعتبرونني كأحد أبنائهم، وقد قال لي كل الاحترام الراحل البطريرك صفير، عندما التقيته عام 1997، أنهم لا يريدون لجيلكم أن يحيا حياة كريمة لأنكم خبز هذا الوطن وخميرته. وقال الأب الدكتور أنطوان ضو إن ناجي أمّهز يعرف بالسياسة المارونية أكثر من كثيرين من الموارنة أنفسهم، لأنني تربيت بين النخبة المسيحية التي كانت تحرك العالم دون أن تتحرك والتي علمتني كل شيء. ومن هذه المعرفة أقول لكم لا يجوز أن تحملوا الشيعة كل ما يجري، فهم إذا ذهبوا إلى إيران، لأن السلف التكفيري في العالم العربي والإسلامي عمل على قتلهم، كما أن الغرب لم يتبناهم أو يدعمهم. أخبرني الأستاذ جوزف خباز وهو يقرأ لي من كتاب خط باليد باللغة الفرنسية أن شيعة لبنان لا طموح سياسي لديهم، مع أنهم لا يحبوننا (الفرنسيين) وهم مستعدون أن يعملوا من الفجر حتى المغيب، رافضين الانضمام إلى قواتنا (الجيش الفرنسي) مع أنه الأجر أكبر والعمل أقل. هذه حقيقة الشيعة، وقد سمعت من أحد السفراء الكبار الراحلين، الذي قال تواجدت بأحد المجالس التي كانت مليئة بالأخوة الصافية، حيث قص علي أحد رجال الأعمال من تركيا، بأن الفئة الوحيدة التي لم تجد فيها السلطنة العثمانية من يرتدي “الطربوش” هم الشيعة، فقد هجروا من أراضيهم وخسروا أرزاقهم، ومع ذلك لم يتغيروا، لأن لا طموح سياسي لديهم.
وحتى يومنا هذا لا يوجد طموح سياسي عند الشيعة والدليل أنهم كما قاتلوا بالأمس أقوى قوة وهي السلطنة العثمانية وثاروا على الانتداب الفرنسي ولم يحصلوا على شيء، اليوم يقاتلون أقوى قوة عرفتها البشرية وهي أمريكا ومن معها، وأيضاً لا يريدون شيئاً، بينما البقية حصلوا على كل شيء.
وأنتم تعلمون أنه دولياً، ليس من يشكل الفرق هو نائب بالزائد أو وزير بالناقص، ولا التعداد السكاني، لأن لعبة الدول لا تقوم أبداً على مثل هكذا قراءات. والشيعة كم عمرهم السياسي؟ عقدين أو ثلاثة عقود، بينما المارونية عمرها بالسياسة من أيام البيزنطيين.
دعونا نتحدث بهدوء ونبحث عن الحلول، وأنتم تعلمون أن شيعة لبنان، لو سلموا سلاحهم حتى سكاكين المطبخ، فإن النظام العالمي لا يريدهم ولن يتركهم أحياء، لأنهم ليسوا في سلم المتنورين، ويجب معاقبتهم كما عاقبتهم السلطنة العثمانية التي طردتهم من قراهم، وكما حرمهم الفرنسي بموافقة الإنجليزي من أقل الحقوق حتى يومنا هذا، واليوم أمريكا ومن معها تريد معاقبتهم لأنهم انتصروا على المحتل الإسرائيلي في جنوب لبنان، ليكونوا عبرة لمن اعتبر ولكي لا يحاول أحد بعدهم أن يقوم بالمقاومة أو يعترض على النظام العالمي (السيستم). كما أن الإسرائيلي لن يكون قادراً على بناء هيكله إلا إذا احتل صور أو ضمن أنه قادر أن يصل إلى قبر حيرام فيها، لينحر بقرته الحمراء. وبما أن الشيعة لن يسمحوا بأن تحتل قراهم مرة أخرى فإن التصادم قادم. إذاً منطقياً، الشيعة غير قادرين على تسليم سلاحهم، حتى لو حصلوا على كل ضمانات العالم، وقد شاهدنا كيف تعامل العالم مع من خرج عن سيطرته، والنازية أكبر دليل فهم طاردوهم وقتلوا كل نازي، حتى الذي لم يعثروا عليه شطبوه من السجلات المدنية وصادروا كل ممتلكاته.
وإن كنتم تريدون لبنان من دون الشيعة، إذاً أعلنوا عن لبنانكم الذي وعدتم به، بأن يكون الجنة تطبيقاً للمثل القائل “نيال مين قله مرقد عنزة بجبل لبنان”. ولكن قبل الذهاب للأخير، تذكروا بخشوع كم تشابكت أيدينا عند القديسين، وحاولوا ولو للمرة الألف أن تبقى يد يسوع ممدودة خاصة أنه لم نتقاتل يوماً وعلى مر التاريخ.
ولبنان دون شيعته لن يكون لبنان. إذاً مشكلة لبنان ليست فقط أنه خسر أمواله بل لأنه خسر رجاله القادرين على النهوض من جديد مثل طائر الفينيق لأجل لبنان.
ليس كل ما يُعرف يُقال#
ناجي أمّهز
٢٨/٦/٢٠٢٤
مجد لبنان الذي سرقه الصليبيون من الدروز وأعطوه لغيرهم
بقلم ناجي أمّهز
في هذا الزمن، أصبحت الفلسفة أن تكون فيلسوفًا بجمع المال، ولدي صديق يتبنى هذا المذهب الفلسفي. أحيانًا ينتقدني حزنًا على حالي وأنا أتنقل بالتوكتوك، بينما آلهة الأرض يتنقلون بالسيارات الفارهة. يصرخ في وجهي: “لماذا لا تجمع المال؟”، فأخبره بمعزوفة أن الفقراء يدخلون الجنة. فيزيد صراخه: “ومن أخبرك بأن الفقراء سيدخلون الجنة؟”.
نعم، جميعنا يبحث عما ينقصه في اللاوعي الكامن في غياهب عقله. وعندما تعيش بين النخبة الحاكمة عالميًا، يصبح العالم أمامك صغيرًا للغاية وتافهًا، حيث تستطيع أن تشاهده ببساطة مطلقة ودون أي تعقيدات.
قبل عقدين أو أكثر، لم يكن الموارنة يبحثون عن المال؛ ربما كانت الأولويات مختلفة وأهم وأعظم، أو ربما لوفرته في تلك الحقبة، حيث كانت الجلسة الفكرية التي تضم حديثًا فلسفيًا تستقطب النخبة. يجلس الجميع لساعات طويلة بصمت مخيف، الجميع يصغي وكأن الكتب على رؤوسهم يخشون أن يحركوا رؤوسهم فيسقط الكتاب.
وعندما تتعلم فلسفة الحياة، تكرر في نفسك المثل الشهير: “روما من فوق غير روما من تحت”. لذلك، يصبح من الصعب جدًا أن يؤثر على عقلك ضجيج الصراع بين الزواريب والأزقة الصغيرة للغاية.
في تلك الجلسات، كان الحديث يشبه سحر الشرق، والتفكير والبحث خارج الصندوق. يقول أحدهم: “إذا كانت غالبية المسلمين خلال 1400 سنة ما زالوا يبحثون في دينهم، يعني أنه بعد 1400 سنة أخرى سيستمر البحث، مع أن النبي واحد والقرآن واحد. إذا كانت آية واحدة من الله وهي القرآن وأحاديث النبي تحتاج منا للبحث ما يقارب 4000 سنة، ألا يستحق منا هذا النظام البشري المعقد بأنماط الحياة والتنوع بأديانه وثقافاته أن نبحث فيه أيضًا لآلاف السنوات القادمة؟”
يدور البحث في إحدى الجلسات عن الفضل للمواطن اللبناني السوري جورج ضو في عام 1914، الذي فرض على الحكومة الأمريكية أن تمنح الجنسية من الدرجة الأولى لكل مواطن قادم من لبنان وسوريا، سواء كان مسلمًا أو مسيحيًا أو حتى يهوديًا. حيث وافق القاضي بناءً على قضية سابقة وعلى تقرير ويلنغهام للجنة الهجرة، الذي وجد أن السوريين ينتمون إلى الفرع السامي للعرق القوقازي، وكانوا من دم سوري وعربي ويهودي مختلط، وليس من العرق المنغولي لحكامهم الأتراك أنفسهم.
قبل عام 1914، كانت الجنسية الأمريكية من الدرجة الأولى تُمنح فقط لبعض المسيحيين. وأشهر هذه القضايا هي قضية الشرطي جورج شيشم، وهو من أصول لبنانية.
يدور النقاش في هذه الجلسة حول عدد كبير من الآباء المؤسسين لأمريكا، الذين كانوا أعضاء في درجات عالية في الماسونية، مثل جورج واشنطن، وبول ريفر، وجوزيف وارين، وجون هوك، ممن وقعوا على إعلان الاستقلال. تأثروا بالدستور الماسوني، حتى أن تصميم هيكل الدستور تم وفقًا للعقيدة الماسونية للقوانين والحقوق الأساسية. وقد استخدم النظام الفدرالي الذي نص عليه الدستور التنظيم الذي تقوم عليه لائحة المحفل الماسوني الكبير. وهذا يعني أن الفضل الكبير لبناء أمريكا كما بناء أوروبا المتنورة يعود للبنان، الذي منه انطلقت الماسونية إلى العالم وهي التي تحكم العالم.
ويكمل النقاش:
ولكن علينا أن لا ننسى أن أصل وجود القوة السياسية والمجتمعية المعرفية في لبنان يعود لأهل الحكمة، للعائلة الموحدة في لبنان، وهم إخواننا الدروز، الذين أُعطي لهم ليس مجد لبنان فقط بل مجد العالم لمدة تجاوزت 200 عام قبل أن يجلس الموارنة في صدر النظام العالمي.
ولولا حكمة ومعرفة العشيرة الدرزية الموحدة، لما كان لبنان يحلم يومًا بأن يحصل على لقب أمير. ولكن الدرجة 22 من العهد الإيكوسي والرابعة في الفلسفي، هي التي أحكمت على سلاطين العالم في الغرب أن ينحنوا أمام الحكمة الموحدة وأسرار المعرفة وأن يُمنح لبنان لقب أمير.
حتى البعد العربي في أوطاننا، منذ 700 عام وقبل وجود أي ملامح للملامح العربية الحالية، وعندما كانت نصف الأوطان العربية تعيش اللغات القديمة المختلفة، كان الموحدون الدروز يتحدثون اللغة العربية الفصحى ويقاتلون باسم العروبة ويحاربون الصليبيين باسم العروبة.
الصليبيون الذين انهزموا مرات ومرات أمام بضعة الآلاف القليلة من الموحدين، الذين كان يُقال عنهم إنهم يحملون الفأس الدرزي الموحد. وقد اعتقد الصليبيون أن الفؤوس التي يحملها الدروز تحتوي على أنواع من السحر.
هناك ترنيمة واناشيد حول حكمة تقول ” من يمتلك الفأس ينتصر على السيف مرات ومرات.
الموحدون الدروز هم الأشد خصومة للصهيونية، وكانوا الأشد عداوة للصليبية، قبل القرن الثامن عشر وقبل أن يغدر الصليبيون بأحد الحراس الكبار من الموحدين الدروز ويسرقوا منه أسرار الدرجة 22، لما انتقل لقب أمير لبنان من الدروز إلى غيرهم.
أول عدو واجه الصهيونية هو الدارس “الدروز كلمة مشتقة من دارس”. فاليهود قبل القرن التاسع عشر كانوا أقلية حتى لا يحلمون بأن يمتلكوا بلدية، وليس بلد. وكان تعدادهم لا يتجاوز المليون، ومشتتين بين أرجاء الدنيا.
لذلك، مجد لبنان هو في الحقيقة صناعة درزية قبل 300 عام، وما عُرف بمجد لبنان الجديد.
جاء في التاريخ الماسوني:
1736: حملوا معهم نفس الأسرار، التي انتقلت أيضًا معهم إلى فينيقيا؛ وكانت الكليات الإترورية والرومانية من جميع النواحي مثل تلك الموجودة على جبل لبنان. هؤلاء الحرفيون لديهم إشارات وكلمات يتعرفون بها على بعضهم البعض. وقد استمر إنشاء الكليات على جبل لبنان من قبل الدروز، الذين حصل منهم الصليبيون على معرفة بهذا الدرجة، ولا يكتمل الطقس لأي متنور يريد أن يتوج في أعلى السلم الهرمي إن لم يحصل على بركة الدرجة 22 (4) ويمر بها.
كي تكتشفوا ما لا يُقال، أترككم مع النص التاريخي الذي نشره وليد فارس، مستشار البيت الأبيض، وهو خلاصة تاريخية حقيقية تفسر لكم علاقة الموارنة بالغرب:
“تجزأ لبنان إلى اثنين، شمالي، بما فيه موطن المردة، حتى نهر إبراهيم، تابع لكونتيية طرابلس، وجنوبي تابع لمملكة القدس. وبينما التحم المردة مع الصليبيين، حاربهم عرب لبنان أو القبائل العربية المستوطنة، وتحالفوا طبيعيًا مع الحكم العربي في الشام ومصر. فبينما تآخى اللبنانيون مع الصليبيين، معتبرين أنهم من حضارة واحدة، وأنهم قدموا ليساعدوهم على استرجاع الشرق والحفاظ عليه، ارتبط الأرسلانيون والقبائل الأخرى بالحكم العربي الإسلامي، وتعاونوا ليطردوا العدو الصليبي الغربي الدخيل، ليؤدبوا مسيحيي الشرق لتعاملهم مع العدو ولمشاركتهم إياه في “احتلال” أراض عربية، كرّسها لهم الفتح منذ قرون، ووصفها بأنها عربية.. هنا أيضًا نرى أن كل فريق على أرض لبنان يتمسك بحق طبيعي ويقاتل لأجله، وتستمر حرب الطرشان، حرب حقيقتين بين شرعيتين لا تعترف واحدة بالأخرى…”
١/٧/٢٠٢٤يتم استخدام هذا المقال من قبل انصار الحزب الديمقراطي لتقليب الراي العام الامريكي على ترامب.
للتذكير فقط هذا المقال هو لناجي امهز وترجم الى العديد من اللغات وكتب عنه وحوله عشرات المقالات وهو يوزع يوميا
تحت عنوان ترامب يقول الحقيقة
Trump Tells the Truth
Summary of What Trump Said in a Direct Speech:
Ladies and gentlemen, today I have decided to tell you everything that is happening and where the world is heading amidst all the changes that have occurred over the past 400 years. You remember the year 1717, which marked the birth of the new world. You also remember that the first dollar was printed in 1778, and to dominate with this dollar, the world needed a revolution. Thus, the French Revolution occurred in 1789, a revolution that changed everything and turned everything upside down. With its victory, the world that had been ruled for 5000 years by religions and mythologies came to an end, and a new world order governed by money and media began, a world where there is no place for God or human values.
Do not be surprised that we are a sample of this new world order, a system that knows my nature devoid of human and moral values. I do not care if the wrestler dies; what matters to me is that the wrestler I bet on wins. Yet, this world order brought me to the presidency. I run gambling institutions, and today I am the president of the most powerful country. Therefore, moral standards no longer govern; what governs the world and human entities today are interests.
Our world order has worked patiently and tirelessly until we reached a point where the authority of the church ended, religion was separated from politics, and secularism came to confront Christianity.
Also, when the so-called Ottoman Islamic Caliphate fell, we even undermined the Jewish religion when we involved it in the world order. Today, most of the world hates Semitism, which is why we imposed a law to protect it. Without this law, Jews would be killed everywhere. Therefore, you must understand that there is no place for religions in the new world order. This is why you see all this chaos spreading from one end of the world to the other. It is a new birth, a birth that will cost a lot of blood, and you should expect the death of tens of millions around the world. As a world order, we are not sorry for this; today, we no longer have feelings or emotions.
Our work has turned into something akin to a machine. For instance, we will kill many Arabs and Muslims, take their money, occupy their lands, and confiscate their wealth. Someone might say that this contradicts the system and the laws. We will simply say to anyone who tells us this that what we do to the Arabs and Muslims is much less than what they do to themselves. Therefore, it is our right not to trust them because they are traitors and fools—traitors and liars.
There is a big rumor in the Arab world that America pays billions of dollars to Israel, and this is a lie. The ones who pay billions of dollars to Israel are the Arabs. Arabs give money to America, which in turn gives it to Israel. Also, Arabs are fools—fools because they fight sectarian wars, even though their language is one and the majority follow the same religion. Therefore, logic justifies their non-existence or presence. That is why you always hear me say that they must pay.
Our conflict with Iran is not because Iran attacked us; rather, we are the ones trying to destroy it and overturn its regime. We have done this with many countries and regimes. To remain the strongest in the world, you must weaken everyone.
I admit that in the past, we used to overturn regimes, destroy countries, and kill peoples under the guise of democracy because our concern was to prove to everyone that we are the world’s police. Today, there is no need to hide behind our finger. I tell you upfront, America has transformed from a police force to a company, and companies buy and sell. They side with those who pay more, and for companies to build, they always have to destroy. There is no place more prepared for destruction than the Arab world.
For example, what Saudi Arabia has spent on its war on Yemen is almost equivalent to what America spent on the Desert Storm War. What did Saudi Arabia achieve? In the end, they said they need our protection while they spend a million dollars on a missile to destroy a site or car worth a few thousand dollars.
I do not know where the elites are, nor do I want to know. I know that the arms factories are working. It does not matter to me who dies or who kills in that region. This applies to everyone. I will continue the project of controlling Arab oil because this control helps us maintain control over Europe, China, and Japan.
Moreover, there are no free peoples in the region. If there were, we would not exist. Therefore, we will not allow these peoples to awaken, nor will we allow any entity to stand in the way of our control over the region. That is why we put Iran before two choices: war or surrender. We imposed the toughest sanctions on them, leading us to a war that no one in the region will win. The only winner will be the new world order. To ensure this order wins, we will use everything we have achieved on all military, technological, and economic fronts.
٤/٧/٢٠٢٤
ماذا يحصل في بكركي، وهل تغير زمن الموارنة؟
بقلم ناجي أمّهز
من يتابع ما حصل خلال الأيام القليلة المنصرمة، يستشعر أن الموارنة فقدوا اتزانهم السياسي نهائيًا، حيث اعترض البعض على كلام الأستاذ وليد غياض الذي أكد أن البطريرك رفض إملاءات بعض السفراء الذين طالبوه بنعت المقاومة بالإرهابية. مع أن مثل هذا الكلام يمنحنا جميعًا الفخر والاعتزاز بدور بكركي الوطني والحاضن للجميع، ويضع اللبنانيين أمام حقيقة مجردة عارية انه بدل ان يقوم لبنان الرسمي والشعبي بالاعتراض والاحتجاج على قرار جامعة الدول العربية بوضع مكون لبنانيا على لوائح الارهاب ظلما فقط لانه يقاتل العدو الاسرائيلي، تجد بعض اللبنانيين وخاصة الموارنة يرفضون ان تقوم جامعة الدول العربية بازالة اسم هذا الفريق اللبناني عن لوائح الارهاب العربية، والتي غالبية الدول في جامعة الدول العربية لا تعرف الديمقراطية ولا حتى اقل معايير حقوق الانسان.
بدل ان يقوم الجميع برفع رايات بكركي عاليا وخاصة البطريرك الراعي الذي رفض الاملاءات الغربية والعربية، تجد بعض الموارنة يشنون حملات عنيفة وقاسية على بكركي لانها رفضت نعت مكون لبناني بالارهاب.
هل فعلًا هؤلاء هم الساسة الموارنة الذين كان يتغنى بحكمتهم السياسية الشرق الأوسط، أم أن المقولة التي تنطبق على غالبية الطبقة السياسية المارونية هي أن التحدث بالفرنسية أو الإنجليزية لا يعني أنك مثقف؟
عندما تجلس مع النخبة المسيحية من غير الطائفة المارونية وتسألهم عن تاريخ الساسة الموارنة، يقال لك: إنه حاضر أمامك. هناك فقط حزبان يمكن البناء عليهما في المارونية هما الكتلة الوطنية والشهابية.
الكتلة الوطنية يمكن اعتبارها ضمير لبنان الناصع البياض، لكن الكتلة الوطنية لم تنغمس بالسياسة، أي أنها بقيت حالة طوباوية، لذلك لا يمكنك أن تصفها بالحالة السياسية، فالسياسة هي وزارات أو أقلها صراعات لتحقيق نتائج سياسية، والعميد ريمون إدّه لم يحاول أبدًا أن يستخدم السياسة لتحقيق رؤيته لإنقاذ لبنان بل كان يقول رأيه ولا يتزحزح عنه.
أما الحالة الشهابية، فإن الرئيس فؤاد شهاب هو مؤمن بمسيحيته إلى أقصى الحدود ويعتز بمارونيته أشد الاعتزاز، لكنه كان عروبيًا وناصريًا أكثر من عبد الناصر نفسه. ورغم الاختلاف الشهابي والكتلاوي، إلا أن الاثنين جمعهما العداء المطلق لإسرائيل. بل حتى إرسال قائد الجيش العميد إميل البستاني إلى مؤتمر القاهرة، هو أن الجنرال البستاني كان أعد خطط حربية لقتال إسرائيل من بينها حروب المقاومة، لذلك قبل بانطلاق العمل المقاوم الفلسطيني من جنوب لبنان. ويبتسم هذا الرجل وهو ينظر إليّ ويقول بصريح العبارة: “الموارنة سبقوا الشيعة في مقاومة إسرائيل”.
أما ما تبقى، فإن أول تدخل أجنبي في الرئاسة اللبنانية هو عندما زحف الرئيس بشارة الخوري إلى الفرنسيين لتدخل من أجل الضغط لانتخابه رئيسًا للبنان. أما كميل شمعون فإنه أول رئيس في القرن التاسع عشر لدولة مستقلة يطالب دولة أجنبية باحتلال وطنه للقضاء على شعبه الذي يختلف معه في الرأي وفي بعض القناعات، وهذه السابقة كتب عنها الكثير.
أما التفويض الأمريكي للسوريين بحكم لبنان، فإنه حصل بموافقة الرئيس إلياس سركيس، وتم إلصاق التهمة بالرئيس سليمان فرنجية، مع العلم بأن براون طرح الفكرة على الرئيس سليمان فرنجية قبل نهاية ولايته، الرئيس سليمان فرنجية رفض فكرة التفويض المطلق، ووافق على دخول السوريين لدعم الدولة اللبنانية، وأن تكون القيادة للدولة اللبنانية. ومع انتهاء ولاية الرئيس فرنجية، حملت القيادة الأمريكية براون رسالة واحدة: إما يتم انتخاب رئيس للجمهورية يوافق على تفويض السوريين بإدارة لبنان إدارة مطلقة، ووقتها رفض العميد ريمون إدّه وأيضًا السياسي جان عزيز، وقبل إلياس سركيس، بل قال سركيس: “لا بديل عن منح السوريين تفويض مطلق بإدارة الأزمة اللبنانية”. فقال له براون مبتسمًا: “أتمنى لك إقامة هانئة في القصر”، أي أنه لا عمل لديك إلا أن تجلس في القصر بينما السوريون هم الذين يديرون البلاد.
أما انتخاب الرئيس بشير الجميل ووصوله إلى الرئاسة اللبنانية، فإنه حصل نتيجة اجتياح إسرائيلي دمر لبنان وكلف عشرات الآلاف من القتلى اللبنانيين. وبالختام اعترف بشير الجميل أنه بعد قتال دام 8 سنوات بمقاومة كانت محض مسيحية واليوم تحولت إلى مقاومة لبنانية: “لازم تقاتل كل محتل، قريب كان أو غريب”. وكانت تستوقفني عبارة بشير عندما يقول إنه “عمري 34 سنة”، وكأنه يعترف أنه بسبب عنفوان الشباب أخطأ في خياراته، خاصة أن الشيخ بيار الجميل كان يرفض العلاقة مع إسرائيل.
((كتب جوزيف أبو خليل: عرض رفائيل إيتان رئيس الأركان الإسرائيلي على بشير الجميل أن يكون الجنوب منطلقًا للكتائب في اتجاه الداخل اللبناني. اقتنع بشير بالأمر وأرسل 300 مقاتل إلى الناقورة، لكن بيار الجميل أمر بإعادتهم (ص 75). في أيام عملية الليطاني (14/3/1978)، زار بشير الجميل إسرائيل لاستطلاع حدود العملية. وفي حرب المائة يوم مع السوريين، التي بدأت في تموز/يوليو 1978، كان بشير يعتمد على استدراج تدخل إسرائيلي ضد السوريين (ص 84). أصبحت سوريا هي العدو، كما الوجود الفلسطيني، و”لم يبق إلا إسرائيل نستعين بها” عليهما معًا (ص 89). غير أن بيار الجميل وابنه أمين كانا متحفظين إزاء العلاقة بإسرائيل (ص 90).))
أما الجنرال ميشال عون وحلم الوصول إلى الرئاسة عام 1988 والتي أدت إلى اقتتال مسيحي-مسيحي هجّر ما بقي من طبقة وسطى من لبنان، وبعدها إلى اقتتال مع السوري أدى إلى سقوط ما عرف بمنطقة الشرقية ودمارها، يعني بسبب السياسة المارونية والرئاسة المارونية أصبحنا بين احتلالين: احتلال سوري واحتلال إسرائيلي (هذا الحديث عام 1997).
ويقال مجد لبنان أعطي للموارنة، “المجد لربنا في السماء”. لبنان كان تحت الانتداب الفرنسي، والفرنسي عندما قرر مغادرة لبنان، وكما أي دولة كبرى يريد أن يحافظ على امتداده، منح كافة السلطات لمن توافق عليه الإرساليات المسيحية التي كانت منتشرة منذ عام 1800، وقد خرّجت عددًا كبيرًا من البطاركة والمطارنة والكهنة، وأعطت لبنان نخبة من الأدباء الذين لعبوا دورًا رياديًا.
ولو كان الانتداب الفرنسي مسلمًا وأعطى المسلمين في لبنان كل الصلاحيات، فأين هذا المجد الذي سيفتخر فيه المسلم؟ والانتداب الإنجليزي عرض على اليهود منحهم الرئاسة والصلاحيات المطلقة كما فعل الفرنسيون في لبنان، والمسلمين الحكومة، وما تبقى من مسيحيين في فلسطين مجلس النواب، لكن اليهود رفضوا هذا الأمر لأن حلمهم هو السيطرة على المنطقة.
لذلك نحن اليوم عندما نسمع بأن غبطة البطريرك رفض الإملاءات الخارجية من دول عربية وأجنبية طالبته بنعت حزب الله بالإرهابي، هذا يدفعنا بأن نزحف جميعنا إلى بكركي أو الديمان ونهتف حقيقة للبطريرك الذي يرفض أن يمس أي أجنبي بأحد من شعبه.
نهتف للبطريرك الذي هو كل المجد معه وله، هذا المجد الذي يمنحه الشعب اللبناني. اليوم عندما يقف البطريرك بوجه سفراء أمريكا وبريطانيا وبعض الدول الخليجية، ويقول لهم أرفض ما تطرحونه عليّ كي أنعت حزب الله بالإرهابي، حتماً هذا هو مجد لبنان.
وأيضاً نتمنى على بقية الأحزاب المسيحية التي تعتز بأنها منسجمة مع طروحات بكركي والكنيسة أن تنحو هذا النحو، وترفض كل ما تمليه عليها السفارات، لأنه في الختام هذه الدول تحرض على زعزعة استقرار لبنان.
كما يجب على الشعب التظاهر للاعتراض على التدخل السافر من قبل هذه الدول وتحريض اللبنانيين على بعضهم البعض، وطرد كل سفير استغل منصبه من أجل إشعال نار الفتنة والتقسيم وتحريض اللبنانيين على الاقتتال فيما بينهم، خدمة للعدو الإسرائيلي.
ويجب تقديم دعاوى في الأمم المتحدة وخاصة ضد سفراء الدول العربية التي تتجاوز القانون الدولي بتحريض اللبنانيين على بعضهم البعض، كما يجب على جامعة الدول العربية التحرك سريعًا، وتبيان كيف يقوم بعض السفراء العرب بانتهاك مواثيق جامعة الدول العربية، التي تحث على الوحدة وصون الأوطان العربية.
كما يجب أن يتم في الداخل اللبناني فتح المحاكمات بتهمة الخيانة العظمى لكل من يثبت دوره في تحريض اللبنانيين على بعضهم البعض أو السير بمخططات الدول العربية والأجنبية التي تحرض على الاقتتال داخل لبنان.
٦/٧/٢٠٢٤
الغرب يسوّق لإيران ويعترف بأن إيران بلد الديمقراطية والحريات
بقلم ناجي أمهز
إيران الأمة العظيمة جدًا، ذاك الشعب الأبي الذي لا تهزمه أو تنال منه كل قوى الشر العالمية. إيران الثورة الإسلامية هي ملكوت الله على الأرض، بقيادة الإمام القائد السيد علي الخامنئي دام ظله الشريف، حيث رفع شعبها يده عاليًا بنداء “يا مهدي”، وفي اليد الأخرى رفع رايات الحق والعدالة الاجتماعية والإنسانية، التي تعلموها من مدرسة الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام.
بالأمس، بينما كان العالم العربي والإسلامي غارقًا في بحر الظلمات من ديكتاتوريات وعائلات حاكمة، وتخلف وخنوع وخضوع لم تعرف له البشرية مثيلًا، كانت الأمة الإيرانية تتقدم بخطوات ثابتة نحو الحرية الفردية، واحترام القانون والدستور.
بينما في العالم العربي والإسلامي لا تستطيع أن تنتخب بوابًا، وبحال انتخبت رئيسًا أو ملكًا فإنه يبقى حتى بعد وفاة الشعب بأكمله، كانت إيران تنتخب رئيسها الجديد خلفًا للرئيس الشهيد الذي استشهد أثناء القيام بمهامه الرئاسية تجاه وطنه وقضايا المنطقة.
إيران الحرة التي لا يوجد على أراضيها أي قوى غريبة حليفة أو غير حليفة أو حتى قاعدة عسكرية واحدة، أو لها شبر واحد من ترابها محتل من أي عدو خارجي، أو عليها دين لأي دولة، تريد أن تدافع عن العرب والمسلمين وأن تحرر فلسطين.
بينما غالبية العالم العربي والإسلامي يدفع أكثر من نصف دخله القومي للدول الغربية كي تبقيه في الحكم، كما يدفع مليارات الدولارات للقواعد الأمريكية والبريطانية وحتى الفرنسية، إضافة إلى مبالغ خيالية لا يمكن حصرها تدفع للكيان الإسرائيلي من أجل الرضا عليه، ومع ذلك تجدهم منبطحين أذلاء خانعين مرعوبين خائفين حتى من قول كلمة واحدة أمام سيدهم الأمريكي.
إيران التي تنتج وتصنع كل ما تريده من حبة الدواء إلى الصواريخ البالستية العابرة للقارات والأقمار الاصطناعية، تجد شعبها في قمة التواضع والعمل الجاد، والإنتاجية، واحترام المواعيد، إضافة إلى قدرة عالية على الصبر والتحمل والتسابق في التضحية والتفاني من أجل وحدة وعزة وسيادة وحرية واستقلال إيران، بصورة لا يوجد لها مثيل بين شعوب العالم.
بالمقابل تجد غالبية العرب والمسلمين الذين يستوردون حتى الثياب الداخلية من الصين، يعيشون الاستعلاء والغباء، والتبذير، والحقد والكراهية لكل شيء، ومن شدة عنجيتهم وغلظة طباعهم وضحالة أفكارهم، يكرهون حتى الشعب الفلسطيني ويدافعون عن المجرم الإرهابي الإسرائيلي.
بينما ايران وحلفائها وفي مقدمتهم حزب الله يدافعون عن الشعب الفلسطيني ويقاتلون المجرم نتنياهو،
كان بعض العرب وخاصة ما يعرف بالابواق يحرضون على ايران وحزب الله وحماس.
وعندما انتفضت وتظاهرت النخبة الثقافية والعلمية والأكاديمية في أمريكا وأوروبا، واعرق الجامعات ضد إجرام نتنياهو وحكومته، خرج بعض العرب يرسلون المواد الغذائية لحكومة نتنياهو وبعض مشايخ التكفير اخذت تدافع عن إجرام إسرائيل بحق الأطفال والنساء، وتحرض الارهاب التكفيري على المتظاهرين في تلك الدول.
إيران التي أجرت الانتخابات الرئاسية في جو كبير من الديمقراطية، فرضت على الغرب أن ينشر آلاف الصور لهذه الانتخابات الحرة والنزيهة التي فاز بها الإصلاحي مسعود بزشكيان في الجولة الثانية من انتخابات الرئاسة على المحافظ سعيد جليلي.
نعم، لقد سوق الغرب لديمقراطية إيران رغمًا عنه، وغدًا سيتغير المشهد العالمي، الذي عليه أن يقرر ما بين ديمقراطية وعدالة إيران، وما بين بعض الدول المارقة وفي مقدمتهم الكيان الإسرائيلي الذي ارتكب أبشع جريمة عرفتها البشرية.
سلام على إيران الإسلام الرائع الذي تحتاجه البشرية لتعيش بسلام.
سلام على إيران الثقافة والأدب والموسيقى والشعر والصوفية.
سلام على إيران العشق والاحترام والحرية بإنسانيتها وتقاليدها الراقية.
سلام على إيران الجميلة بطبيعتها وطبيعة شعبها.
سلام على إيران، وألف سلام للقائد الإمام الخامنئي إمام الإسلام.
٢١/٧/٢٠٢٤،
مقال ناجي امهز يتحول الى مذهب يدخل صاحبه الجنة على زعم الدكتور محمد بن عبدالرحمن العريفي
*يوزع عبر الواتس اب مقال عن ترامب*
*الرجاء هذا المقال الذي يوزع باكثر من لغة وحتى في الولايات المتحدة الامريكية على انه لترامب، هو ليس لترامب، هو مقال كتب من مخيلة الكاتب ناجي امهز، الفه، اخترعه، يعني ليس ترامب قال هذا الكلام.*
Trump Tells the Truth
Summary of What Trump Said in a Direct Speech.
🤫هام وخطير جدا🤫
دونالد ترامب يتحدث :-
بصراحة يغبطه عليها غيره رغم وقاحته ونذالته وعدوانيته، ترفع له القبعة لصراحته في هذا الحديث
بمنتهى العقلانية ووقار العقلاء تعالوا نتعرف على تصريح ترامب الواضح والمرعب. عسى أن نفيق من كبوتنا ونكف عن التناحر والاقتتال فيما بيننا.
ملخص ماقاله ترامب في حديث مباشر :
> أيها السادة : اليوم قررت أن أخبركم بكل ما يجري والى اين يتجه العالم في ظل كل المتغيرات الذي حصلت طيلة (400) عام، تذكرون عام 1717 الذي كان ولادة العالم الجديد .. وتذكرون ان اول دولار طبع عام 1778 ولكي يحكم هذا الدولار $،
كان العالم بحاجة الى ثورة فكانت الثورة الفرنسية عام 1789، تلك الثورة التي غيرت كل شئ، وقلبت كل شئ ومع انتصارها انتهى العالم الذي كان محكوماً طيلة 5000 سنة بالاديان والميثولوجيات، وبدأ نظام عالمي جديد يحكمه المال والإعلام .. عالم لا مكان فيه للقيم الإنسانية ..
لا تستغربوا أننا عينة من هذا النظام العالمي الجديد، هذا النظام يعرف طبيعة عملي الخالي من القيم الإنسانية والاخلاقية، فأنا لا يهمني ان يموت المصارع، مايهمني هو أن يكسب المصارع الذي راهنت عليه، ومع ذلك أوصلني النظام العالمي الى الرئاسة، أنا الذي أدير مؤسسات للقمار، وأنا اليوم رئيس أقوى دولة، اذاً لم تعد المقاييس الأخلاقية هي التي تحكم، الذي يحكم اليوم العالم والكيانات البشرية هي المصالح .
لقد عمل نظامنا العالمي بصبر ودون كلل، حتى وصلنا الى مكان انتهت معه سلطة الكنيسة، وفصل الدين عن السياسة وجاءت العلمانية لمواجهة المسيحية .
وأيضاً عندما سقطت ما سميت بالخلافة الإسلامية العثمانية وحتى الديانة اليهودية، أسقطناها عندما ورطناها معنا بالنظام العالمي، فالعالم اليوم بغالبيته يكره السامية، لذلك نحن قمنا بفرض قانون يحمي السامية، ولولا هذا القانون لقتل اليهود في كل بقاع الارض. لذلك عليكم ان تفهموا ان النظام العالمي الجديد لا يوجد فيه مكان للأديان، لذلك انتم تشاهدون اليوم كل هذه الفوضى التي تعم العالم من اقصاه الى اقصاه، انها ولادة جديدة ولادة ستكلف الكثير من الدماء، وعليكم ان تتوقعوا مقتل عشرات الملايين حول العالم، ونحن كنظام عالمي غير آسفين على هذا الامر، فنحن اليوم لم نعد نملك المشاعر والاحاسيس .
لقد تحول عملنا الى ما يشبه الآلة .. مثلاً سنقتل الكثير من العرب والمسلمين، ونأخذ اموالهم ونحتل اراضيهم، ونصادر ثرواتهم، وقد يأتي من يقول لك ان هذا يتعارض مع النظام والقوانين، ونحن سنقول لمن يقول لنا هذا الامر، أنه وبكل بساطة إن ما نفعله بالعرب والمسلمين هو أقل بكثير مما يفعله العرب والمسلمون بأنفسهم، إذاً نحن من حقنا ان لا نأمن لهم، لأنهم خونة وأغبياء .. خونة وكاذبون .
هناك إشاعة كبيرة في العالم العربي بأن امريكا تدفع مليارات الدولارات لإسرائيل وهذه كذبة، فإن الذي يدفع لإسرائيل مليارات الدولارات هم العرب .. فالعرب يعطون المال لأمريكا التي بدورها تعطيه لإسرائيل، وأيضاً العرب أغبياء .. أغبياء لأنهم يتقاتلون طائفياً، مع العلم ان لغتهم واحدة والغالبية من نفس الدين اذاً المنطق يبرر عدم بقائهم أو وجودهم، لذلك تسمعونني أقول دائماً، بأن عليهم أن يدفعوا ..
أما صراعنا مع إيران ليس لان ايران هي التي اعتدت علينا، بل نحن الذين نحاول ان ندمرها ونقلب نظامها، وهذا الأمر فعلناه مع الكثير من الدول والانظمة، فأنت لكي تبقى الاقوى في العالم عليك ان تضعف الجميع .
انا اعترف انه في ما مضى كنا نقلب الانظمة وندمر الدول ونقتل الشعوب تحت مسميات *الديمقراطية، لأن همنا كان ان نثبت للجميع اننا شرطة العالم، أما اليوم لم يعد هناك داعي للإختباء خلف إصبعنا، فأنا أقول امامكم لقد تحولت أمريكا من شرطة الى شركة، والشركات تبيع وتشتري وهي مع من يدفع أكثر، والشركات كي تبني عليها دائماً ان تهدم، ولا يوجد مكان مهيأ للهدم اكثر من الوطن العربي ..
مثلاً ان ما صرفته السعودية في حربها على اليمن تقريباً يعادل ما صرفته أمريكا بحرب عاصفة الصحراء، وماذا حققت السعودية، في الختام قالت إنها بحاجة لحمايتنا، في الوقت الذي تدفع فيه مليون دولار ثمن صاروخ لتدمر موقعاً او سيارة لا يتجاوز ثمنها بضعة آلاف الدولارات ..$
لا أعلم أين النخب، ولا اريد ان اعرف، فأنا اعرف بأن مصانع السلاح تعمل، لا يعنيني من يموت ومن يقتل في تلك المنطقة، وهذا الامر ينطبق على الجميع، فأنا سأستمر بمشروع السيطرة على النفط العربي، لأنه هذه السيطرة تساعدنا في استكمال السيطرة على اوروبا والصين واليابان ..
*ثم إنه لا يوجد شعوب حرة في المنطقة، فلو وجدت لما وجدنا نحن، لذلك لن نسمح بإيقاظ هذه الشعوب، كما لن نسمح لأي جهة كانت الوقوف في وجه سيطرتنا على المنطقة، لذلك وضعنا إيران أمام خيارين .. إما الحرب وإما الإستسلام، وفرضنا عليها أقصى العقوبات التي ستوصلنا الى الحرب التي لن يربح فيها أحد في المنطقة، بل سيكون الرابح الوحيد هو النظام العالمي الجديد، ولكي يربح هذا النظام، سنستخدم كل ما توصلنا اليه وعلى كافة الصعد العسكرية والتكنولوجية والإقتصادية
*(كل من يقرأ هذا الموضوع فلينشره للفائده والتبصر) ..
👈 يقول الدكتور محمد بن عبدالرحمن العريفي، كُل من ساهم بنشر هذا المقطع له دعوة في ظهر الغيب..
*أسألك بالحي القيوم بأن ترسلها لكل أرقام الوتسآب الذي في جوالك؛ لكي نخدم الأمة الاسلامية بأقل شيء
إن الذين كفروا ينفقون أموالهم ليصدوا عن سبيل الله
الايه36 سورة الانفال
٢٢/٧/٢٠٢٤
نحن لا نستحق وطنًا ولا نستحق السيد نصرالله، ومشكلة حزب الله النخبة
بقلم ناجي أمّهز
ربما الجيل الجديد لا يعرف شيئًا عن النخبة المارونية. النخبة المارونية تعني أنه كان يوجد في لبنان شخصيات ترفع سماعة هاتفها وتتصل بقصر بكنغهام أو البيت الأبيض وتقول: “أتمنى عليك أن تستقبل فلان، هو عربي بسيط لكن جلسته جميلة”، ثم يذهب فلان إلى بريطانيا أو أمريكا وبسحر ساحر يتحول إلى أمير.
أما علاقة النخبة المارونية بفرنسا، فلم يكن بالإمكان فصل النخبة المارونية عن الحاكمية الفرنسية أو العكس. إذا قرأ أحد الموارنة في الصحيفة خبرًا دوليًا حول فرنسا، كان هذا النخبوي يركب الطائرة ويتوجه نحو فرنسا ويجتمع بالرئيس الفرنسي دون موعد ويناقشه كما لو كان يناقش موضوعًا لبنانيًا.
بالرغم من أن غالبية وزراء خارجية أمريكا يهود، إلا أن هنري كيسنجر هو اليهودي الوحيد الذي استطاع أن يقف بوجه النفوذ الماروني، وقال كلمته الشهيرة: “لبنان خطأ تاريخي، ولا يمكن استمرار الكيان الإسرائيلي إلا بزوال الكيان اللبناني”.
وكان كيسنجر يريد أمرين من تهديم لبنان:
الأول هو ضرب الامتداد الناصري لتخفيف الضغط الإعلامي على أنور السادات من أجل تسهيل عملية السلام بين مصر وإسرائيل.
والثاني، أن لبنان الكيان المسيحي يساهم في نشوء إسرائيل الكيان اليهودي، وبزوال الكيان المسيحي يصبح الكيان اليهودي هو المسيطر على الإعلام والمال والسياحة وصناعة القرار السياسي بالمنطقة. بمعنى أوضح، زوال لبنان هو القربان لبقاء إسرائيل.
ومن ينظر إلى لبنان يجد أن ما قام به بعض الموارنة وحتما عن غير قصد أوصل لبنان إلى حيث كان يريد كيسنجر تمامًا. وإذا عدتم إلى أرشيف الصحف في تلك الحقبة ستجدون أن البيئة المسيحية الحاضنة للقوات حيث حديث غالبية رجال الدين هو تقديم الدعم للقوات، وأهم ما كتب في الثمانينات عن القوات اللبنانية، التي كانت تتلقى الدعم من إسرائيل والعراق هو هذا النص الذي كان يردد يوميًا في الإذاعات والتلفزة في تلك الفترة:
تطورت القوات اللبنانية هذا التطور الكبير في سنوات معدودات وتحولت من مليشيا مرتجلة للدفاع عن لبنان في غياب قواته الشرعية التي غلت أيديها عن القيام بالواجب، إلى جيش حقيقي بكل معنى الكلمة ومجهز تجهيزًا يمكنه من رد العدوان أي عدوان عن الجزء المحرر من الوطن مع التصميم على تحرير الأجزاء المحتلة.
أما ما كان يقال عن بشير الجميل تحديدًا:
ليعلم القاصي والداني أن هناك قائدًا شابًا في لبنان لا يمكن ترويضه ولا إقناعه بغير رأيه ولا تخطيه في مشاريع الحلول التي تطبخ لغير مصلحة وطنه. كما فشلت كل تجارب الحسم العسكري معه، وأن هذا القائد هو العقبة القائمة في طريق أصحاب المؤامرات والنيات والسياسات والمخططات، ما دام مصممًا على أن لا هوادة في نضاله حتى يستقيم الأمر للبنان ويستعيد سيادته وحريته وعافيته وأرضه كاملة غير منقوصة.
وهناك خطاب مسرب لبشير الجميل في 1981 عندما حضر إلى القصر الجمهوري بلباسه العسكري وقال: “إن المقاومة اللبنانية مستمرة إلى ما لا نهاية ودون سؤال مسبق عن نتيجتها ومصيرها لأن القضية هي قضية حياة أو موت ولا خيار فيها”.
هكذا كان الخطاب الكنسي والسياسي الماروني عندما كانت المقاومة مسيحية، مع العلم بأن الموارنة كانوا متحالفين مع الجيش الإسرائيلي الذي كان يحتل جزءًا كبيرًا من لبنان، كما أن المقاومة المسيحية خاضت حروبًا ضد جزء كبير من اللبنانيين والفلسطينيين.
إذا، ماذا تغير اليوم حتى تقوم القيامة على المقاومة الإسلامية، التي على الأقل لم يصعد أمينها العام بلباسه العسكري إلى مكان، كما أن المقاومة الإسلامية لا تقاتل أي فريق لبناني، بل قاتلت الاسرائيلي المحتل والتكفيري الارهابي المجرم الذي جاء ليدمر الكنائس ويتخذ المسيحيين رهائن وملك اليمين.
أيضًا، المقاومة الإسلامية تأخذ دعمها من إيران التي هي دولة غير متواجدة على الأراضي اللبنانية بصيغة الاحتلال كما كانت إسرائيل التي تحتل بالسلاح جزءًا كبيرًا من لبنان وتمارس فيه أبشع الجرائم ضد الإنسانية وتحديدًا ضد الشعب اللبناني.
كما أن الذي رفض بشير الجميل البحث فيه حول المقاومة المسيحية فإن حزب الله دائمًا يدعو للبحث حول المقاومة من خلال استراتيجية دفاعية كاملة. وبينما كان يقال عن المقاومة المسيحية جيش، اليوم المقاومة رغم ضخامة عددها وعتادها إلا أنها ترفض أن تطلق على نفسها لقب جيش بل تسمي نفسها مقاومة.
من جهة فريق لبناني، المقاومة المسيحية أخطأت، ومن جهة فريق لبناني آخر، المقاومة الإسلامية أخطأت. ولكن لماذا الحرب على المقاومة الإسلامية التي حررت جنوب لبنان وقاتلت فقط الإسرائيلي والتكفيري الارهابي؟
لماذا مطلوب أن نشن حربًا على المقاومة الإسلامية التي تسامحت حتى مع العملاء الإسرائيليين، بينما المقاومة المسيحية كانت تحت شعار توحيد البندقية المسيحية لا تقبل حتى باختلاف الرأي المسيحي معها؟
أنا أعرف أين كانت قوة المقاومة المسيحية، وأعرف سبب ضعف المقاومة الإسلامية.
قوة المقاومة المسيحية ليست في شخصية بشير الجميل ولا بالصواريخ والمدرعات التي كانت تمتلكها، بل بالنخبة المارونية التي سوقت وتحدثت ونشرت عن المقاومة المسيحية فحولتها لأيقونة رغم كل الشوائب والأخطاء.
بينما حزب الله رغم أنه فقط ضد العدو الإسرائيلي والتكفيري، إلا أنه يفتقد إلى النخبة التي تسوقه عالميًا، وطالما حزب الله مقصر في إنشاء نخبة، فانه لن يعيش الاستقرار لا في مراحل السلم ولا مراحل الحرب. مع العلم بأنه سيأتي يوم ويكتب أن شعوب لبنان لم تكن تستحق وطنًا، ولا الشعوب العربية واللبنانية كانت تستحق سماحة السيد نصرالله.
٢٣/٧/٢٠٢٤، ١٢:٤٥ م – .: تعريف النخبة التي تفتقدها الطائفة الشيعية
بقلم ناجي أمّهز
النخبة لا تعني أن تكون كاتبًا أو فيلسوفًا، ولا حتى مليارديرًا، أو صاحب منصب رفيع في الدولة، أو تجيد عددًا كبيرًا من اللغات، ولا أن تكون رئيسًا أو شيخ عشيرة.
النخبة لا تعني أن تكون متحدثًا طلقًا، أو فنانًا أو ممثلًا ذائعة شهرتك في الكرة الأرضية.
النخبة شيء مختلف تمامًا يتعلق بأسس بقاء الشيء.
في كل عائلة كبرى حاكمة او اسست دولة، يوجد نظام عميق عمله الحفاظ على استمرارية هذا الكيان القائم وحمايته بناءً على قوانين صارمة جدًا لا يمكن تجاوزها.
وعملهم في هذه الكيانات هو البحث عن أشخاص يمتلكون اليات وتجارب النخبة، حيث يتم اختيارهم والعناية بهم من أجل استمرار المنظومة التي أنشأوها.
ولا يمكن صناعة النخب الا من خلال التجمعات الضخمة، لنفرض أننا نريد أن نصنع نخبة اولا يجب ان يكون لدينا ما يعرف بالرابطة الشيعية التي تضم اكثرية الشيعة المميزين باعمالهم ونتاجهم على اختلاف انتمائاتهم السياسية، ومن بين هؤلاء يتم اختيار عدد قليل للغاية على اسس العقل الاممي، فالنخبوي يجب ان يكون لا طعم أو لون أو رائحة له مثل الماء، هدفه فقط خدمة المجموعة التي ينتمي إليها.
قد ينزعج بعض الشيعة في لبنان من عبارة أنه لا يوجد لدينا نخب، وهذا الأمر طبيعي، لاننا لم نتعود على آليات صناعة الحكم وإنتاج النخب، حتى بعض الشيعة يخبرك أنه نحن موجودون منذ مئات السنين، ويحدثك عن قرية هنا وشخص هناك، مع العلم بأنه لولا الدعم الإيراني المادي والمعنوي والتدريبات والتجهيزات، وحتى الموقف السياسي على مستوى العالم، اضافة الى تضحيات بطولية خارقة للعادة قدمتها المقاومة، كنا نحتاج أقله إلى 500 سنة ليصبح لدينا كرسي، لا أن نجلس على الطاولة ونتحدث بالسياسة.
مثلا عندما اشتكى العراقيين انفسهم من حجم الفساد في العراق بظل الحكم الشيعي، قدمت مراكز الدراسات الامريكية والاوربية تعليلا وتبريرا تحت عنوان: ان سبب ازمة الحكم العراقية هو بسبب الاقصاء الطويل للشيعة عن الحكم والمؤسسات العامة، مما افقدهم الخبرة والقدرة على ادارة مؤسسات الدولة بعقلية الدولة.
في لبنان تعاقب 24 من رؤساء الحكومات من الطائفة السنية و13 رئيس جمهورية، خلال 81 سنة يعني بحال قسمنا 13 رئيسًا على 81 سنة نجد أن كل رئيس جلس 6 سنوات وشهرين وهي أرقام طبيعية جدًا نسبة إلى سنين الرئاسة الست.
بينما المجلس النيابي تعاقب عليه فقط 6 رؤساء مجلس نيابي، خمس رؤساء قبل الحرب الأهلية واتفاق الطائف، عندما كانت الرئاسة المارونية هي التي لها اليد الطولى بتنصيب رئيس المجلس النيابي.
وعلى الشيعة عدم الاستغراب من فقدان النخبة، الشعب الباكستاني يتجاوز الـ 250 مليون إنسان ولا يوجد فيهم نخبة، حتى روسيا فإن النخبة محصورة في عدد قليل للغاية من اليهود الروس، لذلك تسمعون دائمًا مقولة أن بوتين يساير إسرائيل كي لا يخسر المتمولين اليهود، ولكن بالحقيقة ثروة بوتين لوحدها هي أكبر من ثروة اليهود الروس مجتمعين..
كما أن القائد لا يمكن أن يكون نخبويًا،
السيد حسن نصرالله من أعظم أربع قادة في القرن الحادي والعشرين، انتصر على الكيان الإسرائيلي والمشروع التكفيري، واستطاع أن يفرض احترامه ومصداقيته حتى على أعدائه، وهو من القادة القلائل على مر التاريخ الذي قدم كل ما يملك في سبيل قضايا الوطن والامة.
لكن السيد نصرالله لا يمكن أن يكون نخبويًا، كما يوجد في حزب الله قيادات وإداريون من الطراز الرفيع للغاية، انما ليس مطلوبًا منهم أن يكونوا نخبة لأن اعمالهم لها نتيجة مباشرة على اداراتهم.
لان كما قلنا النخبوي لا راي له، بل هو الشخص الذي عمله تبرير الافكار التي يرفضها الاخر وتحويلها الى اراء يمكن تقبلها من الاخر دون تدخل من قادة المجتمع.
مثلا تتذكرون الضجة التي اثيرت بسبب انسحاب الحاج محمد رعد،من حفل عشاء أقيم في القصر الرئاسي اللبناني على شرف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، بسبب وجود النبيذ.
النخبة عادة تاتي هنا في مثل هذه المفاصل، انت يمكنك ان ترسل نخبوي يحضر او يفاوض عنك حتى النهاية دون ان تخسر واحد بالمائة من قيمتك او مكانتك او حتى تسبب الاحراج لك وللذي تفاوضه او تلتقيه.
مثلا كاتب كتب مقال ضد الشيعة، بحال صمت الشيعة قد يتفاعل المقال وبحال ردت المؤسسات الشيعية الرسمية يعني ادخلت نفسها ومكانتها باحراج، اذا ياتي دور النخب الشيعية.
نحن في الطائفة الشيعية نفتقد إلى النخبة التي استبدلناها بالتقية، بسبب الاضطهاد الطويل الذي عشناه كما عاشت أفريقيا ويعيش العرق الأسود، حتى في أكثر البلدان تقدمًا وتحضرًا وديمقراطية، تجد أن العرق الأسود مضطهد رغم كثافة عددهم انما لا تاثير لهم بسبب فقدان النخبة.
والتقية فكرة ليست جديدة ولا بدعة جاءت بها الشيعة ولا أمراً مستهجناً ينكره العقل فلقد تكلّم عنها الفلاسفة وعلماء الأخلاق لا بعنوان التقية بل بعنوان: (هل الغاية تبرر الواسطة) وتكلم عنها الفقهاء وأهل التشريع في الشرق والغرب بعنوان: (هل يجوز التوصل إلى غاية مشروعة من طريق غير مشروع) وبعنوان: (المقاصد والمسائل) وتكلّم عنها علماء الأصول بعنوان (الأهم والمهم) واتفقوا على أنّ الأهم مقدّم على المهم، وهذه العناوين كلها تنطبق على التقية التي يقول بها الشيعة ولا تختلف عنها إلاّ باللفظ ولا عبرة باللفظ إذ المقصود هو المعنى
لكن اليوم التقية اصبحت بدائية في عصر العولمة وانتقال الصراع من صراع الاديان الى صراعات تحت عناوين مختلفة، لذلك تم تطوير فن التقية، حيث لم يعد بامكانك فقط النكران، بل تحتاج ان تكتسب الكثير من المهارات وفن الردود لتغلف افكارك بتقاطع المصالح ان كانت عامة او خاصة.
والنخبة هي اصلا شيء ضئيل وجوده، مثال ذلك، من بين 13 رئيس جمهورية لبناني غالبية الناس تتفق على واحد تقريبا.
في رئاسة الحكومات اللبنانية فقط 3 أشخاص لا يمكن تجاوزهم.
في الطائفة الدرزية فقط 3 أشخاص منذ 500 عام حتى يومنا هذا، ومنهم وليد بيك جنبلاط .
كمال جنبلاط كان قائدًا، استشهد ولم يتراجع عن كلمته، بينما وليد بيك نخبوي لين طري، لذلك هو قادر في كل لحظة أن يطرح فكرة ويتراجع عنها ولا يؤثر عليه، وقادر أن يكون معك ثم ينقلب عليك ثم يعود معك ثم يحاربك ثم يهادنك.
البعض يحاول أن يقلد وليد بيك بالتقلبات السياسية، ولكن هذا البعض لأنه غير نخبوي ولا يعرف القيادة، فتأتيه صفعة من هنا وصفعة من هناك.
في الختام النخبوي هو ذلك الكائن الطري اللين، الذي بدل يقي نفسه في فن التقية فانه يقي الامة التي ينتمي اليها، وغايته وهدفه استكمال دائرة المشاركة في تمرير القرار الذي يقرره صاحب القرار.
٢٨/٧/٢٠٢٤
أسرار زيارة نتنياهو إلى واشنطن، ترامب ممنوع ضرب إيران
بقلم ناجي أمّهز
بعد التصفيق الحاد الذي شهده العالم إعجابًا بكلمة نتنياهو، الذي تحدث فيها عن تهجير أكثر من 2 مليون إنسان في العراء، ثم قتل الأمهات بأبشع الطرق، ثم بعد يتم الأطفال وإبكائهم، عاد ومزق أجسادهم النحيلة الجائعة العطشى. ومع كل إبداع في الجريمة التي يتحدث عنها نتنياهو، يقف اعضاء الكونغرس الأمريكي الوفيين للوبي الصهيوني ويصفقون مرات ومرات، وهذا التصفيق ما هو إلا دليل على مستوى الغباء الذي وصله الكثير من المعتدين على كار السياسة، وفي مقدمتهم أصحاب البواسير والبروستاتا والزهايمر الذين يجتاحون أمريكا وأوروبا.
أو يبدو أن الجيل الجديد لا يرغب في العمل بالسياسة، فترك هذا الأمر لهؤلاء القادمين من متاحف الشمع ومخلفات الحرب العالمية الثانية.
بعد انتهاء التصفيق وكلمات نتنياهو حول إيران، تم استدعاء نتنياهو إلى مركز القرار للاستعلام منه ماذا يريد. تحدث نتنياهو عن شرق أوسط خالٍ من إيران وحلفائها، وأنه مع انتهاء إيران تنتهي تداعيات القضية الفلسطينية، وأكد أن العرب لا يريدون تحرير ولا حتى دعم فلسطين، هم يريدون التحرر والانتهاء من هذا الملف الذي ينغص عليهم آليات الحكم والسيطرة على شعوبهم. أصلاً لم يطلب مني أي زعيم عربي أعرفه شخصياً حتى وقف إطلاق النار، جميعهم يطالبونني بالقضاء على حماس وحزب الله.
ومع إضعاف الدور الإيراني تضعف روسيا أمام الحلف الأطلسي وربما تسقط روسيا الاتحادية في أوكرانيا كما سقط الاتحاد السوفياتي في أفغانستان، فالروس بطيئون جداً بالسياسة وهم لم يتعلموا من تجاربهم السابقة، وما يستخدم اليوم في أوكرانيا استخدم الروس أضعاف أضعافه من أسلحة في أفغانستان وقتل مليون ونصف إنسان وجرح الملايين وبالختام هزم الاتحاد السوفياتي.
يمكن لأمريكا هزيمة الصين دون خسائر تُذكر. اليوم إيران متواجدة في المعسكر الشرقي المعادي للمعسكر الغربي، وهي جزء أساسي بل رأس حربة في المعسكر الشرقي، حيث تسيطر على أكثر من عاصمة عربية، والخطورة أن لدى إيران نخب فكرية وإعلامية تواكب الحراك العسكري الأيديولوجي للثورة الإسلامية وتنشره بين العرب عبر نخب إعلامية وسياسية.
وتحدث نتنياهو أن منطقة الشرق الأوسط لا تتسع لإيران وإسرائيل، وأن إيران مصرة على إنهاء الدور الإسرائيلي واستعادة الأقصى، وفي حال انتصرت إيران في الشرق الأوسط فإنها سترفع من قيمة العرب والمسلمين وربما توحدهم، مما يعني أن خروج أمريكا وأوروبا من المنطقة سيكون حقيقة.
وتحدث نتنياهو كثيراً عن تأثير حزب الله وأمينه العام السيد نصرالله الذي أصبح المؤثر الأول في الكيان الإسرائيلي، نصرالله قادر بخطاباته أن يسقط حكومة في إسرائيل، وأن يمنع مستثمر من الاستثمار في إسرائيل، فالمستثمرين الكبار لا ينظرون إلى مؤشرات البورصة في تل أبيب، بل إلى ما يقوله نصرالله في حال حصلت الحرب.
وشرح وتحدث نتنياهو بالتفصيل لماذا يشكل حزب الله قلق وخطر على إسرائيل أكبر مما تشكله إيران، فقد نجح التعاون الإسرائيلي العربي في منع وصول الطائرات المسيرة الإيرانية وأيضاً ساهم في إسقاط بعض الصواريخ الباليستية، ولكن حزب الله على الحدود مباشرة، ولا يوجد شيء يمنعه إلا أبناء إسرائيل، لذلك نحن بمواجهة مباشرة مع الحزب، وحتى ما يقوم به حلفاء إسرائيل العرب هو فقط بالكلام، ويبدو أن للحزب قدرة على رد الهجمات الإعلامية رغم إمكانياته الضئيلة مقارنة بحجم الإعلام الإسرائيلي العبري والعربي.
وبعد انتهاء نتنياهو من تقديم مرافعته التي حرض فيها على إيران جاء الرد على الشكل التالي:
سيد نتنياهو، ربما بسبب ضغوط الحرب في غزة، وما تتعرض له من انتقادات على المستوى الشخصي، والملاحقات القانونية بحقك، لم تعد قادراً على التركيز وفهم ما يجري في العالم. نحن نعرف أنه يوجد بينك وبين اللوبي اليهودي الليبرالي مشكلة كبيرة وعميقة، فأنت تنتمي إلى المدرسة الدينية اليهودية اليمنية المتطرفة، لذلك تشعر أنك قادر على التقارب مع الإسلام المتطرف ومن اليمين المسيحي المتطرف.
سيد نتنياهو، أنت تريد أن تبني مع الأقطاب المتشددين في الشرق الأوسط حلف يهودي إسلامي مسيحي متطرف لمواجهة إيران وحلفائها المعتدلين.
سيد نتنياهو، تخيل أن إيران غير موجودة، وتخيل أيضاً أن التطرف الإسلامي ممتد من باكستان إلى أفغانستان وصولاً إلى فلسطين، هل تتخيل سيبقى يهود؟ هل تتخيل سيبقى مسيحيون؟ هل تتخيل سيبقى شيعة وعلويون ودروز؟ كم من الوقت تعتقد بأن تركيا وما تبقى من علمانيتها سيصمد؟ وكم من الوقت تعتقد بأن أوروبا قادرة على مواجهة التطرف الإرهابي؟ وبحال سيطر الإرهاب على أوروبا، هل تعرف كيف ستستخدم الأسلحة وضد من؟
سيد نتنياهو، إيران ضرورة للاستقرار العالمي، إيران ضرورة للسلام العالمي، إيران ضرورة لبقاء هذا التنوع في قارة آسيا. بدون إيران لن يبقى شيء.
حقيقة نحن وإيران نتقاتل، إنما بسبب وجود إسرائيل. إيران تقول إن العالم لن يستقر طالما القدس تحت الاحتلال، ونحن نريد أن نحمي الإسرائيليين، لذلك نتواجه مع إيران، لذلك نطرح حل الدولتين بمكان ما نرضي إيران ولا نعلم إن كانت إيران ستقبل بحل الدولتين، وبمكان ما نحافظ على الكيان الإسرائيلي.
نحن أخبرنا ترامب بهذه الأفكار، وترامب سيسمعك هذا الكلام. ترامب هو اليوم الرئيس بلا منازع، ولكن العالم بحاجة إلى الحكمة. الرؤساء والمرشحون كثر، لكن الحكمة هي القليلة والنادرة.
سيد نتنياهو، قبل أن تطالب بتدمير إيران، شاهد التلفاز وانظر كيف حكومة طالبان تمنع الهاتف الذكي، هل تتخيل التطرف كيف سيحكم؟
سيد نتنياهو، أنت يجب أن تعتزل السياسة، اذهب إلى إسرائيل وأعلن وقف إطلاق النار، ثم اذهب إلى محاكمتك.
١/٨/٢٠٢٤
ساعات فقط تفصلنا عن لبنان قبل ولبنان بعد، شكرا وليد بيك جنبلاط
بقلم ناجي أمّهز
أولًا، إن بيوتنا التي تُدمّر في الجنوب والضاحية أمام أعين بقية اللبنانيين هي تُدمّر من قبل عدو خارجي، يجمع عليه اللبنانيون أنه عدو احتل لبنان وسجن وعذب وقتل الآلاف من اللبنانيين طيلة عقود احتلاله للجنوب.
أما مقولة أن حزب الله هو السبب في افتعال حرب 2006، فإننا نذكر اللبنانيين أن العدو الإسرائيلي حتى بعد زوال احتلاله وترسيم الحدود كان ما زال يعتقل أبطالًا لبنانيين من كافة الطوائف بسبب دفاعهم عن لبنان، مما ألزم المقاومة لاستعادة وتحرير الأبطال المقاومين بأسر الجنديين الإسرائيليين.
لذلك، لا علاقة للمقاومة بحرب 2006 بل الحق على الدولة التي تقاعست منذ عام 2000 حتى عام 2006 عن تحرير المعتقلين اللبنانيين في السجون الإسرائيلية.
واليوم يقول البعض أن حزب الله، هو الذي اعتدى على الكيان الإسرائيلي بسبب فتح جبهة إسناد غزة، التي لا علاقة لنا بها. أولًا، الجميع يعرف أن هذا الكلام ليس دقيقًا بل هو لذر الرماد في العيون، والذين اليوم يحملون حزب الله مسؤولية فتح جبهة إسناد غزة من الجنوب، هم الذين منعوا حزب الله لسنوات من دخول سوريا لمقاتلة الإرهاب التكفيري. حيث حاول حزب الله لأكثر من ثلاثة أعوام بإقناع الكتل السياسية بأنه يجب الدخول إلى سوريا ومقاتلة الإرهاب، وكانت نفس الطبقة السياسية تحرض على حزب الله بأنه يريد أن يدخل إلى سوريا لمقاتلة الشعب السوري والقضاء على ما سميت بالثورة السورية، وبقي لبنان على هذا الحال حتى وصل التكفير إلى العمق اللبناني حيث فجّر وقتل ودمر وذبح المواطنين اللبنانيين علانية على شاشات التلفزة والفضائيات. ولولا تدخل حزب الله، لكنا اليوم تحت ظلال الدولة الإسلامية في بلاد الشام.
ثانيًا، الجميع بما فيهم الدول والأفراد يعرفون أن مخطط حكومة نتنياهو عندما تنتهي من المقاومة في غزة، فإن هدفها الثاني هو حزب الله في جنوب لبنان، وهدفها الثالث إسقاط النظام في سوريا بعد فشل حلفائها الإرهابيين التلموديين في تنفيذ هذا الأمر، وبعد سوريا قلب الحكم في إيران. وكانت إسرائيل وضعت فترة عام لتطبيق هذا المخطط، الذي أفشله حزب الله بعملية الإسناد في الجنوب.
ولا أحد يخبرنا بأنه من حق إسرائيل أن تدافع عن نفسها وتغتال هنية في إيران، لأن إسرائيل ليس غايتها اغتيال هنية في إيران، بل الاعتداء على الجمهورية الإسلامية والذريعة إسماعيل هنية. لماذا لم تقم إسرائيل باغتيال قادة حماس المتواجدين في أكثر من عاصمة في العالم، حتى في عواصم يوجد بينها وبينهم اتفاقيات وتطبيع علني ومباشر؟
هذا السرد للتوضيح أنه على الأقل من وجهة نظر الطائفة الشيعية لا يوجد مبرر لمن يقف ضدنا في مواجهة العدو الإسرائيلي، لا سياسي ولا وطني. فالمواطنة والقيم والأخلاق والدين والأعراف تلزم الجميع بالوقوف مع الشيعة.
حتى بالمصالح الداخلية والخارجية والدولية، فإن العاقل يلتزم بالوقوف مع الشيعة. لأننا لن نصوت لمن منع الثنائي الوطني من إيصال سليمان فرنجية إلى رئاسة الجمهورية حتى لو تعلق بأستار مقام الإمام الحسين عليه السلام؟ ونحن هنا عتبنا على من كان يسمون أنفسهم حلفاء المقاومة، والذين بسببهم اليوم تدفع المقاومة والطائفة الشيعية الأثمان الغالية جدًا جدًا.
لو كان اليوم يوجد رئيس جمهورية حليف للمقاومة، لكان الوضع مختلفًا تمامًا. كان فخامة الرئيس دعا مجلس الأمن وجامعة الدول العربية إلى عقد جلسات دائمة ومفتوحة. وكانت الحكومة ستكون حكومة كاملة الصلاحيات حيث تتحول إلى خلية نحل بكافة الاتجاهات الدولية لمنع هذا الاعتداء من الانفلات من عقاله وتدمير ما قد يتدمر من لبنان.
إن ما يعيشه اليوم الشيعة من شعور بالغدر لا يعادله شعور، خاصة أنه مع كل قطرة دم وفقدان عزيز وغالٍ وقائد، نتذكر كيف قدمنا كل ما نملك لحلفائنا، بينما حلفاؤنا في أصعب المفاصل تركونا لأقدار نعرف بأننا سنتغلب عليها، بل مؤمنين أننا سننتصر فيها إن شاء الله.
اليوم الطائفة الشيعية تشكر وليد بيك جنبلاط، الذي في أيام الرخاء كان مختلفًا معنا في السياسة، أما في أيام الشدة فإنه في المعركة أمامنا يدافع عنا.
نحن أمام ساعات مصيرية، ولن ينفع بعدها إعلان الندم. وفي الأيام القادمة سيكون هناك كلام بالسياسة مختلف عما عهدناه.
وبيننا وبينكم اللعبة الديمقراطية في صناعة الحكم.
والسلام.
٣/٨/٢٠٢٤
الأسرار الكاملة وراء عمليات الاغتيال التي نفذتها حكومة نتنياهو
بقلم ناجي أمّهز
لست ضليعًا بالأمن والاستخبارات، لكن أتذكر مقولة لأحد الأشخاص، أن دهاء كيسنجر السياسي تغلب على ترسانة أمريكا العسكرية وأدخل العالم لعقود طويلة في لعبة كانت لصالح واشنطن. وكم حُكي عن ثعلب السياسة الأمريكية كيسنجر من قصص تقارب الخيال.
وأنا أقارب الموضوع من الجانب السياسي، الذي على ما يبدو نادر في عالمنا حيث تخضع قوانين سن الأفكار للأكثرية العددية، بل أحيانًا ألمس أنه حتى القادة في أماكن كثيرة يحتاجون إلى جهد لإخراج المجتمعات من حالة الثبات على أفكار أصلًا لم تعد موجودة، لكن الموروث العقلي في اللاوعي هو الذي يثبتها ويجعلنا نعيشها أبدًا.
وفي السياسة هناك قراءة واحدة لكل ما يقوم به نتنياهو، وما تعيشه المنطقة.
نتنياهو يريد أن ينقذ نفسه من المحاسبة، ولولا عملية طوفان الأقصى لكان الكيان الاسرائيلي مشتعل بنار التظاهرات، ونتنياهو قابعًا في أحد سجون الكيان يعيش ما عاشه زميله أولمرت، لكن طوفان الأقصى ودون سابق إنذار قدم له طوق النجاة حيث استفاد نتنياهو من عدد القتلى الإسرائيليين المرتفع الذين سقطوا بنيران جيش الكيان الإسرائيلي في يوم عملية طوفان الأقصى.
وبالرغم من إدراك الجميع أنه لا شأن لحماس بسقوط هذا الكم من القتلى الاسرائيليين، فإن قيادة حكومة العدو والمتورطين فيها بقتل الإسرائيليين أرادت أن تهرب من المحاسبة فانطلقت إلى الأمام بعملية عسكرية دون أفق سياسي أو إعلامي. والجميع يؤكد أنه في الأشهر الثلاثة الأولى كان العدو غارقًا في أزمة لا أفق لها على مستوى الداخل والعالم، مما حرك الرأي العام الغربي بصورة غير مسبوقة، حيث نزلت النخبة المثقفة بكافة جوانبها الاجتماعية والسياسية تهتف في مراكز عواصم القرار من واشنطن إلى باريس “لا لجرائم نتنياهو وقتل الأطفال”.
وفهمت الكتلة الحاضنة للكيان الإسرائيلي أن إسرائيل انتهت، بمعنى أوضح أن إسرائيل بحدودها الحالية لم يعد بإمكانها العيش وحتى إن دعمتها نظم عربية بالرجال والسلاح، ولكن في النهاية يكفي في أي لحظة أن يخرج ألف عربي أو مسلم بعملية مقاومة وبأسلحة خفيفة وستنقلب الطاولة مرة ثانية وثالثة، حتى تصبح الحياة في إسرائيل جحيم لا تُطاق.
وحاولت إسرائيل جهدها من خلال ارتكاب مجازر لم يسبق أن شاهدتها البشرية. نحن نتكلم عن أكثر من 50 ألف طفل وسيدة تم إحراقهم أحياء تحت أنظار العالم، مما أصاب الأمم المتحدة بالذهول وهرول الجميع ليقول “نعم لفلسطين”. نعم الجميع دون استثناء اليوم يعترف بفلسطين بما فيهم أمريكا وحتى جزء كبير من اليهود المغتربين يعترف بدولة فلسطين، إضافة إلى الدول الأوروبية التي سارعت إلى الاعتراف.
وحاول الحزب الديمقراطي الذي فاز بأصوات المسلمين والمهاجرين السود أن يثبت قرار حل الدولتين ربما يحافظ على الأصوات الإسلامية، لكنه فشل أمام تعنت نتنياهو. المدعوم من الحزب الجمهوري الذي قام بكل ما يمكن ليعطل رئاسة بايدن ويسقط الحزب الديمقراطي.
لذلك نتنياهو يعلم بأن الهامش أمامه كبير، لأسباب كثيرة، أولها هو غرقه في بحر الدماء، وأصبح مجرمًا بنظر العالم لذلك يحاول أن يقدم نفسه كبطل أقله أمام اليهود، كما أنه يحاول أن يقضي على ما سمي بحل الدولتين، إضافة إلى أنه يريد أن يسجل انتصارًا في جبهة الشمال الجنوب ضد حزب الله.
ومشكلة حزب الله مع حكومة اليمين الإسرائيلي كبيرة جدًا. حكومة العدو الإسرائيلي تجمع أن حزب الله أفشل مخططها في غزة، أو أقله كشف اوراقها مما عرضها إلى انتقادات دولية، خاصة ان حزب الله يمتلك فئة قادرة على التأثير على الراي العام خاصة الاقليمي..
إضافة إلى أن معركة الشمال هجرت الإسرائيليين لأول مرة منذ قيام الكيان وهذا الأمر سجل انتكاسة في أعراف السيادة الإسرائيلية التي يظن الجميع أنها غير قابلة لمعادلة التهجير والاحتلال. فالعدو الإسرائيلي المحتل يرفض أن تقوم أي قوة بتحرير فلسطين لأنه يعتبر ذلك احتلالًا لدولة إسرائيل.
وأمام هذه التناقضات لم يبقَ أمام نتنياهو إلا أن يهجم على جميع دول المحور، مع ايمانه الكلي بالهزيمة وسقوطه، إن لم تكن عسكرية فستكون سياسية، ونتنياهو يريد أن يقول إن هزيمته تمت أمام دول المحور، بدلًا من أن يعلنها أنه هزم أمام المقاومة في غزة، أو استنزف أمام المقاومة في جنوب لبنان، أو حتى أنه أفشل الحركة الاقتصادية في الكيان الإسرائيلي وأصبح خطرًا على اقتصاد الكيان بعد إغلاق باب المندب والبحر الأحمر من قبل جمهورية اليمن لأي سفينة تتعامل أو تابعة للعدو الإسرائيلي.
وبعد أن نجحت المقاومة في جنوب لبنان مرات ومرات، وبالمقابل فشل الكيان مرات ومرات، ذهب نتنياهو إلى عمليات الاستفزاز السافر والتعدي على سيادة الأوطان مثل العراق وسوريا وحتى إيران إضافة إلى اليمن ولبنان.
بمعنى أن نتنياهو يحاول أن يستجلب الحرب الكبرى من أجل إشراك أمريكا التي توقع اتفاقية دفاع مشترك مع الكيان الاسرائيلي وهذا ما تحدث فيه بالكونغرس، وربما الحلف الأطلسي. ومع إدراك أمريكا والحلف الأطلسي أنه في حال نشوب حرب كبرى في الشرق الأوسط، فإن الروس سوف يستفيدون من هذه الحرب مما يعني هزيمة أوكرانيا، وهزيمة أوكرانيا تعني هزيمة أوروبا وامريكا وخروجهما من المنطقة الى الابد.
بالمقابل، نتنياهو الذي يهمه هو إنقاذ نفسه، بعد أن أغرق الكيان في أزمة وجودية لن تنتهي إلا بإزالة الكيان أو أن يعيش الكيان الإسرائيلي ما عاشته ألمانيا بعد سقوط النازية.
إسرائيل على المستوى السياسي حتمًا سقطت، وكل ما ستقوم به في الحرب هو مجرد محاولة لكسب المزيد من الوقت.
٦/٨/٢٠٢٤
وليد جنبلاط: وجوده إلى جانب المقاومة دليل متغيرات شرق أوسطية
بقلم ناجي أمهز
أول هذه المتغيرات التي حصلت بالأمس بعد التصريح الأردني هو الحياد بأن الأردن لن يعترض القصف الإيراني على الكيان الإسرائيلي. وهذا الكلام طبيعي جدًا، فالدول التي فتحت أجواءها للعدو الإسرائيلي ليقصف اليمن وإيران والعراق، لا يحق لها أن تعترض على الرد الإيراني، أو تكون هذه الدول شريكة لإسرائيل في الهجوم على اليمن وإيران.
مع بداية عام 2003، دعيت إلى لقاء خاص أعتبره مفصلًا أساسيًا في حياتي المعرفية. هذا اللقاء كان مع شخصية سويسرية، وكنا 13 شخصًا مع المترجم. تحدث هذا الشخص عن الحرب على العراق وتحدث وقتها عن مقتل أولاد صدام، وذكر أنه سيأتي وقت يأخذ فيه أحدنا الملعقة وينظف بها لسانه (كورونا). تحدث أيضًا عن أهم شخصيتين في الشرق الأوسط، إحداهما وليد بيك جنبلاط، وقدم هذا الوافد شرحًا مطولًا لما سمي بالهلال الشيعي الذي يشكل مظلة حقيقية للاستقرار العالمي، خاصة في الشرق المضطرب، وأن هناك عقولًا في مختلف دول العالم تنظر إلى إيران على أنها سحر الشرق وسلام الشرق ونعيم الشرق القادم. وتحدث عن مقاربة بين صراع الحضارات لهنتنجتون (1996) وحوار الحضارات لخاتمي (2001).
وصناع القرار العالمي يدركون ان مشكلة ايران ليس لانها شيعية، بل مشكلة ايران انها تريد تحرير القدس الذي تخلت عنه النظم العربية.
عندما سألته عن سبب تقلب وليد جنبلاط في السياسة، أجابني بما ترجم لي: “وليد جنبلاط متواجد في دائرة صناعة القرار، لذلك هو يقرأ ويعرف قبل غيره ماذا يحصل”. وشرح لي كيف نشاهد الأمور وكيف يشاهدها وليد جنبلاط. قال لي: “لنفرض أن هناك شخصًا واقفًا على القمر وحرك يده، ستصلك صورة الحركة لكن بعد ثوانٍ، والبعيد عن مراكز القرار مهما كان حجمه وقوته لا يشاهد الأشياء إلا بعد الانتهاء منها. وكأنك تذهب إلى السينما لمشاهدة فيلم، كل ما عليك فعله هو الجلوس والتأمل والتفاعل، والمخرج سيكتب لك أسماء الأبطال ونهاية الفيلم السينمائي. لذلك، إما أن تكون من شارك في صياغة السيناريو أو عليك أن تتفرج فقط، ولا تملك أكثر من ذلك”.
كتبت هذا الكلام بشأن وليد جنبلاط عدة مرات في السنوات الماضية، وكان أبناء الطائفة الشيعية يلومونني بشدة على مدحي لوليد جنبلاط في عز الانقسام الحاد، وقد أقصيت من الطائفة الشيعية منذ عام 2009 عندما تركت التيار الوطني الحر حتى عام 2018. والذين وقفوا إلى جانبي هم فقط رجال الدين في الطائفة الشيعية، لأنهم رجال بحث وتنقيب وعلم ومعرفة وربط الأمور والمسار التاريخي والديني. كنت دائمًا أراهن على عودة وليد بيك جنبلاط إلى الطائفة الشيعية، بناءً على ما سمعته أكثر من مرة من شخصيات ذات وزن كبير تؤكد أن حكمة الموحدين التاريخية لها روابط أساسية مع الطائفة الشيعية، لا تنفك ولا تتغير.
قبل نهاية عام 2000، التقيت مع دبلوماسي لبناني شهير، وفي سياق الحديث أخبرني رواية لا أعرف إن كانت حقيقة أو على سبيل الحكمة. قال: “ذات يوم كان الرئيس بري ووليد جنبلاط عند الرئيس الأسد، وكان وليد جنبلاط يجلس واضعًا إحدى الرجلين على الأخرى. فقام الرئيس بري بنفس الفعل، فابتسم الرئيس حافظ الأسد ونظر إلى الرئيس بري، فقال الرئيس بري وهو اللبيب: طيب ما جنبلاط حاطط رجل على رجل، فقال له الرئيس الأسد: إذا نزل الثانية ما نعرف وين بصير، خليه متل ما بده بس يضل عنا.
ما كان يجهله الغالبية حتى يومنا هذا هو أن الرئيس حافظ الأسد كان يهتم بثلاث شخصيات لبنانية فقط لحاجته إليهم على المستوى العالمي: الشيخ رفيق الحريري، وليد جنبلاط وفارس بويز؛ هذا الثالوث هو الذي شكل الدور الفاعل لسوريا في العالم.
بعد مغادرة السوريين لبنان، استغرب الكثير من اللبنانيين عام 2007 الاهتمام الكبير من الرئيس الأمريكي جورج بوش بالنائب وليد جنبلاط، وهذا الاستغراب كان مبررًا كون اللبنانيين لم يكونوا على علم بوزن وليد جنبلاط، حيث كان وليد جنبلاط قد جير كل علاقاته للرئيس الأسد. يومها كتبت: “وليد بيك عوده ضعيف بس حجمه يغطي المنطقة”. بالفعل، بدأ اللبنانيون يشاهدون رجال الدول العظمى يتقاطرون لزيارة وليد بيك جنبلاط، الذي كان يستقبلهم دون تكليف، بالجينز وحتى دون أن يمشط شعره أو يغير هندامه.
في الختام، نحن الشيعة بحاجة إلى النخبة من أجل اكتمال البناء والمعرفة والتمرس بالعمل السياسي. ولم يعد ينفعنا هؤلاء المستجدون في السياسة الذين ضيعوا وقتنا وأهدرنا عليهم أموالنا، وصغرنا أنفسنا أمام الدول لأجلهم. النخبوي هو النخبوي، أما هؤلاء بياعي الكلام سواء في السياسة أو الإعلام، فهم يدمرون الطائفة الشيعية ويجعلون الدول ومراكز القرار تنظر إلينا بنوع من الاستغراب، “من هؤلاء؟” “ما هو تاريخهم؟” مع من جلسوا؟ أين تعلموا أو احترفوا أو مارسوا فن السياسة؟ وهل كل شخص يقرأ كتابًا في الفيزياء يمكن في اليوم التالي أن يطرح نظرية النسبية من وجهة نظره؟
وإذا كانت الطائفة الشيعية لا تعرف من هؤلاء، فإن مشكلتنا في السياسة كبيرة، وإن كان هؤلاء خدعوا الطائفة بأنهم قادرون على صناعة رأي عام فإن المشكلة أعظم وأخطر بكثير. الدول ليست غبية، خاصة أعداء الطائفة الشيعية، فهم يعرفون أحجام كل الأشخاص عالميًا وخصوصًا في الدائرة حول الطائفة الشيعية اللبنانية. وإذا كانت أمريكا وإسرائيل تترصدان القادة العسكريين في المقاومة، هل يصعب عليهما أن تترصدا كم سياسي وكم إعلامي وهم مكشوفون حتى برسائلهم الغرامية؟
في مركز القرار وفي الدول الكبرى لا يوجد أغبياء، لذلك اليوم وجود وليد بيك جنبلاط هو قيمة بحد ذاتها. وحتما هذه الدول والنظم العميقة في العالم تعرف لماذا وليد جنبلاط إلى جانب الطائفة الشيعية، لأن الشيعة باعتدالهم يشكلون هذا الاستقرار الطبيعي، خاصة في بلد متعدد الطوائف والمذاهب والمشارب الفكرية والسياسية.
اليوم يولد شرق أوسط جديد، ولكن كي لا تكون الولادة شاقة ومتعثرة وبحاجة إلى عملية قيصرية نحن بحاجة إلى نخب سياسية وإعلامية. فقط النخبة عدد قليل وفعل كبير. لا تهدروا أوقاتكم وأموالكم على زرع لا ينبت.
٧/٨/٢٠٢٤
بعد استقالة الصديق ورفيق النضال سيمون ابي رميا من الاطار التنظيمي للتيار الوطني الحر.
*اذكركم بما قاله اللواء عصام ابو جمرة والذي كان العقل الاداري للتيار الوطني الحر.*
*حديث ابو جمرة في: 16 – 7 – 2016*
لفت رئيس “التيار المستقل” اللواء عصام أبو جمرة معلقاً على فصل الناشط في التيار “الوطني الحر” زياد عبس الى أن “ليس جديداً على رئيس تكتل “التغيير والاصلاح” العماد ميشال عون اتخاذ قرارات تخالف المبادئ التي تأسّس عليها التيار”.
وأشار أبو جمرة في حديث صحفي الى أن “همّه كان إزالة أي عقبة من أمام وزير الخارجية جبران باسيل وهذا ما حصل، حيث أدّى تعيينه رئيساً للتيار خلافاً للنظام، إلى انقسام أطاح بكل من نعيم عون وزياد عبس وكمال اليازجي وأنطوان حرب ولوسيان عون وناجي أمهز، وإبعاد قائد فوج المغاوير السابق العميد شامل روكز”.
٧/٨/٢٠٢٤، ٤:٤٧ م – .: *النائب أبي رميا تأخر، وحزب الله خسر مسيحياً وسياسياً بسبب التيار*
بقلم: ناجي امهز
بعد عشرين سنة من النضال والتعذيب، حيث اعتُقلت لمدة تقارب الأسبوع في البوريفاج بعد اعتقال أنطوان حرب بفترة قصيرة، قررت في عام 2009 مغادرة التيار إلى غير رجعة، لأنني كنت أرى المشهد الذي وصل إليه كل من ناضل في التيار.
حاول اللواء عصام أبو جمرة أن يثنيني عن هذا القرار، وربما كانت مغادرتي التيار أحد الأسباب التي أدت إلى انعقاد لجنة الحكماء لمعالجة الكثير من الأمور التي كنت أتناقش بها مع العديد في التيار.
شرحت للواء عصام أبو جمرة أحد أسباب مغادرتي التيار، وهو ما شهدته في انتخابات عام 2009، خاصة في منطقة جبيل، حيث كنت أقود جزءاً أساسياً من المعركة الانتخابية لصالح التيار.
ذكرت يومها أن قاعدة التيار الوطني الحر ترفض التحالف مع حزب الله، وأن هناك فئة في التيار تخدع قاعدة التيار وتخدع حزب الله من أجل مصالحها، او اقله هذه الفئة تبرر لنفسها ان ما تقوم فيه بالسياسة هو مشروع، والسياسة فن.
ولكن في النهاية، ستنقلب هذه القاعدة الشعبية على التيار وعلى الحزب، وسنواجه حقداً وكرهاً مخيفين. إذا كان التيار لا يهتم بعواقب هذا الانقلاب لانها لا تشكل مشكلة له، فأنا على الأقل أحرص على ألا يدفع الشيعة ثمن تحالفهم مع التيار الوطني الحر.
قدمت بالأرقام كيف أن الأصوات الشيعية أنقذت لائحة التيار من خسارة مدوية أمام النائب السابق فارس سعيد.
وعندما بدأ يسري هذا النقاش في الغرف المغلقة للتيار، أدرك التيار أنه سيخسر الكثير إذا خاض انتخابات عام 2013، لذا قرر تأجيلها، خاصة أن الانتخابات كانت ستجري أثناء وجود العماد ميشال سليمان في سدة الرئاسة. وخسارة المعركة الانتخابية في العمق الماروني، خاصة في جبيل وكسروان، كانت ستضعف من حظوظ الجنرال عون للوصول إلى سدة الرئاسة.
عندما بدأت أسمع عن تأجيل الانتخابات، التقيت ببعض الشخصيات الأساسية في حزب الله وتناقشنا طويلاً في موضوع التأجيل. حذرتهم من أن التيار الوطني الحر قد يخدع الرأي العام المسيحي ويقنعهم أن الرئيس بري هو السبب في التأجيل، مما يعني أن الشيعة سيدفعون ثمن هذا التأجيل بينما المستفيد هو التيار الوطني الحر. كان رد الحزب أنهم لا يتدخلون أبداً في أي شأن يتعلق بالمسيحيين، والحزب ملتزم بورقة التفاهم مع التيار بعيداً عن النتائج وحجمها.
حقيقةً، لا أبالغ، من يقارن ما فعله الجنرال عون والوزير باسيل بحزب الله في أحلك الظروف وأصعبها، وكيف كان يفكر حزب الله تجاه التيار الوطني الحر، يدرك أن حزب الله لا علاقة له بالسياسة على طريقة البازارات.
وفي عام 2010، التقيت بشخصية دينية مسيحية كبيرة انتقلت إلى ملكوت السماوات، وحدثتني عن العديد من الأمور، منها انتخابات جبيل، حيث لأول مرة رأينا الشيعة في المكان الخطأ، واعتبر الشيعة فريقاً يدعم فريقاً مارونياً على حساب الفريق الماروني الآخر، مما يعني أن الفريق الماروني الآخر لن يغفر للشيعة أنهم كانوا سبب خسارة كل شيء. ومثل هذا الأمر مكلف للغاية على كافة المستويات، خاصة الاجتماعية.
في عام 2011، استقال البطريرك صفير من منصبه، وحدثت ضجة كبيرة على الشيعة، رغم أن الشيعة لا علاقة لهم بهذا الأمر. بدلاً من أن يبين التيار الوطني الحر أن سبب استقالة البطريرك صفير هو خلافات مارونية مارونية، سكت عن الموضوع وفتح معركة مع الرئيس بري وأخذ الأضواء كلها على الشيعة، فأصبح الذين مع التيار يكرهون الشيعة علنًا بسبب خلاف الجنرال عون مع بري، إضافة إلى المسيحيين الذين يكرهون الشيعة بسبب تحالفهم مع التيار.
يعني بدلاً من أن يصلح التيار العلاقة بين الشيعة والموارنة، نجح التيار في تقليب الرأي العام المسيحي، خاصة الماروني، ضد الشيعة. وأصبح الشيعة لا من التيار بخير ولا من المسيحيين خارج التيار بخير.
بالمقابل، كنت أنظر إلى إعلام المقاومة فأجد الكثير من الوجوه العونية البرتقالية على شاشات الإعلام المقاوم، وفي الاحتفالات الرسمية في مقدمة الحضور. وبدأت أسمع أن فلاناً عونياً يعمل في مراكز للبحوث التابعة للمقاومة، وكنت أتساءل في نفسي عن كيفية وجود مركز بحوث للمقاومة يديره أو يشارك فيه أحد عوني، وما هو السر المشترك الذي جمع التيار الوطني الحر بزحفا زحفا نحو القدس.
كنت أشعر في قرارة نفسي أن المشكلة كبيرة جداً وما يجري لم يعد يحتمل، وله تداعيات سلبية في نظرة الدول على اداء الشيعة السياسي.
في عام 2014، أرسلت خلفي شخصية دينية مارونية أطال الله في عمرها، وكانت بدأت تشعر بوجود خطر على الوحدة بين الموارنة والشيعة، وقالت لي: “يا ناجي، الظلام الدامس لا يمكن إزالته إلا بنور الشمس، لكن يمكن ايضا أن تشعل شمعة وإن كانت داخل الكهف، وسيتبعها من يحتاجون دليلاً في المسار نحو الحياة أو النجاة. اكتب، افعل أي شيء، أنت ذاكرتك ممتلئة بكل هذا التاريخ الطويل في الحرب والسياسة. المهم أن تستمر العلاقة الشيعية المارونية، قد لا يستمع إليك اليوم الشيعة لأنهم يمتلكون فائض القوة، وقد لا يصغي إليك الموارنة لأنهم متعبون من فقدانهم زعمائهم التاريخيين، وأصبح نصفهم في المهجر وامثالنا في القبر. وما بقي من موارنة قد يغيب عن بالهم بسبب الضخ الإعلامي والاخطا السياسية بأن الشيعة والموارنة شركاء تحت اشاعة الشمس في الزراعة والحصاد والأعياد والأفراح والأتراح وليالي الزجل والعتابا.”
من وقتها بدأت أكتب، لأبين أنه لا علاقة للشيعة بكل ما جرى على الساحة المسيحية، وأن كل ما جرى ويجري هو بسبب الصراع الماروني الماروني. ولكن المفارقة أن هناك طرفاً مارونياً استطاع أن يورط الشيعة في معركة ليست معركتهم، كما استطاع أن يأخذ من الشيعة كل شيء دون أن يقدم لهم حتى ورقة بيضاء في صندوق الاقتراع لسليمان فرنجية، بل انتخب ضدهم ورشح ضدهم من هو على نقيض تماماً مع الشيعة.
اليوم، استقال سيمون أبي رميا من الاطار التنظيمي للتيار الوطني الحر، وعلى الرغم من أن استقالته جاءت متأخرة جداً لانه كان يأمل ان تصلح الامور ويستعيد التيار توازنه ودوره الوطني، إلا أنني لا أعتقد أن استقالته ستغير شيئاً في سياق مسار التيار المتبع، وجميعنا نشعر بالحزن على تيار ناضلنا وقدمنا في سبيله كل ما نملك لاجل قيامة لبنان.
انا كل ما يهمني هو التاريخ المشترك للشيعة والموارنة في هذا الشرق، والذي يجب ان يبقى موحد ومتقارب “الى ابد الابدين”.
١٣/٨/٢٠٢٤
هل يقوم الدكتور جعجع بما قام به الرئيس بشير الجميل؟
بقلم: ناجي أمّهز
لا تتسع المساحة للحديث عن جميع الأخطاء التي ارتكبت في التيار الوطني الحر، وأقلها ما كان يردده الجنرال عون بأنه لا يريد تحويل التيار إلى “حزب العائلة”. بينما نرى أن الوزير جبران باسيل، صهر الجنرال عون، هو رئيس التيار، والنائب آلان عون هو ابن شقيقة الجنرال، والنائب السابق شامل روكز كان أيضًا صهر الجنرال. كما أن الأستاذ روي الهاشم، رئيس مجلس إدارة “قناة أو تي في”، هو أيضًا صهر الجنرال، بالإضافة إلى النواب ماريو عون وسليم عون، وحتى القيادي في التيار نعيم إلياس عون هو ابن شقيق الجنرال ميشال عون.
ومن بين هذه الأسماء من غادر ومن بقي، ومع ذلك لا يزال الجنرال عون يصرّ على أنه لا يريد تحويل التيار إلى تيار العائلة. وفي المقابل، ينتقد التيار الوطني الحر شعار حزب الكتائب الذي كان “الله، الوطن، العائلة”.
وأنا لا أتدخل في هذه الأسماء؛ فهذا تيارهم وهم أحرار فيه. لكنني أصف واقعًا كان السبب الرئيسي في انقلاب الرأي العام المسيحي على التيار، بسبب التناقض بين المواقف والتصرفات. ولبنان صغير، والجميع يعرف الجميع، وكل شخص معروف بما لديه وما عليه.
ولولا حزب الله وما قدمه في الداخل اللبناني وفي سوريا ضد داعش، بالإضافة إلى قانون الانتخابات النسبي، لكان التيار الوطني الحر قد وصل إلى ما وصل إليه اليوم منذ عقد. وربما لا يكون الوزير باسيل منزعجًا من هذه الإقالات والاستقالات؛ فهؤلاء كانوا رفاق الجنرال عون، وليس لهم شيء على الوزير باسيل.
ربما يستفيد الوزير باسيل من طرد البعض واستقالة البعض الآخر، والإدارة الأمريكية تعرف بالتأكيد أن طرد هؤلاء والضغط على البقية حتى استقالوا كان بسبب عدم انتخابهم للمرشح الرئاسي الوزير جهاد أزعور. مما يعني أن الوزير باسيل ليس قريبًا من حزب الله، على الأقل في تصرفاته. بل عمل على إسقاط الوزير سليمان فرنجية، مرشح الثنائي أمل وحزب الله، وحاسب كل من دعم الثنائي. ومع ذلك، لا يزال الوزير باسيل يتقرب من الرئيس نبيه بري ويغازل حزب الله.
مع كل هذه التناقضات التي حدثت في التيار، انتقلت شريحة واسعة إلى الجهة المقابلة، وتجاوزت شعبيته الدكتور جعجع الـ 70% من مجمل المسيحيين اللبنانيين في الداخل والخارج، بينما يتقاسم الـ30% بقية الأحزاب. وفي أفضل الأحوال، لا تختلف حصة التيار الوطني الحر كثيرًا عن حصة تيار المردة وحزب الكتائب، وإن كان النائب نعمة إفرام يشاركهم بنفس الحجم أو يزيد عنهم.
ولولا الأصوات التي منحها الثنائي الشيعي للتيار الوطني الحر، لكانت كتلة نواب التيار لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة، علما ان النواب الذين تم فصلهم أو استقالوا، لهم شعبيتهم ووجودهم. أما مع نواب جدد، فلا يمكن التكهن بعدد كتلة التيار النيابية.
لكن حتى لو اكتسحت كتلة الدكتور جعجع المسيحية في البرلمان القادم وحصلت على ما حصل عليه الجنرال عون عام 2005 عند عودته من المنفى، فإن حظوظ الدكتور جعجع في الرئاسة تبقى بعيدة المنال لأسباب كثيرة، أهمها أنه قطع “شعرة معاوية” مع الثنائي الشيعي. ولا يمكن وصول أي شخص إلى سدة الرئاسة اللبنانية دون تسوية تحفظ حقوق الجميع. هذه التسوية أساسية بحكم أن المنصب الأعلى في الجمهورية اللبنانية لا يمكن أن يكون معاديًا لأي فريق لبناني، ولا أن يحاول أن يفرض نفسه بمنطق القوة أو بحجم تمثيله في طائفته. وإن كان هذا التمثيل شرطًا أساسيًا، إلا أن رئاسة الجمهورية ليست زعامة طائفة، بل هي زعامة وطن بكل طوائفه.
وبما أن الصراع بين الكتل المسيحية قد انتهى واصبح الدكتور جعجع كما كان الرئيس بشير الجميل زعيما دون منافس او منازع، نستذكر الخطاب الشهير للرئيس بشير الجميل في 14 شباط 1982، الذي قال فيه: “أنا رئيس كل لبنان، وليس لفئة دون أخرى”، وأشار إلى أن المقاومة المسيحية لا يمكنها أن تبقى محض مسيحية عندما قال: “أنا من المقاومة اللبنانية التي كانت محض مسيحية، ونجحت المقاومة اليوم أنها تصير مقاومة لبنانية”.
اليوم، المطلوب من الدكتور جعجع أن يكمل ما لم يكمله الرئيس بشير الجميل، وأن يفتح أبواب القوات اللبنانية لتكون لكل اللبنانيين بالانتساب، وأن يكون خطابه ممهدًا لوصوله إلى الرئاسة، حيث يكون رئيسًا لكل اللبنانيين.
اليوم، هناك من يتطلع إلى دور الدكتور جعجع والقوات اللبنانية على المستوى الوطني، وكيف سيتعاملون مع الأزمات الداخلية وما قد ينتج عن الصراع مع العدو الإسرائيلي.
الجميع متأكد من أن القوات لن تتنازل عن دورها الوطني في الوقوف إلى جانب النازحين، وتأمين مناخات إيجابية وهادئة ومستقرة تمتد من الجبل إلى جبيل وصولًا إلى الشمال.
خاصة أن الزعيم وليد بيك جنبلاط منسجمًا مع النائب الأستاذ جورج عدوان في الجبل، وهناك هذا التناغم في الموقف المتوازن الذي يقوم به الأستاذ عدوان، فيما يتعلق بالخيار السياسي الوطني، على الأقل على مستوى القاعدة المسيحية في الجبل.
بالمحصلة، لبنان أمام مفترق طرق، وما يجري في المنطقة يستدعي تضامن الجميع. لكن يبقى السؤال الأكبر والأهم: هل ستبدأ القوات اللبنانية بالتحرك نحو التمثيل الماروني الكامل، خاصة أن كتلتها الوزارية شهد لها الجميع بمناقبيتها؟ أم أن القوات ستبقى في المعارضة.
وهل ستكون هناك تسوية جديدة بعد خروج التيار الوطني الحر من معادلة الأحجام، تمهيدًا لوصول القوات اللبنانية إلى سدة رئاسة الجمهورية اللبنانية بعد انتهاء رئاسة سليمان بك فرنجية، التي يستحقها بكل جدارة نسبة إلى مواقفه التاريخية والوطنية، وشفافيته الصادقة التي عبر عنها صراحة عندما قال: “إذا أردنا الاستمرار بنظرية ومنطق الرئيس عون والتيّار الوطني الحر لناحية أن يكون رئيس الجمهورية الأكثر تمثيلًا للمسيحيين، فيجب أن يكون جعجع المرشح الطبيعي للتيار الرئاسي”.
إذن، هل تنطلق عملية الوصول إلى نقاط التلاقي بين الأقوياء، وانتهاء الماضي الذي أصبح من الماضي، والتطلع نحو الغد لبناء لبنان؟
أم يبقى كل واحد في مكانه، ونعيد الماضي الذي في النهاية يخرج الجميع منه خاسرين، والخاسر الأكبر هو لبنان؟
١٥/٨/٢٠٢٤
إسرائيل ستقبل بوقف النار في غزة لكنها مصرة على قتال حزب الله
بقلم ناجي أمهز
قريبا جدا جدا سيُعلن أن الحرب انتهت، وسيتم وقف إطلاق النار في غزة، والجميع ذاهب نحو تسوية كبيرة.
هذه التسوية التي ترعاها أمريكا ووافق عليها العرب، الذين سيتبرعون لإعادة إعمار غزة، تشمل أنه لن يكون هناك أي فصائل مقاومة في غزة، وأن المنطقة التي ستطلق منها رصاصة واحدة من داخل غزة سيتم تدميرها.
سيتم السماح بدخول الأدوية والغذاء والمحروقات، وستنتشر الهيئات الإنسانية الدولية وأعضاء شرطة البلديات المحلية بموافقة وإشراف الحكومة الفلسطينية.
لن يُطلق سراح أسرى حماس من سجون الاحتلال الإسرائيلي، ولن يتم الإفراج عن أي معتقل من حماس شارك في القتال بعد 7 أكتوبر 2023، إلا بعض الأشخاص الذين يمكن الإفراج عنهم بموجب قوانين الكيان أو بانقضاء مدة أحكامهم، وإن كانت الأولوية للأحكام القصيرة.
بالمقابل، يجب على حماس الإفراج عن جميع الأسرى من المستوطنين الإسرائيليين، سواء كانوا أحياءً أو أمواتاً.
هذا هو أقصى ما تستطيع واشنطن تحقيقه وإلزام نتنياهو به، وفي حال رفض هذا الحل، فإن القتال قد يستمر حتى يُقتل أو يُرحّل آخر فلسطيني من غزة. وبعد استشهاد وجرح أكثر من مائة ألف فلسطيني، ما يحدث في العالم هو أكثر ما يمكن تحقيقه. وهناك دراسات تؤكد أنه لو قُتل جميع الفلسطينيين، فإن الرأي العام العربي لن يتحرك، بل ربما قد اعتاد المشهد الذي أصبح يعتبره مملاً. أما الغرب، فرغم انتفاض نخبه وجامعاته ضد ما يحدث، فإنه في النهاية لن يحمل السلاح للدفاع عن أطفال فلسطين.
وكذلك اسرائيل ولو ارتكبت المزيد من المجازر فانها لن تنحدر اكثر مما انحدرت اليه فهي الان في القعر في الاسفل، وقد تحتاج الى سنوات طويلة لاصلاح بعض ما خسرته في هذه المعركة.
كما ان حماس وبقية فصائل المقاومة اطلقت من داخل غزة ما يقارب ال ١٠ الاف صاروخ، وهذه النتيجة.
اذا كانت حماس تريد رفض المفاوضات لانها تملك ١٠ الاف صاروخ اضافي وتريد اطلاقهم، الخيار لها.
لكن الذي يدفع الجميع اليوم للتواجد والبحث جديا بالحل ووقف اطلاق النار ليس امريكا ولا العرب او الشعوب العربية التي لم تقف مع حماس، بل هو الخوف النيران التي قد يطلقها محور المقاومة الذي يدافع عن حماس والشعب الفلسطيني.
او ربما المجهول التي قد تدخله المنطقة بحال توسعت رقعة الحرب التي يسعى نتنياهو الى توسعتها.
وتشير بعض السيناريوهات التي كشفها الإعلام الأمريكي إلى وجود توجه لدى الإدارة الأمريكية، وخصوصاً الحزب الجمهوري، لبناء قواعد عسكرية أمريكية في غزة. وما كشفه موقع “إنترسبت” عن وجود قاعدة عسكرية أمريكية سرية في صحراء النقب هدفها مراقبة الصواريخ المحتمل إطلاقها من إيران نحو الكيان الإسرائيلي.
مما يعني في النهاية أن أمريكا ليست متضررة من قتل وتهجير سكان غزة. ولهذا أشار الأمين العام لحزب الله إلى أن أمريكا تنافق، فهي لا تريد وقف إطلاق النار، وحتى قال السيد نصرالله في إحدى خطاباته: “هل يعقل أن أمريكا عاجزة عن وقف إطلاق النار؟”
إضافة إلى أن الأسلحة والقنابل التي تصل إلى جيش العدو الإسرائيلي هي قنابل تدميرية فقط، أي أنها قنابل غبية مهمتها إحداث أكبر قدر من الدمار وعلى مسافات شاسعة.
لكن اسرائيل التي تخشى بقوة رد الجمهورية الاسلامية في ايران لذلك توافق ضمنيا على اي مسعى لواشنطن من اجل وقف اطلاق النار لتجنب الرد الايراني الذي باي صورة اتى سيشكل هزيمة لنتنياهو وحكومته.
ولكن بالمقابل فإن إسرائيل لا تريد للحرب أن تتوقف على الجبهة اللبنانية، وعندما تبحث عن سبب استمرار الحرب، ستجد اضافة الى تحريض بعد الدول العربية واللوبيات ومنها اللبنانية التي تطالب بانهاء دور حزب الله، تجد اضافة بأن إسرائيل قد ركزت أقماراً صناعية، أهمها “أفق 13” الذي يستطيع تصوير وكشف الأهداف بدقة تصل إلى عشرين سم. ويمر هذا القمر كل 90 دقيقة فوق لبنان وسوريا وإيران، مما يعني أن المنطقة مرصودة بأدق التفاصيل، وخاصة أن هذه التقنيات قد تم دمجها بالذكاء الاصطناعي القادر على التطور والتكيف بطريقة رهيبة بفضل الحواسيب الكمومية التي تستطيع إجراء محاكاة تفوق أكبر الحواسيب العادية بألوف المرات.
“أفق 13” الذي أطلقته إسرائيل في مارس 2023، قادر على تصوير المنطقة بأسلوب الفيديو الشبيه بالكاميرات، حيث يسجل تسلسلاً زمنياً للصور يشبه الفيديو ولكن بمعدل إطارات منخفض مقارنة بكاميرات المراقبة التقليدية. يقوم “أفق 13″، المدمج مع الذكاء الاصطناعي، بالعودة إلى أي عملية إطلاق صواريخ حصلت، ليذهب إلى ما قبل تاريخ العملية ويحدد إذا كانت هذه الصواريخ قد نُصبت حديثاً، وهكذا يتتبع مسار الصواريخ والطرقات والممرات التي سلكتها او من اين تم خروجها، كما يمكنه رصد من قام بعملية الإطلاق، إلى أين ذهب، وأين جلس، وربما يتتبع اتصالاته، ليصبح هذا الشخص مستهدفاً أينما كان.
ويعتقد العدو الإسرائيلي أنه خلال عام أو أكثر، ستصبح كافة قواعد حزب الله مكشوفة له، وكذلك غالبية مقاتليه.
كما أن العدو الإسرائيلي يعرف ويدرك أنه عاجز تماماً عن القضاء على حزب الله أو هزيمته، لكنه يسعى لإضعافه، خاصة أن حزب الله في الأشهر الأخيرة اكتسب عدة مهارات تشكل له قوة اضافية تكسبه مرونة في العمل السياسي اللبناني، مما يمنحه حضورا اكبر وافعل، خاصة ان حزب الله منذ نشاته تجنب صراعات السياسة الداخلية.
لكن ما عاشه حزب الله بالسياسة خلال الاشهر المنصرمة وفي اصعب الظروف، لن يكون حزب الله السابق الذي يمرر الطعنات السياسية، خاصة في ظل متغيرات إقليمية كبيرة بعد عملية “طوفان الأقصى” وما أفرزته وأنتجته.
وحزب الله الذي توسعت شعبيته إلى مختلف الطوائف بفضل تضحياته وثبات موقفه وصدقه وشفافيته، لم يعد بحاجة إلى جهد سياسي كبير، بل أي عملية سياسية يقوم بها ستكون كفيلة بأن يقف خلفه كل الشعب اللبناني.
كما أن حزب الله الذي نجح إعلامياً عبر المواقع الإلكترونية التي أظهرت فعاليتها وغزت العالم للدفاع عن القضية الفلسطينية، قد فتحت أمامه آفاقاً جديدة تحل مكان الفضائيات التي تبين انها موجهة الى فئة ربما بغالبيتها لم يعد فاعلا في عصر وزمن الذكاء الاصطناعي، واليوم من يمتلك الوقت لمشاهدة برنامج او حلقة على التلفاز.
وتعترف إسرائيل ضمنياً أن كل ما يشاع عن أن ما يحدث في جنوب لبنان هو بسبب دعم حزب الله لغزة، هو هراء لان اسرائيل مصممة على ضرب حزب الله وإضعافه
فإسرائيل، التي يبلغ تعداد شعبها 7 ملايين يهودي، لن تقبل بأن تعيش في قلق دائم بسبب حزب الله الذي يهدد شمالها.
لذلك تعترف اسرائيل بان تحرك حزب الله في جنوب لبنان كان مدروسا بدقة متناهية ولولا هذا التحرك لانتهت معركة غزة قبل اشهر وكان انتقل جيش العدو الاسرائيلي الى تدمير لبنان، لكن حزب الله نجح بكسب الوقت وتخفيف الضغط عن الشعب الفلسطيني وحماية لبنان وخاصة المناطق الشيعية التي كان مصيرها كمصير غزة، كما نجح حزب الله باستنزاف وارهاق الكيان الاسرئيلي على كافة المستويات، خاصة بتهجير سكان شمال فلسطين المحتلة.
كما أن إسرائيل التي اغتالت هنية في طهران وبعض قيادات حزب الله تقوم بهذا الفعل كي تحصل الحرب الكبرى وتشرك امريكا وبعض الغرب والعرب معها، فالشرق لم يعد يتسع، اما اسرائيل وحلفائها، او محور المقاومة.
وإسرائيل الغارقة في بحر الدم لن تجد فرصة أعظم من هذه الفرصة للقضاء على كل أعدائها، وفي مقدمتهم حماس وحزب الله، وحتى إسقاط النظام في سوريا أو إدخاله في فوضى عارمة لا تبقي حجراً على حجر،
إسرائيل تعلم إن وقف إطلاق النار في غزة ولبنان هو هزيمة لها وضياع لفرصة قد لا تتكرر مرة أخرى.
وقف اطلاق النار انتصار لمحور المقاومة خاصة ان هذا الشرط منذ اللحظة الاولى ركز عليه محور المقاومة مما يعني انه بحال تم وقف اطلاق النار تم تطبيق الشرط الاساسي الذي طالب فيه المحور منذ اللحظة الاولى.
١٧/٨/٢٠٢٤
لا يوجد في جبيل وكسروان بيع عقارات لا لحزب الله ولا للغرباء
بقلم ناجي أمهز
منذ أسبوع، ضجّ الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي في منطقتي جبيل وكسروان بخبر بيع عقار لأحد قيادات حزب الله. وما إن شاع الخبر حتى انتفض الأهالي، وكأن من يود شراء العقار بينهم هو قنبلة نووية موقوتة.
ولكن تبيّن فيما بعد أن الشخص المعني هو شيعي، ولكنه ليس منتسبًا لحزب الله، وكل ما في الأمر أنه سأل عن إمكانية شراء عقار.
قبل عامين، في 2022، أثار مقال نُشر على أحد المواقع الإلكترونية تحت عنوان “إيران تشتري أراضي المسيحيين في لبنان” ضجة كبيرة. كان المقال يتحدث عن شخص عربي مجنّس من أصل إيراني يشتري أراضي وعقارات بتكليف من حزب الله، ويبيع أرباح كل صفقة للحزب بقيمة لا تقل عن 50 ألف دولار.
أثر هذه المقالة تدخّلت مؤسسات مارونية كبرى، وكاد الموضوع يتحول إلى خلاف كبير بين المكونات اللبنانية.
الكنيسة وكافة القوى السياسية المارونية لا تخفي أو تخجل من إعلان موقفها الواضح ضد بيع الأراضي للغرباء تحت أي عذر.
في جبيل وكسروان، هناك جهات تتابع بدقة أي بيع لأي عقار للغرباء، فالمسيحيون في المنطقة يعارضون بشدة أي تغيير ديموغرافي أو جغرافي.
يدرك حزب الله حساسية موضوع العقارات والتغيير الديموغرافي، خاصة في جبيل وكسروان، ولذا فإن جميع قيادات حزب الله في هذه المناطق هم من أبناء جبيل وكسروان نفسها. بينما في بقية مناطق لبنان، قد تجد أن ابن البقاع مسؤول في الجنوب أو ابن الجنوب له مسؤوليات في البقاع أو بيروت، لكن في جبيل وكسروان، حتى في المجالس الحسينية، تجد فقط أبناء المنطقة.
منذ عام 2019، بدأت تظهر على الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي مزاعم بوجود “حرس ثوري” أو “احتلال إيراني” في جبيل. وتبيّن أن سبب هذه المزاعم من قبل بعض الساسة والإعلاميين الموارنة هو أنهم لاحظوا تطورًا وحراكًا سياسيًا واجتماعيًا لدى شيعة جبيل وكسروان لم يعهدوه بهذا الحجم من قبل، مما جعلهم يعتقدون أن إيران والحرس الثوري وراء هذا التطور.
أمام هذه الشكوك، ولإبعاد حزب الله مثل هذه الشبهات التي هي غير صحيحة بالمطلق عن شيعة المنطقة، فإنه لا يوجد حتى في الاحتفالات المركزية لحزب الله حضور لغير أبناء المنطقة.
وحقيقةً، إذا كان لدى الموارنة هاجس من تغيير الديموغرافيا في كسروان وجبيل، فإن الشيعة لديهم “فوبيا” من بيع الأراضي للغرباء، فهم لا يؤجرون حتى للغرباء، ووحتما وبكل تأكيد فانه لا يعقل ان تكون لقيادات الحزب أي دور في سمسرة العقارات سواء في البيع أو الشراء. حزب الله هو حزب مقاومة له دوره الوطني، ممنوع على قياداته التدخل في هذا الأمر لا من قريب ولا من بعيد.
بل إن قيادة حزب الله في المنطقة شغلها الشاغل وحرصها الكبير هو تعزيز الترابط والتقارب الشيعي المسيحي، لذلك لا حاجة له لمثل هذه الأعمال التي تؤدي إلى نتائج خلافية كبيرة، وهو لن يجني منها شيء لا على المستوى الاجتماعي ولا السياسي.
أهالي جبيل وكسروان، وخاصة الشيعة، غير مستعدين لبيع متر واحد من أرضهم ولو بمثقاله ذهبًا.
شيعة جبيل وكسروان يتغنون بكونهم فلاحين يؤمنون بمقولة “فلاح مكفي أمير مخفي”، وهم يعشقون الأرض ويحسنون إصلاحها وزراعتها كما يعشقون أبناءهم ويحسنون تربيتهم وتعليمهم، وهم اليوم في أرفع المراتب العلمية.
في قرى جبيل وكسروان، سواء كانت مسيحية أو شيعية، يُعتبر بيع الأرض للغرباء عملاً معيبًا للغاية بحق البائع، ولن يهنأ الشاري، لأن لهذه القرى خصوصيتها وعاداتها وتقاليدها. وكلمة “غريب” مشهورة في المنطقة، فإذا لم تكن ابن المنطقة أبًا عن جد، فإن كلمة “غريب” ستلاحقك إلى ما لا نهاية.
الجميع يعرف أن من يبيع أرضه في جبيل وكسروان لغريب لا يمكنه البقاء في القرية أو في المنطقة كلها لأن الناس ستأكل وجهه.
كما لا يجرؤ مختار أو رئيس بلدية، شيعيًا كان أم مسيحيًا، على توقيع عقد بيع أرض أو منح رخصة أو أن يكون شاهدًا على عقد بيع أو شراء لغريب، وإلا سينتهي من العمل الاجتماعي ولن يجد من ينتخبه. كذلك أي نائب يُعرف عنه أنه سمسار لبيع أرض لغريب يتم مهاجمته وطرده من العمل السياسي.
أي حزب مهما كان حجمه، عندما يدخل في هذه الزواريب قد لا يخرج منها بسهولة في المنطقة.
في جبيل وكسروان، من المحرمات بيع متر واحد لأي غريب كان. نشهد العديد من المشاكل على العقارات منذ فترة طويلة جدًا وقد تستمر لفترة طويلة جدًا.
تُعتبر جبيل وكسروان قلب الكنيسة وروحها وأرض قديسيها، ومساحة للعيش المشترك بين المسيحيين والشيعة منذ قرون مضت، لذلك تحرص كافة القوى السياسية المسيحية بشدة على الجغرافيا الجبيلية الكسروانية. وهذا الأمر نفسه موجود عند شيعة المنطقة الذين لا يقل حرصهم عن حرص المسيحيين فيما يتعلق بالجغرافيا والديموغرافيا.
الرجاء وقف مثل هذه الاشاعات وليعلم الجميع، انه في جبيل وكسروان اصلا حزب الله لا يريد شراء عقارات وشيعة المنطقة لن يبيعوا للغرباء، لانهم بغنى عن الخلافات مع جيرانهم، وهم ملتزمون بما الزم مسيحيي المنطقة انفسهم.
١٧/٨/٢٠٢٤
علّقت إحدى الشخصيات الشيعية على المقال: “لا يوجد في جبيل وكسروان بيع عقارات لا لحزب الله ولا للغرباء”.
اصلا ليس المسيحيين وحدهم ضد بيع العقارات في المنطقة بل نحن الشيعة ايضا نرفض بيع العقارات للغرباء من خارج المنطقة.
أن الشيعي الذي يبيع أرضه في جبيل وكسروان لاي غريب عن المنطقة، لن يكون قادرًا على شراء قطعة أرض بديلة عنها.
بمعنى أوضح، الشيعي الذي يبيع الأرض لشخص من خارج جبيل ربما لن يستطيع شراء قطعة أرض من مسيحي في المنطقة، لأن المسيحيين يدركون قيمة الأراضي وأهميتها في كسروان وجبيل ويعتبرونها جزء من وجودهم وحياتهم ومن الصعب جدا ان تجد من يريد ان يبيع، مما يعني أن الشيعة الذين يبيعون اراضيهم هم يخسرون أراضيهم ووجودهم وثقلهم، ويحل مكانهم غرباء من خارج المنطقة. وهؤلاء الغرباء ليس لهم دور سياسي أو اجتماعي في المنطقة كونهم غير ناخبين او مؤثرين في المنطقة.
فالشيعي الذي يبيع ارضه للغريب يخسر ارضه وجذوره.
كل من يبيع أرضه لغريب هو شريك في إضعاف الدور الشيعي في المنطقة، خاصة أن أهالينا أفنوا أعمارهم في امتلاك واستصلاح هذه الأراضي التي هي جنة الله على الأرض.
كما انه لن يجد الجبيلي والكسرواني ان كان مسيحيا او شيعيا بديلا عن هذه الارض بتعايشها.
والغريب الذي يريد ان يصطاف في مناطقنا يمكنه الاستئجارلماذا ابيع الغريب وانا لا اعرف كيف يتصرف او كيف سيتعامل معي ومع اولادي او السكان الاصليين لاهل المنطقة.
١٨/٨/٢٠٢٤، ٩:٥٦ ص – .: وتستمر موجة التفاعل حول منع بيع الأراضي في جبيل وكسروان.
ناجي امهز
تلقيت العديد من الاتصالات، لكن هذا الاتصال استوقفني، وأنا أنشره لما له من دلالة وطنية واجتماعية وتوضيح للكثير من النقاط.
“أرضنا مش للبيع. أولًا، لأن جبيل وكسروان تتميزان بخصوصية لا مثيل لها في العالم وهو العيش المشترك الحقيقي والمبني على تجارب وتقارب عمرها عقود. وثانيًا، كل شجرة وكل متر أرض أُخذ من أجدادنا سنوات طويلة لتصبح بهذا الجمال. وثالثًا، مساحة جبيل وكسروان صغيرة، يعني هيدي الأرض بالكاد تسعنا وتسعكم.
والأهم، انه المسيحي للي يبيع أرضه في جبيل وكسروان يكون ضد التوجه العام المسيحي. أرضنا هي أرض قديسين، أرض سياحة دينية من مختلف دول العالم. يعني، من يبيع أرضه للغريب ليكسب بعض المال على حساب قريته وناسه، نحن جميعًا سنكون ضده، وكمان بنفس الوقت لازم يلي بحاجة للمال وعنده شقفة ارض نشوف بيناتنا كيف نساعده، ويمكن اذا واحد من الضيعة اشترى منه الارض يمكن اولاده او هو الشخص نفسه بعد فترة يردها ما بتبقى الدني معسرة، بس اذا بعنا للغريب كيف بدنا نردها، اصلا اذا كل واحد منا في القرية افتقر وتركناه يبيع أرضه وبيته، شو بيبقى من من التضامن العائلي والروح القروية والقرية وذكرياتها؟
بس يلي معه مصاري وببيع ارضه، هيدا اصلا ما بيستحق يكون من الضيعة وبلاه وبلا وجوده بالضيعة، لان هيك نفسية جوعانة خسيسة بتأذي اهل الضيعة، والغني يلي ما بساعد اهل ضيعته وناسه، لشو هو ومصرياته.
ابن البيت والكريم هو يلي بيشتري الارض من ابن الضيعة كرمال ما يبيعها للغريب وبس يصير معه بردله ياها، وليش في حق الشفعة بكل الاديان والاعراف والقوانين.
ونحن مش ضد بيع الأراضي للشيعة أو الغرباء عن المنطقة . هناك قرى مسيحية مفصولة عقاريًا، مثلاً: قرية مسيحية مسجلة عقاريًا في جبل لبنان وأخرى على نفس الحدود مسجلة في الشمال. إذا كان المسيحي في جبل لبنان يريد شراء أرض في القرية المسيحية المسجلة عقاريًا في الشمال، نحن لا نقبل. نحن نعيش دائمًا معًا، جيران وأحباب وأهل، والحيط على الحيط، منرفض نبيعه او منقاطع يلي ببيعه او منضل الناقر فيه ونحكي عنه، وكل ما دق الكوز بالجرة منقول الله يلعن فلان يلي باعه.
لك اذا واحد ببيع ارضه لغريب وبفوت على المجلس ما حدا بيوقفله يا زلمي.
معقول نجيب واحد غريب على الضيعةيصير بدو يشاركنا مين نحط مختار ومين نحط رئيس بلدية وينقارنا، ويقعد بيناتنا باجتماعات الضيعة لا منعرفه ولا بيعرفنا ونحكي قدامه مشاكلنا وعيوبنا وخلافاتنا، لك هالحكي ليك، يعمي الضيعة بيت واحد.
مسألة البيع أو عدمه ليست كراهية أو حقد طائفي أو حتى امتناع عن تمليك اللبنانيين، بس الضيعة هي البيت. هل يعقل أن أجلب شخصًا غريبًا وأعطيه غرفة في قلب بيتي؟ القرية هي الثقافة التي أعيش فيها، وأتذكر فلان وفلان. القرية هي المكان الذي أطمئن فيه على بناتي وأولادي وأحفادي، يلعبون بسلام وفرح دون أن يؤذيهم أحد أو يعتدي عليهم، لأننا كلنا أهل وأقارب.
نحن في جبيل وكسروان هكذا. نحب كل شخص يقف ضد بيع الأراضي، ننتخبه وندعمه ونصوت له.
هل فكرت لماذا يحب الناس الدكتور فارس سعيد؟ مع أنه سعيد ليس مشرعًا قانونيًا أو دستوريًا، ولا هو رجل اقتصادي أو غني ليوزع أمواله على الناس. فارس سعيد من الجرد، وكل جردي مرتبط بأرضه أغلى من روحه. فارس سعيد دائمًا يطالب ويسعى لمنع بيع الأراضي، ويرفع الصوت ليمنع شراء الأراضي أيضًا. كرمال هالسبب، غالبية الجرد مع فارس سعيد.
لو أن نائبًا من حزب الله طالب بمنع بيع الأراضي للغرباء، نصف المسيحيين في المنطقة سيؤيدونه. ولو أصدر رجل دين شيعي فتوى بمنع بيع الأراضي، سيصبح مرجعًا مسيحيًا.
لا يمكننا تغيير ديمغرافية وجغرافية المنطقة. أصلاً، مساحة جبيل وكسروان صغيرة جدًا، يعني عشرة أغنياء يمكنهم شراءها كلها إذا عُرضت للبيع، ونحن أرضنا ليست للبيع.
المسيحي الذي يبيع أرضه في المنطقة للغريب أو لشخص شيعي من خارج المنطقة، يكون هو من يسعى للفتنة ويحاول إشعال الخلاف بين المسيحيين والشيعة. وهذا المسيحي يكون خارجًا عن الإجماع المسيحي، لذلك يجب على الشيعة ألا يقعوا في هذا الفخ.
والشيعي الذي يبيع أرضه في المنطقة لشخص غريب، يعني أنه ضد حزب الله، لأنه بذلك يساهم في تقليب الراي العام المسيحي على الشيعة، وحتى الشيعة بقلب الضيعة بينقسموا.
لا يمكننا بيع أراضينا في القرى للغرباء. في المدينة، إذا اشترى الشخص شقة ووجد جاره سيئًا، يمكنه بيعها بخسارة والانتقال منها. أما في القرى، كيف يعني منهج من لاقرية كرمال واحد معه قرشين سكن فيها، وكيف يمكننا أن ندخل أشخاصًا لا نعرفهم ولا نعرف ثقافتهم وعقليتهم، ونضعهم بيننا؟ هذا غير ممكن ولن نسمح بذلك، ما بدها زعل.”
يعني الموضوع مش سياسي او ديني ولا هو مسيحي وشيعي.
١٨/٨/٢٠٢٤
يا إعلام لبنان، لا تدخلنا بين ألان عون ونعيم عون والجنرال عون.
بقلم ناجي أمّهز
مع احترامي الشديد للنائب ألان عون والأستاذ نعيم عون، لكن إذا كان الخلاف عائليًا بين الجنرال عون وابن أخته وابن أخيه، فما دخل الشعب اللبناني كله بهذا الخلاف العائلي؟
هذه مشكلة عائلية، فلماذا يجب على الإعلام اللبناني إدخال الشعب اللبناني في شيء، برأيي، لا يهم أحدًا.
يعني اذا طلع الحق مع النائب الان عون او الاستاذ نعيم عون او ما طلع، يعني شو بيتغير مع الشعب اللبناني، بصير في كهربا بلبنان.
ولماذا الانزعاج من وزارة الطاقة انه لا يوجد كهرباء في لبنان، الحق ليس على وزارة الطاقة بسبب عدم وجود كهرباء. الحق على الشعب اللبناني الذي لم يركب طاقة شمسية وطاقة هوائية ولم يشترك في المولدات. لو أن الشعب اللبناني فعل كل هذه الامور، لتوفرت لديه كهرباء.
كما ان الحق ليس على سد المسيلحة الذي لم يمتلئ بالماء، الحق على الماء الذي لم يعرف كيف يبقى مجمعًا في سد المسيلحة. حقًا، عيب على الماء ألا يبقى في مكانه.
وانا من ناحيتي لا اشعر بالحر، ليس لانني استخدم المكيف، بل لانني استمع الى فيروز “رجعت الشتوية” فاشعر بالبرودة، فانا اصدق فيروز اكثر بكثير مما اصدق هذا الطقم السياسي الذي وعدني بالكهرباء والبحبوحة وان اعيش لو ليوم سعيد قبل مماتي في هذا الوطن البائس.
والشعب اللبناني سمع غلط النفض انه نفط، والسياسيين قالوا بدهم ينفضوا البلد نفض، وبالفعل نفضونا نفض، في شي مواطن مش منفوض نفض.
ومن ناحية أخرى، قد تقع حرب في أي لحظة ويصبح لبنان مثل غزة وربما أسوأ، ونحن مشغولون بما قال فلان أو علّتان.
صدقوني، الشعب اللبناني الذي سُرقت ودائعه وهاجر أبناؤه وبقي وحيدًا، يتجادل مع زوجته طوال النهار، يدعو الله أن تقع الحرب ليخلص من هذه الحياة ومن غالبية هذه الطبقة السياسية التي عجز ملك الموت عن التخلص منها.
والذي يكره الحزب وحلفاءه، يدعو الله أن تقع الحرب لعل الحزب يضعف أو حتى يخسر، فينتهي دوره وتحل مكانه قوة جديدة.
والذي يكره الذين يكرهون الحزب، يدعون الله أن تقع الحرب ليفوز حزب الله ويفرض سيطرته ويختار رئيس الجمهورية الذي يريده.
والذي هو حليف الحزب، يدعو الله أن تقع الحرب ويضعف الحزب ليظل بحاجة إليه، لأنه يظن أن الحزب إذا أصبح قويًا، سيتخلى عنه.
والذي كان حليفًا للحزب وتركه باصعب الظروف واحلكها واسودها وافظعها واخطرها، يدعو الله أن تقع الحرب ويخسر الحزب، ليُظهر له أنه كان محقًا عندما رفض دعم جبهة إسناد غزة.
ويبدو أن حزب الله هو الوحيد الذي يدعو الله ليل نهار ألا تقع الحرب من أجل الناس، خاصة ان الحزب لا يريد شيء من احد ولا ان يفرض اي شيء على اي احد.
حقًا، دعونا نرى على الأقل ما الذي سيحدث إذا تم رفع الدعم عن الطحين، خاصة وأن هناك 3 ملايين نازح سوري في لبنان.
دعونا نصلي لربنا أن يبعد عن هذا الوطن شبح الحرب.
وان يعود كل مهاجر الى بيته الى حضن امه وان يقف بجانب والده كي يكون عكازه بكبره.
دعونا نفكر للحظة كيف نحاسب غالبية هؤلاء السياسيين وأصحاب البنوك ونسترجع الأموال التي سرقوها من عرق وتعب الناس، لأن الناس يموتون من القهر.
١٩/٨/٢٠٢٤
جبيل وكسروان وهداوة البال والعيش المشترك
بقلم ناجي أمّهز
رغم اشتعال المنطقة بحر أب والحرب، يبقى الصباح جميلاً في كسروان وجبيل. عندما تخرج لإلقاء التحية على رب العالمين، تشعر أن الهواء نقي والهدوء والسلام يعمّان حياتك، رغم صعوبة الحياة بسبب الطبقة السياسية. لكن الله عوضنا في هذه المنطقة بجبالها وأشجارها عن كآبة السياسيين الذين هدفهم تنغيص حياتنا.
نحن في جبيل وكسروان، مسيحيين ومسلمين، نعيش حياة هانئة مطمئنة يسكنها الأمل بالغد، وأن تبقى هذه المنطقة حجر الزاوية الذي في كل مرة يبنى عليه لبنان الجديد.
بالأمس، كتبت عن قصة بيع العقارات وكل ما يُشاع من كلمات ومفردات حول الشيعة والمسيحيين، ونغمة “بيشبهونا وما منشبههم”، وكل هذا الكلام الذي يقال عنه انه بلا طعمة وبلا قيمة، من وين ما صدر.
وقال لي أحد العباقرة المسيحيين بصوت سعيد عقل: “يا ناجي، عندما تكتب، تحفر في الدماغ حفراً، وتصير الكلمات غصباً عنها تدخل إلى الرأس، وكل شخص كسرواني أو جبيلي يهاجم شيعة جبيل أو كسروان يكون غريباً عن بلادنا”.
ولا يوجد مسيحي او شيعي في جبيل وكسروان يتحدث كما يتحدث هؤلاء، لان هؤلاء ُغرباء عن المنطقة.
يا عمّي، كيف ما “بتشبهونا ولا منشبهكم”، نحن أخذنا منكم وخلفنا، وأنتم أخذتم منا وخلفتم، فهل رأيت نسر خلف من دجاجة.
عيب هذا الكلام، عيب.
وابن جبيل وكسروان، سواء كان قواتي أو حزب الله، عوني أو كتلاوي، أحرار أو كتائب، فهذا شيء نتحدث عنه في السياسة، لكن ولا مرة سهرنا مع بعضنا وكانت بيننا الأحزاب.
وكل شاب في حياته يختار حزباً أو مجموعة وينضم إليها، لكن عندما يصبح رجل ولديه عائلة وأولاد ومسؤولية، يصبح جاره هو حزبه وأخاه وقوته وابن طائفته.
لنفترض أن الدنيا تغيرت وهاجم أحدهم جبيل وكسروان، هل الشيعي سيترك أرضه ويذهب إلى النجف او قم، وأنا سأترك أرضي والقديسين وأذهب إلى الفاتيكان أو باريس، أم نبقى كتفاً إلى كتف نقاتل وندافع عن المنطقة حتى تنتهي الدنيا.
حتى إذا حدثت مجاعة لا سمح الله وذهبت أنا وأنت إلى باب الكنيسة، هل الكنيسة ستعطيني ولا تعطيك، وإذا ذهبنا إلى باب الجامع، هل الجامع سيعطيك ولا يعطيني.
افعل يا عمّي ما تريده، وكل مسيحي يفعل ما يريده. من مع القوات يبقى مع القوات، ومن مع حزب الله يبقى مع حزب الله، وكذلك باقي الأحزاب، طالما جبيل وكسروان تجمعنا، فلا شيء يفرقنا.
يا عمّي، الحرب الأهلية دامت 15 سنة ولم يحدث ضربة كف في المنطقة، وإذا كان هناك بعض الغرباء الذين أخطأوا بحق الناس، أول ما هدأت الدنيا طردناهم وما حدا بالمنطقة دافع عنهم او احترمهم.
ومن أخطأ من أبناء المنطقة معروفون واحداً واحداً، لم يدخل أحد بيوتهم او مشيِ أحد في جنازتهم.
والناس تلعنهم في الأرض وفي ملكوت السماء.
يا عمي ما حدا شغلهم ماتوا من الجوع، ما في واحد منهم فتح مصلحة وحدا فات اشترى من عنده بالف ليرة.
بجبيل وكسروان ما بتنفع غير المحبة.
والسياسة التي تريد أن تفرق بيننا، لن تقطع نهر الكلب ولن تمرّ من البربارة. كل شخص كسرواني جبيل، شيعي، مسيحي، مهما كان، هو مثلنا ونحن مثله.
منذ 250 سنة اعتنق الأمير ملحم الشهابي المذهب الماروني، بعد أن غير دينه من مسلم سني إلى مسيحي ماروني، ومنذ ذلك الحين بدأ حكم الموارنة. وفي الختام، يمكن أنتم تقلبون مارونيين أو نحن نقلب شيعة، ويمكن كلنا نقلب سنة، كل شيء يتغير في لبنان إلا لبنان يبقى لبنان، وفي كل العالم الناس تنتمي لأديانها وتتبع طوائفها، إلا عندنا في جبل لبنان، الناس تنتمي لجبل لبنان.
وغصباً عني وعنك وعن كل من ليس راضياً، كل من يحمل هوية مكتوب عليها كسروان أو جبيل هو يشبهني ويشبهك.
٢٠/٨/٢٠٢٤
لماذا يفشل الإسلاميون في السياسة ونصيحة إلى حماس
بقلم ناجي أمهز
هذا الكلام الذي أكتبه ليس سراً وإن لم يصل إلى العامة، ولكن كل ما أكتبه هو خلاصة نقاش طويل استمر لعدة أشهر مع العديد من الشخصيات من أجل فهم لماذا العالم يقاتل الإسلاميين بطريقة وحشية ودون هوادة.
اولا: نصيحتي إلى المقاومة (حماس): أنا الآن أخبركم ماذا تريد الولايات المتحدة الأمريكية:
نتنياهو أخبر أمريكا، أوروبا، وحلفائه العرب، والمخلوقات الفضائية أنه غير مستعد لوقف الحرب بل هو يريد ان يقتل بدل المائة ألف، ملايين العرب والمسلمين. وبذهابه إلى أمريكا، حصل على الغطاء والدعم الكامل من اللوبي الصهيوني، لذلك اغتيال الشهيد هنية في ايران والقائد السيد فؤاد شكر في الضاحية هو اعلان حرب على المحور باكمله، وهذا ما أعلنه ترامب عندما تحدث عن مساحة إسرائيل الصغيرة التي لم تعد تتسع لـ9 ملايين يهودي. بالمقابل، كل ما يريده الان الحزب الديمقراطي هو وقف إطلاق النار بأي صورة أو طريقة كانت، ونقل المعركة العسكرية من داخل غزة وجنوب لبنان وتحويلها إلى معركة سياسية في تل أبيب. وغاية الحزب الديمقراطي هي إخراج نتنياهو من دائرة صناعة القرار السياسي بأي ثمن، ومن بعدها الانتقال إلى مربع آخر. والذي فشل في اغتيال ترامب كان يقصد اغتيال نتنياهو، لذلك لا تضيعوا هذه الفرصة وهو العمل مع اي طرف وان كنتم غير متحالفون معه بل يكفي ان تتقاطعون معه على اخراج نتنياهو من الحكم، وأنتم أحرار.
وربما عندما قمتم بعملية طوفان الاقصى ودون معرفة او مراجعة او التباحث مع احد في العالم لضرروات العملية، لم يكن هناك توقع ان تستمر كل هذه الاشهر، والا في مثل هذا التوقيت لا احد يدخل بمعركة الا من يريد الانتحار، انه الوقت الضائع حيث امريكا في الانتخابات الرئاسية تصبح خارج الخدمة العالمية، والوحيد القادر على وقف نتنياهو اليوم هي امريكا، لذلك نتنياهو يريد ان يتسفيد من بقية الاشهار الى حين انتهاء المعركة الرئاسية الامريكية، بل يريد ان يكون الناخب الاول في امريكا.
كما ان اسباب فشل حركات الاسلامية الفلسطينية والاخوانية وحتى الوهابية السلفية والطلبانية والباكستانية، إن الإسلاميين في العالم العربي الذين يخوضون تجارب السياسة وصناعة الأحزاب والوصول إلى الحكم، يجدون أنفسهم يتصادمون مع عالم لا يشبه العالم الذي يطمحون إلى تحقيقه، بل مختلف ومستعد لمحاربتهم. وذلك بسبب اختلاف المفاهيم الأساسية في نشوء الأمم في ظل عالم متغير بسرعة مخيفة، إلى حد أن الدول التي تسيطر على القرار العالمي في السياسة والاقتصاد تجد نفسها عاجزة عن اللحاق بركب هذا التطور التكنولوجي المخيف للغاية.
إضافة إلى أمر بالغ الأهمية، فإن التيارات الإسلامية السياسية تولد وهي تريد إنهاء الرأسمالية، ونبذ الماركسية، والقضاء على العلمانية، ومحاربة الماسونية، ومعاداة الليبرالية، وتكفير المسيحيين والبوذيين، والقضاء على الفن من موسيقى وغناء ورقص لأنهم “حبائل الشيطان”.
وللأسف، اليوم الذين يحكمون العالم هم أصحاب هذه المفاهيم والأحزاب والتيارات الفكرية. الدولة الأقوى اليوم هي أمريكا، وهي دولة رأسمالية دستورها ماسوني وتعتنق العلمانية. يعني إذا جاءت دولة وقالت لها إنها مستعدة أن تعطيها برميل نفط مقابل القدس، وإذا كانت مصلحة أمريكا الاقتصادية أن تأخذ برميل النفط، فإنها لن تفكر للحظة بكل المفاهيم الدينية التي يمكن أن يسقط لأجلها الملايين في الشرق الأوسط.
وهنا بدل ان تكون حربنا مع الذي دفع لامريكا لمقاتلنا من اجل الحصول على النفط نذهب لمقاتلة امريكا مما يرهقنا وربما يحقق الابادة وبالختام ينتصر العقل السياسي الذي ورطنا بحرب مع امريكا، دون يخسر نقطة قوة واحدة من قوته.
التيارات الإسلامية تعيش الإسقاطات الفكرية. فالإسلامي يقول إن الإنجيل محرف بل من يقول ان الانجيل غير محرف فقد كفر بالله والاسلام، بالمقابل تجده يتحدث بآيات من الانجيل أمام المسيحي الذي يفاوضه، وينسى الإسلامي أن المسيحي يعرف مسبقاً أن المسلم يدهانه لانه لا يعترف بإنجيله.
كما أن الاقتصاد الأقوى اليوم عالمياً هو الصين، والصين ليست فقط بوذية بل أيضاً شيوعية، مما يعني أنها لا تلتقي أبداً مع التيارات الإسلامية. وحسب المفاهيم والتعاليم الإسلامية التي يعرفها الجميع دون استثناء، فإنه يجب على المسلمين تكفير البوذي وقتال الشيوعي. ويذهب إسلامي إلى الصين ويخطب بهم عن ماو تسي تونغ وماركس ولنين، معتقداً أن القادة الصينيين مجانين وأصحاب ذاكرة مثقوبة مثل ذاكرة العرب، وكأنهم نسوا أن الذين قاتلوا الشيوعية حتى انهارت هي التعاليم الإسلامية.
ومشكلة الإسلاميين أنهم ينظرون إلى العالم من منظورهم هم، يعني أحدهم يتخيل أن العالم ينظر إليه بهذه الطريقة فيتعامل مع العالم على هذا الأساس.
مثلاً الإسلامي يسعى بكل قوته ويستخدم كل قدراته للقضاء على خصومه بالداخل سياسياً، وعندما تسأله لماذا قمت بهذا العمل، يقول لك لأنه عندما تقوى شوكتهم ويتكاثرون فإنهم يشكلون خطراً على سياستنا ونفوذنا، ويقنعك أن هذا الأمر طبيعي جداً.
وعندما تقوم الدول بنفس الفعل ضد التيارات الإسلامية، يبدأ الإسلاميون بالحديث عن أن الدول تحاربهم. وهنا لا يسأل الإسلامي كيف يمكن أن تقبل به غالبية الدول وهو يحمل مشروعاً معاكساً لمشروعها.
كما أن ترفيع القيادات في التيارات الإسلامية لا يقوم على مبدأ التجربة والخلفية العقلية للشخص، بل يقوم على مبدأ ظهوره المتدين ومسارعته إلى الصلاة وكم هو لبق في الأحاديث الدينية. بمعنى أن الذي يحكم التيارات الإسلامية هي الخلفية الدينية، لذلك لن تجد دبلوماسياً أو سياسياً محنكاً في التيارات الإسلامية، وعند كل عقبة كبرى أو أزمة سياسية، تذهب التيارات الإسلامية وتستعين بدول أخرى للتفاوض عنها، وبما ان للدول مصالحها فانها تستغل ازمات وحاجات التيارات الاسلامية لتمرير مشاريعها وحصولها على مكتسبات مع الدول التي تفاوضها باسم الاسلاميين، لذلك بعد كل تفواض تتعقد ازمات التيارات الاسلامية اكثر وتصبح اكثر صعوبة وحرجا.
وهذا الأمر طبيعي جداً، فالإسلامي الذي يحفظ الأحاديث الدينية وشروط الصلاة والطهارة، وهذه العبادات حتماً تدخله الجنة، لكنها لا تدخله البيت الأبيض ليفاوض رئيس أمريكا.
وعندما يفشل الاسلامي في التفاوض أو توضيح وجهة نظره، يقيم الدنيا ولا يقعدها، ويعتبر أن الكفار لا تقبل بوجهة نظره السياسية. بينما الإسلامي عندما تكون لديه مشكلة قانونية في بلده او خارجها، فإنه يوكل محامياً ليترافع بها ويدافع عنه دون ان يتدخل بعمل المحامي بل ينفذ حرفيا ما يطلبه منه المحامي، ولا يجد حرجاً أن يقول أمام الجميع إنه لا يفهم بالقانون. ولكن نفس هذا الإسلامي السياسي، لو تدمرت البلاد وقتل العباد، غير مستعد للحظة أن يعترف بأنه لا يفهم بالسياسة، ولا يقبل أن يوكل أحداً عنه للتفاوض بالسياسة، بل تجده يرسل من ينفذ وينقل فقط رؤيته السياسية.
تجد الاسلامي عندما يستقبل سفيرة دولة اجنبية مطلوب منها ان تضع الحجاب على شعرها، ويحدثها عن الحرية وحقوق المراة في الاسلام ظنا منه ان هذه المراة ناقصة عقل ودين ولن تقول في عقلها اذا كان لا يقبل ان يستقبلني كما انا وانا سفيرة دولة امتلك بيدي السلم والحرب، فكيف سيفعل بنساء بلده عندما يتمكن من الحكم.
اخبرني احد الدبلوماسيين اللبنانيين ان هناك اسلامي اعتذر من دبلوماسية بسبب طلب لبس الحجاب وشرح لها انه من اجل الراي العام الاسلامي، ونسي هذا الاسلامي انه هي ايضا لديها راي عام في بلدها ووطنها حيث الحريات مقدسة.
تجد المفاوض الإسلامي يحمل أفكاره كلها ليقنع الآخر بها، بالمقابل لا يريد من الآخر أن يقنعه بفكرة واحدة من بين ألف فكرة.
الإسلام السياسي ينجح فقط في ظل دولة إسلامية تستلهم تشريعاتها وتطبق نظرتها الاقتصادية والاجتماعية على أساس ومفاهيم إسلامية.
أما خارج هذه الحدود، فيجب أن يمنع على أي صاحب عقل ديني إسلامي التفاوض، بل يجب إيجاد مجموعة سياسية لها تجربتها السياسية، وتشرح لها النقاط المطلوب الفوز بها، وتترك لها حرية العمل والحركة والحديث.
٢٢/٨/٢٠٢٤
إلى الشيعة الذين يتهجمون على ناجي حايك ومروان حمادة.
بقلم ناجي أمهز
بداية لا اعتقد بان للطائفة الشيعية اية فوائد من التهجم بهذه الطريقة على الوزير مروان حمادة، خاصة ان الوقت عصيب، وهناك تقارب بناء وفاعل ومهم جدا بين حزب الله ووليد بيك جنبلاط.
وبما ان الوزير حمادة تراجع عن اقواله، ارجو من الاعلاميين الجهابذة المنتظرين سكوب اعلامي حتى لو على حساب كل الشيعة ووجودهم، ان يرحمونا يرحمهم الله، *لان والله العظيم مش ناقصنا.*
*يا أبناء أمتي وديني ونفسي،* ألا يكفينا ما نخوضه من اقتتال وحرب ضارية وجودية مع إسرائيل، ومعركة سياسية أساسية مع أمريكا، والخلاف مع أكثر من 90% من دول العالم وبينها دول عربية، وأزمات لا تنتهي في الداخل اللبناني، إضافة إلى تكفيرنا من قبل عشرات الملايين الذين ينتمون إلى المذهب الوهابي.
*هل انتهت كل أزماتنا وحُلّت كافة مشاكلنا ولم يبقَ أمامنا إلا أن نعترض على ما يقوم به الدكتور ناجي حايك.*
بالامس ارسل لي احد الاصدقاء رابط لقاء للدكتور ناجي حايك على منصة يوتيوب، فحوى الحديث هو عن تهجم بعض الاشخاص الذين يضعون صور “خميني وقاسم سليماني” هكذا تحدث عن الاسماء، وحتى قال ان الذين يضعون صور الجنرال عون هم معرفون بتقاربهم ويمكن مراجعة صفاحاتهم وهناك حسابات وهمية وهؤلاء لا يريدون ان يحصل اي تقارب مسيحي مسيحي.
إلى أبناء أمتي الشيعية الذين يتهجمون على الدكتور ناجي حايك، وخاصة بعض المتوهمين بأن ناجي حايك زرعته القوات في التيار الوطني الحر.
الحق ليس على الدكتور حايك، الحق عليكم لأنكم خدعتم أنفسكم واوهمتموها بان خطاب ناجي حايك هو غريب عن التيار، واعتقدتم ان التيار جزء من محور المقاومة، ومشروعه التوجه نحو الشرق.
بينما غالبية الموارنة وعلاقاتهم الدينية والسياسية والاجتماعية والتربوية ومصالحهم الاقتصادية هي مع الغرب، بل اكثر ٩ مليون ماروني من اصل لبناني يتواجدون بالغرب.
لا اعرف كيف اقتنعتم انه يمكن ان يتوجه الجنرال عون او الوزير باسيل نحو الشرق.
اصلا لا يوجد تفسير كيف اقنعتم انفسكم بهكذا تصور ان يتوجه التيار الوطني الحر نحو الشرق.
مع العلم ان التيار كان واضحًا منذ عام 2006 أن ما يقوم به هو فقط في السياسة، يعني طالما مصلحته السياسية مع الحزب، فهو مع الحزب، ولكن عندما تنتفي المصلحة السياسية، له الحق الخروج من التفاهم.
ولان الشيعة يخلطون بين السياسة والعاطفة، فلا نمتلك القدرة على تحديد الخطوط وبناء التوازن، وفي كل شيء نذهب إلى الأخير، عندما نعطي نعطي دون حدود، وعندما نحب نحب دون حدود، وعندما نكره حتى لو قال أحدهم كلامًا لمصلحتنا فإننا نكرهه دون حدود.
أما بقية الطوائف فقد تمرست منذ عقود طويلة في السياسة والحكم ونسج المصالح، والسير على حافة الهاوية بتوازن غير طبيعي.
يا أبناء أمتي، غالبية الموارنة سواسية في النظرة إلى لبنان، لكن الفرق أنه يوجد في التيار الوطني الحر قيادة أبرزت خطابًا بسبب المصالح مع الشيعة اظهر أنها على مقربة من الشيعة، وعندما انتهت هذه المصالح انقلب الخطاب. الجميع يتذكر خطاب الوزير باسيل ٢٠٢٣ الذي قال فيه عن الثنائي الشيعي إنهما بلا “وفاء”عندما دعا: “فريق الثنائي الشيعي إلى وقف أي لغة تخويف وتهديد، ووقف التدخل في شؤون التيار الداخلية والضغط بمحاولة استدراج نواب ومسؤولين في التيار، وتحريضهم على الانشقاق عن قيادة التيار”، وقال: “هذا أمر منافٍ لكل الأعراف الأخلاقية، ولم يحصل حتى مع خصومنا، فكيف من الممكن أن يحصل من جانب أصدقائنا؟”
يا أبناء أمتي الشيعية صدقوني، إن 80% من العونيين يفكرون ويتكلمون ويشعرون ويعتقدون ان الرئيس بشير الجميل هو الزعيم الماروني المطلق كما تشعر القوات اللبنانية والكتائب اللبنانية تمامًا.
يعني مقولة بتحالف مع هذا ولا اتحالف مع ذاك، وهذا غير ذاك هو فقط في مخيلتكم.
لا فرق، انتم تتصنعون الفرق فقط بعقولكم.
الجميع يعرف أن هناك 10% من العونيين ينتمون إلى طوائف إسلامية وأقليات مسيحية، و10% آخرين كانت لهم مصلحة مع حزب الله. استطاع هؤلاء الـ10% تغييب أصوات 80% من المعترضين على ورقة التفاهم والتقارب مع حزب الله. وأحيانًا كان يتم إقناع القاعدة العونية بأن التفاهم مع الحزب ضرورة انتخابية تفرض مثل هذه التحالفات، وأحيانًا أخرى كان الحديث عن أن التقارب السياسي هو من أجل التصويت في مجلس الوزراء، وأحيانًا تحت عنوان محاولة احتواء حزب الله، والكثير من الأخبار خاصة التي بدأ يكشفها بعض الذين استقالوا أو أُقيلوا، ولو تحدث هؤلاء بـ1% مما كان يدور في النقاشات المغلقة، أعتقد بأن الشيعة سوف يعيشون صدمة من نوع آخر.
علينا ان لا ننسى إن التيار أيضًا دخل لعبة السلطة ولم يعد قادرًا على الخروج من حزب الله لأنه كان الضامن الوحيد لوصول الجنرال عون إلى الرئاسة، والجميع يتذكر ما فعله وقدمه حزب الله من أجل وصول الجنرال عون ، والذي امتد من سوريا إلى العراق إلى إيران.
بل الشيعة تنازلوا عن وزارة الخارجية التي تعتبر الرئة الوحيدة التي يتنفسون من خلالها في العالم، وقدموها هدية الى التيار الوطني الحر.
بالمقابل فإن الوزير باسيل أفشل الحزب في إيصال فرنجية، بل رشح وانتخب ضده الوزير أزعور.
المشكلة عند الشيعة انهم اعتقدوا بان الوزير باسيل تحالف مع حزب الله من اجل قتال اسرائيل ومحاربة امريكا، بينما الحقيقة ان الوزير باسيل تحالف مع حزب الله من اجل الحصول على السلطة.
الوزير باسيل قبل وضعه على لائحة العقوبات الامريكية، كان قبلها وضع على اللائحة السوداء بسبب تحالفه مع حزب الله.
لذلك يعتقد الوزير باسيل بابتعاده عن حزب الله ربما يرفع اسمه عن اللائحة السوداء والتي تكون هي مقدمة لرفع العقوبات عنه.
وحقيقة، لا قيمة للمال والمناصب إذا وضع أي شخص على لوائح العقوبات الأمريكية، خاصة أن أمريكا لم تضع على أحد عقوبات واستطاع أن يكمل حياته الاقتصادية أو السياسية.
والوزير باسيل يعرف انه في قادم الايام ربما لن يجد من يتحالف معه خشية اما يصبح على اللائحة السوداء، أو حتى تطاله العقوبات الأمريكية.
كما ان الجميع يقرأ في تصريح الوزير باسيل عن وجود خلاف مع “حزب الله” حول مفهوم الدولة وكيفية إدارتها.
يعني انه باللغة الدبلوماسية لا يوجد خلاف أكبر من هذا.
بالختام
أقصد أن الدكتور ناجي حايك يمثل التيار الوطني الحر الحقيقي، ودوره هو استعادة غالبية الذين غادروا التيار.
واعتقد ان هناك امور اكثر اهمية يجب على الشيعة الاهتمام بها.
٢٣/٨/٢٠٢٤
يجب على حماس الفوز بالمفاوضات، وقف إطلاق النار بحد ذاته انتصار
بقلم ناجي أمهز
في البداية: تؤكد مصادر قيادية في حماس لـ”الجمهورية” أن الحركة أبلغت حلفاءها في “محور المقاومة” أن المفاوضات الأخيرة فشلت، وقالت لهم: “يمكنكم أن تأخذوا راحتكم في الرد.”
إذا كان هذا الخبر صادرًا بالفعل عن حماس، اعتقد انه سيشكل نكسة دبلوماسية تؤثر على سير المفاوضات، لأنه لا يوجد في السياسة الدبلوماسية مثل هذه الأفكار أو المصطلحات.
اما اذا كان المقصود من النص التهديد برد حلفاء حماس، وفي مقدمتهم المقاومة في لبنان، فان المقاومة هي مشتبكة مع العدو الاسرائيلي منذ اليوم الثاني لعملية طوفان الاقصى، والمقاومة التي قدمت عشرات الشهداء على طريق القدس، لم توقف القصف والعمليات العسكرية والضخ الإعلامي وحتى التواصل مع الكثير من النخب السياسية اللبنانية لتسخير خبراتهم وعلاقاتهم وأسمائهم للدفاع عن غزة والمقاومة، وهذا ما تفعله المقاومة بشكل واسع وكبير.
وإذا كان القصد هو رد المقاومة وإيران على عمليات الاغتيال، فإنكم تلزمونهم بالرد مما يفقد الرد قيمته الاساسية في المعادلة الاستراتيجية، كما انه مع حصول الرد من قبل المقاومة وايران فانه عمليا لم يعد هناك من داعي للمفاوضات، الذي يلزم امريكا وبعض الدول العربية للقيام بالمفاوضات هو تجنب الرد الايراني والمقاومة،
كما ان الرد الان يحرر نتنياهو ويحقق له ما يريده وهو ما أكدته القراءات السياسية والدولية بأن نتنياهو يسعى لجر المنطقة إلى الحرب.
كما لا يجوز طرح مثل هذه المقاربة في عملية تفاوض يتواجد فيها العديد من الدول ومنها دول عربية تحرض على ايران والمقاومة، وهي على علاقة طبيعية مع الكيان الاسرائيلي.
أما إذا كان قصدكم هو إرسال رسالة إلى أمريكا والكيان الإسرائيلي بأنه إذا لم يتقدموا في المفاوضات “فسنشعل المنطقة وندع حلفاءنا يأخذون راحتهم”، فلا أعتقد أن السياسيين الكبار يتأثرون بهذا الكلام الذي لا يصلح حتى في خلاف بين أولاد الحي “الذي يقول للآخر: أنا سأدع إخوتي يتدخلون.”
*الرجاء إما نفي هذا الخبر، أو في حال كان صادرًا عنكم بالفعل، الرجاء إقالة الشخص الذي صرح به.*
أما فيما يتعلق بالمفاوضات، فقد صنعت السياسة البريطانية مقولة “لا يمكن التفاوض مع النمر ورأسك داخل فمه.”
كل ما يقوم به الإسرائيلي الآن هو السعي للمفاوضات بينما رؤوس أطفال ونساء غزة داخل فمه، مما يمنحه هامشًا من الاطمئنان بأن العالم سيرضخ لشروطه التفاوضية، ويسعى لإيجاد حل لإرضاء الكيان الإسرائيلي، على الأقل لسحب هذه الرؤوس ومن ثم الانتقال إلى مربع آخر.
وهناك أمر آخر يستفيد منه نتنياهو وهو الضخ الإعلامي الكبير الذي ينشر بعض تصريحات حماس مما يفقدها عامل الثقل السياسي، بل يحول أخطر وأعقد المفاوضات في القرن الحادي والعشرين إلى عملية بروباغندا إعلامية تفرغها من قضيتها الجوهرية والأساسية. هنا يجب الانتباه جيدًا بألا تتحول المفاوضات إلى وسيلة لظهور البعض أو محاولة إبراز بعض الوجوه.
قضية غزة الآن أكبر من الجميع، حتى من الدول التي تسعى لإشراك نفسها بالمفاوضات من خلال التقرب من حماس.
كما يجب استغلال الوقت الضائع الذي تحتاجه أمريكا بشقيها الديمقراطي والجمهوري.
لأن الحزب الديمقراطي يريد تسجيل مكسب سياسي فيما يتعلق بغزة ليس نصرةً لغزة أو لأنه ضد العدوان الإسرائيلي، بل لاستثماره في معركة الرئاسة الأمريكية.
ما تقوم به المقاومة في جنوب لبنان يشكل ورقة ضغط كبرى لصالح حماس، والعالم أيضًا يستثمر بورقة المقاومة للضغط على نتنياهو ليعلم أن ما تعجز حماس عن فعله في غزة، تكمله المقاومة في لبنان. وخاصة أن الإعلام العبري بدأ بالحديث عن الخسائر التي يتكبدها العدو الإسرائيلي جراء معركة شمال فلسطين.
حتى الرد الإيراني هو بحد ذاته ورقة ضغط كبرى ومؤثرة إقليميًا ودوليًا، وتداعيات الرد الإيراني ليست بعدد إصابة الأهداف أو عدد القتلى في الكيان، بقدر ما هي رسالة بأن عاصمة الكيان قد قُصفت.
يجب على حماس أن تستفيد من هذا التقاطع بقوة، لأنه الفرصة الأهم، كما أنه لا يرتب عليها أي شروط أو ضغوط.
كل ما يقوم به الحزب الديمقراطي للنجاح في المفاوضات يقابله الحزب الجمهوري بعرقلة هذه المفاوضات لإفشال مهمة الحزب الديمقراطي.
لهذا، يستفيد نتنياهو من هذا التناقض والصراع الرئاسي في أمريكا ويستثمره لصالحه وصالح حكومته، خاصة أنه لا يريد الإفراج عن الأسرى الإسرائيليين لأنه يعلم أنه في حال تم الإفراج عن الأسرى، سيواجه مشكلة داخلية كبيرة جدًا، يعقبها محاكمات سياسية، وربما وقف إطلاق النار قد يؤجج الكيان الإسرائيلي بفوضى عارمة تصل إلى حد التصادم الداخلي.
اليوم مطلوب وقف النار، وهذا هو العامل الأهم. وقف إطلاق النار بحد ذاته انتصار، لأنه عندما يتوقف صوت الرصاص سينطلق الإعلام العالمي لينال من حكومة نتنياهو.
نتنياهو لا يمتلك إلا حلًا واحدًا وهو الذهاب إلى حرب كبرى في المنطقة للتغطية على جرائمه وعجزه وفشله السياسي.
وإذا حصلت الحرب الكبرى، كل هذه الأوراق ستحترق ولم يعد لها معنى في المفاوضات القادمة.
مما يعني أنه يجب أن يحصل متغير كبير، ربما احتلال أحد البقع الجغرافية في الكيان الإسرائيلي، حتى يذهب الجميع إلى مفاوضات كالتي تجري الآن.
في ظل وصول الحزب الجمهوري إلى سدة الرئاسة في أمريكا، سيكون الشرق الأوسط أمام تعقيدات كبيرة جدًا.
خاصة أن العالم العربي والإسلامي في سبات عميق.
والسلام.
٢٤/٨/٢٠٢٤
أسرار يجب أن يعرفها الشعب اللبناني عن اللواء عصام أبو جمرة
*بقلم ناجي أمّهز*
التاريخ يكتبه الأقوياء المنتصرون، واللواء عصام أبو جمرة طبق القول المأثور: “كن مع الحق ولو وهن أهله ولا تكن مع الباطل ولو ساد أهله”، لأن فوز الباطل ساعة ونصر الحق إلى قيام الساعة.
اليوم أكتب شهادة حية من التاريخ اللبناني الذي عايشته مع أهم زعمائه وصناع قراره وساسته، كما عشته بالصميم المعقد بين العسكر والسياسة.
أعلم أنكم ستقرأون هذه الكلمات في دقائق قليلة، وربما تستوقفكم عمرًا بأكمله، لكن صدقوني منذ 19 سنة وأنا أطالب اللواء عصام أبو جمرة بأن أكتب بضعة صفحات عنه، لأنني أعلم بأن كل صفحة هي قصة وطن.
كان يقول لي دائمًا وما زال يقولها: “لا تخاف الأبطال لا يهرمون إنما يقتلهم الحنين إلى الأيام الجميلة الصادقة، وكلما تقدم العمر كلما أصبح حبل الذكريات أمتن وأوضح. وعندما أكتب ذكرياتي ستكون موجودًا لأنك كنت موجودًا في بعضها”.
ويمازحني بقوله “اقعد عاقل يا محكاشون”، لأنه يعلم أنني أعرف الكثير.
اللواء عصام أبو جمرة، من طائفة الروم الأرثوذكس، رجل دولة يتنفس الوطنية والعروبة بالعقل والعادات والتقاليد والتصرفات، كما يعيشها بالشجاعة والشرف والتضحية والوفاء. وهو ابن قرية الكفير، قرية الزعيم فارس الخوري المفكر الوطني، أحد القادة الذين قاتلوا الانتداب الفرنسي مما ساهم في استقلال سوريا ولبنان. لذلك كل كلمة أو فكرة أو عمل يقوم به أبو جمرة يجب أن يكون في مقدمته التعايش والوحدة والانصهار الوطني، هكذا هم أبناء قرية الكفير.
منذ الخمسينات بدأ بمشواره الوطني وقدم الكثير للبنان، لكنه كان رجل الظل، هو لا يحب العراضات والبهورات، فلا يمكنك أن تشاهده او تسمع صوته، يعمل باخلاص وصمت قل مثيله، ويحفر الجبل بالابرة من شدة صبره، كما انه صاحب عزيمةوصلابة نادرة.
لن تجد من ينكر هيبة ورهبة عصام أبو جمرة، جميعنا دون استثناء نحترمه ونهابه لشدة التزامه واحترامه لنفسه ومن يعمل معهم. كان حازمًا صارمًا قاسيًا على نفسه، ونادرًا ما يتناول طعامه أو يرتاح قبل الانتهاء من عمله.
اللواء عصام أبو جمرة لم يفكر للحظة في أن تكون لديه شعبية على حساب دوره الوطني، بل يؤمن أن العمل الوطني الحقيقي هو الذي تثمر نتائجه في نجاح مستقبل أبناء الوطن، أما الأسماء والالقاب فانها زائلة.
الشيء الوحيد الذي يقول انه تعلمه بالحياة هو ان يبقى ضميرك يقظ لتعرف النجاح وتعيش بهدوء وسلام وان ترحل ايضا بهدوء وسلام، اما بحال نام ضميرك فانك لن تعرف حتى ان تغفو بسلام، او تعيش بسلام، وسترحل ولعنات التاريخ تطاردك حتى بعد الممات.
رجل تحمل أعباء أصعب ست وزارات، كلها أدت واجبها على أكمل وجه ونجحت في خدمة الشعب اللبناني رغم شح الموارد المالية بسبب صعوبة الجباية في ظل الحصار والحرب والقصف.
اللواء عصام أبو جمرة لواء عسكري متقاعد ونائب رئيس حكومة مرتين ووزير ست وزارات، وفي الختام فإن سيارته قديمة ثمنها لا يتجاوز 2000 دولار أمريكي ويعيش فقط من راتبه التقاعدي.
جميعنا نذكر مقولته الشهيرة من أمام معمل الكهرباء في الذوق: “نقطة على السطر”، وفعلاً أعاد التيار الكهربائي إلى المنطقة. أما اليوم فلا كهرباء ولا ماء ولا حتى طحين او دواء.
لا تكفي مقالة واحدة أو كتاب للتحدث عن اللواء أبو جمرة. هل أخبركم كيف كان يطارد موردي المازوت إلى الوزارة، لأنه كان يشعر بأن كمية المازوت لا تصل كاملة، وكيف اكتشف أن موردي المازوت يملؤون الصهريج بالماء فيطوف المازوت على السطح؟
هل أخبركم ماذا فعل ليلاً بعد مشاهدته نشرة الأخبار التي عرضت طوابير الناس على الأفران، وكانت وزارة الاقتصاد والتجارة معه؟ قبل انتهاء نشرة الأخبار كان يشرف شخصياً على توزيع حصص الطحين على الأفران ولمدة شهر كامل.
هل تصدقوني إذا أخبرتكم أنه أشرف شخصياً على تطبيق محرك جرافة على مطحنة من أجل طحن القمح وتأمين الخبز للناس؟
هل تصدقون أنه كان يعمل على تأمين مياه الشرب عند الفجر بعد إصابة القسطل الأساسي بقذيفة، وأثناء صيانة القسطل سقطت قذيفة أخرى وكادت تقتله ومن معه، ومع ذلك لم يتوقف عن العمل، بل تحدث عبر الجهاز وقال: “عم نصلح القسطل تتوصل المي لعندكم” وأكمل عمله حتى عادت المياه إلى كل بيروت.
ما أكتبه الآن ربما هو كلمة واحدة في مجلد عمره من عمر الوطن عمل فيه ومن أجله اللواء عصام أبو جمرة. ربما أساعده يوماً في كتابة مذكراته، مع أنني الآن أفلفش بذاكرتي التي نقشت فيها بعض المواقف التي كنت شاهداً عليها، وبعضها ناقشته معه مطولاً لأفهم أبعادها وأيضاً طبعت في ذاكرتي.
منذ وصول الجنرال عون إلى الحكومة العسكرية، والكيمياء مفقودة بينه وبين البطريرك الماروني الراحل نصر الله صفير، وكان هذا الأمر يقلق العميد عصام أبو جمرة بشدة، مع العلم بأنه حاول مرات كثيرة أن يدور الزوايا بين البطريرك صفير والجنرال عون، وكان كل مرة ينجح، ولكن بعض المواقف والتصريحات التي كان يقوم بها الجنرال عون كانت تعيد تعقيد الأمور مع البطريرك.
واللواء أبو جمرة كان يستشعر أن الخلاف بين الجنرال عون والبطريرك صفير سيحدث حتماً، وخسارة البطريرك تعني خسارة الغطاء المسيحي مما يكشف الحكومة العسكرية على الكثير من الاحتمالات. فجأة قرر العميد أبو جمرة تفعيل حضوره في اللقاء الأرثوذكسي، الذي كان يضم إلى جانب البطريرك هزيم والمطران عودة النخبة الأرثوذكسية. وأذكر بعض الأسماء منهم: فؤاد بطرس، إلياس سابا، إضافة إلى المعلم الكبير غسان التويني، وألبير مخيبر. لكن السؤال كيف يفعل حضوره في اللقاء الأرثوذكسي، ولا أبالغ إن قلت إن كل الذين كانوا يعملون مع اللواء أبو جمرة لم يكن لديهم الوقت لتناول الطعام أو حتى تبديل ثيابهم. ورغم ضغط الوقت والعمل والمسؤوليات على العميد أبو جمرة إلا أنه كان يحرص أشد الحرص على أن يكون أول الواصلين إلى اللقاء وآخر المغادرين.
وبقي أبو جمرة ثابتاً ومثابراً على حضور اللقاءات، وبعد حادثة بكركي في 6 تشرين الثاني 1989، فهمنا لماذا كان العميد أبو جمرة مصراً على حضور اللقاء الأرثوذكسي. لأنه لولا هذا التقارب مع اللقاء الأرثوذكسي، لربما كانت الحكومة العسكرية فقدت المظلة المسيحية المارونية والروم. بل حتى أن الروم الأرثوذكس هم الذين كانوا يمارسون الضغط في سوريا وأكثر من عاصمة وايجاد توازن وعدم انفلات الوضع على مصراعيه ضد الحكومة العسكرية. لذلك كان يقال إن الذي أطال عمر الحكومة العسكرية بتأمين الدعم المالي من العراق، وتوفير المظلة المسيحية والاهتمام بسير وزارات الخدمات هو أبو جمرة.
كل ما أكتبه الآن هو أول حرف عن مسيرة رجل عظيم قد تذهلكم سيرته، لكنه ظلم بسبب النظام الطائفي.
عندما كان الكونغرس الأمريكي يعمل على قانون محاسبة سوريا وإخراجها من لبنان، والذي تحول فيما بعد إلى القرار 1559، كان اللواء عصام أبو جمرة يعمل بمفرده على إقناع الرئاسة الفرنسية بسحب القرار 1559 من أيدي الأمريكيين. كان اللواء أبو جمرة يخشى أن تستغل الإدارة الامريكية القرار 1559 من اجل تغيير الشرق الاوسط خدمة لاسرائيل على حساب لبنان، بينما الاجندة الفرنسية ستنفذ القرار 1559 دون ان تكون له تداعيات شرق اوسطية.
بالختام انتصر ابو جمرة لوطنه بفضل حكمته وحنكته ولباقة تصرفه المستقيم وبصيرته الاستراتيجية بان تشرف فرنسا على تطبيق القرار 1559 .
وصدر عن باريس الموقف التالي: ان الرئيس جاك شيراك وجد انه من المناسب بحث الوقف مع نظيره الاميركي، وان كان يشعر ببعض “المرارة والعتب” من بعض المواقف السورية، وخاصة بما يتعلق بفشل تنفيذ باريس ـ 2 التي استثمر كل رصيده الشخصي دوليا وعربيا لانجاحها انطلاقا من ان امن لبنان الاقتصادي هو من امن سوريا الاقتصادي ايضا، ورغم عدم انطلاق “القطار الاصلاحي السوري” بالسرعة الكافية، الا ان الرئيس شيراك يرى ان التطورات لن تحقق للبنان سيادته واستقلاله كما طالب علنا في مجلس النواب اللبناني خلال زيارته للبنان قبل سنوات، ولان شيراك كان يعرف موقف بوش وادارته من سوريا، فانه حاول التأكيد على الفصل بين موقفه من استعادة لبنان لاستقلاله وسيادته وتسوية الملفات العالقة بين واشنطن ودمشق.
٢٩/٨/٢٠٢٤
العاطفة الشيعية تشكل خطرًا على وجود الشيعة
ناجي أمّهز
أستطيع أن أقولها صراحةً وعلانيةً ودون مواربة: إن العقل الشيعي عاطفي إلى درجة تجعله يفشل في السياسة فشلًا ذريعًا للغاية.
عندما سئل الجنرال عون عن علاقته مع حزب الله قال: “سأفرح معهم جدًا إذا انتصروا في هذه الحرب، وإذا خسروا (لا سمح الله) سأحزن معهم.”
الشيعة أخذوا جملة “أحزن معهم وأفرح معهم” وحولوها إلى ترند، وبدأت الأقاويل أن الجنرال عون يختلف عن الوزير باسيل، وأن الجنرال عون مع الشيعة، إلى آخر المعزوفة التي توجع القلب. مع العلم أن ظهور الجنرال كان للدفاع عن قرارات الوزير باسيل التي يتخذها داخل التيار، وتأييده لموقفه من عملية إسناد غزة، معتبرًا أنها خطأ ارتكبه حزب الله.
قول الجنرال: “سأفرح معهم جدًا إذا انتصروا في هذه الحرب” يعني أن الجنرال يشك في انتصار حزب الله في هذه المعركة، مما يعني أن التيار لديه كافة المعطيات التي تؤكد أن نسبة انتصار المقاومة في هذه المعركة مع إسرائيل شبه معدومة بالمطلق. لذلك يرفض التيار عملية إسناد غزة.
اما مقولة الجنرال عون: في المرة الماضية “٢٠٠٦” اعتدت علينا إسرائيل، فيما هذه المرة نحن من بدأ المعركة وأعطيناهم «ممسكاً» علينا.
هذه النقطة لم يناقش فيها الشيعة ابدا ان الجنرال عون يقول بان حزب الله هو الذي اعتدى على اسرائيل.
ومع ذلك تناقل الشيعة قول الجنرال عون، اننا حريصون على العلاقة مع حزب الله، وقد جهد بعض الشيعة بايصالها الى اكبر عدد ممكن، وتحولت كلمة حريصون ايضا الى ترند.
مع العلم اذا كان التيار حريص على العلاقة مع الحزب كان يكفي ان ينتخب مرشح الثنائي الوطني سليمان فرنجية، وكنا وفرنا على الوطن حالة تعطيل وتشنيج وربما ايضا حركنا المجتمع الدولي للضغط على اسرائيل.
أقسم بالله العلي العظيم، وبكل شيء مقدس في الدنيا والآخرة، حتى عند البوذيين، أنه لو الحزب قدم واحد بالمائة مما حصل عليه التيار الوطني الحر من دعم حزب الله طيلة هذه السنوات الماضية، لكان عدد نواب حزب الله من مختلف الطوائف أكثر من عدد نوابه الشيعة.
المقاومة عليها إجماع شعبي، خاصة عندما كانت تحارب الإرهاب التكفيري، لكن هناك فئات سياسية استهلكت تضحيات وعطاءات المقاومة من أجل منافع شخصية، مما أدى إلى خسارة المقاومة الكثير على الصعيد السياسي والشعبي، خاصة عند فريق من الموارنة، الذي يعتبر نفسه خسر في الحكومة والبرلمان بسبب تصويت حزب الله الدائم لصالح التيار ، وبما ان الفريق الماروني الاخر اصبح يمثل اكثرية الموارنة لذلك الشيعة اليوم بخصومة مع اكثرية الموارنة بسبب التيار الوطني الحر.
على الطائفة الشيعية أن تغير من أسلوبها، وأن تعطي وتمنح بقدر ما يمنحها الآخرون؛ وغير ذلك هو خسارة ويسيء إلى الطائفة الشيعية داخليًا ودوليًا.
١٠/٩/٢٠٢٤
قبل فوات الاوان، على المارونية السياسية التعاون مع بري لانتخاب رئيس
بقلم ناجي أمهز
بدايةً، أنا ربيب المارونية السياسية بأدق وأصغر وأكبر وأعقد تفاصيلها، وهذه الجملة أكتبها للوافدين الجدد إلى عالم السياسة والصحافة، كي لا يعتقدوا أننا نتحدث بما لا نعرف.
كما نذكر أيضًا أنه قبل وبعد انطلاقة لبنان الكبير، كان الشيعة هم الذين يديرون الحوار بين مختلف مكونات المجتمع اللبناني من أجل تقريب وجهات النظر، خاصةً أن النخب المارونية والسنية كانت تحث على الدور الشيعي لأسباب عديدة منها:
“إن الموارنة والسنة لم يكن باستطاعتهما النقاش أبداً في الآليات السياسية، حيث كان عند كل مفترق وخلاف بينهما يؤدي إلى التراشق العلني. وكان يقال لآل الصلح الكرام: “هلق المصري بدو يعلمنا شو بدنا نعمل بالسياسة اللبنانية؟ والله صدق المثل الذي قال: تمسكن حتى تمكن وبعدها تفرعن”، لأن أصول آل الصلح من مصر. فكان آل الصلح يتجنبون هذا الجدل لتفادي الدخول في المزايدات.
حتى الشيخ بيار الجميل، الذي هو حقيقةً عقلية في السياسة وقارئ عميق لما يجري دوليًا، عانى كثيرًا بسبب أصوله الشامية ثم المصرية وبعدها اللبنانية. وكان الموارنة أنفسهم ينتقدون طروحاته وأفكاره تحت نفس المقولة: “شوام مصر صار بيعرفوا أكثر منا بطريق القصر.”
إضافة أن الغالبية الدرزية التي قاومت الانتداب الفرنسي مقاومة شرسة على امتداد بلاد الشام، لم تكن محايدة أو وسطية في صناعة السياسة اللبنانية بسبب اندماجها الكامل مع التيار الإسلامي العربي الذي سعى سعيا دؤوبا لإلغاء دولة لبنان الكبير.
القصد أن الشيعة منذ الأساس هم المعبر الرئيسي لانتخاب أي رئيس لجمهورية لبنان الكبير، وكان الجميع يفوضهم بهذا الأمر، كون الشيعة في تلك الفترة لم يكن لديهم أي طموحات او اطماع ولا حتى أدوار لا في السياسة ولا في التنمية أو حتى توظيف حاجب على باب دائرة حكومية رسمية (وجميعنا نتذكر مقولة “عم علملكم فلان”، أو “شو بدكم بالطريق بتصير الدولة بتوصل عليكم وبتكمشكم”).
لكن اليوم، الشيعة هم أساسيون على طاولة صناعة القرار في لبنان وشركاء فعليون في تحديد وجهة ومصير البلاد. لذلك، المتابع السياسي يتفهم سبب اعتراض بعض الموارنة على دور الرئيس بري، خاصةً أن نجاح الشيعة في انتخاب رئيس في هذه الأيام له امتدادات مختلفة كثيرًا عن السابق، لأن التوافق الشيعي على اسم الرئيس ينتج عنه حصة حكومية متنوعة، إضافة إلى سلة كبرى وإقرار بنود وتوصيات تلحظ التنمية المتوازنة والشراكة الكاملة.
لقد التقيت ببعض الساسة الموارنة، وكان جميعهم يتحدثون بنفس الفكرة والطرح: أنه لا يوجد رئيس دون حوار. لكن في المقابل، لا يوجد شيء اسمه “دعوة للحوار”، بل يوجد شيء اسمه “حوار”، ونحن نرحب أن يقوم به الرئيس بري، لكن دون إعلانه أو إلزامنا بطاولة الحوار قبل انتخاب الرئيس كي لا تتحول إلى عرف. كما أن الرئيس بري اليوم طرف، عندما أعلن عن تبنيه مرشحًا رئاسيًا هو الوزير فرنجية. وكنا نتمنى على الرئيس بري لو قدم أو وزع ورقة تحتوي على عدة أسماء، تختار كل كتلة نيابية ثلاثة أسماء تناسبها لرئاسة الجمهورية. وهكذا، في الختام، يصل الجميع إلى ورقة مشتركة تحتوي على ثلاثة أسماء، سيتم انتخاب أحدها بالتأكيد، على الأقل في حال تعنت الجميع أمام اسمين، يبقى الاسم الثالث وهو من حصة الجميع. وبذلك، نكون أمام نتيجة “لا غالب ولا مغلوب”، ويتم انتخاب الرئيس.
ما يطرحه الموارنة هو، للأمانة، مقبول وموضوعي من وجهة النظر السياسية للأطراف المارونية تحديدًا. لكن في المقابل، هناك أمور أخرى ربما هي التي فرضت على الرئيس بري أن يعلن عن طاولة الحوار. وأنا هنا أتحدث استنتاجًا لما كنت قد علمته وعرفته من أكثر من مصدر التقى مع اللجنة الخماسية، أو حتى صارحه لودريان، موفد الرئيس ماكرون، بأسرار الأزمة الرئاسية اللبنانية.
كي لا ندخل في جدليات الأزمة وتشريحها، هناك إجماع ما بين لودريان واللجنة الخماسية على أن أزمة الرئاسة سببها الموارنة تحديدًا، وليس الرئيس بري أو دعوته لطاولة الحوار. فالأسماء أو الأطراف التي فقدت الأمل في الفوز بالرئاسة تريد سلة وازنة من عملية انتخاب الرئيس، حيث يسعى كل فريق للحصول على حصته الوزارية والوظيفية، كما أنه يريد ربط موقفه بموقف دولي يشبه إلى حد ما مؤتمر الدوحة الذي أدى إلى انتخاب العماد ميشال سليمان رئيسًا للجمهورية.
لكن المشكلة، حتى لو تم الاتفاق على عقد مؤتمر شبيه بمؤتمر الدوحة، فإنه حتى في هذا المؤتمر سيكون هناك أيضًا سلة مطالب مختلفة ومتشعبة أكثر مما يريده بعض الموارنة في الداخل. إذ يطمح كل فريق ماروني إلى طرح رزمة مطالب قد يعجز أصحاب المؤتمر عن تحقيقها. لذلك، فإن الدعوة إلى مؤتمر غير واردة في ظل السقوف العالية لبعض الأطراف.
في الختام، وكي لا أطيل الشرح لتعقيداته، ولأنني لا أريد أن أوضح أكثر، فالمعلوم معلوم لدى الساسة. لذلك، ربما يكون الرئيس بري قد طرح موضوع طاولة الحوار من هذا الباب، أي أنها طاولة يجلس عليها الجميع، مما يشكل مؤتمرًا لبنانيًا برعاية أو ضمانة إقليمية ودولية، انسجامًا مع اللجنة الخماسية. وهذا يعطيه نفس حجم مؤتمر الدوحة دون أن يلقي بظلاله على الدول، ومن جهة أخرى هو أكبر من مجرد حوار لأن الموضوع اللبناني تجاوز ازمة انتخاب رئيس الجمهورية بسبب تعقيدات الأزمة وتشابكها، خاصةً بعد الانهيار الاقتصادي الكبير وتداعيات طوفان الاقصى الذي حتما غير الخارطة السياسية وربما الديمغرافية والجغرافية بالمنطقة. وإذا كان انتخاب الرئيس هو فرصة جامعة قد تنجح في عقد هذا الحوار لإنقاذ لبنان، فإن من الجيد أن يشجع الرئيس بري على الاستمرار في الدعوة إليه.
بعيدا عن عملية الاسناد التي قام بها حزب الله وكي لا تكون ذريعة للتهرب من طاولة الحوار، الجميع شاهد ما فعله الاسرائيلي في الضفة الغربية حيث حكومة محمود عباس التي تهاجم وتحرض على المقاومة الفلسطينية بكل امكانياتها بل هي التي تعتقل بعض افراد المقاومة، ومع ذلك يقوم الاسرائيلي ودون وجود ذرائع بتدمير وقتل سكان الضفة الغربية، اذا ما قام به حزب الله كان بمكانه اقله من هذه النقطة.
لذلك، أتمنى على الموارنة الذهاب إلى الحوار قبل انتخاب الرئيس بعيدًا عن التسميات والاعذار، لأنه إذا كان وضع مأساوي كوضع لبنان لا يستحق طاولة حوار، فمتى نتحاور؟ وأنا أعتقد أن الحريصين على الوطن سيجتمعون على هذه الفرصة ليعود موقع الرئيس كمدخل لاشتراع الحلول لإنقاذ لبنان. لأنه في حال وفاة لبنان، لن يبقى شيء نتحاور أو نتخاصم حوله، ولن يبقى منا شيء جميعًا.
“وانا اعتقد بان بعض الدول الكبرى تريد موت لبنان، والوحدة الوطنية تفشل المخططات الدولية”.
١٨/٩/٢٠٢٤
القاسم المشترك بين أحداث 11 أيلول 2001 وجريمة الضاحية 17 أيلول 2024
ناجي أمهز
*البداية يجب على بيئة المقاومة التقيد التام والالتزام الصارم والدقيق جدا بما يصدر عن المقاومة فقط، وان يكون الجميع في تعاون كلي كما يحصل في الدول الكبرى التي تتعرض لازمات كبيرة وخطيرة*
في الحياة، الأخطاء الكبرى واردة حتى في أعظم الدول وأكثرها تقدمًا وتطورًا في التكنولوجيا. فعلى سبيل المثال، في 11 أيلول 2001، تسببت عملية إرهابية في استهداف برجي مركز التجارة العالمي في مانهاتن، أمريكا، مما أدى إلى مقتل 2977 شخصًا، بالإضافة إلى آلاف الجرحى، مع تلوث هائل غطى سماء المدينة.
في تلك الفترة، ضجت وسائل الإعلام العالمية، وامتلأت شاشات الفضائيات بالمحللين الأمنيين والسياسيين. حتى الشعوب التي تعيش في مناطق نائية مثل مجاهل إفريقيا، والتي تفتقر إلى أبسط الخدمات كالكهرباء، قدمت نقدًا للإدارة الأمريكية حول كيفية حماية أجوائها ومنع حدوث مثل هذه الكارثة.
ما حدث في مانهاتن لا يوصف ولا يمكن تصديقه بسهولة، فقد هزَّ صورة أمريكا باعتبارها الدولة التي تعتبر نفسها شرطي العالم. وجاء الانتقاد بسبب نجاح بضعة أشخاص غير أمريكيين، ولا يتحدثون الإنجليزية بطلاقة، في تجاوز أنظمة الأمن والسيطرة على الطائرات، مما أدى إلى ضرب برجي التجارة العالميين.
وعلى مر السنين، كُتب ملايين الصفحات من التحليلات، وعُرضت مئات الآلاف من الساعات من البرامج الوثائقية والنقاشات حول تلك الأحداث. ومع ذلك، أظهرت التحقيقات أن السبب الحقيقي وراء أحداث 11 أيلول كان له علاقة بشركة نفط تديرها مجموعة صهيونية اسرائيلية تسعى للسيطرة على أفغانستان، بهدف تمرير أنابيب نفط والحصول على معادن مثل الليثيوم. وقد وضعت شركة النفط خطة لوقف اعتراضات الشعب الأمريكي الذي كان حينها غاضبًا من شراكة هذه الشركة مع بعض الافغان والافغان العرب بسبب الاعمال الارهابية التي طالت بعض البعثات او التواجد الامريكي في المنطقة، وكان من أعضاء مجلس إدارة شركة النفط العملاقة، رامسفيلد وكرزاي وديك تشيني وغيرهم كثير.
وبعد تحقيقات معقدة شارك فيها نخبة الاطباء النفسيين ورجال الامن المحترفين، كانت خلاصة التحقيقات ومفادها: “من يعبد المال يمكن بكل سهولة استعباده”. هذه الحقيقة تفسر الكثير مما يجري في العالم. فالمال كان الوسيلة التي مكنت هذه الشركة من تجاوز العقبات، والتحكم في القرارات الكبرى، والمال بالنسبة للدول ليس الا عبارة عن اوزان من الورق تدفع لاستخدام شخص ما بمهمة رخيصة دنيئة حقيرة، وكل ما زاد الجهل او الادعاء عند الاشخاص كلما كان بالامكان السيطرة عليهم.
واصبح هناك عرف متبع بل قاعدة اساسية لا يمكن تجاوزها انه عند الاشتباه بتورط شخص ما له منصبه او وظيفته فان اول ما يجب عمله وفعله هو ان تبدا التحقيقات في البحث عن مصدر ثرواته وكيف جمع امواله، وبحال ان جمع ثروته على حساب وقته في الوظيفة فانه يتم معاقبته بجرم الاهمال الوظيفي، او استغلال وظيفته، وبحال لم يستطع تبرير مصدر الاموال فانه حتما ليس الا خائن يجب معاقبته، وهذا النهج يؤدي في النهاية إلى استقامة الأمور، وصون الدول، وتطور الشعوب.
وبعد احداث 11 ايلول 2001 تم تفعيل قانون مكافحة تمويل الارهاب، لان تمويل الارهاب شيء بسيط للغاية ويمكن استغلال ضعاف النفوس باي عملية ارهابية كالتي قامت بها اسرائيل في الضاحية الجنوبية.
اذا كما أصابت أحداث 11 أيلول أمريكا بصدمة أمنية كبيرة، فإن جريمة الضاحية في 17 أيلول 2024 تمثل نكسة أمنية مشابهة، وإن كانت بحجم أقل.
إذا كان بضعة أشخاص قاموا باجسادهم وقد نجحوا في اختراق الأمن الأمريكي، فمن الطبيعي أن تتمكن دولة معادية كإسرائيل من تنفيذ اختراق أمني من هذا النوع الالكتروني، مما أدى إلى استهداف عدد كبير من أفراد المقاومة.
من حق الجميع ان يساءل: كيف حدث هذا، خاصة وأن اجهزة البيجر المستخدمة في هذه العملية هي محصورة بنخبة معينة مما يعني بان من يستخدم هذه التقنيات هم فئة محددة وهذا الامر يسهل رصد اجهزة البيجر أو تعقبها؟ لانها غير منتشرة على نطاق واسع بين العوام ليصعب تتبعها او تميزها عن غيرها.
كما انه قد يبادر البعض الى طرح نقطة جدلية تقول أن العدو الإسرائيلي نجح في إصابة نخبة قتالية لا يمكن تعويضها بسهولة، مما يطرح تساؤلات حول كيفية تعويض الجرحى ومواصلة المهام الموكلة إليهم، او من سيحل مكانهم ويستلم مهامهم.
هل يعني بان هناك اشهر ثقيلة تمر الان على المقاومة ام ان الامر سيشكل عامل اساسي لتطوير اليات العمل وملئ الشغور واكمال المهام رغم ضخامة الحدث.
نحن اليوم أمام لحظة مفصلية تتطلب منا التحلي بالمسؤولية الكاملة والتعامل مع هذه الأزمة كما تعامل الشعب الأمريكي مع أحداث 11 أيلول. يجب أن نثبت للعالم أننا قادرون على مواجهة التحديات، وأن مصير أمتنا المقاومة يعتمد على قوة إرادتنا ووحدتنا، وتطور وعينا وصلابة موقفنا.
لذلك، أهيب بالجميع الالتزام الكامل بتوجيهات المقاومة، والابتعاد عن الأصوات التي لا تقدم سوى النقد والتحريض وبث الفراغ الذي يساهم بتشتيت العقل، والابتعاد عن الفضائيات وعدم تضييع الوقت على السوشيال ميديا للاستماع الى من هم مع المقاومة او ضد المقاومة، الذي يجب الاستماع اليهم فقط هو ما يصدر عن المقاومة تحديدا.
الان وقت العمل، علينا التوجه جميعنا الى العمل (حي على خير العمل)
يجب أن نرفع حالة التأهب إلى أقصى حدودها، لأن الأمة المقاومة اليوم مهددة في وجودها ودورها.
ختامًا
الأمم تنهض بالنخب. علينا أن نكون على مستوى التحديات والمحن التي تواجهنا، وأن نواصل مسيرتنا نحو القمة، رافعين راية النصر للإنسانية التي ندافع عنها في مواجهة الإجرام والإرهاب الإسرائيلي.
كما ان اسرائيل لم تستهدف الضاحية والمقاومة فقط بل استهدفت كل شيء في العالم، ويجب على أمريكا واوروبا أن تتحمل المسؤولية كاملة، وخاصة الشركات المصنعة للأجهزة. إسرائيل أسقطت منظومة الاقتصاد العالمية.
كل ما يجري في لبنان ليس إلا البداية لسقوط النظام العالمي بأكمله. لقد كشفت إسرائيل أن كل ما تدعيه دول العالم، بما في ذلك الأمم المتحدة والشركات العملاقة، عن احترام الخصوصيات هو مجرد أكاذيب.
أعتقد أن العالم الحر، وفي مقدمته شعوب أمريكا وأوروبا، سيزحفون للدفاع عن خصوصياتهم بعد ما تبين أن بيانات سبعة مليارات إنسان في يد إسرائيل وتسيطر عليها لخدمتها.
١٩/٩/٢٠٢٤
إسرائيل ضربت في الضاحية الجنوبية من أجل اعلان سيطرتها واستعباد البشرية.
ناجي امهز
طالما تردد سؤال كبير للغاية: هل كانت الدنيا قبل مليون سنة مجرد مكان بدائي يعيش فيه أسلافنا البشر حياة بدائية، يسكنون الكهوف أو ينامون على الأشجار ويجهلون إشعال النار؟
أم أن الحياة قبل مليون سنة كانت تضج بالتكنولوجيا المتطورة للغاية، وهناك ما لم نعرفه حتى في عصرنا الحالي، عصر الذكاء الاصطناعي؟
هناك من يقول إن الحياة قبل مليون سنة كانت متطورة جدًا، لكنهم اكتشفوا أن ثمن التكنولوجيا على البشرية كان مكلفًا وخطيرًا للغاية، من أمراض وأورام سرطانية، كما ان الاستخدام العسكري للتكنولوجيا بطريقة شوهت الغاية من هذا التطور. مما أدى إلى حرب كبيرة للغاية أدت إلى دمار تلك الحضارات واندثارها نهائيًا.
وهناك نظريات ظهرت مؤخرًا، منها نظرية الأنوناكي الفضائي، وسكان جوف الأرض، وما يحدث من اكتشافات وآثار تاريخية يتم فحصها بالإشعاع الكربوني أمر مرعب للغاية، وإن كان لا يتم الإعلان عنها، إلا أن هناك آثارًا تظهر أن الإنسان قبل مئات الآلاف من السنين كان متطورًا، ليس كما تعلمنا أو حفظنا أنه كان يرتدي الجلود ويأكل اللحم نيئًا ويسكن الكهوف.
وربما العالم القديم المتطور حصل معه كما حصل اليوم مع اهلنا في الضاحية الجنوبية، من قبل العدو الإسرائيلي، وهو استخدام مرعب للتكنولوجيا المدنية لأغراض عسكرية، خاصة بعد تفجير الأجهزة المدنية حتى بالأطفال التي ربما كانت تلهو بها، يعتبر جريمة موصوفة تستدعي تحركًا عالميًا، وإلا على الدنيا السلام، وما قامت به إسرائيل، والذي يتجاوز عمليات الإرهاب المنظم، فإن الكثير من الدول ستغلق شركاتها، وسيتغير النظام العالمي، وربما يحدث انهيار كبير لن تنجو منه أي دولة.
بعد استخدام إسرائيل للتكنولوجيا المدنية في أغراض عسكرية وارتكاب المجازر من خلالها، لا أحد في أمريكا وأوروبا يستطيع أن يخبرني أنه حر، ولديه ديمقراطية ويعيش حقوق الإنسان. فقد أكدت إسرائيل أنها قادرة على قتل كل الشعب الأمريكي والأوروبي بكبسة زر.
بعد اليوم، لا أحد يفتخر بأنه يحمل هاتفًا محمولًا مرتفع الثمن، لأن قتله بالهاتف المرتفع الثمن لن يجعل موته موتًا بخمسة نجوم، خاصة أن إسرائيل قادرة على تفجير أي جهاز محمول أينما تواجد.
بعد اليوم، لا أحد يقول لي إنه يدفع مبالغ خيالية للحفاظ على خصوصيته وأسراره. لقد تبين أنك تدفع مبالغ خيالية لشركة تبلغ عنك أنك تملك خصوصية تريد أن تحميها، فيأتي الإسرائيلي ويضعك تحت المراقبة حتى يعد أنفاسك.
لا أحد يقول لي إن هناك دولة واحدة في العالم خارجة عن سيطرة الإسرائيليين. أمريكا وشعبها وشركاتها وجيشها هم عبيد وخدم عند الإسرائيليين.
الصين والهند واليابان وكوريا الجنوبية وحتى اليابان، هم ومصانعهم ونخبهم العلمية والصناعية ومعهم ملوكهم ورؤساؤهم، مجرد خدم وعبيد عند الإسرائيليين.
ولا أحد يستغرب أو يرفض ما أقوله، لأنه لو كان ما أقوله خطأ، كان يجب على هذه الدول أن تحاكم إسرائيل أو تدعي عليها، وأن تعاقبها.
ذلك اسرائيل كشفت عن اهم اسرارها واخطر اسلحتها في الضاحية الجنوبية من اجل تهديد الكرة الارضية، اسرائيل وحكومة اسرائيل تعرف انها بهذا العمل ستدخل بصراع مع كل شعوب العالم، ولكن على ما يبدو ان الصهاينة اعلنوا سيطرتهم على البشرية.
لذلك، ما جرى في الضاحية الجنوبية يطرح الكثير من الأسئلة.
أول هذه الأسئلة: الهاتف المحمول الذي تنتجه الشركات ليس فقط أداة تجسس، بل هو سلاح قاتل يمكن في أي لحظة أن يقوم المسيطر عليه بتفجيره في رأسك. يعني أنك تشتري بأموالك وتدفع لشركة خاضعة لسلطة بعض البشر بأن تحكم عليك وعلى عائلتك بالقتل والإعدام ساعة يشاؤون.
ثاني هذه الأسئلة: الهاتف المحمول وُجد لاستعبادك. فهم اليوم لا يكتفون بمراقبتك على مدار الساعة، بل إنهم يقومون باستعبادك من خلال ابتزازك بصورك الخاصة أو مكالماتك أو علاقاتك، أو حتى الضغط عليك بما يعرفونه عن عائلتك وأحب الناس إلى قلبك. وعندما يستعبدونك، تتحول إلى عبد مطيع ينفذ كل مآربهم دون اعتراض. يعني أنك تدفع أموالك لتتحول إلى عبد عند هؤلاء الذين يتحكمون بالبشر.
في الختام، نعود إلى المقدمة. ولو أن ما أقوله مجرد فرضية، ولكن يبدو أن أسلافنا البشر كانوا متطورين للغاية. لكن تطور التكنولوجيا واستخدامها غير الإنساني من قبل فئة مجرمة مثل الإسرائيليين اليوم جعل البشر ينتفضون على التكنولوجيا وتصبح من المحرمات حتى نسوها، وهكذا عادوا إلى البدائية كما كانوا أول مرة.
كل إنسان اليوم يمتلك هاتفًا محمولًا يحمل قنبلة متفجرة يضعها قرب رأسه، وفي أي لحظة يمكن للإسرائيلي أن يفجرها بصاحب الهاتف المحمول أينما كان، وفي أي دولة في العالم.
وبعد ما جرى في الضاحية، أعتقد أننا سنبدأ برفض استخدام التكنولوجيا، وسنعود إلى الهواتف الأرضية، ورويدًا سنرفض كل أنواع التكنولوجيا التي تسبب الموت والدمار، وهكذا مرة أخرى تعود الحياة البدائية لتفرض نفسها على الوجود.
ما قامت به إسرائيل ليس موجهًا للمقاومة فقط، بل هو موجه للعالم الذي عليه أن يعترف بأن إسرائيل تستعبده، وان الشعوب الحرة والانسانية هي الشعوب التي تواجه اسرائيل.
٢١/٩/٢٠٢٤
إلى شيعة لبنان: يجب الاستماع جيدًا، والاصغاء بعمق، والا نحن بخطر.
ناجي أمّهز
أولاً، إلى كل من يسأل لماذا لم تدخل إيران الحرب حتى الآن إلى جانب المقاومة، يجب أن يعلم أن دخول إيران الحرب يعني نهاية الدور الشيعي في المنطقة. طالما أن إيران قوية ومتماسكة وبعيدة عن الحرب، فإن الشيعة لا يمكن هزيمتهم، لأنهم يملكون أنبوب الأوكسجين الذين يتنفسون منه، كما يملكون خطوط الدعم بكافة أشكالها، ومنها السياسية والدولية. كما حصل بالأمس عندما قامت إيران بإرسال الطواقم الطبية ونقل المصابين للعلاج.
ثانيًا، كل شعوب الأرض مرت بحروب وأوقات عصيبة كادت أن تنهي وجودها، ولكن في النهاية الشعوب الصابرة الواعية القوية استطاعت تجاوز الصعاب واستكمال طريقها نحو النصر والمجد.
حتى في لبنان، مرّ الموارنة بظروف أصعب بكثير مما يمر به حزب الله والطائفة الشيعية اليوم. ورغم قلة عددهم، وانعدام السلاح بأيديهم، واعتقال زعمائهم، ونفي البعض منهم وهجرة جيل بأكمله، إلا أنه لم يستطع أحد إلغاء وجودهم بفضل النخب السياسية والإعلامية.
واذا كان شيعة لبنان اليوم يقاومون اسرائيل فان الموارنة بالامس قاموا بمقاومة امريكا التي ارسلت البواخر لاخراجهم من لبنان.
لذلك لا احد اقوى من الشعب اللبناني، المهم الايمان بخيارنا والابتعاد عن الفوضى والعبثية.
بالمقابل، حزب البعث العراقي الذي كان يمتلك الدولة بكل ما فيها، ووضع يده على ثورة البلاد وكمية هائلة من الأموال، لم يستطع الصمود أمام حرب بسيطة جدًا. فقد تحوّل حزب البعث العراقي بين ليلة وضحاها من حزب يحكم الدولة الى حزب مطارد في مجارير الصرف الصحية وبلا مأوى، وتم اعتقال قادته ونوابه ووزرائه، ونبذ الآخرين وإقصاؤهم عن الحكم.
مشكلة حزب البعث العراقي لم تكن في ضعف القوة او قلة العدد وشح الامكانيات المادية، بل كانت في كونه حزبًا أسس جمهورًا خطابيًا، من “الكلمنجية”، أصوات بلا عقول، وإعلام تافه، وسياسيين أتفه. هذه الأخطاء أدت في النهاية إلى ما شهدناه في العراق.
بالمقابل، حزب البعث في سوريا، رغم الحرب الكونية عليه وهجوم مليون إرهابي، والقصف الأمريكي، والاعتداءات الإسرائيلية، والاحتلال التركي، وظهور المعارضة، وسقوط 80% من الأراضي في يد أعداء سوريا، استطاع في النهاية استعادة زمام الأمور والسيطرة.
سبب انتصار حزب البعث في سوريا هو القيادة الموحدة. وانعدام الابواق إعلامية أو وجود سياسيون فاشلون. الإعلام السوري، رغم حاجته، لم يتحمل الإعلاميين اللبنانيين لأنهم يثرثرون أكثر مما يقدمون، وفي سوريا مسموح أن تخطئ مرتين، لكن في الثالثة تُمنع من الظهور الإعلامي.
وصدقا ان سبب انتصار تموز عام 2006 هو غياب هذه الموجة من التفاهة والثرثرة الاعلامية والتضخم الهائل بالمحللين السياسيين الذين كل نصف ساعة يبدلون ارائهم وتحليلاتهم، ولا يقدمون سوى الصراخ واثارة الخلافات التي نحن بغنى عن كثير منها خاصة في هذه الظروف المصيرية.
المشكلة ليست بهؤلاء، الذين استطاعوا خداع الشعب، أو ربما أعجبت الناس بأشكالهم واسالبيهم لأنهم مجرد فكاهيين لملء الفراغ. لكننا الآن في حالة حرب وجودية، أمام خيارات مصيرية قد تؤدي إلى إبادتنا أو إنهاء دورنا السياسي والاقتصادي والاجتماعي.
لذلك يجب أن نطبق المعادلة الذهبية: إن كان الكلام من فضة، فإن السكوت من ذهب، بل من ياقوت وألماس. علينا الصمت، الهدوء، والتوقف عن النشر، وتغيير برامجنا السياسية.
ما يحدث في البيئة الشيعية يشير إلى فوضى مطلقة. هناك اليوم أكثر من مائة ألف مصاب، لان كل جريح وكل شهيد أصيبت عائلته كما اصيب احبابه واصدقائه.
كما ان ما حصل ليس زلزالًا لنتعامل معه بهذه الخفة، بل هناك عدو يسعى لإبادة هذه الطائفة.
نحن في خطر حقيقي، ليس لاننا اخطأنا بل لان الشيعة، حاربوا الإرهاب، الذي تسعى اليوم فلولهللانتقام منهم. وما تسمعونه من أن ما يحدث هو بسبب دعم غزة غير صحيح. الإسرائيلي يستهدف الطائفة الشيعية لإبادتها كما يبيد اليوم الشعب الفلسطيني، لأنه يعتقد أن الشيعة لا يحق لهم الدفاع عن أرضهم وتحرير الجنوب.
كل ما تسمعونه من شماتة عبر الإعلام والسوشيال ميديا تجاه جرحى حزب الله، والتحريض على الشيعة، يأتي من التكفيريين وبعض العرب واللبنانيين الذين يكرهون حزب الله لأسباب عقائدية أو سياسية. الشيعة قاتلوا الإرهاب دفاعًا عن الأقليات وحتى عن الوسطيين في الطائفة السنية. إذا انتشر التطرف التكفيري في لبنان، فإن أولى معاركه ستكون مع المسيحيين والدروز، إضافة إلى الشيعة.
هناك فئة إسلامية تكفر الشيعة لأسباب عقائدية عمرها 1400 سنة والسبب العقائدي ان الشيعة فقط قاطعوا معاوية بسبب حديث رسول الله المذكور: – إذا رأيتُم معاويةَ على منبري فاقتلوه. فقال : كذَب عمرٌو الراوي : الحسن البصري | المحدث : ابن الجوزي | المصدر : الموضوعات لابن الجوزي الصفحة أو الرقم : 2/266 | خلاصة حكم المحدث : موضوع | أحاديث مشابهة التخريج : أخرجه ابن عدي في ((الكامل في الضعفاء)) (5/98) واللفظ له، والخطيب في ((تاريخ بغداد)) (12/180)، وابن عساكر في ((تاريخ دمشق)) (59/157)
يعني الفئة التي اليوم تحرض على الشيعة هي فئة قادمة من مجاهل التاريخ وهذه الفئة تكفر حتى المسلمين الذين يؤمنون بكروية الأرض.
امام الحديث عن اسناد غزة هو رفضنا أن يُقتل الأطفال والنساء بدم بارد، على يد المجرم الاسرائيلي الذي يقتل اليوم الاطفال في لبنان، وما نقوم فيه اليوم بالوقوف الى الشعب الفلسطيني قمنا فيه عندما وقفنا الى جانب المسيحيين والازيدين والاسماعيليين وغيرهم من الاقليات عندما قاتلنا الارهاب، بل منعناه من الوصول الى اوروبا.
وان كان العرب والمسلمون تخلوا عن نصرة الشعب الفلسطيني، وهذا خيارهم. لكن ليس من حقهم انتقاد الشيعة الذين يقفون في وجه الة الموت الإسرائيلية التي تدمر وتقتل كل كائن حي.
الى الطائفة الشيعية، المطلوب اليوم هو التوقف عن نشر أو قول أي شيء، والتقيد التام بما يصدر عن المقاومة.
يجب أن نتحول إلى بيئة تقاوم وتعمل وتنتج بصمت وهدوء كامل، ولدينا امثلة كثيرة منها التجربة اليابانية بعد هيروشيما وناغازاكي، وتجربة الشعب الألماني الذي بنى أعظم إمبراطورية اقتصادية، بعد ان فقدت المانيا 70% من الذكور فيها، حيث توجهت النساء الى البناء والتعليم وتأمين الامن والقيام بالزراعة وتشغيل المعامل الصناعية، واليوم المانيا خامس دولة على مستوى العالم.
ونحن لا نقل عزما وصلابة وطموحا عن هذه الشعوب، واليوم يجب ان نقوم بالافعال لا الاقوال، ولننطلق نحو النصر والمجد، وانا واثق من لانصر ان شاء الله بحال تقيدنا بهذه الثوابت، لان الفوضى هي اعظم المصائب في العالم.
في علم النفس الخروج من الفوضى هو اعظم انتصار .
٢٢/٩/٢٠٢٤
إلى كوهين وفيصل القاسم وأدرعي والقنوات العبرية الناطقة بالعربية
ناجي أمهز
بداية، ليس مطلوبًا من إيران أن تدافع عن حزب الله أو أن تقاتل نيابة عنه، وقد كرر السيد نصر الله هذا الأمر مرات ومرات: “إيران لا تتدخل في أي شيء يتعلق بحزب الله، سواء في قراراته الداخلية أو الإقليمية أو الدولية، لا في السياسة أو الحرب”.
لكنكم لا تريدون الاستماع إلا لما يجول في خواطركم، وهذا أمر طبيعي جدًا، حيث إن الشخص المريض المصاب بانفصام الشخصية يرى ويسمع أشياء ليست موجودة إلا في عقله المريض نفسيًا.
كما أنه ليس مطلوبًا من إيران أن تقدم لحزب الله أكثر مما قدمته لحماس وبقية فصائل المقاومة الفلسطينية، ونحن لها من الشاكرين.
لذا، لا نفهم ما الذي تقصدونه من التحريض على الجمهورية الإسلامية في إيران.
كما أنه لا يمكن لأي دولة أو شخص أن يحرض المسيحيين على قداسة البابا في الفاتيكان، ولا البوذيين على الدالاي لاما، القائد الديني الأعلى للبوذيين التبتيين. فان كل الدنيا، بما فيها المخلوقات الفضائية والأبالسة والجن، لن تستطيع أن تحرض شيعيًا واحدًا على ولاية الفقيه في إيران.
أما فيما يتعلق بالحرب التي تشنها إسرائيل على حزب الله خاصة، وعلى الشيعة عامة، فأقول بصدق ويقين وإيمان، وأقسم بكل ما أؤمن به، وما تكفرون به، أن هذه الحرب بالنسبة لنا مجرد نزهة. ولا تعتقدوا أنني أبالغ، وسأقدم لكم الأدلة.
أولاً، جميع الشيعة في لبنان يعلمون ويدركون ويعرفون أنه من دون حزب الله سيتم حرمانهم مرة أخرى، وسيستعبدون بطريقة مهينة للغاية. لذلك، لن تجد شيعيًا واحدًا قادرًا على تقبل فكرة هزيمة حزب الله، مما يعني أن كل شيعي اليوم هو حزب الله.
ثانيًا، جميع الدول المحيطة بشيعة لبنان، وفي مقدمتها إسرائيل، ومعها التكفيريون وبعض الناقمين على حزب الله، ينتظرون سقوط حزب الله للتنكيل بالشيعة. والشيعة لن ينتظروا سقوط حزب الله ليأتي مجرم غبي جاهل تكفيري وينحر أو يفجر شيعيًا، كما يحصل في أفغانستان وباكستان. لذلك، سيقاتل الشيعة إسرائيل حتى آخر نفس. إذا انتصرنا على إسرائيل، نكون قد أدينا واجبنا وأوقفنا إجرامها بحق الأطفال والنساء والعجائز في غزة، وحمينا الأقليات في المنطقة، وفي مقدمتهم المسيحيون.
بمعنى أوضح وأدق، وبما أنكم تعتبرون أنفسكم من النوابغ، أنصحكم ألا تنسوا أن الحقد الكبير على الشيعة ظاهر للعلن. ولا أعلم كيف سيصدق الشيعي شخصًا يريد قتله.
يعني انتم تخيرون الشيعي هل تحب ان تموت بالقصف الاسرائيلي او نرسل اليك داعشي تكفيري ارهابي رائحته نجاسة وذقنه مثل مكنسة الشوارع وشكله كالخارج من جهنم ان يذبحك بالسكين وانت مكبل لا تستطيع فعل شيء.
“يا جماعة، والله العظيم، أمام حقد التكفيريين وجاهلية بعض العرب، وهمجية بعض شعوب المنطقة، نجد في قتالنا لإسرائيل مجرد نزهة أو عمل نؤجر عليه في الدنيا والآخرة”.
إن إعلامكم وتفاهتكم وخبثكم وقرفكم ونفاقكم وحديثكم يشبه حديث الأفعى التي تقول للإنسان: “لا تخف، أريد أن أقبلك على فمك”.
في الختام،
أنصحكم نصيحة أرجو أن تستفيدوا منها إذا أردتم النجاح في تقليب الشيعة على حزب الله: عليكم أولاً الضغط على بعض الدول العربية لتعترف بالشيعة وتمنحهم حقوقهم المدنية الكاملة حسب الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. لأن تسعين بالمائة من الدول العربية تمارس بحق الشيعة أقسى أنواع التمييز العنصري.
ربما حينها نصدق أن هناك من يريد الخير للشيعة.
كما أكرر لكم نفس الكلمات: إن كنتم تعتقدون أنكم قادرون على تحريض الشيعة على حزب الله، فأنتم حتمًا مجانين.
الشيعة مؤمنون حتى اليقين أن حزب الله هو روحهم، وكما لا يوجد مخلوق أو كائن حي قادر على الحياة دون روح، فإن الشيعة أرواحهم معلقة بحزب الله، ولا يمكن فصل الشيعة عن حزب الله.
٢٣/٩/٢٠٢٤
الجنرال الصيني تزو يوجه رسالة تحذير إلى نتنياهو
ناجي أمّهز
السيد رئيس وزراء إسرائيل، لن أطيل عليك الكلام، ولكن هناك ما يجب أن تعرفه لأنني متأكد أنك في النهاية ستخسر معركتك.
سيد نتنياهو، حتماً أنك نجحت في تجنيد جاسوس داخل حزب الله، وكما جاء في كتابي الشهير “فنون الحرب”، فإن الاحتفاظ بجاسوس داخل العدو يعادل جيشاً بأكمله.
لكن كي لا تصاب بالغرور لانك نجحت باختراق حزب الله وبصناعة جيمس بوند او رأفت الهجان، فإن اختراق الحركات والتيارات الإسلامية سهل للغاية. الأمر يتطلب عدم حلق الذقن وإبراز معالم التدين والحديث الدائم عن الفضيلة، والأهم أن تكون المسبحة طويلة. هذا ما حدث مع كل الحركات الإسلامية منذ نشأتها إلى يومنا هذا. لذلك، لا تعتقد أنك قمت بعمل معقد عندما نجحت في تجنيد جاسوس أو جواسيس في بلد لديك فيه حلفاء وشركاء، وكنت تمتلك فيه شريطاً حدودياً يحميه بعض العملاء اللبنانيين أنفسهم.
سيد نتنياهو، اعذرني على قولي هذا، لكن عندما أنظر إلى السيد نصرالله، أشعر بأنني أنظر إلى رجل يشع بهالة من الوقار والاحترام. أما عندما أنظر إلى تعابير وجهك، أشعر وكأنني لا أنظر إلى رئيس حكومة أو رجل دولة. تبدو وكأنك أتيت من مواخير الدعارة، وحركاتك تظهرك كأنك عديم ألاخلاق وبلا تربية، وتقوم بحرب قذرة على المراكز الدينية الكنائس والمساجد وحرق وتمزيق القران الكريم وعمليات قتل الاطفال والجرحى في المستشفيات واغتصاب وحرق النساء احياء وتدمير المؤسسات المدنية والخدماتية حتى الاممية منها، كما انك قمت بالقتل والاعتداء على الصحافة، حيث اصبح كل العالم ينظر اليكم على انكم مجرد عصابات ارهابية مسلحة، واصبح من الصعب التميبز بينكم وبين داعش، الان اسمح لجنودك بتربية لحاهم وسيتحولون الى نسخة طبق الاصل عن داعش.
سيد نتنياهو، حتماً قرأت كتابي “فنون الحرب” واستفدت من الفقرة التي تؤكد أن “المخابرات الجيدة هي الأمر الجوهري الثاني المهم في الحرب، لأن كسب الحرب هو نتيجة معرفة مسبقة للعدو، وهذه المعرفة لا يمكن أن تأتي من الأبراج أو الأرواح أو البناء عليها وفق أحداث الماضي، بل يجب الحصول عليها من الأشخاص الذين يعرفون وضع العدو”.
ومما يظهر أن حزب الله ليس لديه جواسيس لا في الداخل ولا في الخارج، وهذا دليل على أن حزب الله لم يفكر يوماً في السيطرة على لبنان كما يُشاع. حتى تعاطي حزب الله في السياسة يؤكد أن حزب الله أخلاقي بكل شيء، لأن حزب الله بإمكانياته الهائلة لو أراد السيطرة على لبنان لتعاون مع الأشخاص الذين لديهم معرفة عميقة بالبيئات، أقله المتناقضة معه.
سيد نتنياهو، أريد أن أنبهك إلى أمر وأحذرك من شيء ثابت وأنا شخصياً جربته في حروبي مرات ومرات، وإن لم تسمعني أعتقد بأن الدنيا ستنقلب على رأسك ورأس من خلفك.
سيد نتنياهو، الأمر الذي أريد أن أنبهك منه هو أنك أنت الذي قتلت الأسرى الإسرائيليين لدى حماس، وهذا الأمر ستكون تكلفته كبيرة عليك وعلى حكومتك. كما أن ابنك يعيش ببذخ ورفاهية بينما أبناء الإسرائيليين الفقراء تقتلهم بحرب عبثية وتستغلهم أبشع استغلال.
بالمقابل فان ابناء القيادات والقيادات نفسها في حزب الله تقاتل قبل المقاتلين انفسهم.
سيد نتنياهو اريد لفت نظرك الى ان الاسرائيليين حتما في انفسهم يعيشون هذه الهواجس لذلك يتحركون للانتفاضة عليك والتظاهر ضدك.
أما ما أحذرك منه، فهو ألا تنخدع بتفوقك العسكري والعدد الكبير في جيشك. وإن كنت تعتقد بأنني أخدعك، يمكنك مراجعة حرب المقاومة الفيتنامية ضد القوات الأمريكية.
عندما كان عدد جيشي صغيراً وكنت أصل إلى أماكن وأجد نفسي محاصراً من قبل اعدائي، كنت أطلب من بعض جنودي أن يقوموا بردم آبار المياه إذا وجدت، وتدمير الجسور. بمعنى أنني كنت أحاصر جيشي بنفسي وأجعله يصل إلى نقطة “اللاعودة”؛ إما الانتصار أو الموت. وقد نجحت هذه الخطة مرات ومرات. لا يمكنك سيد نتنياهو أن تتصور القوة التي يمتلكها أي شخص تضعه أمام الموت مباشرة.
لذلك، أحذرك من أن يصل شعور حزب الله وبيئته إلى هذا الحد، حينها ستكون في مشكلة كبيرة للغاية ولا يمكنك تصورها. والذين سبقوك يعرفون ما حصل عندما كان الجيش الإسرائيلي يحاصر القرى في الجنوب.
سيد نتنياهو، أنصحك بقراءة كتابي الذي نشرته قبل 2500 سنة، لأنني أشعر بأنك بدأت تصل إلى نهايتك، وستدفع ثمناً باهظاً للغاية بسبب الحماقة التي ارتكبتها من خلال تفجير أجهزة “البيجر” وأجهزة الاتصالات اللاسلكية، مما شكل خطراً لا يمكن للنظام الرأسمالي تجاوزه. لأن ذلك يؤدي إلى انهيار كامل في النظام العالمي، الذي يعيش اليوم حالة من الرعب بسبب الهواتف المحمولة التي تستغل للكشف عن خصوصية الأفراد. ولكنك حولتها إلى أداة قتل، ومن بعد اليوم، من سيقبل أن يضع قنبلة عند رأسه يمكن تفجيرها عن بعد، وايضا الجميع سيتهمونك انت وحكومتك بانك خلف كل طائرة مدنية تفجرت لانك حتما فجرت هاتف احدهم او جهاز بيجر لطبيب يحمله.
٢٨/٩/٢٠٢٤
أبت جوارحه الطاهرة الزكية أن تعيش بين العربان المنافقين الذين باعوا فلسطين.*
*رفضت روحه أن تفارق الدنيا ولا يوجد فيها اسم فلسطين.*
لم يقبل ان يسمع ونصرالله ولا يلبي نداء اطفال فلسطين.
اليوم تفرح ملائكة السماء باستقبال قديس القدس، وراهب فلسطين، وإمام المقاومين.
سيد حسن نصرالله
سيد هادي نصرالله
كل الشهداء في عرس السماء.
ناجي أمّهز
٢٨/٩/٢٠٢٤
أوروبا، روسيا، والأقليات الدينية هي التي خسرت السيد نصرالله قبل حزب الله
بقلم ناجي أمّهز
لا أحد يُخفي أو ينكر أن الخسارة والألم شيء لا يوصف في بيئة المقاومة، حزنًا وفقدًا على سيد المقاومة سماحة السيد حسن نصرالله، وهو القائد والسند والأب، والروح التي نشعر جميعًا بأننا نتنفسها ونعيش ونستمر على همس حضورها وانتظارها.
نعم، الأطفال كما الكبار يبكون بحرقة هذا الغياب الذي لم يكن أحد يتصوره أو يتوقعه، خاصةً أننا جميعًا كنا نعيش النبض القوي الثابت عندما كنا نرفع القبضات التي تطال السماء ونحن نهتف “لبيك يا نصرالله”.
فداء السيد بالأرواح والأموال وكل شيء تمتلكه هذه الطائفة، عن طيب خاطر ومسامحة لا متناهية. والله، لو كانت الأرواح توهب اليوم لوجدنا كل واحد من هذه البيئة يسابق إلى منح هذه الروح للسيد نصرالله، الذي هو كل الروح، ولا أحد يبالغ بهذا الوصف ونحن نشاهد أبطال المقاومة وهم يمضون نحو الشهادة كما يُزف العريس أو يفرح المتخرج بنيله أرفع الدرجات العلمية.
بالأصل، من صدّق أن السيد نصرالله قد استُشهد؟ هذا التعبير ليس مجازيًا، بل هو حقيقي يعيشه كل من أحب السيد نصرالله. أنا لا أستطيع أن أصدق أن القادة أمثال السيد يرحلون. وإن رحل عن عالمنا، فكيف سيرحل من ذاكرتنا وفواصل أفكارنا ونبض قلوبنا؟ وهو الحديث الذي لأجله نرصّف الأفكار، ونرسم الصور، ونحيك الكلمات. كيف يرحل من حياتنا وهو كل الحكايا في حياتنا؟
ولكن في الختام، نحن مجتمع أو شعوب، والشعوب عادة تستمر وتسير، كما الحياة استمرت بعد الأنبياء والقديسين. ولكن، الذي يشعر بفداحة الخسارة هي الأمم التي عملت على تكريس وجودها ورسمت دورها في العالم.
حتى حزب الله، رغم الخسارة التي قد يحتاج وقتًا لتقبلها ولملمة آثارها، قادر على المضي بحزم أكبر وإصرار أشد وعزيمة أقوى وأصلب. خاصةً أن حزب الله، في تأسيس ذاته، مشروع لا يقبل المساومة أو اللون الرمادي في صراعه مع العدو الإسرائيلي. فالشهادة في الحزب كالرتبة في ارتقاء السلم الوظيفي؛ كلما كان القائد في منصب أرفع، كانت تضحياته أكبر. فمن من قادة الحزب وفّر نفسه أو فلذة كبده؟ ومن جلس يبحث عن المكاسب كي يخشى المواجهة حتى الاستشهاد؟
لذلك، لا يوجد من يمكن تهديده بالقتل في حزب الله، وطالما أن الاستشهاد أو النصر هو المطلوب، فقد تعلم هذا الجسم المقاوم كيف يعيد بناء نفسه مرة بعد مرة. وفي كل مرة، يتطور بتقنيات وأساليب أعظم. ويكفي حزب الله أنه حدد الهدف والرؤية بأن إسرائيل هي الشر المطلق.
وبالأمس، استُشهد السيد عباس الموسوي، الذي بكت على استشهاده حتى الأشجار والأحجار. وجاء سماحة السيد نصرالله، الذي أصبح قائدًا لا يتكرر ولن يتكرر، على الأقل في المستقبل القريب. وحتماً، مدرسة عظيمة ومعلم عظيم مثل سماحة السيد نصرالله قد أعدّا قيادة تستطيع أن تضيف إلى بنيان المقاومة أجزاءً أساسية تمنحها المزيد من القوة والاستمرار.
حتماً إسرائيل ستفرح، كما ستفرح داعش وكل من معهما. لكن كم يدوم هذا الفرح في صراع الأمم؟ هل ستجد أوروبا، في حال عادت داعش، قائدًا عظيمًا نبيلاً مثل السيد نصرالله، يقود أبطاله إلى ساحات المعارك ليحارب الإرهاب دفاعًا عن أجراس الكنائس والأقليات العرقية في منطقة الشرق الأوسط، ويمنع سيطرة الإرهاب التكفيري كي لا يصل إلى أوروبا بعد زعزعة استقرار تركيا؟
هل ستكون روسيا كما كانت بالأمس، وهي تقود المعارك في البادية، وجنبها حزب الله هذه القوة العظيمة التي سلاحها الإيمان وعقيدتها الثابتة بأن البشر إخوة في الإنسانية؟ أم ستتحول روسيا الاتحادية إلى دولة وحيدة تعيش على أصوات ولغات واستراتيجيات غير مفهومة في الصراع حول العالم، بعد أن فقدت حليفها السيد نصرالله، الذي ساهم في إعادة إشراكها بالقرار الدولي، بعد أن كاد دورها يتجمد في جليد السياسة الدولية، ومنها أوروبا وإسرائيل نفسها التي تسعى للقضاء على روسيا ونهب ما تمتلكه من احتياطي الغاز الأكبر عالميًا.
حتى غالبية الدول العربية التي شمرت عن ساقيها وجلست على رأس التل تمارس فن القرفصاء وتتفرج كيف يقوم المجرم الإسرائيلي بحز رؤوس الأطفال وتدنيس المصاحف، ويتفنن بحرق النساء وهن أحياء ودفن الجرحى في المقابر الجماعية بعد تدمير المستشفيات على رؤوسهم.
هؤلاء العرب، من سيستقبلهم بعد اليوم ليتعاون معهم في سبيل محاربة القائد السيد نصرالله؟ هؤلاء لم يكونوا على علم أو معرفة بأن وجود السيد نصرالله فرض معادلة وجودهم حتى عند أسيادهم، ولو كانوا يتقنون السياسة لكان أحدهم تعامل مع العدوان الإسرائيلي بأساليب مختلفة.
حتى أمريكا، من سيحميها من اللوبي الصهيوني الذي سيفرض سيطرته على أمريكا دون حسيب أو رقيب؟ أمريكا التي كانت لديها ما تفاوض به وتضغط على اللوبي الصهيوني، عندما كانت تمنّ عليهم بتحييد إسرائيل عن معركة عسكرية مع المقاومة. اليوم، في المعادلة السياسية، أين دور أمريكا العميق؟ لقد أصبح خارج الزمن، كما أصبحت عقلية كيسنجر السياسية خارج المعادلات الدولية بفضل الذكاء الاصطناعي.
في الختام، الجميع خسر أمام فقدان هذا النور الرباني والحضور الإنساني الذي تجلى في شخصية السيد نصرالله، صاحب الكاريزما التي تجعل الملايين كالجماد أمام الشاشات اثناء الخطاب، يأخذون من طاقة حضوره العبور إلى الأمان والإيمان الداخلي.
والوحيد الذي ربح هو فلسطين، التي ارتوت من دماء قديس القدس السيد حسن نصرالله، فأشرقت بنور ربها وأزهرت من الرياحين، حيث فاض البخور بعطر المسك والعنبر.
واليوم تستطيع فلسطين أن تعيش قرونًا طويلة رغم آلة الموت الإسرائيلية، ومن معها من محور الشر والظلام.
اليوم، فلسطين ستخرج من دائرة النسيان، وتصبح جزءًا من كل إنسان عاش أو سمع أو قرأ لسماحة السيد نصرالله الذي ارتقى شهيدًا على طريق القدس.
إلى اللقاء يا سيد الشهداء في زمن الغرباء.
٢٩/٩/٢٠٢٤
عندما كنت أبحث عن بعض المقالات حول الشهيد السيد نصرالله، وجدت هذا المقال للكاتب اللبناني ناجي أمّهز، وقد قمت بتدقيقه لغويًا. وهو مقال نُشر منذ فترة طويلة جدًا، يمكن من خلاله معرفة وفهم خطورة السيد نصرالله على الكيان الاسرائيلي، الذي كان وجوده هو تهديد وجودي للكيان الاسرائيلي، مقال قد يجعلنا نعرف بعض الاسرار التي لم يكشفها الكثير.
سر أخطر سلاح يمتلكه حزب الله
ناجي امهز
منذ العاشر من محرم والإعلام اللبناني والدولي بكافة أطيافه السياسية وأقلامه الإعلامية ومحطاته الفضائية يتناول كلمة أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله حول تحذيره اليهود من السياسة الصهيونية.
بل أخذ الأمر أبعادًا غريبة عجيبة وذهب المحللون إلى أماكن مختلفة ومتعددة، منهم من تكلم عن قوة حزب الله المتعاظمة ومنهم من شرح التكتيك الاستراتيجي في الخطاب، والآخرون تكلموا عن السيد نصرالله والمعادلة الجديدة حيث ما بقي شيء من فن الكلام في الإعلام إلا واستخدم في هذه الفترة بمحاولة لتفسير وشرح خطاب سماحة السيد.
والحقيقة مختلفة تمامًا، فالسيد في كافة خطاباته يتكلم عن الإنسان الحر الذي يريد أن يعيش بكرامة، حتى في هجومه على بعض النظم هو من أجل قيمة الإنسان في نفسه وسيادة وطنه.
وهنا تكمن مشكلة الغرب وبعض العرب مع سماحته، وهو الخوف من صوته الإنساني العادل، لا ما نكتبه من تحاليل وما ننشره من شرح وافٍ كافٍ عن قوة حزب الله.
أمريكا حاربت وحجبت إعلام حزب الله، ليس بسبب خطاب السيد نصرالله المتصاعد ضد الإدارة الأمريكية أو ما يعرضه الإعلام الحربي عن انتصارات حزب الله،
بل بسبب خطاب السيد نصرالله للشعب الأمريكي، الذي ينظر إليه سماحة السيد على أنه شعب مظلوم تخدعه إدارته السياسية والعسكرية وتحوله إلى ضحية اقتصادية يلتهمه الغول الصهيوني.
إسرائيل التي عملت جاهدة مع بعض الدول العربية العميلة المتصهينة على حجب المنار، هي لم تقم بهذا العمل بسبب انتصار حزب الله في سوريا ولبنان على الإرهاب التكفيري أو حرب عام 2006 أو تحرير الجنوب عام 2000، فهذه الانتصارات لا يمكن حجبها إعلاميًا لأنها أكبر من صناعة الخبر، بل بسبب أن خطاب السيد نصرالله يكلفها غاليًا سياسيًا واجتماعيًا، لأن سماحته عندما يتكلم عن الصراع مع العدو الإسرائيلي يتكلم عن تداعيات الصراع على الشعب اليهودي نفسه سلوكيًا ونفسيًا.
الحكومة الإسرائيلية التي تصلها تقارير من بعض النواحي والضواحي في أوروبا وأمريكا بأن السكان ينظرون إليهم على أنهم قتلة أطفال ومجرمو حرب، وهذه العزلة التي يضعهم بها السيد نصرالله في كل خطاب نفسيًا وسياسيًا تدفع الحكومة الإسرائيلية لافتعال حروب عسكرية وهمية وخلق أزمات سياسية تُنسي المجتمع اليهودي خطاب سماحته.
وهذه الحقيقة الوحيدة التي هي سبب “الربيع العبري” الذي كان الهدف منه ما حصل في سوريا ومحاولة خلق فتنة سنية شيعية لتنال من مكانة وهيبة حزب الله في قلوب الشعوب العربية.
وبسبب خطاب السيد نصرالله الذي لا يمكن انتقاده وطنيًا وإنسانيًا وبطولات وتضحيات المقاومة التي تمارس حقها المنصوص عليه في شرعة الأمم عالميًا، دائمًا تفشل الادعاءات الأمريكية ويفضح زيف الحقائق الممارسة إسرائيليًا وتظهر عمالة بعض أنظمة العرب التي تريد أن ترضي السياسة الصهيونية على حساب الحقوق العربية المغتصبة، مما أحرج أعداء المقاومة الذين يرهقون أنفسهم بلوائح الإرهاب وإقرار قوانين العقوبات المالية أمام الرأي العام الدولي سواء كان على المستوى الشعبي العربي أو الأممي الغربي. لذلك تجد الإعلام المعادي لحزب الله، ينقب في مزابل التاريخ وحاويات النفايات، عن بعض الأقزام في الطائفة الشيعية أو غيرها ليعطيهم أكثر بكثير من حجمهم معنويًا ويُعوّمهم ماديًا، فقط ليقول للرأي العام العالمي نحن لا نكذب أو نفتري على حزب الله.
والأمثلة كثيرة وسأتناول بعضها وإن كانت قاسية:
مثلًا، حزب الله عندما تعهد للإرهابيين الذين هُزموا في لبنان، بأنهم إن سلموا أسلحتهم واستسلموا، فلهم حقوقهم حسب الأعراف الإسلامية والدولية. وقد أزعج هذا الأمر قيادتي (الإدارة الأمريكية والإسرائيلية) لدرجة أنهما خرجتا عن صوابهما، مما جعل القوات الأمريكية تقصف القافلة قبل أن تصل وجهتها في سوريا، علمًا أن الإرهاب في الرقة ودير الزور كان أقرب إلى مقاتلاتها. وجعل إسرائيل تقوم بغارة جوية، لينسى المجتمع الدولي والرأي العام العالمي موقف حزب الله الإنساني الأخلاقي القيمي. فهم يريدون أن يصوروا حزب الله على أنه ميليشيا إرهابية، والذي قام به بعد انتصاره على الإرهاب لا تقوم به إلا دول عظمى تخضع لمعاهدة واتفاقية جنيف للأسرى، وحتى هذه الدول الموقعة على هذه الاتفاقيات أحيانًا كثيرة تخرج عنها.
حزب الله عندما حرر الجنوب ذهب الإعلام الغربي بقده وقديده لينقل للعالم ماذا سيفعل حزب الله بالعملاء الذين نكلوا وظلموا وسجنوا وقتلوا العديد من اللبنانيين المقاومين الشرفاء خدمة للعدو الإسرائيلي الذي كان يحتل بعض أراضي الوطن. ولكن ما فعله حزب الله خيب ظنهم وأفشل غرفة العمليات الإسرائيلية الإعلامية التي كانت تريد أن تغطي هزيمتها من خلال التركيز على تصرف حزب الله اتجاه العملاء. وحتى يومنا هذا يُقال لم يُسجل ضربة كف أو حتى انتهكت حقوق أي مواطن لبناني أو غيره من قبل حزب الله. بل إن عمل حزب الله الوطني الإنساني لم يُسجل له مثيل في تاريخ انتصار كل الثورات بالعالم.
في الختام، إن سر أخطر سلاح تمتلكه المقاومة هو وجه سماحة السيد نصرالله وصدق نبرة صوته في خطابه المنطلق من قيم المقاومة التي وجدت للدفاع عن المظلومين من أي شعب أو فئة كانوا، بعيدًا عن الاستراتيجيات والتحليلات. فالسيد عندما يريد أن يهدد ويتوعد لن يقف وراء أي مظلومية، بل لديه من القدرة والقوة ومحبة وتضحية أنصاره ما يجعله يسمي الأشياء بأسمائها.
وسماحته قال لليهود ما يخفيه عنهم قادة إسرائيل المتصهينون، بأن الإدارة الأمريكية والإسرائيلية من أجل نهب وسرقة ثروات الوطن العربي، يريدون أن يضحوا باليهود لتحقيق مشاريعهم الاستعمارية، بقرار من الصهيونية العالمية.
٢٩/٩/٢٠٢٤
مقال اعيد نشره
بحال اندلعت الحرب، ستتحول المنطقة إلى رماد ناجي أمّهز
7-6- 2022
لا أريد أن أقحم نفسي ولا القارئ في فرضيات الأسئلة التي لا أحد يملك الأجوبة عليها إلا حزب الله.
ولكن، أريد أن أصف واقعاً، أنا من وجهة نظري أعتبره فرصة ذهبية أمام حزب الله.
وحقيقةً، لا مجاملة، وأتمنى أن تصل رسالتي هذه إلى قيادات الحزب، لأن هذه المعركة، بحال اندلاعها، ستكون حرباً كبرى. فالحروب ضد الاحتلال تختلف كلياً عن الحروب على الثروات. فأمريكا، وأوروبا، وحلف الناتو، والعدو الإسرائيلي، ومن معهم من عملاء وأتباع، سيقاتلون إلى آخر جندي من أجل السيطرة على ثروات المنطقة. وهذا يعني أن هذه الحرب ستحوّل لبنان والمنطقة إلى رماد في حال اندلاعها. فالدول التي تخوض حرباً ضد روسيا، حتى لو تحولت إلى حرب عالمية ثالثة تُستخدم فيها الأسلحة النووية، لن تتوقف عند حرب على لبنان. فالأمر يتعلق بالنظام العالمي، وأوروبا قررت التحرر من سيطرة الغاز الروسي. وهذه الدول، وفي مقدمتها حلف الناتو، بحاجة إلى بديل عن الغاز الروسي، والغاز في المنطقة اللبنانية وفلسطين المحتلة هو من البدائل الأقل تكلفة مالية وأعباء سياسية. لذلك الموضوع معقد وشائك.
وإن كان لا بد للحزب أن يخوض هذه المعركة، فيجب ألا يخوضها قبل أن يخرج كل الشعب اللبناني، وخاصة السياسيين الذين طالبوا بنزع سلاح حزب الله، ويطالبوا هم الحزب بخوض هذه المعركة دفاعاً عن لبنان. أما غير ذلك، فلا داعي للدخول في المجهول من أجل شعب سُرقت ودائعه وهُربت إلى أمريكا بقرار أمريكي، ويقول إن حزب الله يحمي الفاسدين.
أو من أجل شعب يشاهد العدو الإسرائيلي يسرق ويعتدي ويحتل، ويصدق من يقول إن هناك احتلالاً إيرانياً.
صدقاً، لو كنت مكان حزب الله لما قبلت أن يُجرح أصبع لأي مقاوم، طالما هناك سياسيون يسيئون إلى المقاومة وشهدائها وجرحاها.
فاليوم، وتحت أنظار العالم بأسره، يقوم العدو الإسرائيلي بالاعتداء على مياهنا الإقليمية وسرقة ونهب ثرواتنا الطبيعية، وفي وضوح النهار وبدعم أمريكي معلن. يعني أن إسرائيل اليوم تمارس فعل الاعتداء علناً.
وأنا، لو كنت مكان حزب الله -وهذا الأمر فرضية سياسية- وقبل أن أعلن أني سأواجه وأدافع وأردع العدو الإسرائيلي عن سرقة ثرواتنا والاعتداء على مياهنا، كنت سأوجه سؤالاً إلى السياديين الذين نخروا رؤوسنا بالسيادة والاستقلال، وقصة سلاح حزب الله. كنت سأقول لهم بكل وضوح، ومن دون أي مجاملة: أيها السادة السياديون الذين تطالبون بنزع سلاح حزب الله، اعتبروا اليوم أن سلاح حزب الله غير موجود، وتفضلوا دافعوا عن مياهنا وثرواتنا من اعتداء العدو الإسرائيلي.
بل سأطالب الذين طالما تكلموا عن الاحتلال الإيراني، مع أنه غير موجود، ماذا سيقولون عن ما يقوم به العدو الإسرائيلي؟
بل أكثر من ذلك، أنا لو كنت مكان حزب الله، كنت سأوجه سؤالاً للذين تحدثوا عن السلام مع إسرائيل ليشرحوا لنا كيف سيكون السلام، ونوعه وشكله، ووفق أي معايير. أو على الأقل، فليتفضل الذين طالما طالبوا بالسلام مع إسرائيل أن يطالبوا إسرائيل، من أجل السلام، بألا تسرق ثرواتنا النفطية.
وأيضاً، لو كنت مكان حزب الله، كنت سأحقق رغبة الذين طالبوا الحزب بالحياد. وفعلاً، لا قولاً، كنت سأجلس على الحياد وأتفرج من بعيد كيف سيكف الحياد يد العدو الإسرائيلي عن سرقة حقوقنا.
نعم، أنا لو كنت مكان حزب الله لفعلت كل هذه الأمور دون أن يرف لي جفن. بل كنت سأطل صباحاً ومساءً على الشاشات والفضائيات وفي المهرجانات وعبر المواقع الإلكترونية، وأسأل السياديين: أين أمكم فرنسا؟ وأين أبوكم إنجلترا؟ وأين أختكم أمريكا؟ وأين إخوانكم العرب؟ أين هم؟ لماذا لا يأتون للدفاع عن لبنان، وعن مياهه وثرواته وحقوق الشعب اللبناني؟
أين الأمم المتحدة ومجلس الأمن وكل هذه الخزعبلات الأممية التي تشاهد الاعتداء على بلد هو عضو في كل هذه المحافل الدولية؟
بل لو كنت مكان حزب الله، كنت سأسأل الذين انتخبوا خصوم وأعداء الحزب، وأقول لهم: تفضلوا، اذهبوا إلى من انتخبتموهم، ودعوهم يوقفون العدوان على لبنان.
وأكرر للمرة المليون: أنا لو كنت مكان حزب الله لابتسمت ابتسامة كبيرة وساخرة من كل هذا الطاقم السياسي صاحب الفلكلور “السلام مع إسرائيل”، الذي كشفته إسرائيل بأن ثمنه لا يساوي عندها “فص ثوم معفن”.
أنا لو كنت مكان حزب الله، لما كنت مضطراً حتى لرفع صوتي، لأن ما يحصل اليوم هو دليل على أنه لا أحد قادر على حماية لبنان وشعب لبنان إلا المقاومة. وإن كان هناك شعب يريد أن يحمي وطنه، فهذه الساحات موجودة. ليخرج بالملايين ويطالب حزب الله بالدفاع عن لبنان وسيادته واستقلاله.
أنا لو كنت مكان حزب الله، لما كنت مضطراً للقيام بالحرب دفاعاً عن كل لبنان. وبعد أن تنتصر دماء شباب وبيئة حزب الله، وبعد أن تُقصف مدن وقرى بيئة حزب الله، يأتي في الختام من يزايد عليك ويتهمك بأنك إيراني وغير لبناني.
كما على الشعب أن يرد على الذين يهاجمون المقاومة.
في الختام، هذه نظريتي للموضوع، لأن بحال دخل حزب الله حرباً، حتماً سيحمّلونه كل النتائج وسيقولون إنهم كانوا قادرين على حلها عبر الأمم المتحدة. يعني لن يكون لحزب الله أي جميل أو اعتراف بمعروفه.
فليعطهم حزب الله الوقت الذي يريدونه لكف الاعتداء الإسرائيلي، وهكذا تكون الأمور واضحة أمام الشعب.
٢/١٠/٢٠٢٤
اسرائيل قتلت الالم في محور المقاومة، ولا الم يعادل غياب السيد نصرالله.
كتب ناجي أمّهز
أولاً، يجب أن يعلم الجميع أن الجمهورية الإسلامية في إيران وحزب الله ليسا مجرد مجموعة انفعالية او غوغائية كمعظم الأنظمة العربية التي يحكمها الجهل والانبطاح والتخاذل.
بالأمس، قال القائد الإمام السيد علي الخامنئي: “إن فقدان السيد حسن نصرالله ليس حدثًا هيِّنًا، وقد جعلنا بالفعل في حالة حداد مؤلمة.”
نعم اسرائيل اوصلت محور المقاومة الى الموت لذلك لم يعد الموت او الالم يخيف المحور المقاوم.
النار والدمار اشياء تافهة جدا بعد اغتيال السيد نصرالله.
الإسرائيليون والأمريكيون يفهمون جيداً عبارة السيد علي الخامنئي، وأعتقد أن الرسالة قد وصلت. اليوم، الفاتورة لا تُقاس بمساحة التدمير في إسرائيل أو بعدد الشهداء الذين سيسقطون من محور المقاومة. اليوم الشعور مختلف؛ ماذا سيعني فقدان السيد نصرالله؟ ومن من الدول العربية ستتحمل وزر مشاركتها في دعم إسرائيل؟
لا أعتقد أن حتى الأمريكيين أنفسهم قادرون على تحمل تكلفة اغتيال السيد نصرالله.
لذلك، ما حصل بالأمس من قِبل الجمهورية الإسلامية في إيران هو أنها عزفت فقط موسيقى الحرب بالصواريخ الباليستية التي أخذت تنهال على إسرائيل كالمطر في تشرين. وأخذ أحرار العرب والمسلمين يرتلون سيمفونية الحرب: “بم بلمبم بم بم بم بلم بلمبللم بمبلا.”
انصح الاسرائيلي ومن معه من غلمان العالم العربي، ان يسارع الى تسوية وان يوقف عنترياته لان إذا قررت إيران إعلان الحرب، فإن الوضع سيكون مختلفاً تماماً.
كلامي هذا موجه إلى الجميع، وخاصة حلفاء الكيان الإسرائيلي في المنطقة.
اغتيال السيد نصرالله أدخل المنطقة في المجهول.
وللحديث بقية في وقت لاحق، لكن صدقاً أنصح المطبعين بأن يضعوا رؤوسهم في الرمال. الآن، وبعد 11 شهراً من القصف والدمار، يمكن القول إن الحرب قد تبدأ الان. أما كل ما تقدم فكان مجرد مقدمات للحرب.
والسلام،
ناجي أمّهز
٤/١٠/٢٠٢٤
شيعة لبنان محور العالم، وبإذن الله سننتصر رغم النار والدمار
*بقلم ناجي أمّهز*
أيتها الأمة الشيعية اللبنانية، نعم، نحن الشيعة اللبنانيين فخر الأمة العربية، سادة سادتها، ملوك ملوكها، وقادة قادتها.
يا شيعة لبنان، نحن كطائر الفينيق الذي ينبعث من الرماد. لقد حاول العدو الإسرائيلي إحراقنا في عام 1982، ومن قلب النار والرماد عدنا وانتصرنا في عام 2000. ومرة أخرى في عام 2006، حاول العدو الإسرائيلي أن يكرر ما فعله، لكنه فشل لأننا نحن من أحرقناه.
وحين اجتمع العدو الإسرائيلي والتكفيري في عام 2011 لمحاولة إحراقنا، أرسلنا بهم إلى السماء نارًا وزلزلنا الأرض تحت أقدامهم.
واليوم، في الوقت الذي تخلت فيه الدنيا عن غزة وسكانها، ومعظمهم من الأطفال والنساء والعجزة، تحركنا نحن الشيعة اللبنانيين. قدمنا أغلى ما نملك وأثمن ما لدينا في سبيل رفع الظلم عن غزة. ومع استشهاد قائدنا وسيدنا، تحوّلنا إلى رمزٍ للقوة والخلود، للمحبة والأمل.
لا ننكر أن هناك أكثر من 400 مليون عربي، ولديهم دول وملوك ورؤساء وجيوش مجهزة بأقوى الترسانات العسكرية. لكن، كما يقول نتنياهو: “ذبابة قادرة على إزعاجي أكثر من كل هؤلاء العرب.”
نتنياهو يصرخ في الكنيست: “لقد حولنا 400 مليون عربي إلى عبيد، عملهم السجود والصلاة لنا، بينما عجزنا عن مواجهة مليون شيعي لبناني.”
يا شيعة لبنان، لا تدعوا القصور الفارغة تخدعكم، ولا تنساقوا وراء الأحلام الواهية. الحقيقة لا يصنعها إلا من عاش في قلب النار. نحن اليوم في هذه النار، وغدًا سنعبر إلى النور والمجد.
الصعود إلى القمة مكلف، ولكن عندما نصل إلى القمة، سيقف الجميع لنا احترامًا، وسنسمع تصفيقهم الطويل. لنرَ العالم ونُشاهده وهو يرى عظمة موقفنا. لنستمر بالصعود نحو القمة، مهما كان الثمن.
لا تلتفتوا إلى العربان الذين يعيشون في قصور كالقُبور، ويسكنون في وديان الذل والهوان. دعوهم هكذا؛ هكذا كانوا آباؤهم، وهكذا هم يعيشون ويموتون. لا مكان لهم بين الأحياء، فالحياة هي لا يستحقها الا من يقدم الحياة في سبيلها.
نحن نبكي على عظمائنا وشهدائنا، بينما غيرنا يبكي على ذلّه وانكساره واحتقار الجميع له.
يا شيعة لبنان، نحن الأمة الوحيدة المتواجدة اليوم في الميدان. 7 مليارات إنسان يتابعون الفضائيات وهم يشاهدون هذا الصراع العظيم بين الحق والباطل. العالم بأسره يرى كم نحن عظماء، أقوياء بنفوسنا كأنبياء، نضحّي بحياتنا من أجل حياة الآخرين.
العالم يعرف أسماءنا، يحفظ وجوهنا، يتذكر أصواتنا، يترصد أفعالنا. نحن المحور، نحن حجر الزاوية. نحن اليوم كل شيء وكل شيء نحن.
هل نريد مجدًا أعظم من هذا؟ هل يوجد مكانة أرفع من هذه؟ هل يوجد نصر أوضح من هذا النصر الذي ننتصر فيه للإنسانية؟
يا شيعة لبنان، علينا أن نحافظ على هذا المجد. وكل شخص منكم مطالب بأن يؤدي دوره.
الغني ليتبرع بكل ما يملك، العامل ليبذل جهده، الفنان والرسام والمنشد والشاعر والإعلامي ليعبروا عن قضيتنا.
أما المقاوم، مهما قدمنا له، نبقى مقصرين. تحية لعزّنا، لمقاومتنا، لأبنائنا، لشهدائنا.
٥/١٠/٢٠٢٤
لن أرثيك يا سيد نصرالله، طالما الأعراب والمسلمون نيام
*بقلم ناجي أمّهز*
ما زال عند ذكر اسمك تنهض الهامات، وتنتصب القامات، وتُسمع النبرات المرتفعة، وتُرى القبضات المرفوعة، وتهتف السماء معهم: “لبيك يا نصرالله، لبيك يا نصرالله، لبيك يا نصرالله”.
لن أرثيك يا سيدي، وأنا أعلم أنك حي فينا جميعاً.
لن نبكيك وأنت المبتسم.
لن ننكسر مهما حصل وأنت المنتصر.
لن ولن ولن.
الأنبياء لا يموتون. القديسون لا يموتون.
أنت يا سيد نصرالله حي فينا، لا تموت.
قتلوك لأنك كنت نبض الإسلام، كما قتلوا النبي محمد بالسم، وعلياً بالسيف، والحسين في كربلاء، ليموت معهم الإسلام.
أين هو هذا الإسلام الذي يقولون إنه حي لا يموت؟ ثلاثة ملايين مسلم، من السنة والشيعة، يُقتلون على يد اليهودي الإسرائيلي، وأمة الإسلام تغط في سبات عميق.
مليار مسلم، ماذا يفعلون؟
مليار مسلم يتوضؤون بدماء الشعب الفلسطيني واللبناني، ويسألون الله أن يدخلهم الجنة.
مليار مسلم عاجزون عن الوقوف بوجه تسعة ملايين يهودي. هل يعني هذا أن رب اليهود أقوى من رب الإسلام؟
أين علماء الإسلام؟
أين شباب الإسلام؟ ألا يشتهون الحور العين في الجنة، أم أن الحور العين لا يحصل عليها إلا إذا تحولوا إلى تكفيريين إرهابيين، يقتلون مسلماً، ويفجرون مسجداً، ويحطمون كنيسة، ويقبلون يد الإسرائيلي؟
ثم يأتيك من يحدثك عن الأمة العربية.
أي عرب؟ وأي أمة هذه، بينما يُقتل الشعب اللبناني والفلسطيني العربي على يد العبري؟ ويأتي من يحدثك أن الفلسطينيين وشيعة لبنان هم فرس أعاجم!
أين 420 مليون عربي؟
لا أحد يخبرنا أنهم منذ نكبة 1948 وهم يستعدون. نعم وجدناهم يستعدون للتطبيع والرضوخ لشروط إسرائيل.
أين الجيوش العربية الجرارة التي لا تستقوي إلا على شعوبها وأبناء دينها؟ أما أمام الجيش الإسرائيلي، فهي جيوش من دجاج، تبيض من الخوف والرعب.
أين المثقفون العرب؟
تحولوا إلى اسكافيين يلعقون أحذية حكام التطبيع، ويكتبون عن أمجاد الأمريكي، والسلام مع الإسرائيلي الذي قتل ١٠ الاف طفل رضيع بغزة.
أين الشعب العربي؟ أين هذه الأغنام التي مصيرها في الدنيا العار، وفي الآخرة العار؟
هذه الشعوب الفقيرة الذليلة المستعبدة من قبل حكامها، تعيش في الدنيا في نار الفقر والغلاء وغياب الخدمات، وفي الآخرة ستعيش في النار لتخليها عن دورها، وتنازلها عن كرامتها وعزتها وحريتها.
لن أرثيك يا سيد نصرالله، وأنا أقرأ على مسامع الأمة الصماء عن أوجاع الشعب الفلسطيني، وتكبيرات وهتاف الشعب اللبناني الحر.
لن أرثيك يا سيد نصرالله، وكنت روح الأحرار، الأبطال، الأقوياء في هذه الأمة، واليوم تحولت إلى دماء تجري في عروقهم وشرايينهم.
سيدي نصرالله، لن يكتب التاريخ أنك فقط:
كسرت المعادلة مع إسرائيل عام 1996.
حررت لبنان عام 2000.
حطمت إسرائيل عام 2006.
حاربت الإرهاب دفاعاً عن الأقليات وعن الغرب كما عن العرب عام 2017.
بل سيكتب التاريخ أنه بعد 1400 سنة من محاولات التقسيم بين الشيعة والسنة، جاء نصرالله، وجعل الدماء الشيعية تختلط مع الدماء السنية دفاعاً عن القدس الشريف، وعن فلسطين مهبط الأنبياء ومهد الحضارات.
لن أرثيك يا سيدي،
أنت حي فينا
ساعات، وتخرج على الشاشات قائلاً:
“السلام عليكم يا أشرف الناس وأطهر الناس… الحمد لله الذي صدقنا وعده، والذي نصرنا ونصر لبنان وشعب لبنان على عدو لبنان. الحمد لله الذي أعزنا وثبتنا وأمننا. الحمد لله الذي عليه توكلنا وإليه أنبنا، وكان دائماً كما وعد: نعم المولى ونعم الوكيل. الحمد لله على نصره وعلى عونه وعلى تأييده. أيها الأخوة والأخوات، أيها السادة جميعاً: أنتم اليوم تدهشون العالم من جديد، وتثبتون بحقٍّ أنكم شعب عظيم، وأنكم شعب أبيّ، وأنكم شعب وفي، وأنكم شعب شجاع”.
٧/١٠/٢٠٢٤
اسرار تتكشف، ماذا قدم العالم للسيد نصرالله من اجل وقف اسناد غزة
بقلم ناجي أمّهز
بدأت تتكشف الكثير من الأسرار التي كانت ممنوعة من التسرب خارج الجدران المحصنة في أروقة صناعة السياسة العالمية.
منذ أشهر طويلة، تيقن الكيان الإسرائيلي من عجزه عن هزيمة أو تغيير موقف حزب الله في عملية إسناد غزة، فلجأ كعادته إلى الأساليب السياسية التي يتقنها، حيث ضغط عبر لوبياته التي تسيطر على مفاصل المال والاقتصاد العالمية لتحريك الغرب بأكمله، وعلى رأسه الولايات المتحدة الأمريكية، من أجل التفاوض مع حزب الله حول سلة متكاملة تضمنت كافة مغرياته المالية والسلطوية، إضافة إلى ملف مكتنز بالتقارير عن الدول العربية التي باعت فلسطين في أسواق النخاسة.
حاول الوسطاء تقديم تقارير تثبت أن حزب الله وحيد في معركة إسناد غزة، وأن بعض الدول العربية تتآمر عليه، كما تآمرت على فلسطين وشعبها. بل قدم الوسطاء دراسة نفسية وسلوكية توضح أن الرأي العام العربي لم تصله حتى الآن معاناة غزة بسبب حكوماته التي تفرض قيودًا صارمة على مواد النشر والأخبار، وأن مواقف بعض الدول العربية تسهم في منع تمرير الدواء والمواد الغذائية إلى غزة. حتى عندما نجحت بعض الجهود الدولية في فتح بعض المعابر إلى غزة، تشددت بعض الحكومات العربية في إجراءاتها، مما أعاق وصول تلك المساعدات إلى غزة وشعبها.
ولم يسجل من قبل أن طالبت الأردن أو مصر الكيان الإسرائيلي بهدنة لتمرير الدواء والغذاء من هاتين الدولتين إلى غزة. وعندما بدأ الضغط الشعبي الأردني للمطالبة بإيصال المساعدات، طالبوا مصر بفتح معبر رفح، فردت مصر عليهم: “لماذا لا تمررون المساعدات عبر الضفة إلى غزة؟”
حتى رسالة الملك الأردني كانت مجرد رفع عتب، فقد وجهها إلى رئيس لجنة الأمم المتحدة المعنية بممارسة الشعب الفلسطيني لحقوقه غير القابلة للتصرف، شيخ نيانغ، بمناسبة يوم التضامن مع الشعب الفلسطيني، وفق بيان صادر عن الديوان الملكي.
أما ما عرضه نتنياهو في مجلس الأمن، فهو لكشف تعاون بعض الدول العربية على إخراج الفلسطينيين من غزة والضفة الغربية، من خلال عرض صورة لخارطة إسرائيل خالية من الضفة وغزة.
كانت مهمة الوسطاء إقناع حزب الله بإنه يهدر قوته ويضيع وقته على إسناد غزة، فالقيادات العربية تريد أن تظهر لشعوبها أن عدم إسناد غزة كان قرارًا حكيمًا منها.
ورغم المحاولات اليائسة لإبعاد حزب الله عن إسناد غزة والضغط عليه تحت شعار أن الحزب ليس وحده من يتحمل هذه المسؤولية، قدم الوسطاء عروضًا مغرية تمثلت في دفع مبالغ ضخمة تتجاوز 20 مليار دولار، بالإضافة إلى إطلاق يد الحزب في لبنان والمنطقة ورفع العقوبات الدولية عنه وشطبه من لوائح الإرهاب.
ويمكن فهم هذه المقطع من كلمة السيد نصرالله الأخيرة حين قال: “خروج المقاومة من هذه المعركة، طبعًا هناك بعض الدول الغربية جاهزين ليعملوا لنا مخرجًا، أن نعمل تسوية معينة، في مجلس الأمن ونقول تطبيق 1701 ونُوقف الحرب، وتُترك غزّة وأهل غزّة ومقاومة غزّة وأهل الضفّة وفلسطين وكلّ المعركة لمصيرهم”.
ورغم كل الإغراءات، رفض الحزب وقف إطلاق النار، حيث كان شرطه الوحيد: “وقف النار على غزة يوقف النار من لبنان على العدو الإسرائيلي”.
وعندما تأكد العدو أن موقف حزب الله لن يتغير، بدأ بعمليات الاغتيال ووسع نطاق استهدافاته في لبنان وسوريا، بل حتى في إيران عندما اغتال الشهيد إسماعيل هنية. وكان يكرر دائمًا أنه قادر على اغتيال سيد المقاومة في محاولة لتهديد قيادات حزب الله بأن عليها التراجع عن إسناد غزة. ولكن كان الجواب دائمًا: “أوقفوا النار عن غزة يتوقف النار من جنوب لبنان.”
ثم جاءت عملية تفجير البيجرات والأجهزة اللاسلكية، ورغم تداعياتها على الكيان الإسرائيلي دوليًا، إلا أنه أصر على ارتكابها في محاولة منه لمنع استمرار حزب الله في إسناد غزة.
وفي خطابه الأخير، خرج الشهيد السيد نصرالله وقال كلمته التي كلفته ان يقدم روحه الشريفة الطاهرة على طريق القدس دفاعا عن الانسانية جمعاء التي تتمثل بغزة واهل غزة وكل طفل وسيدة فلسطينية.
السيد نصرالله كجده محمد رسول الله: والله لو وضعوا الشمس في يميني ، والقمر في يساري على أن أترك هذا الأمر حتى يظهره الله ، أو أهلك فيه ، ما تركته.
مقتطف من الكلمة الاخيرة للشهيد السيد نصرالله ومنها يتضح الكثير: “”هدفنا من هذه الضربة هو أن تتوقفوا عن دعم غزّة وأن توقفوا القتال في الجبهة اللبنانية، وإن لم تتوقفوا لدينا المزيد”، هذا يوم الثلاثاء من بعد الظهر، فكان الأربعاء المزيد الذي توعدوا به يوم الثلاثاء. إذًا الهدف واضح، الهدف واضح، الآن ممكن أن يذهب أحد بالهدف أبعد من ذلك ويقول إنّ هذه الضربة كانت تمهيدية وكانت ستلحق بها بعد ساعات عملية عسكرية واسعة كبرى، هذا قابل للنقاش، لكن بالحد الأدنى القدر المتيقن، وهذا ما أُرسل إلينا وبُلّغت به أيضًا الجهات الرسمية في لبنان، أنّ هدف الضربة هو هذا، أصلًا ضمنًا هناك تبني “إسرائيلي” للموضوع. إخضاع المقاومة، استسلام المقاومة، توقف المقاومة، خروج المقاومة من هذه المعركة، طبعًا هناك بعض الدول الغربية جاهزين ليعملوا لنا مخرجًا، أن نعمل تسوية معينة، في مجلس الأمن ونقول تطبيق 1701 ونُوقف الحرب، وتُترك غزّة وأهل غزّة ومقاومة غزّة وأهل الضفّة وفلسطين وكلّ المعركة لمصيرهم، وبالتالي كلّ ما قدّمناه من تضحيات ومن شهداء ومن جهود ومن مواجهات قاسية ودامية خلال عام يكون ذهب سُدى، ونحن لا يمكن أن نفعل ذلك. إذًا الهدف من هذه الضربة، السياق الذي جاءت به في هذه الضربة والهدف منها يوم الثلاثاء ويوم الأربعاء هو فصل الجبهتين وتوقف الجبهة اللبنانية. الجواب باسم الشهداء، باسم عوائل الشهداء، باسم الجرحى في المستشفيات، باسم الذين فقدوا أعينهم وأكفهم، باسم كلّ الناس الصابرين والصامدين والثابتين والأوفياء، باسم كلّ الذين تحمّلوا مسؤولية القيام بهذا الواجب الأخلاقي والإنساني والديني في نصرة غزّة التي تتعرّض للإبادة الجماعية والقتل الجماعي والجوع والعطش والمرض والحصار، نقول لنتنياهو وغالانت – الذي كانوا سيطردونه ولكن يبدو أنه بقي – نقول لحكومة العدو، لجيش العدو، لمجتمع العدو، جبهة لبنان لن تتوقف قبل وقف العدوان على غزّة، من 11 شهرًا نقول هذا الكلام، ممكن هذا الكلام مُتكرّر الآن، ولكن هذا الكلام يأتي بعد هاتين الضربتين الكبيرتين، بعد كلّ هؤلاء الشهداء وكلّ هذه الجراح وكلّ هذه الآلام أنا أقول بوضوح أيًا تكن التضحيات، أيًا تكن العواقب، أيًا تكن الاحتمالات، أيًا يكن الأفق الذي تذهب إليه المنطقة، المقاومة في لبنان لن تتوقف عن دعم ومساندة أهل غزّة وأهل الضفّة والمظلومين في تلك الأرض المقدسة”
٢٢/١٠/٢٠٢٤
يجب على الشيعة عدم انتقاد الوزير باسيل
*بقلم ناجي أمّهز*
بداية ولمعرفة كل ما يجري اليوم انصحكم بالعودة الى مقال عنوانه: “حزب الله في خطر” تحدثت فيه عن كل ما سيجري بين التيار والحزب وهو مقال نشر في عام 2016
اما سبب كتابة هذا المقال لان هناك من قال ان تصريحات الوزير باسيل اصابت الطائفة الشيعية بصدمة اكبر من صدمة اغتيال السيد نصرالله،
كما بدا بعض الاعلام العربي يشمت بالبيئة الشيعية، وخاصة ان هذا التصريح للوزير باسيل جاء في اصعب الظروف التي تمر فيها الطائفة الشيعية وعلى كافة المستويات.
كي تعلموا اسباب هذه المقولة وقبل التهجم على الوزير باسيل، أنصحكم بفتح متصفح جوجل وكتابة اسم أي إعلامي مغرمون به وماذا قال عن الوزير باسيل، وستشاهدون أن هؤلاء الإعلاميين جعلوا من الوزير باسيل الإمام الثالث عشر عند الشيعة، حتى أصبح من المحرمات انتقاد الوزير باسيل أو حتى توجيه سؤال له بل الكثيرين من هؤلاء الاعلاميين كان في مجالسه الخاصة ينقل عن لسان الوزير باسيل مواقف وكلمات تجعل الحاضرين تبكي من المواقف التي ينقلها هذا الاعلامي عن لسان الوزير باسيل، مع العلم بانه لا يعقل ان يكون الوزير باسيل تحدث بمثل هذه الكلمات ابدا.
منذ عام 2009، وأنا أقول وأكتب للطائفة الشيعية إن التيار العوني ليس حليفًا لحزب الله، لأنني كنت أحد صقور التيار العوني منذ عام 1988 حتى عام 2009 وأعرف عقلية التيار السياسية. فالتيار العوني لا يقبل بإيديولوجية حزب الله، ولا بسلاح حزب الله، ولا حتى بخطاب حزب الله.
مما جعل الغالبية الاعلامية يهاجمونني بل انا من المنبوذين المبعدين عن الاعلام الشيعي وخاصة الميادين حتى مقالاتي التي تحقق الالوف من الزيارات عبر العالم لا تنشر باي وسيلة اعلامية شيعية في لبنان الا بعض الوسائل التي تاكدت انني اصنع لها عدد هائل من الزيارات، ولولا وقوف بعض رجال الدين معي ودفاع بعض قيادات الحزب عني الذين يعرفونني شخصيا ربما كان وضعي سيء للغاية، مع العلم من يصغي للسياسة في مواقف حزب الله من التحالف مع التيار الوطني الحر، يجد تأكيد الحزب بأنه منذ اللحظات الأولى كان تحالفه مع التيار بناءً على الاقتراع الشعبي المسيحي، ولم يكن يومًا خطاب الحزب يتضمن أي نوع من المديح أو البروباغاندا الإعلامية. بل الحزب قام بما تعهد به من التزام مع التيار، لا أكثر ولا أقل.
لكن المشكلة انه رغم اعلان الوزير باسيل قبل سنوات أنه ليس حليفًا لحزب الله منذ أن رفض انتخاب الوزير فرنجية، إلا أن الذي منع الشيعة من سماع هذه الحقيقة هو جوقة الإعلاميين الذين كانوا دائمًا ينتجون من بنات عقولهم تبريرات لا تنطبق على الواقع السياسي، كما لا يتقبلها المنطق العقلي.
حتى ما قاله اليوم على فضائية الحدث كان قد قاله من قبل مئات المرات، يمكن مراجعة الاعلام لكن الجوقة الإعلامية الانكشارية التي لم تقدم يومًا خدمة للشيعة سوى “يا أبو الزلوف” وعلى “الميجانا الميجانا”، هم الذين كانوا دائما يحرفون مواقف الوزير باسيل بما يتماشى مع مواقهم هم او تبريرا لتمجيدهم الدائم للوزير باسيل،
تذكرون تبريرات ونظريات إنه من حقه التمايز، وأحيانًا يقال إنه يراوغ من أجل استعادة شعبيته في الطائفة المسيحية، ومرات يقال إنه من شدة ذكائه السياسي. وهكذا بقيت فئة اعلامية متمسكة بالوزير باسيل، حتى اليوم عندما أعلنها الوزير صراحة.
حتى عندما كان يتحدث الدكتور ناجي حايك، كان هؤلاء الإعلاميون يخدعون الطائفة الشيعية بقولهم إن ناجي حايك لا يمثل رأي رئيس التيار الوطني الحر، مع العلم أنني كتبت لكم عشرات المقالات بأن الدكتور ناجي حايك صادق فيما يقوله، وهو يعبر عن وجدان التيار الوطني الحر.
اليوم، أمام إعلان الوزير باسيل ما أعلنه عبر قناة “الحدث”، يجب على الطائفة الشيعية ألا تتفاجأ بكل ما ستشاهدونه وتسمعونه من بعض الحلفاء، لأن الذي يستثمر بغير بيئته يموت بعلة غير علته.
كما يجب عدم التعليق والذهاب بعيدا، بل هي فرصة للتعلم والتطوير بالمنهاج السياسي عند الراي العام الشيعي.
وقد كتبت أكثر من مرة مطالبًا بثلاثة أمور ربما تشكل مخرجا للكثير من الجمود السياسي في الطائفة الشيعية، واليوم اكررها لضرورتها امام المتغير المتسارع :
1 – عدم الإصغاء إلى فرقة الزجل الإعلامية التي احتلت الشاشات، مما جعلها تدمر كل إنجازات الطائفة الشيعية. وإذا استمريتم بعنادكم في متابعة هذه الفئة المطبلّة في الدنيا، والتي ستزمّر في الآخرة، ونقل أخبارها وفيديوهاتها دون أي وعي سياسي أو مجتمعي، سنصل إلى كارثة لا يمكن الخروج منها. أكرر: سنصل إلى كارثة لا يمكن الخروج منها.
كما يجب محاسبة هؤلاء الإعلاميين الذين لم يتحدثوا أو يكتبوا كلمة واحدة انعكست بنفع على الطائفة الشيعية. النفع الوحيد الذي انتجوه اننا أصبحنا نعرف وجوههم فقط، وحفظنا أصواتهم ونظرياتهم الخنفشارية، ولم تبقَ فضائية في العالم او وسيلة تواصل اجتماعي إلا واستغلتهم لإظهار نوع التفكير الشيعي الذي لا يعكس الواقع الحقيقي للطائفة الشيعية المليئة والغنية بالطاقات على كافة المستويات.
2 – يجب إنشاء مجتمع مدني شيعي يتكون من النخبة القادرة على صناعة الفرق وإنتاج حراك مدني من خلال الكتابة بأسلوب الناشطين، وإدانة العدو الإسرائيلي بالمواد التي أقرتها الأمم المتحدة وحتى جامعة الدول العربية، ومناشدة المنظمات غير الحكومية الدولية للتحرك والتفاعل، وحشد الطاقات، وحث النقابات، كلٌّ في مجاله، وتقديم اعتراضات مدنية بما ينص عليه القانون اللبناني.
يجب الابتعاد عن لغة التحدي، لأن لغة التحدي هي فقط في وجه العدو الإسرائيلي، واتباع لغة النقاش التي تميز بها المذهب الشيعي منذ 1400 سنة، والحديث بالحجة والبرهان. أما ما يقوم به الكثير من الإعلاميين فهو مجرد بهرجة لا تجدي نفعًا، ولا تجلب إلا المزيد من التهوّر من مختلف الأطراف.
الإعلامي ليس من يتحدث ألف كلمة في الثانية دون معنى أو مغزى أو بعد سياسي واجتماعي. الإعلامي هو من يتحدث ألف كلمة لا تستطيع أن تنتقده عليها كل المجتمعات.
3 – وهو البند الأهم، الطائفة الشيعية الكريمة المضحية الصابرة المحتسبة العظيمة بكافة تفاصيلها، التي تثبت في كل مرة أنها أكثر التصاقًا وثباتًا حول المقاومة، مما يرفع الرأس ويكبر القلب ويؤكد على رسوخ الوحدة الروحية والنفسية والسلوكية. حتى أصبحت الطائفة الشيعية هي المقاومة، والمقاومة هي الأمة الشيعية.
المطلوب فقط من الأمة الشيعية ألا تصغي إلا لما يصدر عن المقاومة في الميدان. وفي السياسة، فإن الجزء السياسي من الأمة الشيعية يعمل بكل طاقاته، لذلك علينا ألا نشغل بالنا بالتحليلات التي تصدر من هنا أو هناك.
كما أنكم أبلغ مني في الحديث عن المقاومة، ولكن ما تقوم به المقاومة من أعمال بطولية وأفعال قتالية هي أشياء لا يمكن وصفها. يكفي ما يُقال عنها في الإعلام الذي يعارض المقاومة: إن رجال حزب الله يقاتلون بروح القتال، وثبات الجبال، وعزيمة لا تلين، والمعركة معهم مكلفة جدًا.
مما يعني أنه لولا سلاح الجو الحربي واستخدام الأسلحة المحرمة دوليًا من قبل العدو الإسرائيلي، لما تجرأ أصلاً على الدخول في مواجهة، حتى لفظية، مع المقاومة.
اعذروني على هذا المقال الذي هو بغير وقته لكن من الضروري ان نبين للراي العام انه لم نخدع باحد لكن صدقنا اعلاميين دخلوا بيوتنا دون استئذان
“بالختام، قطعًا ستنتصر الأمة الشيعية وستخرج أقوى في كافة الميادين، إن شاء الله تعالى، طالما نحن واحد، وقلب واحد، وروح واحدة، ونحن نتعلم من كيسنا كما بقية الامم التي تطورت مع التجارب.”
٣١/١٠/٢٠٢٤
ممنوع على الشيعة السياسة والإعلام، لانهم خارج الماسونية والنظام العالمي
بقلم ناجي أمّهز
أنا هنا أصف أسباب الصراع القائم بين مشروعين مختلفين تمامًا، وهذه حقيقة يجب أن يدركها الجميع. يقوم المشروع الشيعي على رفض هيمنة النظام العالمي، بينما يهدف مشروع إسرائيل وحلفائها إلى إقامة نظام عالمي جديد ينطلق من “الشرق الأوسط الجديد”.
يرى الشيعة أن النظام العالمي الجديد لا مكان فيه للمستضعفين والفقراء، بل يسعى إلى استعباد هذه الفئات ونهب ثرواتها، مما يتنافى مع القيم الدينية والإنسانية التي يتمسكون بها منذ استشهاد الإمام الحسين قبل ١٤٠٠ عام.
ورغم إدراكهم بأن إمكانياتهم قد لا تكون كافية لمواجهة قوى العالم، يسعى الشيعة جاهدين، خصوصًا في المشرق العربي، إلى الدفاع عن المقدسات، وحماية المستضعفين والأقليات، والحفاظ على دورهم المحدود في منطقة تعج بالتناقضات الدينية والطائفية.
رغم امكانيات الطائفة وقلة عددها الا انه لا أحد على وجه البسيطة يستطيع أن ينكر قوة حزب الله العسكرية وثباته وبسالته وتفننه في القتال، حتى اصبح يقال عن مقاتلو حزب الله كانهم يذهبون إلى القتال كما لو أنهم في نزهة، وحقيقةً، غالبية هؤلاء يتسابقون إلى الميدان إيمانًا بعزّتهم وحريتهم وتحررهم، ودفاعًا عن قراهم اللبنانية.
في المقابل، ظهرت فجوة كبيرة للغاية في السياسة والإعلام الشيعي، حيث صرخ أحدهم قائلاً: “هناك مليون شيعي لبناني، أين هم؟”
وهذه الصرخة في محلها اليوم، لأنه لولا وجود الرئيس برّي، الذي يلتقي بعض الموفدين الدوليين ويتواصل مع بعض الأطراف الداخلية، لكان شيعة لبنان معزولين تمامًا عن العالم السياسي والإعلامي.
واسرائيل تدرك ان السياسي الوحيد الموجود في الطائفة الشيعية هو الرئيس بري، لذلك سارعت الى تهديده بالاغتيال فرد عليها قائلا: “أنام ملء جفوني.. شأني شأن أي لبناني آخر، وفي نهاية المطاف الشهادة هي حق”.
فالسياسيون من حزب الله، أصحاب القرار، بعضهم استشهد والبقية مستهدفة، وحلفاء حزب الله غير قادرين على التواصل مع أحد خشية أن يغتالهم العدو الإسرائيلي بالطائرات المسيّرة أو الحربية. لذلك، ينسحبون واحدًا تلو الآخر من مركب المقاومة، والحلفاء الثابتون في مواقفهم قاموا بتحييد أنفسهم إلى أن تظهر بعض إشارات وقف إطلاق النار.
إضافةً إلى أن الدول العربية تقاطع حزب الله، كما الدول الغربية بسبب قوانين الإرهاب، وان كان هناك من تواصل غير معلن؛ إلا أن هكذا لقاءات تُصنّف كأنها استخباراتية وليست سياسية. كما أن الولايات المتحدة لا يمكنها التواصل مع حزب الله تحت أي عنوان بسبب العداء، وهذا ينطبق على الداخل اللبناني، حيث لا تواصل للأطراف المعارضة لحزب الله من كافة الطوائف مع الحزب، كما أنهم غير مضطرين للبحث عن حلول سياسية له، تحت شعار “دَعْ حلفاءه يبحثون له عن حلول سياسية”. وما ينطبق على قطيعة الدول مع حزب الله ينطبق على حلفاء الحزب أيضًا.
هذه المشكلة السياسية الإعلامية ليست وليدة عام 2024 أو نتيجة الحرب الحالية مع إسرائيل، بل هي أزمة تاريخية ناتجة عن اقصاء الشيعة عن الحكم وحرمانهم من حقوهم المدنية حتى مطلع عام 1943 اضافة الى التنكيل والحرمان اللذين تعرض لهما الشيعة منذ نشأتهم حتى يومنا هذا.
فالطائفة السنية الكريمة لها تجربة طويلة في الحكم تمتد لـ1400 عام، حيث اكتسبوا خبرة في هذا المجال ونسجوا جذورًا عميقة، كما تعلم بعض القادة العرب فنون السياسة والقيادة خلال الحقبة العثمانية عندما تقاربوا مع الغرب للانقلاب على السلطنة العثمانية حيث قامت الإمبراطوريتين الإنجليزية والفرنسية بضمهم الى المحافل الماسونية ونسجت لهم علاقات سرية مع بعض المعارضين الاتراك منهم الزعيم اتاتورك. وعندما سقطت السلطنة العثمانية وتولى أتاتورك، وهو من أشهر الماسونيين في المنطقة، زعامة تركيا، حافظ مع الباقين على هذه الأخوّة؛ فامتدت الماسونية إلى مصر، والعراق، وسوريا، كما الأردن وغالبية دول الخليج التي كانت بدائية آنذاك، أما المغرب العربي فهو ماسوني في كافة تقاليده وأعرافه وقوانينه ودساتيره.
ملاحظة: تم تنصيب أتاتورك في بداية القرن التاسع عشر في المحفل الماسوني “نزل فلسطين 415” عندما نُقِل إلى سوريا ولبنان، وساهم بعدها في دعم حركة مناهضة للسلطنة العثمانية.
وهذه الطبقة العربية التي اعلنت عن رغبتها في المشاركة بنظام عالمي جديد وقدم لها كل التسهيلات حيث كان الجنيه المصري يعادل الدولار أضعافًا، وكان الدينار العراقي يساوي ما يقارب ثلاثة دولارات، رغم عدم ظهور طفرة النفط في تلك الفترة، وسعر الليرة السورية واللبنانية يعادل 35 سنتًا من قيمة الدولار الأمريكي.
لكن بعد نكبة ١٩٤٨ انتفض العالم العربي ومع مطلع الخمسينيات من القرن الماضي سقطت ادوات النظام العالمي انطلاقا من مصر وصولا الى العراق وسوريا، ومع سقوط ادوات النظام العالمي شن حروبه على هذه الدول حتى شاع الفقر وتراجع التعليم وعمت الفوضى.
اما شعب لبنان خاصة المسيحيين فان حربهم مع اليهود بدات مع نهاية القرن الثامن عشر عندما نجحوا في إقصاء اليهود عن الماسونية حتى اوائل القرن التاسع عشر، عندما قررت الماسونية العالمية إقامة نظام عالمي جديد .
وبما ان النظام العالمي الجديد سيكون على حساب الاقليات في المنطقة رفض المسيحييون هذا المشروع الذي تبناه اليهود، ليكونوا بديلاً للمسيحيين في الشرق الأوسط.
وقد نشب صراع في الغرب بين المسيحية واليهود استمر حتى عام 1933 عندما اقر قانون معاداة السامية.
وفي تلك الحقبة كان الذي يسيطر على الشرق الاوسط هي الامبرطورية الانجليزية، ولكي يتمكن اليهود من الدخول الى السلطة البريطانية عليهم العبور من خلال الماسونية، وللدخول الى الماسونية يجب تعديل بعض القوانين الماسونية والبريطانية ايضا ومنها تجنبهم القسم على الانجيل بحال توليهم مناصب رسمية، وهنا بدأ أصحاب الأموال من اليهود، بما في ذلك التجار ومالكو المصانع، بالضغط على عمالهم وموظفيهم لدفع السلطات البريطانية نحو تعديل بعض بنود الدستور. وبهذا، سُمح بتعديل الدستور البريطاني، فتمكن اليهود من الانتساب إلى الماسونية والانتقال تدريجياً إلى المناصب الرسمية العليا،
لذلك، كل ما يُسمع عن وعد بلفور يخالف ما حدث فعليًا، بل هو عكس السياق التاريخي لإعداده وإعلانه.
بدأت حكاية اليهود، الذين تعرفونهم اليوم، وكان هدفهم الأول ضرب الماسونية في العالم العربي، لعزلهم عن التواصل مع الماسون في الغرب، لأن الأخوّة العالمية تمنع المساس بأعضائها. ولذلك، تسمعون عن “المليار الذهبي”.
نجح اليهود في ضرب الماسونية ومنها الماسونية اللبنانية من خلال افتعال الأزمات وإشعال الخلافات بين المحافل اللبنانية، مما اضطر بعض اقطاب الماسون في لبنان باصدار قرار بتجميد المحافل اللبنانية عام 1982.
وهكذا انتهت الماسونية الحرة في العالم العربي واصبحت حكرا فقط على اسرائيل التي تسيطر من خلالها على الغرب.
وتحول الغرب الى اعور لا ينظر الا بعين واحدة وهي مصالحه مع اسرائيل.
ويقال ان تجميد المحافل الماسونية في لبنان اضافة الى ضغط اللوبي اللبناني الامريكي الذي كان يطالب باخراج الفلسطينيين من لبنان كانت احد العوامل التي استفادت منها اسرائيل للضغط على الرئيس رونالد ريغان بقبول اجتياح لبنان عام 1982 بعد معارضة شديدة منه، ومع ذلك، لم يوافق ريغان إلا بعد تعيين فيليب حبيب، اللبناني الماروني، لمتابعة كل ما يجري في لبنان. فقام هنري كسينجر بشن حملة هوجاء وعاصفة على فليب حبيب، لكنه لم يستطيع ابعاده كونه اخ للرئيس ريغان باحد المحافل الماسونية، خاصة ان الرئيس ريغان كان يفتخر بأن ماسونيًا لبنانيًا وقع شهادة انضمامه الفخرية.
يُقال إن المحفل الذي منح رونالد ريغان الشهادة الماسونية الفخرية كان احد اعضائه شقيق الكاتب والأديب الشهير ميخائيل نعيمة، والذي انتمى أيضًا للماسونية ووصل إلى درجة الأستاذية.
القصد من هذا السرد الايضاح اسباب تحجيم الدور الشيعي في السياسة والاعلام خاصة أن الشيعة العرب، عبر التاريخ وحتى اليوم، خارج دائرة الحكم والماسونية والأندية الدولية.
أكرر: لا يوجد شيعي عربي واحد في الماسونية العالمية.
وبما ان الشيعة لديهم مشروعهم الخاص وهو يقوم على العدالة الاجتماعية التي كرستها تعاليم الامام علي بن ابي طالب، بالمقابل فان العالم تحكمه قيم مختلفة لا يستطيع الشيعي تقبلها كما يرفض النظام العالمي تقبل المشروع الشيعي.
لذلك عندما يتحدث شيعي عربي في السياسة، يسمعه الغربي كما لو أن رجل دين شيعي يحاول إقناع رجل دين مسيحي أو يهودي باعتناق التشيع.
لذا، فإن المدرسة السياسية الشيعية تختلف تمامًا عن السياسة العالمية في أدبياتها ومفرداتها ومقارباتها وأهدافها.
من هنا، نجد أنه لا يوجد من يبكي على الشيعة أو يهتم بشؤونهم، لذلك يعتمدون على قوتهم وما تعلموه من آل البيت في المحبة والتعايش.
أما ما أكتبه أو أقدمه من حين لآخر فهو لأنني تربيت مع النخبة المارونية العالمية واطلعت على أسرار هذا العالم. وعندما أكتب، أصف واقعًا عشته وأعرف نقطة انطلاقه ونهاية مستقره.
أما ما يُقال إن ناجي أمّهز يحب الموارنة أكثر من الشيعة، فهذا مناقض للحقيقة، فانا بالختام شيعي لكن كم شخص يشبهني لا اعرف. والموارنة يحترمون معرفتي ويقدرون تجربتي، ويتحدثون معي بصدق، بينما في الغالبية من الطائفة الشيعية، القيمة تكون لمن يملك المال، وللاسف انا لا املك المال بل اعمل يوميا 18 ساعة لتأمين قوت عائلتي..
ولمعرفة مقدار الشدة والصرامة والقيود في الماسونية فانه لا يمكن لأي شخص مهما كانت جنسيته او ديانته ومكانته السياسية والمالية والاجتماعية الوصول إلى أعلى درجة في الماسونية ما لم يرتدِ الطربوش التركي، الذي كان الزي الرسمي في المناصب العثمانية قبل 400 عام.
١/١١/٢٠٢٤
صدقاً، لا أعرف الدكتور هشام بو ناصيف، ولا أعرف سرّ التطابق بين قولي وقوله
ناجي امهز
اليوم تلقيت العديد من الرسائل والمحادثات الهاتفية التي تسألني عن سرّ التشابه والتطابق بين ما يتحدث عنه الدكتور هشام بو ناصيف وما أكتبه منذ سنوات. خاصة وأن الدكتور بو ناصيف استخدم نفس العبارة التي سبق أن استخدمتها للاعتراض على إعلاميين حوّلوا الإعلام السياسي إلى زجل. كما كتب الدكتور هشام بضرورة منع ظهور هؤلاء الإعلاميين على وسائل الإعلام، لأنهم قاموا بتزييف الحقائق، وهو ما طالبت واطالب به منذ عشر سنوات.
أؤكد أنني لا أعرف الدكتور هشام بو ناصيف، ولم أشاهد صورته أو أسمع صوته حتى اليوم، فانا منذ سنوات طويلة لا اشاهد التلفاز ولا اتابع الفضائيات، لكن كنت قد قرات له تدوينة حول الشيعة المستقلين والتي ارسلها لي شخصية مسيحية مرموقة، على سبيل الاطلاع والنقاش النخبوي.
اقتضى التوضيح.
٢/١١/٢٠٢٤
يسأل الكثيرون: نسمع أنك قلت وقلت، لكننا لم نقرأ ولم يصلنا شيء.
جزء من مقالات ناجي أمّهز التي حجبها إعلام محور المقاومة ولم تنشرها الميادين ولا أي صحيفة تابعة لمحور المقاومة.
يا ليت هذه المؤسسات الاعلامية اقله نشرت او استقبلتني لاناقش الاخر من باب المهنية والراي والراي الاخر.
بعض المقالات
5 – 10 – 2021 لماذا هذا العداء للحزب ولإيران، ناجي امهز
5 – 1 – 2022 بين أوكرانيا ولبنان.. الروس سيشعلون المنطقة بحرب العشر سنوات. ناجي أمهز
21 – 2 – 2022 هل الشيعة وحدهم ضد اسرائيل واسباب الهجمة العالمية عليهم. ناجي امهز
8 – 3 – 2022 السيناريو الكامل لكل ما سيجري في العالم وحلم سيطرة اليهود بقلم ناجي أمهز
7 – 6 – 2022 بحال اندلعت الحرب، ستتحول المنطقة إلى رماد\ ناجي أمهز
11 – 6 – 2023 لبنان لن يستخرج غازه، والحزب قد.. يواجه الحلف الأطلسي. ناجي امهز
30 – 7 – 2022 لم يعودوا قلة الذين يتبعون إسرائيل، وسر العهدة العمرية والنظام العالمي الجديد. ناجي امهز
8 – 10 – 2022 فاليتوقف اصحاب الاستراتيجيات عن قرع طبول الحرب، انتم تقتلون الشيعة، وتدخلون حزب الله في خطر وجودي. بقلم ناجي امهز
31 – 10 – 2023 هل ستدخل بعض الدول العربية بحرب ضد الحزب بحال دخل بحرب مباشرة ضد اسرائيل، ناجي امهز
10 – 6 – 2024 أذا وقعت الحرب، سيسقط 300 ألف شهيد..وصبية الساسة الجدد..! ناجي امهز
11 – 3 – 2024 لا يوجد امام لبنان الا سيناريو واحد، والا الدمار، ناجي امهز
13 – 8 – 2024 إسرائيل ستقبل بوقف النار في غزة لكنها مصرة على قتال حزب الله.. ناجي امهز
22 – 8 – 2024 على حماس الفوز بالمفاوضات.. فوقف النار بحد ذاته انتصار، ناجي أمهز
*واللائحة تطول*
٤/١١/٢٠٢٤
بحال هزمت المقاومة: استيطان إسرائيلي، سوري، فلسطيني، الشيعة إلى العراق، الدروز إلى وادي التيم، وقيام دولة علوية*.
بقلم ناجي أمّهز
في عام 2014 بدأت بعض الأصوات الدولية والداخلية ترتفع لتشكك في الجيش اللبناني، ولأنني أعلم أن كل من يشكك في الجيش اللبناني هو عدو للبنان ولشعبه، فإن من يحاول المساس به حتمًا يخدم أجندة العدو الإسرائيلي، لأن الجيش اللبناني هو لبنان الحقيقي بكل أطيافه وطوائفه، بل هو المؤسسة الأم.
يومها انبريت وفي 25-11-2014 كتبت مقالًا بعنوان: “إسرائيل تنهي لبنان وتحاصر المقاومة وتستهدف الجيش بالحرب السورية”، يحتوي على ثلاثة أقسام:
القسم الأول: الدفاع عن الجيش
القسم الثاني: كيف ستتحول غالبية النازحين السوريين إلى عملاء يهددون المقاومة من الداخل.
القسم الثالث: كيف ستنهي إسرائيل لبنان.
الجيش: إن إسرائيل التي تستهدف الجيش اللبناني تمنع عبر بعثاتها وحلفائها في العالم أي دعم له، بل تضغط بواسطة مراكز القوى التي تسيطر عليها دوليًا لعرقلة أي مبادرة حقيقية لتسليح الجيش وتطوير قدراته القتالية. ولا تكتفي عند هذا الحد، بل تحاول أن تنال من المؤسسة العسكرية عبر تصويرها على أنها تنتهك حقوق الإنسان والمواثيق الدولية من خلال بعض وسائل الإعلام، وآخرها حملة فيصل القاسم، التي شاهدنا للأسف كيف تحدث بعض السوريين عن الجيش اللبناني وبأي طريقة. ومع ذلك، لم تتحرك الحكومة أو الساسة في لبنان لوضع حد لذلك، تحت ذريعة عدم التعرض للنازحين.
النازحين السوريين ومحاولة القضاء على المقاومة: بالنسبة لمحاصرة المقاومة، فإن إسرائيل التي تراقب عن كثب المعركة التي تدور في سوريا بل وتشارك فيها عبر أكثر من جهة، من تدريب وتمويل لما يُعرف بالمعارضة والتكفيريين بشكل مباشر أو غير مباشر، ترسم نهاية للمقاومة من خلال خسائر الشهداء على الأراضي السورية. وفي الوقت نفسه، تحاصر المقاومة داخليًا من خلال بعض السوريين الذين فقدوا أقاربهم على يد المقاومة، مما قد يدفعهم لنقل معلومات عن المقاومة، اما مباشرة الى اسرائيل، او للمقاتلين السوريين، وهذه المعلومات قد تصل إلى الإسرائيليين الذين يبنون عليها استراتيجياتهم للمرحلة المقبلة. وبذلك، تمتلك إسرائيل عشرات الآلاف من العملاء دون علمهم، بفضل عملية نفسية سببها صراع الألم وغياب الأفق الاعلامي في سوريا.
وعندما تطالعون القسم الثاني وتتابعون اليوم وسائل التواصل الاجتماعي والإعلام ستجدون أن كل ما كتبته يُطبَّق حرفيًا.
القسم الثالث: دراسة تتحدث عن أسباب زوال لبنان نتيجة فقدانه لدوره التاريخي في الشرق الأوسط كموطن للطوائف والخدمات المالية وكوسيط سياسي وتجاري.
في عام 2018 وفي أحد الصالونات السياسية المسيحية التي دُعيت إليها، كان موضوع مقالي هو المطروح للنقاش. وكتبت مسودة على عجل انتشرت في الإعلام بعنوان: “دولتان عربيتان مهددتان بالزوال قبل نهاية حكم ترامب”.
خلصت إلى نتيجة بأن الدولتين العربيتين المهددتين بالاختفاء عن الخارطة هما دولة فلسطين ولبنان. وعند مقارنة الوضع الإنمائي والاجتماعي وما يعانيه الشعبان في البلدين على الصعيد الاقتصادي والصراع السياسي على المال والسلطة، نجد نفس العوامل التي ستوصلهما إلى الانهيار التام.
في 3-9-2024 استعرض رئيس وزراء العدو الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خريطة لإسرائيل، لم تظهر فيها مدن الضفة الغربية المحتلة، لكن ظهرت فيها غزة.
في 27-9-2024 ومن على منصة الأمم المتحدة، قام نتنياهو بحمل خريطة لا تحتوي على الضفة وغزة معًا، وأعلن صراحةً رفضه لحل الدولتين.
منذ ذلك التاريخ وأنا أتابع الموقف الأمريكي والأوروبي، إضافة إلى الصمت الروسي والصيني، وأراقب ما يجري على لبنان من حرب لا تختلف أبدًا عن ما يجري في غزة، حيث أن ما حذرت منه قبل عشر سنوات نفذ بحذافيره، إن كان على مستوى انهيار لبنان وما يقوم به بعض النازحين الذين تحولوا إلى عملاء وقدّموا كافة المعلومات عن المقاومة، حتى لم يعد هناك سيارة أو مقاتل للمقاومة إلا ويوجد عنه معلومات وافية لدى العدو الإسرائيلي.
ومن الطبيعي جدًا أن يوافق الأوروبيون والأمريكيون وحتى الروس والصينيون على زوال لبنان، لأن زوال لبنان قد يدخل المنطقة في حالة من الاستقرار لعدة عقود.
كما قال ترامب في 15-8-2024، ونقلته القناة الـ12 الإسرائيلية: “مساحة إسرائيل تبدو صغيرة على الخارطة، ولطالما فكرت كيف يمكن توسيعها”.
وبالإضافة إلى تغريدة وليد جنبلاط في 10-9-2024: “يبدو وفق كل التوقعات أن الحرب لن تنتهي، وأننا فقط في بدايتها، كما يبدو أن المشروع الصهيوني لن يقف عند إزالة غزة، بل سيستمر في الضفة استكمالًا لوعد بلفور والرؤية التوراتية”.
كل الكبار في العالم يعلمون أنه لا يمكن إعلان دولة إسرائيل ما لم تحتل قبر حيرام في صور، وهذه ثابتة في الطقوس اليهودية.
زوال لبنان سيوسع مساحة إسرائيل التي تعتقد أنها حدودها الطبيعية تمتد من جبل الطور في سيناء وصولًا إلى غور الأردن عند حدود سدوم وعمورة وصولًا إلى صور في لبنان.
كما أن زوال لبنان سيسمح لإسرائيل بتوطين ما يقارب 2 مليون فلسطيني في مساحة تمتد من صيدا وصولًا إلى بيروت.، مما يساعدها على انهاء حل الدولتين بطريقة غير مكلفة.
وزوال لبنان يمنح اوروبا هامشا كبيرا للغاية ويخفف عتها اعباء مالية هائلة واعباء امنية مرعبة جراء موجة النزوح السوري اليها، لذلك هذا الزوال يسمح لها بتوطين 5 ملايين نازح سوري في البقاع وصولًا إلى عكار وطرابلس.
ومع هذا الاستيطان والتوطين الذي يهجر شيعة البقاع والجنوب الى الداخل اللبناني، وحصرهم بمساحة جغرافية معينة، تبدا هذه الدول على افتعال نقمة او ربما حرب داخلية لطرد الشيعة الى العراق.
بعد ترحيل ما يمكن ترحيله من الشيعة الى العراق الذي بدا بانشاء مدن ومستوطنات لشيعة لبنان، يصبح لبنان محصورا بفئة درزية مسيحية.
يتوقع انه خلال 5 او 6 سنوات من ترحيل الشيعة واستقرار المستوطنين الاسرائيليين والنازحين السوريين والفلسطيين في اماكنهم، ان تنشاء حرب دينية بين الفلسطينيين والمسيحيين بذريعة كذريعة صبرا وشاتيلا، والانتقام من اليمين الماروني الانعزالي.
لن اتحدث عن ما قد يجري مع المسيحيين، لانه مهما قلت سيقال لك لن نترك لبنان، بالمقابل ينسى المسيحيين انه اكثر من ثلث المسيحيين غادروا لبنان بين اعوام 1990 وعام 2000 رغم التطمينات السورية والامريكية.
ويتناسون مخطط كيسنجر، وكيف تم توريطهم بحروب قضت على كل شيء.
أما الدروز فسينتقلون من جبل العرب وجبل لبنان إلى وادي التيم بحدوده القديمة مما يعني تحولهم الى مواطنين اسرائيليين.
وأخيرًا، ستقام دولة علوية على الساحل السوري بحماية روسية، وتحالف مع إسرائيل يشبه التحالف الدرزي الإسرائيلي.
لذلك كل هذا الصمت الدولي والعربي هو بانتظار سقوط المقاومة لسقوط لبنان، وبداية شرق اوسط جديد يتحدث عنه رئيس وزراء العدو الاسرائيلي نتنياهو.
هذا الكلام الذي أكتبه لن يتغير منه حرف واحد بحال، لا سمح الله، خسرت المقاومة التي تقاتل اليوم على جبهة الجنوب لمنع الإسرائيلي من الاحتلال والاستيطان وتوطين الفلسطينيين، ولمنع الأوروبي والأمريكي من منح جزء كبير من لبنان للنازحين السوريين. ومن سمع ما قاله الاتحاد الأوروبي للنواب والوزراء بل كافة أركان الدولة اللبنانية، يدرك أن بقاء النازحين هو مشروع قائم لا تراجع عنه، حتى لو أدى ذلك إلى تدمير لبنان مرات ومرات.
والسلام
٩/١١/٢٠٢٤
الحرب على الشيعة تشبه الحروب التي شُنت على الموارنة
بقلم: ناجي أمّهز
في عام 2019، اوصلني ابن عمتي، للقاء أحد رجال الشخصيات المسيحية المارونية. بعد السلام والحديث العابر، اعتذر ابن عمتي وتركنا وحيدين. بدأ الرجل حديثه بهدوء غريب، وكأن الكلمات كانت تتسلل عبر ذهنه وتترجم على لسانه. حديث طويل، لكنه كان غارقًا في المعاني، كمن يريد أن يفرغ في لحظة ما تراكم من سنواتٍ من الأسى والهموم.
قال لي: “نحن المسيحيون، دفعنا الثمن الغالي. لم يكن سبب تكلفتنا هذه كوننا أقلية في الشرق أو لأن الصراع كان يلف المنطقة فقط. لا، بل كان السبب أننا حلمنا بلبنان، حلمًا أن يكون كـ باريس في بهائها، في رقيّ أحيائه. حلمنا أن تكون محافلنا الثقافية تعج بالأفكار التي تضيء أفق العالم، أن تكون جامعتنا في مصافّ كبرى الجامعات، ومستشفياتنا مضرب مثلٍ في الطب، وأن يكون لبنان مركزًا ماليًا يحافظ على أموال البشر.”
وتابع بصوتٍ يختلط فيه الألم والفخر: “نحن الوحيدون في العالم الذين يحق لنا أن نتفاخر بلبنان. ليس لأن هذا البلد كان مذكورًا في الكتب المقدسة فحسب، بل لأنه كان يطبق مبادئها. كان لبنان هو البلد الذي يقرع فيه جرس الكنيسة على أنغام الأذان، وهو البلد الذي يشرق صباحه على تحيةٍ تملأ القلب أملًا.”
في عام 1950، تجاوز عدد سكان لبنان المليون نسمة، لكن البلد لم يكن مجرد رقم. كان وطنًا مليئًا بالكُتاب والفلاسفة مثل جبران خليل جبران وميخائيل نعيمة، كان وطنًا له مسرحه وفنونه، مثل فيروز ونصري شمس الدين. كنا، ونحن نطوف أرجاء العالم، نسمع عن لبنان في كل زاوية، وكان الحسد يلاحقنا كأمة صغيرة لكنها عظيمة بأفعالها. وكان ذلك الحسد يتسلل إلينا، وكأننا نعلم أن الهجوم سيأتي من كل جانب: قريبًا وبعيدًا.
لكن الحرب الأهلية التي اندلعت في لبنان في منتصف السبعينيات كانت بداية التحولات الكبرى في البلاد. لقد كانت جراحًا عميقة أصابت النسيج الاجتماعي والسياسي للمجتمع اللبناني، وتحت تأثير تلك الحرب المدمرة، دُمرت الدولة وتصدعت أركانها. بعد سنوات من القتال، ظهرت اتفاقيات الطائف في عام 1989 كحلٍّ سياسي يهدف إلى إنهاء الصراع، لكنها جاءت بثمن باهظ. كان من بين أبرز تداعيات اتفاق الطائف تقليص صلاحيات الرئيس، وهو ما شكّل ضربة قاسية للموارنة الذي قيل لاجلهم رسمت حدود لبنان الكبير.
بمعنى اوضح اراد العالم ان يقول للموارنة وافقنا على تقليص دوركم لصالح ظهور الدور الاسرائيلي، وحتما الكثير من الدول العربية ان كان في السر او العلن كانت موافقة على ان ينتقل هذا الدور الى اسرائيل.
قال لي الرجل وهو يبتسم: “إياكم أن تظنوا أن تلك الحروب كانت نهاية، فلبنان الذي صُهرت فيه صيغة التعايش بين مكوناته بالدم، لا يمكن تدميره بسهولة. وعندما تكالبت القوى على هدم لبنان، كان الصمود هو الأمل.”
ثم تابع: “لبنان لم يكن حلمًا صغيرًا. حلمنا بلبنان قوي في السياسة والاقتصاد والطب. لكن الحروب التي شنّت عليه كانت أكبر من أن تحصى. وبعد أن دُمرت لبنان، بدأ الشيعة في بناء لبنان آخر، لبنان المقاوم.”
“لا تعتقد أن الحرب على الموارنة كانت صغيرة؛ بل كانت حرباً عالمية. طاردونا من أمريكا إلى أوروبا وصولاً إلى لبنان. هل تعلم كيف كنا نسيطر على جزء من السياسة العالمية؟ لقد احتاجوا إلى سنوات لمحاصرتنا في أروقة البيت الأبيض، كما احتاجوا إلى عقود لاقتلاع امتدادنا وتأثيرنا الماروني في السياسة والإعلام الأوروبي. حاولت العديد من الدول أن تجد بدائل عن دورنا، لكنها اليوم فشلت، وخاصة في الدول العربية.
ربما تبدو الحرب على الشيعة صغيرة أمام الحروب التي شُنت علينا، ومحصورة في اتجاه واحد؛ لكن في السياسة، التي هي فن الممكن، تُصنع المعادلات.”
ابتسم وهو يقول: “ولكن يجب أن يحذروا. لا تظنوا أن البناء سيكون سهلاً، فبعد أن دمرت القوى الكبرى لبنان سويسرا الشرق، لن يترددوا في تدمير لبنان الذي قد يُبنى بالتضحيات.”
ثم أخذ نفسًا عميقًا وقال: “ولكنني أخشى أنكم، أنتم الشيعة، لا تدركون حجم العاصفة التي ستمر فوق لبنان مجددًا. صحيح أنكم أقوياء اليوم، ولكن عليكم أن تكونوا حذرين. كلما تعاظمت قوتكم تعاظمة قوة الاعداء ضدكم، وتشعبت وتعمقت اكثر، فعندما تواجه العاصفة، لا بد من الانحناء قليلاً كي لا تُكسر. لا يعني الانحناء الضعف، بل هو الحكمة، هو البقاء في وجه الرياح العاتية دون أن تنكسر عظامك. لبنان لا يُبنى بالقوة فقط انتظرونا حتى نستعيد كامل قوتنا السياسية والدبلوماسية ونكمل معا وجنبا الى جنب.
اعداء لبنان يعرفون جيدا ما يصنعون دمروا امتداد لبنان الدولي كونه عندما تبدا المعركة النهائية على لبنان لا يوجد من يدافع عنه في العالم، الشيعة اثبتوا انهم صناديد اقوياء كالقلاع لكن ايضا عليهم ابراز الجانب السياسي في مسيرتهم، وإذا كنا جميعًا نرغب في أن يبقى هذا الوطن، يجب أن نكون مستعدين لتقديم التضحيات.”
قال لي: “نحن الموارنة لم ننكسر. بعد عام 1990 لكن انحنينا أمام العاصفة الدولية التي هددت وجودنا على مرّ نصف قرن. لقد سجنوا ونفوا قادة الموارنة، حتى اننا امتنعنا عن التصويت لكافة المجالس النيابية منذ عام 1992 حتى عام 2005، غيبونا عن المشاركة في القرار السياسي الوطني، حجبوا عنا الاعلام، لكن نهضنا من جديد، ونحن نثبت للعالم أن الطائفة المارونية ضرورة لمنطقة الشرق الأوسط.”
ثم أردف: “لكنني أخشى أنكم، أنتم الشيعة، إذا لم تحترسوا وتعرفوا متى تنتهي العاصفة، قد تجدون أنفسكم في مواجهة قوى أكبر من قدرتكم على الصمود. حافظوا على حلمكم، ولكن تذكروا أن البقاء في لبنان يتطلب منكم الحكمة والحذر بقدر ما تملكون من القوة، لا يجب ان تكون القوة السياسية اقل من القوة العسكرية”.
على الشيعة التنبه هذا العالم يتقن فن الخداع والكذب، الموارنة لم يقولوا للفلسطنيين الا ما قاله الملك حسين عام 1970 وما قاله السادات عام 1974 وما قاله الرئيس الاسد، لكن النظام العالمي اغلق جبهة الاردن، وهادن جبهة سيناء، وكرس وقف الاعمال العسكرية في الجولان، وتفجر لبنان، وهو مشتعل حتى اليوم.
وقبل الانصراف قال لي، كنا مثلكم مندفعين الى اقصى الحدود، لكن ما حصل في الجبل عام 1983 جعلنا نتوقف قليلا لنعيد الكثير من الحسابات، مصالح الدول لن تتوقف عند احد، حتى كل تلك الوعود والتحالفات تنتهي وتتغير عندما يظهر من يحل مكانك، وبحال لم نحافظ بكل الوسائل على لبنان لن يبقى لاحد حتى “مرقد عنزة”
هكذا كانت هذه الجلسة. حكاية حلم ضائع اسمه لبنان، لكن حتما هناك حلم آخر بدأ يتشكل في الزمنٍ الصعب، والدعوة للبقاء حذرين، لأن العاصفة قادمة، ولا بد من الانحناء قليلاً كي لا تنكسر، والعمل كثيرا على المحافظة على الوحدة الوطنية لانها الدرع الاخير لوطن يسعى العالم الى حذفه من الذاكرة وشطبه عن الخريطة، فقط لان شعب لبنان كان يحلم بكل قيم الانسان.
١٢/١١/٢٠٢٤
عيب ما يحصل مع النازحين في بعض القرى الشيعية في جبيل.
ناجي أمّهز
منذ الأمس، تشهد القوى المسيحية في جبيل، من أحزاب وشخصيات، تفاعلًا حول بعض الأخبار عن الإشكالات المتنقلة في بعض القرى الشيعية بسبب تواجد النازحين.
بعض الأحزاب المسيحية تتساءل: لماذا ينزعج الشيعة إذا وقع إشكال بسيط مع النازحين، يتعلق بسلوكيات يومية، مثل الضجيج أو طرق التخلص من النفايات حفاظًا على صحة الجميع؟ وكيف يتغاضى هؤلاء عن خلافات أخرى تصل أحيانًا إلى طرد النازحين من بعض القرى الشيعية في منتصف الليل بطرق لا يمكن القبول بها.
بالامس تم منع بناء غير شرعي على احد الاراضي في جرود جبيل فقام الشيعة يا غيرة الدين واتهم البعض بانهم صهاينة، وهم يمارسون الارهاب على الشيعة والنازحين، مع العلم بانه لو اي شخص مسيحي يريد ان يبني بطريقة غير شرعية ستتم معاقبته ومنعه وبطريقة بنفس الطريقة التي منع فيها بناء غير شرعي.
لقد قامت الدنيا ولم تقعد عندما استخدم البطريرك الراعي كلمة تحرير المدارس، والبطريرك استخدم كلمة تحرير بمفهومها تحرير نفس الانسان، ليس بمفهوم التحرير من الاحتلال، وحتى لو كان المسيحيين انفسهم نازحين كانت الكنيسة ستقولهم افسحوا بالمجال للتعليم لان التعليم عند المسيحيين هو قبل الطعام والشراب.
مع العلم انه لم يحدث أن تم طرد أحد النازحين في الأماكن التي يشرف عليها المسيحيون؛ حيث تتم معالجة الموضوع، ثم يُظهر نوع الخلل، فإن كان يُعالَج، يبقى النازح في مكانه، وإن تعذرت المعالجة، يتم نقل النازح إلى مكان آخر، أو يختار هو الانتقال.
البعض ذهب بالقول ربما هذه القرى طردت بعض القيادات من حزب الله المتواجدة في هذه الاماكن خوفا من قصفها من الاسرائيلي.
والبعض ذهب الى تفسيرات وتأويلات ونظريات لا تنتهي قد تمس كرامات هؤلاء الناس النازحين، وهناك ما هو اخطر انه كي يبرر البعض سلوكهم العنيف اتجاه النازحين يتحدث ان النازحين ربما استخدموا القوة او العصا.
لانه لا يعقل لقرية ان تطرد نازح اوى اليها، لا يوجد حتى في عادات الجاهلية مثل هذه التصرفات.
أما بعض الشخصيات الوطنية التي تؤمن بالوحدة، فقد أبدت أسفها لما حدث، معتبرة أن مثل هذه الأمور يُفضّل أن تُعالج بالكتمان والهدوء والحكمة، فهؤلاء النازحون لم يغادروا بيوتهم وأعمالهم وحياتهم بملء إرادتهم، بل بفعل ظروف قاهرة. ولا يصح معاملتهم بطريقة قاسية، حتى وإن كانت تصرفاتهم أحيانًا غير ملائمة؛ فمن العيب أن يتم جرحهم بالكلام، أو الإساءة إليهم، أو طردهم وإذلالهم.
وترى بعض الشخصيات المناهضة لحزب الله في هذا الوضع مؤشرًا على بداية التمرد أو تراجع نفوذ الحزب، حيث يعتبرون أنه لو كان حزب الله موجودًا بفعالية لكان قد عالج هذه الإشكالات قبل تفاقمها، خاصة في ظل احتمال استمرار الحرب لفترة أطول. هذا الضغط المتزايد على النازحين قد يؤدي بهم إلى الانفجار في وجه الحزب، مما قد يساهم في تقليب الرأي العام الشيعي ضده. ويتردد في هذا السياق القول: “إذا كان الشيعة لا يتحملون بعضهم البعض، فكيف للمسيحيين أن يتحملوهم؟”
ورغم ذلك، يجدر التنبيه إلى أن هذه الخلافات في القرى الشيعية تحدث غالبًا بين النازحين أنفسهم، وليس بينهم وبين أهل القرى، كما يروّج البعض.
سيكتب التاريخ عن القرى التي لم تفتح بيوتها للضيافة، وستبقى ملامة إلى يوم الدينونة، رغم أن البعض قد لا يكترث لهذه السمعة في زمن تسيطر عليه الماديات، لكن التزام المسيحيين بالقيم الإنسانية له ثمنه العالي.
لهذا، يحرص المسيحيون على تقديم الاستضافة والتعليم والرعاية الصحية والمساعدات والتنمية، بل والبحث عن فرص عمل لبعض النازحين.
لأن التاريخ سيسجل شكرًا للمسيحيين على هذا الموقف التاريخي. وأنا بدوري أؤكد على أهمية الحفاظ على هذا الدور الوطني بعيدًا عن بعض الأصوات التي قد تسيء للقيم الإنسانية.
وأنا أكتب هذا الكلام لأقول إن القرية التي لا تستطيع استقبال النازحين، فلا تستقبلهم ولا تمنّنهم، ولا تسيء إليهم؛ يكفيهم ما يعانونه من ألم ودمار وتهجير وفقر وحرمان ومصير مجهول.
بالختام تتفضل الدولة اللبنانية وتستلم ملف النازحين، خاصة انها لديها مؤسسات وجهات قادرة على التعامل مع هكذا ملفات باسلوب حديث انساني بخبرة ومهارات تستخدم في كافة الدول عندما تتعرض لكوارث ان كانت بسبب الحروب او الظروف الطبيعية
لا احد يقبل بان يتم تدمير نفسية المواطن اللبناني النازح بعض ان تدمر بيته وتدمرت حياته بسبب الحرب، فياتي مسترجل من هنا او مدعي من هناك ليسقط على هذا النازح كيفية ضبط النفس او كيفية التصرف باخلاقيات.
من غير المقبول أن تُترك أمور النازحين لبعض الذين يدّعون الصلاة والعبادة وتفرفك الايدين. هذا الملف بحاجة إلى مختصين نفسيين وفريق عمل مدرّب على التعامل مع المواطنين بسلام.
لا يوجد مبرر واحد يبرر ما حصل مع النازحين، والذي غير مؤهل للتحمل لا يتحمل “ولا يعرض كتافه” ولا يتدخل بامر من اجل الادعاء انه مصلح اجتماعي.
عيب ما يحصل مع النازحين عيب
١٣/١١/٢٠٢٤
على المرجعية الدينية في العراق، كما تحركت لحماية الرئيس بري، أن تتحرك لحماية الشيعة في لبنان
بقلم: ناجي أمّهز
كما نجحت المرجعية الشيعية في العراق بالضغط على الإدارة الأمريكية لحماية الرئيس نبيه بري من عملية اغتيال اسرائيلية كان قد هدد بتنفيذها، يجب على المرجعية أن تضغط على الإدارة الأمريكية الحالية والمستقبلية لمنع العدو الإسرائيلي من استهداف المواطنين الشيعة، أو على الأقل إقامة مناطق آمنة يُمنع على العدو الإسرائيلي قصفها.
وقد فُهم من فتوى المرجع الشيعي الأعلى في العراق، سماحة السيد علي السيستاني، التي تنص على ضرورة منع التدخلات الخارجية بمختلف وجوهها، وتحكيم سلطة القانون، وحصر السلاح بيد الدولة، ومكافحة الفساد على جميع المستويات، أن هذه الفتوى هي رسالة إلى حزب الله بأن ما يطالب به سماحة المرجع لتطبيقه على شيعة العراق، يجب أن يُطبق على شيعة لبنان أيضًا، وأنه يجب حصر السلاح بيد الدولة اللبنانية ومنع التدخلات الخارجية بمختلف وجوهها، سواء كانت إيرانية أو أمريكية.
وبعيدًا عما يجري في هذا الاتجاه والخصوص، إلا أنه لا يوجد مبرر يمنع المرجعية العراقية والشعب العراقي من التظاهر والضغط على الأمريكيين داخل العراق ومطالبتهم بحماية الشيعة في لبنان.
بالمقابل، فلتستمر المعارك العسكرية على خطوط المواجهة الأمامية شمال فلسطين جنوب لبنان.
لكن استمرار العدو الإسرائيلي في استهداف المدنيين الشيعة وارتكاب المجازر اليومية له تداعياته الخطيرة جدًا والوجودية، لأنه مع انكسار شيعة لبنان، لن يبقى شيء من التشيع في العالم.
واذا كان الشيعة منذ 1400 سنة وهم يرددون “يا ليتنا كنا معكم”، اليوم حان الوقت لأن يكون الشيعة في العالم مع شيعة الإمام الحسين في لبنان.
بالمقابل فان أكثر ما يهدد شيعة لبنان ليس فقط الحرب مع العدو الإسرائيلي والتخلي العربي والإسلامي عنهم كما تخلوا عن غزة، بل عدم التغيير في الاسلوب الشيعي المتبع منذ سنوات طويلة، رغم الزلزال الكبير الذي اصاب الشيعة باستشهاد السيد نصرالله وغالبية قادة المقاومة اضافة الى اكبر عملية تفجير في التاريخ ادت الى سقوط اكثر من ٣٠٠٠ مقاوم بين شهيد وجريح.
كما أن تصرفات الشيعة توحي بأنهم لم يستوعبوا ما حصل معهم بعد استشهاد القائد التاريخي لشيعة لبنان سماحة السيد نصرالله الذي ترك فراغًا هائلًا على المستويين السياسي والمعنوي، حتى باتت الطائفة الشيعية يتيمة، ولولا وجود الرئيس بري لكانت معزولة عن العالم، لكن حتى الرئيس بري عاجز عن التأثير والتغيير في المعادلة الدولية، بعد استشهاد الرئيس رفيق الحريري واعتزال وليد جنبلاط السياسة.
أما بقية الشيعة من وزراء ونواب ورؤساء الأحزاب، مع الاحترام الكبير لشخوصهم، لكن تأثيرهم يكاد يكون معدومًا، بل لولا دعم حزب الله لغالبية هذه القوى والشخصيات، لما سمع بالأكثرية منها.
أما على المستوى الإعلامي، فان غالبية الاسماء الاعلامية التي برزت خلال عقدين فقدت مصداقيتها ودورها، وبدل ان يكونوا صناع راي في زمن الحرب، تحولت تصريحاتهم البعيدة عن الواقع الى مادة كوميدية تثير السخرية عند شريحة كبيرة من اللبنانيين، كما تثير الشعور بالالم والغضب عند غالبية الشيعة الذين شعروا بالاستغلال من قبل هؤلاء الاعلاميين.
إذًا، الشيعة في السياسة والإعلام خارج المعادلة، فلا توجد شخصية سياسية شيعية قادرة صناعة الفرق في الداخل أو الخارج، كما لا يوجد إعلام قادر على صناعة رأي عام.
بالمقابل، فإن حلفاء حزب الله من غير الشيعة، إما من تخلى محاولًا النجاة بنفسه كي لا يطاله الاستهداف الإسرائيلي أو تتم محاسبته بحال تغيرت التوازنات الداخلية، أو هناك من هو ثابت على موقفه لكنه يُحيّد نفسه في الظل أيضًا كي لا يطاله الاعتداء الإسرائيلي.
ومع عودة انتظام العمل في قيادة حزب الله بعد انتخاب سماحة الشيخ نعيم قاسم امينا عاما للحزب، والتطور الهائل في سير المعارك ضد العدو الاسرائيلي، إلا أن قيادات الحزب في الداخل اللبناني بعيدة عن الأضواء والاتصالات وحتى المشاركة في تشييع الشهداء، كونها مستهدفة مباشرة من قبل العدو الإسرائيلي الذي مستعد للنيل منها حتى لو كانت بين مئات المدنيين.
وما حصل في 11 -11 -2024 وهو يوم الشهيد اكبر دليل على ما وصلت اليه الطائفة الشيعية ولولا المبادرة التي قام فيها مسؤول العلاقات الاعلامية في حزب الله الحاج محمد عفيف، كان هذا اليوم شكل علامة تحول لا يمكن تجاوزها، لكن الحاج عفيف انقذ الموقف رغم الخطر المحتمل ان يتعرض له خلال المؤتمر الصحفي وما حمله من دلالات الصمود والصبر حتى النصر .
كما أن مختلف القوى اللبنانية تتجنب التواصل مع الطائفة الشيعية، وإن حصلت بعض الاتصالات مع الرئيس بري فإنها من أجل التباحث بملف انتخاب رئيس الجمهورية.
أمام هذا المتغير، يظهر واقع جديد يشير إلى فراغ لم يكن بالحسبان حصوله في الطائفة الشيعية، وإن كان هذا الفراغ لم يؤثر على سير المعارك ضد العدو الإسرائيلي، إلا أنه أرخى بظلاله على الساحة الشيعية الداخلية.
وعلى مستوى الإقليم، فإن الجمهورية الإسلامية تعهدت بتقديم كامل الدعم وبناء ما تهدم في لبنان جراء العدوان الإسرائيلي، إلا أنه على المستوى السياسي، فإن إيران لن تتدخل في السياسة، وهذا الأمر معروف عنها، وهذا ما حصل عام 2006 مع حزب الله، ومع سوريا وفي اليمن ومع حماس بفترات سابقة وأيضًا حتى في العراق والبحرين، إذ أن إيران لا تتدخل في الأمور السياسية لحلفائها في محور المقاومة.
أما فيما يتعلق بالدور السوري، فإن سوريا أبلغت كافة الأطراف أنها غير معنية بصورة مباشرة في الحرب، خاصة أنها تخوض حربًا داخلية ضد الإرهاب، إضافة إلى حرب قد تشتعل بينها وبين الكيان الإسرائيلي بعد الحديث عن استعداد العدو الإسرائيلي للقيام باجتياح الحدود السورية ثم الالتفاف على لبنان بكماشة لقطع خطوط الإمداد اللبنانية السورية، والانقضاض على حزب الله من الجنوب والبقاع.
أما غالبية الدول العربية، فإنها تؤيد الانتهاء والقضاء على حركات المقاومة والذهاب إلى التطبيع والسلام مع إسرائيل بعيدًا عن ما قد يحصل للقضية الفلسطينية، وكل ما تستطيع هذه الدول أن تقدمه للبنان هو ما قدمته لغزة، وهذا الامر ظهر جليا في القمة العربية الاسلامية التي عقدت في الرياض.
أما على المستوى الدولي، فإن الديمقراطيين الأمريكيين لم يعودوا بعجالة إلى وقف إطلاق النار الذي كان سيُستغل في الانتخابات الرئاسية الأمريكية لصالح الحزب الديمقراطي، كما أنهم غير مستعدين للتصادم مع اللوبي الصهيوني من أجل لبنان.
أيضًا، ترامب لن يكون مستعجلًا لوقف إطلاق النار، وهو الذي أعلن القدس عاصمة لإسرائيل، خاصةً أنه ناقم على بعض الساسة اللبنانيين الذين يعتبرهم أهانوه شخصيا بالاسلوب الذي استقبل فيه وزير خارجيته بومبيو عام 2019.
أما الفرنسيون، فإنهم جادّون بإيجاد حلول للبنان، لكن في الختام هذه قدراتهم، كما أن حلفاءهم الموارنة اليوم أقرب إلى الموقف الأمريكي العربي من الموقف الفرنسي بحل القضية اللبنانية وتطبيق القرارات الدولية.
بالختام تبين ان محور المقاومة من دون حزب الله لا تاثير إقليمي او دولي له.
بل محور المقاومة من دون حزب الله يفقد عمقه وبعده العربي والاسلامي.
انتصار حزب الله والتحرير عام ٢٠٠٠ كرس محور المقاومة قوة اقليمية صاعدة
حزب الله بعد انتصار تموز عام ٢٠٠٦ كرس محور المقاومة معادلة اقليمية لا يمكن تجاوزها.
حزب الله عام ٢٠١٧ وهو الذي ساهم مساهمة فاعلة بالدفاع عن العراق وسوريا وحماية الاقليات من التكفيريين، صنع شراكة دولية لمحور المقاومة تحدثت عنها الدول وفي مقدمتهم روسيا الاتحادية.
واليوم اثبت ان محور المقاومة لن يكون قادرا على المبادرة او انتاج تسوية سياسية ما لم ينجح حزب الله بتسجيل انتصار جديد.
وبما ان شيعة لبنان هم العصب الحقيقي لمحور المقاومة فان الحرب الدوليه عليهم تشبه ما حصل عام 1990 (عاصفة الصحراء) عندما كانت مصلحة الأمريكيين والاوربيين والعرب مع سوريا على حساب الموارنة، مما ادى الى هجرة مسيحية لبنانية باتجاه اوروبا والقارة الاميريكية تجاوزت ال 500 الف مسيحي ما بين اعوام 1990 2000.
الآن المطلوب من الشيعة هو الاستفادة من تجارب الاخرين، ووضع خارطة طريق إن لم تكن في سياسة الحكم، فلتكن سياسية اجتماعية على الأقل من أجل نسج علاقات تعزز الوحدة الوطنية وتساهم في تجاوز هذه الازمة القاتلة.
لكن بقاء الوضع على ما هو عليه يعني أننا أمام فراغ قد يبتلع كل الانجازات التي حققها شيعة لبنان طيلة نصف قرن من العطاء والتضحيات.
١٩/١١/٢٠٢٤
محمد عفيف، أيها المتنقل بين المجد والخلود
*بقلم: ناجي أمّهز*
لا أعرف من أين أبدأ، لكنني أحاول أن ألملم أوراقي المبعثرة في ذاكرتي الحزينة المثقلة بكل الأسماء الراحلة إلى الحياة التي لا يوجد فيها موت أو فناء.
حقيقةً، إن معرفتي بك لم تتجاوز عامها الثالث، ولم ألتقِك إلا نادرًا، وغالبيتها في مناسبات عامة. لكن منذ أن سمعت خبر استشهادك، سألت الله: لماذا عرفني عليك؟ ولماذا جعلني أفتقدك؟ أمثالنا صادقون كالطبيعة، يقتلهم الفقد، ويقتلع قلوبهم الحزن، وتمزق أرواحهم الذكريات.
المعرفة شيء مؤلم للغاية. أن تدرك قيمة الأشخاص يعني أن تستمر بالانحناء أمام الإنسانية، اعترافًا بعظمة الله. وأنت كنت إنسانًا صادقًا حتى الاستشهاد.
أن تحب شخصًا بصدق يعني أن يكون قلبك يتسع لله لتحب حبيبك فيه. الحب يحتاج إلى بطولة.
وأنت كنت بطلًا عندما أحببت نصرالله.
وكنت بطلًا عندما قضيت عمرك بقرب نصرالله.
وكنت بطلًا حتى عند الموت، لم تنكر حبك لنصرالله.
وكنت بطلًا لأنك لم ترضَ إلا أن تكون شهيدًا، لتكون قرب الشهيد نصرالله.
في حضرة هذه البطولة الإنسانية، ماذا أكتب عنك؟
عندما شاهدت عمق الحزن في ملامح وجهك على حبيبك الشهيد السيد نصرالله، أدركت لماذا تحدث الله عن الحب في الأنفس الصادقة، وكيف مجّده الفلاسفة حتى أصبح دينًا ومذهبًا وطريقًا لا يسلكه إلا الأبطال.
من يظن أن إسرائيل هي التي عثرت عليك فإنه مخطئ. أنت من كنت تبحث عن هذا الانتقال المشرف: من مجد قربك للسيد نصرالله إلى الخلود بقربه. كل شيء فيك كان يقول: إن هذا الرجل إما سيُقتل حزنًا على نصرالله، أو سيبقى يواجه إسرائيل علنًا حتى تغتاله ويرحل شهيدًا إلى جوار نصرالله.
امثالك ايها البطل تبكيهم العيون تحت أمطار الشتاء وفي زمن القحط، كأنها تحفر في الظلام دربًا للدموع، لتكتب ملاحم الحزن بمدادٍ من الفقد.
يا صديقي، لا أستطيع أن أخبرك كم مرة بكيت وكتبت، ثم مزقت أوراقي، عاجزًا عن احتواء ألمٍ أعظم من الكلمات. كيف للعبارات، مهما عظمت، أن تفي بحق بطلٍ اختار المجد طريقًا بين الأبطال، وافتدى الحياة بدمائه ليمنحها معنىً أسمى، بعد أن وقف فيها عزيزًا كريمًا عظيمًا؟
كيف للهائمين أمثالنا، نحن الذين نسكن الغروب، أن يمنعوا أبناء النور من ارتقاء درب البطولة إلى المجد؟
لقد قرأت الملاحم وسير الأبطال، بحثًا عن كلمات تليق بشهادتك وموقفك الانساني، لكنني أدركت أن سيرتك أسمى من كل ما قرأت. كنت وحدك المعنى الذي يتجاوز الحروف، وحدك الحقيقة التي تُلهم الروح وتُبكيها. كنت البطل الذي علّمنا أن الثبات والتضحية ليست فناءً، بل حياة تُبعث بمعاني الخلود.
وحقيقة انت اليوم خالد، وسيكتب التاريخ ماذا فعل نصرالله بكل هؤلاء الابطال حتى ضاقت الدنيا بهم، ولم يستطيعوا العيش من دونه.
ما هذا الحب الذي كان يملكه نصرالله لاحبابه، حتى يموت احبابه بحب نصرالله.
ربما يكون الموت مرآة تعكس الحياة كما ينبغي أن تكون في طبيعة احباب نصرالله، يريدونها خالية من زيفها اليومي وضجيجها العابر. وربما تكون الحياة، بكل ما تحمله من تناقضات، مجرد دعوة سرية نحو ذلك المجد الذي لا يعرف حدود الفناء. لكن يا صديقي، ما أثقلها من دعوة، حين تكون طريقها الألم والفقد.
أشياء كثيرة لا أملك لها إجابة.
هل الموت هو الحقيقة؟ إن كان كذلك، لماذا نتقاتل على هذه الحياة الزائلة؟
وإن كانت الحياة هي الحقيقة، لماذا يغيب عنها أمثالك، أنقى الأرواح وأصدق القلوب؟ لماذا الأبطال يُستشهدون، ويمضون إلى أماكن لا نبلغها إلا برحلةٍ أخيرة بلا عودة؟
شيء مؤلم أن تُعبّر عن الألم بألمٍ أعظم.
شيء محزن أن تقف الكلمات عاجزة أمام عظمة من ارتضوا الموت واقفين، ليحيوا احبابهم بأرواحهم.
لكنني متأكد، يا صديقي، أنك في سكون الليل ستكون بيننا، وفي سكينة الحياة ستبتسم لنا.
أنا متأكد أن روحك اليوم تقوي أرواحنا، وأن نبض قلبك الذي توقف يضخ الحياة في قلوبنا.
أنا متأكد أنك تحررت من سجن الجسد ومن حدود الأرض، لتفترش السماء وتعانق الأرواح، وتستعيد ابتسامتك التي ذبلت حزنًا على من سبقك.
لقد قرأت الكثير عن الإخلاص والوفاء، ومن رأى وجهك وسمع نبرة صوتك، أدرك أن روحك كانت تضج بالشوق، ترفض أن تبقى بعيدًا عن روح أخيك نصرالله.
نحن الذين نحيا على حافة هذا الوجود، نكافح من أجل حياة نعلم أنها ليست لنا، ونحزن على من يمضون نحو الحرية التي طالما حلمنا بها. غيابك ليس فقط ألمًا، بل هو نور يضيء لنا الطريق، ليذكرنا أن المجد ليس نهاية، بل دعوة مستمرة إلى حياة أسمى.
يا صديقي، غيابك ليس غيابًا فقط، إنه ملحمة وجعٍ تُذكّرنا بأن الأبطال لا يموتون، بل يرحلون ليضيئوا ظلام التاريخ بنور تضحياتهم.
وها أنا أراك الآن، بين الحقيقة والخلود، تبتسم لنا، كأنك تقول: لا تحزنوا، أنا حيّ هنا، في المجد الذي يستحقه الأبطال،
لترقد روحك بسلام.
ناجي امهز
١٩- ١١- ٢٠٢٤
٢٢/١١/٢٠٢٤
امام هذا المفصل التاريخي الذي تعيشه الامة الشيعية، يكتب ناجي امهز بعض الاسرار التي حافظ عليها طيلة ٣٤ سنة
*تفاصيل تاريخية سياسية عن الموارنة نحو الشيعة، بقلم ناجي أمّهز*
“الجزء الاول”
المقدمة:
أكتب هذا المقال في هذه الحقبة المفصلية التي تمر بها الطائفة الشيعية، وفي ظل متغيرات قد تفرض الكثير من المعادلات، للتذكير بحقبة مرت والتعلم منها، أو على الأقل الاطلاع عليها.
السرد في هذا المقال وإن كان يمتد إلى ثلاثة أجزاء، لكن لأتحدث عن ما سمعته من شخصيات مارونية حول الطائفة الشيعية. ومن يعرف جزءًا مما سأكتبه حتمًا يعرف بقية القصة، لكن لكل شيء أوان.
كما أن الغاية من هذه السلسلة من المقالات هي إظهار الجانب التاريخي لحقبة ربما لن يذكرها أحد، كما توضح كم دفع الشيعة من أثمان بسبب الوحدة مع سوريا واتجاه القضية الفلسطينية.
كما أنها محاولة من أجل الحض على الوحدة الشيعية المسيحية، وخاصة المارونية.
لأنه مهما كانت قوة الطائفة الشيعية، تبقى بحاجة إلى العمق الماروني في مراكز صناعة القرار العالمي، حيث من المحرم على الشيعة الوصول إليها.
كما أنه مهما تعاظم الدور الماروني في السياسة على مستوى العالم، يبقى الشيعة هم الحلفاء الأصليون للموارنة على مر التاريخ.
في 16-7-2017، وفي تصريح صحفي لدولة الرئيس اللواء عصام أبو جمرة، ذكر اسمي بين بعض الأسماء المسيحية التي كانت ناشطة جدًا في السياسة والدفاع عن السيادة والوحدة الوطنية منذ عام 1989.
(اللواء عصام أبو جمرة: نائب رئيس مجلس الوزراء في الحكومة العسكرية ووزير على ست وزارات 1988-1990، ونائب رئيس مجلس الوزراء 2008-2009).
نحن عشنا في بيت لم يعرف الانقسام المذهبي أو الطائفي، وقد ألفت عيوني هيئة المطارنة والرهبان منذ الصغر، وكانت والدتي تخبرني أن المطران صفير هو من فسر لها حلمها عندما حلمت بالقديسة برناديت بأن تنذر لها وستُرزق بمولود، وبالفعل نذرت أمي للقديسة برناديت وولدت برناديت بعد أن كانت والدتي محرومة من الأطفال حيث لم يعش أي مولود على رأسها.
لذلك، وفي الكثير من المناسبات، أو عندما كنت أشعر بالخوف من ملاحقة السوريين وحلفائهم لي، كنت أحرص على زيارة بكركي أو حتى الكنائس والأديرة واللقاء مع بعض الآباء والرهبان. وكان لي مكانة خاصة كوني من القلائل جدًا من الطائفة الشيعية التي عاشت السياسة المارونية بأدق تفاصيلها، وفي كافة مراحلها منذ عام 1989 وحتى يومنا هذا، وكان آخر لقاء مع غبطته عام 2009 بعد الانتخابات النيابية.
المقال:
منذ عام 1990، بعد سقوط قصر الشعب، توقفت عن أي نشاط سياسي وانتقلت للعيش في طرابلس (العيرونية)، حيث لا أحد يعرف شيئًا عن نشاطي العوني، لأنني بحال عدت إلى جبيل، كان الكثير يعلم أنني التحقت بالحالة العونية.
في الشمال، عملت في مجال الرسم والخط وتصميم المطبوعات الورقية. وفي يوم من الأيام، كنت أخط في مجدليا إعلانًا لمؤسسة، وقد أعجب صاحب المؤسسة بما أنتجته من عمل إعلاني. فما كان منه إلا أن ساعدني في الحصول على عمل عند شخص اسمه سمير كعوي، الذي كان يعمل في الإعلانات. كنت أصمم الإعلانات وأقوم بالخط والرسم على اللوحات الخشبية.
تعرفت على الكثير من الشخصيات في زغرتا، منهم الأستاذ سمير فرنجية، الذي زارني في بيتي بالعيرونية. أهديته ثلاثة كتب قيمة ونادرة، وفوجئ بوجود شيعي في هذه المنطقة القريبة من مجدليا. أخبرني عن صداقاته مع شخصيات شيعية، وأبدى إعجابه الكبير بآية الله العلامة الشيخ محمد مهدي شمس الدين. كما اعجب بخبرتي في تصميم الشعارات واغلفة الكتب مع دمجها بالرموز مما يمنح التصميم ابعادا مختلفة تشير الى مكانة الكاتب او المفكر وغايته من نتاجه ان كان ادبيا او سياسيا، وكنت على وشك تصميم بعض أغلفة الكتب له.
عام 1993 غادرت طرابلس متجها الى بيروت قبل اعتقالي بدقائق من قبل السوريين حيث مررت بقرب قوتهم العسكرية المتوجهة لاعتقالي بسبب كتابة شعارات سياسية على الجدران في منطقة الزاهرية.
في عام 1995، استعدت حريتي بعد أن توقف السوريون عن ملاحقتي، عقب اعتقالي في “البوريفاج” في عام 1994، ثم الإفراج عني بتدخل من رجل فاضل.
من نفس العام، بدأت أشعر بنوع من الحرية، خاصة بعد أن انتسبت إلى “جبهة الشعب اللبناني” التي كان يرأسها المهندس جوزيف حداد. طلب مني الانتساب بسبب نشاطي العوني السابق، الذي سعت القيادة السورية للحد منه. كما طلب من الكثير من العونيين ذلك من أجل حمايتهم وتخفيف الضغوط والملاحقات السورية عنهم. نجح المهندس حداد في تلك الفترة في تخفيف الضغط، وتم تعييني منسقًا للضاحية الجنوبية.
لكن في تلك الفترة، كان العمل السياسي اللبناني شبه معدوم، لأسباب كثيرة، أبرزها أن الكلمة الأولى والأخيرة في لبنان كانت تأتي من سوريا.
في عام 1997، دعيت من قبل شخصية رئيسية في “الرابطة المارونية”، كان يربطني بها صداقة. طلب مني التحدث عن الرمزية اللبنانية في أحد الصالونات السياسية. كان هذا الشخص نابغة سياسية، يعمل على إنشاء جبهة وطنية لبنانية. تحدثنا طويلًا، وكانت النتيجة أنه رأى أن لبنان لن يكون قادرًا على الاستمرار بحال توقف الحراك السياسي، حتى لمكون واحد من مكوناته. وأكد على ضرورة استمرار الحراك السياسي كي لا يموت دور لبنان التاريخي والمستقبلي.
وأضاف أن الحراك السياسي لن يكون منتجًا وفاعلًا إلا إذا حصل اندماج وطني يشمل كافة الطوائف، حتى لو كان رمزيًا. طلب مني الانضمام إليهم، لكنني اعتذرت وقلت له: “الحياة بين الطبقة الأرستقراطية مكلفة جدًا بالنسبة لي”.
وهذا الكلام نفسه سمعته عام 2000 من أحد السفراء اللبنانيين الذي كان يعمل على انتقال لبنان من دولة المذاهب إلى دولة المواهب، وتمنى أن ينخرط الشيعة في حراك سياسي مرن في ظل الاصطفافات الحادة، خاصة أنه لم يكن يوجد أي حراك سياسي شيعي منذ عام 1980.
“منذ عام 1992 كانت الكنيسة هي التي تمثل الموارنة في السياسة والمجتمع، خاصة منذ عام 1994 بعد هجرة النخبة المسيحية السياسية والاقتصادية وحل حزب القوات واعتقال الدكتور جعجع”.
عام 2001، بعد التحرير بأشهر قليلة، زرت بكركي ((لمعرفة ماذا نفعل نحن الذين كنا نناهض الوصاية السورية، وبحال اعتقلنا هل هناك من يطالب بنا، حيث ظهرت في تلك الحقبة موجة اعتقالات مرعبة ليس لها حدود)). حينها، فهمت أن أزمة انتقال الحكم في سوريا بعد وفاة الرئيس حافظ الأسد بدأت ترمي بتداعياتها على لبنان، وتحديدًا على الطائفة المارونية والمعارضين للسياسة السورية، كونها في خصومة شديدة مع النظام في سوريا. إضافة إلى أن الموارنة كانوا قد رفضوا المشاركة في العملية السياسية كما كانت سوريا تريدها، وأعلنوا مقاطعة الانتخابات النيابية منذ عام 1992، أو حتى تسمية الوزراء أو الموظفين من الدرجة الأولى. وأيضًا كان غالبية الرأسماليين اللبنانيين قد غادروا لبنان، حيث إن زمن الوصاية السورية كانت كافة التلزيمات في الدولة والاحتكارات التجارية تتم لصالح المقربين من سوريا.
كما أن التحرير عام 2000 وانهيار جيش لبنان الجنوبي أشعر الموارنة أنهم خسروا أحد أهم أوراق قوتهم السياسية الدولية، حيث كان جيش لبنان الجنوبي يعمل دائمًا على الضغط على قيادة الكيان الإسرائيلي، التي كانت بدورها تضغط على اللوبي الصهيوني في أمريكا، وكان اللوبي الصهيوني يضغط على الإدارة الأمريكية، والإدارة الأمريكية تضغط على القيادة السورية. وهكذا، كان يحصل نوع من التوازن السياسي بين الرئيس الأسد، الذي كان يحكم لبنان وسوريا بقبضة فولاذية، وبين الموارنة الذين ترك لهم هامش ضئيل للغاية.
إلا أن الكنيسة المارونية لم تعترض أو تظهر انزعاجها من التحرير عام 2000، بل اعتبرته إنجازًا وطنيًا وتطبيقًا للقرارات الدولية، خاصة أن المقاومة الإسلامية نجحت من خلال عدم ممارسة أي عنف أو ردة فعل على المتعاونين مع الكيان الإسرائيلي، وترك الأمر للقضاء اللبناني، نوعًا من البشائر الوطنية التي يمكن البناء عليها.
ولكن في تلك الحقبة، أي عام 2000، طُرح سؤال من قبل النخبة المارونية حول الدور الشيعي القادم، خاصة أن عام 2000 يُعتبر هو الخطوة الأولى في مسيرة الشيعة السياسية الحديثة.
قبل عام 2000، وفي ظل حكم الرئيس حافظ الأسد، كان الشيعة مغيبين سياسيًا ودورهم محصورًا فقط بأمور داخلية معيشية، حيث كان دور المقاومة محصورًا بالقتال ضد إسرائيل بعيدًا عن السياسة. بينما دور الرئيس بري، رغم دهائه وحنكته ووجود الرئيس رفيق الحريري إلى جانبه ودعمه من قبل وليد جنبلاط، إلا أنه كان قد أعلن مبايعة الرئيس حافظ الأسد منذ عقد ونيف. وفي 2-5-1999، ألقى الرئيس نبيه بري خطابًا في مهرجان تجديد البيعة بالولاية الخامسة للقائد حافظ الأسد في الأونيسكو ـ بيروت.
لذلك، بعد التحرير ووفاة الرئيس الأسد وبروز نجم سماحة السيد نصرالله، كان الموارنة يتساءلون: أين سيكون حزب الله؟ وما هو الدور الشيعي القادم؟ وهل سيكون إلى جانب الموارنة في استعادة دور لبنان الكبير؟
وفي تلك الحقبة، لم يكن هناك أي جواب على أسئلة الموارنة، حيث كان الجميع، بما فيهم المسيحيون من حلفاء سوريا، يتجنبون الاعتراض أو الخروج عن السياسة السورية.
وأمام هذا السؤال عن الدور الشيعي، حاولت أن ألفت أنظار من كنت ألتقيهم من الشيعة إلى أنه ربما يكون هناك حراك سياسي باتجاه الموارنة أو الإجابة بطريقة غير مباشرة على هذه الأسئلة والهواجس.
وكان أكثر ما يؤلم الموارنة أنه منذ عام 1990 حتى عام 2002 لم يكن هناك أي دور للدولة اللبنانية، بل كانت الوفود الدولية تناقش الحكومة السورية حتى بالمواضيع الداخلية اللبنانية، وما يتم الاتفاق عليه بدمشق يُنفذ في بيروت.
رغم مرور أكثر من عامين على التحرير، إلا أنه لم يظهر أي حراك سياسي شيعي اتجاه الموارنة الذين كانوا يرددون أنه ربما بسبب انشغال الشيعة بالانتصار والتحرير والعودة إلى الجنوب مع ما رافقها من نهضة عمرانية امتدت من الضاحية إلى الجنوب، وتكريس قوة سياسية داخلية تتناسب مع حجم المتغير الذي حصل في الجغرافيا والمجتمع.
أمام حالة الجمود بين الشيعة والموارنة، قمت بمبادرة فردية ربما تُحرك المياه الراكدة، حيث رفعت مناشدة إلى منظمة العفو الدولية، التي أنا عضو فيها، أطالب بالإفراج عن الدكتور جعجع، واعترضت على آلية سجنه وحرمانه من حقوقه المدنية وآلية توقيفه التعسفية. وقد اعتمدت هذه المناشدة عام 2002 من قبل منظمة العفو الدولية. وعندما سُئلت عن سبب هذا العمل الذي يمكن أن يؤدي إلى عواقب وخيمة عليّ، قلت: “المهم هو الحفاظ على التعايش الشيعي الماروني”.
عام 2003، أُرسلت خلفي شخصية كنسية كبيرة ما زالت على قيد الحياة، وهذه الشخصية الكنسية هي من أحرص الشخصيات على الشيعة، بل بذلت جهودًا مضنية وقامت بعمل دؤوب طيلة عقود طويلة من أجل الحفاظ على إرث التعايش بين الموارنة والشيعة، كونها تنطلق من ثوابت تاريخية تؤكد أنه لا شيعة من دون الموارنة ولا موارنة من دون الشيعة في لبنان.
وقد فهمت من حديث الشخصية الكنسية أنه حاول أن يلبنن الفكرة السياسية عند الشيعة وقام بمجهود كبير، بل شارك في عدة مؤتمرات، ومنها عربية ودولية، من أجل التمهيد وشق الطريق للمقاومة وتثبيت صورتها وتأييد نضالها وطمأنتها بأن الكنيسة لن تكون إلا معها. وقد وقع على وثيقة تحمل أدبيات المقاومة في تحرير فلسطين وحق المقاومة بل ومقاومة الإرهاب الإسرائيلي، وكان ينتظر أن يكون هناك شيء يُقابل هذا الفعل أو ما يشبهه من قبل الشيعة ومحاولة العمل على تبني بعض مواقف الكنيسة المارونية المتعلقة بالسيادة اللبنانية، بعيدًا عن وحدة المسار والمصير مع سوريا، كونه لا يوجد بين الدول والشعوب وحدة مسار ومصير، بل يوجد تعاون صادق وفاعل ومتوازن بحركة المصالح بين الدول من أجل نهضة الشعب. لكنه قال: “يبدو أن الأولوية الشيعية بمكان آخر ولها رؤية جديدة على لبنان التاريخي”. وكأنه منذ تلك الحقبة قرأ أن الشيعة يريدون للبنان أن يتجه شرقًا، في وقت أصبحت غالبية الدول العربية تتبع التوجه اللبناني غربًا.
وعدد وقتها أنه حتى مصر اتجهت غربًا إضافة إلى مجلس التعاون الخليجي والأردن. هل يُعقل أن يكون لبنان الفاعل والمؤثر في الغرب منذ عقود طويلة يتجه شرقًا؟ ومن قادر أصلًا على دفع فاتورة الانتقال ببلد ومصالحه وعلاقاته واتفاقياته من الغرب إلى الشرق؟ وما هو هذا الشرق وخياراته التي يجب التوجه إليها؟ وإذا كان التوجه شرقًا من أجل تحرير فلسطين سياسيًا، فإن المفاوضات تحصل مع الغرب. وإن تحرير فلسطين عسكريًا، فإن الذي لم يحصل طيلة ستة عقود لن يكون من السهل حصوله ولو تهدم المشرق العربي.
وكان الموارنة تصلهم قراءات دولية ومن مغتربين لبنانيين تُظهر أن الانسحاب الإسرائيلي من جنوب لبنان ربما هو مقدمة لنزع سلاح حزب الله، كون علة بقائه قد انتفت بخروج الإسرائيلي، خاصة أن الحديث عن نزع سلاح حزب الله بدأ يأخذ أبعادًا دولية مُعلنة، تجلت في قانون محاسبة سوريا الذي صوت عليه الكونغرس الأمريكي عام 2003.
“كما كان الموارنة يؤكدون أن قانون محاسبة سوريا ليس سببه الموارنة فقط، بل سببه موقف الرئيس بري الذي رفض استقبال “باول” في مقر المجلس النيابي. وأن الشيعة يدخلون أنفسهم في صراع مباشر مع الولايات المتحدة وحتى الداخل اللبناني؛ فالمجلس النيابي يمثل الجميع، وليس فقط الطائفة الشيعية. وحتى لو فُهم أن ما قام به الرئيس بري هو بضغط من سوريا، فهذا يعني أن سوريا قادرة على ضبط السلاح الشيعي والموقف السياسي الشيعي، مما يمنحها تفويضًا جديدًا في الوصاية على لبنان. والكنيسة مهتمة برفع الوصاية السورية عن لبنان.
لذلك كان الموارنة في تلك الحقبة يسعون جاهدين لإيجاد أي آلية تُقدَّم على أنها بداية للحلول، على أن تكون داخلية بين اللبنانيين أنفسهم، حتى بعيدًا عن التوازن في المحاصصة، “بالزايد بالناقص”، المهم أن يحصل نوع من الحراك السياسي الداخلي، وعدم منح الذرائع التي تسمح ببقاء الوصاية السورية على لبنان.
وكنت أفهم من حديث بعض الساسة الموارنة، أن الشيعة أمام فرصة تاريخية لإنشاء دور سياسي فاعل ومستقر، بل يمكنهم تحقيق مكاسب كبيرة في السياسة والاقتصاد؛ فالدول مستعدة للوصول مع الشيعة إلى أي اتفاق وبأي ثمن سياسي يريدونه، بل وإشراكهم في نشاط إقليمي فاعل يؤسس لعدالة الأقليات في منطقة الشرق الأوسط. ومن وجهة نظر الموارنة، كانت كل الأسباب متاحة ومتوفرة للشيعة بعد أن تحولوا إلى رواد التحرر بعد التحرير عام 2000 وانسحاب إسرائيل. والعالم العربي والإسلامي سيتقبل هذا الحراك دون اعتراض يُذكر، كما هو معتاد على مر التاريخ؛ كون شعبية الطائفة الشيعية في أوج حضورها على مستوى العالم العربي والإسلامي. وهذا الانتصار وهذا الحراك سيعيد بناء لبنان القادر القوي، ويعود لبنان سويسرا الشرق، خاصة أنه بدأ الشرق الأوسط يتغير بعد رحيل الرئيس حافظ الأسد وسقوط صدام حسين ووصول الأمريكي إلى الحدود السورية.
وأيضًا حاولت لفت نظر الشيعة إلى مثل هذه القراءات، على الأقل من أجل النقاش فيها، ولو على سبيل التباحث. لكن من المهم أن يكون هناك نوع من الحراك والتفاعل معها، بعيدًا عن كونها مقبولة أو غير مقبولة. لكن يبدو أن صوتي لم يصل أو ربما لم أنجح بإقناع أبناء أمتي؛ بسبب أن مفرداتي وأدبياتي السياسية غريبة على المجتمع الشيعي.
مع نهاية عام 2004 صدر القرار 1559، وبدأت تصل الرسائل التي تتحدث عن عودة الجنرال عون، وأن هناك شخصية مسيحية مقبولة من الجميع، بما فيهم سوريا، تعمل على ترتيب هذه العودة. وهنا قلت: لننتظر ربما يحدث ما كنت أبحث عنه. المهم هو التواصل والحوار وتقريب وجهات النظر بين الجميع. والتيار الوطني الحر هو تيار علماني، وحتماً سينجح في جمع الطوائف تحت راية وفكرة واحدة تؤسس لعودة لبنان.
أيضًا، رغم ما كان يصل إلى مسامعي عن جدية وتداعيات القرار 1559 على لبنان عامة وعلى الشيعة بصورة خاصة في حال عدم تطبيقه، مما يدعو إلى تحرك وطني جامع، إلا أنه لم يحصل شيء من هذا القبيل.
بل أدى صدور القرار 1559 إلى إبراز الانقسام بين مكونات المجتمع اللبناني، وبدأ حراك سياسي نشط وكبير وفاعل جدًا من قبل القوى المناهضة لسوريا.
فما كان مني إلا أن التقيت مع النابغة السياسية سمير فرنجية. وكنت أعرف أن وجود مثل هذه القامة الوطنية والفكرية سينتج توازنًا وطنيًا كبيرًا يلحظ النشوء الجديد للسياسة الشيعية. أو على الأقل سيكون هناك نوع من التوازن في الخطاب والمنحى، فالمطلوب هو قيامة لبنان، لا يوم القيامة على لبنان.
لكن تسارع الأحداث كان أكبر بكثير من حراك أمثالي، وإن كنا فواصل بين مصطلحات كونية.
في 14 شباط 2005 اغتيل الرئيس رفيق الحريري، ومعه اغتيل لبنان، كل لبنان، بكل طوائفه ومعالمه، بل وتاريخه ومستقبله. اغتيل الحلم والأمن والأمان. لقد أدخل لبنان في المجهول، وهذا المجهول مستمر إلى يومنا هذا.
لكن كان كل شيء يتغير. اصطفافات طائفية حادة، وانقسام في سابقة مصيرية. فما كان مني إلا أن عدت بزخم وانطلقت مرة أخرى بحوار إسلامي-مسيحي بمحاولة، وإن كانت خجولة، بعد أن تغيرت الظروف واختلطت الأوراق. لكن كان هدفي أنه لو كنت بوزن شعرة، المهم أن يبقى هناك تواصل ماروني-شيعي طبيعي، كون علاقتي بالموارنة جدًا طبيعية وأصيلة ومبنية على تاريخ عميق تعرفه جيدًا النخب المسيحية، وتحديدًا المارونية التي تنشط سياسيًا.
3 ايار 2005 نشرت الديار وقبل عودة الجنرال باربعة ايام خبر تحت عنوان “الوطني الحر زار عمار ودكاش”، “قام وفد من هيئة ساحل المتن الجنوبي في التيار الوطني الحر بزيارة كل من النائبين الحاج علي عمار عضو كتلة الوفاء للمقاومة والدكتور بيار دكاش في دارتهما وذلك ضمن اطار الجولة التي تقوم بها على الفعاليات الحزبية وار والسياسية لتفعيل الاهتمام المشترك بقضايا المنطقة الاجتماعية والانمائية، وقد ضم الوفد 9 اشخاص ذكرت اسمائهم في الخبر ومنهم اسمي.
في 2005 عاد الجنرال عون من المنفى. ومع انطلاق الانتخابات النيابية توجهت للعمل من أجلها في مدينتي جبيل، وكانت نتائجها أن “تسونامي” حصدت أكثر من 72% من الأصوات المسيحية، إضافة إلى الآلاف من أصوات بقية الطوائف.
بعد انتهاء الانتخابات النيابية، انتُخبت مسؤول الإعلام في التيار الوطني الحر في منسقية المتن الجنوبي.
في 25 أيلول 2005 تعرضت الإعلامية مي الشدياق إلى محاولة اغتيال. فما كان مني إلا أن تضامنت معها في ساحة الشهداء، وشاركت أيضًا في الوقفة التضامنية في مبنى المؤسسة اللبنانية للإرسال “كفر ياسين.”
في 12 كانون الأول 2005 اغتيل الشهيد جبران تويني. وقد حزنت كثيرًا، خاصة أنني كنت أعرف ماذا يعني الشهيد جبران للمعلم الأستاذ غسان تويني. هو ليس فقط ابنًا، بل هو المستقبل. وكنت ألتقي بين أعوام 1989-1990 بالمعلم غسان تويني عندما كان يعقد اللقاء الأرثوذكسي، حيث كنت أحرص على مصافحته والحديث معه ولو لدقيقة واحدة. قد كان العملاق غسان تويني هو لبنان المكتوب.
٢٤/١١/٢٠٢٤
رحلتي من ورقة التفاهم وبين عدوان تموز واستقالة البطريرك صفير وإنشاء قناة الميادين.*
“الجزء الثاني”
*بقلم: ناجي أمّهز*
المقدمة:
ربما هناك منكم من تابع الجزء الأول الذي نشر بجزئية من الأحداث التي امتدت منذ عام 1990 حتى عام 2005، تحت عنوان: “تفاصيل تاريخية سياسية عن الموارنة نحو الشيعة، بقلم ناجي أمّهز”.
اليوم أستكمل معكم الجزء الثاني الذي يمتد من الانتخابات عام 2005 حتى عام 2012.
2005
“من الأسرار التي لم تُنشر ولم أسمع بها عن لسان أحد”
عام 2005 سمعت من شخصية كنسية أن البطريرك صفير عندما التقى الرئيس الفرنسي جاك شيراك تحدث معه عن الوضع اللبناني وهواجس الطائفة المارونية التي تتحدث عن تقارب فرنسي-سوري، متمنيًا أن لا يحصل هذا التقارب على حساب لبنان وسيادته أو أن يكون أمام وصاية جديدة بأوجه مقنّعة. كما تحدث البطريرك صفير عن ضرورة الإفراج عن الدكتور جعجع، خاصة أن عودة الجنرال عون إلى لبنان أصبحت مؤكدة. فما كان من الرئيس الفرنسي جاك شيراك إلا أن أكّد للبطريرك صفير أن لبنان أولوية، وحتى التقارب مع سوريا هو من أجل تأمين انتقال سلس للسياسة في لبنان، وأكد له أن الإفراج عن الدكتور جعجع سيكون أول عمل يقوم به الجميع بعد أول انتخابات تشريعية تحصل في لبنان.
بالمقابل، عندما التقى البطريرك صفير الجنرال عون في فرنسا بنفس الزيارة، لم يُحدث البطريرك صفير الجنرال عون أو يطلب منه العمل للإفراج عن الدكتور جعجع، بل الجنرال عون هو الذي بادر من خلال طرح مشروعه لإعادة إنقاذ لبنان، وأن أول أولوياته ستكون الإفراج عن الدكتور جعجع والمطالبة بعودة اللبنانيين من إسرائيل.
عام 2005 حصلت الانتخابات النيابية، وفاز التيار الوطني الحر بأعلى نسبة من الأصوات المسيحية التي تجاوزت 73%، وكرّس الجنرال عون زعامته الوطنية والمسيحية، خاصة أن فوزه جاء بأرقام كبيرة جدًا في قلب الكنيسة المارونية (كسروان وجبيل يعتبران قلب الكنيسة المارونية) بعد قطيعة مسيحية للانتخابات استمرت طيلة 13 سنة.
وعند انعقاد المجلس النيابي الجديد، طالب الجنرال عون بالإفراج عن الدكتور جعجع بعفو خاص، وهذا ما حصل.
بعد الانتخابات، كان التيار يعمل على قدم وساق لترتيب بيته الداخلي وإنشاء المنسقيات وتوزيع المسؤوليات. وقد انتُخبت بالإجماع مسؤول الإعلام في المتن الجنوبي، وبدأ يظهر التقارب الشيعي-العوني إلى العلن، حيث كنا نعقد المحاضرات، وكنت محاضرًا دائمًا أمام عشرات الشيعة والمسيحيين وغيرهم يوميًا، مما أنتج حراكًا هائلًا وكبيرًا دون أي اعتراض من الأحزاب في منطقة المتن الجنوبي.
تزامنًا مع النظام الداخلي وإنشاء المنسقيات، كان التيار العوني وحزب الله يعملان على التقارب السياسي الذي تُوّج عام 2006 باتفاق مار مخايل.
مع أنني كنت مطّلعًا على التقارب العوني ومجريات ورقة التفاهم من قبل القيادات في التيار الوطني الحر، حيث كان بعضهم يحرص على تواجدي أثناء النقاش في بعض البنود أو حتى بلورة الأفكار، لأن المسيحيين دقيقون جدًا في هذه الأمور، خاصة أن ورقة التفاهم كانت لها جوانب كثيرة منها: كيف سيتقبلها الفرنسيون والأمريكيون؟ وما هي البنود التي تبدد هذه الهواجس؟ وكيف ستُقدَّم إلى الرأي العام المسيحي؟
بالمقابل، لم أسمع أي سؤال أو حتى استفسار من الشيعة، أقله من باب أنني منتسب إلى التيار منذ عقود وعلى دراية تامة بالرأي العام المسيحي، وقريب جدًا من صناع القرار في التيار.
لكن لم يسألني شيعي واحد عن رأيي بورقة التفاهم أو حتى عن التقارب مع الجنرال عون وكيف سيتقبل الرأي العام المسيحي هذا التقارب.
خلال أشهر قليلة فقط استطاع التيار الوطني الحر أن يكون فكرة عامة عن سياسة حزب الله، بل استطاع أيضًا أن يُقيم جميع الذين التقاهم. وقد لخّصت إحدى القيادات في التيار الوطني الحر الأمر بالقول التالي: “حتى النخبة السياسية في حزب الله (يقصد اليساريين الذين التحقوا بالحزب) أصبحوا يعيشون التناقضات والازدواجية بين التدين والاشتراكية السياسية، حيث أصبحوا مزيجًا من الطروحات التي تحاول أن تجمع بين طروحات الحزب السياسية وما عاشوه في المصطلحات السياسية التي لا تُطبّق على الدين، ووضعها بقالب سياسي يصعب على احد فهمه” .
2006
في عام 2006، اندلعت حرب تموز (العدوان على لبنان)، وبعد ثلاثة أيام أخذت العائلة ونزحت إلى جبيل. هناك طلبت مني قيادة التيار الوطني الحر أن أنشط في عملية المساعدة على توزيع الحصص الغذائية والأدوية على النازحين. وكان من وجهة نظر التيار أن وجود شيعي في عملية التوزيع قد يخفف بعض الانعكاسات النفسية السلبية على الشيعة.
بدأ فريق العمل يعمل من الصباح حتى المساء بالتوزيع، وإنشاء لوائح الأدوية، وتسجيل المطالب والاحتياجات من أدوات منزلية.
كما نشطت من خلال العمل الإعلامي والإنساني، حيث كتبت مناشدات للمنظمات الحقوقية، منها منظمة العفو الدولية، وحرصت على الحديث عبر اذاعة “بي بي سي”، من اجل صناعة راي عام ضاغط .
تواصلت أيضًا مع شخصية من طائفة الموحدين الدروز، لها مكانة رفيعة في إحدى المنظمات السويسرية الفكرية المهمة جدًا، وكانت تربطني به علاقة أخوة وصداقة عميقة. قمت بكتابة مناشدة بلغ طولها 33 صفحة، تمت ترجمتها إلى الإنجليزية، ووضعت فيها العديد من الأفكار التي تحض على وقف إطلاق النار. وبالفعل، بدا أن المجتمع السويسري الرسمي انه قد تحرك وشجب هذه الحرب، وطالب بوقف العدوان على لبنان.
قبل وقف الحرب بأيام قليلة، اتصل بي صديقي من طائفة الموحدين وصوته مخنوق. سألته: ماذا بك؟ فقال لي: “إن روح الشهيد رفيق الحريري تحمي لبنان. فقد تحرك أصدقاء الرئيس رفيق الحريري في مختلف الدول للدفاع عن بيروت التي أحبها، وهناك تحرك جدي لوقف إطلاق النار بقرار من مجلس الأمن”.
إن مسارعة المجتمع الدولي، خاصة أصدقاء الشهيد رفيق الحريري، إلى المساعدة في وقف العدوان الإسرائيلي على لبنان، جعلت الجميع يستنتج أن الشهيد الرئيس رفيق الحريري كان على توافق وحرص تام على المقاومة. وقد يكون الأصدقاء الدوليون للشهيد الرئيس الحريري هم من أطلعوا دولة الرئيس سعد الحريري على هذه الأجواء، مما جعل الرئيس سعد الحريري في حالة شبه انسجام وإطلاق مواقف معتدلة تجاه المقاومة، رغم التحريض الذي انتشر في الداخل اللبناني.
(نحن اليوم نفتقد الشهيد الرئيس الحريري، ان الذي اطال امد الحرب هو فقدان شخصيات سياسية لها ثقلها وعلاقاتها الدولية)
انتهت الحرب، ونزل الجميع إلى ساحة رياض الصلح، حيث وقع الاعتصام الشهير الذي كنت أداوم فيه يوميًا. نصبت خيمة “ساحل المتن الجنوبي”، وكنت أسعى دائمًا إلى تكريس التقارب وأحض على تفعيل الحراك السياسي الشيعي، أو على الأقل أن ينتج عن هذا الاعتصام، ومن خلال الاحتكاك بين الشيعة ومنتسبي التيار الوطني الحر، مزيج من الأفكار التي تمهد لإطلاق جيل شيعي مرن في السياسة، أو على الأقل أن تُنقل إليه تجارب البعض.
بعد الحرب
انتهت الحرب، وهبط الجميع إلى ساحة رياض الصلح، وحصل الاعتصام الشهير الذي كنت أداوم فيه يوميًا. هناك، نصبت خيمة “ساحل المتن الجنوبي”، وكنت أسعى دائمًا إلى تكريس التقارب، وأحض على تفعيل الحراك السياسي الشيعي، أو أقله أن ينتج من هذا الاعتصام ومن خلال الاحتكاك بين الشيعة ومنتسبي التيار الوطني الحر مزيج من الأفكار التي تمهد لإطلاق جيل شيعي مرن في السياسة، أو على الأقل نقل التجارب إليه.
2008
شهدت أحداث 7 أيار وما رافقها من انقسامات داخلية، تلاها انتخابات رئاسية.
2009
بينما كان التيار يعيش صراعات السلطة، والبعض فيه مشغولًا بمصالحه كما غالبية الاحزاب اضافة انه انتسب الكثيرين الى التيار من اصحاب الاموال والمراكز الذين بنوا امجادهم وثرواتهم ابان الوصايا السورية وهم غريبون عن التيار كما لم نسمع يوما كلمة لواحد منهم كان قد دافع فيها عن انصار الجنرال عون.
في المقابل، كانت القوات اللبنانية تعيد بناء نفسها، حيث حرص الدكتور سمير جعجع على إعادة التواصل الشخصي مع القواتيين القدماء، وظهر بشخصية جديدة مختلفة تمامًا عما ألفه الجميع، فكانت أفكاره السياسية تنتشر بسرعة بين النخب والمجتمع المسيحي.
في نفس العام، أرسلت شخصية كنسية خلفي وأخبرتني التالي: إن الكنيسة تشعر بالغبن، حيث ترى أن أكثر من نصف أبنائها في الجهة الأخرى محرومون من أدوارهم الطبيعية. وأضافت أن كل ما قامت به الكنيسة طيلة عقود لمواجهة الوصاية السورية كان بهدف رفع الغبن عن المسيحيين خاصة، واللبنانيين عامة. لذلك، ولأول مرة منذ إعلان لبنان الكبير، قد تعلن الكنيسة موقفها من الشيعة.
وبالفعل، خرج غبطة البطريرك صفير ولأول مرة منذ قيام لبنان الكبير ووجّه انتقادًا ضمنيًا لحزب الله. وقد نشرت الصحف في 6-6-2009: “قال بطريرك الموارنة في لبنان الكاردينال نصر الله بطرس صفير إن بلاده تواجه تهديدًا وجوديًا”، في إشارة بدت وكأنها موجهة ضد حزب الله وحلفائه عشية الانتخابات البرلمانية.
لا استطيع القول انني كنت خلف عدم ذكر حزب الله بالاسم لكن اقله حصل ما تمنيت ان يحصل عندماكنت اتحدث مع الشخصية الكنسية
قبل الانتخابات النيابية، ومن خلال مشاركاتي الدائمة في لقاءات التيار، كنا نتلقى بعض التحذيرات حول تراجع كبير في شعبية التيار الوطني الحر على المستوى المسيحي. وعندما كنت أسأل عن هذا التراجع، كان يُقال لي إنه بسبب الإعلام، أما على أرض الواقع، فالأمر مختلف تمامًا. في النهاية، أنا فرد وقد سجلت ملاحظاتي كما هي.
عندما انطلقت العملية الانتخابية، انتقلت إلى جبيل للمشاركة في الحشد والتغطية وطرح بعض الأفكار الإعلامية والسياسية، بالإضافة إلى إلقاء بعض الكلمات في المهرجانات. تفاجأت بطرح يقول إنه لا داعي للحراك في القرى الشيعية، حيث إن الشيعة في كل قرية، بناءً على ورقة التفاهم، لديهم ماكينات خاصة تتابع التصويت للائحة التيار الوطني الحر.
مع أنني اعترضت بشدة على هذا القرار، لأنني من أنصار أن يكون التفاعل المسيحي-الشيعي طبيعيًا وبعيدًا عن نتائج الانتخابات، خاصة أنها المرة الأولى التي نتشارك فيها جميعًا، إلا أنني فهمت أثناء الاجتماع (وكنا أربعة أشخاص تقريبًا في مركز التيار في جبيل) أن بعض المتنفذين الشيعة في حزب الله ربما يريدون بناء علاقات شخصية مع بعض النواب. “مثلًا، مسؤول في حزب الله في قرية شيعية يتفق مع نائب على اللائحة المطلوب التصويت لها بأن تكون غالبية الأصوات له، وهكذا يصبح النائب على علاقة طيبة ووطيدة مع هذا المسؤول.”
“لذلك، لا أحد يستغرب كيف انتقل شخص أو شخصان في قريتهم الشيعية من الفقر إلى البحبوحة.”
“كما أن المسيحيين، وخاصة الأحزاب والكنيسة، يعرفون أدق التفاصيل عن مثل هذه الاستغلالات لشيعة جبيل وكسروان. لكنهم كانوا أيضًا يدركون أن مثل هذه الأفعال، حيث يسعى بعض الشيعة إلى تغليب مصالحهم التافهة جدًا على حساب التعايش الحقيقي والطبيعي بين أبناء المنطقة، سيكون لها انعكاسات كبيرة جدًا في المستقبل.”
حتى بعض قيادات التيار كانت تنظر بأسف كبير لمثل هذه الأفعال، لكن في النهاية: “ما دام القاضي راضي، لا علاقة لهم.”
وأنا أكتب هذا السرد التاريخي، أهدف إلى توضيح كيف تأكلت قوة الشيعة وهُدر وقتهم. ربما تكون مثل هذه الكتابات حافزًا للتغيير أو مراجعةً يستفيد منها الشيعة بعد أن تهدأ الحرب، وترغب الطائفة الشيعية في استعادة دورها من جديد.
في نفس العام، أرسلت شخصية كنسية خلفي، حيث وجدت أمامها ملفًا يحتوي على دراسة مفصلة عن الانتخابات في جبيل. وأخبرتني هذه الشخصية أن الإحصاءات تشير إلى تقارب شديد في الأصوات المسيحية بين لائحة التيار الوطني الحر ولائحة الدكتور فارس سعيد، “مما يعني أن ما أشار إليه البطريرك صفير سابقًا كان دقيقًا للغاية.” وأضافت أن ما أحدث هذا الفارق الكبير بين اللائحتين هو التصويت الشيعي لصالح لائحة التيار.
وأكملت الشخصية الكنسية حديثها قائلة: “لن نعلق على الانتخابات، ولكن عندما يختلف أبناؤك في المنزل ويتدخل حتى أقرب المقربين إليك لتقوية ابنك على حساب ابنك الآخر، فإنك ترفض هذا التدخل.” وأشارت إلى أن تدخل فريق سياسي لدعم آخر قد يؤدي إلى ردات فعل داخل الطائفة المارونية، والشيعة بغنى عن ذلك. وأوضحت أن الدعم المطلق لفريق سياسي على حساب آخر يحرم، على الأقل، نصف المسيحيين من حقوقهم أو من دورهم السياسي والوزاري والوظيفي.
حاولت أن ألفت نظر الشيعة إلى هذه النقطة: انه إذا استمر الدعم المطلق للتيار الوطني الحر، فإن الطائفة الشيعية ستجد نفسها في صراع، على الأقل مع نصف المسيحيين في لبنان وامتدادهم العربي والدولي. هذا يعني أن ورقة التفاهم تفقد معناها أو تصبح بلا جدوى. لذلك، كان من الضروري العمل مع التيار الوطني الحر للوصول إلى تسوية سياسية تحفظ قاعدته المسيحية التي بدأت تغادره، وتضمن للشيعة توازنًا مقبولًا مع بقية الأطراف المسيحية، أو على الأقل البقاء على مسافة متساوية من جميع الأطراف المسيحية.
كما حاولت أن ألفت نظر التيار إلى أسباب خسارته لهذا الكم من الأصوات، إلا أنني فشلت، لأن الأولويات أصبحت في مكان مختلف تمامًا. بدأت لعبة السلطة داخل التيار وداخل الدولة هي التي ترسم معالم حركة التيار. لذلك، قدمت استقالتي عام 2009.
مع أن استقالتي من التيار حرّكت الكثيرين، خاصة المقربين، لأنهم يعلمون أن ناجي أمّهز ليس شخصًا عبثيًا ويقرأ بعمق، فإنها فتحت نقاشات داخل التيار، لكنها لم تغير بشيء.
بينما كان العديد من المسيحيين يغادرون التيار الوطني الحر، كانت القوات اللبنانية تنشط بقوة وتتفاعل مع الرأي العام المسيحي.
بعد انتهاء الانتخابات، بدأ العديد من المسيحيين يصعّدون ضد حزب الله، وبدأ حزب الله يدفع ثمنًا باهظًا حاولت التحذير منه سابقًا. كما أن الصراع المسيحي-المسيحي انعكس على حزب الله. “لو كتبت يومًا عن الثمن الذي دفعه حزب الله بسبب تحالفه مع التيار الوطني الحر، ربما لاحتجت إلى أكثر من كتاب.”
“مع اقتراب نهاية عام 2009، أعلن البطريرك صفير ما عُرف أو سُمّي: تحرير القرار السياسي من هيمنة حزب الله، تمامًا كما فعلت الكنيسة لتحرير لبنان من هيمنة الوصاية السورية.”
في عام 2010، وجد حزب الله والطائفة الشيعية أنفسهم في مواجهة مع المكوّن المسيحي، دون أن يكون لهم ناقة أو جمل في هذا الصراع، بل بسبب اعتقادهم أن التحالف مع التيار الوطني الحر، الذي انتخبه غالبية المسيحيين، يؤمّن لهم الشراكة الكاملة أو يؤسّس لوحدة مسيحية-شيعية صلبة.
لكن الخلاف بين التيار الوطني الحر والبطريرك صفير أخذ منحى تصاعديًا، وذكّر الكثيرين بالحقبة السابقة في عام 1989. بدل معالجة الأمور بالتراجع أمام بكركي والقبول ببعض مطالبها، شهد الوضع انهيارًا متسارعًا دفع الفاتيكان للتدخل مباشرة لإيجاد حل لهذه المعضلة.
حقيقةً، كل ما جرى على الساحة المسيحية، خاصة فيما يتعلق بالبطريرك صفير، لم يشهد أي تدخل من الطائفة الشيعية، حتى على سبيل الهمس. ومع ذلك، كان معظم المسيحيين يرون أن سر قوة الجنرال عون يعود إلى دعم حزب الله له.
البطريرك صفير منذ أيام قداسة البابا يوحنا بولس الثاني، وحتى بعد أن عيّن قداسة البابا بنيدكتوس والجميع يعتبر البطريرك صفير صاحب الكلمة الفصل مسيحياً في الشرق الأوسط.
لكن في تلك الفترة حصل أمر ما في الفاتيكان، وبدأت الضغوط تنهمر على البطريرك صفير، فما كان منه إلا أن قال: ما قلنا قد قلناه.
وهناك من قال لي إن البطريرك صفير لم يكن يريد الاستقالة لكنه قال: أستقيل ولا أتراجع عن موقف واحد اتخذته أو عمل قمت به، فتمسكت بعض دوائر الفاتيكان بكلمة الاستقالة وقدم البطريرك استقالته قبل إعلانها بأشهر قليلة.
(أنا مطلع على التفاصيل لكنها تحتاج إلى شرح طويل).
عندما تسرب خبر استقالة غبطة البطريرك صفير اعتبر البعض أنه دليل قوة الجنرال عون وعمق علاقاته الدولية. ومما زاد الطين بلة أنه بدأ بعض الإعلام القريب من حزب الله والتيار الوطني الحر يتحدث عن هذه الاستقالة بطريقة وكأنها انتصار لفريق على فريق، مما جيّش المسيحيين في الداخل والخارج على حزب الله تحديداً، كون التيار كان لديه من يدافع عن وجهة نظره بالخارج، أما حزب الله لم يكن يملك مثل هذه الأصوات.
بدأت تتفاعل استقالة البطريرك صفير لما له من مكانة في الكنيسة ولدى الرأي العام المسيحي عموماً وفي العالم. ازداد الحنق والغضب على حزب الله حيث اعتبر أن سبب هذه الاستقالة هو دعم حزب الله للجنرال عون.
أمام هذا الواقع الجديد لم يعد بإمكاني القيام بأي شيء، خاصة أنه لم يعد يوجد من يستطيع أن يدافع عن حزب الله والشيعة أقله في الغرف المغلقة. فالجميع أعلنوا أن حزب الله لن يتغير أو يغير سياسته. حتى أنه كان يوجد بعض المطارنة الذين كانوا يدافعون عن الشيعة، لكن بعد الحديث عن استقالة البطريرك التزم الجميع الصمت، وشعروا أن الشيعة لا يعنيهم إلا ما يريدون، أو أقله كان بالإمكان العمل على تسوية سياسية ما للحؤول دون الوصول إلى ما وصلت إليه الكنيسة.
بمعنى أوضح كان بعض المسيحيين يعتقدون بأن حزب الله كان قادراً أن يضغط على الجنرال عون بطريقة أو بأخرى، لكن حزب الله فضّل مصلحة حلفائه على أي أمر آخر.
عندها، ولسبب معرفتي خطورة هذا التطور على الطائفة الشيعية، قررت أن أستثمر كل علاقاتي وحتى ما ادخرته من أموال، ربما أنجح بمحاولة أخيرة من القيام بعمل ما يساعد على إعادة التقارب الشيعي الماروني ولو على سبيل شعرة معاوية.
لقد درست أوضاعي كثيراً فوجدت أنني لا أستطيع الظهور على إعلام التيار الوطني الحر بعد استقالتي من التيار، كما أن ما أتحدث فيه لا يصب بمصلحة التيار، كما أن الإعلام الشيعي قد غيّبني تماماً وحتى هذه اللحظة لا أعرف ما هي الأسباب. إضافة إلى أنه بحال ظهرت على إعلام خصوم حزب الله والتيار الوطني الحر سوف أُفهَم خطأ ويضيع ما القصد من تحركي. لذلك أطلقت عملاً إعلامياً خاصاً بي وقد مولته بكل جنى عمري، لأنه بحال ذهبت الطائفة لن يبقى شيء للشيعة. وهذه السياسة المتبعة حتماً في الختام نهايتها لن تكون بخير، خاصة أن الجميع يشعر بأن حزب الله والشيعة يتحدثون بفائض من القوة، مما خلق خصوماً للشيعة من كافة الأطياف والمشارب والمذاهب. وهكذا كان عام 2010 – 2011، هو منعطف شديد الخطورة على الطائفة الشيعية داخلياً وإقليمياً وحتى دولياً.
وخلال عامين تقريباً بدأت أفقد كل مدخراتي وحتى بدأ نشاطي الإعلامي والعملاني في اللقاءات وقيام العزائم يؤثر على كل شيء في حياتي. وكنت دائماً أقول: إن أنجح بإيصال كلمة خير من كل هذا التعب وهدر الأموال، ربما يتغير شيء، ربما يأتي من أصحاب القرار ويقول ماذا تريد، لكن للأسف وصدقاً حتى كتابة هذا المقال لم أعرف كيف يتم إيصال الرسائل أو حتى فتح نقاش مع حزب الله.
إلى أن جاء يوم وبينما أنا عائد إلى منزلي وجدت إعلاناً للميادين. وعندما سألت عن الموضوع قيل لي إن محور المقاومة وبدعم من حزب الله أطلق فضائية ضخمة.
وهنا دخلت بحالة من الكآبة الشديدة حيث كنت أسأل نفسي: أنه طيلة 15 سنة وأنا أعمل ليلاً نهاراً من أجل الطائفة الشيعية بل أوصلت نفسي إلى الهلاك للدفاع من أجل الحفاظ على الحد الأدنى بين الشيعة والموارنة، وبالختام لم أجد حتى من يسألني بماذا نساعدك؟
وقتها كتبت: الميادين بين الواقع والواقف والراكع هل تفشل بتغير الواقع بقلم: ناجي أمّهز
تاريخ النشر: 2012-06-05
وقد بدأت المقال بالبحث بالفلك والأبراج، لأنني ظننت أنه ربما الشيعة يتعاملون بالأبراج وعلوم الأفلاك والغيبيات، أو أنه هناك شيء غير الذي أعرفه على أساسه يتم اختيار الأشخاص أو التواصل معهم.
وكل ما كتبته عن الميادين ثبت مع الايام انه دقيق للغاية.
وختمت المقال بشيء قاله لي مدير أحد البنوك: كنت قد حصلت على موعد مع أحد مدراء البنوك لأتقدم بطلب قرض شخصي، بعد أن صرفت ما فوقي وما تحتي وما جنته يميني وحصلته شمالي، معلناً نفسي ناسكاً للكلمة لا تاجراً في سوق نخاستها.
قال لي مدير البنك: لقد قرأت لك بالأمس مقالاً، وقد أعجبت بطريقة السرد والتحليل، لكن الأمر الغريب والمحير: هل يقرؤون لك؟ (وهنا يقصد الشيعة). فأجبت: لا أعلم. فإذا به يمد يده لجيب سترته ويخرج منها مائتي دولار قائلاً: أتمنى عليك أن تقوم بطباعة مقالاتك وتوزيعها باليد على من يهمه الأمر، لكن الواقع يبدو أنه أقوى من واقعي وأخاف أن يختلط الواقع فننظر إلى المراسل على أنه مرسل ويضيع الواقع كما ضاعت القضية الفلسطينية عندما دخل السجاد الأحمر…
نلتقي إن شاء الله بالجزء الثالث، وأكرر ما أكتبه هو لأخذ العبر، ربما بحال تغير شيء نستفيد من هذا التاريخ المغيب والمستتر لأكثر من ثلاثة عقود وقد عشته أنا الشيعي ربما بطريق الصدفة من أجل الإضاءة، أو لأمر يريده الله سبحانه وتعالى.الى اللقاء.
٢٧/١١/٢٠٢٤
انتصر الشيخ نعيم قاسم بوقف الحرب، وانتصرت المقاومة لانها لم تغادر الميدان حتى اخر طلقة.
بقلم: ناجي أمّهز
في البداية، لا يسعني إلا أن أتوجه بالشكر الجزيل لكل من وقف إلى جانب النازحين والمُهجّرين، ولكل من قدّم شربة ماء أو سلة طعام أو حبة دواء، ولكل من سعى جاهدًا للتخفيف من آلام الحرب وويلاتها. الشكر موصول للشعب اللبناني بأسره، خاصة أولئك الذين ظنّ الشيعة أنهم خصوم لهم. هؤلاء أظهروا وجهًا آخر من المحبة والكرم، فكانوا الحاضنة التي لم تُفرق بين أبناء الوطن.
كما أنني أخص بالشكر الدول الإسلامية والعربية والغربية التي مدت يد العون عبر المساعدات الإنسانية، رغم أن كثيرًا منها كان له موقف سياسي من المقاومة، إلا أن هذا لم يمنعها من أداء واجبها الأخلاقي تجاه المتضررين.
*ما بين النصر والخسارة*
اليوم، يجلس البعض ليقول إن الشيعة انتصروا، بينما يقول آخرون إنهم خسروا. الحقيقة، كعادتها، ليست أبيض أو أسود. المقاومة، رغم جراحها الغائرة وخسائرها المؤلمة، استطاعت أن تصمد أمام آلة الحرب الإسرائيلية التي سعت بكل قوتها لسحق إرادتها.
المقاومة لم تفارق الميدان ورفع شبابها قبضاتهم حتى المبتورة منهم بعلامات النصر، ومنهم من استشهد رافضا ان يغادر موقعه ان كان فوق الارض او تحت ترابها، المهم ان تنبت ارض الجنوب شقائق النعمان، وان ياتي الربيع حيث يلعب الاطفال بارض مستقلة وسيادة ناجزة وحكايات عن ابطال الانسانية من اجل اطفال ونساء فلسطين.
لكن هل يُمكننا إغفال الثمن الباهظ؟ لقد فقدت الطائفة الشيعية رموزًا وقادة كان لهم أثر عظيم في مسيرتها، وعلى رأسهم السيد حسن نصرالله، الذي يعتبر خسارته خسارة ليست فقط للشيعة بل لكل من يؤمن بالعدالة والحرية.
ومع ذلك، كما قال اليهود أن صلب المسيح يُنهِ المسيحية، اذا به يجعلها قوة عالمية، وكذلك أتباع السيد حسن نصرالله، بما يمثلونه من ثبات وإيمان، سيواصلون المسيرة ليصبحوا أمّة تصنع التاريخ.
*التحديات في أفق الصراع*
المشهد اليوم يختلف جذريًا عن عام 2006. إسرائيل لم تعد تعتمد فقط على السلاح التقليدي، بل باتت تستخدم تقنيات الذكاء الاصطناعي التي تُغيّر قواعد اللعبة. الدعم الأمريكي لإسرائيل بلغ مستويات لم يسبق لها مثيل، من خلال اتفاقيات دفاع مشترك واعلانه انه سيكون الحاكم والحكم والمراقب تُمهيّدا لتدخل عسكري مباشر إذا لزم الأمر.
هناك عامل يجب أن ننتبه له، لأن القادم سيكون أخطر بكثير إذا لم ندركه، وهو أن التجربة الأمريكية في أفغانستان وكافة الأسلحة التي تم استخدامها ضد طالبان تم نقلها إلى تل أبيب. وهذه الأسلحة الفتاكة هي التي قلبت المعادلة في الحرب على المقاومة في لبنان.
المقاومة تدرك أن المتغيرات الإقليمية أصبحت أكثر تعقيدًا. سوريا التي كانت حليفًا قويًا في السابق، أصبحت منهكة من أزمتها الداخلية، والدعم العربي تقلص بشكل كبير، كما ان حلفاء لبنان في الغرب كايام جاك شيراك وغيره تكبلهم اليوم الحرب في اوكرانيا. في المقابل، يحاول الإعلام العالمي المعادي أن يُصور المقاومة كتهديد عالمي بدلاً من كونها حركة تحرر مشروعة.
لذلك، نحن اليوم أمام ظروف مختلفة تمامًا عما كانت عليه عام 2006. وإذا لم يتم الاستفادة من الوقت ومن النخب لصناعة متغير شيعي حقيقي، وإذا حدثت فوضى شيعية في السياسة والإعلام، قد لا تصمد هذه الهدنة الستون يومًا، بل ستضرب العاصفة مرة أخرى ولكن بضراوة لا مثيل لها، خاصة أن أمريكا ستشارك بطريقة مباشرة، في عصر ترامب الذي يعتبر نفسه رئيس إسرائيل كما هو رئيس أمريكا.
*الحكمة في المفاوضات*
وسط هذا المشهد، جاء قرار امين عام حزب الله سماحة الشيخ نعيم قاسم بوقف الحرب ليكون علامة فارقة في مسار المقاومة. البعض قد يراه تنازلًا، لكنه في جوهره كان انتصارًا للعقلانية والمسؤولية على العاطفة. القيادة الحكيمة أظهرت أن التراجع في الوقت المناسب يمكن أن يحمي المقاومة وشعبها من خسائر فادحة كانت ستُنهك الجميع.
المستقبل: أفق واستراتيجيات
ما تحتاجه المقاومة اليوم هو قراءة واعية للواقع الجديد. لا يكفي السلاح وحده، بل تحتاج إلى بناء إستراتيجيات شاملة تتضمن:
المرونة والتكيف: مواجهة التطورات التكنولوجية والسياسية بعقلية منفتحة وحلول مبتكرة.
تعزيز الوحدة الوطنية: العمل على رأب الصدع الداخلي وتقوية الحاضنة الشعبية التي أثبتت وطنيتها رغم الاختلافات السياسية والظروف الصعبة.
إعلام متزن: صياغة خطاب إعلامي عقلاني يحترم العقول ويبتعد عن الاستفزاز، مع التركيز على بناء صورة إيجابية للمقاومة عالميًا.
الختام: المقاومة فكرة لا تموت
المقاومة ليست مجرد بنادق ومقاتلين؛ هي فكرة راسخة في الوجدان. وكما أثبت التاريخ، الأفكار التي تقوم على الحق والعدالة لا تموت، بل تزداد قوة مع مرور الزمن.
قد يكون الطريق شاقًا، وقد تبدو التحديات أكبر من طاقة البشر، لكن الإيمان بالقضية هو البوصلة التي لن تضل الطريق.
١/١٢/٢٠٢٤
هل هدنة الـ60 يومًا: تعتبرها اسرائيل فرصة لإسقاط سوريا وضرب حزب الله؟
*بقلم: ناجي أمّهز*
*المقدمة:*
في 4 نوفمبر 2024، كتبت مقالًا تحت عنوان: “بحال هُزمت المقاومة: استيطان إسرائيلي، سوري، فلسطيني، الشيعة إلى العراق، الدروز إلى وادي التيم، وقيام دولة علوية”.
سلط المقال الضوء على سيناريوهات مروعة قد تواجه محور المقاومة إذا خسر حزب الله. فقد أكدت حينها أن استمرار المحور دون حزب الله أمر مستحيل، وأن أي خلل في هذا الكيان سيؤدي إلى تفكك النظم السياسية والاجتماعية في المنطقة. لذلك، يجب على المحور، رغم الضغوط، أن يضع إمكانياته المادية واللوجستية لدعم حزب الله، تمامًا كما ساعد حزب الله المحور من سوريا إلى العراق واليمن وفلسطين، حيث قدم في سبيلها كل ما يملك عبر عملية إسناد غزة.
اليوم، وبعد الزلزال الكبير الذي ضرب لبنان وامتد إلى سوريا، يبدو أن السيناريو والأحداث الأخيرة تشير إلى وجود مخطط إسرائيلي-أمريكي واضح يستهدف تغيير الواقع الجيوسياسي في المنطقة، أو ما أسماه نتنياهو “الشرق الأوسط الجديد”.
لكن المفارقة وسرعة الأحداث في سوريا تشير إلى أن هدنة الـ60 يومًا ليست مهلة لتهدئة الوضع في لبنان. بل تبدو كفرصة استراتيجية لاستكمال مشروع أوسع يبدأ بإضعاف سوريا، ومن ثم توجيه الضربة النهائية لحزب الله.
تصريحات البيت الأبيض حول الانهيارات في سوريا، بأن سببها اعتماد النظام على روسيا وإيران، تشير إلى أن أمريكا فتحت جبهة أخرى تضاف إلى جبهة أوكرانيا في وجه الرئيس بوتين. كما أنها نجحت في إبعاد حزب الله، حليف إيران، عن دعم سوريا بسبب انشغاله بمواجهة الكيان الإسرائيلي على الجبهة الجنوبية.
في حين يبدو أن أمريكا تنجح في إشغال روسيا في سوريا، يظهر أن روسيا غائبة عن الوضع الداخلي السوري. خاصة مع تحرك عشرات الآلاف من المتشددين دفعة واحدة، دون أن يكون هناك إنذار روسي مبكر، أقله للحكومة السورية. كذلك تبدو الحكومة السورية عاجزة عن استقصاء المعلومات، أقله لتحذير جنودها المتواجدين في المناطق الساخنة.
وأمام تحرك المتشددين المناهضين للنظام في سوريا، وسبع سنوات من القصف الإسرائيلي المستمر على البنية التحتية للمستشارين الإيرانيين ومقاتلي حزب الله في سوريا، التي استمرت حتى في أوج الحرب على غزة، يتضح أن هذه الاستهدافات لم تكن مجرد عمليات عسكرية، بل جزءًا من خطة لتفريغ سوريا من حلفائها، وتهيئة الساحة لظهور موجة المتشددين التي تسعى لإسقاط النظام في سوريا، ومن ثم التوجه إلى لبنان، حسب تصريحات المتشددين أنفسهم.
أما الأزمة الروسية التي تعمقت بعد حصول أوكرانيا على أسلحة صاروخية متطورة من أمريكا، استهدفت لأول مرة العمق الروسي دون أن تنجح المنظومات الدفاعية بصدها، تزيد الضغوط على الجبهة الأوكرانية. وهو ما يعد محاولة لإجبار روسيا على تقليص دعمها لسوريا، مما يجعل دمشق في مواجهة مباشرة مع التحديات دون غطاء استراتيجي.
اندفاع المتشددين وانتشارهم السريع في مناطق مثل حلب، يشير إلى أن الهدف الأمريكي-الإسرائيلي هو تغيير النظام في سوريا والانقضاض النهائي على حزب الله خلال فترة زمنية وجيزة قد لا تتعدى 60 يومًا. خاصة بعد إزالة الألغام في الجولان وفتح الطريق لتلاقيهم مع المتشددين المناهضين للحكومة السورية.
كما أن أطماع المتشددين وحقدهم على حزب الله لا يقل عن أطماع إسرائيل. مما يعني أنه بحال وصل المتشددون إلى عكار شمالًا والبقاع، ومع موجة النازحين السوريين الذين قد يلتقونهم في منتصف الطريق، فإن ذلك حتمًا سيسمح بالتوغل الإسرائيلي إلى عمق مدينة صور، التي تحمل أهمية كبرى في العقيدة التلمودية، واستبدال سكان مناطق واسعة في لبنان بسكان آخرين من النازحين السوريين واللاجئين الفلسطينيين.
أمام هذا الواقع الجديد والحرب الكبرى في المنطقة، يصبح الحراك السياسي الشيعي مجرد أمر ثانوي في ظل الفشل الإعلامي في إدارة الأزمة. إذ اعترف بعض إعلاميي محور المقاومة بأنهم كانوا يبالغون في تصوير قوة المحور.
هذا الكلام أثار موجة غضب في بيئة المقاومة نفسها. وإذا لم يتم احتواؤه، فقد يتحول إلى أزمة داخلية تهدد بتقويض الروح المعنوية للمقاومة.
*الختام:*
اليوم، وبعد أن استنفد محور المقاومة الكثير من أوراقه المتاحة، أصبح لزامًا عليه الاستثمار في إنتاج نخبة سياسية وإعلامية قادرة على إدارة معركة صناعة الرأي بطريقة أكثر احترافية.
محور المقاومة يدرك أن المرحلة المقبلة ليست فقط معركة عسكرية، بل أيضًا حرب إعلامية وسياسية تحتاج إلى رؤية استراتيجية متماسكة.
٤/١٢/٢٠٢٤
أمام شيعة لبنان 50 يومًا للتغيير وإلا ستسقط مناطقهم: البقاع للسوريين، وإسرائيل قد تحتل حتى الليطاني.
*بقلم: ناجي أمّهز*
في البداية، يوم الاحد ١ – ١٢ – ٢٠٢٤ كتبت: أمام الشيعة 60 يومًا. فحوى المقال حذرت فيه من وصول ترامب وانه سيغير المنطقة وان مهلة ال ٦٠ ليست من فراغ ولا هو توقيت عشوائي.
. بالأمس، أعلن ترامب أن أمام حماس 50 يومًا وإلا ستُضرب ضربة تاريخية. وما قاله ترامب لحماس سيقوله لكافة محور المقاومة.
ما قاله احد الاعلاميين المحسوبين على محور المقاومة يبدو دقيقًا للغاية بأن محور المقاومة طيلة 18 عامًا كان يرفع سقف التحدي لمنع إسرائيل من الاعتداء على لبنان.
الناس اقتنعت بكلامه لأن كل ما بنته المقاومة خلال 20 سنة تهدم وتدمر فقط خلال شهرين.
ولا أحد يستطيع أن ينكر هذا الكلام، لأن هؤلاء كانوا نجوم محور المقاومة والممانعة طيلة سنوات، والشيعة يتابعونهم بعشرات الآلاف، خاصة الذين تحدثوا في ذات السياق.
كما أن ما قاله احد اهم اعلامي محور المقاومة، إنه ظن انّ مس السيد نصرالله ستُدمر الدنيا، ومن ثم قال: طلعت غلطان، أيضًا يؤكد أن هناك خطا كبير حصل بفهم الاستراتيجية والسياسة وما يملكه المحور من قوة.
حتى على مستوى الحلفاء السياسيين، أيضًا منهم من انقلب وغادر إلى غير رجعة، بل أعلنوا موقفهم صراحة من عملية إسناد غزة وكانوا ضد الحرب، بل وتحدثوا علانية عن اقتطاع جزء من لبنان.
وهؤلاء السياسيون الذين غادروا لو لم يكونوا متيقنين مائة بالمائة أن حزب الله انتهى، لما كانوا غادروا أو أقله التزموا الصمت كي تمر العاصفة.
يعني أنه عندما نسمع ونقرأ ونشاهد ما حصل في الإعلام والسياسة مع حزب الله، يمكن القول صراحة إن حزب الله فشل فشلًا ذريعا في الإعلام والسياسة. والدليل هو انكفاء السياسيين والإعلاميين عنه، خاصة أن هؤلاء الذين صنعهم هو حزب الله نفسه.
أنا لست مستغربًا مما يقوله ويفعله حلفاء حزب الله السياسيون والإعلاميون. فأنا منذ 15 سنة وأنا أكتب وأعترض على الأداء الإعلامي والسياسي لحزب الله، لأنني كنت أسمع الكثير في الصالونات السياسية وخلال لقاءاتي مع أهم الشخصيات المسيحية.
بل كنت أعتقد بأن حزب الله تعرض لأكبر موجة تضليل عرفتها البشرية، لأنني كنت أقرأ وأسمع من الصحف وإعلام محور المقاومة أن فلانًا من حزب الله التقى بفلان وقال كذا وكذا. عندما كنت أجلس مع فلان نفسه كان يخبرني أنه لم يقل هذا الكلام الذي نشره حزب الله بل قال كذا وكذا.
وهذا الكلام الذي أخبركم إياه الآن نشرته في أكثر من عشرين مقالًا، بأنه لا يجوز تحريف الكلام إلى هذا المستوى لأنه يدمر كل شيء.
على سبيل المثال، مقالي في 19-12-2019 بعنوان: “رسالة إلى سيادة المطران إلياس عودة الجزيل الاحترام”
سيادة المطران، لا أخفيكم سرًا أن كلامكم بالأمس قد مزّق روحي ولكنه لم يزعزع محبتي لكل طوائف هذا الوطن. ولكن قلت لنفسي: ماذا سأكتب لأبناء الشهداء والجرحى الذين سقطوا عند تخوم الأديرة عند قرع أجراس الكنائس دفاعًا عن يسوع بإنسانيته ومحبته لكل العالم؟
سيادة المطران، أنا أتفهم تلك اللحظة التي جعلتك تقول تلك العبارة، ولكن كيف لعَلَمٍ بمكانة سيادتكم، وهو الذي يعرف ماذا يجري على وجه هذه البسيطة وكيف تُدار الأمور، أن ينسى بلحظة تخلي أن صوت الحكمة يجب أن يكون أعلى من صوت الوجع؟ خاصة أن الفئة التي وُجّه إليها الكلام ليس لها ذنب بما يجري لهذا الوطن والمنطقة، بل هي فئة فاق وجعها كل الآلام، ولكنها آثرت الصمت في سبيل قضاياها الإنسانية.
في هذا السياق، أنا أناشد المطران عودة أن يتفهم الخصوصية الشيعية الحديثة العهد في السياسة والإعلام، لأن المسيحيين حاولوا جهدهم بل فوق استطاعتهم أن يشرحوا للشيعة أن هناك مشكلة كبيرة في السياسة والإعلام. ورسالتي كانت بسبب ما قاله المطران عودة، حيث قال: “شخص لا نعرف ماذا يعرف ويحكم بنا، يرجع إليه ولا يرجع إلى الأعلى منه”. وما يقوله المطران عودة أيضًا تردده الكنيسة وكافة الساسة المسيحيين، خاصة الذين لهم علاقات مع دول صناعة القرار.
وفي 30 كانون الثاني 2022
كتبت : “أسباب الأزمة بين بعض المسيحيين والحزب والجمهورية الإسلامية”.
وفي 27-6-2023
كتبت الأمور بصراحة أن الشيعة في خطر سياسي حقيقي، وأن الأمريكي والأوروبي غاضبان جدًا من الأداء السياسي للشيعة، مما يعني أن هذه الدول ستحطمنا. وكان المقال بعنوان: “الشيعة ولبنان في دائرة الخطر: الأمريكي لا يريد الحلول، والفرنسي أوضح أنه لا أمل بتلاقي الحزب والمعارضة المسيحية، والأزمة تجاوزت الانتخابات الرئاسية”.
جاء في المقال: “وبينما تنشط المارونية السياسية، يظهر الشلل التام في الشيعية السياسية. والتي تعود أسبابها إلى أن الحزب طيلة عقد ونيف لم يكن يشرب فنجان قهوة مع أي طرف مسيحي أو غيره خارج الثنائية الشيعية كي لا ينزعج التيار الوطني الحر. وأيضًا لم يستثمر في بيئته أو يفعل نشاطها في المناطق المشتركة مع الطائفة المارونية، متكلًا على التيار الوطني الحر، مما أدخل الحزب في حالة من الموت السريري”.
هناك من يعتقد أن سبب ما وصل إليه الحزب من أزمات سياسية وإعلامية هو بسبب احتكاكه الطويل مع التيار الوطني الحر، حيث كشفت مقدرات الطائفة الشيعية السياسية والإعلامية، إضافة إلى نسيجها وترتيبها الاجتماعي. فقد سئل أحد كوادر التيار: كيف تجد البيئة السياسية للطائفة الشيعية؟ فقال: “بتروح هيك وبتجي هيك”، أي أنها محصورة بعدد قليل تجده متواجدًا في كافة المناسبات. ويوضح الأمر أنه في مرة قيل له: سيزوره فلان مع وفد. فوجد حضورًا رائعًا مؤلفًا من عشرين شخصية وأكثر. وفي المرة الثانية، دُعي لحضور مناسبة مختلفة، فوجدهم هم أنفسهم، ولكن هذه المرة رئيس “القعدة” غير الأول. وهكذا فهم أن هؤلاء هم ذاتهم، يشترون ويكررون ويستنسخون أنفسهم حتى أصبح كل واحد منهم لا شريك له.
وعلى أساس هذه القاعدة تجد الموارنة، وتحديدًا التيار الوطني الحر، غير مهتمين بما يمتلكه الحزب من قوة أو ما يتحدث عنه في السياسة والإعلام.
لذلك اكرر أنا لست مستغربًا مما يقال من حلفاء سياسيين وإعلاميين، وما يتحدثون فيه وعنه بالغرف المغلقة.
اذا كان كلام هؤلاء غير دقيق لتتفضل جهة رسمية في المقاومة وتستنكره، وتخبرنا لماذا كان هؤلاء طيلة عقد ونيف يتصدرون المشهد الاعلامي.
لكن لن يوجد من ينكر كلام هؤلاء الاعلاميين والساسيين، لأن هؤلاء كان إعلام المقاومة يسخر لهم إمكانيات هائلة من أجل تسويقهم من خلال نشر لقاءاتهم وإطلالاتهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي وإنشاء المقدمات الطويلة عنهم، مما حولهم إلى نجوم ورموز الإعلام في العالم العربي.
أنا اليوم أكتب بهذه الصراحة بعد أن وصلنا إلى ما وصلنا إليه، لأن الشيعة أمام خطر وجودي حقيقي. اليوم، حلب بيد الأتراك عبر المتشددين السوريين، وهذا ما أعلنه صراحة البرلمان التركي. وربما في القريب العاجل قد تصبح طرابلس والبقاع كله بيد السوريين المدعومين أيضًا من الأتراك.
ما يحصل اليوم في سوريا وما حصل في لبنان يجعلكم تتذكرون مقالي في 4-11-2024 تحت عنوان:
“بحال هُزمت المقاومة: استيطان إسرائيلي، سوري، فلسطيني، الشيعة إلى العراق، الدروز إلى وادي التيم، وقيام دولة علوية.”
وما أكّد كلامي أنه في 5-11-2024 تحدّث وليد جنبلاط إلى صحيفة النهار بنفس ما كتبته.
١٤-١٠-٢٠٢٣ كتبت: “لبنان لن يستخرج غازه، والحزب قد.. يواجه الحلف الأطلسي.” واليوم يوجد الكثير من الدراسات التي تؤكد ان ما قامت فيه اسرائيل من اعتداء واسع على لبنان كان بمؤازرة من دول اخرى تحت العلم الاسرائيلي.
على الشيعة التنبه، ترامب قريبًا سيستلم الحكم في أمريكا، وهذا الرجل عمله الوحيد هو إزالة فلسطين ولبنان.
وأذكّركم بمقالي عام 2018: “دولتان عربيتان مهددتان بالزوال قبل نهاية حكم ترامب”.
في المقال، أتحدث عن زوال لبنان وفلسطين. البعض انتقدني عندما كتبت المقال ولم يزُل لبنان أو تُزَل فلسطين بالكامل. لكن اليوم، بعد الذي جرى في لبنان وما جرى في غزة والضفة الغربية، وعودة ترامب الى الحكم أصبح المقال أكثر وضوحًا، مع أنه كُتب منذ 6 سنوات.
وما كتبته يوم الأحد 1-12-2024 تحت عنوان: “هل هدنة الـ60 يومًا تُعتبرها إسرائيل فرصة لإسقاط سوريا وضرب حزب الله؟”
هو ما قاله ترامب يوم الاثنين 2-12-2024، وكلام ترامب عن حماس بأنه: “يمهل حماس 50 يومًا للإفراج عن الرهائن أو ‘ضربة تاريخية'”. أيضًا سيوجَّه إلى حزب الله وإلى سوريا وحتى إلى إيران واليمن.
في الختام
على الشيعة التغيير وبسرعة. لا يمكن بقاء العقول مخدّرة إلى هذا الحد، خاصة بعد استشهاد الصف الأول والثاني والدمار الكبير في الجنوب والبقاع والضاحية.
استشهد القائد الأعظم والأقدس عند الشيعة سماحة السيد حسن نصرالله، وتم اغتياله بما يعادل قنبلة نووية. ماذا حصل في العراق وسوريا واليمن والبحرين، وحتى في لبنان؟ لا شيء.
وأيضًا كادت إسرائيل أن تغتال الرئيس بري، ولولا المرجعية العراقية، مما يعني أن الأوروبيين والأمريكيين لم يعترضوا على تهديد إسرائيل باغتيال الرئيس بري.
أصلاً، كما كتبت لكم أكثر من مرة، إن قوة الرئيس بري دوليًا هي بسبب صداقته مع وليد بيك جنبلاط، ووليد جنبلاط اعتزل السياسة.
لكن في عام 2018، أُبلغ وليد جنبلاط بأنه عليه الاعتزال، وقد كتبت في ذلك:
“نصيحة إلى الساسة: استقيلوا، ارحلوا، هاجروا.”
عام 2018 قلت لكم إن وليد بيك جنبلاط تلقى الرسالة واعتزل السياسة، وهو يستفيد من عامل الوقت بنقل زعامته إلى نجله النائب تيمور. لأنه يهتم بطائفته ويعرف أن أي تغيير مفاجئ يزعزع أركان الطائفة. وقد صرّح عشرات المرات بأنه مستعد للمحاسبة وأن يتحمل العقاب، لكن لا ذنب لطائفته.
بينما أنتم لا تهتمون إلا بأنفسكم، بسبب عدم درايتكم بالسياسة الدولية. أصلاً، من أين ستعرفون ما يجري في السياسة الدولية وأنتم جلّ همكم جمع الأموال وهزّ رؤوسكم للغرب، واعتقادكم أن السياسة هي تقديم المعونات ووضع الحرس وركوب المواكب والبقاء في المناصب.
وهذا ما كتبته بوضوح في 21-5-2021 في مقال:
“صرح وليد جنبلاط على أحد البرامج التلفزيونية اللبنانية: حزب الله يمثل منظومة سياسية عسكرية تابعة لإيران، وهو موجود ويمثل شريحة من اللبنانيين. أما برّي، فهو صديق ورفيق سلاح قديم وأعتبره من المدرسة الشيعية التابعة للنجف، وهو عربي.”
كما أنه اليوم لم يعد يوجد حلفاء للشيعة. يكفي أن تعلن إسرائيل أن كل من سيتواصل مع الشيعة سيتم اغتياله، حتى يجد الشيعة أنفسهم معزولين نهائيًا عن الجميع.
وقد شاهدنا كيف اصبح اللبناني يدقق في هوية المستاجر الشيعي قبل ان يؤجه منزله ولو باضعاف مضاعفة من سعر الايجار المتعارف عليه.
نحن بحاجة إلى التغيير وبسرعة، ومنذ عشرين سنة وأنا أطالب بإنشاء لوبي شيعي مهمّته تدوير الزوايا، لكن للأسف لم يصغِ إلينا أحد.
لقد قمت بكل ما أستطيع القيام به، وهذه مقالاتي منشورة أمامكم منذ عقود.
لقد تم إقصائي عن كل الإعلام الشيعي، وفي النهاية ظهر أن كل حرف كتبته كان في مكانه، بينما تم تسخير كل الإمكانيات والإعلام لآخرين، وحتى لأشخاص لا علاقة لهم بالسياسة أو الشيعة، وتبيّن أن كلماتهم لا تحمل شيئًا من الحق.
رغم أنني لا أملك شيئًا من حطام الدنيا، وأفنيت وقتي وصرفت كل ما أملك من أجل إنقاذ الطائفة الشيعية، بينما الغالبية التي تسكن القصور وتركب السيارات الفاخرة بنت منازلها وكل حجر من هذه الأحجار كلّف شهيدًا ودماء أمة بأكملها. وفي النهاية، تبين أن الغالبية لم تكن مستعدة حتى نقاش الصورة من جوانب مختلفة المهم انهم يجلسون في الصفوف الاولى ويتصدرون المشهد السياسي والاعلامي.
وقد أخبرتكم أن من وقف بجانبي من المقاومة هم بعض رجال الدين وبعض الشخصيات التي تربت في بيوت مراجع دينية كبيرة همها حقيقة الطائفة، لأنهم أصحاب بحث وعلم ومعرفة وفراسة، وقد بذلوا الكثير من الجهد، بقدر استطاعتهم، ليجنّبوني الصراعات الجانبية ويتركوا لي هامشًا للكتابة، على أمل أن يتغير شيء.
اليوم، نحن أمام قيادة جديدة. أرجوها أن توقف البرامج السياسية في كافة محور المقاومة، وأن تسعى لانشاء حراك سياسي لديه هامش من التحرك تحت سقف الثوابت.
وأؤكد أن كل من استغل الطائفة الشيعية، خاصة من أبناءها، لن يهنأوا بشيء مما جنوه، لأن القادم قاتم ومؤلم جدًا، إلا إذا حاولنا التغيير بسرعة قصوى لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.
اللهم اشهد أنني بلغت.
٦/١٢/٢٠٢٤
قال لي احد طواويس الاعلام العباقرة على الواتساب: إن ما كتبته عن سوريا ولبنان دقيق للغاية، لكن الاستراتيجي هو الذي يقرأ قبل عشر سنوات، يعني من وجهة نظره ما يحصل لا يحتاج الى تفسير واجتهاد، لم استغرب قوله ويا ليته او اقله لفت انظار المحور والبيئة الى هذا الامر الذي لا يحتاج الى تنظير او اجتهاد.
نعم، قبل 12 سنة، وتحديدًا في 5-1-2012، كتبتُ ما يحدث اليوم تحت عنوان مقال: *”هل يسقط حزب الله مع وتيرة الارتفاعات الجيوسياسية بالمتغيرات السورية” بقلم: ناجي أمّهز.*
تحدثتُ حينها ورسمتُ وشرحتُ أدق التفاصيل السياسية، وحتى الإعلامية منها، عن ما يجري في سوريا وما يُخطَّط لحزب الله. وقلتُ قبل 12 سنة إنه لا حرب إسرائيلية على لبنان؛ لأن الهدف من الحرب على سوريا هو تشويه صورة السيد نصر الله الذي خرج منتصرًا عام 2006، من خلال تقليب الرأي العام السني المتشدد عليه. وبعد تشويه صورته، تنقض إسرائيل على حزب الله، كما حدث منذ أشهر قليلة.
من يقرأ المقال سيجد أنني قلت، رغم سقوط أكثر من ثلثي سوريا في أيدي المتشددين، إن الرئيس الأسد لن يسقط. بينما كتبتُ منذ شهر عن قيام الدولة العلوية.
وأقول لكم: أمامنا 50 يومًا للتحرك والعمل؛ ربما نستطيع إما قيام دولة شيعية أو على الأقل خلق معادلة سياسية تحمينا من المتغيرات الإقليمية والدولية.
لقد كنتُ ضد تصرف الإعلام والإعلاميين التابعين لمحور المقاومة، لأن أسلوبهم الفظ التهكمي أفقد البُعد الإنساني لمعركة حزب الله في سوريا.
مما جاء في مقال *”هل يسقط حزب الله مع وتيرة الارتفاعات الجيوسياسية بالمتغيرات السورية” *:
“في ظل هذه الأجواء تنشط الحركة الإسرائيلية بنقل المتغيرات الجيوسياسية من رفح إلى الجولان، حيث تُرسم استراتيجية خلق معادلة مصر حسني مبارك بمعادلة سوريا والمتغيرات الجديدة. فلا يمكن لإسرائيل أن تترك معبر رفح، بعد سقوط حليفها مبارك، خاليًا من تواجد عسكري يحميها. وفي الوقت نفسه، لا يمكنها أن تنشر جيشها على طول حدود الصراع مع لبنان مرورًا بالجولان وحتى معبر رفح. لذلك تعمل على تأجيج الصراع في سوريا والضغط المباشر وغير المباشر لمنع أي حلول أو تسويات للوضع السوري، ليتم نقل قواتها العسكرية إلى الحدود المصرية استعدادًا للمتغيرات الشعبية في مصر.
تنظر إسرائيل بعين الرضا إلى تصريحات المعارضة السورية المشابهة لخطاب النظام المصري السابق، سواء في تعامله مع حركات المقاومة أو دوره في الابتعاد عن محور الممانعة. وهذا سيخلق من الجولان “رفح” أخرى. وتعمل إسرائيل مع الأطراف المتحالفة معها على خلق معادلة معبر جديد، وحصار جديد، وغزة جديدة.
من هنا، كتبتُ أكثر من مقال استبعد فيه أي حرب إسرائيلية على لبنان وحزب الله. ذلك أن إسرائيل تريد تأجيج الصراع المذهبي والطائفي في سوريا، مع الإيحاء الدائم والتأكيد على أن بعض عناصر حزب الله يشاركون في قمع المتظاهرين. والجميع يعلم أن هذه الادعاءات كاذبة أصلاً. هذا سيُولد حقدًا على المقاومة، يؤدي دوره لاحقًا مع المتغيرات السياسية. حيث يقوم المغرر بهم بخلق جدار عنصري طائفي يُسهم في عزل المقاومة عن امتدادها الطبيعي. وتُصبح نظرية غزة مطبقة على حدود لبنان. حينها، تطبق إسرائيل مقولة “عصفورين بحجر واحد”: مقاومة محاصرة وانتزاع شرعيتها العربية، وعزلها بطائفة، مما يُفقدها تاريخها ويُسقط تجربتها، دون أن تُطلق رصاصة واحدة.
المتغيرات سريعة، والصور واضحة، والمعركة بخواتيمها. لكن علينا الانتظار، فالأغلبية أصبحوا خارج كادر اللعبة، ولم يبقَ إلا الأقوياء في مواجهة مشروع الشرق الأوسط الجديد. وفي مقدمة هؤلاء الأقوياء، حزب الله، الذي أصبح أكبر من الفتن وتوابعها، ومن الطائفيين وحقدهم. فالرهان على سقوط نظام الرئيس الأسد لإسقاط حزب الله هو رهان خاطئ. فالذي لا يسمع يمكنه أن يشاهد أن صور أمين عام حزب الله هي التي تُرفع في الأوطان العربية والإسلامية، مما يدل على أن حزب الله أكبر من الجغرافيا ومتغيراتها، والسياسة وتحولاتها.”
٧/١٢/٢٠٢٤، ٦:٠٧ م – .: من اجمل ما كتب ناجي امهز قبل ٩ اشهر.
*بعد غزة مشرق عربي جديد، أين الشيعة فيه*
بقلم ناجي أمهز
٢١ – شباط ٢٠٢٤
بعيدا كيف سيكون الامر في غزة، لكن في الختام بعد غزة هناك مشرق عربي جديد، اين الشيعة فيه.
العدو الإسرائيلي لم ينس الدور السوري عام 2006 ابان حرب تموز والذي كان داعما وأساسيا في الصمود السياسي والمعنوي للمقاومة، مما شكل ضغطا كبيرا على بقية الدول العربية، وحقق هذا الانتصار الكبير.
كما أن العدو الإسرائيلي لم ينس أيضا الدور السوري عام 2008-2009 عندما شن عدوانه على غزة ووقفت سوريا بكل قوتها وأرسلت أطباؤها إلى غزة وكان دورها العامل الأساسي في وقف إطلاق النار.
العدو الإسرائيلي فهم بأنه لا يمكن القضاء على المقاومة او كسرها في فلسطين أو لبنان طالما سورية قوية، وكان المخطط هو الجريمة التي اقترفتها بعض النظم العربية بحق سورية طيلة 12 سنة، ولو كانت سورية اليوم كما كانت قبل عام 2011 ما استطاع الإسرائيلي تدمير 80 % من غزة وقتل 6 % من شعبها وتهجيرها عن بكرة أبيها.
ولكن السؤال الكبير الذي يطرح، أنه بعد تدمير سوريا واليوم تدمير غزة من هو البلد الثاني الذي ستدمره إسرائيل.
العدو الإسرائيلي أعلن وأخبر البيت الأبيض والفرنسيون والأوروبيون بمخططه بمقولة بسيطة: “بعد يوم واحد من القضاء على حماس ستطبق إسرائيل الدروس المستفادة على مقاتلي حزب الله”.
أنا أعرف مسبقا بان العدو الإسرائيلي أعجز من أن ينال من حزب الله، ولكن هذا العدو لن يتوقف عن المحاولة، وخاصة أنه منذ عام 2005 حتى اليوم خاض خمس حروب كبرى ضد حركة المقاومة حماس، وفي الختام عندما وجد الظروف الدولية تلائمه ارتكب مجزرة بحق أهالي غزة، اعتبرت الأكبر والأبشع والأفظع منذ قصف ناجازاكي وهيروشيما في اليابان.
أنا أعرف أن المقاومة قوية وقادرة وتقوم بدورها، لذلك استسمح طائفتي الشيعية واسألهم، هل نحن البيئة الشيعية نقوم بدورنا، وماذا أعددنا لمثل هذا اليوم، الذي قد نجد فيه أنفسنا نتعرض لقصف عنيف للغاية وفي لحظات قليلة قد يسقط الآلاف من الشهداء والجرحى، بسبب الدمار الهائل الذي تحدثه هذه القنابل التي استخدمت في غزة.
ولا أحد يقول إن مثل هذه الفرضيات لن تحصل او مستبعدة، كونه في ظل تراخي الموقف الأممي الحازم، وبسبب الصمت العربي المخزي، والأداء الرسمي الفاشل والضعيف، والغياب التام لتفاعل الشعوب العربية ضد ما قامت فيه إسرائيل من إبادة وارتكاب مجازر وحشية بحق أهلنا العرب في فلسطين، فإنه من الطبيعي جدا أن يكرر العدو الإسرائيلي فعلته ليس فقط ضد لبنان بل حيث يريد على مساحة العالم العربي.
أكرر السؤال، إلى الشيعة هناك متغير كبير في المنطقة، وحتما نحن في أولويات هذا المتغير لأسباب عديدة ومنها أننا في مواجهة القوة التي تسعى للتغير والهيمنة،
مما يعني أنه حتى فرضية الابتعاد أو تجنب الصراع ضد هذه المنظومة هو أمر غير وارد، لأننا داخل هذا الصراع، ورأس حربته، ونخوض مواجهة حياة أو موت ضد هذه المنظومة، ليس فقط من أجل تحرير فلسطين، بل لأن هذه المنظومة نفسها قد ارتكبت أفظع الانتهاكات ضد الشيعة عندما كانت تحتل لبنان.
الرجاء نحن بحاجة إلى النخبة، والوحدة الواعية، والفاعلة،
نحن بحاجة أن نكون على قدر مسؤولية الدماء التي قدمت من أجل وصول الطائفة الشيعة إلى ما وصلت إليه اليوم، من عزة وكرامة وحتى أن تفرض نفسها ضمن المعادلة.
لا يمكنكم تخيل كم هو مكلف أن تجلس طائفة أو فريق على طاولة الدول والقوى الكبرى، وتحاور وتناقش وتفاوض وتفرض شروطها، صدقوني لم يكن أحدا يتخيل أو يتوقع أو حتى يتصور أن تصل الطائفة الشيعية إلى ما وصلت إليه اليوم، وربما نحتاج إلى وقت طويل لنعي ونستوعب ما وصلنا إليه اليوم.
الرجاء نحن بحاجة إلى النخبة كي نثبت هذا الفرق ونكرسه ونحافظ عليه أطول فترة ممكنة.
الرجاء نحن بحاجة أن نفهم ماذا يجري حولنا بواقعية سياسية بعيدا عن الضجيج والعصبيات، كي نتجنب ما هو أخطر بكثير.
وبحاجة أن نتناقش بعمق، ونصغي إلى بعض الطروحات حتى لو كانت غريبة عنا وعن ثقافتنا، لكن هكذا أصبح العالم اليوم، كل شيء فيه غريب.
دائما نقول كل الشكر لمن قاوم وقدم وضحى.
وأذكركم بما قاله السيد نصر الله في يوم الجريح، “وكما يقال أن الحفاظ على الإنجاز أو على النصر هو أصعب من صنع الإنجاز ومن صنع النصر”.
أنا أعرف أن البعض قد يكون مأخوذا ومشغولا بما يملك، والبعض الآخر بمكاسبه، أو ربما يوسع أعماله، وربما يشعر البعض أنه مكتف ولسنا بحاجة إلى المزيد أو حتى التطوير.
لكن صدقوني في اللحظة التي -لا سمح الله- تنكسر فيها المقاومة أو حتى تتراجع، لن يبقى شيء مما تملكه الطائفة الشيعية ، بل حتى الذكريات سيتم حذفها، لأن هذا العالم لا يرحم، انظروا إلى ما يجري في غزة وكيف الناس تموت في المستشفيات بل يتم إعدامها بسحب الأوكسجين عنها.
الطائفة الشيعة لا يمكنها أن تتوقف عن تطوير نفسها، لأنها بالأساس مستهدفة، لذلك عليها العمل ليلا نهارا على إثبات قدرتها وحكمتها وحسن إداراتها.
الرجاء نحن بحاجة إلى النخبة، لأنها تصنع الفرق
٨/١٢/٢٠٢٤
لمعرفة ما يجري الان في سوريا اقرا لناجي امهز ما كتب عام ٢٠١٨*
كل من يطالع مقالات ناجي امهز، لماذا حجب محور المقاومة ناجي امهز عن السياسة والاعلام، ولصالح من.
*بوتين قال للاسد يجب خروج إيران وحزب الله عسكريا من سوريا*
*ناجي أمهز*
تاريخ النشر ٢١٠١٨/٥/١٨
قال الرئيس بوتين للرئيس الاسد، نحن لا يمكن ان نقف معكم أكثر من ذلك في مجلس الامن او نقاتل إلى جانبكم عسكريا أكثر، عندما تحالفنا معكم بحربنا على الارهاب كان لنا مصالحنا وأهدافنا كما لكم وللمحور اهدافه ومصالحه، لان الحرب على الارهاب شيء والحرب مع إسرائيل شيئا مختلفا كليا، عندما حاربنا الارهاب كنا تحت مظلة اممية معترف بها من جميع الدول وخاصة الدول الغربية التي ضربها الارهاب التكفيري في عواصمها كما ان عواصم القرار كانت متفقة على خارطة معينة تساهم بالتوازن من اجل ان يكون للصراع على سوريا متغيرا سياسيا وديموغرافيا معين ينسجم مع المتغير العالمي، لذلك كان العالم مستعد ان يغض النظر عن بعض الأخطاء التي كانت تنتج بسبب الهجوم الكثيف على بعض المناطق التي يسيطر على الارهاب، ولكن ان تضرب وتقصف إسرائيل من قلب سوريا فهذا الامر يشكل خرقا لاتفاقيات حافظ عليها حتى الرئيس حافظ الاسد طيلة 34 عاما، لذلك نحن لا يمكننا ان نزودكم بدفاعات صاروخية او نكون شركاؤكم سياسيا في هذه المعركة، وانتم تعلمون اننا عملنا ما بوسعنا من خلال علاقتنا باسرائيل ان نوقف بعض الهجمات الجوية، ولكن في الختام إسرائيل تشعر انها مهددة بالخطر من التواجد الايراني العسكري في سوريا كما هي مهددة من قبل حزب الله الذي هو على مشارف حدود إسرائيل جنوب لبنان واصبح متواجد شرقا عند تخوم الجولان، كما لا يمكننا ان نذهب بعيدا للدفاع عن قضية 80% من النظم العربية تخلت عنها، كما لا يمكنك ان تذهب لتحرير الجولان من بوابة فلسطين، لان ازمة الجولان هي ازمة يتم حلها بناء على اتفاقيات حصلت، والا كيف يمكن ان تبقى معاهدة كامب ديفيد عند حدود سيناء، وكما تعلمون سوريا دولة لها مصالحها ودورها السياسي والاقتصادي وهي بحاجة إلى الاعمار وقد اعلنت غالبية الدول بأنها لن تدفع دولارا واحدا لاعادة بناء سوريا بظل التواجد العسكري الايراني وحزب الله فيها، ونحن نعمل بجهد من خلال مؤتمر سوتشي ان ننجح سياسيا بالخروج من الازمة السورية بالحفاظ على الجميع ومنهم الايرانيين، ولكن الغاء التفاهم النووي الذي جاء ردا على السياسة الايرانية بالمنطقة كان قاسيا حتى علينا نحن في روسيا لاننا كنا نهف من خلاله إلى تقريب وجهات النظر التي تؤكد ان دور إيران مهم جدا بعملية السلام بالشرق الاوسط، لقد تغير العالم وهناك متغيرات لا يمكن لاي دولة ان تبقى خارجها وخاصة الدول الكبرى ونحن منها، وقد ان الاوان لوضع حدا لنهاية هذا الملف المتأزم بالمنطقة، لذلك نحن سوف نكمل بالعمل سياسيا من خلال مؤتمر سوتشي، ونتمنى منكم التجاوب مع ما ينتج من اتفاقيات، لانه لا يعقل ان تستمر الازمة إلى مالا نهاية، وخاصة ان ادارة الدولة السورية تطلب عملا وجهودا كبيرة على كافة المستويات ومن الجميع.
وافق الرئيس الاسد على نتائج سوتشي مسبقا وخاصة ان فريقه المتابع سجل العديد من المكاسب السياسية واعلن عن ارسال مندوبين لمتابعة اللجنة الدستورية التابعة للامم المتحدة ، وما تبقى يتدارسه مع حلفاؤه الايرانيين وحزب الله.
وبالفعل ظهرت نتائج لقاء القمة بين الرئيس الاسد والرئيس بوتين في أكثر من مكان وخاصة بعض تصريحات الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والتي كانت واضحة ولا لبث فيها من القضية الفلسطينية حيث قال نحن نرجو من الجانب الاسرائيلي ان يتعامل بحرص شديد مع المحتجين الفلسطينيين لان افعالهم مشروعة ونحن لا يمكننا ان نقدم للفلسطينيين أكثر من هذا الخطاب.
وايضا سارعت دول الخليج بعد علمها بموقف الرئيس بوتين باضافة اسماء على لائحة الارهاب من ضمنها اسم امين عام حزب الله سماحة السيد نصرالله بمحاولة لدعشنة حزب الله في سوريا ولبنان تمهيدا لضربه بواسطة تحالف عربي اسرائيلي مدعوم امريكيا، وصمت روسي
٨/١٢/٢٠٢٤
كتب ناجي أمّهز:
*لا أفهم كيف يمكن لبعض الفضائيات التي تُحسب على خط المقاومة أن تستمر في استضافة إعلاميين أثبتت الأيام أنهم لم يكونوا يفهمون شيئًا، ولا يعرفون شيئًا. بل إن كل ما تحدثوا عنه على مدار عقدين من الزمن تبيّن أنه مخالف للواقع، وتحليلاتهم ليست إلا أكاذيب متكررة.*
الله يسترنا مما قد يصيب هذه الطائفة بسبب هذه الفضائيات وهؤلاء المحللين الذين أصيبوا بمرض الشهرة. الواحد منهم، حتى لو أُخبر أن ظهوره قد يُسبب ضررًا للطائفة بسبب كراهية خصوم المقاومة لشخصه ومنطقه وحتى صوته، يبقى مصرًا على الظهور، ولو على حساب بيئة المقاومة التي تدفع ثمن هذه الإطلالات.
الله ينجينا من هذه الأمراض النفسية.
يا ليت هناك من يتحلى بالشجاعة ويطلب منهم التزام الصمت رحمة بأعصاب الناس، ورأفة بهذه البيئة التي أصبحت محاصرة من جهات متعددة معادية.
المؤسف أن هذه الفضائيات وهؤلاء المحللين هم السبب وراء ما وصلنا إليه. فلو تحدثوا بواقعية سياسية واعتدال، بعيدًا عن التهديد والتعالي في الخطاب، لكنا الآن في حال أفضل بكثير.
الله يعين الشيعة على هذا البلاء المستعصي المسمى مرض الشهرة.
٩/١٢/٢٠٢٤
الاسرار الكاملة وراء الحرب العنيفة على حزب الله، وسبب اسقط بشار الاسد، ومحاصرة ايران، وكيف تحدث امهز عن الذكاء الاصطناعي حتى قبل الاعلان عنه، يمكنكم مطالعة هذا المقال الذي كتبه ناجي امهز قبل سنوات في ١٧- اكتوبر- ٢٠٢١
*النفط الإيراني أغضب الأميركيين.. فاشتعل الشارع اللبناني*
*بقلم ناجي أمهز*
قبل الحرب على سورية بستة أشهر تقريبا ٢٠١١، دُعيت للقاء سياسي في الجنوب عبر صديق عزيز، وقلت يومها بمداخلتي :”أخشى ان تندلع حرب على سوريا، بسبب بدء سوريا باستخراج النفط بكامل طاقته”، وإذا بأحد الحاضرين يقول لي “لكن سوريا تستخرج النفط منذ السبعينات”، فقلت له “إن الرئيس الراحل حافظ الأسد كان يستخرج النفط بمعدل لا يتجاوز الثلاثين بالمائة من حاجة سوريا له، ويمكن مراجعة قطع الحساب للحكومة السورية وسيجد هذا الرقم، والباقي يتم استيراده”.
ومن تابع الاحداث وكيف هبطت قوات الاحتلال الأميركي لتسيطر على المناطق المتواجدة فيها آبار النفط في سوريا، يدرك ان مكامن الأزمة هو هنا، النفط ثم النفط ثم النفط.
النظام العميق يسمح لك بان تقتطع جزءا من جغرافيا معينة، لكنه لا يسمح لأي كائن بان يقتطع برميل نفط واحدا من دون موافقة النظام العميق.
النظام العميق قد يتفهم ان تهدر دماء نصف البشرية، لكن لن يسمح لأي قوة بالعالم ان تهدر نقطة نفط واحدة دون مشيئته او ارادته.
النظام العميق يسمح ان تخترع كل الاختراعات وان تصل عنان السماوات، وان تقتل الاحياء وان تحيي الأموات، لكنه لن يسمح بإيجاد بديلا للنفط الا بموافقته.
قد يقول البعض إنني ابالغ، وهل يعقل انه بسبب النفط الإيراني الذي دخل لبنان تحركت أميركا، فأميركا أصلا تستهدف المقاومة دائما وتتحرك حتى قبل دخول النفط.؟
هذا الكلام صحيح لكن ليس دقيقا. دائما هناك خطوط حمر، والدول تراقب عن كثب بواسطة مؤشرات بشرية استخباراتية او إحصائية، ومنذ عقدين تطورت المراقبة بواسطة محاكاة من الحواسيب الخارقة والضخمة للغاية.
فإن كان التهديد او الأمور ما دون الخط الأحمر للمخطط الموضوع، يبقى التجاذب قائما والصراع بحدوده، انما بحال تجاوزت الخطوط الحمر يختلف الصراع وأدواته، ويتغير الكم والوقت.
وللحقيقة ان المقاومة وتحديدا الحزب، كاد ان يغير في سير المخطط العالمي بعد ان كسر المعادلة عام 2000، عندما حرر جنوب لبنان من الاحتلال الإسرائيلي، وهذه المعادلة كانت لأول مرة تكسر منذ عام 1914، وبعد عام 2000 تغيرت أمور كثيرة فلا يمكن لأحد ان يتصور كيف كان العالم يتحرك بعد انتصار عام 2000،وخاصة ان بعض الصحف العالمية كتبت، هل الانسحاب الإسرائيلي هو تكتيكي لتوريط المقاومة بصراع مباشر مع القوى الكبرى، أي انه بعد ان عجزت إسرائيل وهي القاعدة العسكرية الأميركية المتقدمة بالشرق الأوسط من الدفاع عن نفسها، امام المقاومة، انسحبت لترك الصراع مباشر مع قيادتها.
وبالفعل بعد 11 أيلول عام 2001 صرح البنتاغون ان الأمور تتواصل على قدم وساق لأوسع عملية لإعادة انتشار القوات الأميركية المتواجدة بالخارج منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، المتوجهة إلى أن منطقة الشرق الأوسط والتي ستحتل قريبا الموقع الذي احتله غرب أوروبا أو شرق آسيا خلال حقبة الحرب الباردة.
لذلك يعتقد الكثيرون ان أحداث 11 أيلول هي صنيعة أميركية مرورا باحتلال أفغانستان والعراق والربيع العربي هو تداعيات انتصارعام 2000.
وحرب تموز عام 2006 هي ليست إسرائيلية بل هي أميركية بجيش إسرائيلي وتمويل عربي،وفشل حرب تموز هي التي أوقفت الزحف الأميركي وجعلته يعيد حساباته، ويغير مخططه.
احد هذه المخططات التي لاحظتها بطريق الصدفة بحكم عملي بمجال برمجة وتصميم المواقع الإلكترونية، في عام 2006 وخاصة ان شركة “جوجل” كانت قد أطلقت حديثا “تراند جوجل”، انه سجل ما بين تموز وأيلول 2006 دخول كمية تعادل بوقتنا الحالي 60 مليار ميجا بايت من البحث والصور والفيديوهات للسيد نصرالله، أي بكمية تعادل تقريبا ثلث ما كان العالم يستخدمه قبل 14 سنة، وهذا يعني ان المقاومة لديها تعاطفا شعبيا عالميا اكبر بكثير من فوز الأميركي بحرب عسكرية، ما يعني انه يجب القضاء على المقاومة إعلاميا، وهذا الامر فرض حربا إعلامية وفرض حظرا على أي اعلام يظهر السيد.
وقد صرحت الولايات المتحدة انها رصدت مئات ملايين الدولارات لتشويه صورة حزب الله، وهناك اعلام عربي صرف مليارات الدولارات لذات الغاية، وبالمقابل لم ينجح اعلام محور المقاومة من الانتقال من الاعلام الحربي الى اعلام صناعة الراي العام.
لذلك بقي الصراع ضمن حدوده وان امتد من سوريا الى العراق مرورا باليمن ضمن النقاط الحمر استراتيجيا. وطالما حزب الله يخسر من رصيده العربي بسبب الحرب على سوريا فلتستمر المعركة في سوريا، ولان المخطط الأميركي هو ضرب صورة حزب الله كنت احذر دائما من دخول حزب الله المعركة في سوريا وفي 5 – 1 – 2012 كتبت مقالي: هل يسقط حزب الله مع وتيرة الارتفاعات الجيوسياسية بالمتغيرات السورية، حول هذا الامر تحديدا.
وبالتزامن مع اشتداد الازمة السورية بدأ العمل على تأزيم الوضع اللبناني من خلال ضرب الاقتصاد ثم ضياع الودائع، وفي ظل فساد سياسي عميق وصلنا اليوم الى منعطفات الازمة الكبرى، اوصلنا الى انقسام داخلي زادت من حدته العقوبات على الشيعة، وهناك الكثير من الدراسات تشير ان حزب الله فقد الكثير من وهجه وحضوره العربي، بسبب تأجيج الطائفية وضغط غالبية الأنظمة العربية التي تدور بالفلك الأميركي، وبعد ان ادخل حزب الله النفط الى لبنان رغما عن انف القوى الكبرى، تحركت أميركا بغضب، والدليل انها قبلت بكسر قانون قيصر، من اجل منع حزب الله من ادخال النفط الى لبنان، فهل تتصورون مقدار الازمة التي شعرت بها أميركا لتسمح بمرور الغاز والكهرباء عبر سوريا؟
انه كسر للمحرمات، ومن هنا ارادت أميركا دخول المعركة التي تعتبرها فاصلة او ربما هي بداية الحرب المباشرة، وحضور نائبة وزير الخارجية الأميركي للشؤون السياسية، فيكتوريا نولاند قبل ثلاثة ايام هو في هذا السياق.
لذلك كل ما تشاهدونه هو مقدمة، والقادم اعظم، والأمور مفتوحة على مصراعيها، حمى الله لبنان وشعبه ووحدته.
١٠/١٢/٢٠٢٤
تداعيات خطيرة على المقاومة والشيعة بسبب إعلاميي محور المقاومة؟
*بقلم ناجي أمّهز*
مقدمة
من الأمور العجيبة أنني ربما أكون الوحيد في الطائفة الشيعية الذي يحق له أن يفرح بسقوط بشار الأسد، خاصة أنني قاومت الوصاية السورية على لبنان منذ عام 1988. وما قمت به لم يكن مجرد رأي أو موقف، بل تجربة مريرة عشتها، بدءًا من اعتقالي في البوريفاج عام 1994 بسبب نشاطي العوني، مرورًا بنضالي لرفع يد حافظ الاسد عن لبنان، وصولًا إلى توقيفي في 25 فبراير 2005 بعد انتقادي تدخل النظام السوري في شؤون لبنان والعراق.
رغم معارضتي القوية للنظام السوري بالكلمة والموقف، لم أتدخل يومًا في الشأن السوري الداخلي. ومع ذلك، ليس مطلوبًا من الإعلاميين الذين كانوا يدافعون عن الأسد أن يبرروا فجأة انقلابهم عليه، أو أن يدّعوا أنهم يتبنون مواقف جديدة.
بشار الأسد أصبح من الماضي. اليوم، سوريا الجديدة هي التي تختار قياداتها، ولا يحق لأحد التدخل في خياراتها.
كما يتوجب على المقاومة أن تطلب من الطاقم الإعلامي القديم الخروج من المشهد، كما خرج بشار الأسد. بل قد يكون من الضروري إغلاق الفضائيات التي فقدت سبب وعلة وجودها، خاصة الفضائيات التي تكلف ملايين الدولارات، والتي أساءت لصورة المقاومة أكثر مما دعمتها. فقد تبين أن هذه الفضائيات الكبيرة نجحت في تقليب الرأي العام العربي والإسلامي، خاصة في سوريا بدلًا من كسب دعمه.
أما الأبواق الإعلامية التي حرّضت على المعارضة السورية في السابق، فلا يمكنها الاستمرار بنفس الأسلوب اليوم، لأن ذلك قد يُعتبر إعلان حرب على الحكومة السورية الجديدة وعلى الشعب السوري الذي اختارها.
كماتخلي هؤلاء الإعلاميون الآن عن بشار الأسد، يثبتون أنهم مجرد مرتزقة مال وشهرة، لكن الشهرة التي تُبنى على التحريض مكلفة للغاية.
وظهور هؤلاء على إعلام المقاومة أو غيره يُعدّ تحديًا واستفزازًا للشعب السوري والحكومة السورية الجديدة. وحتى لو أعلنوا انقلابهم على بشار الأسد، فإن الشعب السوري سيعتبر ذلك استهزاءً بذاكرته المثقلة بالمعاناة.
تبرير هؤلاء الإعلاميين لانقلابهم على بشار الأسد بحجة مصلحة المقاومة والبيئة، هو ادعاء لا يقنع أحدًا. مصلحة المقاومة تتطلب الابتعاد عن هؤلاء النفعيين والوصوليين، الذين أساؤوا لدماء الشهداء الذين سقطوا دفاعًا عن سوريا ولبنان، وليس عن نظام بعينه.
ظهور هؤلاء الإعلاميين واستمرار هذه الفضائيات قد يُشكّل خطرًا كبيرًا على المقاومة بشكل خاص، وعلى لبنان بشكل عام. فلا أحد يعلم، قد تُقدم الحكومة السورية على اتخاذ إجراءات دبلوماسية اومواقف سياسية بسبب هؤلاء الإعلاميين، أو حتى تقطع العلاقات وتغلق الحدود، مما سيؤدي إلى منع مرور البضائع عبر البر. هذا سيضع ضغوطًا كبيرة على المقاومة، وقد يُسبب لها إحراجًا يصعب تجاوزه.
بسبب هؤلاء الاعلاميين قد يصبح من الصعب زيارة الشيعة للاماكن المقدسة في سوريا، اضافة الى انعكاس الظهور السلبي لهؤلاء الاعلاميين حتى على الشيعة في الداخل السوري.
الا يكفي هؤلاء الاعلاميين والفضائيات ما تسببوا فيه للمقاومةوبيئتها بسبب البحث عن الشهرة على حساب كل شيء..
الحكومة السورية الجديدة تسعى لبناء سوريا مختلفة، والشعب السوري اختار قياداته، ويجب احترام هذا الخيار. استمرار الفضائيات في إظهار نفس الوجوه الإعلامية، يذكّر بحقبة ماضية مثيرة للجدل.
الخطاب الإعلامي والسياسي للمقاومة يحتاج إلى إعادة تقييم شاملة. لا يمكن الاعتماد على وجوه فقدت دورها مصداقيتها واستهلكت كل شيءحولها، من اجل الشهرة. يجب أن يكون الإعلام أداة بناء تعكس تطلعات المقاومة وبيئتها، وتتكيف مع المتغيرات الجديدة في المنطقة.
الطاقم الإعلامي القديم أصبح منبوذًا ليس فقط من السوريين، بل حتى من غالبية اللبنانيين. يكفي أن يظهر أحد هؤلاء الإعلاميين على الشاشة حتى يواجه موجة من الغضب والانتقادات، وبعد الفظائع التي ظهرت في السجون السورية، أصبح الرأي العام السوري والعربي، وحتى العالمي، ضد كل من يذكّر بتلك الحقبة القاسية.
خاتمة
أدعو الله أن يحمي المقاومة من زيف هؤلاء الذين يهددون بإفساد كل ما بُني بدماء الشهداء وتضحيات الأبطال. حان الوقت لإعادة ترتيب المشهد الإعلامي والسياسي، بما يضمن استمرارية المقاومة على أسس من الصدق والكفاءة.
١١/١٢/٢٠٢٤
أسباب انقراض شيعة لبنان
بقلم: ناجي أمّهز
بعد اتفاق مار مخايل، انطلق خطاب شيعي إعلامي سياسي وسوّق له عدد من الأشخاص.
صارت حرب تموز 2006، وبقي نفس الخطاب السياسي والإعلامي ونفس الأشخاص.
صار اعتصام رياض الصلح 2006 – 2008، وبقي نفس الخطاب السياسي والإعلامي ونفس الأشخاص.
اغتيل عماد مغنية 2008، وبقي نفس الخطاب السياسي والإعلامي ونفس الأشخاص.
صارت حرب غزة 2009، وبقي نفس الخطاب السياسي والإعلامي ونفس الأشخاص.
صار الربيع العربي 2010، وبقي نفس الخطاب السياسي والإعلامي ونفس الأشخاص.
تغيّرت تونس وليبيا ومصر 2011، وبقي نفس الخطاب السياسي والإعلامي ونفس الأشخاص.
دخل المتشددون العراق 2011، وبقي نفس الخطاب السياسي والإعلامي ونفس الأشخاص.
دخل المتشددون سوريا 2011، وبقي نفس الخطاب السياسي والإعلامي ونفس الأشخاص.
دخل المتشددون لبنان 2012، وبقي نفس الخطاب السياسي والإعلامي ونفس الأشخاص.
سيطر المتشددون على ثلثي سوريا 2014، وبقي نفس الخطاب السياسي والإعلامي ونفس الأشخاص.
صارت مظاهرات “طلعت ريحتكم” 2015، وبقي نفس الخطاب السياسي والإعلامي ونفس الأشخاص.
في 2016، صار الجنرال عون رئيسًا للجمهورية، وبقي نفس الخطاب السياسي والإعلامي ونفس الأشخاص.
تحرر الجزء الأكبر من سوريا وتم طرد المتشددين من لبنان عام 2017، وبقي نفس الخطاب السياسي والإعلامي ونفس الأشخاص.
صارت ثورة 17 تشرين الأول 2019 (الاحتجاجات اللبنانية 2019-2021)، وبقي نفس الخطاب السياسي والإعلامي ونفس الأشخاص.
اغتيل الجنرال سليماني 2020، وبقي نفس الخطاب السياسي والإعلامي ونفس الأشخاص.
صار انفجار المرفأ 2020، وبقي نفس الخطاب السياسي والإعلامي ونفس الأشخاص.
في 2022، صارت الأزمة الروسية الأوكرانية، وبقي نفس الخطاب السياسي والإعلامي ونفس الأشخاص.
في 2023، صار طوفان الأقصى، وبقي نفس الخطاب السياسي والإعلامي ونفس الأشخاص.
في 2024، دُمِّرت غزة، وبقي نفس الخطاب السياسي والإعلامي ونفس الأشخاص.
في 2024، اغتيل الرئيس الإيراني رئيسي ووزير خارجيته، وبقي نفس الخطاب السياسي والإعلامي ونفس الأشخاص.
في 2024، اغتيل العاروري في الضاحية، وبقي نفس الخطاب السياسي والإعلامي ونفس الأشخاص.
في 2024، اغتيل القيادي السيد شكر، وبقي نفس الخطاب السياسي والإعلامي ونفس الأشخاص.
في 2024، بدأت الحرب الإسرائيلية على حزب الله، ودُمِّرت الضاحية والجنوب، وبقي نفس الخطاب السياسي والإعلامي ونفس الأشخاص.
في 2024، اغتيلت قيادة “الرضوان” وبعض الوحدات القيادية، وبقي نفس الخطاب السياسي والإعلامي ونفس الأشخاص.
في 2024، اغتيل السيد نصرالله، وبقي نفس الخطاب السياسي والإعلامي ونفس الأشخاص.
في 2024، اغتيل السيد صفي الدين، وبقي نفس الخطاب السياسي والإعلامي ونفس الأشخاص.
في 2024، اغتيل الحاج محمد عفيف، وبقي نفس الخطاب السياسي والإعلامي ونفس الأشخاص.
في 2024، اعلن الوزير باسيل انتهاء ورقة التفاهم مع حزب الله، وبقي نفس الخطاب السياسي والإعلامي ونفس الأشخاص.
في 2024، احتلت إسرائيل جزءًا من الجنوب، وبقي نفس الخطاب السياسي والإعلامي ونفس الأشخاص.
في 2024، وافق حزب الله على تطبيق 1701، وبقي نفس الخطاب السياسي والإعلامي ونفس الأشخاص.
في 2024، انسحب حزب الله إلى ما بعد الليطاني، وبقي نفس الخطاب السياسي والإعلامي ونفس الأشخاص.
في 2024، هرب بشار الأسد، وبقي نفس الخطاب السياسي والإعلامي ونفس الأشخاص.
في 2024، سقطت سوريا وتغيّر علمها وحكومتها، وبقي نفس الخطاب السياسي والإعلامي ونفس الأشخاص.
حتى بعض الاشخاص من الساسة والاعلاميين يلي صرهم 18 سنة ما غيروا بعد استشهاد السيد نصرالله وهروب بشار الاسد غيروا وانقلبوا، بس بعدها نفس الفضائيات بتستقبلهم وبتتحدث معهم وبتسوق لقلهم وكانه ما تغير شي.
بالختام يلي سكن الفلل والقصور وركب السيارات وصار عنده عقارات ومشهور هم نفس اصحاب الخطاب السياسي والإعلامي ونفس الأشخاص.
ويلي تهجر وتبهدل وبيته تدمر وحدا من عيلته استشهد وصاروا بالقبور، هم الشيعة يلي صدقوا نفس الخطاب السياسي والإعلامي ونفس الأشخاص.
حتى يلي بنكتوا على الشيعة هو لان الشيعة بعدهم عم بصدقوا نفس الخطاب السياسي والإعلامي ونفس الأشخاص. مع انه نفس الاشخاص قالوا كنا عم نحكي لنحكي.
بكرا بيموت كل الشيعة ويمكن بأبشع طريقة، وبالقبر منلاقي نفس الخطاب السياسي والإعلامي ونفس الأشخاص.
رح نطلع عند الله، ويوم الحساب رح نلاقي كمان قدامنا نفس الخطاب السياسي والإعلامي ونفس الأشخاص.
يعني هيك شعب شيعي كيف بدّه يستمر إذا كل الكون تغيّر وهو ما تغيّر؟
اوقفوا الفضائيات، وامنعوا هالاشخاص من الظهور، والله العظيم بس الناس عم تشوفهم عم بصير معها انهيارات عصبية يا عمي السوريين مش عم بخلوا كلمة بس واحد منهم يبين، رح تبلونا بسببهم رح تهجروا كل الشيعة.
كل شيء حولنا تغير لازم عنا اقل شي يتغير شي، ما بيمشي الحال هيك، الشيعة عم ينتحروا.
وبعد في حدا بيقلك الشيعة باقيين. وين باقيين؟
١٣/١٢/٢٠٢٤
الرواية الكاملة لسقوط بشار الأسد،.
*بقلم ناجي أمّهز*
عام 2022 كتبت مقالاً بعنوان: روسيا ستغرق، العالم العربي سيقسم، أوروبا ستخسر 40 بالمائة من شعبها، لبنان وفلسطين خارج القصف النووي.
عام 2016 ضغط الحزب الديمقراطي الأمريكي برئاسة أوباما على الحكومة البريطانية لرفع الدعم عن حكومة أردوغان في تركيا، وبعد فشل محادثاته مع كاميرون، توجه الحزب الديمقراطي بصورة منفردة إلى قلب الحكم في تركيا لمنع التمدد الإسلامي في منطقة الشرق الأوسط.
لكن الانقلاب على أردوغان فشل بسبب التعاون بين روسيا والحزب الجمهوري، بإيعاز من اللوبي الصهيوني.
“مركز الدراسات واشنطن” قال أحد أعضاء حزب بوتين “شمسيل سارالييف” (روسيا الموحدة): إن الولايات المتحدة تقف وراء الانقلاب في تركيا – فوفقاً لوجهة نظره، إن التحسن الأخير في العلاقات الروسية التركية وتجدد تدفق السياح الروس إلى تركيا لم يكن مريحاً للولايات المتحدة.
لم يكن بوتين يخشى فقط سقوط أردوغان، لكنه كان يتجنب الدخول في حرب مباشرة مع تركيا، وهو يعلم أنه في تلك اللحظة ستسارع واشنطن لاحتضان أردوغان بحال قرر منع روسيا من الاستقرار عند المياه الدافئة على ساحل المتوسط. كما أن إسقاط الجيش التركي الطائرة الروسية “سوخوي 24” ٢٠١٥ التي اقتربت من الأجواء التركية خلق هاجساً من الرعب لدى بوتين عما تختزنه تركيا من أسلحة، واعتبر أن أردوغان، الذي هو على عداء مع الحزب الديمقراطي الأمريكي، أفضل بكثير لروسيا من حكومة تركية علمانية ستكون على وفاق تام مع كامل الإدارة الأمريكية.
عام 2016 سقط الحزب الديمقراطي في الانتخابات الرئاسية الأمريكية وفاز دونالد ترامب، الذي اعتبر فوزه فوز لروسيا التي يقال إنها ساهمت بتزوير الانتخابات لصالح ترامب.
مع وصول ترامب شعرت روسيا أنها لديها كامل الحرية لتفعل ما تشاء في سوريا، خاصة بعد فشل الديمقراطيين في الانقلاب على أردوغان والوصول إلى البيت الأبيض.
التصعيد الروسي في سوريا
عام 2017 اعتقد الروس أن الحرب في سوريا انتهت؛ صديقهم ترامب في رأس السلطة الأمريكية، وحليفهم أردوغان يشعر بالامتنان لروسيا، وأنه آن الأوان لقطف حصاد مشاركتهم في الحرب في سوريا من خلال إعادة الإعمار، الذي كان متوقعاً أن يدر على روسيا ما يقارب الألف مليار دولار.
لكن الروس تفاجأوا عندما سمعوا من أمريكا والعرب أنهم لن يدفعوا قرشاً واحداً لإعمار سوريا قبل مغادرة حزب الله وإيران لسوريا.
وهنا وجدت روسيا نفسها مضطرة إلى التأقلم مع وجودها على حدود المياه الدافئة في المتوسط، وهو حلم يراود روسيا منذ مائة عام. وكي تستقر روسيا وتثبت أقدامها وتقطف ثمار مشاركتها في الحرب على الإرهاب، لم يكن أمامها إلا خيار واحد: السيطرة الكاملة على سوريا. وكي تسيطر روسيا على سوريا، لم يكن هناك خيار ثانٍ؛ إذ كان عليها إخراج إيران وحزب الله من سوريا، وعزل الأسد عن قرار الحرب والسلم في سوريا.
التوجه الروسي لعزل الأسد
عام 2017 قررت روسيا عزل بشار الأسد حتى عن بعض خطوطه القديمة مع الأمريكيين، وذلك من خلال توقيع استئجار القاعدة البحرية في طرطوس. وللأسف لم يكن الأسد يدرك ثمن توقيع هذه الاتفاقية. مع العلم أن حافظ الأسد عُرضت عليه الكثير من المغريات لإنشاء موطئ قدم للاتحاد السوفياتي في سوريا، لكنه رفض تحت مقولة: بيني وبين الاتحاد السوفياتي، وبيني وبين إيران تقاطع مصالح. بل كان حافظ الأسد يحافظ على توازن في العلاقة مع الأمريكيين من خلال التلويح بهذه الورقة، التي حصل عليها بوتين بالمجان من بشار الأسد.
مع بداية عام 2017 بدأ الإعلام ومراكز الدراسات الأمريكية تتحدث عن صراع بين إيران وروسيا للسيطرة على الجيش العربي السوري.
بسبب حاجة سوريا إلى روسيا خاصة في الأمم المتحدة والمواقف الدولية، كذلك حاجتها إلى إيران لتثبيت سيطرتها على الأراضي السورية، تراجع القرار المركزي السوري أمام الصراع الروسي الإيراني للسيطرة على الجيش السوري.
الجيش السوري وانقسامه
وقد نجحت روسيا خلال وقت قصير، من خلال ممارسة الحزم والشدة مع كل عسكري سوري، وأيضاً عبر منح المكافآت، في السيطرة بسرعة كبيرة على مفاصل الجيش الأساسية التي هي بحاجة إليها خاصة في المكاتب، بينما بقيت إيران ومن معها من العسكر تنتشر على الأرض.
وهكذا أصبح في سوريا ثلاثة أنواع من الجيش:
الجيش الإداري: وتسيطر عليه الحكومة الروسية، ومهمة هذا الجيش هي جمع كل المعلومات وإرسالها إلى الإدارة الروسية.
الجيش المقاتل: وتسيطر عليه الجمهورية الإسلامية في إيران، ومهمته الدفاع عن سوريا، والعمل على تسهيل عمل المقاومة لتحرير الجولان.
جيش بشار الأسد: وكان يتمثل بالفرقة الرابعة التي هي بقيادة شقيقه ماهر الأسد.
بعد أن حصل كل فريق في سوريا على حصته من الجيش، بدأ الصراع الناعم على سوريا بين روسيا وإيران يتحول إلى صراع دموي، من خلال الاغتيالات التي نفذتها إسرائيل ضد التواجد الإيراني وحزب الله في سوريا.
تكثيف العمليات الإسرائيلية
ما بين عامي 2017 – 2018 كتبت الصحف أنه لم يعد بالإمكان إحصاء العمليات العسكرية الحربية التي تقوم بها إسرائيل في سوريا.
بالرغم من أن الجميع يعرف أن المعتدي على حزب الله والتواجد الإيراني في سوريا هو الإسرائيلي، إلا أن الروس، بالإضافة إلى الإعلام العالمي، لم يشيروا إلى إسرائيل، بل بقي كل شيء على أنه أحد الحروب السرية النظيفة.
حتى الإعلام الإسرائيلي تحدث عن مثل هذه العمليات قائلاً مثل هذه العمليات عادة تكون خارج تغطية وسائل الإعلام الإسرائيلية.
2018 وبدا الصراع الروسي الايراني يظهر الى السطح وياخذ اشكالا مختلفة تؤثر على حكم بشار الاسد في سوريا الذي انحاز بداية الى الجانب الايراني، ليتفاجا الجميع بهجوم اسرائيلي بالصواريخ على سوريا.
حاول بشار الاسد الاتصال بالرئيس بوتين من اجل منع توسع رقعة الاعتداء الاسرائيلي، الا ان الروس ابلغوا الجانب السوري انه يتعذر تحقيق مكالمة مباشرة للرئيس الأسد مع الرئيس فلاديمير بوتين في هذا الوقت.
وفهم بشار الاسد ان عليه الاختيار اما ايران واما روسيا،
في الشهر الخامس التقى بشار الاسد بوتين يومها كتبت في 18 – 5 – 2018 مقال حمل عنوان: “بوتين قال للاسد يجب خروج إيران وحزب الله عسكريا من سوريا”
رغم نفي المقال من جهات رسمية سورية وروسية وحتى ايرانية وفي اعلام محور المقاومة الا انه في 19 – 10 – 2018 أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أن مسألة خروج إيران وميليشياتها من سوريا ليست مشكلة روسيا، وعلى دمشق وطهران الاتفاق حول المسألة وحلها.
ومنذ مطلع عام 2019 تقلص الوجود والنفوذ الايراني، واصبح حزب الله دوره فقط تامينوخطوط الدعم اللوجيستي له، واصبح الجيش السوري يدار من قبل الادارة الروسية.
المرحلة الأخيرة
عام 2024 سقطت سوريا وهذا السقوط كان مكتوب له ان يحصل عام 2020 لو فاز ترامب في الانتخابات الرئاسية الأمريكية، لكن فوز بايدن اخر عملية اسقاط الاسد، كما ان الايرانيين لم يقدموا اي شيء يساعد الحزب الديمقراطي.
في عام 2020 كتبت مقال حمل عنوان:”ايران خسرت الحزب الديمقراطي الأميركي والآتي كارثي”
شرحت فيه ان هزيمة الحزب الديمقراطي في الانتخابات والسياسة الامريكية سيؤدي الى خروج الحزب الديمقراطي من المشهد السياسي الأميركي لأعوام طويلة، مما يعني بأن الجمهوريين مستمرين بالحكم أقله حتى عام 2032 ،وهي سنوات ستكون كارثية على المنطقة وتحديداً على المحور الإيراني وحلفائه.
الخلاصة: بشار الأسد لم يكن على اطلاع بما يجري في الداخل السوري إلا ما يصله، ولم يكن يملك أي آلية لمعالجة أي مشكلة كانت تحدث في سوريا.
لذلك عندما توجه بشار الأسد في 28 نوفمبر 2024 إلى روسيا، كان من أجل معرفة ما يجري وما يجب فعله. ولا أعتقد أن بشار الأسد عاد من روسيا إلى سوريا بمفرده كما ذهب، بل أعتقد أن الحكومة الروسية أرسلت معه وفداً رافقه أثناء عودته لحمل ما يريده من مستندات تتعلق بحساباته المالية، ومنعته حتى من القاء بيان التنازل او مهاتفة شقيقه ماهر الأسد، الذي يُقال إنه فر إلى جهة مجهولة.
كما تصريح وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، أن الأسد أبدى «انزعاجه واستغرابه» من الجيش السوري.
يشير بما جاء في التحليل ان الاسد لم يكن على علم او لديه السلطة على القيادات العسكرية التي نصبتها روسيا في مناصب محددة لمثل هكذا لحظة تاريخية.
اما قصف الاماكن المحددة من قبل اسرائيل فانها حتما ضمن هذا السيناريو كي تفقد سوريا قدرتها على بناء جيشها مرة ثانية، مما يعني ان روسيا خسرت في الشرق الاوسط اخر حلفائها وهو ما يؤكد بان روسيا لن تستطيع ان تصمد كثيرا رغم التطمينات الامريكية التي سوقها ترامب، بل روسيا ستغرق وتذوب الى ان تختفي تماما عن الخارطة الدولية.
واذكركم بعنوان المقال عام 2022 “روسيا ستغرق، العالم العربي سيقسم، أوروبا ستخسر 40 بالمائة من شعبها، لبنان وفلسطين، خارج القصف النووي”
وما يحصل اليوم يؤكد صوابية المقال الذي كتب عام ٢٠٢٢
الخاتمة
مع رحيل الأسد، فإن سوريا تستحق غداً أفضل، خاصة أن سوريا كانت رائدة الحراك الديمقراطي في العالم العربي قبل وصول حزب البعث إلى السلطة عام 1963.
وكما كانت الجملة الاشهر في سوريا تصبحون على انقلاب حيث كان كل اسبوع يحصل انقلاب فب سوريا فان هذه الجملة ستعود.
كما أنه يجب على الجميع احترام خيارات الشعب السوري وعدم التدخل لا من قريب ولا من بعيد في شؤونه الداخلية.
ويجب على الحكومة السورية الجديدة ان تطبق دولة القانون والعدل وان يشارم جميع أبناء سوريا في الحكم، والا فإن مصير سوريا سيكون حتماً التقسيم، وسيكون ذلك بوابة تقسيم العالم العربي بأسره.
٢١/١٢/٢٠٢٤
للتاريخ، ال كرامي رجال دولة، ووطنيتهم لا تقاس بالإعلانات والتصريحات
*بقلم: ناجي أمّهز*
في مطلع التسعينات، تعرفت على دولة الرئيس عمر كرامي من خلال صحفي من بلاد جبيل، حيث كنت ألتقي دولته دوريًا. ورغم حداثة سني، إلا أنه كان بفراسته وحكمته يدرك أن جعبتي مليئة بما يفيد في السياسة، وصوتي يصل إلى أبعد ما يظنه الكثيرون.
حتما، هذا المقال ليس موجهاً إلى الوافدين حديثًا على عالم السياسة والسلطة، بل إلى النخبة التي عاشت مع رشيد كرامي وعاشت معاناته عن قرب. هو رجل الدولة والسلطة المطلقة قبل الحرب الأهلية التي عصفت في لبنان.
كان الشهيد رشيد كرامي معروفًا عنه أنه رجل حل الأزمات وحماية دور لبنان الريادي في تلك الفترة، عندما كان لبنان يمتد من واشنطن في ظل هيبة إيزنهاور، إلى القاهرة زمن عبد الناصر.
في تلك الحقبة، لم تكن السياسة على شاكلة “نشر الغسيل” كما يحصل اليوم، بل كانت سياسة الكبار في عقولهم ونفوسهم. يومها، لم يكن الزعيم يملك قصرًا أو مالًا في الحسابات الخارجية. كان قصره وطنه، وحساباته محبة الناس له.
في تلك الحقبة، كان رئيس الجمهورية أو الحكومة اللبنانية يستقبل الضيف الرسمي الوافد بكل اعتزاز وفخار، وهو يعبر شوارع لبنان الأنيقة النظيفة وعمرانه الشاهق.
كان الضيف يدرس جيدًا أدق تفاصيل كلماته وموقفه السياسي، لأنه يعرف أن لبنان بلد الحريات الرائدة، والكلمة العميقة. حيث كان الصحفي أو الكاتب لا يقل أهمية عن الضيف القادم، وكان له تأثير عميق لا يقل عن فلاسفة الغرب والشرق. طبعًا، هذا الأمر كان قبل أن يتسلل الى مهنة الاعلام والسياسة الأبواق الصدئة.
هذا زمن رشيد كرامي، وهكذا تربى عمر كرامي، وهكذا تعلم فيصل كرامي.
لبنان ثم لبنان ثم لبنان.
هذه العائلة هي عائلة رجال دولة قبل ولادة لبنان الكبير منذ قرن ونيف.
رشيد كرامي لم يختلف مع حافظ الأسد على الإعلام أو عبر الصحف، أو أنها كانت معركة تسجيل النقاط. كما أنه لم يتفق مع حافظ الأسد كي يمنحه لقب دولة الرئيس. كان هو الدولة والرئيس وخادم الشعب قبل وصول حافظ الأسد إلى السلطة.
رجال السلطة والدولة لا داعي لأن يصرخوا ليلاً ونهارًا كي يثبتوا أنهم على حق، فالحق لا يحتاج إلى صراخ. يكفي رجل الدولة أن يحرك يده حتى يفهم الآخر.
كما أن رجل الدولة لا يقف عند الهمروجات الشعبية لينال التصفيق، بل يقف عند حدود الدولة لحماية الوطن على حساب كل ما يملكه، حتى لو كان ما يقوم به سيكلفه حياته. الدول رجال.
اليوم، يطل علينا بعض مستحدثي نعمة الظهور في زمن التيك توك، لأنهم لم يعيشوا عندما كانت طرابلس تُقصف يوميًا بالاطنان من البارود والنار، وكانت حياة الرئيس رشيد كرامي ممكن أن تنتهي في لحظة تحت عنوان “صاروخ سقط خطأ على مكان تواجده”.
أيضًا، الرئيس عمر كرامي عاش أصعب الظروف وأحلكها، مع نظام شاهدناه جميعًا كيف يتصرف.
عندما كُلف الرئيس كرامي في عام 1990 برئاسة الحكومة، لم يكن يريدها أو مهتمًا بها، لكن حافظ الأسد أصر على قبول الرئيس كرامي بها، لأن القرار الدولي في تلك الفترة كان يعرف أنه بعد سقوط الجنرال عون وبدء تطبيق الطائف، لا يوجد بديل عن آل كرامي، لأنهم الشرعية والمصداقية والشفافية الوطنية. كما كان آل كرامي عند إعلان ولادة لبنان الكبير، فلا بديل عن آل كرامي عند ولادة لبنان الطائف.
راجعوا الأسماء التي شكلت منها وزارة الرئيس كرامي الأولى، وستعرفون أن الجميع كان يعرف أنه تحت مظلة الرئيس عمر كرامي، وليس الرئيس عمر كرامي تحت مظلة أحد.
راجعوا الصحف والظروف التي سبقت تكليف الرئيس عمر كرامي، وستعرفون أنه لو رفض الرئيس كرامي رئاسة الحكومة، لكانت طرابلس قد اشتعلت بالحروب التي لن يخرج منها أحد.
لو بحثتم في الإنترنت، ربما لن تجدوا إلا الشيء النذير جدًا عن لقاءات حافظ الأسد وعمر كرامي، وهي ضمن البروتوكولات بين البلدين فقط.
بالمقابل، ستجدون غالبية هؤلاء السياديين والسياسيين الذين يتبرؤون اليوم من نظام الأسد، أما كانوا يستيقظون صباحًا على تلاوة نشيد حافظ الأسد، ويغفون على رسائل الغرام لبشار الأسد.
أو أنهم كانوا ينتظرون بالساعات عند عتبة الباب لينالوا حظوة النظر إلى حافظ الأسد أو حتى القول إنهم مروا على بابه.
هؤلاء المنفوخين اليوم كان أحدهم يحكم الشارع إذا، شو، عسكري من قوات الردع تغدى أو تعشى عنده، يمكنكم مراجعة الكثير من القصص التي كان الضباط السوريين يتدخلون حتى بنزاع البيوت والعائلات.
غالبية هؤلاء السياسيين اليوم، بالأمس، لم يكن أحدهم يملك اسمًا أو عنوانًا، كان يضع على زجاج سيارته إما اسم ضابط المخابرات السورية أو صورة لحافظ الأسد. بل كان غالبيتهم، قبل أن يبدأ بالسلام، يخبرك عن أحد أمجاده أنه قابل الضابط السوري الفلاني والعلاني.
وغالبية الوزراء والنواب كانت تتخصص وتتعلم الحديث عن فوائد “قرعة المتة” ومنهم من درس ليتخصص باعداها وتقديمها، يعني إذا كان أحد الوزراء أو النواب أو حتى الصحفيين قد شرب “قرعة متة” عند أحد ضباط المخابرات، يعتبر أنه نال ارفع الاوسمة.
لا تدعوا أحدًا يضحك عليكم أو يستغلكم. لا يوجد أحد أكثر مني دفع ثمن نزاعه وتصادمه مع نظام الوصاية السورية، منذ عام 1988 حتى الآن. لكن في الختام، أين أنا وأين تجار الشعارات والممثلين الذين هم كالفطريات ينمون ويتضخمون على حساب الآخرين.
ما عاشه آل كرامي في السلطة هو خدمة لبقاء الدولة، بل ما تعيشه النخبة السياسية اليوم في طرابلس، لأن آل كرامي كرّسوا دور طرابلس الفيحاء في الأعراف السياسية اللبنانية، وإلا لكانت مهمشة في كل شيء.
ما كتبته عن الرئيسين رشيد وعمر ينطبق أيضًا على الوزير فيصل كرامي.
هذه العائلة الهادئة هي في السياسة أعظم من تسونامي وأعنف من إعصار، ولها جذور عميقة. لذلك، ليسوا بحاجة إلى التطبيل والتزمير على كل شيء يقومون به.
حقيقة آل كرامي، لم يوزعوا الأموال الانتخابية على الشعب الطرابلسي كما يفعل الغالبية اليوم الذين يبيعون ويشترون في الانتخابات. لكن آل كرامي وظفوا الكثيرين في مؤسساتهم التي بنوها من تعبهم، والتي تخدم كل من يقصدها، حتى لو لم يكن ينتخبهم.
حقيقة آل كرامي، لم يكونوا شركاء في منح التعهدات للأقارب والمحسوبيات والأزلام، لأنهم لا يقبلون حتى الاقتراب من المال العام.
مشكلة آل كرامي الوحيدة أنهم ليسوا ممثلين ومهرّجين كغالبية الساسة الذين تجدهم 24 ساعة على 24 ساعة على الفضائيات، وعبر السوشيال ميديا.
لأن السياسة عمل وحكمة وبصمت، لذلك كل سياسي تشاهدونه يرغي ويرغي عليكم، فاعلموا فورًا أنه حكواتي.
قد يأتي يوم وأكتب بعض ما حدثني عنه الرئيس عمر كرامي، وبعض الضغوط التي رافقت حكومته الأولى وكيف تصرف معها، وكيف كان يعوّل على انفراط عقدها قبل انطلاقها، لانه لم يكن يرغب باي شيء بظل نظام الاسد، لذلك عند اول كلمة اوموقف اوحتى دمعة سارع الى الاستقالة حتى دون مراجعة.
آل كرامي هم كخشب أرز لبنان، لا يمكن لأحد أن يشكك في ولائهم أو وطنيتهم، أو حتى أن ينتقص من دورهم الذي دائمًا يكون لخدمة لبنان، كل لبنان.
بل حراس لبنان هم آل كرامي، ومنهم فيصل عمر كرامي.
٢٤/١٢/٢٠٢٤
ناجي امهز يعايد اللبنانيين عامةً، والمسيحيين خاصةً، على طريقته
أتقدّم إلى اللبنانيين عامةً، والمسيحيين خاصةً، بأحرّ التهاني وأطيبها بمناسبة ولادة المخلّص الفادي يسوع المسيح.
قال جبران خليل جبران: “لم يجيء يسوع من وراء الشفق الأزرق ليجعل الألم رمزًا للحياة، بل جاء ليجعل الحياة رمزًا للحق والحرية.”
إخوتي اللبنانيين عامةً، والمسيحيين والموارنة خاصةً، لقد عشت معكم وترعرعت بين نخبتكم، وحملت من أفكاركم، ولم تبخلوا عليّ بتعليم أسراركم. صنعتم مني عقلًا سياسيًا قلّما يخطئ في السياسة. لكن ما عاشه المسيحيون وتعلّموه، وهم الممتدّون على مساحة المعرفة في فهم الأسرار الدولية منذ القرن الخامس عشر، لم يكن متاحًا في السابق لغالبية العالم العربي، وحتى اليوم. لذلك، معرفتكم هي سرّ قوّتكم وثباتكم على مواقفكم، لأنكم داخل أروقة صناعة القرار العالمي، مما يجعلكم تنظرون إلى الحقيقة كأنها ماثلة أمامكم.
أنا الذي ناضلت منذ عام 1988 حتى اليوم، وقد اعتُقلت وعُذّبت من قبل نظام الأسد، سعيد مثلكم بانتهاء هذا النظام الذي حوّل سوريا من بلدٍ رائدٍ في الديمقراطية إلى بلدٍ شمولي.
عندما كنا نجتمع سرًا في بعض البيوت، كانت النخبة المارونية لا تتحدث فقط عن تداعيات نظام الأسد على لبنان وحده، بل كانت تخشى أن تصبح بلاد الشام كلها تعيش الشمولية. وكان نضال المسيحيين ليس لهزيمة الأسد ونظامه فقط، بل أيضًا لتحرير السوريين أنفسهم من نيران العبودية والاستزلام، ومنع أن تتحول الديكتاتورية إلى إله تعبده الشعوب المستضعفة بلا حول ولا قوة.
كما أن النخبة المارونية تحدّثت عن اللعنة التي أصابت لبنان بسبب دوره الريادي، والذي تريد إسرائيل إزالته لأنه ينافسها في السياسة والسياحة والتعليم والطبابة وحتى الزراعة.
“من الأسرار التي أنشرها لأول مرة”:
في عام 1996، دعيت كضيف شرف لأحد الجلسات التي ألقى فيها خطيب مسيحي من آل خباز خطبة تناولت قيام دول عربية تحت هيمنة الديانة اليهودية. تناولت الخطبة والجلسة التي امتدت لأكثر من أربع ساعات عدة محاور، أبرزها: كيف يمكن للمسلمين أن يحاربوا إسرائيل وهم ينسبون أنفسهم كأبناء عمومة لنبي الله إبراهيم؟ وكيف تم دمج العهد القديم بالعهد الجديد، مما جعل المسيحي يؤمن بأحقية إسرائيل وقيام هيكل سليمان؟
كما تطرق الخطيب إلى دور النخب المستنيرة في محاربة هذه الأفكار التي قد تُدمّر تطور البشرية نحو الإنسانية الكاملة، مشددًا على أن الإنسانية تعني المساواة المطلقة، حيث لا يوجد “يهودي مختار” أو إنسان أفضل من آخر بسبب انتمائه الديني. وأكد أن العقل والكرامة يرفضان هذه الفكرة؛ فلا يوجد إله يقبل بها، ولا إنسانية تقبل أن يكون أحد أفضل من الآخر لمجرد دينه أو عرقه.
وقال الخطيب أيضًا، مستشهدًا بحديث لأحد الإخوة المصريين الذي التقى الرئيس أنور السادات وسأله عن السلام مع إسرائيل، فرد السادات قائلاً:
“السلام لا يكون إلا مع عدو قوي لا تستطيع مقاتلته. والسلام هو اعتراف بالعداوة، أما أنا والشعب المصري فلن نُطبع في أي وقت مع إسرائيل.”
وأضاف السادات: “السلام يعني العداوة، والتطبيع يعني الاستسلام.”
تخيلوا، بعد أكثر من 40 عامًا، عاد الحديث عن التطبيع مع إسرائيل. ولكن مصطلح “التطبيع” ظهر لأن إسرائيل لم تعد تريد السلام، بل تطمح إلى فرض التطبيع. هنا برز دور المسيحيين، خاصة اللبنانيين، الذين كشفوا هذه التناقضات بمقاومتهم المصطلحات اللغوية، وبتفاصيل عقلية دقيقة وفلسفة عميقة ومتجذرة عن العداء مع إسرائيل.
لذلك، عندما نتحدث عن فئة تجرأت وواجهت وقاومت إسرائيل بأرواحها ولحمها وبالبارود والنار، فهذا يعني أننا نحترم هذه القوة والإيمان الكبير بأن الحق هو الذي يصنع هذا الإصرار الذي لا يمكن هزيمته.
هكذا هو دور المسيحيين في هذا المشرق العربي: بناء وطن مستلهم من تعاليم يسوع التي جاءت لتحرير الإنسان. لأن الإنسانية تجمعنا جميعًا تحت مظلّة العدالة الاجتماعية، حيث نتساوى أمام الحقيقة.
وإذا كان الموارنة خاصةً، والمسيحيون عامةً، قد ناضلوا لقيام عدالة اجتماعية وديمقراطية حقيقية بسبب موازين الاعداد والارقام في العالم العربي، فالأجدر أن يكون هذا النضال اليوم من أجل لبنان، وأن يسعى المسيحيون بكل جهدهم لإقامة وحدة وطنية على أسس الديمقراطية، وتطبيق الدستور، ونهوض لبنان من جديد كبلدٍ رائدٍ ومزدهر.
جميعنا جرفنا الشعور بالقوة والزهو بالسلطة والقدرة على السيطرة، لكن في الختام جميعنا تجرّعنا نفس الكأس من الألم والحزن على الأثمان الباهظة التي دفعناها من أرواحنا.
جميعنا كانت غايتنا نبيلة بعيدا عن الاساليب او الفئة التي تصدرت المواجهة، لانه بالختام كانت لحظة رفع العلم اللبناني، هي اللحظة التي تخفق لها قلوبنا وترفرف معه ارواحنا، وتدمع العيون على ارض عمدت بالدماء، دماء كل الطوائف اللبنانية.
في الختام، لا الشيعي قاتل وقدم فلذات أكباده، وقطع من لحمه، ودمرت منازله من أجل إيران، ولا المسيحي اعتقل، أو نُفي، أو قُتل من أجل فرنسا، أو أمريكا، أو الفاتيكان، جمعينا هتفنا لبنان لبنان لكن كل منا باسلوبه.
لا مكان للتشفي من بعضنا، ولا الحديث عن المكاسب. المهم أن نتقدم إلى الأمام، رافعين علم لبنان، منشِدين: “كلّنا للوطن.”
هذا الوطن الذي أنجب أعظم ما في هذا الشرق، وهو الشعب اللبناني العظيم، الذي كان قبلة العالم العربي ومحجّة العالم الغربي، من قبر أحيرام وخشب الأرز في بناء أول هيكل، إلى بناء النظم والقوانين والأعراف التي تناقلها العالم عن العشيرة اللبنانية.
ميلاد مجيد وعام سعيد.
كل عام وأنتم بخير.
١/١/٢٠٢٥،
ماذا كتب ناجي أمهز عن عام 2025: بريطانيا ستحكم جزء من عالمنا واسرائيل ستحكم الجزء الثاني.
مر عام كان قاسيًا للغاية على كافة الصعد، وكنت أعلم أن كل شيء بعد عام 2022 لن يكون كما كان قبله أبدًا.
حاولت جاهدًا مع الساسة والناس، لكن أصوات الأبواق كانت أكثر تأثيرًا من صوتي. دفعنا ثمنًا باهظًا قد لا يمكن تعويضه لأسباب كثيرة، ومنها أن السائد بين العوام لم يدرك حجم ما وصلنا إليه.
هناك فئة لا تريد أن تعرف أن العالم تغير، وأن الخاسر فيه هم فئة معينة. ما حصل يشبه الحرب العالمية الثانية بالحرف، ونحن امام تقسيم جديد، ينهي مفاعيل الحرب العالمية الثانية.
هذا التغيير بدأ عام 2014 عندما اعترفت أمريكا بهزيمتها في العراق وأفغانستان، فكان لا بد من العودة إلى المستشرق البريطاني الذي حكم هذه المنطقة لأكثر من 500 عام، في الظل والعلن. وقد وضع مخططه على الطاولة أمام الديمقراطيين (الديمقراطي الأمريكي ينتهج السياسة البريطانية في حكم الشرق الأوسط، بينما الحزب الجمهوري الأمريكي ينتهج السياسة التلمودية والتوراتية في حكم منطقة الشرق الأوسط). لكن اليوم، أصبحت أمريكا مضطرة إلى تقاسم النفوذ مع البريطانيين؛ لذلك ستتولى بريطانيا حكم جزء من هذه المنطقة من خلال الإخوان المسلمين، بينما ستتولى أمريكا حكم الجزء الآخر من خلال إسرائيل.
نقاط تحليلية لعام 2025:
أمريكا في العالم العربي:
اليوم أمريكا سياسيًا لم تعد موجودة في العالم العربي، لكنها ستبقى جاهزة لاستخدام لغة الكاوبوي ضد كل من تطالب بريطانيا بضربه.
السياسة البريطانية والاستشراق:
من يريد أن يعرف ماذا يجري في عالمنا العربي والإسلامي عليه أن يراجع الاستشراق البريطاني. اليوم تُطبق السياسة البريطانية في العالم العربي والإسلامي، مما يعني توسعًا كبيرًا جدًا للإخوان المسلمين في كل العالم العربي والإسلامي.
روسيا:
روسيا لن تُدمَّر، لكن صدقوني روسيا الاتحادية ستذوب مثل قطعة جليد وستختفي تمامًا إلى الأبد.
الصين وتايوان:
الصين ستدخل بحرب كبرى مع تايوان، وينتقل السوق الصناعي إلى الهند.
إيران:
إيران في خطر كبير لا أريد الحديث عنه، وأنصحها بأن تلتقي مع بعض النخبة اللبنانية بشكل ضروري.
أفغانستان:
أفغانستان ستشن حربًا كبرى على إيران بعد الهجوم الأمريكي الإسرائيلي.
باكستان:
بداية تقسيم باكستان إلى أقاليم مرة جديدة، واقتتال عنيف جدًا بين الوهابية والمتصوفين في هذا البلد، ومن ثم استلام الحكم من قبل الإخوان المسلمين.
العراق:
تثبيت التقسيم وأزمة حكم شيعية بسبب العقلية الحاكمة وحجم الفساد غير الطبيعي. حتى الأمريكي لن يتدخل في الشأن العراقي.
سوريا:
حياة مأساوية للشعب السوري، ولن ينجو إلا من كُتبت له الحياة. تستمر سوريا في صراع دموي حتى عام 2030، وبعدها تُقسم.
لبنان:
أمام خيارين لا ثالث لهما: إما يزول كما كتبت لكم عام 2017، أو تصبح هناك دولة:
في هذه الدولة، سيعود الشيعي كما كان قبل نصف قرن. فالشيعي لم يستفد من الفرصة التي مُنحت له دوليًا، ولم يستفد من مقدراته ومقدرات أبناء طائفته حيث استثمر في أشياء غريبة عجيبة لا تُسمن ولا تُغني لا في السياسة ولا في الاقتصاد والاجتماع.
حتى المسيحي سيكون أمام خيارات صعبة جدًا. فالمسيحي حتمًا أمهر من الشيعي بأشواط في السياسة والاقتصاد والإعلام، لكنه أيضًا سيكون دوره السياسي محدودًا جدًا.
أما طائفة الموحدين الدروز، فسيجتمعون في وادي التيم وبعضهم سيكون تحت حماية إسرائيلية أو ضمن حدود إسرائيل الجديدة. حتى دروز سوريا سيخضعون لنفس المعايير. ومن يرفض هذه الفكرة يمكنه مراجعة مقالي الذي نشر في 4 – 11 – 2024 تحت عنوان “بحال هزمت المقاومة: استيطان إسرائيلي، سوري، فلسطيني، الشيعة إلى العراق، الدروز إلى وادي التيم، وقيام دولة علوية” وهو مقال نشر قبل شهر من سقوط بشار الاسد، يعني هذا المقال الذي لا يدخل عقل وكتب قبل شهر من سقوط بشار الاسد اليوم اصبح حقيقة خاصة ان البعض كان ينكره ومنهم من يصدقني ويؤمن بكتاباتي لكن كان يظن انني بكرت على كتابة مثل هذا المقال الذي ربما يحتاج الى سنوات ليتحقق.
لبنان سيعود الى حاضنة عربية فاعلة جدا ومن يحكم سوريا سيحكمه، لذلك التسرع خاصة عند بعض المسيحيين سيكون مكلفا جدا عليهم بالسياسة فلا مكان للمسحيين في العالم العربي الجديد الذي تحكمه بريطانيا، ومن يعترض يمكنه مراجعة بعض ما كتبه الاسقف كانتربري روان ويليامز قبل عقود.
السعودية:
يُنصب الأمير محمد بن سلمان ملكًا على السعودية. وبعدها، وقبل أي تعديلات دستورية ملكية، سيقوم الملك محمد بن سلمان بإلغاء كافة الأحكام الدينية، مما يؤدي إلى تغييرات ديمغرافية وجغرافية في السعودية.
الكويت:
ستنغلق على نفسها بالمطلق وتعيش اضطرابات داخلية كبيرة جدا، قد تؤدي الى تغيير كبير في ديمقراطيتها وحرية افراد شعبها، وسيسطر الاخوان المسلمين على غالبية مناصبها وعلى قرارها الداخل والخارجي.
اليمن:
حرب طويلة جدا وعاصفة جدا ومدمرة جدا تستخدم فيها حتى الاسلحة النووية.
قطر:
نفوذ عربي واسع جدا حتى حساب الامارات التي تدخل بصراعات داخلية قد تؤدي الى انشقاقات بين مختلف دول الامارات، حيث يصبح جزء منها تابع للكيان الاسرائيلي وجزء اخر تابع لحكم الاخوان المسلمين.
الأردن:
يتقاسم فيه الملك عبد الله الحكم مع الإخوان المسلمين بحال قبل الإخوان بهذا الأمر، مما ينعكس على مصر التي تجتاحها الفوضى، وفي عام 2026 يحكمها الإخوان المسلمين.
فلسطين:
نهاية دولة فلسطين بالكامل وتهجير قسم إلى الأردن وقسم إلى مصر. ومن يبقَ عليه أن يخضع للشروط والقوانين الإسرائيلية تمامًا.
تركيا:
ستعود السلطنة الى سابق عهدها لكن هذه المرة مهمتها ليست ضد روسيا، بل مع الاكراد، وستستمر هذه الحرب حتى عام 2028، وبعدها يبدا العلمانيين باستعادة دورهم ومكانتهم في تركيا ايضا بقرار بريطاني اخوان الرئيس المتوفي “اتاتورك”.
استشراف الأحداث من الماضي:
من لا يريد أن يصدق ما أكتبه، أتركه مع بعض ما كتبت سابقًا وصدقت فيه حتى النخاع.
عام 2022 حذرت من خمس نقاط أساسية رفضتها الأبواق التي تعيش بعزلة عن الضوء والحقيقة. هؤلاء منفصلون تمامًا عن الواقع، وللأسف صدقهم الساسة الذين انجرفوا خلف الشعبوية، مع أن رجل الدولة هو من يتبع الحقيقة ويطبقها حتى لو كان الجميع ضده.
عام 2022 كان عام الوحش. هكذا أسميته في مقالي “ماذا سيحصل بالعالم مع بداية 2022” الذي نشر في 2-1-2022، وملخصه: “نحن الآن لسنا في العام الجديد بل في العالم الجديد.”
وفي 22-1-2022، كتبت مقالًا بعنوان: “بين أوكرانيا ولبنان.. الروس سيشعلون المنطقة بحرب العشر سنوات”. تجاوز المقال تعداد قراءه الملايين العرب. في هذا المقال توقعت اندلاع الحرب في أوكرانيا واستمرارها، وأيضًا توقعت أن يدخل لبنان في أزمة حادة نتيجة الصراع الدولي والإقليمي على موارده.
خاتمة:
العالم يتغير بسرعة، ولا مكان للضعفاء أو المترددين. من يريد أن يصنع المستقبل عليه أن يقرأ الماضي جيدًا ويتعلم من دروسه. نحن اليوم في عالم جديد تمامًا، ومن لا يصدق سيأتي يوم يدرك فيه حقيقة ما أكتبه.
ناجي امهز 1 -1 – 2025
١٦/١/٢٠٢٥
ناجي امهز في عام ٢٠٢٣ قال انتخاب الرئيس عام ٢٠٢٥ وحزب الله سيضيع فرصته الذهبية
كثر يسألونني: لماذا لم أكتب منذ فترة أي شيء؟
أنا عادةً لا أكتب لمجرد الكتابة، كما ان ما اكتبه هو للنخبة التي تحتاج الى مادة سياسية للنقاش وبناء استراتيجيات حقيقية وواقعية.
مثال على ذلك، كتبت في 6-6-2023، أي قبل سنة ونصف، مقالاً حمل عنوان: “لبنان أمام، إما فرنجية رئيس، أو تطبيق الطائف وإلغاء الطائفية السياسية”.
في هذا المقال جاء:
“أمام الجميع حتى نهاية الشهر السابع للتوافق على الرئيس، على أن يكون لبنان مع بداية الشهر 11 قد انطلق إما نحو لبنان الجديد، أو ستتمدد الأزمة حتى عام 2025 حيث يكون لبنان أمام تطبيق الطائف وإلغاء الطائفية السياسية. وهنا سيكون الخاسر الأكبر هو الطائفة المارونية التي تمنحها الأعراف الكثير من المكاسب على حساب بقية الطوائف.”
وبالفعل، لبنان في الشهر الحادي عشر من عام 2023 دخل منعطفًا جديدًا مع دخول حزب الله معركة إسناد غزة في 8-10-2023.
كما أن الانتخابات الرئاسية لم تحصل في الشهر السابع من عام 2023، رغم كل التصريحات الصادرة من أرفع المسؤولين الدوليين واللبنانيين التي كانت تتوقع حصول الانتخابات بعد أسبوع أو بعد شهر، إلا أن الانتخابات حصلت بالتوقيت الذي اشرت اليه، وهو عام 2025.
أما الحديث عن تطبيق الطائف، فإن دولة الرئيس المكلّف القاضي نواف سلام سيطبّق اتفاق الطائف وكل ما يتعهد ويلتزم فيه، ويمكن مراجعة بعض بيان تكليف دولته،
“وجاء فيه: دعوته الى تنفيذ “احكام الطائف التي لم تنفذ بعد، واصلاح ما نفذ خلافا لنصّه”. كما أكد انه “حان الوقت لبدء فصل جديد متجذر بالعدالة والأمن والتقدم والفرص ليكون لبنان بلد الأحرار المتساوين بالحقوق والواجبات”.
ومع تطبيق الطائف وإلغاء الطائفية السياسية، وقيام الدولة المدنية، التي تتساوى فيها الطوائف، حيث لن يبقى أي منصب أو وظيفة حكرًا على طائفة محددة مما يعني خسارة الموارنة لبعض المراكز والمناصب الاساسية التي كرست لهم منذ قيام دولة لبنان الكبير.
على كل حال الطائفة المارونية طالما نادت بتطبيق اتفاق الطائف.
كما انه “رغم كل الأسماء التي طرحت من قبل مختلف القوى الدولية والداخلية، إلا أنني حصرت الترشيح بين اسمين فقط، وهما العماد جوزاف عون والوزير فرنجية. وبالفعل، في الختام، لم يبق الا اسمين فقط للرئاسة العماد عون والوزير فرنجية الذي اعلن انسحابه من السباق الرئاسي .”
ومن يقرأ المقال بتمعن سيجد فيه أنني وجهت رسالة واضحة إلى حزب الله وحلفائه بانتخاب رئيس قبل نهاية الشهر السابع. وبحال عدم الاتفاق على فرنجية، فليُنتخب العماد جوزاف عون، لأن الأمور بعد الشهر السابع ستخرج من يد حزب الله وحلفائه.
تصوروا بجملة واحدة، وقبل عام ونيف، اختصرت المشهد السياسي بأكمله، الذي يحصل امامكم اليوم.
وبالفعل، بعد مرور الشهر السابع تموز 2023 وتعثر انتخاب الرئيس، كتبت يومها ما لا يمكن لأحد أن يكتبه، وهي رسالة واضحة للحزب بأنه فوت فرصته الذهبية.
تصوروا شخصًا يكتب هذا الكلام، في وقت كان يمتد فيه نفوذ الحزب على مساحة الإقليم، وقد اعتُبر مقالي حينها نوعًا من الجنون.
كتبت في 31-7-2023: “هل يخرج الحزب نفسه من السياسة ويعود إلى حالة ما قبل 2005؟”
جاء في المقال:
“الحزب يتصرف بأخلاقيات عالية جدًا، لا تنفع أبدًا في السياسة اللبنانية التي في غالبيتها تقوم على الكذب والمراوغة والخداع وبيع المواقف ونقل البندقية من كتف إلى كتف.”
اليوم بعد عام ونيف على المقال، سيعود الحزب إلى ما كان عليه قبل عام 2005. وأنا مع هذه العودة وارجو ان يلحظ الحزب ما جاء في المقال المنشور.
خاصة ان غالبية حلفاء الحزب “نقلوا البندقية من كتف الى كتف” لاسباب ربما هي اكبر بكثير من قدراتهم التمثيلية والشعبية بسبب متغيرات اقليمية.
لن أطيل عليكم، فأنا لا أكتب لأضيّع وقت أحد أو لأحصل على سكوبات أو إعجابات.
أنا أحترمكم وأحترم عقولكم،
همّي هو تقديم انموذج سياسي متمرس في زمن القحط، والضجيج الاعلامي والسوشيال ميديا.
أما البقاء في فضاء نجوم التحليل الإعلامي السياسي امثال الذين قالوا إن الجنرال جوزاف عون لن يصل إلى الرئاسة، وقد وصل.
وتحدثوا عن اعادة تكليف الرئيس ميقاتي الذي لم ينال الا ٩ اصوات بينما كلف القاضي نواف سلام الذي نال 85 صوتا.
الدول والشعوب وحتى الطوائف لا تنهض الا بالرصانة والعمل الجاد والبصيرة،
والطائفة الشيعية، إن لم تقم بمراجعة حقيقية وعميقة، فالأمر يومئذ لله. ولا حول ولا قوة إلا بالله.
بالختام اسال الله ان يحفظ هذا الوطن، وان يحتكم الجميع الى اللعبة الديمقراطية والعمل السياسي وحتى التنافس السياسي من اجل خدمة لبنان بعيدا عن لغة التخوين ومن خسر ومن انتصر، لان القادم في لعبة الدول صعب جدا جدا جدا.
٢٤/١/٢٠٢٥
اتفاق وقف إطلاق النار: هل كان خطأ ارتكبته قيادة حزب الله؟
*بقلم ناجي أمّهز*
منذ فترة، والجدل قائم حول مفهوم النصر والهزيمة أو الربح والخسارة، إضافة إلى سجالات سياسية سطحية تدور حول كيفية وقف إطلاق النار والآليات التي تم اتخاذها.
لنكن صريحين: قرار قيادة حزب الله باتفاقية وقف إطلاق النار كان واحدًا من أكثر القرارات أهمية وجرأة منذ تأسيس الحزب. فالتشكيك في هذا القرار يعكس إما جهلاً مطبقًا أو سوء نية تجاه الطائفة الشيعية والمقاومة ككل.
لماذا الاستعجال؟ دعونا ننتظر بضعة أسابيع فقط، وستتكشف الأمور جليًا، وسيدرك الجميع أن قرار وقف إطلاق النار كان خطوة استراتيجية فوتت الفرصة على الكيان الإسرائيلي للقضاء على حزب الله خاصة، وعلى الطائفة الشيعية عامة.
إذا كانت قوة حزب الله والثنائي الوطني ما زالت تقريبًا على نفس مستوى العدد والتأثير، ويتم التعامل معهما داخليًا ودوليًا بهذه الطريقة، فكيف سيكون حال الشيعة إذا انتهى حزب الله وتفككت قيادته وحُلّ تنظيمه؟ حزب الله يقدم الدعم لأكثر من مئتي ألف شخص من عوائل الشهداء والجرحى. إذا تفكك الحزب، من سيتولى رعاية هؤلاء؟ ما هي الوظائف التي سيعملون بها؟
أيها الساسة والإعلاميون، وخاصة من يدور في فلك المقاومة، هل تريدون لهؤلاء أن يتشردوا في الطرقات ويصبحوا عبئًا على المجتمع؟ قرار وقف إطلاق النار لم يكن مجرد خطوة تكتيكية، بل كان قرارًا صائبًا ودقيقًا وحكيمًا، لا يتخذه إلا رجال دولة كبار وقيادة عظيمة تعي أبعاد الواقع السياسي والعسكري والاجتماعي.
عملية “طوفان الأقصى” التي نفذتها المقاومة الفلسطينية شكّلت منعطفًا كبيرًا، وكان دخول حزب الله في عملية إسناد لغزة استجابة لمتطلبات الواقع. من خطب سماحة السيد حسن نصرالله، بدا واضحًا أن الحزب لا يريد الحرب، لكنه أدرك أنه لا خيار سوى الإسناد لمنع انهيار المقاومة في غزة، ووقف إطلاق النار هناك جاء ليحفظ المكتسبات ويمنع الكارثة.
الجميع يعترف أنه لولا هذا الإسناد من حزب الله، لما تحقق النصر في غزة. هذا النصر لم يكن فقط عسكريًا، بل كان انتصارًا لموقف المقاومة الديني، والعقائدي، والإسلامي، والعروبي.
رغم كل ما قدمه حزب الله، يجب أن نتذكر أن المعركة في غزة لم تنتهِ بعد. القرار الأمريكي-الإسرائيلي بترحيل الغزاويين إلى أماكن ودول مختلفة لا يزال قائمًا، مما يعني أن وقف إطلاق النار، سواء في لبنان أو غزة، قد يكون هشًا. العدو الإسرائيلي ما زال يسعى لاستكمال مشروعه العدواني وإنهاء المقاومة.
قيادة المقاومة، وعلى رأسها سماحة الشيخ نعيم قاسم، أكدت أن تنفيذ شروط وقف إطلاق النار هو مسؤولية من وقع هذا الاتفاق، سواء داخليًا أو دوليًا، وحزب الله ملتزم بذلك. هذا الموقف بحد ذاته يقلب المعادلة السياسية، ويسحب الذرائع من أيدي كل من يحاول توريط المقاومة والبيئة الشيعية في حرب تهدف للقضاء عليهم.
قرار وقف إطلاق النار كان أكثر من خطوة عسكرية أو سياسية؛ كان تعبيرًا عن رؤية استراتيجية عميقة تحفظ للمقاومة استمراريتها وتمنع المخاطر عن شعبها.
بعد سلسلة الاغتيالات التي استهدفت قيادات بارزة في حزب الله والتفجيرات التي طالت آلاف المنتسبين للمقاومة، كان من الواضح أن حجم الاختراق الأمني بلغ مرحلة خطيرة. هذا الوضع فرض على القيادة اتخاذ قرار بوقف إطلاق النار حفاظًا على أرواح المقاومين ومنع انهيار البنية التنظيمية للحزب. فالأحداثيات كانت مكشوفة بالكامل، والعدو الإسرائيلي كان قادرًا على تنفيذ المزيد من الضربات القاتلة بسهولة.
النقد الموجه لقرار وقف إطلاق النار يعكس تناقضًا صارخًا. هؤلاء المنتقدون أنفسهم هم من استفادوا من هذا القرار ليواصلوا اليوم نشاطهم السياسي أو الإعلامي. فلو استمرت الحرب، لكان مصيرهم إما التهجير أو السجن بتهم الإرهاب، وفي أفضل الأحوال، الدفن تحت التراب.
أما من يبرر استمرار الحرب استنادًا إلى مفاهيم دينية، فهو بعيد كل البعد عن فهم الدين أو السياسة. استمرار القتال في ظل الظروف القائمة، بما في ذلك استشهاد السيد نصرالله (رضوان الله عليه)، كان سيؤدي إلى عزلة داخلية وخارجية، وتدمير ممنهج للطائفة الشيعية. التجربة الفلسطينية في غزة خير مثال على المصير الذي كان ينتظر المدن والقرى اللبنانية.
إن ما قام به بواسل المقاومة في جنوب لبنان من منع لتوغل العدو الإسرائيلي وحماية الحدود والسيادة، مقارنةً باجتياح العدو الإسرائيلي لغزة واحتلال أجزاء إضافية من سوريا، يوضح الفارق الكبير في النتائج. هذا النجاح يؤكد أن الحفاظ على هذه النخبة المقاومة الصادقة هو الأهم، والعمل على استمراريتها كان أعظم إنجاز يمكن تحقيقه في تلك الظروف.
للأسف، أثبتت بعض الأبواق الإعلامية والسياسية عدم كفاءتها في دعم المقاومة، بل زادت الوضع تعقيدًا. تصريحاتهم العشوائية ومواقفهم المرتبكة أضرّت بصورة المقاومة وأسهمت في التشويش على رسالتها.
كما ان عمليات القبض على عدد كبير من العملاء خلال الفترة الأخيرة أكدت حجم المؤامرة التي كانت تُحاك ضد المقاومة والطائفة الشيعية. لو استمر القتال دون تنظيم ودون اتخاذ قرار استراتيجي كوقف إطلاق النار، لكان الوضع أكثر خطورة.
علينا ان لا ننسى ان لا فرق جوهري بين سياسة الشهيد السيد نصرالله (رضوان الله عليه) وسياسة سماحة الشيخ نعيم قاسم. القيادة في حزب الله قائمة على رؤية استراتيجية موحدة، تحمل المسؤولية بروح الفريق. استهداف السيد نصرالله لم يكن مجرد اغتيال شخصي، بل كان يهدف إلى ضرب العمود الفقري لمحور المقاومة.
إن المشككين بقرار وقف إطلاق النار داخل الطائفة الشيعية يشكلون خطرًا حقيقيًا، ليس فقط على المقاومة، بل على الطائفة بأكملها. دعواتهم المتهورة تفتح الباب أمام المزيد من الخسائر والانقسامات.
الختام: موقف واضح مطلوب
حان الوقت لتعلن قيادة حزب الله بشكل واضح أنه لا علاقة لها ببعض الأبواق الإعلامية التي تدّعي تمثيل المقاومة. الدعم الذي حصلوا عليه في لحظة ما كان تقديرًا لجهودهم، لكنه لا يعني بأي حال من الأحوال أنهم يعكسون رؤية الحزب أو يمثلونه.
ناجي علي امهز
24-1-2025
٢٥/١/٢٠٢٥
هل ستقوم الحرب يوم الاثنين، بحال لم تنسحب اسرائيل
*بقلم ناجي أمّهز*
يبدو أن أمين عام حزب الله سماحة الشيخ نعيم قاسم قد نجح في حشر الجميع في الزاوية، لا سيما الدول الراعية لتطبيق القرار 1701. كما أنه أحرج القوى الداخلية اللبنانية التي تعوّل على أمريكا وقرارات الأمم المتحدة، لأنها ستكون في وضع مأزوم للغاية، خاصة على المستوى الشعبي الشيعي في الجنوب، حيث يعتقدون أن لا شيء يحميهم من الاعتداءات الإسرائيلية إلا سلاح المقاومة.
بحال لم تخرج إسرائيل، سيصرخ الجميع: تبا لغباء حكومة اليمين المتطرف الإسرائيلية، فإنها تمنح الذرائع لاستمرار سلاح حزب الله. ولكن، هل هذا ما يريده حزب الله حقًا؟
فالكثير من المحللين الدوليين يرون أن عدم انسحاب إسرائيل قد يقوض من موقفها الدولي، ولكن في الوقت نفسه، يمكن أن يستخدمه حزب الله لتعزيز نفوذه المحلي من خلال التأكيد على ضرورة سلاح المقاومة.
كماانه في الداخل اللبناني ورغم وجود آراء مختلفة حول سلاح حزب الله، الا ان عدم انسحاب اسرائيل في الوقت المحدد، سيقطع الطريق على بعض الأحزاب التي ترى فيه تهديدًا للسلام الداخلي، وسيعزز موقف المؤيدين لسلاح حزب الله كونه ضرورة سيادية وشعبية للدفاع عن البلاد خاصة عند ابناء الجنوب والقرى الحدودية مع فلسطين المحتلة..
بمعنى اوضح ان بقاء احتلال اسرائيل لجزء من لبنان، سيفرض على الحكومة القادمة ان تلحظ في بيانها حق الشعب اللبناني بالمقاومة، مما يعني بان بقاء اسرائيل بقاء معادلة اللمقاومة في البيان الوزاري.
لذلك حزب الله غير مستعجل لإخراج الإسرائيلي، حزب الله ملتزم بما تم الاتفاق عليه، فاليتفضل الابطال رعاة تطبيق القرار 1701 باخراج الاسرائيلي كما وعدوا عندما تبنوا القرار الدولي.
وإن كان البعض يفرُك يديه معتقدًا أن الحزب جماعة من السذّج، وأنه مع مرور الستين يومًا سيندفعون كالفايكينغ هاتفين شيعة شعية حاملين فؤوسهم وسيهجمون لإخراج الإسرائيلي.
هؤلاء الذين تاثروا ببعض الابواق الاعلامية، عليهم الانتظار طويلا لانه على ما يبدو أن حزب الله يتبنى استراتيجية الانتظار والرصد، وغير ًمعني بكل هذا الضجيج من دون طحين، أو التعويل على قرارات أمريكا وفرنسا والأمم المتحدة التي ليست إلا “طبخة بحص” لن تستوي ولا تؤكل.
قبل قرار وقف اطلاق النار كان حزب الله والشيعة رهينة في يد اسرائيل، اليوم اسرائيل هي رهينة حزب الله، وما حصل سابقا بعد القرار 425 عندما لم تنسحب إسرائيل من جنوب لبنان، هو اليوم سيتكرر بحال لم تطبق اسرائيل القرار 1701 وكما كان عام 2000 هو قمة صعود نجم حزب الله فانه بالايام القادمة ايضا سيتكرر هذا الصعود، مما يؤدى إلى تحسين موقف حزب الله الداخلي والدولي.
لذلك حزب الله سيقول لكم: تفضلوا، أخرجوا إسرائيل من جنوب لبنان، بل سيقول لكم خذوا وقتكم وتنقلوا بين عواصم الدول لنرى ماذا سيحصل، وسيشاهدكم وأنتم مرتبكون تتخبطون ببعضكم، لا تعرفون ماذا تفعلون ولا إلى أين تذهبون.
كما ان أجمل شيء قد يحصل هو أن يعلن الكيان الإسرائيلي بناء مستوطنات في الجنوب، مما سيجعل كل الذين طالبوا بنزع سلاح حزب الله في وضع لا يحسدون عليه شعبيا وسياسيا.
لذلك لا أخفيكم سرًا، فان كثرة هبوط الملائكة على لبنان هو من كثرة دعاء البعض والصلاة كي تخرج إسرائيل من جنوب لبنان ومزارع شبعا، لأنه يعرف أن بقائها يعني علة بقاء سلاح حزب الله.
حزب الله اليوم على المستوى السياسي نجح، وربما لأول مرة، في تقديم نموذج رائع في المعادلة الدولية والداخلية. فقد رمى الكرة في الملعب الدولي، كما جعل جمهوره وخصومه يشاهدون هذه المباراة التي أصبحت محسومة.
إذا خرج الإسرائيلي، فإن حزب الله يستطيع القول انه قوة قادرة على إجبار إسرائيل على التزام القرارات الدولية.
وإن لم يخرج الإسرائيلي، فانتصار حزب الله يكون في إثبات أن السلاح ضروري للدفاع عن البلد.
أما ما يُسمع عبر الإعلام من بعض الأصوات التي تُحسب نفسها على المقاومة والتي تزبد وترعد وتتوعد أنه بحال لم تنسحب إسرائيل بعد قضاء المهلة فإن حزب الله سيبدأ بالحرب، فإن لا علاقة لحزب الله فيها ولا بتصريحاتها، لأنها اجتهادات فردية غير مبنية على أي معطيات دقيقة.
كما الحديث عن أن حزب الله طالب بضمانات وحصل على ضمانات ويعوّل على ضمانات، هذا الكلام أبدًا غير دقيق، ولا يتطابق مع الواقع.
أصلاً بحال اعلن حزب الله انه بحاجة لضمانات يعني انه اصبح ضعيف ومهزوم، حزب الله لا يقبل بأن يطالب بضمانات كما يتحدث البعض من المتوهمين بأن حزب الله التقى مع فلان وقال له أريد ضمانات أن يحصل كذا ولا يحصل كذا. هذا الكلام الذي يتحدث فيه بعض الإعلاميين الذين يروّجون لمثل هذه المزاعم على إعلام المقاومة ووسائل التواصل الاجتماعي لا أساس له من الصحة أبدًا.
حزب الله مكون سياسي أساسي له شعبيته ونوابه وحضوره، وهو يمثل الطائفة الشيعية، وكما لبقية الطوائف حقوق وعليها واجبات، فإن الشيعة لهم حقوق وعليهم واجبات، وهذا الأمر لا يحتاج إلى ضمانات. من يخرج عن الإجماع يخرج عن الدستور.
أما الحديث عن الربح والخسارة وأن حزب الله خسر، فهذا الكلام هراء وتخريف. حزب الله لم يكن يلعب مباراة كرة قدم وهُزم، أو أنه خسر في البرلمان وأصبح خارج المعادلة السياسية.
حزب الله كان يقاتل إسرائيل دفاعًا عن القدس، دفاعًا عن حماس، دفاعًا عن أي شيء تريدون تسميته، سموه. لكن كان يقاتل إسرائيل. إسرائيل التي احتلت خلال ساعات قليلة على قدر مساحة لبنان في سوريا دون أن تُطلق عليها رصاصة أو يُرمى عليها حجر. إسرائيل التي اجتاحت غزة التي تعادل قضاء في لبنان وحولتها إلى ركام وقتلت وجرحت أكثر من مائة وخمسين ألف شخص.
بالمقابل اسرائيل خلال اشهر لم تستطيع ان تحتل بضعة امتار عندما كان جنود حزب الله يقاومونها.
“نعم، حزب الله سابقًا وربما بسبب المقدرات غير المسبوقة التي كان يتمتع بها، كان يتعالى كثيرًا عن بعض الأخطاء السياسية والإعلامية، وخاصة الشعور بأن شخصية ووهج الشهيد السيد نصرالله، رضوان الله تعالى عليه، قادرة على إصلاح هذه الأخطاء التي كانت تُرتكب في السياسة والإعلام، مما جعل حزب الله يخسر كثيرًا في السياسة والإعلام.
اما اليوم فان كل شيء اختلف.
لذلك كل من يعول على عودة الحرب، عليه ان يراجع حساباته.
والسلام
ناجي علي امهز
25- 1 – 2025
٢٦/١/٢٠٢٥
نحن في العالم العربي والإسلامي لا نستحق أهل الجنوب
*بقلم: ناجي أمّهز*
بسم الله الرحمن الرحيم
*﴿سُبْحَانَ الَّذِى أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِى بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾**
يا له من مشهد ترتجف له الأرواح، مشهد يذكرنا بالقيامة، ونحن نتابع كيف يعود أهل الجنوب اللبناني إلى قراهم كمن يخطو نحو الجنة. بوجوه مضيئة كفجر جديد، وقلوب مفعمة بالإيمان والعزة، وهامات تعانق السماء، كمن أبى أن ينحني إلا للخالق.
أهل الجنوب، أولئك الذين لا يهابون آلة الحرب الإسرائيلية الجبانة، ولا ينتظرون رحمة من الأمم المتخاذلة، أو استجداءً من العرب الذين بات صمتهم خنجرًا في ظهر المنتصرين لهم. أهل الجنوب، الذين رفعوا رايات لبنان وحزب الله، تلك الرايات التي كُتبت بخطوط من دمائهم الزكية وتضحياتهم العظيمة، يعودون إلى قراهم مكللين بالمجد.
أهل الجنوب، اليوم، يعودون إلى كل شجرة نسجتها معاول القهر عبر سنين التعب. شجرة تروي حكاية وطن خطّها الأجداد بعرقهم، وحملها الأحفاد على أكتافهم، ليسقوا تلك الحقول بدمائهم الزكية. هناك، حيث الأرواح الطاهرة ترفرف فوق الحقول، يهطل المطر المقدس على أرض الطهر، فتتفتح الرياحين وشقائق النعمان، شاهدة على عهد لا ينكسر وأرض لا تُهان.
في الجنوب، تلك الأم الخالدة، لن تستبدل قبر شهيدها، ومهجة فؤادها، وروح روحها بالقصور. لن تترك الصباح يمر دون أن تلمس يدها التراب، والدموع تنهمر وهي تتوسل الرضا. تهتز السماء في عليائها من شوقها وحنينها لفراق حبيبها. كل حفنة تراب هي كنزها المقدس. وإن بقي من العمر لحظات معدودة، فإنها ستختار أن تمضيها عند قبر ابنٍ ضحى ليحيا الوطن.
وفي الجنوب، ذلك الأب الجليل الذي غزى الشيب مفرقه، ورسمت السنون الأخاديد على وجهه، لن يكتمل يومه دون أن يمر بروضة الشهداء، حيث ترقد أجزاء من روحه. هناك، حيث تبتسم له ذكرى شاب ارتقى إلى السماء وهو يذود عن بيته، عن أهله، عن حلمه بوطن لا يُدنس.
في الجنوب، سنابل القمح وأشجار الزيتون ليست مجرد زروع، بل هي أبناء الأرض كما هم أهلها. تعرف قلوب وملامح وأنفاس من زرعوها كما يعرف الآباء أبناءهم. ولا تزهر ولا تعطي إلا إذا ضحك لها الجنوبيون، تلك الضحكة التي تنبض بالعنفوان رغم الجراح، وتملأ السماء بأصداء الأمل، رغم العواصف.
كل البيوت تبنى من الحجارة والصلب، الا في الجنوب فان البيوت تبنى بالامل، وتحصن بالارواح، وتفرش بالفرح وبساطة العيش، لذلك هي غالية وثمينة جدا بذكرياتها ولياليها.
يا أرض الجنوب، يا أرض الكرامة والبطولة، يا أرض الزيتون والسنديان، ويا حاضنة الأرواح التي لا تموت، لقد جعلتِ من شهدائك شموسًا أبدية تُنير دروبنا، ومن حقولك كتبًا مقدسة تسرد قصة أمة لا تُقهر.
هذا الشعب الذي لا يعرف الهزيمة ولا يقبل بأنصاف الحلول. شعب نقش كرامته على الصخور ورواها بدماء شهدائه، لا يتنازل عن ذرة تراب، لأن كل ذرة هي جزء من هويته التي لا تُباع ولا تُشترى.
أهل الجنوب، رغم أن عددهم لا يتجاوز الأربعمائة ألف، فإنهم في ميزان الكرامة والشهامة أمة بحجم العالم. شجاعتهم تملأ الأفق، وعطاؤهم لا تحده حدود. كانوا جبالًا صامدة في وجه الطغيان.
وقفوا مع غزة رغم المسافات الشاسعة، وكانوا جسرًا للأمل لكل مظلوم. تهجروا، نعم، لكنهم حملوا وطنهم في قلوبهم أينما ذهبوا، كأن الأرض لم تسعهم لأن أرواحهم أكبر من حدود المكان.
أهل الجنوب هم رواسي هذا الوطن الذي ينشد الحرية. هم عنوان العيش الكريم ومعنى الكرامة الوطنية. هم الحقيقة التي يجب أن نفتخر بها جميعًا، ونعزف لأجلهم أنشودة الوطن، فكلنا للجنوب، وكلنا للكرامة.
هم الإرادة التي لا تُكسر، والعزيمة التي لا تلين، والنور الذي يضيء طريق الخلاص. أهل الجنوب ليسوا فقط عرس الوطن، بل هم روح الوطن.
نحن، في العالم العربي الذي بنى الحجر ونسى الإنسان، لا نستحق أن يكون بيننا شعب كأهل الجنوب. نحن، الذين أضعنا البوصلة وتركنا الطائفية تلتهم أرواحنا، لا نستحق هذا الإيمان النقي الذي ينتمي إليه أهل الجنوب.
كما كان إبراهيم الخليل أمة وحده، فإن أهل الجنوب أمة وحدهم. أمة تختزل كل معاني العزة والكرامة والإنسانية التي تثبت أن الإنسان الحر لا يعجزه شيء.
أهل الجنوب هم صوت الحرية الذي يعلو فوق كل أصوات العبودية. هم البركان الذي يثور في وجه الظلم، والنور الذي يبدد ظلام القهر.
اخرجي يا إسرائيل من أرض باركها الله، من أرض سكنها يسوع، من أرض لا تعرف الخنوع ولا الانكسار. هذه الأرض لأهلها، ولهم وحدهم القرار. أهل الجنوب، أنتم الحكاية، أنتم البداية، وأنتم النهاية.”
*ناجي علي أمّهز*
٢٧/١/٢٠٢٥
قريبًا، سنعبر، وتعبرون، لتلامس أقدامكم آخر حبة تراب من الوطن.
*بقلم ناجي أمّهز*
الشهداء والجرحى الذين ارتقوا وأصيبوا بالأمس لتقبيل التراب اللبناني، يُعمّدون لبنان بالدم الطاهر، ليبقى الوطن من حدوده إلى حدوده سيدًا حرًا مستقلاً.
وما قام به أهل الجنوب، تحت العلم اللبناني وبراياتهم الصفراء والخضراء، والدم الأحمر الذي روى الأرض العطشى المشتاقة إلى أهلها، يؤكد أن الشعب اللبناني لا يُهزم ولا يُكسر، لا من الشرق ولا من الغرب.
اليوم، على الأهالي الذين وصلوا إلى قراهم بدمائهم وأرواحهم أن يحافظوا عليها، ويفترشوها ربيعًا في فصل الشتاء. ومن لم يجد بيته، فلينصب خيمة أو يتلحّف السماء، رافعًا يديه بالشكر والدعاء لربٍّ قادرٍ مقتدرٍ عزيز.
أيها اللبنانيون في الجنوب، لقد دفعتم ثمن مواجهة الاحتلال الإسرائيلي حتى التحرير عام 2000، الذي اعتبره النظام العالمي نكسة، إذ كيف لشعب يحرر أرضه دون أن يسمح له بذلك؟
لذلك، قرر النظام العالمي محاسبة أهالي النصر والتحرير، وجعلهم عبرةً لمن يعتبر، بأن كل من يقف في وجهه سيُسحق. لكن إيمانكم الراسخ كالجبال بحريتكم وسيادتكم ثبت أقدامكم، كما أن هويتكم اللبنانية وأرواحكم الحسينية ودماءكم الجنوبية هي التي ميّزتكم عن كل ثائرٍ في هذا العالم، لأنكم نخبة العطاء والتفاني والتضحية والشجاعة، في زمن الخنوع والخوف والانبطاح.
يا شعب لبنان الجنوبي، ايها الابطال، أنتم عظماء وشهداء أحياء، كالشهداء الأوائل الذين واجهوا الظلم والطغيان، بدءًا من يسوع المسيح الذي قاوم تجار الهيكل في فلسطين، وصولًا إلى الشهيد السيد نصرالله الذي ارتقى وأبناؤكم معه ليزيح الظلم والاضطهاد عن شعب فلسطين، وليحمي كل شبر من التراب اللبناني والعربي.
يا أهل الجنوب، أنتم الورثة الحقيقيون لأسلافنا الفينيقيين، من هانيبعل الذي قهر أعداءه بعزيمته، إلى الشهداء الذين ارتقوا بالأمس، وبينهم أبطال المؤسسة العسكرية الذين شكلوا درعًا صلبًا لحمايتكم، فكانوا شركاء في مسيرتكم، يحملون امامكم ومعكم الأمل والشجاعة لعبور الطود العظيم من السواتر الترابية والأسلاك الشائكة التي نصبها المحتل الإسرائيلي. وما هي إلا لحظات حتى سقطت عند أقدامكم، شاهدةً على إرادة لا تُقهر وعزيمة لا تنكسر.
عليكم الانتظار لتحقيق كامل الانتصار، والإصغاء بعقل وقلب إلى رئيس الجمهورية ومن بايعتموهم ومنحتموهم ثقتكم في صفوف المقاومة وفي البرلمان. افتحوا مدارسكم في قراكم، وعودوا إلى أعمالكم بكل عزم وإصرار. من يملك محراثًا أو معولًا، فليزرع أشجار الزيتون والليمون، ولتتقاسموا الخبز والزيتون والملح كما تشاركتم الألم والجرح والدم، في سبيل أرضكم وسيادة وطنكم.
قال الرئيس العماد جوزاف عون، “إلى أهلنا الأعزاء في جنوب لبنان،
إن سيادة لبنان ووحدة أراضيه غير قابلة للمساومة، وأنا أتابع هذه القضية على أعلى المستويات لضمان حقوقكم وكرامتكم. الجيش اللبناني معكم دائماً، حيثما تكونون يكون ، وسيظل ملتزماً بحمايتكم وصون أمنكم. معاً سنبقى أقوى، متحدين تحت راية لبنان “.
وكما قال صادق الوعد، الشهيد الأقدس سماحة السيد نصرالله: “سنعود مرفوعي الرأس”، وها أنتم قد عدتم مرفوعي الرأس، دون مِنّة من أحد أو شفقة من أحد. عدتم لإيمانكم بأنفسكم، بجيشكم، بمقاومتكم، بصمودكم، بثباتكم، ببسالتكم، وبإصراركم، وهذا حقكم وهذه ارضكم.
ابقوا حيث أنتم، وعلى كل شبر ارفعوا علم لبنان، وقربه راية صفراء هي راية الانتماء.
انتبهوا وحاذروا وحذروا. لا تصغوا إلى الفضائيات والأبواق الاعلامية او السياسية التي تضللكم او تستفزكم او حتى تدفعكم الى ما لا يحمد عقباه، اصغوا فقط إلى صوت شهدائكم وأرواحكم التي هي أصدق من الجميع وأعرف من الجميع.
يا أصدق الناس وأشرف الناس وأطهر الناس وأشجع الناس وأوفى الناس، اليوم الشهيد السيد نصرالله من عليائه يتفاخر بين الأمم بكم، كما كل شهيد وهو ينظر إلى والده ووالدته أو أولاده ورفيقة دربه وأخته وأصدقائه، وهم يتسابقون لاحتضان الأرض التي سارت عليها أقدامهم.
يا شعب الجنوب، أنتم تروون اليوم الأرض بالدموع، وبالأمس القريب كان كل من آمن بكم من البقاع والشمال والجبل وبيروت وكل بقعة من لبنان يأتي ليستشهد دفاعًا عن إيمانكم، فرُويت الأرض بدماء كل اللبنانيين.
كل وطني معكم، كل شريف معكم، كل حر معكم.
يا شعب الجنوب، كل الطوائف اللبنانية مرت بما مررتم به، فالمسيحيون نُكّل بهم لقرون طويلة، وتعلموا وفهموا وتأقلموا، وأصبحوا يوازنون بين السياسة والقوى، ويميزون بدقة بين الشجاعة والتهور. حتى طائفة الموحدين التي عانت ما عانته لما يقارب 700 عام من ظلم واضطهاد، تعلمت وفهمت وتطورت، وهي صاحبة كتاب الحكمة والعقل. حتى شيوخها اسمهم “العقال”، وازنوا بين العقل والحكمة والمنطق والقوة.
يا أهلنا في الجنوب، ما فعلتموه وحققتموه خلال ربيع من أربعين عامًا عجزت عنه قبلكم شعوب وإمبراطوريات أن تحققه في قرون. حافظوا على مكتسباتكم، حافظوا على تضحياتكم، حافظوا على انتصاراتكم. ليس المهم من يبكي أو يضحك الآن، المهم من يفرح في الآخر.
يا اهلنا في الجنوب، وتذكروا دائمًا أن تحت كل حبة تراب من تراب الجنوب هناك حكاية وحلم لأناس رحلوا ليبقى من يبقى.
ومن بقي، عليه أن يستمر ليبقى من هم بعده.
أيها الأحرار في جنوب لبنان، أنتم اليوم تمثلون الأمل المتجدد لهذا الوطن، تحملون راية التضحية والفداء وتغرسون بذور الكرامة في كل شبر من ترابه. حافظوا على وحدتكم، وارفعوا رؤوسكم عاليًا، فأنتم الأمل والمستقبل. تذكروا أن كل دمٍ سال وكل تضحيات قُدمت هي أمانة في أعناقكم، ومسؤولية الحفاظ عليها تقع على عاتق كل واحدٍ منكم.
أنتم من أثبتم للعالم أن الحرية تُنتزع ولا تُمنح، وأن الشعوب التي تؤمن بحقها في الحياة والكرامة هي التي تصنع التاريخ. فليكن كل يوم لكم عرسًا للنصر، وكل فصل بداية جديدة تبنون فيها مجدكم وتحققون فيها أحلام الأجيال القادمة.
والسلام لكل من آمن بكم ووقف إلى جانبكم، والسلام عليكم أنتم، يا من جعلتم من جنوب لبنان منارة للصمود وشرفًا يزهو به الوطن.
ناجي علي امهز
٢٨/١/٢٠٢٥
هل يكون الشيخ نعيم قاسم “لي دوان فيتنام” الذي سينقذ المقاومة ومحورها.
*بقلم ناجي امهز*
البداية:
الزعيم لي دوان كان مساعدًا لزعيم المقاومة الفيتنامية “هو تشي منه” وقد تسلّم بعد وفاته، أمانة الحزب الشيوعي الفيتنامي، وفي عهده انتصرت المقاومة في فيتنام وأوقفت الحرب ووحّدت فيتنام.
وما اظهره سماحةالشيخ نعيم قاسم من نجاح خلال فترة قصيرة ورغم صعوبتها وتعقيداتها الداخلية والدولية، هو مقدمة لترميم المقاومة من اجل مواجهة التحديات المقبلة.
بالأمس أطلّ أمين عام حزب الله سماحة الشيخ نعيم قاسم، وقد تحدث في النقطة الثانية من خطابه والذي أسماها مصارحة، والتي بدأها بالجملة التالية:
“هذه المصارحة لأن الناس لم تسمع من قبل مثل هذا الكلام الذي سأقوله.
ولم تسمع وجهة نظرنا بما حصل.”
بسبب الإمكانات التي راكمناها كمقاومة، والصواريخ التي أصبحت معنا، والطائرات المسيرة التي تحدثنا عنها، والمناورات التي أبرزت قوة استثنائية بالنسبة لنا، ظن الكثيرون بأننا سنهزم إسرائيل عسكريًا بالضربة القاضية إذا حصلت معركة بيننا وبين إسرائيل، يعني اعتبروا هالقوة هي كافية، من أجل أن تهزم عسكريًا، هذا كان موجود في العقل الباطني.
وأكمل سماحته في الفقرة الاستنتاج:
“المقاومة لا يمكن أن تكون أقوى عسكريًا، أو أن غلبتها هي غلبة عسكرية، أبدًا، المقاومة غلبتها على إسرائيل بإيمانها بشبابها ونسائها وأطفالها وشيوخها، بعطائها، بدماء قادتها، بالتضحيات التي تقدم، هكذا تنتصر المقاومة، هنا يأتي الموضوع العسكري، كجزء من الأدوات المساعدة في عمليات الانتصار.”
من سمع كلام سماحة الشيخ نعيم قاسم والذي على فكرة لم يعلق عليه احد من الساسة والاعلاميين حتى الآن كما هو معتاد، لأنه أغضب الكثيرين من إعلامي وسياسي محور المقاومة الذين تعوّدوا على قول ما يشاؤون دون حسيب أو رقيب أو حتى مساءلة، بل ممنوع على أحد أن يعترض على كلامهم.
كما أصيب هؤلاء بالصدمة والذهول أنه معقول أن ينفي الشيخ نعيم قاسم كلامنا ونحن الذين كنا نرفع الأسقف وقد حولنا المقاومة إلى سوبرمان بلحظة تقضي على إسرائيل وبلحظة تقصف تل أبيب وبلحظة تُغرق حاملة الطائرات الأمريكية وبلحظة تنقل مائة ألف صاروخ، وبلحظة يمكنها أن تمتلك سفن نووية. بل حتى أن هؤلاء لم يحسبوا أن الصاروخ قد يحتاج إلى دقائق لوصوله إلى هدفه.
وللأسف أن هؤلاء لا يدركون أن بسبب هذا النمط السياسي والإعلامي غير المنطقي، أخرج المقاومة والشيعة من المعادلة السياسية الداخلية والدولية، وجعلها عرضة للاستهداف في السياسة والإعلام وحتى الأعمال العسكرية المفرطة كالتي استخدمت فيها إسرائيل أكبر الأسلحة لاستهداف المقاومة والمباني السكنية بموافقة أمريكية غربية، لأن الجميع ظن أن هذه المقاومة والشيعة لا يمكن الحوار معهم سياسيًا، كما أنهم منفصلون عن الواقع العسكري والسياسي والعربي والإقليمي والدولي.
لذلك ما تحدث فيه بالأمس سماحة أمين عام حزب الله الشيخ نعيم قاسم، هو تصويب الاتجاه ورسم سياسة جديدة واقعية منطقية، خاصة بعد المشهد العظيم الذي قدمه بالأمس الشعب الجنوبي بصورة تليق بتضحيات أبطال المقاومةوهو يحرر بلداته غصبًا عن الاحتلال الاسرائيلي والقرار الأمريكي الذي مدد مهلة وقف اطلاق النار،
اليوم التاريخ يعيد نفسه، وإن كانت حركات المقاومة حول العالم تختلف بالأسماء والانتماء إلا أنها صنيعة واحدة وهي الحركات التحررية الشعبية.
كما أن سياسات وتصرفات حركات المقاومة متشابهة أيضًا حركات الدول لا تتغير وهي أيضًا متشابهة بالفعل وردة الفعل.
فقد اشتعل الصراع بين الفيتناميين والأمريكيين، المعروف بـحرب فيتنام، والذي استمر لمدة حوالي 20 عامًا، من عام 1955 حتى عام 1975
ونفس الاتفاق الذي وقعته أمريكا مع المقاومة الفيتنامية والذي عرف اتفاقية باريس للسلام لعام 1973 ونصّت على انسحاب القوات الأمريكية من فيتنام خلال 60 يومًا، فإنه يقارب نفس الاتفاق والنصوص التي وقعت مع لبنان حرفيًا، انما من دون سلام مع الكيان الاسرائيلي المرفوض من جانب المقاومة، وان كان البعض في الداخل بدا يرفع صوته والمطالبة بالسلام مع الكيان الاسرائيلي.
الاختلاف الوحيد أنه كان يوجد في فيتنام حكومتان، حكومة المقاومة والحكومة المتحالفة مع الإدارة الأمريكية.
أما في لبنان فإنه يوجد رأيان وتوجهان: توجه يؤيد الإدارة الأمريكية والمتحالفين معهااقليميا، وتوجه يؤيد المقاومة ومحورها، واليوم لا يخفى على أحد أن حلفاء الرأي الأمريكي يجدون أن الفرصة مناسبة لقيام توجه معارض بالتمام لرأي المقاومة بمحاولة لعزلها ومن ثم انهائها كما حصل على مر التاريخ مع مختلف المقاومات.
كما أن حركات المقاومة وعلى مستوى العالم تركز على الجانب التحفيزي والشعبي والتدرب على السلاح والانغلاق على نفسها خوفًا من اختراقها، مما يقصيها عن النخب السياسية والاقتصادية وأصحاب العلاقات النافذة مما يفقدها الامتداد الداخلي والدولي، وهذا التوجه السائد لدى كل حركات المقاومة يجعلها تهمل الجانب السياسي إلى أقصى الحدود، مما يجبرها على القيام بأعمال مباشرة مكلفة وباهظة لبقائها في الواجهة.
وهذا ما حصل مع المقاومة في لبنان التي أهملت الجانب السياسي والإعلامي، وركزت جهدها على تحالفات سياسية وأصوات إعلامية لتعويض هذا الانغلاق.
وبما أنه كل جانب سياسي وكل شخص إعلامي له حساباته الشخصية أو التي يتأثر بها، فقد كان كل حليف أو إعلامي من هؤلاء شريكًا في القرار السياسي للمقاومة وأحيانًا كثيرة كانت مصلحته الانتخابية والسياسية والإعلامية تتقدم على مصلحة المقاومة وجمهورها وبيئتها.
بعد الحرب الأخيرة وما جرى على المقاومة وقادتها وبيئتها، وخاصة ما ظهر من حلفاء المقاومة، وما تبين من خلل في الأداء الإعلامي الذي وصل إلى حد أن إعلام محور المقاومة فقد دوره نهائيا بل اصبح عرضة للتهكم واستغلال بعض العبارات التي اشتهر فيها بعض ساسة واعلاميين المحور، الى مادة لاستفزاز جمهور المقاومة، والطلب من المقاومة ما لم تعلنه المقاومة نفسها “وهذا ما وضحه سماحة الشيخ قاسم في خطابه الاخير”
بصريح العبارة، أنه عندما تريد أن تطل على العالم عليك أن تقدم أجمل ما عندك، وللأسف إطلالة السياسيين وإعلامي محور المقاومة واجهت تحديات كبيرة أثرت على أدائها وعلى حلفائها.
ومن تداعيات ما حصل مع حزب الله، انه أُعيد وضع أسماء أنصار الله على لوائح الإرهاب، ومنعت ايران من العودة إلى سوريا حتى على المستوى الدبلوماسي، كما أُعلن رسميًا عن طرد الفلسطينيين من غزة عبر لسان الرئيس الأمريكي ترامب، إلى آخر ما تشاهدونه من انهيارات دراماتيكية خطيرة للغاية.
ومن يعتقد بأن ترامب لن ينفذ وعده أو أن السيسي وملك الأردن سيرفضان اقتراحات ترامب فأن ترامب قادر وخلال فترة وجيزة على إسقاط السيسي والملك عبد الله وتنصيب مكانهما من ينفذ هذه الطلبات، لذلك لن يتغير شيء في غزة على مستوى الاعمار والعودة والاستقرار قبل تنفيذ ما يطالب به ترامب.
حتما المقاومة الفلسطينية ستمنع ترامب تحقيق مبتغاه، لكن هذا الامر يعني بان المنطقة قد وضعت من جديد على فوهة بركان بل وتمددت الى عواصم عربية اخرى، مما ينذر بانفجار اسرع واكبر واعظم مما حصل خلال العام الماضي خاصة بعد الغاء ترامب قرار بايدن وسمح بتزويد إسرائيل بقنابل زنة 2000 رطل.
لذلك حزب الله كان يشكل دعمًا قويًا للمقاومة والشعب الفلسطيني والاستقرار العربي، ويمنح إيران هذه المساحة في المنطقة العربية، ويحمي الاستقرار في سوريا والأقليات بالمنطقة، وأنتم اليوم تشاهدون وتسمعون كيف شيعة سوريا يتغثون والعلويون لا يستطيعون مغادرة مناطقهم وحتى المسيحيون اضافة كيف تمدد احتلال العدو الاسرائيلي داخل حدودها، كما أن ما يحصل لبعض الأقليات العربية التي كان لها هامش التحرك السياسي، هي اليوم مطاردة ومهددة بالاعتقال والإعدامات.
فان المتغيرات والمحاولات الدولية لاستهداف المقاومة ووضع تحديات خطيرة أمامها، وانهاء دور شيعة لبنان ليس مزحة أو من باب التهويل، بل هو حقيقة أفشلها وصول سماحة الشيخ نعيم قاسم إلى الأمانة العامة للحزب، وهو يشكل فرصة لإعادة هيكلة محور المقاومة وتجديد دوره في مواجهة التحديات الإقليمية والدولية.”، كما كان قبل عملية إسناد غزة، والتي أكدت بأن المقاومة ثابتة صادقة بتحالفاتها مهما عظمت تضحياتها، وانها تمد يدها للجميع وعلى مختلف طوائفهم وانتماءاتهم.
وأنه لا عدو للمقاومة إلا العدو الإسرائيلي، الذي أظهر كل بشاعته وإجرامه وتخطيه لكافة القرارات الدولية، وحتى تجاوزه على كافة المعايير الأخلاقية المعتمدة في الحروب حيث مارس إرهاب الدولة بشكل مفرط ضد المدنيين العزل والتدمير الممنهج للبنى التحتية وحتى المؤسسات الدينية والطبية والمدنية ومنها الدولية.
يبدو اليوم من خلال السياسة التي ينتهجها سماحة الشيخ نعيم قاسم ان حزب الله هو أكبر وأعظم وضرورة في مواجهة المتغيرات الإقليمية والدولية، بظل التطور العسكري الذي تمتلكه اسرائيل والغير مسبوق بسبب التفوق التكنولوجي والذكاء الاصطناعي الذي تقدمه امريكا واوروبا لها.
ناجي علي امهز
٢٩/١/٢٠٢٥
قرار ترامب بإلغاء عملة الدولار والانسحاب من العالم واحتلال كندا للانغلاق على نفسها، رعبًا من القادم على العالم.
تخيل أنك تستيقظ صباحًا لتجد أن الدولار قد فقد قيمته، وأن أسواق البورصة قد انهارت، والعالم دخل في دوامة من الفوضى غير المسبوقة. ماذا لو أخبرتك أن كل ذلك كان مخططًا له منذ عقود؟ هل كنت ستصدق؟ في هذا المقال، سنكشف تفاصيل سيناريو مرعب بدأت ملامحه تتشكل، حيث تتجه الولايات المتحدة نحو الانسحاب من العالم، وتُهيئ المسرح لمرحلة قد تغيّر وجه البشرية إلى الأبد.”
*هذا المقال لناجي أمّهز نُشر عام 2018 قبل 7 سنوات تحت عنوان:*
*”هل سحب الجيش الأمريكي من العالم تمهيدًا كي تأكل البشر لحوم بعضها؟”*
📅 تاريخ النشر: 2018-12-23
ما أخبر عنه الآن لا يقل عن اكتشاف أعظم سر في حياة البشرية، لأنكم بعد قراءة هذا المقال، سوف تسارعون، وأنتم بلباس نومكم، إلى بيع كافة أسهمكم في البورصة وممتلكاتكم العقارية واستبدالها جميعًا بالذهب.
في 20/10/2016، تحدثتُ في إحدى القنوات الفضائية عن تقسيم الولايات المتحدة بسبب عدم حصول الانتخابات الرئاسية فيها، وفي حال حصلت هذه الانتخابات، فإن الفائز هو ترامب، والذي ستكون مهمته تدمير العالم، وخاصة العالم العربي، وهو الرئيس الأخير الذي يتم انتخابه وفقًا للتقاليد المتبعة منذ عشرات السنين في أمريكا.
قبل عشرين عامًا، كنتُ مثلكم أعتقد أن مقولة “تؤلف ولا تؤلفان” ضربٌ من ضروب الخيال، ولكن بعد أحداث 11 أيلول 2001، شاهدنا جميعًا، وبأمّ العين، كيف انقلب العالم رأسًا على عقب، حيث انتهى العالم وأصبح ما بعد 11 أيلول مختلفًا كليًا عن ما قبله، بكافة المقاييس والمعادلات.
يقول كاتب هذا السيناريو، وهو عائلة روتشيلد:
كيف يتم تطبيق هذه النظرية؟
1️⃣ يجب على الولايات المتحدة الأمريكية الوصول إلى شبه الاكتفاء الذاتي، وبالفعل هناك مئات الدراسات التي تؤكد أن أمريكا وصلت إلى هذه المرحلة.
2️⃣ يجب إشعال العالم بحروب من أي نوع كانت (سياسية، اقتصادية، اجتماعية، تحركات شعبية، حروب، أوبئة…) أي شيء يمكن أن يخلق الفوضى، وبالفعل هذا ما وصل إليه العالم، فمن بلجيكا حتى فلسطين المحتلة، يعيش العالم فوضى لا يمكن وصفها، كما لا توجد بقعة في العالم تشعر بأي نوع من الاستقرار.
3️⃣ يجب شراء ما أمكن من معدن الذهب، وذلك من خلال رفع سعره بحيث يصبح من الصعب على الشعوب شراؤه، وتبقى الحكومات الوحيدة القادرة على امتلاكه. وبالفعل، هناك حرب تدور حول الذهب، تقودها الولايات المتحدة منذ عام 1991 حتى يومنا هذا، فقد سرقت الذهب العراقي، الليبي، الكويتي، وغيرهم كثير.
4️⃣ يجب استدعاء 60% من احتياطي الجيش الأمريكي، مع عودة أكبر عدد ممكن من الجيش المنتشر في العالم وإعادته إلى الولايات المتحدة الأمريكية، وهذا بالفعل ما يتم العمل عليه، وما سمعناه مؤخرًا عن سحب جيوش من أكثر من مكان في العالم قد يكون في هذا الإطار.
5️⃣ عندما يتم تأمين كافة هذه العناصر، يبدأ تطبيق المخطط، وبالفعل تم إنشاء محاكاة، أي تجربة لهذا السيناريو، في الشهر الرابع من هذا العام، وقد صُممت المحاكاة لمنح مخططي الطوارئ فكرة عن الفوضى التي قد تحدث بسبب الجمود، وانقطاع التيار الكهربائي، وتدمير الاتصالات. حتى أن علماء الكمبيوتر من معهد فرجينيا للفنون التطبيقية وجامعة الولاية، قاموا بإنشاء شخصيات فردية لكل مقيم، تتصرف وفقًا للعمر والجنس، بالإضافة إلى التفاعل بطرق مختلفة، من “الفرار في حالة من الذعر” إلى “الوقوف في حالة شلل”، وفقًا لموقع Science Alert.
6️⃣ والآن، بعد أن اكتملت كافة العناصر لتطبيق هذا السيناريو المرعب، الذي مهمته تدمير نصف العالم تقريبًا، وتحويل النصف الآخر إلى دول تعمّها الفوضى العارمة، سيتم خلق ذريعة يتم على أثرها انتشار الجيش الأمريكي في كافة الولايات المتحدة الأمريكية، وعندما يكتمل انتشار هذه القوات في مختلف أرجاء أمريكا، يخرج الرئيس الأمريكي ويعلن عن نهاية عملة الدولار أو وقف التعامل به، مع إطفاء النظام المصرفي الأمريكي، وإقفال أسواق البورصة والأسهم. إثر هذا الإعلان، تعم الفوضى الولايات المتحدة الأمريكية، فيتم إعلان حالة الطوارئ ويبدأ تنفيذ الجزء الثاني.
🛑 بسبب انهيار المنظومة الاقتصادية العالمية، تشبّ الحروب بين الجميع، من اقتتال على منابع الماء وموارد النفط ومحاولة مصادرة الأراضي الزراعية. فالذي كان يمتلك ملايين الدولارات، تصبح ثروته لا تعادل زجاجة ماء أو رغيف خبز.
🛑 ولأن العالم لا يجد ما يستبدل به حاجاته، جرّاء فقدان العملة الورقية قيمتها، تجتاح الفوضى غالبية الدول التي لم تكن مستعدة لمثل هذا السيناريو، بسبب انشغالها بأزماتها الداخلية أو الفساد الذي كان منتشرًا فيها، مما يُشلّ الحياة، فتحدث انقطاعات في الكهرباء والإنترنت والاتصالات، وتوقف المواصلات برًا وبحرًا وجوًا، يرافقها حالة تمرد وعصيان تطال كافة القطاعات، وانتشار مخيف للأوبئة والأمراض.
🛑 وبينما العالم يشاهد نهايته، كما جاء في فيلم “نهاية العالم”، تكون الولايات المتحدة قد بدأت بإعلان النظام العالمي الجديد، الذي يتم من خلاله منح الشعب الأمريكي بطاقات ممغنطة شبيهة بالـ فيزا كارد، يتم على أساسها توزيع الماء والطعام.
🛑 ومن المتوقع لهذا السيناريو أن يستمر لمدة لا تقل عن خمس سنوات، تكون الولايات المتحدة قد نجحت خلالها في تجاوز الأزمة، بينما العالم بأكمله غارق في الظلمات والنزاعات، في صراع على البقاء يصل إلى مرحلة تجعل البشر يأكلون لحوم بعضهم البعض.
🛑 ومن جديد، يعود النظام العميق (الماسونية) للسيطرة على العالم، في مشهد قد يستمر لألف عام جديد حتى عام 3000 ميلادي.
≈=======
اشكر من رتب المقال ودققه ووزعه، والشكر للنخبة التي تتابع مقالات ناجي امهز، التي بدات عند كل منعطف او متغير عالمي تبحث في مقالاتي ربما اشرت لها قبل حدوثها باعوام.
كل الشكر
ناجي علي امهز
🙏🙏
٤/٢/٢٠٢٥
تكلم كي اراك، أسرار مخيفة ومخفية عن شيعة لبنان.
*بقلم: ناجي أمهز*
من الحقائق الصادمة التي يدركها أعداء وخصوم حزب الله، ولكنها غائبة عن معظم أبناء الطائفة الشيعية، أن المجتمع الشيعي في لبنان يعتمد بشكل كبير على المساعدات الخارجية.
حتى هذه اللحظة، لا يزال المجتمع الشيعي مجتمعًا ريعيًا يعيش على التبرعات والمساعدات الإسلامية والعربية، وعلى رأسها المساعدات الإيرانية التي تغطي ما يقارب 400 ألف شيعي لبناني. إلى جانب ذلك، هناك حوالي 300 ألف شيعي يعملون في المؤسسات الرسمية والخاصة في لبنان، إضافة إلى نحو 150 ألفًا يعملون في بلاد الاغتراب.
هذا هو الواقع الحقيقي، مما يعني أنه إذا توقفت إيران عن التمويل بسبب الضغوط أو الحرب عليها – لا سمح الله – فإن أكثر من 700 ألف شيعي سيجدون أنفسهم تحت خط الفقر، وعاجزين حتى عن شراء رغيف خبز. كما أن المؤسسات الاقتصادية والتربوية الشيعية ستنهار، نظرًا لأن المال الإيراني يشكل المحرك الأساسي لهذه الدورة الاقتصادية في لبنان عامة وبصورة مباشرة وخاصة في البيئة الشيعية.
وسط هذه الظروف، او ما كان يعرف بالهلال الشيعي وبسبب الضخ الاعلامي، شعر الشيعة انهم قادرون على تغيير الشرق الاوسط كما يريدون، وانهم سيقضون على اسرائيل في اول معركة.
وامين عام حزب الله سماحة الشيخ نعيم قاسم، تحدث بصراحة عن الواقع الشيعي، عندما قال:
“بسبب الإمكانات التي راكمناها كمقاومة، والصواريخ التي أصبحت معنا، والطائرات المسيرة التي تحدثنا عنها، والمناورات التي أبرزت قوة استثنائية بالنسبة لنا، ظن الكثيرون بأننا سنهزم إسرائيل عسكريًا بالضربة القاضية إذا حصلت معركة بيننا وبين إسرائيل، يعني اعتبروا هالقوة هي كافية من أجل أن تهزم عسكريًا، هذا كان موجودًا في العقل الباطني.”
لكن بعض الساسة والإعلاميين الشيعة ومن يدور بفلكهم رفضوا خطابه، لانهم يريدون الاستمرار بنفس السلوك السابق الذي لم يعد ينفع في هذا الزمن.
سماحة الشيخ نعيم قاسم هو الأمل الأخير لإنقاذ الطائفة الشيعية في لبنان من سقوط مدوٍ على كافة المستويات، ويجب على الجميع الالتفاف حوله، والأخذ بما يقوله حرفيًا وتطبيقه.
كما أنه علامة فقيه في الدين الإسلامي، فهو أيضًا رجل دولة قارئ ومطلع عن مجريات ومتغيرات المنطقة والعالم، ولديه شجاعة قل نظيرها وهذا ما أظهره من خلال موافقته على اتفاق وقف إطلاق النار الذي انقذ المقاومة وما تبق من الدور الشيعي، ومن ثم طرح سماحته بجرأة وصراحة هو قال عنها ان اللبنانيين لم يسمعوا مثلها من قبل، عندما تحدث عن كل ما يتهدد الطائفة الشيعية.
سماحته اليوم لا يخوض معركة ضد الإسرائيلي فحسب، بل يواجه معركة داخلية أصعب وهي محاولة توعية الشيعة لادراك حجم الأخطار. .
الشيخ نعيم قاسم هو اليوم في مقدمة الذين نزلوا إلى أرض المعركة في أصعب الظروف السياسية والعسكرية، إضافة إلى الواقع الاقتصادي والاجتماعي الكارثي بسبب البربرية الإسرائيلية والضغوط الدولية التي استهدفت الشيعة ومناطقهم ومؤسساتهم.
الشيخ نعيم قاسم رغم حجم الاخطار الامنية الا انه بين الناس واهالي الشهداء والجرحى، يسمع منهم مباشرة، يتابع شخصيا ومباشرة التطورات السياسية اللبنانية والدولية.
حتى هذه اللحظة، لم يتطرق الشيخ نعيم قاسم إلى الشأن السوري الداخلي أو يتدخل فيه.
بالمقابل، لا أفهم سبب إصرار بعض الإعلاميين الشيعة ومن هم في الفلك الشيعي على التدخل في الشأن السوري، وطرح النظريات التي يرفضها اقله 70 بالمائة من الشعب السوري، هذا التدخل قد يدفع الحكومة السورية الجديدة إلى التحرك دبلوماسيًا وإغلاق الحدود البرية استنكارًا لهذه التدخلات، مما سيؤدي إلى تحرك الرأي العام اللبناني التذي تضررت مصالحه وربما قد يتظاهر اللبنانيين المؤيدين للحكومة السورية الجديدة ضد هذا التدخل في الشأن السوري، وسنكون أمام مشكلة سياسية يصعب إيجاد حل لها.
سماحة الشيخ نعيم قاسم، استنكر مظاهر احتفالية خارج الضاحية وطالب بمحاسبة المتجاوزين، موقف سماحته انقذ الشيعة من موجة انتقادات كادت ان تتحول الى راي عام وفعل وردة فعل، والطائفة الشيعية بغنى عنها.
بالمقابل قبل اطلالة سماحة الامين العام سوق الكثير من الاعلاميين الشيعة وغيرهم لهذا التحرك، مما يعني بان هذه الاصوات لا تمثل راي حزب الله، او بالاحرى لا تعرف شيئا عن موقف حزب الله.
الشيخ نعيم قاسم، وحفاظا على ارواح الجنوبيين ولتفويت الفرصة على العدو الاسرائيلي وافشاله بايجاد ذرائع يستغلها لتمديد احتلاله، تحدث عن تمديد الانسحاب الاسرائيلي الى 18 الشهر الحالي، ووضع الامور بعهدة الدولة اللبنانية مطالبا اياها بالضغط على الدول الراعية للاتفاق من اجل اخراج العدو الاسرائيلي.
بالمقابل فان الذين ينتشرون على الاعلام الشيعي لم يتوقفوا عن اطلاق نظرياتهم، والحديث عن سيناريوهات سيقوم فيها اهالي الجنوب وحزب الله، ليتبين ان ولا واحد منها قد طرحه او سيعمل فيه حزب الله.
هذا النمط السائد أصبح عبئًا على الطائفة في لبنان، وربما قد يتمدد ليصبح عبئًا على الجمهورية الإسلامية في إيران، لأن مثل هذه التصرفات غير المسؤولة قد تسببت في المزيد من الانقسام في الرأي العام اللبناني والعربي المنقسم اساسا.
ايضا هذا الاصرار على المضي بنفس الخطاب الذي كان سائدا قبل عام، قد يخسر الطائفة الشيعية كل ما قدمته من تضحيات جسام في سبيل الدفاع عن اهالي غزة وفلسطين، وحتما سيفاقم عزلة الشيعة في لبنان والمنطقة.
دعونا نتوجه لبناء التجمعات النخبوية الشيعية، وان ننشئ منتدى اقتصادي شيعي ونفعل نشاطه ودوره، اليوم رجل اقتصادي ناجح وله علاقات فاعلة يعادل دولة قائمة، وان نفعل ادوار النخب التي لها خبرة سياسية حقيقية وعلاقات مؤثرة.
دعونا نستفيد في هذا الزمن الاسود من كل مقومات قوتنا.
الطائفة الشيعية قادمة خلال ثلاثة اشهر على استحقاقات صعبة جدا، يجب أن يكون هناك موقف واضح تجاه هذه الأمور، وأن تطغى لغة الحوار والتوعية والتوجيه، والالتفات إلى الواقع بواقعية ومسؤولية قبل فوات الأوان.
اليوم العالم يعيش على نظرية سقراط: “تكلم كي اراك”
دعونا نجعل العالم يرانا في اجمل وافعل واعظم اسلوب يليق بالطائفة الشيعية العزيزة الصابرة المضحية المقاومة المنتصرة.
*ناجي علي امهز*
١٢/٢/٢٠٢٥
لم يعد أمام العرب والمسلمين إلا خياران: إما إحياء نصرالله، أو تنفيذ اوامر ترامب.
*بقلم ناجي علي أمّهز*
بداية، الموضوع ليس مرتبطًا باستشهاد السيد نصرالله بقدر ما هو مرتبط بدور لبنان التاريخي الذي صنع مجد العرب، طوّر حضارتهم، رفع بنيانهم، وعزّز استقلالهم.
بدأت قصة لبنان الحديث مع نهاية القرن التاسع عشر، عندما اعترض شخص من آل ضو (مسيحي ماروني) على منحه الجنسية الأمريكية من الدرجة الثانية، حيث كانت الجنسية آنذاك مقسّمة إلى ثلاث درجات:
الدرجة الأولى: تُمنح للمهاجرين القادمين من أوروبا الغربية والشمالية، مثل البريطانيين، الألمان، والهولنديين، الذين كانوا يُعتبرون الأكثر “قبولًا” في المجتمع الأمريكي بسبب أصولهم البروتستانتية ولغتهم القريبة من الإنجليزية.
الدرجة الثانية: تشمل المهاجرين من جنوب وشرق أوروبا، مثل الإيطاليين، اليونانيين، اليهود، والبولنديين، بالإضافة إلى بعض سكان الإمبراطورية العثمانية، مثل العرب والشوام (سوريا، لبنان، فلسطين).
الدرجة الثالثة: شملت المهاجرين الآسيويين، الأفارقة، وسكان أمريكا اللاتينية.
كجزء من حملة لتأكيد بياض السوريين، نُشرت مقالات وكتب تدافع عن تصنيفهم العرقي، واعتُبرت قضية جورج ضو محورية للجالية. في المحاكمة، أثنى القاضي على محامي الدفاع الذين أكدوا أن تصنيف السوريين كآسيويين كان مهينًا. في الاستئناف، تم الاعتراف بالسوريين كجزء من العرق القوقازي، وكانوا من دم سوري وعربي ويهودي مختلط وليس من العرق المنغولي لحكامهم الأتراك نفسه، ومنح ضو الجنسية.
أدى هذا الحكم إلى تسوية رسمية لقضية العرق للأميركيين العرب، حيث تم تصنيف السوريين والفلسطينيين كبيض، بغض النظر عن كونهم من رعايا الدولة العثمانية.
منذ ذلك التاريخ، كان اللبنانيون هم الذين يفتحون أبواب الغرب للعرب، لا سيما أبناء دول الخليج، حيث قدّموا هؤلاء إلى مراكز القرار في أمريكا وأوروبا. بل إن غالبية الزعماء والأمراء العرب كانوا يتفاخرون بمصاهرة العائلات اللبنانية.
حتى اليهود لولا اللبنانيين كانوا حتى اليوم يعانون من التمييز العنصري في امريكا.
مع مطلع القرن العشرين، بدأ اليهود التخطيط للقضاء على دور لبنان الريادي في العالم. كانوا يدركون أن قيام دولة إسرائيل مستحيل بوجود لبنان.
فالإسرائيلي يعلم أنه مهما تطوّر وسيطر في المنطقة، فلن يكون بديلاً للبنان، لذا كان خياره الوحيد هو شطب لبنان عن الخارطة ليسيطر على المنطقة والعرب.
للأسف، نجح العقل الإسرائيلي في الانتصار على العقل اللبناني، وجرّه إلى حرب أهلية طاحنة وصراعات داخلية قضت على مقوّمات الدولة اللبنانية، ما سمح للإسرائيلي باحتلال لبنان.
بعد قرابة مائة عام على قضية ابن “ضو” الماروني، وفي عام 1984، انطلقت ما يُعرف بالمقاومة الإسلامية أو حزب الله، الذي وُلِد من رحم الأمة اللبنانية الفينيقية. رغم الدمار والنار والموت، وُلدت المقاومة من بين الركام والرماد، كما وُلد طائر الفينيق شاهدًا على الحياة.
قدّمت هذه المقاومة نموذجًا إنسانيًا، وجدانيًا، بطوليًا، وطنيًا رائعًا في التضحية والتفاني من أجل تحرير تراب لبنان من الاحتلال الإسرائيلي.
وفي عام 2000، خرج سيد الانتصار قائلاً: “هذا النصر لكل اللبنانيين والعرب والمسلمين”.
لكن بدل أن يفرح اللبنانيون بانتصار أبنائهم على أقوى جيش محتل في العالم، دخلوا في زواريب السياسة والاصطفافات الطائفية. على سبيل المقارنة، لو كان هناك مصارع لبناني ينافس مصارعًا من دولة أخرى، فإن وجدان الشعب اللبناني لا يمكن إلا أن يكون معه. ولكن، في معركة وجودية مصيرية، قدّم فيها الشباب أرواحهم، وقطعًا من أجسادهم، ويُتّم أطفالهم، ورُمّلت نساؤهم، نجد أن بعض اللبنانيين تجرأوا على الطعن في وطنيتهم.
هكذا تطور الصراع اللبناني الداخلي حول المقاومة، وصبّت أمريكا الزيت على النار، مما عزّز الانقسام الداخلي، وجاء ذلك كله خدمةً لإسرائيل.
للأسف، تبعها غالبية العرب في حربهم وحصارهم للمقاومة اللبنانية، دون أن يدركوا أنهم بتدمير وقتال المقاومة إنما يقاتلون أنفسهم ويدمّرون قوتهم وبلادهم.
لقد حذّرت الداخل اللبناني وحتى العرب في العديد من المقالات، ومنها مقال: “هل يجب نزع سلاح حزب الله؟” المنشور في 6-7-2020.
“”في الواقع، لولا وجود حزب الله، لما وجدتُم أي دولة مهتمة بلبنان، لأن الدول التي تخشى على الكيان الإسرائيلي هي التي تعمل ليل نهار على إبقاء لبنان يتنفس، وتدفع أموالًا لبعض الأحزاب والقوى لمواجهة حزب الله، وإلا فما قيمة الكثيرين في المعادلة الإقليمية والدولية؟””
حزب الله كان المحرك الاساسي للحراك المتوازن في المنطقة،
“حتى امريكا نفسها اليوم تشعر ان اللعبة السياسية على الحلبة الدولية اصبحت مملة.”
فالمصارع القوي ينتهي دوره كما ينتهي الرهان عليه لانه لن يجد من يواجهه او ينازله،.
وهذا حال ترامب اليوم الضليع بسيكولوجية جمهور المصارعة.
لكن، للأسف، غالبية العرب والمسلمين لا يقرؤون، وحتى اللبنانيون أصبحوا الأقل مطالعة، رغم أنهم رواد الحرف ومصدّرو الكتب التي يختارونها للترجمة والطباعة، وكانوا هم من يغذّي العقل العربي باختيار الكتب التي تبني وتنشئ وتطوّر.
اليوم، نجحت إسرائيل في القضاء على دور من ادوار الامة اللبنانية التي كانت تدافع عن لبنان والعرب،
لكن بالمقابل، فإن العرب هم الذين يدفعون الأثمان. وهذه الأثمان لن تتوقف عند ترحيل الفلسطينيين وتوطينهم، بل ستنتهي بكارثة مأساوية للجيوش العربية، تمامًا كما تحطّمت القدرات العسكرية للجيش السوري، والتي هي ملك الشعب السوري.
هل يعتقد السوريون أنه من الآن فصاعدًا سيسمح لهم بامتلاك الطائرات الحربية أو صواريخ بعيدة المدى أو المنظومات الدفاعية؟ لقد استطاعت إسرائيل، خلال ساعات، أن تدمر كل ما حاول الجيش السوري امتلاكه طيلة نصف قرن.
وكذلك سيكون حال جيوش الدول العربية التي تمتلك أسلحة متطورة، فجميعها سيتم تدميرها والقضاء عليها، حتى لا يكون في المنطقة من هو قادر حتى على التفكير بمواجهة اسرائيل.
اليوم، وبعد أن تبيّن أن الشهيد نصرالله كان يحمي حتى الدول التي لم تؤيّده أو تقف معه،
وحتى الشعب الفلسطيني وحركات مقاومته، ومنها حماس، فقد ثبت أن جزءًا من قوتها كان بسبب وجود الشهيد نصرالله.
لكن ماذا ينفع الندم والحسرة، لقد قتلتم بأيديكم من كان يحميكم، أو أقله، كانت علّة وجوده تمنحكم الأدوار والمساحة الكبرى من الحركة السياسية العالمية والإقليمية.
أما ترامب، سيد البيت الأبيض، فهو يدرك ماذا يفعل. إما أن تقبلوا بما يقول، وهو ترحيل الفلسطينيين، وإما ستشاهدون الجحيم.
وترحيل الفلسطينيين ليس سوى الطلب الأولي، بل هناك لائحة مطالب لن تكون لكم قوة أو قدرة على تحقيقها.
فأمريكا لا تقبل بشكوى، بل تنظر إلى الجميع على أنهم أصبحوا عبيدًا لها، ولا يوجد في عُرف العبيد مكان للراحة والرخاء والبحبوحة.
وبما أنكم غير قادرين على المواجهة، فادعوا الله أن يُحيي الشهيد السيد نصرالله، وإلا، سيكون الرضوخ لترامب هو فاتورة عدم ادراكنا للسياسة الدولية..
في النهاية، كان يتوجب على جميع العرب بعيدا عن الصراعات او التحلفات الدولية وحتى مع رفضهم لسياسات المقاومة، ان يدعموا نقطة قوتهم التي تنتج توازن قوة مع الاسرائيلي من خلال دعم المقاومة اللبنانية والفلسطينة ولو بالسر وبطرق غير مباشرة، لان نشوء الامم والكيانات يتطلب التعامل مع التحديات السياسية والإقليمية باسلوب اكثر تفهمًا وعمقًا للسياق التاريخي والحاضر، مع الأخذ في الاعتبار وجهات النظر السياسية المتنوعة وتضارب المصالح.
فلا داعي لان يكون صديقك حليفك، ربما عدو عدوك هو حليفك.
في الختام، رحل الشهيد نصرالله مؤمنًا، قويًا، عزيزًا، ومنتصرًا في ثباته على مواقفه حتى النفس الأخير، مدافعًا عن المستضعفين في فلسطين.
أما العرب حلفاء ترامب، فتعيشون تحت أوامره المعلنة، حيث يُملى عليكم ما يجب فعله دون حتى استشارتكم حول أي خطط بديلة، أو على الأقل منحكم حق الاقتراح. بل إن التفكير في حلول بديلة أصبح ممنوعًا عليكم، ومن يرفض ذلك، أعلن ترامب صراحة أنه سيعاقبه.
حقيقة كان على العرب ان يحافظوا على لبنان كما يحافظون على ارواحهم، لانه بالنسبة لهم بتاريخه الغني وموقعه الاستراتيجي وما ابرزه من حكمة عالمية في السياسة الدولية والدبلوماسية باروقة الامم المتحدة وقوة عسكرية اسطورية قتالية في ارواح شعبه، للدفاع عن القضايا العربية، في المنطقة والعالم.
اليوم من سيدافع عن العرب وفلسطين، ومن سيجعل امريكا واسرائيل تعيد حساباتها قبل ان تفرض شروطها.
ننتظر يوم السبت حيث يبدا الشرق الاوسط الجديد.
١٩/٢/٢٠٢٥
دخلنا العصر الأمريكي البريطاني في زمن الذكاء الاصطناعي… وويل للعرب
*بقلم ناجي علي امهز*
البداية: أخذت على نفسي عهدًا ألا أكتب إلا ما ندر، لأن في هذا الزمن، العاقل من اتعظ بغيره.
اليوم من يعرف بالسياسة يتحدث، انما الذي لا يعرف ويتحدث بما لا يعرف او ماذا يجري في العالم، فان النظام العالمي الجديد سيسحب لسانه من مكانه.
لقد تبدلت موازين القوى، وتحول الزمن بشكل دراماتيكي. بالأمس، غادر بشار الأسد قصوره على عجل، واحتلت اسرائيل اجزاء جديدة من سوريا، كما احتلت اجزاء من لبنان، وبالامس القريب كانت امريكا توقع حل الدولتين بينما اليوم تطالب بتهجير جميع الفلسطينيين من فلسطين، حتى نتنياهو بدا يتحدث بسخرية عن العرب حسب تقرير الغارديان.
بالامس شاهدنا حشودا عسكرية مصرية في سيناء لمنع تهجير الفلسطينيين، وهي نفسها التي منعت دخول المساعدات الى الفلسطينيين، كيف ستواجه مصر قرار ترامب وهي التي نفذت بالامس قرار اسرائيل بمحاصرة الفلسطينيين في غزة.
رأينا جميعًا الملك عبد الله، ملك الأردن، قرب ترامب، حيث تجمد في مكانه ولم تتحرك منه سوى عيناه بصورة غريبة، وبعدها دخل المستشفى، وكأنه قد انفجر من الداخل.
ترامب نفسه قال: “لقد عرض عليّ العرب خطة بديلة، تتضمن استعدادهم لإعمار غزة، وتعويض إسرائيل، وضمان ألا تبقى فيها أي قطعة سلاح تهددها. بل إنهم مستعدون لفعل أي شيء، فقط ألا يُرحَّل الفلسطينيون إلى بلادهم!”.
وهذا ما قاله نتنياهو إنه ربما ترغب الرياض في استيعاب الفلسطينيين من غزة فلديهم الكثير من الأراضي، وقد أطلقت وسائل الإعلام الرسمية السعودية عاصفة من الشتائم ضده”.
ويحق فقط لبنان والسعودية لانهما يمتلكان أسبابًا قوية تبرر رفضهما لقرار مثل ترحيل الفلسطينيين، لكن يبقى السؤال: هل هناك بالفعل إرادة عربية موحدة لمواجهة قرارات بهذا الحجم؟
اليوم كل العرب مع السعودية التي كان موقفها واضحا حسب تقرير الغارديان أنه “عندما أعلن ترامب عن خطته، أصدرت السلطات السعودية على الفور بيانا يرفضها، وكانت الحكومة حريصة جدا على الإشارة إلى هذا الرفض لدرجة أنها أصدرت البيان في الساعة الرابعة صباحا بالتوقيت المحلي” للمملكة العربية السعودية.
لكن امام ما قاله سفير الامارات لدى واشنطن: “نحن جميعا في مجال البحث عن الحلول” ولا “أرى في الحقيقة بديلا لما يتم اقتراحه” اي لا بديل لخطة ترامب يعني ان الانقسام العربي في اوجه.
خاصة بعض الدول العربية، تلك التي أقامت علاقات مع إسرائيل، تجد نفسها في موقف غير قادر على الرفض العلني لقرار مثل ترحيل الفلسطينيين، إما بسبب تحالفاتها أو ضعف تأثيرها السياسي.
اليوم الكثير من الدول العربية ستدفع ثمن تخليها عن المقاومة ليس للانتصار على اسرائيل، انما من اجل تعزيز موقفها.
فالشعوب التي لم تنتفض لحصار غزة، لا وزن لمواقفها.
اليوم لم يعد يوجد شيء اسمه صداقات او تحالفات بين الدول، فالذكاء الاصطناعي هو من يقرر ماذا سيحصل، ومن يعتقد ان السياسة العالمية والاقتصادية يقودها اليوم النخبة البشرية، فانه مخطئ وواهم،
وبظل الذكاء الاصطناعي الذي يهيمن على رسم السياسات ومنها الاقتصادية والعسكرية وحتى في التمنية البشرية، يعرف ان ترامب لا يملك الية الرفض والقبول بل عليه ان ينفذ، كما نفذ الية ترحيل المهاجرين الى امريكا ووقف منح الجنسية لمن يولد فيها كما كان سائدا قبل عقود طويلة.
ويُقال إن الذكاء الاصطناعي وبّخ نتنياهو قائلًا: “لقد ورطوك غالبية العرب الذين ساهموا معك بحصار الفلسطينيين، لماذا تريد أن تتورط بقتل الفلسطينيين؟ أرسلهم إلى الدول العربية، وهم سيتكفلون بقتلهم، كما حدث في السبت الأسود في الأردن، وستعم الفوضى هذه الدول مما يعني بان اسرائيل ستحصل على كل ماتريد حتى دون ان تخسر دولارا واحدا”.
نعم في في ظل التحولات الكبرى التي يشهدها العالم، يبدو أن العرب باتوا خارج معادلة التأثير، غير قادرين على تحديد مصيرهم أو اتخاذ قرارات تخدم مصالحهم. يُلام ترامب على قراره بترحيل الفلسطينيين، لكن هل نحن أمام قرار فردي أم نتيجة تراكمات تاريخية سياسية وثقافية أوصلت العرب إلى موقع المتفرج على قضاياهم المصيرية؟
من يتابع عن كثب السياسات العربية يعلم ان قرار ترامب لم يكن وليد اللحظة، بل هو انعكاس لوضع عربي متأزم لا يمتلك القدرة على فرض خياراته. كيف يمكن أن نفسر صمت الشعوب العربية أمام ما حدث في غزة، حيث أُبيدت تحت القصف والجوع في شهر رمضان، دون أن يتحرك الشارع العربي بفاعلية؟ هل كانت إسرائيل وحدها من حاصر غزة، أم أن الأنظمة العربية كانت شريكة غير مباشرة في هذا الحصار؟
حينما تحدث ترامب عن نيته تهجير الفلسطينيين، لم يجرؤ احد عن اعلان قطع العلاقات مع امريكا او حتى مع اسرائيل.
لماذا؟ لأن النظام العربي فقد هامش المناورة، وأصبح رهينة التوازنات الدولية، بحيث لم يعد قادرًا على رفض أي قرار أمريكي أو بريطاني، كما صرّح ترامب نفسه بأن هؤلاء الحكام لا يمتلكون خيارات، وأن مجرد مصافحته لهم تُعدُّ تنازلًا من جانبه.
لو سالنا الذكاء الاصطناعي عن موقف ترامب من الشيعة، لأجاب بأنهم سيُحاسبون، لأنهم مختلفون عن بقية العرب؛ فهم وحدهم من ضحى في سبيل غزة، في وقت كان فيه 500 مليون عربي منشغلين بالاحتفالات والرقص والغناء. لكن هل كان الشيعة يعتقدون أنهم بعد الفلسطينيين سيكونون بمنأى عن التصفية؟ التاريخ يقول إن العرب تقاتلوا لعقود من أجل صراع قبلي كما في حرب داحس والغبراء، فكيف سيرحمون بعضهم اليوم؟ المشكلة أعمق من مجرد خلافات سياسية، إنها أزمة هوية وصراع دائم على السلطة والوجود.
اليوم عليك ان تسال الذكاء الاصطناعي وعلى اساسه تجيب، انما ان تسال اقاربك ومن حولك، حتى ما يجول بخاطرك اصبح شيء تقليدي للغاية وبدائي.
وايضا لو طُرح السؤال على الذكاء الاصطناعي عن مستقبل العرب، فسيقدم الإجابة التالية:
الصينيون يبتكرون ويصنعون، وهم الذين مكّنوا العرب من أدوات الحياة الحديثة، وإلا لعاشوا كما كانوا قبل قرن.
الهنود رغم تنوعهم الديني واللغوي، لم يخوضوا حروبًا أهلية او دينية طائفية مدمرة، بل استطاعوا بناء نهضة تقنية وعلمية.
الإيرانيون يطورون أنفسهم علميًا وصناعيًا، ويعيش بينهم المسيحي واليهودي تحت مظلة الدولة، متجاوزين الطائفية.
الأوروبيون والأمريكيون تجاوزوا كوكب الأرض، يبحثون عن مستعمرات في الفضاء، بينما العرب لا يزالون يناقشون إن كانت الأرض مسطحة.
حتى الأفارقة، رغم بساطة حياتهم، يعيشون في انسجام مع بيئتهم.
العرب، فرغم امتلاكهم لغة واحدة، إلا أنهم منقسمون حتى على أبجديتهم. ورغم امتلاكهم أغنى مخزون نفطي، إلا أنهم لم ينجحوا في بناء نموذج صناعي واحد يمكن أن يجعلهم قوى عالمية. يتحدثون عن الأخوَّة، لكن لم تُسهم أي دولة عربية في نهضة أخرى، بل غالبية الدول العربية تتلقى معونات ضئيلة من امريكا، وامريكا تربحهم جميلة مع انه لو بحثنا عن مصادر هذه الاموال لوجدنا ان امريكا اخذتها من العرب.
لا احد يعرف ماذا يريد العرب او كيف يفكرون، مسموح النقاش في كتب الطب التي كتبها اطباء قبل قرون، لكن ممنوع ان تبحث في حديث كتبه شخص بعد وفاة النبي بقرون، ممنوع ان تفكر كيف وصل كاتب هذا الحديث الى هذه الاحاديث، اين كانت موجودة، هل تناقلها من ناقل عن ناقل، وكم جلس مع هذا الناقل ليتاكد من دقته وبلاغته ومعرفته.
ان ما اكتبه ليس مجرد نقد الواقع، بل البحث عن مخارج من هذا المأزق الحضاري. الحل يبدأ بإعادة النظر في مفهوم الدولة الوطنية، وبناء اقتصادات قائمة على الإنتاج لا الريع، وتعزيز الهوية الثقافية بعيدًا عن الخطابات الشعبوية التي تكرس العجز. لا بد من تحوّل جذري في النظرة إلى الذات، وإلا فإن العصر الأمريكي البريطاني، بدعم الذكاء الاصطناعي، سيحسم مصير العرب دون أن يكون لهم رأي في ذلك.
لقد دخلنا عصرًا جديدًا، لكننا ما زلنا نحمل عقلية الماضي.. فإلى متى؟
رحم الله الشهيد السيد نصرالله الذي استشهد واقفا كي لا ينكسر العرب حتى الذين على خصومة معه.
رحم الله كل الشهداء خاصة في لبنان الذين ضحوا من اجل العالم العربي كله.
رحم الله اطفال ونساء اهالي غزة الذين قتلوا عشرات المرات بسبب الصمت العربي.
يجب ان يتغير ويبتكر العرب، كما أن الغرب يبتكر ويصنع ويتقدم، لا يجوز ان تظلّ الأمة العربية تدور في دوائر مغلقة، ترفض النقد، وتقدّس الجمود، وتسير عكس عجلة الزمن. وإن استمرت على هذا النهج، فليست العودة إلى العصر الحجري مجرد احتمال، بل حتمية تاريخية.
لمعرفة لماذا ترامب اتخذ قرار تهجير الفلسطينيين يمكن فقط سؤال الذكاء الاصطناعي في “اكس” او “شات جي بي تي” وبعد مطالعة جواب الذكاء الاصطناعي ستدرك انه طالما العرب لن يعالجوا هذه المشاكل فلا حل الا ما طرحه ترامب، وحينها ستدركون بسهولة سبب اصرار ترامب على موقفه.
هذا السؤال الذي طرحته على الذكاء الاصطناعي، عن سبب الازمة الفلسطينية لقرا هذا الجواب:
يمكن القول إن الأزمات العربية ساهمت بشكل كبير في تعقيد الأزمة الفلسطينية واستمرارها. القضية الفلسطينية ليست مجرد صراع بين الفلسطينيين والإسرائيليين، بل هي انعكاس لواقع عربي مأزوم سياسيًا، واقتصاديًا، وثقافيًا.
كيف أثّرت الأزمات العربية على القضية الفلسطينية؟
ضعف الموقف العربي:
في العقود الأولى بعد نكبة 1948، كانت القضية الفلسطينية أولوية لدى الدول العربية، لكن مع مرور الزمن، تراجعت هذه الأولوية لصالح الصراعات الداخلية والانقسامات السياسية.
الأنظمة العربية أصبحت أكثر اهتمامًا بالحفاظ على بقائها في السلطة بدلًا من مواجهة إسرائيل أو دعم الفلسطينيين بفعالية.
التطبيع والواقعية السياسية:
بعض الدول العربية رأت أن القضية الفلسطينية عبء سياسي، فاتجهت نحو التطبيع مع إسرائيل لحماية مصالحها الاقتصادية والأمنية.
هذا التطبيع جعل الفلسطينيين في موقف أضعف، حيث فقدوا جزءًا كبيرًا من الدعم الإقليمي الذي كان يشكل ركيزة أساسية في نضالهم.
الصراعات العربية الداخلية:
الحروب الأهلية، مثل ما حدث في لبنان، سوريا، واليمن، شتّتت الجهود العربية وأضعفت الموقف الجماعي تجاه فلسطين.
انشغال الشعوب العربية بأزماتها المعيشية والسياسية جعل القضية الفلسطينية تتراجع في الوعي العام، حيث أصبح المواطن العربي أكثر اهتمامًا بأوضاع بلاده الداخلية.
غياب مشروع عربي موحد:
بينما تمتلك إسرائيل مشروعًا واضحًا منذ تأسيسها، يفتقد العرب إلى رؤية موحدة تجاه فلسطين.
الانقسامات بين الدول العربية، وحتى بين الفصائل الفلسطينية نفسها، جعلت القضية أكثر تعقيدًا وأقل تأثيرًا على الساحة الدولية.
الخلاصة
القضية الفلسطينية لم تكن لتصل إلى هذا الحد من التعقيد لولا البيئة العربية الهشة التي سمحت لإسرائيل باستغلال الانقسامات. ما لم تتغير هذه الديناميكية، سيبقى الفلسطينيون في مأزق، وسيتحول العالم العربي من مؤثر في القضية إلى مجرد متفرج عليها.
١/٣/٢٠٢٥ ضج الاعلام العربي واللبناني، بخبر وزع عن ديوان رئاسة الوزراء بإسرائيل يحذر بانه: سنضرب النظام السوري في حال مساسه بالدروز في جرمانا.
ما نشره ديوان رئاسة وزراء العدو، اليوم حول الدروز تحدث عنه ناجي امهز في ١ – ١ – ٢٠٢٥
جاء في المقال “*كتب ناجي أمهز عن عام 2025: بريطانيا ستحكم جزء من عالمنا واسرائيل ستحكم الجزء الثاني*”
أما طائفة الموحدين الدروز، فسيجتمعون في وادي التيم وبعضهم سيكون تحت حماية إسرائيلية أو ضمن حدود إسرائيل الجديدة. حتى دروز سوريا سيخضعون لنفس المعايير. ومن يرفض هذه الفكرة يمكنه مراجعة مقالي الذي نشر في 4 – 11 – 2024 تحت عنوان “بحال هزمت المقاومة: استيطان إسرائيلي، سوري، فلسطيني، الشيعة إلى العراق، الدروز إلى وادي التيم، وقيام دولة علوية” وهو مقال نشر قبل شهر من سقوط بشار الاسد، يعني هذا المقال الذي لا يدخل عقل وكتب قبل شهر من سقوط بشار الاسد اليوم اصبح حقيقة خاصة ان البعض كان ينكره ومنهم من يصدقني ويؤمن بكتاباتي لكن كان يظن انني بكرت على كتابة مثل هذا المقال الذي ربما يحتاج الى سنوات ليتحقق.
٤/٣/٢٠٢٥
الذكاء الاصطناعي خاض أول حروبه ضد محور المقاومة، وسيقسم المنطقة، وهو السبب في مسلسل معاوية
*بقلم ناجي علي أمهز*
عادةً، بعد أن يهدأ صوت أزيز الرصاص ودوي المدافع، يجلس من يهتم لمراجعة ما حدث، ويتساءل كيف حدث ذلك، خاصةً إذا شهدت المرحلة تغييرات كبيرة خلال فترة قصيرة.
من طهران إلى لبنان، شهدت المنطقة تحولات لم يكن الأمريكي ولا الإسرائيلي يتوقعانها، كما لم يكن محور المقاومة مستعدًا لها. في هذه الحرب، ظهر لاعب جديد: الذكاء الاصطناعي، الذي لم يعد مجرد أداة تحليل، بل أصبح جزءًا من صناعة القرار العسكري والسياسي والاقتصادي، وربما حتى الديني.
لأول مرة، خاض الإسرائيلي والأمريكي معركة كان فيها الذكاء الاصطناعي هو القائد الفعلي. لم يكن الاعتماد على العمليات الاستخباراتية التقليدية كما في السابق، بل كان الذكاء الاصطناعي يجمع المعلومات، يحللها، يحدد الأهداف، يخطط للتوقيت الأمثل للضربات، ويتنبأ بردود الفعل المحتملة، بل وحتى يحدد أولويات الاغتيالات.
لكن السؤال الأخطر: هل استطاع الذكاء الاصطناعي قطع وسائل الاتصال بين قيادات المقاومة إلى حدٍّ اضطرهم للاجتماع المباشر بعيدًا عن أي اختراق إلكتروني؟ واستغل العدو الإسرائيلي هذا الاجتماع لاستهدافهم؟
بمعنى اوضح هل وضع الذكاء الاصطناعي خارطة عمل معقدة لدرجة ان قيادات المقاومة لم يبق امامها الا الاجتماع مباشرة للتباحث. مما سهل على العدو الاسرائيلي استهداف الغالبية بغارة واحدة.
ما يشاع عن الذكاء الاصطناعي وقدراته، يجلعنا نؤمن ان هناك ما هو أبعد مما نتصوره، خصوصًا عندما نعلم أن دمج الذكاء الاصطناعي مع الحوسبة الكمّية قد حلَّ مسائل علمية معقدة في ثوانٍ، بينما كانت تحتاج الحواسيب العملاقة لمئات السنين لحلها.
كما انه من الأسئلة التي لم تجد إجابة حتى الآن: تفجير البيجرات. هل كانت هذه الأجهزة مفخخة مسبقًا، أم أن هناك تقنية برمجية جديدة تستغل البطاريات لتفجيرها عن بُعد؟ إذ لا يُعقل أن يكون العدو قد قام بتفخيخ آلاف أجهزة البيجر دون انكشاف أمرها، إلا إذا كان الذكاء الاصطناعي قد استنتج أن المقاومة لا تشك للحظة انها ستتعرض لهذا النوع من الاستهداف.
كما عزيمة وصلابة المقاومين في الميدان غير عادية، فانه حصل في هذه الحرب شيء غير عادي باعتراف حتى الدول، الجميع يتفق على أن الذكاء الاصطناعي لم يكن مجرد محلل بيانات، بل كان العقل المدبر وربما هو الذي رسم سيناريو البيجر وهذه العملية المعقدة.
رئيس وزراء العدو الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، صرّح أمام الكنيست بأن توقيت تفجير البيجرات في لبنان كان “الأفضل”، حيث أدى إلى “انعطافة حاسمة أسهمت في إسقاط نظام الأسد”. كما أكد أن “العالم شهد قدرة إسرائيل على خداع أعدائها”.
أما صحيفة “واشنطن بوست”، فقد كشفت أن “غوغل زوّدت إسرائيل بأحدث تقنيات الذكاء الاصطناعي بالتزامن مع حرب غزة”، بينما أكدت منظمة “هيومن رايتس ووتش” أن الجيش الإسرائيلي استخدم الذكاء الاصطناعي لتحديد أهدافه في غزة، مما أدى إلى خسائر فادحة في صفوف المدنيين.
في تقرير رسمي نشرته وسائل الإعلام الإسرائيلية، تم الكشف عن استخدام نظام الذكاء الاصطناعي “حبسورة” لتحديد الأهداف العسكرية. هذا النظام يُصدر توصيات مباشرة لمحللين بشريين لتحديد من يجب قتله، سواء كان مقاتلًا أو قائدًا، أو حتى مدنيًا مشتبهًا به.
في تقرير نشرته “سكاي نيوز عربية”، أوضح مصدر عسكري إسرائيلي لمجلة “+972” أن “كل شيء محسوب بدقة، وعندما تُقتل فتاة تبلغ من العمر 3 سنوات في منزل في غزة، فهذا قرار مقصود وليس خطأً عشوائيًا”.
عندما صرّح وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت بأن “نتنياهو كان يخشى مواجهة حزب الله لأنه يعلم أن تل أبيب ستُدمَّر”، فهذا يشير إلى أن القيادة الإسرائيلية لم تكن ترغب بالحرب. إذن، من الذي دفعها إليها؟
المشكلة اليوم لم تعد بمحور المقاومة، ويبدو أن الذكاء الاصطناعي قد حسم جزءًا من المعركة ضد المحور، ولكن ماذا عن بقية الدول العربية؟ هل هي مستعدة لمواجهة تداعيات قرارات الذكاء الاصطناعي التي بدا ينفذها الاسرائيلي والامريكي؟ وحتى لو لجأت الدول العربية إلى التطبيع، فهل ستتمكن من الحفاظ على سيادتها في ظل عدم القدرة على رفض ما تمليه الادارة الامريكية.
وكما تشير الدراسات والتسريبات إلى أنه لا توجد حرب عسكرية إسرائيلية في المدى المنظور على لبنان، لكن هناك حربًا سياسية تهدف إلى إضعاف حزب الله إلى أقصى الحدود. وهذا ما أعلنه ترامب عندما قال إنه سيزور لبنان فقط بعد أن يكون حزب الله قد أُضعف بالكامل.
بالمقابل فأن الحرب لم تنتهي في غزة، مما يعني ان كل ما حصل حتى الان من اتفاقات برعاية دولية هو فقط من اجل جمع المزيد من المعلومات التي على اساسها يقرر الذكاء الاصطناعي ما سيحل بالقضية الفلسطينية وتقسيم العالم العربي، خاصةً بعد سقوط بشار الأسد، ودخول إسرائيل إلى العمق السوري، وتدمير البنية العسكرية السورية بالكامل.
وكما يقود الذكاء الاصطناعي معركة الحروب والسياسة في المنطقة العربية التي تبدو كمنطقة حقل تجارب على النظام العالمي القادم، بدأ يلعب دورًا في إعادة تشكيل الوعي الديني للأفراد. فالإجابات التي يقدمها في الحديث والتاريخ خاصة الإسلامي تدفع الشباب إلى إعادة النظر في بعض المسلَّمات الدينية.
وتشير الإحصاءات إلى أن 70% من الشباب الذين يستخدمون الذكاء الاصطناعي أصبحوا أقل اعتمادًا على رجال الدين التقليديين في المتابعة وطرح الاسئلة، ويلجأون بدلًا من ذلك إلى مفكرين يقدمون قراءات جديدة، مثل الدكتور محمد شحرور.
مع التراجع الكبير لنفوذ رجال الدين مع انتشار الذكاء الاصطناعي، جعل من السهل على أي شخص استكشاف التاريخ ومقارنة الأحداث والشخصيات.
في هذا السياق، يمكن فهم إنتاج مسلسل “معاوية”، حيث إنه يتناول حقبة حساسة جدًا في التاريخ الإسلامي.
بل من اكثر الامور المثيرة للجدل في التاريخ الاسلامي هو الصراع بين الامام علي بن ابي طالب ومعاوية بن ابي سفيان.
واكثر الاسئلة طرحا وشيوعا هي الاسئلة التي تدور عن الفرق بين الامام علي وبين معاوية ولماذا هناك فرقة تبعت معاوية وفرقة تبعت الامام علي، ومن كان على حق، ومن افضل من الثاني.
وحتما عندما تسال الذكاء الاصطناعي عن الفرق بين الامام علي ومعاوية، سنجد ان الذكاء الاصطناعي سينصف الامام علي، ويشرح لك بدقة متناهية عن فضائل الامام علي مقابل معاوية.
هذا الأمر شكل تحديًا كبيرًا لدى غالبية التيارات الدينية، التي رأت أن هذه الإجابات قد تؤثر على الوعي العام وتُضعف الرواية التقليدية التي تحاول وضع معاوية في منزلة متقدمة. ومن هنا، جاء إنتاج مسلسل معاوية بميزانية ضخمة، في محاولة لإعادة تشكيل الصورة الذهنية عنه، ومواجهة تأثير الذكاء الاصطناعي على فهم التاريخ.”
واذا اردت ان تعرف لماذا هذه التكاليف الباهظة لمسلسل معاوية، سيجيبك الذكاء الاصطناعي بالتالي: إذا كنت تريد “ابراز شأن معاوية”، فذلك ممكن عبر تسليط الضوء على إنجازاته السياسية والإدارية، لكن جعله أفضل من الإمام علي هو أمر صعب، لأن عليًا يمثل القيم الإسلامية العليا في العدل والتقوى، بينما كان معاوية رجل سياسة قويًا.
لذلك تجدون في مسلسل معاوية كل هذه المظاهر من الفخامة في اساس البيوت واللبس والازياء، مع العلم بان تاريخ العرب المصور يظهر انه فقط قبل مائة عام لم يكن يوجد اي شيء من هذه المظاهر في شيه الجزيرة العربية التي يعرضها مسلسل معاوية على انها كانت موجودة قبل 1400 سنة.
الخلاصة
الذكاء الاصطناعي لم يعد مجرد أداة، بل أصبح لاعبًا مؤثرًا في السياسة، الحروب، وحتى تشكيل الوعي الديني والثقافي. المستقبل يحمل تحديات غير مسبوقة، والسؤال الأهم هو: هل نحن مستعدون لمواجهتها، أم سنكون مجرد متفرجين على إعادة تشكيل العالم؟
٥/٣/٢٠٢٥
اسرائيل تحاسب وليد جنبلاط على موقفه من القضية الفلسطينية.
*بقلم ناجي علي أمّهز* #
من الصعب توضيح ما يجري سياسيا للعالم العربي والإسلامي، خاصة أن الكثيرين يكتفون بالعناوين دون التعمق في التحليل، مما يعكس محدودية الفهم السياسي لدى البعض.
عند تحليل السياسات والصراعات الإقليمية والدولية، غالبًا ما يتم التركيز على العدد والتسلح والمساحة لتحديد من سيربح ومن سيخسر، بينما الحقيقة أكثر تعقيدًا. فقد يكون لشخص واحد تأثير يوازي تأثير دول بأكملها في المعادلة الدولية، وليس بالضرورة أن يرتبط هذا التأثير بالثروة أو النسب، بل بالفكر السياسي والمدرسة السياسية التي ينتمي إليها.
في عام 2002، حضرت لقاءً تحدثت فيه شخصية سويسرية عن المخططات العالمية، بما في ذلك حرب العراق قبل وقوعها، والتطورات السياسية، وصراع المذاهب، والاتجاه الذي يسير نحوه العالم. كما تطرقت إلى مكانة شخصيتين في المنطقة العربية آنذاك: وليد جنبلاط والملك عبد الله ملك الأردن.
في ذلك الوقت، لم أستوعب تمامًا أبعاد هذا الطرح او افهم من هو وليد جنبلاط على المستوى العالمي كونه في تلك الفترة لم نسمع ان وليد جنبلاط التقى مع الرئيس الامريكي او الفرنسي او شخصية عالمية، فقد كان لبنان في حقبة الوصاية السورية مغيب عن المحافل الدولية.
كما كان يُعتقد أن زعامة جنبلاط تعود إلى نجاحه في حماية نفسه وجماعته من خلال تأمين السلاح أو التحالفات الداخلية، أو بسبب الدعم السوري، خصوصًا من قبل حافظ الأسد.
لكن الأحداث أثبتت أن الحقيقة أكثر تعقيدًا، وان زعامة وليد جنبلاط ليست بسبب اتباعه والسلاح، فالدروز أقلية صغيرة، ولو كان الأمر كذلك، لكان كل من يملك قوة عسكرية في العالم العربي زعيمًا. كما أن زعامته لم تكن مجرد نتاج دعم حافظ الأسد، بل لأن الأسد أدرك مكانة جنبلاط الدولية، فدعمه سياسيًا.
كما شهدنا سقوط العديد من الزعامات، بما في ذلك زعامات إقليمية وحتى سقوط وانتهاء زعامة بيت الأسد، بينما ظل وليد جنبلاط محافظًا على مكانته.
والدليل الأكبر على دوره ومكانته. انه رغم الحروب والصراعات والانقلابات والمتغيرات في التحالفات، لم يتعرض الدروز لأي ضربة قاسية أنهت دورهم، كما حصل مع قوى فلسطينية ومسيحية ويسارية وإسلامية. وكأن هناك عوامل غير مرئية ساهمت في حماية الدروز من تداعيات المتغيرات.
حتى خلال الحرب السورية عام 2011، حين شهدت معظم المناطق السورية فوضى ودمارًا وتهجيرا واسعًا، بقيت المناطق الدرزية شبه محمية.
واليوم، من الواضح أن الدروز يتمتعون بحماية دولية، وهذه الحماية ترتبط بشخص وليد جنبلاط، الذي يزوره قادة عالميون كبار مثل الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند والرئيس الأمريكي جو بايدن وغيرهم.
وزيارة شخصية مثل بايدن أو هولاند ليست زيارة عادية، بل تتطلب إجراءات أمنية معقدة تشمل حماية جوية وبحرية وبرية، وتأمين المجال الجوي. كل هذا من أجل لقاء جنبلاط، مما يثبت مدى أهميته على الساحة الدولية.
كما ان جنبلاط لا يتحدث فقط للحديث فالسياسيون المحنكون يدركون تمامًا لماذا قال وليد جنبلاط إن إسرائيل تسعى لاستخدام الطوائف لمصلحتها وتفتيت المنطقة، وأن “الذين وحّدوا سوريا أيام سلطان باشا الأطرش لن يستجيبوا لدعوات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو”.
الجميع يعرف ان إسرائيل تحاول إنشاء زعامة درزية في سوريا لمنافسة جنبلاط، لكن القوى الكبرى في العالم تدرك أن ذلك غير ممكن.
كما لا يُستبعد أن تكون إسرائيل قد دفعت ببعض الميليشيات العسكرية المنتشرة في سوريا تحت مسميات مختلفة لتهديد الوجود الدرزي، بهدف خلق مبرر لتدخلها، ليس فقط لحماية الدروز، بل لتمزيقهم وعزلهم عن بيئتهم السورية، مما يحرمهم من التمثيل السياسي والاجتماعي الحقيقي.
لكن كلام نتنياهو لا يمر على العقلاء في الطائفة الدرزية لانهم يدركون ان حكومة نتنياهو تريد تحويلهم إلى بيادق ومجندين في الجيش الإسرائيلي .
نتنياهو يريد جيشًا من الدروز يقاتل به العرب، لانه يجهل أن الدروز هم العرق العربي الأصفى والأفصح، وأنه حتى لو لم يبقَ عربي واحد من بقية الطوائف، فالدروز يمثلون جوهر العروبة في أنقى صورها. فالدروز حافظوا حتى على دمائهم وجيناتهم العربية من خلال الانساب (الزواج).
أما وليد جنبلاط، فهو يريد للدروز العرب أن يكونوا في صفوف المدافعين عن القضايا العربية ضد إسرائيل. لهذا قال كلمته بالامس: “ويا أهلاً بالمعارك”، دفاعًا عن وحدة سوريا.
جنبلاط يعمل على بناء قوة درزية حقيقية، تضمن استمرار وجودهم ودورهم الفاعل والريادي في العالم العربي. والموحدون الدروز يدركون حيثما يكون وليد جنبلاط، تكون وحدتهم وقوتهم ودورهم في الحاضر والمستقبل بناء على دورهم التاريخي بمحاربة الاستعمار والاحتلال وصد الغزوات عن المنطقة.
٧/٣/٢٠٢٥
النظام العالمي غاضب من تركيا وأدواتها، وممنوع المساس بإيران، والروس يعتبرون بشار الأسد ورقة الدولة العلوية
*بقلم ناجي علي أمّهز*
المقدمة
ان سبب كتابة المقال هو للتوضيح ماذا يجري في المنطقة، وايضا من اجل افهام البعض بان لا يذهبوا بعيدا شعور زهوة الانتصار وان هناك فريق خاسر وفريق رابح،
بل من خلال هذا المقال الذي يسمى بـ(اللعبة الصفرية) ساوضح شيء هو ابعد من التحالفات الثابتة، ويتمحور حول تقاطع المصالح وإعادة ترتيب الأولويات وفقًا للظروف.
في عالم السياسة الدولية، لا تعني التحالفات الظاهرة دائمًا تأييدًا مطلقًا، فالعلاقات بين الدول تخضع لحسابات دقيقة تحكمها المصالح المتشابكة. قد يكون عدو عدوك حليفًا مؤقتًا، كما يمكن أن يتحول الحليف إلى عدو إذا تغيرت معادلات القوة.
يعود هذا الامر الى التوازنات المعقدة في السياسة الدولية، إيران تقف في مواجهة داعش، وكذلك أمريكا تعلن أنها تحارب التنظيم ذاته. فإذا اندلعت حرب بين إيران وداعش، فإن واشنطن ستجد نفسها تلقائيًا في موقف يدعم إيران، ليس بسبب التنسيق بين الطرفين، ولكن لأن انتصار داعش سيمثل هزيمة استراتيجية للولايات المتحدة.
الأمر ذاته ينطبق على الحرب بين إيران وإسرائيل، تدعم أمريكا إسرائيل بقوة، لكنها لن تسمح لها بهزيمة إيران كليًا، تمامًا كما لن تسمح لإيران بالقضاء على إسرائيل.
اما السؤال لماذا لا يمكن هزيمة إيران؟
من منظور النظام العالمي، تمثل إيران عنصر توازن لا يمكن المساس به دون تداعيات خطيرة. فهزيمتها تعني انهيار حاجز جغرافي واستراتيجي يمنع تمدد الحركات المتطرفة من باكستان وأفغانستان إلى الشرق الأوسط، مما قد يؤدي إلى موجة فوضى قد تصل إلى أوروبا نفسها. الشعوب الأوروبية، التي لم تعتد على الصراعات الدموية كما هو الحال في الشرق الأوسط، لن تتمكن من الصمود أمام انتشار التيارات الجهادية المتطرفة.
النظام العالمي يبذل كل ما في وسعه للتقرب من إيران أو التحالف معها، بهدف إيقاف حربها ضد إسرائيل. إذ إن توقف إيران عن هذه الحرب يعني أن النظام العالمي سيحقق سيطرة مطلقة على الشرق الأوسط، إضافة إلى عزل روسيا والصين عن المشهد السياسي العالمي.
أما إذا استمرت إيران في موقفها المطالب بزوال إسرائيل وإخراج الولايات المتحدة من المنطقة، ووجد النظام العالمي نفسه في مواجهة مباشرة معها، فلن يكون ذلك عبر صراع تقليدي، بل من خلال حرب كبرى تستهدف محيطها الإقليمي أولًا، مثل باكستان وأفغانستان والدول العربية، وذلك لضمان عدم نشوء فراغ جيوسياسي يسمح بانتشار التطرف الإسلامي.
بمعنى أوضح، زوال إيران يعني تغييرًا جذريًا في منطقة الشرق الأوسط.
وهذا ما تحدث عنه بنيامين نتنياهو فيما يُعرف بـ”الشرق الأوسط الجديد”. وما يقوم به نتنياهو الآن في سوريا، وما قام به في لبنان وغزة، هو محاولة لإيصال رسالة إلى النظام العالمي مفادها: “أنا أسعى للتخلص من إيران، وفي الوقت ذاته أضمن لكم تفكيك العالم العربي والإسلامي، بحيث لا يبقى أي تهديد محتمل لأوروبا من قبل الاكثرية الاسلامية في المنطقة.
نتنياهو انطلق بعملية تقسيم الدول العربية وتحويلها إلى كيانات متناحرة. مثال على ذلك ما حدث في سوريا، حيث بات جزء منها، يمتد حتى درعا، خاضعًا للنفوذ الإسرائيلي الذي يتحرك فيه بحرية. كما أعلنت إسرائيل عن “حمايتها” للدروز، مما يعني أنها احتلت فعليًا ثلث الأراضي السورية منذ سقوط نظام بشار الأسد حتى اليوم.
ومع توغل إسرائيل في العمق السوري، وما ارتكبه النظام الجديد في سوريا من أخطاءً بحق الأقليات، دفع الى انتفاضة العلويين وحلفائهم ضد هذا النظام الذي كان يجب عليه احتضان جميع الاقليات السورية من اجل منع تقسيم سوريا،
“واعتقد لهذا السبب اعلن وليد جنبلاط وهو القارئ والعارف بالسياسة العالمية، رفضه تقسيم سوريا، لانه يعلم بحال اعلان بوادر التقسيم سيشكل ذريعة للتدخل الدولي، خاصة من قبل حلف شمال الأطلسي (الناتو)، وهذه الدول ستعمل بقوة على إنشاء دولة علوية تمتد من طرطوس إلى اللاذقية.
حتى اتصال بوتين باحمد الشرع هو لادراك الروس أن قيام دولة علوية أصبح مسألة وقت قصير للغاية،
ولكن الروس كما عادتهم يحاولون امساك العصا من المنتصف، لذلك سارع بوتين إلى الاتصال بأحمد الشرع لضمان بقاء القواعد الروسية في سوريا، اما اغلاق النقاش حول مسألة محاكمة أو تسليم بشار الأسد. كون الروسي يريد ان يكون بشار الأسد الورقة الرابحة في حال الإعلان عن قيام الدولة العلوية..
والمفارقة ان مشروع الدولة العلوية ليس جديدًا، بل هو مخطط ومنشور منذ قرن من الزمن، حيث أُقرّ عام 1923 بهدف حماية المصالح الغربية في البحر الأبيض المتوسط.
ومع قيام هذه الدولة، لن تعود دول مجلس التعاون الخليجي، وعلى رأسها السعودية، إضافة إلى الأردن، والعراق، وما تبقى من سوريا، قادرة على الوصول إلى البحر الأبيض المتوسط إلا عبر الدولة العلوية أو الجمهورية اللبنانية أو الكيان الإسرائيلي. او من خلال لواء اسكندرون.
مما يعني بان زوال ايران سيقابله عزل وحرمان ما لايقل عن 128 مليون عربي من الوصول الى مياه البحر الابيض المتوسط الا بموافقة مسيبقة من الكيانات التي ذكرت.
لكن حتى هذه الخيارات التي يسوّقها نتنياهو، ومعه بعض العرب، لن يقبل بها النظام العالمي، كونها محفوفة بالمخاطر. لذلك، تقوم الاستراتيجية الحالية على “ستاتيكو” يحافظ على التوازن لأطول فترة ممكنة، ريثما تتغير سياسات إيران تجاه الغرب أو تتبدل معادلات القوى.
كان الطرف الوحيد القادر على المساهمة في تطبيق نظرية نتنياهو هو تركيا، التي تعهّدت بالضغط على حماس لفصلها عن إيران، إضافةً إلى حماية الأقليات في سوريا وضمان انتقال سلس للحكم، بما يسمح بإضعاف إيران وقطع الطريق على حزب الله في لبنان.
لكن تركيا فوجئت بموقف الدول العربية تجاه خطة الرئيس ترامب، التي دعت إلى تهجير أهالي غزة إلى بعض الدول العربية، أو في أفضل الأحوال، إلغاء وجود حماس في غزة. هذا التعارض أدخل تركيا في حالة من الفوضى العارمة، انعكست على أدائها في سوريا والمنطقة. كما أن الحديث عن قيام دولة كردية في سوريا يُعد عقابًا دوليًا لتركيا على فشلها في إدارة الأزمة السورية، وربما يؤدي إلى استنزافها في حرب طويلة ضد الأكراد.
الخلاصة
يجب على بعض الدول العربية، وحتى الأطراف في الداخل اللبناني والسوري، الذين اعتقدوا أن الهلال الشيعي قد انتهى، أن يتريثوا قليلًا وألا يبيعوا جلد الدب قبل قتله.
طالما أن هناك تطرفًا إسلاميًا قد يمتد إلى مليار مسلم في المنطقة والعالم، فلا بديل عمّا ذكرناه. فإيران ليست مجرد دولة في الشرق الأوسط، كما أن الأقليات ليست مجرد أهل ذمة يجوز استعبادهم والتنكيل بهم وحرمانهم من ممارسة شعائرهم الدينية.
الهلال الشيعي يمثل ركيزة أساسية للاقليات في التوازن الإقليمي، وهو جزء من الحسابات الكبرى التي تجعل المساس به مخاطرة غير محسوبة العواقب.
إذا كان بعض العرب يعتقدون أن هزيمة إيران تمثل انتصارًا لهم، وأن خروجها من المشهد في الشرق الأوسط سيسمح لهم بتمديد نفوذهم حتى أوروبا، فإن الولايات المتحدة تدرك هذا الأمر جيدًا. فانهيار إيران لن يكون مجرد هزيمة لقوة إقليمية، بل بداية لاضطرابات قد تعيد تشكيل النظام العالمي بالكامل.
ناجي علي أمّهز
٧/٣/٢٠٢٥
مما يعني بان زوال ايران سيقابله عزل وحرمان ما لايقل عن 128 مليون عربي من الوصول الى مياه البحر الابيض المتوسط الا بموافقة مسيبقة من الكيانات التي ذكرت.
لكن حتى هذه الخيارات التي يسوّقها نتنياهو، ومعه بعض العرب، لن يقبل بها النظام العالمي، كونها محفوفة بالمخاطر. لذلك، تقوم الاستراتيجية الحالية على “ستاتيكو” يحافظ على التوازن لأطول فترة ممكنة، ريثما تتغير سياسات إيران تجاه الغرب أو تتبدل معادلات القوى.
كان الطرف الوحيد القادر على المساهمة في تطبيق نظرية نتنياهو هو تركيا، التي تعهّدت بالضغط على حماس لفصلها عن إيران، إضافةً إلى حماية الأقليات في سوريا وضمان انتقال سلس للحكم، بما يسمح بإضعاف إيران وقطع الطريق على حزب الله في لبنان.
لكن تركيا فوجئت بموقف الدول العربية تجاه خطة الرئيس ترامب، التي دعت إلى تهجير أهالي غزة إلى بعض الدول العربية، أو في أفضل الأحوال، إلغاء وجود حماس في غزة. هذا التعارض أدخل تركيا في حالة من الفوضى العارمة، انعكست على أدائها في سوريا والمنطقة. كما أن الحديث عن قيام دولة كردية في سوريا يُعد عقابًا دوليًا لتركيا على فشلها في إدارة الأزمة السورية، وربما يؤدي إلى استنزافها في حرب طويلة ضد الأكراد.
الخلاصة
يجب على بعض الدول العربية، وحتى الأطراف في الداخل اللبناني والسوري، الذين اعتقدوا أن الهلال الشيعي قد انتهى، أن يتريثوا قليلًا وألا يبيعوا جلد الدب قبل قتله.
طالما أن هناك تطرفًا إسلاميًا قد يمتد إلى مليار مسلم في المنطقة والعالم، فلا بديل عمّا ذكرناه. فإيران ليست مجرد دولة في الشرق الأوسط، كما أن الأقليات ليست مجرد أهل ذمة يجوز استعبادهم والتنكيل بهم وحرمانهم من ممارسة شعائرهم الدينية.
الهلال الشيعي يمثل ركيزة أساسية للاقليات في التوازن الإقليمي، وهو جزء من الحسابات الكبرى التي تجعل المساس به مخاطرة غير محسوبة العواقب.
إذا كان بعض العرب يعتقدون أن هزيمة إيران تمثل انتصارًا لهم، وأن خروجها من المشهد في الشرق الأوسط سيسمح لهم بتمديد نفوذهم حتى أوروبا، فإن الولايات المتحدة تدرك هذا الأمر جيدًا. فانهيار إيران لن يكون مجرد هزيمة لقوة إقليمية، بل بداية لاضطرابات قد تعيد تشكيل النظام العالمي بالكامل.
ناجي علي أمّهز
١٥/٣/٢٠٢٥
نحن 14 آذار الحقيقيين… وما تغيَّرنا لا بعد 1989 ولا حتى 2989*
*بقلم ناجي علي أمّهز*
في البدء كانت الكلمة، وكان لبنان، وكنا نحن الذين خرجنا من رماد المحن كطائر الفينيق، نحمل الحياة بين أجنحتنا وندافع عن وطننا حتى الرمق الأخير.
ومنذ البدء، كان بيننا “قابيل” و”هابيل”؛ نحن قدّمنا أنفسنا قرابين على مذبح الوطن، فيما تسلّق آخرون سلالم السلطة فوق جراحنا وأوجاعنا.
وكما قال المقاوم الأول، يسوع، لبطرس: “الحق أقول لك، إنك في هذه الليلة، قبل أن يصيح الديك، ستنكرني ثلاث مرات.”
وهكذا، نحن المقاومين الأوائل، تمّ إنكار تضحياتنا، لا لشيء، إلا لأن عظمتها كانت تفضح صغر شأن الكثيرين أمامها، فكان لا بد من تغييبنا.
ولكل من يريد حذفنا وشطب اسمائنا من التاريخ نقول:
تحية إلى كل الذين سبقونا إلى مجد الرب من أجل مجد لبنان، وإلى كل من عُذّب ونُكّل به، لكنه بقي صامدًا، يأبى الانحناء، ويرفض تزوير التاريخ أو التنازل عن إيمانه.
تحية إلى الكثير من القيادات والأبطال، وفي مقدمتهم اللواء عصام أبو جمرة، الزاهد الناسك، الذي لم يغره بريق السلطة او بزار التقلبات والبيع والشراء، واكتفى بمعاشه التقاعدي، متمسكًا بالمبادئ لا بالمكاسب. وإلى كل الرفاق، أولئك الذين وُلِد الوطن في قلوبهم قبل أن يولدوا فيه، فحملوه في أرواحهم، وكانوا له السند والعز. غالبيتهم من عامة الشعب، من الفقراء الذين كبر الوطن فيهم، بينما غيرهم كبرت قصورهم وازدهرت أعمالهم على حساب الوطن، فخانوا الأمانة وباعوا القيم من أجل بريق زائل.
نحن الذين كتبنا بدمائنا على الجدران “عون راجع”، ولم نتراجع. لم نُساوم، لم نبع، ولم ننكسر، رغم أن الأثمان كانت أرواحنا، ورغم أن السجون كانت في أي لحظة قد تبتلعنا دون محاكمات، وأن الاحتلال السوري ومن معه كانوا يحكمون باسم الوطن وهم يجهلون معناه. كنا نحمل في قلوبنا جمرة الحرية، ونحفر في الصخر طريقًا للسيادة، غير عابئين بالأثمان وضخامة التضحيات أو حتى الموت على المشانق، فالحياة لا تكون حياة بظلال الطغاة والاحتلال الذين لاحقونا على مساحة الوطن.
في حقبة الاحتلال السوري، كنا—مسلمين ومسيحيين—نبحث عن ذاك القائد الذي يحمل المشعل ويسير أمامنا، فتتبع خطاه أجيال تحمل في قلوبها إيمانًا بالحرية. كنا نتحرك كالأطواد الراسخة، بثبات وعزيمة، نكافح للخروج من ظلام كاد أن يبتلع إيماننا بوطن سيد، حر، مستقل.
بالأمس، كان حافظ الأسد يحكم سوريا، فهتف اللبنانيون بصوت واحد: “سيادة، حرية، استقلال.”
واليوم، رغم تبدّل الوجوه وتحولات الأنظمة، يحكم سوريا نظام إسلامي متشدد، لكن صرخة اللبنانيين لم تتغير: “سيادة، حرية، استقلال.” كأن قدر هذا الوطن أن يظل في مواجهة الطغيان، أيًّا كان لونه أو شعاراته.
لبنان ليس مجرد وطن، بل شجرة راسخة على ضفاف المتوسط، شجرةٌ تفتخر بها السماء، يمجّدها التاريخ، ويباركها الله بأبناء أبطال نذروا أنفسهم لصون كرامتها.
لم نكن جلادين، بل كنا الضحية.
لم نخدع أحدًا، ولم نستغل أحدًا طمعًا في صوت انتخابي، بل كنا مستعدين لنُحمل في صناديق الموت، كي يبقى صوت لبنان حرًا، وقراره مستقلاً، وإرادته لا تُشترى ولا تُباع.
كنا نخرج ولا أمل بالعودة، فمن سيقع في ايدي الاحتلال السوري كان يتمنى لو وقع الموت عليه.
في لبنان، كان الحلم جريمة. لكننا حلمنا، وحوّلنا أحلامنا إلى مقاومة، ووطننا إلى قضية لا تموت. كانت الأخبار تنتشر عن اعتقالات الليل من قبل وحوش لا تعرف الشفقة أو الرحمة، كانوا يريدون تخويفنا بالالم والموت، ولم يكن الموت يُرهبنا، لكننا كنا نرتجف خوفًا على وطننا الذي قسموه الى طوائف من اجل السيطرة عليه. “ويلٌ لأمة تكثر فيها المذاهب والطوائف وتخلو من الدين”، ونحن رأينا كيف تحولت الطوائف إلى متاريس، وكيف صار الوطن سوقًا يُباع فيه الولاء لمن يدفع أكثر.
حملنا أوجاعنا في حقائب الذاكرة، وسرنا دروبًا لا يعرفها إلا من واجه الاحتلال السوري، لا لأننا نحب الموت، بل لأننا أردنا حياة تليق بنا. كنا نخشى أن نموت قبل أن نشهد لبنان محررًا، قبل أن نرى جنازة المجد تسير في شوارعنا، قبل أن يرفرف علمنا فوق قبورنا، كي نعلم أننا لم نمُت عبثًا.
كان الدم يتجمد في عروقنا حين كنا نرى حاجزًا طيارًا للسوريين، لأننا نعلم أن الحياة والموت عندهم قرار مزاجي. لم يكن هناك من يدافع عنا، ولم يكن هناك من يجرؤ على أن يقول “يا حرام”. كنا نمرّ بالحواجز كأننا نُسلم أرواحنا، نتمتم بالقرآن والإنجيل، ليس لأننا كنا نتوقع معجزة، بل لأننا كنا نرجو أن يعمي الله عن عيونهم لحظة. حتى لو مررت أنت، فإن الذي معك حتما سيتم إنزاله وإهانته بأبشع واقذر الطرق والكلمات (ولاك حقير) (وين الهواوي)، عند كل حاجز للسوريين يجب أن تُهان. ومع ذلك، كنا عندما نتجاوز الحاجز نشعر بمزيد من الإصرار على أن نكمل دربنا، ولم يكن سلاحنا إلا جملة “سيادة حرية استقلال”.
الكثير من الرفاق نسأل عنهم، فيقال إنهم هاجروا، لكن نحن، إلى أين نهاجر؟ والوطن فينا. رغم كل الظلم، لم نفقد الأمل، لم نتراجع، لأننا كنا نعرف أن الوطن ليس شعارًا يُرفع عند الحاجة، وليس راية تُطوى بعد انتهاء المعركة. كنا نحلم بوطن مقدس كأرز الرب، يشبه جباله التي لا تركع، وبحره الذي لا يسكن، وحريته التي لا تُشترى. وعندما خرج السوري، كنا نظن أننا سنصبح رموزًا، وتتحول قصصنا إلى روايات تلهم الأبطال كيف يندفعون كالسيل العارم للدفاع عن الوطن من أجل أن ينالوا المجد والخلود. فإذا بنا نجد أنفسنا خارج المشهد، وكأننا لم نكن إلا حطبًا في نار التحرير.
سامحنا الجميع، لأننا كنا دائمًا نقرأ ميشال شيحا: “عندما انطلق مع آخرين إلى تمهيد الطريق لإقامة لبنان حرّ مستقل”. لقد سامحنا كل الذين ظلمونا، لكن لن نسكت عندما يُظلم الوطن.
أيها الأصدقاء، لا تحزنوا. التاريخ لا ينسى، والزمن يُصفّي الحسابات بطريقته. “ليس الكبير من يُشيد الأنصاب، بل من يهدم الأخطاء”. نحن لم نشيّد لأنفسنا أنصابًا، لكننا هدمنا جدران الخوف، فتحنا نوافذ النور، كسرنا القيد، وأطلقنا صرخة سيادة، حرية، استقلال، حتى وصل صوتنا إلى السماء.
صوتنا كان نقيًا، طاهرًا، بريئًا، صادقًا. لم تكن لنا غاية إلا غاية واحدة: أن يبقى هذا الوطن، الذي يستيقظ شعبه على صوت فيروز “ردني الى بلادي” ويغفو على صوت وديع الصافي “لبنان يا قطعة سما”
وللأسف، كيف يبقى هذا الوطن إذا كنا نحن، المناضلين الأحياء، قد أصبحنا مجهولين، الاسم والمكان، دون أن يوضع إكليل من الغار على نصب تضحياتنا؟
لم نكن تجار أوطان، ولم نبع أحلامنا لنشتري القصور والمناصب. كنا نسير حفاة في دروب النضال، نحمل كرامتنا وحلمنا كما يحمل الجندي سلاحه واما موته او انتصاره، بينما غيرنا نام واستيقظ ليجد نفسه يملك كل شيء.
لقد وهبنا كل ما نملك للوطن، في زمن الاحتلال، وحين رحل، لم نتراجع، بل منحناه وقتنا وأصواتنا، وكتبنا ودافعنا بكل ما أوتينا من قوة عن أفكارنا ومن مشينا على نهجهم، ظانّين أن النضال إرثٌ لا يندثر، وأن التضحيات لا تُمحى. لم نكن ندرك أن تاريخنا النضالي، الذي سُطّر بوجع السجون ورهبة الموت، سيصبح عبئًا على الوافدين الجدد، أولئك الذين جاؤوا بلا ذاكرة، وتحدثوا باسم الحرية كأنها وُلدت يوم جلسوا على الكراسي.
كيف بعتم نضالنا؟ وتتحدثون عن الحرية والسيادة وكأنكم كنتم روّادها؟
يا ليتنا متنا قبل أن نرى ما رأينا! لكننا لم ولن نتغير. لا بعد 1990، ولا حتى بعد ألف عام. نحن الصوت الذي لا يهدأ، والحلم الذي لا يموت، والوطن الذي لا يُباع، “لكم لبنانكم ولي لبناني”، فلبناننا هو لبنان الحلم، لبنان الشهداء، لبنان الكرامة. لبنان الذي لن يموت، لأنه باقٍ فينا، وإن أنكره الجميع.
نحن الحقيقة. نحن 14 آذار. نحن لبنان.
والبقية تأتي… والتاريخ شاهد.
١٨/٣/٢٠٢٥
إلى بعض الإعلاميين والمحللين في محور المقاومة: كفى استهتارًا وسخريةً بآلام الشيعة ودمائهم ودمارهم وما يجري في البقاع والهرمل خطير جدا
*بقلم ناجي علي أمّهز*
البداية: يجب على الشيعة أن يتعلموا من التجربة المسيحية، وتحديدًا المارونية، كيف واجهت الحكومة السورية عندما كان حافظ الأسد في السلطة. واليوم، بعدما تبدّلت الأدوار في سوريا وأصبح الشيعة في خطر مع تولّي أحمد الشرع رئاسة البلاد، يجب قراءة ما أكتبه بتمعّن قبل أن لا يبقى شيعي في هذا المشرق العربي. فالشيعة أثبتوا أنهم لم ينضجوا بعد في السياسة والإعلام.
أولًا: عندما بدأ المسيحيون حربهم ضد نظام حافظ الأسد، لم يكن بينهم أي سوري مقيم، لا مستأجرًا ولا مالكًا ولا صاحب شركة.
لم يكن المسيحيون، بأي شكل من الأشكال، يقبلون بتوظيف السوريين أو بيعهم وشرائهم أو حتى تأجيرهم، مهما كانت العروض المالية مغرية. بل كان أي مسيحي يتساهل في هذا الأمر أو يحاول تسهيل إقامة السوريين أو بيعهم يُواجَه بالتأنيب والانتقاد، بشكل مباشر أو غير مباشر. حتى لو اشترى أحدهم كعكة من بائع سوري، كان يُقال له مازحًا: “شو، صرت مخبر؟”.
بمعنى آخر، كما ينظر الشيعي اليوم إلى الإسرائيلي، فلا يرد حتى على رقم هاتف من فلسطين المحتلة، كذلك كان المسيحيون في زمن حافظ الأسد ينظرون إلى أي سوري.
أما الشيعة اليوم، فبينهم مستأجرون ومالكون ونازحون سوريون يفوقون عددهم، ومع ذلك، يحرّض بعضهم على مواجهة النظام الجديد في سوريا، مما يعني أنهم يقدمون على خطوة انتحارية.
إضافةً إلى ذلك، كان المسيحيون أقوياء، صلبين، وقاسين جدًا في مواجهتهم للسوريين، ومع ذلك، لم يظهر كاتب أو مفكر مسيحي على الإعلام ليسخر أو يمزح أو يبالغ، بل كانت النخب المسيحية تقدّم رؤية واضحة عن الخطر الذي يهددهم، وتعرض ضعفهم بوعي، مناشدةً كل فرد، سواء داخل لبنان أو خارجه، للوقوف إلى جانبهم في مواجهة هجوم الحكومة السورية عليهم.
بالمقابل فان الابواق التي تدور في الفلك الشيعي فان خطابها واسلوبها يجعل حتى الدول والشعوب تنقلب على الشيعة، يعني اذا هالقد الشيعة اقوياء وسوبرمانات، يعني الجيش السوري لا يؤثر عليهم ولتستمر هذه المعركة حتى لا يبقى احد في البقاع،
في ظلّ الأحداث المتسارعة التي تعصف بالمنطقة، يتّضح يومًا بعد يوم أن هناك فئة من الإعلاميين والمحللين السياسيين، الذين يطلقون على أنفسهم ألقابًا رنّانة مثل “باحثين كونيين” و”خبراء استراتيجيين”، قد أثبتوا بوضوح أنهم مجرّد أبواق بعيدة كل البعد عن الواقع. لقد كشفت الأيام أن خطابهم القائم على الاستعراض والمبالغة لم يقدّم سوى التضليل والاستخفاف بعقول الناس.
هؤلاء كانوا سببًا رئيسيًا فيما تعرّضت له الطائفة الشيعية في لبنان، وقد يكونون السبب فيما قد يحدث في اليمن، وكانوا عاملاً أساسيًا في تعقيد المشهد السوري. إن لغتهم الإعلامية القائمة على الاستفزاز، والتنظير الفارغ، والاستهتار بعواقب الكلمات، لم تؤدِّ إلا إلى المزيد من الفوضى والخسائر.
بل تبيّن أن هؤلاء الإعلاميين لم يتغيّروا ولم يتعلّموا من دروس الماضي رغم كل ما جرى مؤخرًا، بل ما زالوا يستخدمون الأسلوب ذاته، بأسطوانةٍ مشروخة من العنتريات الفارغة: “بلحظة نجتاح”، “بلحظة ندمر”، “سوف نفعل”، “الويل والثبور”، “عظائم الأمور”، و”نحن السوبرمانات”! وكأنّهم يوجهون خطابهم إلى شخص ساذج لا يفقه شيئًا!
إنّ هؤلاء الإعلاميين، بأسلوبهم الممجوج على طريقة “أبو المراجل” و”عنترة بن شداد”، لا يريدون أن يعرفوا حقيقة ما يجري، بل في الواقع، هم لا يعرفون شيئًا أصلًا! فالهجمات التي يتعرّض لها البقاع والهرمل اليوم ليست أحداثًا عشوائية، بل هي عمليات مدروسة تقف وراءها جهات ودول تخطّط بدقة لتحقيق أهداف محددة. ورغم ذلك، لا يزال البعض يتناول هذه القضايا بلغة سطحية، مستخدمين التهكم والسخرية وكأنّ ما يحدث مجرّد مزحة أو استعراض إعلامي!
كما ان القلق الذي يعيشه أهل البقاع ليس مجرّد مشاعر عابرة، بل هو انعكاس لواقع معقّد يفرض نفسه بقوة، خاصة مع وجود عشرات الآلاف من اللاجئين السوريين، الذين لا يمكن تجاهل حقيقة التوتر في علاقتهم بالمجتمع اللبناني. فهل يدرك هؤلاء الإعلاميون المخاطر الحقيقية التي يواجهها الناس، أم أنهم مستمرّون في تجاهل الواقع؟
لقد رأينا كيف أن التعامل الإعلامي الساذج خلال المعركة مع العدو الإسرائيلي كان أحد الأسباب الرئيسية لفشل المواجهة على مستوى الرأي العام. فقد تبيّن أن العديد من الإعلاميين كانوا منفصلين عن الواقع، يقدّمون خطابًا استعراضيًا لا يمتّ للحقيقة بصلة. واليوم، لا يوجد شيعي إلا ويسخر من هذه الفئة، التي لم تقدّم سوى جعجعة إعلامية فارغة بلا أي تأثير حقيقي.
أما فيما يتعلق بالوضع السوري، فعلى هؤلاء الإعلاميين في محور المقاومة، الذين يعتبرون أنفسهم “نخبًا إعلامية”، أن يتوقفوا عن استخدام بعض المصطلحات التي تضع الشيعة أمام خطر وجودي حقيقي، هذه المرة من الجانب السوري.
أولًا: إنّ من يقاتل على الحدود السورية اللبنانية اليوم ليسوا عناصر “هيئة تحرير الشام” (جبهة النصرة سابقًا) ولا تنظيم “داعش” ولا حتى فصائل مصنفة إرهابية، بل هم الجيش السوري النظامي الجديد، الذي أُعيد تشكيله بعد سقوط بشار الأسد. ما يعني أنّ ما يجري ليس مجرد اشتباك مع مجموعات مسلحة، بل هو هجوم مباشر من قبل الحكومة والجيش السوري على الحدود اللبنانية، والمسؤول عنه ليس “الجولاني”، بل رئيس سوريا الجديد، أحمد الشرع.
لذلك، يجب تسمية الأمور بمسمياتها: نحن أمام اعتداء سافر من حكومة قائمة على حدود لبنان، ترتكب جرائم قتل وتدمير وانتهاك صارخ لحقوق الإنسان، وتعتدي على لبنان، الدولة العضو في جامعة الدول العربية والأمم المتحدة.
لذا، فإنّ الحديث عن الاعتداءات التي تقوم بها الحكومة السورية على مناطق لبنانية يجب أن يكون بلغة رسمية مسؤولة، وليس بأسلوب التصريحات الشعبوية الفارغة أو الدعوات التحريضية العشوائية. فالنظام الحاكم في سوريا لم يعد كما كان، بل أصبح التيار الإسلامي المتشدّد هو المتحكّم الفعلي بالدولة، وأحمد الشرع بات رئيسًا لكيان تحكمه هذه الجماعات.
المطلوب اليوم ليس الخطابات الرنانة، بل تحرك رسمي من الدولة اللبنانية، ومناشدة الأمم المتحدة والهيئات الإنسانية والدولية للتدخل لحماية لبنان وشعبه. أما الاستمرار في استخدام لغة البطولات الزائفة والتهديدات الجوفاء، فلن يؤدي إلا إلى تعريض أهلنا في البقاع والهرمل لمخاطر أكبر.
كفى عبثًا، كفى مزايدات! الخطاب الإعلامي العشوائي يجب أن يتوقف، ويجب البدء في التعامل مع الأحداث بجدية ومسؤولية. توقفوا عن عراضة العضلات، وكفّوا عن تعريض أهلنا للخطر بخطابكم الأجوف. هذه ليست معركة كلامية، بل واقع مصيري يحتاج إلى وعي وإدراك، وليس إلى استعراض إعلامي رخيص.
*ناجي علي أمّهز*
١٩/٣/٢٠٢٥
كي لا نعيد ونكرر ولمعرفة ما يجري في الشرق الاوسط وتحديدا تركيا وروسيا، يمكن مراجعة هذه النقاط لناجي امهز
في 7-3-2025، أي قبل أسبوعين، نشر مقالًا بعنوان: “النظام العالمي غاضب من تركيا وأدواتها، وممنوع المساس بإيران”.
كالعادة، ظهر العديد ممن لا يميزون بين كوعهم وبوعهم، مؤكدين أن أمريكا وبريطانيا وإسرائيل ستكون في صف تركيا، وأن هذا الأمر لن يحدث، وأن ما أكتبه لا يعكس الواقع.
لكن بعد 12 يومًا فقط من نشر المقال، شهدت العاصمة التركية إسطنبول انفجارًا في وجه أردوغان، وكأن النظام العالمي يقول له: لقد اقترب موعد رحيلك!
وفي 1-1-2025، نشر مقالًا آخر بعنوان: ” عن عام 2025: بريطانيا ستحكم جزءًا من عالمنا، وإسرائيل ستدير الجزء الآخر..!”
جاء في المقال تحليلات حول عام 2025، وحتى ونحن في الشهر الثالث، تحققت بالفعل خمس نقاط مما توقّعته في بداية العام:
1- بريطانيا وأمريكا في العالم العربي
تطبيق النقطة الأولى: اليوم، لم تعد أمريكا سياسيًا موجودة في العالم العربي، لكنها ستظل مستعدة لاستخدام أسلوب “رعاة البقر” ضد أي طرف تطالب بريطانيا بضربه.
وهذا ما أكدته الصحف الأمريكية، حيث جاء في عناوينها: “الولايات المتحدة، بدعم بريطاني، تقصف أهدافًا في اليمن”، وكذلك ورد الخبر في “ويكيبيديا”.
2- الدروز ووادي التيم
تطبيق النقطة الثانية: ستتجمع طائفة الموحدين الدروز في وادي التيم، وسيكون بعضهم تحت الحماية الإسرائيلية أو ضمن حدود “إسرائيل الجديدة”.
3- تركيا وسقوط الإخوان المسلمين
تطبيق النقطة الثالثة: تحقّقت الأحداث أسرع مما توقعتُ، لكن ما لم يخطر ببالي هو أن أردوغان سيخطئ بهذه السرعة، وسيسمح لمن أوصلهم إلى الحكم في سوريا بارتكاب المجازر.
كان من المفترض أن تبدأ هذه الأحداث عام 2028، لكنها وقعت الآن، ما أدى إلى انطلاق التظاهرات في العاصمة إسطنبول، مُعلنةً نهاية عهد الإخوان المسلمين في قطر.
أما فيما يتعلق بعودة السلطنة العثمانية، فالمهمة هذه المرة ليست ضد روسيا، بل بالتنسيق مع الأكراد. وستستمر هذه الحرب حتى عام 2028، وبعدها سيبدأ العلمانيون باستعادة دورهم ومكانتهم في تركيا، وفق قرار بريطاني، تمامًا كما حصل بعد وفاة أتاتورك.
4- اليمن وحرب طويلة مدمّرة
تطبيق النقطة الرابعة: اليمن يشهد حربًا طويلة وعنيفة للغاية، يتم فيها استخدام أسلحة متطورة وربما حتى أسلحة نووية.
5- روسيا والذوبان الصامت
تطبيق النقطة الخامسة: روسيا لن تُدمَّر، لكنها ستذوب مثل قطعة جليد، وستختفي تمامًا إلى الأبد.
هذا هو السيناريو الذي بدأ النظام العميق تطبيقه على روسيا، إذ يعمل على تفكيكها دون الحاجة إلى حرب، تمامًا كما حصل مع الاتحاد السوفياتي سابقًا.
============
لمن يحب ان يراجع كافة النقاط التي نشرت في 1 – 1 – 2025 ويقارن ويتابع ما سيطبق منها.
أمريكا في العالم العربي:
اليوم أمريكا سياسيًا لم تعد موجودة في العالم العربي، لكنها ستبقى جاهزة لاستخدام لغة الكاوبوي ضد كل من تطالب بريطانيا بضربه.
السياسة البريطانية والاستشراق:
من يريد أن يعرف ماذا يجري في عالمنا العربي والإسلامي عليه أن يراجع الاستشراق البريطاني. اليوم تُطبق السياسة البريطانية في العالم العربي والإسلامي، مما يعني توسعًا كبيرًا جدًا للإخوان المسلمين في كل العالم العربي والإسلامي.
روسيا:
روسيا لن تُدمَّر، لكن صدقوني روسيا الاتحادية ستذوب مثل قطعة جليد وستختفي تمامًا إلى الأبد.
الصين وتايوان:
الصين ستدخل بحرب كبرى مع تايوان، وينتقل السوق الصناعي إلى الهند.
إيران:
إيران في خطر كبير لا أريد الحديث عنه، وأنصحها بأن تلتقي مع بعض النخبة اللبنانية بشكل ضروري.
أفغانستان:
أفغانستان ستشن حربًا كبرى على إيران بعد الهجوم الأمريكي الإسرائيلي.
باكستان:
بداية تقسيم باكستان إلى أقاليم مرة جديدة، واقتتال عنيف جدًا بين الوهابية والمتصوفين في هذا البلد، ومن ثم استلام الحكم من قبل الإخوان المسلمين.
العراق:
تثبيت التقسيم وأزمة حكم شيعية بسبب العقلية الحاكمة وحجم الفساد غير الطبيعي. حتى الأمريكي لن يتدخل في الشأن العراقي.
سوريا:
حياة مأساوية للشعب السوري، ولن ينجو إلا من كُتبت له الحياة. تستمر سوريا في صراع دموي حتى عام 2030، وبعدها تُقسم.
لبنان:
أمام خيارين لا ثالث لهما: إما يزول كما كتبت لكم عام 2017، أو تصبح هناك دولة:
في هذه الدولة، سيعود الشيعي كما كان قبل نصف قرن. فالشيعي لم يستفد من الفرصة التي مُنحت له دوليًا، ولم يستفد من مقدراته ومقدرات أبناء طائفته حيث استثمر في أشياء غريبة عجيبة لا تُسمن ولا تُغني لا في السياسة ولا في الاقتصاد والاجتماع.
حتى المسيحي سيكون أمام خيارات صعبة جدًا. فالمسيحي حتمًا أمهر من الشيعي بأشواط في السياسة والاقتصاد والإعلام، لكنه أيضًا سيكون دوره السياسي محدودًا جدًا.
أما طائفة الموحدين الدروز، فسيجتمعون في وادي التيم وبعضهم سيكون تحت حماية إسرائيلية أو ضمن حدود إسرائيل الجديدة. حتى دروز سوريا سيخضعون لنفس المعايير. ومن يرفض هذه الفكرة يمكنه مراجعة مقالي الذي نشر في 4 – 11 – 2024 تحت عنوان “بحال هزمت المقاومة: استيطان إسرائيلي، سوري، فلسطيني، الشيعة إلى العراق، الدروز إلى وادي التيم، وقيام دولة علوية” وهو مقال نشر قبل شهر من سقوط بشار الاسد، يعني هذا المقال الذي لا يدخل عقل وكتب قبل شهر من سقوط بشار الاسد اليوم اصبح حقيقة خاصة ان البعض كان ينكره ومنهم من يصدقني ويؤمن بكتاباتي لكن كان يظن انني بكرت على كتابة مثل هذا المقال الذي ربما يحتاج الى سنوات ليتحقق.
لبنان سيعود الى حاضنة عربية فاعلة جدا ومن يحكم سوريا سيحكمه، لذلك التسرع خاصة عند بعض المسيحيين سيكون مكلفا جدا عليهم بالسياسة فلا مكان للمسحيين في العالم العربي الجديد الذي تحكمه بريطانيا، ومن يعترض يمكنه مراجعة بعض ما كتبه الاسقف كانتربري روان ويليامز قبل عقود.
السعودية:
يُنصب الأمير محمد بن سلمان ملكًا على السعودية. وبعدها، وقبل أي تعديلات دستورية ملكية، سيقوم الملك محمد بن سلمان بإلغاء كافة الأحكام الدينية، مما يؤدي إلى تغييرات ديمغرافية وجغرافية في السعودية.
الكويت:
ستنغلق على نفسها بالمطلق وتعيش اضطرابات داخلية كبيرة جدا، قد تؤدي الى تغيير كبير في ديمقراطيتها وحرية افراد شعبها، وسيسطر الاخوان المسلمين على غالبية مناصبها وعلى قرارها الداخل والخارجي.
اليمن:
حرب طويلة جدا وعاصفة جدا ومدمرة جدا تستخدم فيها حتى الاسلحة النووية.
قطر:
نفوذ عربي واسع جدا حتى حساب الامارات التي تدخل بصراعات داخلية قد تؤدي الى انشقاقات بين مختلف دول الامارات، حيث يصبح جزء منها تابع للكيان الاسرائيلي وجزء اخر تابع لحكم الاخوان المسلمين.
الأردن:
يتقاسم فيه الملك عبد الله الحكم مع الإخوان المسلمين بحال قبل الإخوان بهذا الأمر، مما ينعكس على مصر التي تجتاحها الفوضى، وفي عام 2026 يحكمها الإخوان المسلمين.
فلسطين:
نهاية دولة فلسطين بالكامل وتهجير قسم إلى الأردن وقسم إلى مصر. ومن يبقَ عليه أن يخضع للشروط والقوانين الإسرائيلية تمامًا.
تركيا:
ستعود السلطنة الى سابق عهدها لكن هذه المرة مهمتها ليست ضد روسيا، بل مع الاكراد، وستستمر هذه الحرب حتى عام 2028، وبعدها يبدا العلمانيين باستعادة دورهم ومكانتهم في تركيا ايضا بقرار بريطاني اخوان الرئيس المتوفي “اتاتورك”.
٢١/٣/٢٠٢٥
20 – 3 – 2025 نشرت جريدة “اللواء” مقالًا بعنوان: الحرب قاب قوسين أو أدنى..؟ هل يخطِّط البيت الأبيض لخرائط حدودية جديدة؟
وانتشر المقال بشكل واسع، بل انا وصلني من العشرات مع السؤال وراي في المقال.
: “الهدف هو القضاء نهائيًا على حزب الله وسايكس بيكو جديد بضم جنوب الليطاني كاملًا إلى فلسطين.”
اللافت أن ناجي أمّهز سبق أن كتب قبل خمسة أشهر مقالًا يحمل المضمون ذاته تحت عنوان: “بحال هُزمت المقاومة: استيطان إسرائيلي، سوري، فلسطيني، الشيعة إلى العراق، الدروز إلى وادي التيم، وقيام دولة علوية.”
يمكنني التأكيد أن هذا المخطط كان وما زال قائمًا، إلا أن التحولات السياسية الأخيرة التي اتخذها حزب الله ستُفشِل المخطط الأمريكي والاسرائيلي.
أجزم بعدم وقوع حرب إسرائيلية جديدة على لبنان خلال الـ 15 عامًا القادمة.
وأكرر التأكيد: لا حرب إسرائيلية على لبنان في المنظور القريب إطلاقًا.
حزب الله، من خلال التغييرات التي أحدثها، عاد إلى الساحة أقوى مما كان. بل إن هناك تساؤلات تُطرح اليوم داخل لبنان وخارجه: أين كانت هذه المرونة السياسية لحزب الله؟ وأين كانت هذه العقول التي أظهرت حنكة سياسية جعلتها موضع دراسة جديدة في الأوساط الأمريكية والإسرائيلية؟
التحديات التي يواجهها الشيعة في لبنان حاليًا تتلخص في نقطتين:
1. ضرورة تقديم مشروع واضح للعالم يحدد أهدافهم الداخلية والإقليمية، ليُبنى عليه موقف المجتمع الدولي.
2. الخطاب الإعلامي، الذي يعاني من الجمود، وعدم مواكبته للمتغيرات السياسية والعسكرية، بالإضافة إلى تحديات التكنولوجيا الحديثة والذكاء الاصطناعي.
يمكنكم الاطلاع على مقالات ناجي أمّهز التي سبقت الأحداث بدقة:
• 4-11-2024: مقال توقع سقوط بشار الأسد وقيام دولة علوية، قبل سقوطه بشهر وأربعة أيام.
• 4-12-2024: مقال بعنوان “أمام شيعة لبنان 50 يومًا للتغيير، وإلا ستسقط مناطقهم في البقاع بيد السوريين، وإسرائيل قد تتقدم حتى الليطاني.”
ختامًا، أؤكد أن من يدّعي أن إسرائيل ستشن حربًا على لبنان لا يدرك حقيقة الواقع، طالما أن حزب الله يتبع السياسة الحكيمة التي يقودها امين عام حزب الله سماحة الشيخ نعيم قاسم.

المقال الذي نشر من 5 اشهر

بحال هزمت المقاومة: استيطان إسرائيلي، سوري، فلسطيني، الشيعة إلى العراق، الدروز إلى وادي التيم، وقيام دولة علوية.
في عام 2014 بدأت بعض الأصوات الدولية والداخلية ترتفع لتشكك في الجيش اللبناني، ولأنني أعلم أن كل من يشكك في الجيش اللبناني هو عدو للبنان ولشعبه، فإن من يحاول المساس به حتمًا يخدم أجندة العدو الإسرائيلي، لأن الجيش اللبناني هو لبنان الحقيقي بكل أطيافه وطوائفه، بل هو المؤسسة الأم.
يومها انبريت وفي 25-11-2014 كتبت مقالًا بعنوان: “إسرائيل تنهي لبنان وتحاصر المقاومة وتستهدف الجيش بالحرب السورية”، يحتوي على ثلاثة أقسام:
القسم الأول: الدفاع عن الجيش
القسم الثاني: كيف ستتحول غالبية النازحين السوريين إلى عملاء يهددون المقاومة من الداخل.
القسم الثالث: كيف ستنهي إسرائيل لبنان.
الجيش: إن إسرائيل التي تستهدف الجيش اللبناني تمنع عبر بعثاتها وحلفائها في العالم أي دعم له، بل تضغط بواسطة مراكز القوى التي تسيطر عليها دوليًا لعرقلة أي مبادرة حقيقية لتسليح الجيش وتطوير قدراته القتالية. ولا تكتفي عند هذا الحد، بل تحاول أن تنال من المؤسسة العسكرية عبر تصويرها على أنها تنتهك حقوق الإنسان والمواثيق الدولية من خلال بعض وسائل الإعلام، وآخرها حملة فيصل القاسم، التي شاهدنا للأسف كيف تحدث بعض السوريين عن الجيش اللبناني وبأي طريقة. ومع ذلك، لم تتحرك الحكومة أو الساسة في لبنان لوضع حد لذلك، تحت ذريعة عدم التعرض للنازحين.
النازحين السوريين ومحاولة القضاء على المقاومة: بالنسبة لمحاصرة المقاومة، فإن إسرائيل التي تراقب عن كثب المعركة التي تدور في سوريا بل وتشارك فيها عبر أكثر من جهة، من تدريب وتمويل لما يُعرف بالمعارضة والتكفيريين بشكل مباشر أو غير مباشر، ترسم نهاية للمقاومة من خلال خسائر الشهداء على الأراضي السورية. وفي الوقت نفسه، تحاصر المقاومة داخليًا من خلال بعض السوريين الذين فقدوا أقاربهم على يد المقاومة، مما قد يدفعهم لنقل معلومات عن المقاومة، اما مباشرة الى اسرائيل، او للمقاتلين السوريين، وهذه المعلومات قد تصل إلى الإسرائيليين الذين يبنون عليها استراتيجياتهم للمرحلة المقبلة. وبذلك، تمتلك إسرائيل عشرات الآلاف من العملاء دون علمهم، بفضل عملية نفسية سببها صراع الألم وغياب الأفق الاعلامي في سوريا.
وعندما تطالعون القسم الثاني وتتابعون اليوم وسائل التواصل الاجتماعي والإعلام ستجدون أن كل ما كتبته يُطبَّق حرفيًا.
القسم الثالث: دراسة تتحدث عن أسباب زوال لبنان نتيجة فقدانه لدوره التاريخي في الشرق الأوسط كموطن للطوائف والخدمات المالية وكوسيط سياسي وتجاري.
في عام 2018 وفي أحد الصالونات السياسية المسيحية التي دُعيت إليها، كان موضوع مقالي هو المطروح للنقاش. وكتبت مسودة على عجل انتشرت في الإعلام بعنوان: “دولتان عربيتان مهددتان بالزوال قبل نهاية حكم ترامب”.
خلصت إلى نتيجة بأن الدولتين العربيتين المهددتين بالاختفاء عن الخارطة هما دولة فلسطين ولبنان. وعند مقارنة الوضع الإنمائي والاجتماعي وما يعانيه الشعبان في البلدين على الصعيد الاقتصادي والصراع السياسي على المال والسلطة، نجد نفس العوامل التي ستوصلهما إلى الانهيار التام.
في 3-9-2024 استعرض رئيس وزراء العدو الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خريطة لإسرائيل، لم تظهر فيها مدن الضفة الغربية المحتلة، لكن ظهرت فيها غزة.
في 27-9-2024 ومن على منصة الأمم المتحدة، قام نتنياهو بحمل خريطة لا تحتوي على الضفة وغزة معًا، وأعلن صراحةً رفضه لحل الدولتين.
منذ ذلك التاريخ وأنا أتابع الموقف الأمريكي والأوروبي، إضافة إلى الصمت الروسي والصيني، وأراقب ما يجري على لبنان من حرب لا تختلف أبدًا عن ما يجري في غزة، حيث أن ما حذرت منه قبل عشر سنوات نفذ بحذافيره، إن كان على مستوى انهيار لبنان وما يقوم به بعض النازحين الذين تحولوا إلى عملاء وقدّموا كافة المعلومات عن المقاومة، حتى لم يعد هناك سيارة أو مقاتل للمقاومة إلا ويوجد عنه معلومات وافية لدى العدو الإسرائيلي.
ومن الطبيعي جدًا أن يوافق الأوروبيون والأمريكيون وحتى الروس والصينيون على زوال لبنان، لأن زوال لبنان قد يدخل المنطقة في حالة من الاستقرار لعدة عقود.
كما قال ترامب في 15-8-2024، ونقلته القناة الـ12 الإسرائيلية: “مساحة إسرائيل تبدو صغيرة على الخارطة، ولطالما فكرت كيف يمكن توسيعها”.
وبالإضافة إلى تغريدة وليد جنبلاط في 10-9-2024: “يبدو وفق كل التوقعات أن الحرب لن تنتهي، وأننا فقط في بدايتها، كما يبدو أن المشروع الصهيوني لن يقف عند إزالة غزة، بل سيستمر في الضفة استكمالًا لوعد بلفور والرؤية التوراتية”.
كل الكبار في العالم يعلمون أنه لا يمكن إعلان دولة إسرائيل ما لم تحتل قبر حيرام في صور، وهذه ثابتة في الطقوس اليهودية.
زوال لبنان سيوسع مساحة إسرائيل التي تعتقد أنها حدودها الطبيعية تمتد من جبل الطور في سيناء وصولًا إلى غور الأردن عند حدود سدوم وعمورة وصولًا إلى صور في لبنان.
كما أن زوال لبنان سيسمح لإسرائيل بتوطين ما يقارب 2 مليون فلسطيني في مساحة تمتد من صيدا وصولًا إلى بيروت.، مما يساعدها على انهاء حل الدولتين بطريقة غير مكلفة.
وزوال لبنان يمنح اوروبا هامشا كبيرا للغاية ويخفف عتها اعباء مالية هائلة واعباء امنية مرعبة جراء موجة النزوح السوري اليها، لذلك هذا الزوال يسمح لها بتوطين 5 ملايين نازح سوري في البقاع وصولًا إلى عكار وطرابلس.
ومع هذا الاستيطان والتوطين الذي يهجر شيعة البقاع والجنوب الى الداخل اللبناني، وحصرهم بمساحة جغرافية معينة، تبدا هذه الدول على افتعال نقمة او ربما حرب داخلية لطرد الشيعة الى العراق.
بعد ترحيل ما يمكن ترحيله من الشيعة الى العراق الذي بدا بانشاء مدن ومستوطنات لشيعة لبنان، يصبح لبنان محصورا بفئة درزية مسيحية.
يتوقع انه خلال 5 او 6 سنوات من ترحيل الشيعة واستقرار المستوطنين الاسرائيليين والنازحين السوريين والفلسطيين في اماكنهم، ان تنشاء حرب دينية بين الفلسطينيين والمسيحيين بذريعة كذريعة صبرا وشاتيلا، والانتقام من اليمين الماروني الانعزالي.
لن اتحدث عن ما قد يجري مع المسيحيين، لانه مهما قلت سيقال لك لن نترك لبنان، بالمقابل ينسى المسيحيين انه اكثر من ثلث المسيحيين غادروا لبنان بين اعوام 1990 وعام 2000 رغم التطمينات السورية والامريكية.
ويتناسون مخطط كيسنجر، وكيف تم توريطهم بحروب قضت على كل شيء.
أما الدروز فسينتقلون من جبل العرب وجبل لبنان إلى وادي التيم بحدوده القديمة مما يعني تحولهم الى مواطنين اسرائيليين.
وأخيرًا، ستقام دولة علوية على الساحل السوري بحماية روسية، وتحالف مع إسرائيل يشبه التحالف الدرزي الإسرائيلي.
لذلك كل هذا الصمت الدولي والعربي هو بانتظار سقوط المقاومة لسقوط لبنان، وبداية شرق اوسط جديد يتحدث عنه رئيس وزراء العدو الاسرائيلي نتنياهو.
هذا الكلام الذي أكتبه لن يتغير منه حرف واحد بحال، لا سمح الله، خسرت المقاومة التي تقاتل اليوم على جبهة الجنوب لمنع الإسرائيلي من الاحتلال والاستيطان وتوطين الفلسطينيين، ولمنع الأوروبي والأمريكي من منح جزء كبير من لبنان للنازحين السوريين. ومن سمع ما قاله الاتحاد الأوروبي للنواب والوزراء بل كافة أركان الدولة اللبنانية، يدرك أن بقاء النازحين هو مشروع قائم لا تراجع عنه، حتى لو أدى ذلك إلى تدمير لبنان مرات ومرات.
والسلام
٣١/٣/٢٠٢٥
سلاح حزب الله يهدد السلامة الوطنية؟!*
✍️ *بقلم: ناجي علي أمّهز*
البداية:
بالأمس، كتبتُ مقالًا انتقدتُ فيه تصريح رجل دين سوري ادَّعى أن الشيعة مجوس، وأن وظيفتهم الإساءة إلى الإسلام، وكأنهم مجرد تابعين لليهود أو لعبّاد النار، هدفهم تشويه الإسلام. وكشيعي، أؤكد أنني مسلم، ولا أقبل هذه التُهم الظالمة.
لكن الغريب أنني بعد نشر المقال بساعات، شعرت بنوع من الخوف، وكأنه الخوف الذي رافقني منذ عام 1990 حتى 2005، إبان الاحتلال السوري للبنان. ومع أنني كنتُ على صدام مباشر مع السوريين، الذين طاردوني حتى عام 1995 بسبب انتمائي إلى الحركة العونية، فإنني كنت أشعر بحماية خفية، مصدرها صوت البطريرك صفير، إضافة إلى حراك شعبي مسيحي لا يهدأ، ووجود مجموعات حقوقية وإعلامية ومنظمات إنسانية دولية، مما كان يوفر حماية للمسيحيين ومن ينتمون إلى حراكهم السياسي.
أما الشيعة، فإن علاقاتهم الدولية محدودة، ولا يوجد حراك مدني يدافع عنهم لأسباب تاريخية، كما تغيب عنهم اللوبيات العالمية ان كانت اعلامية واقتصادية، مما يجعلهم يعتمدون على حماية ذاتية قائمة على عامل القوة، وإلا فإنهم يصبحون مهددين بوضوح.
اليوم، الشيعة الذين يعارضون الحكم في سوريا يدركون أن جميع بياناتهم، وصورهم، ومعلوماتهم باتت بحوزة الحكومة السورية الجديدة، وربما وصلت إلى جهات معادية لهم، نظرًا إلى العدد الكبير من السوريين الذين يعيشون بينهم. وكما كان السوريون في عهد الأسد ينقلون المعلومات إلى أفرع المخابرات، فإن الأمر مستمر حتى اليوم.
اليوم، شعرت بما يشعر به الشيعي أو العلوي والاسماعيلي والمسيحي السوري، الذي لا يستطيع أن يردّ على من يتهمه بدينه، لأنه قد يتعرض للعنف، أو السجن، أو حتى القتل.
اليوم أصبحت الأقليات الدينية في خطر حقيقي، خاصة الشيعة، الذين يمرون بأسوأ أزمة وجودية منذ استشهاد الإمام الحسين قبل 1400 عام.
بالرغم من وضوح المشهد، وأنه في حال سقطت قوة الشيعة، فإن وضعهم سيكون كارثيًا على كافة الصعد، مع أنهم كانوا في طليعة المدافعين عن المسلمين السنة في البوسنة والهرسك، كما ذهبوا إلى سوريا وقدموا خيرة شبابهم كي لا تصبح الأقليات المسيحية والإسلامية في سوريا في الوضع الذي هي عليه اليوم. حتى عندما قدم الشيعة كل ما يملكون في سبيل الفلسطينيين في غزة، كانت النتيجة مؤلمة.
فقد قُتل قادة الشيعة دفاعًا عن السنة في فلسطين.
ودُمِّرت القرى والمدن الشيعية دفاعًا عن السنة في فلسطين.
وقدم الشيعة الالاف بين شهيد وجريح خلال عام دفاعًا عن السنة في فلسطين.
ومع ذلك، عندما خفت نيران العدوان الإسرائيلي قليلًا في فلسطين وعلى الشيعة في لبنان، هاجم بعض المتشددين السوريين القرى الشيعية في الأراضي اللبنانية.
وعندما تسأل بعض السوريين: “لماذا تكرهون الشيعة؟” يقولون لك: “لأنهم قاتلوا إلى جانب الأقليات ومع النظام السوري السابق”، لكن هؤلاء لا يكرهون إسرائيل، التي تدخلت لحماية بعض الأقليات في سوريا، وأصبحت تسيطر على جزء كبير من البلاد بعد أن دمرت القوة العسكرية السورية بالكامل.
بل لم نسمع أن الشعوب العربية انتفضت أو تحركت، اقله لجمع التبرعات لإعادة إعمار القرى والمدن الشيعية التي دُمِّرت دفاعًا عن المدن والقرى السنية في فلسطين.
وحتى في العالم العربي والداخل اللبناني، هناك من يشمت بالشيعة، مع أن أعظم نموذج إنساني اسلامي حضاري قدمه الإنسان الشيعي كان في دفاعه عن أخيه الإنسان، سواء كان طفلًا أو امرأة فلسطينية.
وبينما لا تتوقف الهجمات والتهديدات السورية خاصة للشيعة في البقاع، ولا تزال إسرائيل تشن غاراتها وتستهدف الجنوب وحتى العمق اللبناني، وأحيانًا تتشارك مع القوات الحكومية السورية في الهجوم على بعض القرى البقاعية، نجد أن الشيعي، إذا جاءه عامل سوري فانه يوظفه وان كان على حساب العامل الشيعي اللبناني، وكذلك إذا جاء مستأجر سوري ، فإن المالك الشيعي يؤجره دون تفرقة، فالشيعي طيب في معشره وان كان يؤدي الى هلاكه.
والطامة الكبرى ليست هنا، بل حتى الدجاجة، عندما يريد المزارع ذبحها ليطهوها، فإنه يقدم لها الأمان، ويغريها بالطعام، ويناديها بودٍّ، لينال منها. أما اعداء الشيعة، فانهم يريدون ذبحهم وهم يشتمونهم، ويحاصرونهم، ويجوعونهم.
فإسرائيل تقتل الشيعة، وتطالبهم بتسليم مصدر قوتهم تحت القصف والنار والدمار. بينما أقله يجب على إسرائيل أن توقف القتل والدمار لتبرر سحب سلاح الشيعة.
وأمريكا تطالبهم بتسليم سلاحهم تحت الوعيد والتهديد والحصار، بينما كان الأجدر بها، إن أرادت مناقشة مسألة السلاح، أن تقدم الضمانات، وترفع الحصار، وتعلن عن حمايتها للشيعة.
وحتى في الداخل اللبناني، بدل أن يتكاتف الجميع دفاعًا عن الشيعة من منطلق وطني تمهيدًا للنقاش حول السلاح، نجد من يصرخ في وجههم: “عليكم تسليم السلاح، وإلا ستندمون!”
لا أعرف كيف يمكن للشيعة أن يسلموا سلاحهم وهم محكومون بالموت، سواء كانوا يحملونه أو لا. وما حصل مع الأقليات في الساحل السوري هو دليل واضح على المصير الذي ينتظر الشيعة في هذا الشرق غير المستقر.
فإذا خُيِّر الشيعة بين الموت دون سلاح، أو الموت وهم يحملون سلاحهم، فحتماً سيختارون الموت وهم يحملون سلاحهم.
البعض يقول إن السلاح الشيعي هو السبب وراء الهجمات الإسرائيلية على لبنان، بينما الجميع يعرف ان هذه الصواريخ التي اطلقت مؤخرا، على المنصات “الخشبية” هي ليست صنيعة حزب الله بل اتخذتها اسرائيل ذريعة لشن هجماتها.
.
ثم يأتي آخر يتحدّث عن خطر حزب الله على الاستقرار والسلام في لبنان، متناسياً أن ما تقوم به إسرائيل اليوم كان يحدث يومياً منذ عام 1979 حتى عام 2000، حيث كانت الطائرات الإسرائيلية تشنّ غارات مدمّرة على الأراضي اللبنانية دون حسيب أو رقيب.
ويخرج علينا من يقول: “سلاح حزب الله هو الذي يجرّ الحرب على لبنان”، لكنه يغفل عن حقيقة أن وجود سلاح حزب الله كان نتيجة الاجتياح الإسرائيلي للبنان عام 1982، والاحتلال الذي دام حتى عام 2000، وما كان لهذا الاحتلال أن يزول لولا تضحيات المقاومة وسلاحها.
وهناك من يكرّر: “القرارات الدولية هي الحلّ لحماية لبنان”، لكن إسرائيل نفسها تدوس على هذه القرارات وعلى شرعة حقوق الإنسان، ولم تحترم يوماً أي قرار دولي، بل لم تكلف نفسها حتى عناء إنذار ألف طفل وعجوز قبل أن تقتلهم بغارة جوية، تحت شعار: “قتلنا ألف فلسطيني لنقتل مقاومًا”.
أما من يروّج لفكرة أن الحراك الدبلوماسي وحده قادر على تحرير ما تبقّى من لبنان، فليتأمّل كيف انتهى الحراك الدبلوماسي الذي قادته منظمة التحرير الفلسطينية مع الإسرائيليين برعاية أمريكية، حيث لم يتبقَّ من فلسطين أكثر من مساحة قرية صغيرة، بعدما التهمت إسرائيل كل شيء.
ثم يأتي من يصرخ: “يا شيعة لبنان، حزب الله جلب لكم الخراب والدمار!”، وكأن الشيعة، في ظلّ الأمويين والعباسيين والعثمانيين، كانوا يعيشون في بحبوحة ورفاهية! بل كانوا محرومين حتى من المشي على الطرقات دون أن يُميَّزوا بلباس خاص، يُظهرهم وكأنهم عبيد يحقّ لأي مواطن من الفئات الحاكمة أن يتصرّف فيهم كما يشاء.
وهل كان الشيعة يمتلكون السلاح او يعملون في السياسة وكانت ايران موجودة اعوام 1292 و1300 و1305. ابان الحملات العسكرية المملوكية ضد المسلمين الشيعة والعلويين والموارنة والدروز؛ الذين تصرفوا تاريخياً بشكل مستقل عن أي سلطة مركزية.
الشيعة مجموعة إنسانية تعرّضت للاضطهاد عبر التاريخ لأنها تمسّكت باعتدالها في وقت كان فيه العالم العربي والإسلامي غارقًا في التشدّد، وللأسف ما زال الحال كذلك.
من أجل الإنسانية… من أجل لبنان… من أجل بقاء الشيعة إلى جانب الطوائف اللبنانية، دعونا نبحث ونتناقش كعائلة وطنية واحدة.
في الختام، الشيعي وان طالب بتحرير فلسطين فانه قاتل الإسرائيلي وحرر جنوب لبنان، وقاتل التكفيري المتشدّد بعد أن ارتكب المجازر والتفجيرات الإرهابية في الداخل اللبناني.
كما أن الشيعي لا يشكّل أي خطر، والدليل ما حصل خلال هذا العام، إذ لو كان كل شيعي قنبلة نووية بحد ذاته، فإنه في النهاية يبقى أقلية.
ولا يمكن تطبيق العقلية الأوروبية في العالم العربي.
الحقيقة أنه لا يوجد في الشرق من هو بحاجة الى ضمانات وتطمينات كما يحتاجها الشيعة اليوم، وإن كنتم لا تريدون الشيعة في المنطقة من أجل شرق أوسط جديد مقسّم وتدركون ان الشيعي يرفض التقسيم، فلتُفتح أبواب السفارات لهم، وليغادروا لبنان ويحلّ مكانهم الفلسطينيون والسوريون.
لكن نحن، الشيعة، قدّمنا كل ما نملك في سبيل تحرير لبنان والدفاع عن فلسطين. والثمن دفنّا أعيادنا، وماتت أفراحنا، وغادرنا أحب الناس إلى قلوبنا، ويا ليتهم بقوا، وما بكينا عليهم حتى الموت على فراقهم.
نحن الشيعة نتألّم كثيرًا لأننا آمنّا بإنسانيتنا، وفي سبيل هذه الإنسانية والقيم الأخلاقية، نكاد نفنى.
*هل من ناصر ينصرنا.*
ناجي علي امهز
٣/٤/٢٠٢٥
الرئيس العماد جوزاف عون: فؤاد الجمهورية اللبنانية وشهاب حمايتها
*بقلم ناجي علي أمّهز*
*في أول حقبة من تاريخ لبنان الكبير، وبعد مرور مئة عام، يواصل لبنان كتابة تاريخه وبناء مستقبله الذي نهض مجددًا في عهد فخامة الرئيس العماد جوزاف عون،.*
في تاريخ الأمم، رجال يختارهم القدر ليكونوا منقذين لشعوبهم، رجال يولدون من رحم الأزمات ليحملوا راية العدل والأمان، كما فعل جورج واشنطن، وشارل ديغول. وفي هذا السياق، كان فخامة الرئيس العماد جوزاف عون مصباح أمل للبنان المتعب، الحارس الأمين لوحدة الوطن وكرامة شعبه.
منذ الستينات، لم يختبر اللبنانيون الأمان الحقيقي وشعور انتمائهم الى رئيس وانتمائه لهم، كما تحقق في عهد فخامة الرئيس جوزاف عون. فقد مرت الجمهورية اللبنانية في مراحل تضاءلت فيها سيادة القرار، واصبح رئيس الجمهورية اما شبه معين او محسوب على جهة سياسية او فئة من الشعب اللبناني دون الاخر قبل وبعد الوصاية السورية، كما أدت المحاصصات والصفقات إلى انهيار المؤسسات تحت ضغط الفساد. وتصارعت القوى السياسية حتى كادت البلاد تنقسم إلى كيانات متناحرة. ورغم الظلام الذي خيم على البلاد، انبعث شعاع من الأمل من خلال المؤسسة العسكرية، بقيادة قائد لم يكن رهينة للتسويات السياسية، بل كان ابن الأرض والجيش، الذي أقسم على حماية الوطن بدمه.
ولا يخفى على احد، ان سبب الانجراف الشعبي الكبير نحو الرئيس جوزاف عون هو ان الشعب اللبناني يأس من تجربة رؤساء الاحزاب في المناصب الرسمية الذين يفضلون ويميزون منتسبيهم على بقية ابناء الشعب في الوظائف والخدمات، كما ان الناس تعبت من تعدد الالوان لكل رئيس ان كان احمر وبرتقالي وازرق واخضر اضافة الى شعارات واعلام واناشيد ورايات، فالناس لم تعد تريد في المناصب الرسمية الاساسية الا من يحمل العلم اللبناني والنشيد الوطني فقط.
والرئيس جوزاف عون ولاؤه فقط للبزّة العسكرية وللوطن وحده. ، ومع انبثاق اول شعاع الصباح من كل يوم فان صلاته ونشيده وتحيته فقط للعلم اللبناني والنشيد الوطني، ونداء تضحية، شرف، وفاء.
وكما هو الحال مع الأمم والشعوب المظلومة التي وصلت إلى حافة الانهيار بسبب الفوضى والاضطرابات الاقتصادية والسياسية، شاء الله أن يرسل للبنان قائدًا من طراز رفيع لإنقاذه. رجلًا لم تنجح السياسة في إغرائه ولم تقوِّضه المصالح، بل ظل صامدًا كالطود، يحفظ توازن الدولة ويحمل آمال اللبنانيين في عقله وقلبه وعمله.
الرئيس جوزاف عون ليس مجرد قائد عسكري عيّنته الواسطة أو رئيس جمهورية بالتسوية، بل هو بجهده وكده وسهره والتزامه وانضباطه قائد ورجل دولة بحق فرضته الظروف التي لا يوجد غيره لإصلاحها. يجمع بين البصيرة السياسية والالتزام الوطني، والقدرة والطاقة على العمل، ويضع مصلحة لبنان قبل كل شيء، ويعيده إلى مكانته السامية بين الأمم.
كما انه رغم الاعتداءات الإسرائيلية المستمرة على لبنان واحتلال بعض النقاط، وعدم الاستقرار على الحدود البقاعية السورية، والضغوط الدولية غير المسبوقة التي تكاد تفجر لبنان من الداخل، يبرز فخامة الرئيس جوزاف عون كقائد حكيم ومتوازن صلب جدا وهادئ جدا، في مواجهة أكبر أزمة تواجه لبنان منذ إعلان دولة لبنان الكبير. حيث يتعامل مع التحديات الداخلية والخارجية بحس عميق بالمسؤولية وشجاعة القرار، مما يعكس قدرة استثنائية في الحفاظ على استقرار لبنان وسط الضغوط والمخاطر.
اما الخطوط الحمراء الممنوع تجاوزها في سياسة الرئيس جوزاف عون هو الوحدة الوطنية الداخلية، مع الحفاظ على علاقات دولية لكن دون المس بسيادة لبنان واستقلاله،
القيادات في الدول الكبرى احترمت هذه الخصوصية في شخصية الرئيس جوازف عون الذي يطرح القرارات الجريئة ويناقش بصوت واضح من اجل الحفاظ على لبنان قويًا أمام التجاذبات دون الوقوع في فوضى أو الصراعات التي تشتعل بالمنطقة.
ويُذكّرنا عهد الرئيس جوزاف عون بعهد الرئيس فؤاد شهاب، الذي أطلقت عليه الصحف الفرنسية لقب “ديغول العرب” لشدة التشابه بينه وبين الزعيم الفرنسي شارل ديغول. وكما نجح ديغول في بناء فرنسا بعد الحرب العالمية الثانية ومنح المقاومة الفرنسية حقها، نجح الرئيس شهاب في تأسيس لبنان الحديث. وبناء المؤسسات الرسمية ، حيث أسس إدارات حديثة قائمة على النزاهة والكفاءة، مما جعل لبنان نموذجًا لدولة قوية وعادلة، خاصة بعد ثورة شمعون والانقسام الحاد الذي وصل إلى تصادم مسلح في ثورة 58. كما استطاع الرئيس شهاب توحيد البلاد وانتقالها من عهد الخطابات والوعود الشعبوية، إلى عهد الدولة والمؤسسات وما عرف بالعصر الذهبي للبنان.
اليوم، يسير الرئيس جوزاف عون على درب الرئيس شهاب ، متجاوزًا الأزمات بروح القائد المسؤول، لترسيخ دولة المؤسسات والقانون، التي تعيد للبنان مكانته وتحقق الاستقرار، وتنقذه من مرحلة هي الاصعب في تاريخ لبنان.
كما أن انطلاقة الحكومة والاستقرار الذي تحقق خلال فترة قصيرة في ظل أوضاع معقدة للغاية داخلياً وإقليمياً ودولياً، أثبت فخامة الرئيس جوزاف عون أنه القائد الاستثنائي الذي تحتاجه البلاد، الرجل الذي لم ترهبه الأزمات ولم ينحنِ أمام العواصف، ولم يرضخ لأيّة شروط، بل وقف كالطود الشامخ، يحمي لبنان وطوائفه ومكوناته بروحه وإرادته الصلبة.
وأكثر ما يبعث الطمأنينة في نفوس اللبنانيين ويدخل الفرح إلى قلوبهم هو هذا الحضور الطاغي لشحصية فخامة الرئيس بين رؤساء الدول، ذلك الحضور الذي يليق بلبنان وهيبته ومكانته، في حفاوة الاستقبال واتباع البروتوكول.
كما أن الإشادات من قبل القيادات والشخصيات الدولية حول شخص الرئيس جوزاف عون ترفع اسم الوطن عالياً في المحافل الدولية، في عهد رئيس أدرك أن المسؤولية أمانة، وأن القيادة عهد مقدس، وأن حب الوطن فعل وتضحية، وليس مجرد شعار يُرفع في أوقات المزايدات.
وكما أنقذ نبي الله يوسف (جوزاف) شعبه من سنوات القحط والمجاعة، وكما أن القديس يوسف (جوزيف) كان حارس العائلة المقدسة، يقف فخامة الرئيس جوزاف عون اليوم كحارس لبنان الأمين، حاملًا على عاتقه مسؤولية إخراج البلاد من نفق الأزمات إلى فجر جديد من الأمن والاستقرار، ليبقى لبنان وطنًا لأبنائه، قويًا بمؤسساته، شامخًا بأرزه، خالدًا بعظمته.
٩/٤/٢٠٢٥
تحريض مصر على الحوثيين، وسوريا من امة عربية الى امة سلجوقية طامحة باعادة مجدها وتوسعها.
*بقلم: ناجي علي أمّهز*
البداية:
الجميع يفر من حقيقة غزة، بل لا يريدون سماع استغاثة أهلها، وأنين أطفالها، وصراخ أشلائها. ولا يريدون حتى سماع ترامب الذي أكد أن وجود قوات حفظ سلام أمريكية في غزة، وسيطرة الولايات المتحدة على القطاع، سيعود بالنفع على القطاع الفلسطيني. وأعرب عن استغرابه من “سبب تنازل إسرائيل عن غزة أصلاً”، واصفًا إياها بأنها “موقع استراتيجي رائع لكنه غير صالح للسكن”.
الجميع يبحث عن افتعال أزمة عالمية تنسي الرأي العام العالمي ما يجري في غزة. العرب يخترعون الانشغالات تبريرًا لعجزهم، والغرب يصطنعون الحروب مع طواحين الهواء.
وفي مقالي هذا، أنا لا أتدخل في خيارات أي شعب، لكنني أتناول التوصيف فقط، وهذه الدول أعلم بمصالحها ومصالح شعوبها. ولكن لا يمكن إنكار أن الجميع يفر من غزة ويبحث عن ذرائع تخفي عجزه. حتى الأمريكي، برفع الضرائب وتهديد الكرة الأرضية، يفعل ذلك من أجل خلق ذرائع تنسي الرأي العام العالمي ما حصل ويجري في غزة من إبادة غير مسبوقة على مر التاريخ..
ونبدا من سوريا التي يعتدي عليها الاسرائيلي يوميا لانه يعيش على حدودها، دون أن يلقى ردًّا أو حتى إدانة جدية، مع انه العلم انه زمن الحكم السابق كان هناك يقول “نحتفظ بحق الرد” لكن اليوم تحوّلت الأرض السورية إلى ساحة مفتوحة للغارات الإسرائيلية، التي استباحت السيادة السورية، واخترقت أجواءها، ودمّرت بنيتها، وقتلت مواطنيها، واستهدفت قواعدها، ومخازن سلاحها، ومطاراتها.
بل الأسوأ، أن إسرائيل تمركزت داخل سوريا، عبر احتلالها الفعلي لمدن وبلدات جديدة.
بالمقابل فان الحشود السورية من مقاتلين والاستفزازات اليوم تحصل على الحدود اللبنانية.
ثم نصل الى غزة…التي لا تبعد عن مصر أكثر من شعرة.
وكلما ألقت إسرائيل بصاروخها من خلال غارة بالطائرات الحربية، وصل صدى الانفجار إلى رفح والعريش، بل وصلت الأشلاء فعليًا إلى المعابر المصرية.
ورغم كل ذلك، التصريحات تجدها منضبطة الايقاع في السياسة والاعلام والراي العام…
بل فجأة، ضج العالم العربي بتصريح عن الاعلام المصري الذى يتحدث عن الخسائر الكبيرة التي يتكبدها الاقتصاد المصري نتيجة تراجع إيرادات قناة السويس بسبب التوترات المستمرة في البحر الاحمر
وكان غالبية الاعلام العربي يريد لمصر بدل ان تتوجه الى حماية اهالي غزة وسيناء يحرضونها على الحوثي.
مع العلم ان ما يقوم فيه الحوثي الان، يقطع على اسرائيل فكرة شق قناة بن غوريون التي ستكون على حساب وبديلا عن قناة السويس. لانه وبكل بساطة يمكن للحوثي ان يمنع مرور السفن التي تمر عبر قناة بن غوريون في المستقبل.
السؤال هل باتت الجغرافيا تُفهم بالاتجاه الخطأ؟
في لحظة مشبعة بالتحولات، هناك من يريد دفع مصر على بوابة البحر الأحمر، وعلى الجهة المقابلة، نقف أمام سوريا جديدة… ليست سوريا العروبة، ولا القومية، ولا حتى المقاومة.
بل سوريا تتشكل خارج التاريخ، خارج التعددية، خارج المدنية… انها سوريا سلجوقية.
نعم، الرايات والشعارات السلجوقية تلوح في الأفق.، خاصة التي يرتديها شخصيات سورية رسمية،
حتى الولايات المتحدة الامريكية نفسها نشرت منذ ايام تقريرا يتحدث ان 30% من قوة جبهة النصرة التي استلمت الحكم في سوريا هم من الاجانب، وقد نشرت اسماء ضباط اجانب تمت ترقيتهم إلى مناصب عسكرية عليا في الجيش السوري، شملت رتب عقيد وعميد ولواء. وجاء من بين الذين نالوا رتباً عالية كل من كلمن عبدل بشاري (خطاب الألباني) وهو ألباني الجنسية ويقود منذ أعوام “جماعة الألبان”، وعمر محمد جفشتي (مختار التركي) والمصري علاء محمد عبدالباقي، وعبدالعزيز داوود خدابردي الذي يتحدر من القومية التركستانية. وكذلك مولان ترسون عبدالصمد وهو طاجيك الجنسية وعبدالرحمن حسين الخطيب الذي منح رتبة عميد وهو طبيب أردني الجنسية، فضلاً عن “ذو القرنين” زنور البصر عبدالحميد الملقب بعبدالله الداغستاني، وهو قائد “جيش المهاجرين والأنصار”، وهؤلاء يتجمهورن داخل سوريا، وكأنهم نواة خلافة جديدة، يتمتعون بحقوق المواطن، وبالسلطة، وبالقدرة على تقرير مصير الشعب السوري الأصيل.
لهذا السبب يشعر السوريون خاصة الأقليات التي تمّ تهميشها، وإقصاؤهم عن السلطة ومراكز القرار، يعيشون في قلق دائم، يلتمسون حماية دولية، كما ظهر في فيديو الأب فادي عطالله السرياني السوري.
وهكذا، تُستبدل الهوية السورية بجحافل مقاتلين عقائديين، يصرّح بعضهم بانتمائهم إلى حركات إسلامية عابرة للحدود.
تمامًا كما فعل السلاجقة التاريخيون، حينما تحرّكوا من وسط آسيا إلى دمشق، ثم لبنان، فالعراق، ثم فارس.
فهل نحن أمام مجرد اضطراب؟ أم أمام نواة مشروع ديني احادي، يلتقي مع مصالح قوى كبرى؟
وإذا بدأ هذا المشروع، فهل يعني أن لبنان والعراق في خطر مباشر؟
خطر ليس فقط من السلاح، بل من نموذج حكم لا يعترف بغيره.
انا لا اكتب مقالًا… فمن يُراقب المشهد العربي بلا شعارات، يرى بوضوح أن هذه الدول لم تعد تتكلم لغة واحدة، ولا تقف على أرض واحدة، ولا تحمل أهدافًا موحدة.
انا اسال عن خريطة دماء وتاريخ قادم.
وعن هوية عربية عروبية تتبدّل…
الحرب في سوريا اشتعلت من اجل الديمقراطية، اين هي الديمقراطية اليوم التي تهجر بسببها 10 مليون سوري في العالم.
هل الديمقراطية هي ان ترى الآخر مرتدًا رافضي أو كتابيا وربما كافرًا يحق قتله او طرده.
المشهد لم يبدأ بعد…
ويجب على الشعب اللبناني ان يتمسك بوحدته في زمن ترسم كيانات الدول في مطابخ الوجبات السريعة.
١١/٤/٢٠٢٥
منذ الأمس، عاد مقال للكاتب والإعلامي اللبناني ناجي علي أمّهز إلى التداول المكثّف على الواتس اب، حتى ظنّه كثيرون منشورًا حديثًا. غير أن الحقيقة أنه كُتب بتاريخ 4 كانون الثاني 2023، ويمكن التحقق من ذلك عبر أرشيف غوغل ومنشوراته القديمة على فيسبوك.*
ما يثير الانتباه في هذا المقال ليس فقط توقيته، بل تطابق مضمونه بشكل مذهل مع الأحداث والتصريحات الجارية اليوم، من ضغوط أمريكية وأوروبية وعربية على لبنان، وصولًا إلى اللهجة المتصاعدة والسياسة المتبعة حتى من شخصيات كترامب.
وهذا التزامن اللافت يفتح بابًا للتساؤل: هل ما نشهده اليوم هو تنفيذ لسيناريو جرى التحضير له منذ ما قبل حرب غزة؟ وهل لبنان، ومعه إيران، كانا في صلب هذا المشروع منذ أكثر من عامين؟
فيما يلي، يُعيد المقال تسليط الضوء على المخطط الأوروبي الأمريكي لفصل إيران عن حزب الله،
*المخطط الأوروبي الأمريكي لفصل إيران عن الحزب، وتطبيق القرار 1559 لطرد “الاحتلال الإيراني” وتجريد الحزب من سلاحه*
6 يناير/كانون الثاني 2023 | مقالات ورأي
بقلم ناجي علي أمهز
هناك مشروع أُعِدَّ له بإتقان شديد تحت عنوان “تحرير لبنان من الهيمنة الإيرانية وإعادته إلى حضنه العربي وعمقه الغربي”.
يقوم هذا المشروع على ثوابت ثلاثة:
الثابتة الأولى: إن لبنان، الذي كان بوابة الغرب على العرب، لن يقبل اليوم أن يكون خارج هذا الإطار، لا سيما والعرب يتوجهون بكل إمكانياتهم ويعلنون تحالفهم مع الغرب. ولا يمكن القبول بأن يكون لبنان مقراً ومستقراً وساحة لتصفية الحسابات الإيرانية الدولية على حساب لبنان، الذي وضعه حزب الله في مواجهة الشرعية الدولية والدول الغربية، بالإعلان عن إزالة “الكيان الإسرائيلي”.
الثابتة الثانية: بما أن الشعب اللبناني بغالبيته أصبح متضرراً (بمن فيهم الشيعة المغتربون) من دور حزب الله، الذي صنفته غالبية الدول الغربية والعربية على لوائح الإرهاب، حيث أصبح كل لبناني يعلن انتماءه أو علاقته بالحزب مُعرَّضاً للاعتقال والطرد وإيقاف أعماله ومصادرة أمواله، وبما أن الكثير من اللبنانيين لا يوافقون على تصرفات حزب الله، خاصة فيما يتعلق بالتدخل بشؤون الدول العربية الحرة بسياساتها الداخلية والخارجية، وأنه لا يحق له تحت ذريعة تحرير الشعب الفلسطيني (الذي وافقت سلطته الوطنية على القرارات الدولية) أن يُبقي لبنان أسيراً للمخطط الإيراني الذي ينفذه.
الثابتة الثالثة: إن المخرج والحل الوحيد لجميع أزمات لبنان وشعبه هو العودة إلى الحياد الإيجابي، وعدم التدخل في شؤون الدول العربية، والتوقف عن إعلان الحرب على الغرب تحت شعار “الموت لهذه الدول”.
وبما أن الشعب اللبناني لا يريد مواجهة حزب الله المدعوم إيرانياً، فإنه لا بد من عقد مؤتمر دولي حول لبنان يضغط على إيران ويُلزم حزب الله بتنفيذ القرارين الدوليين 1559 و 1701، لمساعدة السلطة في بسط شرعيتها على كامل الوطن.
وأمام هذه الثوابت، انطلقت بعض المواقف التي بدأت بالدعوة إلى الحياد، ثم تطور الأمر إلى طلب عقد مؤتمر دولي حول لبنان.
ومنذ عام 2019، أصبح هذا التوجه هو السائد، القائل بأنه لا حياة للبنان طالما حزب الله موجود.
وهذا ما تحدث عنه ديفيد ساترفيلد عام 2019، عندما أبلغ بعض القيادات اللبنانية أن “واشنطن ليست في وارد إقحام لبنان كله في هذه العقوبات لئلا يدفع أثمان عدم التفريق بين حزب الله ولبنان، الذي يجب ألا يتحمل مسؤولية بالنيابة عن غيره، وأن العقوبات على إيران وحزب الله في تصاعد، وأن واشنطن تخوض معركتها ضد طهران على مستوى الإقليم لدفعها إلى الانكفاء إلى الداخل لوقف زعزعتها للاستقرار في المنطقة وتدخلها في شؤون دول الجوار”.
ومن هنا، توجد قراءات سياسية تؤكد أن الطبقة الفاسدة التي ضيعت الودائع وأهدرت مقومات لبنان المالية كانت تنفذ المخطط الدولي لحصار الشعب اللبناني، تمهيداً لتهيئة لبنان للانتفاض على حزب الله الذي يعرقل التسويات في المنطقة.
وعندما بدأت انتفاضة 17 تشرين الأول 2019، كان أمام حزب الله فرصة ذهبية ليقلب الطاولة على الجميع (وهناك من قال إنه حتى لو كانت في انتفاضة 17 تشرين جهات مشبوهة، كان بإمكان حزب الله الانخراط فيها وقيادتها وتحرير لبنان من طبقة الفساد).
ومع علم الجميع بأنه لا علاقة للحزب بالفساد، إلا أن موقف حزب الله من ثورة 17 تشرين، واختباء حلفائه خلفه، جعل بعض اللبنانيين من خارج الطائفة الشيعية ينظرون إلى الحزب على أنه حامي منظومة الفساد. وهذا الأمر تلقفه أعداء وخصوم حزب الله الذين احتضنوا ثورة 17 تشرين ووجهوها ضد الحزب وحلفائه. ومع هذا التصادم، وجد الحزب نفسه وحيداً لا يمتلك إعلاماً قوياً أو حركة مدنية نشطة لمواجهة هذا المتغير في الرأي العام اللبناني.
ومع انفجار المرفأ وما تبعه من قطع للطرقات، رافقه تمنُّع البنوك عن دفع أموال المودعين، وانهيار الليرة اللبنانية، وتوقف دعم الدولة للمواد الأساسية من أدوية ومحروقات، دخل لبنان في مصاف الدول الفاشلة.
وهكذا، أصبح حزب الله ملزماً بتأمين المواد الغذائية والمحروقات للكثير من اللبنانيين، وبمواجهة المتغيرات الإقليمية السياسية والعسكرية، بينما حلفاؤه الذين حماهم بكل إمكانياته غير مهتمين إلا بمصالحهم الضيقة، حيث أعلنوا تمايزهم عنه، ومنهم من يسعى للانفصال.
وأمام هذه القراءة، خاصة بعد ترسيم الحدود البحرية اللبنانية-الفلسطينية، والأزمة الروسية الأوكرانية، وحاجة أوروبا للغاز الفلسطيني واللبناني، فإن هناك تقاطع مصالح لجميع خصوم وأعداء الحزب، بما فيهم أمريكا وفرنسا وبعض الدول العربية، للضغط على إيران من خلال بعض فئات الشعب اللبناني، بالتزامن مع تحرك اعتراضي عراقي، وتحديداً في هذا التوقيت، للاستفادة من ارتدادات موجة التظاهرات الداخلية التي حصلت في إيران، وما تسرب عن ظهور امتعاض لدى بعض الإيرانيين من دعم حزب الله (وخاصة بعد فشل إعلام المقاومة وسياسييها في الدفاع عن سياسة الثورة، بينما نجح الإعلام العربي المعادي لإيران في دعم التظاهرات المعادية للثورة). كما أن استغلال تحرك بعض فئات الشعب اللبناني في تفعيل الهجوم الإعلامي والسياسي على إيران وحزب الله في المحافل الدولية، بطلب من بعض الطوائف اللبنانية، تزامناً مع التصريحات الإسرائيلية التي اتهمت إيران وحزب الله باستغلال المطار الدولي اللبناني لنقل الأسلحة، فإنه حتماً سيشكل عبئاً على إيران التي هي في غنى عنه، الأمر الذي يضعها أمام خيار يشبه الخيار الذي انتهجه الغرب ضد سوريا عندما أصدر القرار 1559.
وهناك من يقول إن هذه الشراسة في استهداف الإعلام لفئة معينة وتهجُّم بعض اللبنانيين على إيران ليس وليد الصدفة، أو أنه عمل هواة، فإن الذين نجحوا في تركيب “الأفلام” وتقليب الرأي العام على سوريا التي كانت موجودة في لبنان، من السهل جداً عليهم تقليب الرأي العام على إيران غير الموجودة أساساً في لبنان.
كما أن الذين ساروا مع حزب الله لأجل مصالحهم، سيقاتلون الحزب أيضاً لأجل مصالحهم.
والحزب اليوم أمام مفترق خطير للغاية، بسبب انغماسه في دعم حلفائه بكل الإمكانيات، حيث أهمل تطوير بنيته الإعلامية والسياسية وتأخر كثيراً في مد شبكاته الاجتماعية مع بقية الطوائف، مما أفقده الكثير من الوقت الذي يصعب تعويضه.
وأنا أعرف أن الحزب محيطٌ بكل شيء يجري في لبنان والمنطقة، ولكن آن الأوان لاستشراف عقول الآخرين والبحث عن البدائل، والخروج من دائرة لم تقدم له شيئاً، مع أنه قدم لها كل الأشياء، علّه يعوض بعض الخسائر.
١٣/٤/٢٠٢٥
من ناجي علي امهز، إلى الإخوة المسيحيين في عيد الشعانين
في زمنٍ تكثر فيه الحروب وتُجفَّف فيه ينابيع المحبة، يبقى عيد الشعانين نداءً عابقًا بالسلام، وصوتًا من أعماق الأرض يقول: “ادخلوا إلى القدس بقلوبٍ طاهرة،”.
إخوتي،
أنتم لستم فقط شركاء في السماء والروح والأرض والوطن، بل أنتم جزء من روح هذا الشرق وزينته وعمرانه، من أناشيده وأجراسه، من زيتونه وبخوره، من تاريخه وآلامه وأحلامه.
في عيد الشعانين، حيث الأطفال يهتفون بالسلام، أغصان الزيتون ترتفع فوق الجراح، أكتب لكم – لا ككاتب – بل كأخ يرى في فرحكم امتدادًا لفرحه، وفي صلواتكم خلاصًا من ظلمات هذا العالم.
كل عام وأنتم بخير،
وكل شعنينة وأنتم محاطون بالنعمة، والثبات، والإيمان بوطنٍ لا يُبنى إلا بالمحبة.
ناجي علي أمّهز
١٣/٤/٢٠٢٥
أمريكا تدرك أن نزع سلاح حزب الله مستحيل… ويجب تأمين بدائل مالية هائلة.
*بقلم: ناجي علي أمّهز*
لفهم الواقع اللبناني اليوم، من الضروري العودة إلى الحرب الأهلية عام 1975، التي خلّفت مئات الآلاف من القتلى والمهجرين، وأسست لانقسام مجتمعي بين ثلاث قوى رئيسية: اليسار العروبي، اليمين الماروني، والشيعة الذين انخرطوا في المقاومة من خلال حزب الله، بعيدًا عن الاصطفافات التقليدية.
الوجود السوري في لبنان كان يبعد شبح الحروب السياسية والصراعات الطائفية عن حزب الله، كما منع حزب الله من دخول اللعبة السياسية. حتى رحيله عن لبنان،
وبعد خروج السوري 2005 وجد حزب الله نفسه مضطرا لبناء تحالفات داخلية أبرزها مع التيار الوطني الحر اضافة الى شخصيات درزية وسنية وحتى من طوائف مسيحية غير الموارنة. لكن هذه التحالفات عمّقت الانقسامات، خاصة مع الدروز، والمسيحيين الرافضين لسلاح المقاومة، والذين اعتبروا ان اصطفاف حزب الله مع خصومهم السياسيين هو محاولة لاقصائهم.
في عدوان تموز 2006، حاولت إسرائيل إنهاء وجود الحزب، لكنها فشلت عسكريًا، ليتحول بعدها الصراع الداخلي إلى سجالات بلغت ذروتها في 7 أيار 2008. ومع انطلاق الحرب في سوريا 2011، خاض الحزب معركته الوجودية 2013 ضد الجماعات التكفيرية، التي اعلنت العداء لحزب الله وقامت باعمال ارهابية في مناطق لبنانية شيعية، وقد اعتبر الحزب ان سقوط النظام السوري تهديدًا مصيريًا له وللقضية الفلسطينية.
ابتداء من 2017، فُرضت عقوبات أميركية وأوروبية على الحزب، ترافقت مع انهيار اقتصادي لبناني وفساد واسع، بلغ ذروة رفضه في انتفاضة تشرين 2019.
وفي 2023، ومع اندلاع “طوفان الأقصى”، وجد الحزب نفسه في مواجهة عسكرية مع إسرائيل في ظل ضعف وانقسام عربي وغطاء دولي لها، ما أضاف أعباءً جديدة على مقاومته، وسط انقسام داخلي لبناني وانهيار سوري شبه كامل.
باختصار حتى وصلت امريكا الى مكان تطالب بسلاح حزب الله كان عليها ان تنخرط بثلاثة حروب كبرى، وان تعمل على اسقاط نظام عربي هو سوريا، وان تحرق الشرق من اجل اضعاف حزب الله الذي تبين انه كان العامود الفقري لمحور المقاومة الممتد على مساحة العالم.
اليوم، بعد أكثر من عقدين ونيف من الحصار والعقوبات والحروب، تعود أمريكا إلى الطرح الأساسي: تسليم سلاح حزب الله.
لكنها تدرك أن تحقيق هذا الهدف مستحيل، إذ أن الحزب لا يمكنه تسليم سلاحه حتى مع ضمانات دولية تحمي قياداته. فالحزب مسؤول عن آلاف الشهداء والجرحى، وهو محاط بقاعدة شعبية واسعة تعتبر بقاء السلاح ضمانة لعدم تكرار المآسي. كما أن الجنوبيين لا يثقون بالعدو الإسرائيلي، ولا يطمئنون لأي ترتيبات أمنية دولية.
كما ان سكان البقاع الشمالي ايضا يعيشون هواجس مرعبة بسبب حركات متطرفة سورية ينتمي اليها متطرفون اسلاميون من مختلف دول العالم، وهذه الحركات تتحالف وتتبع النظام السوري الجديد، وما يجري على تلك الحدود كل فترة هو دليل قاطع ان تلك المنطقة دخلت عدم الاستفرار.
لذلك طرح تسليم سلاح حزب الله، في ظل هذا الواقع، لا يعدو كونه مناورة سياسية، أكثر منه خطة واقعية قابلة للتنفيذ.
الأمريكي يدرك أنه إذا كان ثمة أمل في تسليم حزب الله سلاحه، فقد كان ذلك في زمن نظام الأسد، حيث كانت دمشق تمثل ضامناً ولو جزئياً، أو على الأقل كانت تتمتع بعلاقات استراتيجية تسمح بصياغة ترتيبات مع الحزب. أما اليوم، بعد تراجع الدور السوري، وقيام نظام في سوريا يعتبر عمليًا في حالة عداء مع إيران ومحور المقاومة، فإن أي محاولة للضغط على حزب الله تبدو عبثية وخارج سياق التحولات الإقليمية.
وإذا كان الأمل سابقاً قائماً على موقع الحزب داخل النظام السياسي اللبناني، حيث كان يمتلك قدرة على التفاوض وفرض معادلات وتوازنات، فإن الوضع الراهن مختلف تماماً. فحزب الله اليوم لم يعد قوة في السلطة، بل بات في موقع المستهدف من داخل غالبية النظام نفسه. وهذا يعني أن التوازن الوطني الذي كان يمكن أن يُبنى لتأمين بديل سياسي وأمني عن السلاح، لم يعد قائماً.
أما اليوم، وفي ظل عجز القوى الشيعية عن حتى تعيين وزرائهم، وارتفاع وتيرة الخطاب المتفلت والمعادي اضافة الى الطروحات الطائفية، فإن تسليم السلاح يُعد انتحاراً سياسياً وأمنياً.
أكثر من ذلك، فإن حزب الله يقف اليوم أمام عدو خارجي هو إسرائيل، التي لم تتوقف عن الاعتداءات والتحرشات اليومية، وفي الوقت نفسه، يجد نفسه محاطًا من الخلف بتيارات إسلامية متشددة، تتربص به وبالشيعة عمومًا، وتكفّرهم علنًا، وتعتبر أن لحظة ضعف المقاومة هي لحظة الانقضاض. وبالتالي، فإن تسليم السلاح يعني كشف الجبهة بالكامل، وتسليم مفاتيح الأمن للمجهول، بل للموت المعلن.
لهذا، تدرك أمريكا، كما غيرها، أن مطالبة الحزب بتسليم سلاحه ليست سوى ورقة ضغط، أو وسيلة لإلهاء الداخل اللبناني، وليست هدفًا واقعيًا. فالسلاح لم يعد تفصيلاً ضمن نقاش سياسي لبناني داخلي، بل أصبح مسألة وجودية ترتبط بتوازنات إقليمية شديدة التعقيد.
وبالتالي، فإن الحديث عن نزع سلاح حزب الله دون التطرق إلى وجود إسرائيل، والمتشددين، والانقسام العربي، وأزمة النظام اللبناني نفسه، هو مجرد طرح اوراق.
وإذا كانت المطالبة بتسليم سلاح حزب الله تُطرح كمدخل لقيام دولة عادلة وسيدة، فإن السؤال المنطقي الذي يجب أن يُطرح قبل ذلك هو: من سيضمن كرامة من قاتل واستشهد وجرح وتحمّل الحصار وتهدم بيته من أجل لبنان؟
هل الدولة اللبنانية، المثقلة بالديون، قادرة على تأمين حياة كريمة لعوائل عشرات الآلاف من الشهداء والجرحى؟
هل تملك هذه الدولة، التي تعجز عن تامين اقل الخدمات، أن ترعى عائلات قدّمت فلذات أكبادها في سبيل الدفاع عن الجنوب من العدو الاسرائيلي ومن التكفيريين ابان تغلغلهم في لبنان؟
حزب الله يحتضن عوائل الشهداء والجرحى برموش عيونه، ويضعهم في مقدمة أولوياته، ويوفّر لهم الرعاية الصحية، والتعليم، والمسكن، والعيش الكريم، وكرامتهم مصونة. فهل هناك جهة لبنانية أو دولية قادرة على القيام بهذه المهام؟
هل توجد ضمانات دولية حقيقية تلتزم بتحويل مبالغ شهرية لعشرات الآلاف من العائلات؟ وإن وجدت، هل يمكن الوثوق بمدى استمراريتها وعدم استخدامها لاحقًا كورقة ضغط سياسية أو اقتصادية؟
ثم، ماذا سيحل بمن انضووا تحت راية الحزب؟
هؤلاء ليسوا ميليشيا عشوائية. إنهم مقاومون، نشأوا وتدرّبوا في بيئة نضالية وعقائدية، وشاركوا في الدفاع عن الأرض والكرامة. هم ليسوا “عاطلين عن العمل” بل هم مشروع مقاومة متكامل، لديهم مهارات وتجارب ومعنويات عالية.
فهل الدولة اللبنانية، أو المجتمع الدولي، سيضمن لهؤلاء وظائف محترمة تحفظ كرامتهم وتؤمن مستقبلهم؟
أم المطلوب تفكيكهم فجأة، وتركهم في مهب البطالة والإهمال، ليُحوَّلوا إلى قنبلة اجتماعية موقوتة قابلة للانفجار، ليس ضد من نزع سلاحهم فقط، بل في وجه البنية المجتمعية للطائفة الشيعية، وربما الوطن كله؟
وكيف سيتم دمجهم؟
كل هذه الأسئلة، تجعل من موضوع “نزع سلاح حزب الله” قضية أكبر من بند سياسي أو تفاوضي. إنها قضية وجودية، تتعلق لطائفة مهددة علنا، وليست مجرد بند في اتفاق دولي بارد لا يعرف شيئًا عن وجع الجنوب، وعن دم الشهداء.
ناجي علي امهز
١٣/٤/٢٠٢٥
جبيل التعايش، برو، سعيد، الحواط وسيمون.. هكذا يجب ان تكون السياسة
*بقلم: ناجي علي أمّهز*
البداية ما نفع الربح بالسياسة ان كنا سنخسر التعايش
دائمًا، كان الإنسان عدوًّا لما يجهل. وحده الحوار يكسر جدار العتمة، ويُعيد ترتيب ضوء الوعي في النفوس المتعبة. لا نحتاج إلى معجزة، بل إلى جلسة حوار صادقة، إلى مصافحة طويلة، ونقاش لا يتوقف، نردّد فيه معًا: “نحن من بلاد جبيل، من تراب فينيقيا، أبناء حضارة عتيقة، لا نُجيد إلا فنّ العيش المشترك.”
هكذا تنادى أبناء جبيل ـ من المسلمين والمسيحيين ـ حول لجنة الحوار الوطني، بشخصياتها التي تمثّل عمق هذا العيش الواحد وبرعاية ومشاركة: فخامة رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون ممثلاً بـ وزير الثقافة غسان سلامه غبطة البطريرك الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي ممثلاً بـ سيادة المطران منير خيرالله السفير البابوي، المطران ميشال عون المفتي الشيخ عبد الأمير شمس الدين وعدد من أصحاب الفخامة السابقين، المطارنة، مشايخ الدين، والكهنة والرهبان، والوزراء والنواب الحاليين والسابقين، الذين بحضورهم أثبتوا أن جبيل هي باقة التلاقي، وحقل الأمل الذي لا يجفّ.
كان جلوس كل من النواب: النائب رائد برو إلى النائب السابق فارس سعيد، والنائب زياد الحواط والنائب سيمون أبي رميا. كلّهم، بلا استثناء، بحضورهم ليقولوا: نحن لا نختلف كي نتصارع، بل نختلف كي نتحاور.
كانت جبيل على موعد مع ضوء جديد، ضوء يشبه النبوءة. ضوء فيه شيء من المعجزة، ولكن أيضًا من الواقعية الصافية. هناك، في قاعة البطريرك الحويك، وبتنظيم لافت من لجنة الحوار الوطني، كان المؤتمر الأول للأخوة الإنسانية، صوتًا صارخًا في وجه الانقسام، تذكيرًا صارمًا بقدرتنا أن نكون أكثر من طوائف ومذاهب؛ أن نكون وطنًا، وبيتًا واحدًا.
قالها لي مرة الأباتي أنطوان ضو، وهو يبتسم بعيني الحكمة: “أعظم تعايش هو ما يصنعه أبو علي وأبو إيلي، حين يزرعان الأرض معًا، ويتقاسمان الأفراح والأتراح. تلك الأخوة الفلاحية، الجذرية، الصادقة، هي أسمى من أي وثيقة.”
قبل انطلاقة فعاليات الحوار.
هكذا كان المشهد. الكاميرات تلتقط لحظات نادرة من التقارب الحقيقي. النائب رائد برو والنائب السابق فارس سعيد في حديث ودود، يتبادلان الرأي والمحبّة، يرفرف بينهما جناح الحوار السياسي النظيف، في مشهد بدا للناس وكأنّه أكثر من صورة: كان درسًا علنيًا في ثقافة اللقاء، وبالختام المهم ان تبقى جبيل عاصمة الحوار والتعايش والثقافة.
ثم دخل النائب زياد الحواط، مبتسمًا، مليئًا بالحماسة. سلّم على الجميع بحرارة ثم شارك في حوارٍ ثلاثيٍّ دافئ، أكّد فيه الجميع على هذا النموذج الراقي من الديمقراطية الحقيقية، حيث لا يغلب أحد أحدًا، بل ينتصر الوطن بالتنوّع والتعاون.
وبينهم كان النائب الذي لا يهدأ، سفير التعايش في الخارج كما الداخل، سيمون أبي رميا. رجل نعتزّ به، لا فقط بدماثة أخلاقه، بل أيضًا بشبكة علاقاته الدولية التي ينسجها بلغة الاحترام، ويسخّرها بخدمة وطنه بلا كلل. كان حضوره تأكيدًا على أن السياسة يمكن أن تكون فنًّا راقيًا للحوار لا للخصام.
وفي المؤتمر، ارتفعت أصوات رجال الدين، مسلمون ومسيحيون، وكأنّهم يقرأون من كتاب واحد. نفس الروح، نفس المعاني، نفس الله الذي يحبّ الجميع، بلا تفرقة، بلا حدود. حتى المثقفون، من مشارب فكرية متباعدة، كانوا وكأنّهم أبناء فكرٍ واحدٍ، اسمه الإنسانية، كتابهم مفتوحٌ على رجاءٍ لا يخيب.
وفي لحظة مؤثّرة، تحدّث السفير البابوي، وبدا وكأنه لبناني منذ ألف عام. تُرجمت كلماته إلى العربية، لكنّ مضمونها كان بلغة لبنانية صرف: لغة التعايش، لغة الحوار، لغة الرجاء. في خطابه، اختُزل المعنى الحقيقي للبنان كرسالة.
نعم، هناك دول تصدر النفط، وهي أغنى منا.
وهناك دول تصدر السلاح، وهي أقوى منا.
وهناك دول تصدر التكنولوجيا، وهي أسرع منا.
لكن، لبنان؟ لبنان يصدر التعايش. لبنان يصدر الحضارة. لبنان يصدّر الإنسانية.
لبنان، ومن جبيل بالتحديد، منذ 5000 عام، يحمل شعلة السلام، ويعلّم العالم أن الحبّ ممكن، أن الحوار لا يحتاج إلى شروط، وأن التعايش ليس مشروعًا سياسيًا، بل قدَرٌ تاريخيّ نابع من القلب.
من دون لبنان، لن تكون هناك حياة.
ومن دون جبيل، لن يكون هناك لبنان.
ومن دون التعايش… لن تكون هناك إنسانية.
١٤/٤/٢٠٢٥
سمير فرنجية… أديب السياسة اللبنانية الذي توفي في يوم مولده
*بقلم: ناجي علي أمّهز*
في عالمٍ تزدحم فيه السياسة بالصراخ والعناوين الفارغة، يندر أن يمرّ رجلٌ مثل سمير فرنجية.
كان يشبه الصفحة البيضاء في دفترٍ امتلأ بالحبر الأسود، ويشبه النهر الذي ظلّ يجري، رغم أنّ الجميع اعتاد على الجفاف.
رحل في نيسان… الشّهر الذي شهد ولادته ورحيله، كأن الزمن أراد أن يدوّر دائرته، فيُطفئ الشمعة بيده نفسها التي أشعلتها.
سمير فرنجية لم يكن سياسيًا عاديًا، بل كان أديبًا في السياسة، ومثقفًا لم يتنازل عن قلمه لصالح الميكروفون.
وقد عرفته شخصيًا في أوائل التسعينيات، خلال فترة فراري من وجه السلطة السورية، حيث جمعني به القدر بينما كنت أعمل في ورشة إعلانات في زغرتا.
رأيته هناك، لا كزعيم، بل كعامل سياسي حقيقي، يكدّ ليلًا نهارًا لتشكيل تيار يساري لا ماركسي، تيار يقف في وجه منظومة سياسية استسلمت أمام إغراء السلطة، وركعت جميع مكوناتها تحت عباءة الوصاية.
وقتها، كانت الزعامة تُقاس بقدرتك على تحرير موقوف من قبضة قوات الردع أو الدولة السورية، أما سمير، فكان يحلم بشيء آخر.
كان يحلم بالسياسي الذي يصوغ النصوص، لا الشعارات.
بالمشرّع الذي يُواكب تطوّر الديمقراطية، لا من يستنجد بالماضي لتبرير فشله.
بالقائد الذي يرى في الغد وطنًا، لا حصةً في السلطة.
لم يكن يقبل أن يكون حيًّا ميتًا، كما كثير من الساسة الذين وقفوا على باب الطاعة، يرددون “بالروح بالدم نفديك”، دون أن يدروا من يفدونه.
في نقاشاتي معه، كنت ألمس فيه عقلًا منحنيًا، لا خضوعًا، بل ثِقَلَ فكر.
كان يؤمن أن السياسي يشبه النهر، إن توقف عن الجريان، جفّ وانقطع عطاؤه.
ولذلك، كتب، وزار، وعقد المؤتمرات، وتحدث مع الجميع، من الشباب الغاضبين إلى المثقفين المنكفئين، كان يبحث عن أي ذرة ثورة في أي إنسان، يؤمن بأن الحياة تقف عند الكلمة، والخلود يبدأ عند الموقف.
ألقاب كثيرة أُلقيت عليه، لكن أحبّها إلى قلبه أن تناديه فقط: “يا سمير”.
لم يكن مكلفًا في حضوره، ولا في دعوته. كان كالنحلة، يبحث عن كلمة، ليحوّلها إلى فكرة، ثم يحوّل الفكرة إلى مشروع.
سألته يومًا، “لماذا أنت يساري؟”، فقال لي: “وأنت أيضًا يساري، كلنا يساريون أو يمينيون في عيون بعضنا.
لكن عندما يكون هدفنا بناء الوطن والإنسان، نصبح وطنيين، نُكمل بعضنا ببعض اليمين وبعض اليسار.”
حين خاض انتخابات عام 2000، قلت له ممازحًا:
“لو فزت، لكان ذلك إثباتًا على أن السوريين ديمقراطيون.”
ابتسم وقال: “وهل توقعتُ أن أفوز؟”
رجلٌ بهذا الحسّ المرهف، لم يكن يعبر على الأحداث مرورًا.
رغم كل الدم، ورغم الاغتيالات التي طالت رفاقه، كان يُخفي دمعته.
لم يكن لأنه بارد، بل لأنه كان أشدّ إيمانًا بأن لبنان يستحق كل هذا الألم.
لقد غادرنا كما أتى، في نفس اللحظة التي تبدأ فيها دورة حياة الإنسان:
ولد في 12 نيسان، وغفَت عيناه في 11 نيسان، كأنه قرر أن يسبق رحيله بيومٍ واحد، ليصل قبل الوقت، كما كان دائمًا… سابقًا لأقرانه، سابقًا لزمانه.
١٥/٤/٢٠٢٥
الاسرار الكاملة التي استخدمها ترامب للانتصار على ايران واسباب عدم الحرب عليها.
*بقلم ناجي على امهز*
أمام حراكٍ دوليٍ محموم، غير مسبوقٍ في توقيته ولا في إيقاعه، يتقدّم المشهد زحفُ الأساطيل الحربية الأميركية الثقيلة نحو مياه الخليج، تصحبها أسراب الطائرات الاستراتيجية العملاقة من طراز “بي 2 سبيريت”، التي لا تتحرّك إلا في مواقيت الحروب الكبرى، وقد اتخذت مواقع هجومية قريبة من إيران، وكأنّها تتهيّأ لضرب القلب النابض للبرنامج النووي الإيراني.
في ذروة مشهدٍ دولي مشحون، تصدّرت التصريحات النارية للرئيس الأميركي دونالد ترامب واجهة التصعيد، وهو يقرع طبول الحرب بصوته الأجشّ:
“إذا فكّرت إيران بتهديد المصالح الأميركية، فستواجه قوة لم يشهدها العالم من قبل… لن أسمح لها بامتلاك سلاح نووي أبداً، وإذا أرادت الحرب، فستكون نهايتها الرسمية.”
لم تكن هذه مجرد تهديدات عابرة، بل حملة تصعيد متواصلة، أعلن فيها صراحة أن “الخيار العسكري على الطاولة دائماً”، وغرّد كمن يطلق الرصاص:
“نملك أعظم وأقوى جيش في العالم، ونحن جاهزون.”
ترامب على وشك إصدار أمر بالضربة: إيران تحت التصويب.
كل تصريح كان كأنه طلقة، وكل تغريدة تنذر بانفجار، والعالم يقترب أكثر من حافة اللهيب، حيث تُرسم حدود النار بمداد الغضب الأميركي، وتقرأ رسائل الحرب على جناح طائرات لا تُقلع إلا حين تشتعل السماء.
ومع تصفيق حارّ من أعداء إيران، وفي مقدمتهم إسرائيل، تزايدت وتيرة التحريض، وسط ضخ إعلامي عربي غير مسبوق، يشجّع على توجيه ضربة عسكرية لطهران، ويغذّي جنون ترامب، محاولاً دفعه إلى إشعال الحرب وتفجير فتيل المواجهة.
لكن إيران، في مواجهة كل هذا الضجيج، لم ترفع صوتها، او يرف جفنها، بل اكتفت بردّ واحد، حاسم حازم واضح وجارح في بساطته.
ردٌّ يشبه الصفعة… لا استعراض، لا ضجيج و”هوبرات”، فقط ثبات كالجبل في وجه العاصفة.
“نحن لا نخاف التهديد. نحن جاهزون للحرب. لا يوجد ما هو أعظم من الكرامة والعزّة الإيرانية، ومن يتطاول علينا سيندم.”
وفجأة، ودون مقدمات، تغيّرت النبرة. أرسل ترامب رسالة شخصية مباشرة إلى سماحة الإمام آية الله السيد علي الخامنئي، جاء فيها:
جناب آية الله خامنئي،
مع الاحترام لمكانة قيادتكم ولشعب إيران، أكتب لكم هذه الرسالة بهدف فتح آفاق جديدة لعلاقاتنا، بعيدًا عن سنوات النزاع وسوء التفاهم والمواجهات غير الضرورية التي شهدناها في العقود الماضية. لقد حان الوقت لنترك وراءنا العداء ونفتح صفحة جديدة من التعاون والاحترام المتبادل.
اليوم أيضًا، هناك فرصة تاريخية أمامنا. الولايات المتحدة الأميركية، تحت قيادتي، مستعدة لاتخاذ خطوة كبيرة نحو السلام ورفع التوتر. نستطيع معًا إزالة العقوبات، تمكين الاقتصاد الإيراني، وفتح أبواب التعاون بين بلدينا، ليس فقط لمصلحة شعبينا، بل لمصلحة الاستقرار والسلام في الشرق الأوسط والعالم أجمع
وبعد رسالة ترامب، بدأت المفاوضات غير المباشرة، تمامًا كما أرادت إيران، وعبر الوسيط العُماني، كما طلبت هي، لا العكس.
وكان النقاش، بكل بساطة، يبدو كمشهد عبثي لا يُصدّق:
• الجانب الأميركي: ممنوع على إيران امتلاك السلاح النووي.
• الجانب الإيراني: نحن لا نريد امتلاك السلاح النووي. هذا محرَّم في عقيدتنا.
• الجانب الأميركي (مذهولًا): يا إلهي! أنتم لا تريدون السلاح النووي؟
• الجانب الإيراني: نعم، لا نريده للأغراض الحربية، هذا موقف ديني وعقائدي.
• الجانب الأميركي: لم نكن نعلم ذلك… كل التقارير التي تصِلنا تقول إنكم تسعون له.
• الجانب الإيراني: الفتوى الشهيرة للإمام الخامنئي واضحة: “لا يجوز امتلاك السلاح النووي.”
• الجانب الأميركي: إذًا، لا داعي للحرب ولا للقتال بيننا.
• الجانب الإيراني: بإمكانكم إرسال لجنة من الوكالة الدولية للطاقة الذرية للتأكّد بأنفسكم.
وهنا، فجأة، هتفت أميركا، وصفّقت إسرائيل، وطبّل الإعلام العربي:
لقد انتصر ترامب! انتصر ترامب!
ولكن… على ماذا انتصر بالضبط؟
هل انتصر لأنه ضجّ الدنيا ولم يُقعدها ليكتشف في النهاية ما يعرفه حتى الأطفال؟ أن إيران، أصلًا، لا تريد السلاح النووي؟
استفيقوا… إنها إيران، بلاد فارس، إمبراطورية الحضارة، عاصمة الفلسفة، ومصنع القوة العسكرية.
أما نحن، العرب… فاعذروني، لا أملك ما أقوله بعد ما رأيناه في غزّة، وفي لبنان، وفي سوريا.
لا أعرف ما هو دورنا بالتحديد على وجه الكرة الأرضية.
لا أعلم ما الذي يحرّك فينا ذرة من إنسانية، أو على الأقل، بعض الحميّة.
كل ما أعلمه أننا خرجنا من الزمن، وخرجنا من الحقيقة…
تجاوزتنا الأمم، وصرنا خارج الأرض، خارج التاريخ، خارج المعنى.
الآن، يجلس ترامب في البيت الأبيض، محاطًا بفريقه المالي، لا ليخطط للحرب، بل ليحسب التكاليف… كم ستبلغ فاتورة هذه “المعركة” التي سيدفعها العرب… بمئات مليارات الدولارات.
ترامب “انتصر” ـ كما زعم ـ لأنه منع إيران من امتلاك السلاح النووي…
ذلك السلاح الذي لم تكن إيران تريد امتلاكه أصلًا.
انتصارٌ يُدفع ثمنه من جيوب الشعوب العربية التي لم تتنعم يوما بكل هذه الاموال، لا لشيء، سوى لأنهم عاجزون عن مواجهة الحقيقة.
الحياة وقفةُ عزّ…
وإيران عزيزة، لأنها في كل لحظة تختار هذه الوقفة، مهما غلا الثمن، ومهما اشتدّ الخطر.
لا تقف دفاعًا عن حياة زعيم أو حماية قائد، فزعماؤها وقادتها يتسابقون إلى الشهادة،
ويمضون إلى الموت واقفين في ساحات المعارك، كأنهم خُلقوا ليكونوا رايات، لا رؤوساً ولارؤساء،
الرئيس الإيراني، إبراهيم رئيسي، لم تُثنه العواصف المناخية العاتية، ولا التهديدات الأمنية المباشرة، عن أداء واجبه الوطني.
حين استدعت مصلحة إيران وجوده في أذربيجان، ذهب. لم يتردد، لم يتراجع.
وحين عاد، تحطّمت مروحيته في أعالي جلفا، بين الجبال الوعرة، وسط طقس لا يرحم.
في المقابل، وفي معظم الدول العربية، لا يجرؤ “الزعيم” على مغادرة منزله إلى الطريق العام،
إلا بعد التأكّد من الطقس، وتمشيط الشوارع، وإخلائها من المواطنين،
ثم يُغلَق كل شيء… لأن الموكب سيمر.
هنا رئيس يغامر بحياته من أجل وطنه.
وهناك زعيم يخاف من ظلال الناس على أرصفة المدن التي يحكمها.
ففي إيران، القيادة ليست امتيازًا، بل تضحية.
والدم، لا الخطابات، هو من يرسم مستقبل الأوطان.
وبغير الشهادة، وبغير البذل السخيّ في سبيل الأرض، لا تنهض الدول،
ولا تكتب الأمم مجدها في كتب التاريخ.
أيّتها الشعوب العربية،
إيران ليست عدوّكم.
أيّتها الأقليّات،
إيران ليست من يخيفكم… بل هي من احتضنكم.
حتى المسيحيون واليهود في إيران، يتمتعون بكامل حقوقهم،
وليس ذلك فضلًا من أحد، بل حقٌّ راسخ لكل مواطن إيراني، في دولة قامت على مبدأ الإنسان قبل العنوان.
أيها العالم،
إيران لا تدعو إلى حروب ولا صِدام، بل إلى حوار الحضارات والأديان،
تُحاور بالفكر، وتواجه بالكرامة، وتقف في وجه الهيمنة بثبات الأرض لا بضجيج الشعارات.
أمّا أنتم يا سادة القرار العالمي،
أنتم تعرفون، وتعرفون جيّدًا…
أن لولا إيران،
لاجتاح فكر الكهوف، من تورا بورا إلى قلب بغداد،
ولحكم الظلام العالم العربي، وسقطت المدن واحدة تلو الأخرى،
ولربما وصلوا إليكم، إلى أوروبا نفسها،
وكنّا اليوم نعيش في زمنٍ أقرب إلى القرون الأولى منه إلى الحاضر.
إيران، رغم كل الحصار، بقيت حائط الصدّ.
لم تخن رسالتها التي تحملها من فكر الامام علي بن ابي طالب مؤسس اول ديمقراطية وعدالة اجتماعية في العالم العربي والاسلامي.
١٦/٤/٢٠٢٥
برحيل الأبّاتي الدكتور أنطوان ضو… غاب ضوء النبوءة في زمن الخراب، وانطفأ احد مصابيح الله في دروب التيه.
*تعزية ناجي علي أمّهز:*
ببالغ الحزن المجبول بالدهشة، وبقلبٍ يئنّ كأنه فقد ضوءه الأخير…
أتقدّم بأحرّ التعازي القلبية وأصدق مشاعر المواساة من:
الاباتي جوزف بو رعد رئيس عام الرهبانية الأنطونية المارونية.
ومجلس المدبرين وجميع ابناء الرهبانية،
ومن لجنة الحوار الإسلامي المسيحي، التي كان الفقيد أمينها العام،
ومن عائلة الأبّاتي الدكتور أنطوان ضو الكريمة، في الحياة والكنيسة.
ومن الأصدقاء، والأهل،
ومن كل الشعب اللبناني،
ومن كل من عرفه وأحبّه في الأمتين العربية والإسلامية والعالم،
بهذا المصاب الجلل، برحيل رجلٍ لم يكن ابن طائفة، بل ابن الإنسان، وصوت الله في زمن الضجيج والفتنة، أنعى إلى كل من عرف المعنى الحقيقي للإيمان والإنسان، رحيل الأباتي الاب الروحي، والمعلم الفكري، ورجل المحبة والمواقف، الأبّاتي الدكتور أنطوان ضو.،
كيف يُرثى مَن لا كلمات ترثيه لسمو مكانه وعظمة محبته وايمانه؟
كيف أنعى رجلاً كان يمشي كأن روحه تعلو على التراب؟
بأيّ لغةٍ أكتب الحزن، وقد جفّ القلم، وابيضّ الحبر وهو كظيمٌ من الفقد؟
برحيلك يا أبتِ، خسرنا ما لا يُعوَّض،
خسرنا الرجل الذي لم يُبع لله أرواحًا خائفة، بل حمل له قلوبًا مشتعلة بمحبة لا تعرف المساومة.
كنتَ وجهًا من وجوه الله على الأرض، كنتَ أيقونةً لا تُعلّق على جدار، بل تسكن في الضمائر.
كنتَ للكنيسة قلبًا، وللإسلام صديقًا، وللوطن نبيًّا بلا رسائل مكتوبة، لأن حضورك وحده كان الرسالة.
يا أبتي…
يا أبانا النبيل… يا قامةً لم تنحنِ، وابتسامةً من زمن المسيح.
يا مَن كنتَ تحفظ آيات القرآن، وترتّل المزامير، وتقرأ الإنجيل لتسكُنَه قلوب من حولك.
من غيرك كان يقول للمسيحي: “احفظ أخاك المسلم”،
ويقول للمسلم: “لا تخف من أخيك المسيحي”؟
من غيرك كان يرى في الدين نورًا لا خندقًا، ويفتح باب الحوار لا باب الفتنة؟
لقد كنتَ يا أبتِ، الطهارة في زمن الخيانة،
الحقّ في زمن الكذب،
الجرأة في زمن الأقنعة،
والتواضع في زمن الغرور الأجوف.
كنتَ تكره الطواويس أينما وُجدوا، لأنك ملاكٌ من علياء الفردوس.
كم هو ثقيل غيابك…
فأنت لم تكن فقط أمينًا عامًا للحوار الإسلامي–المسيحي،
بل كنتَ أمينًا على الوجع اللبناني، وعلى أملنا الباقي بأننا قادرون أن نكون شعبًا واحدًا في حضن الله.
على الجراح المفتوحة منذ قرون،
كنتَ طيّبًا وطبيبًا، كأنك أتيتَ من زمن يسوع، لتشفي الأمراض النفسية التي حرّفت الأديان وقتلت الإنسان، بل قتلت أجمل ما في الإنسان: المحبّة.
أنت آخر الأنبياء الصامتين الذين يعملون لرقيّ الإنسان، ليصبح شبيه صورة الله.
نم قرير العين، أيها القدّيس الذي لم يطلب رتبة،
أيها النقيّ الكريم في زمن البخل،
أيها الحرّ في زمن العبيد،
أيها الإنسان في زمن الوحوش.
أبكيك كما تبكي السماء مطرها الأول،
وأحتضن غيابك كما تحتضن الأرض أجسادنا، لأي دينٍ انتمينا، لأنها والدتنا الحقيقية، من التراب وإليه نعود.
أفتقدك كما افتقد الرسلُ المعلمَ الأول.
وأكتبك كما تُكتب الرسالات الخالدة،
كما تُكتب صلاةٌ لن تُقرأ إلا في قلوب من عرفوك،
وسأشتاق إليك كما تشتاق العين إلى بصرها، والفؤاد إلى نبضه، والروح إلى طمأنينتها، لترجع إلى ربها راضية مرضيّة…
برحيل الأبّاتي أنطوان ضو… خسرنا صوتًا ونورًا لا يتكرّر في عتمة هذا الشرق.
نم يا صاحب النور،
فقد كنتَ على هذه الأرض ضوءًا لا يُطفأ،
وستبقى فينا ما دام فينا مَن يقول:
“لا زال في هذا العالم مَن يشبه أنطوان ضو.”
ناجي علي أمّهز
١٨/٤/٢٠٢٥
الشيعة في جبيل وكسروان… والحوار الذي انعكس إيجابًا على كل لبنان.
*بقلم ناجي علي أمهز*
عدد الشيعة في جبيل وكسروان لا يتجاوز 6.4٪ من أبناء المنطقة، ومن بين هذا العدد، لا يتخطى المشتغلون بالدين والثقافة والسياسة المئة شخص في أفضل الأحوال، أما المؤثرون فعليًّا من بين هؤلاء في الأوساط الكنسية والحزبية والنخب المارونية، فلا يتجاوزون الأربعين.
ورغم هذا التمثيل الضئيل عدديًّا، وخلال خمس سنوات فقط، نجح شيعة جبيل وكسروان، وفي ظروف مصيرية وحساسة، في تفعيل الحوار وتعزيز الثقافة وإبراز التعايش، مما ترك أثرًا إيجابيًّا كبيرًا على صورة الشيعة في كل لبنان، لا بل في وجدان الآخر.
هنا، ظهر الشيعي لا كرقم أو حالة اقلية، بل كقيمة معرفية، وشريك في النهوض والتفاعل، خلافًا لما كان سائدًا قبل سنوات من قِبَل الأكثرية المسيحية في جبيل وكسروان، التي قاطعت الشيعة نتيجة مواقف سياسية سابقة.
الفضل في هذا الإنجاز ليس للشيعة وحدهم، بل أيضًا للكنيسة التي تمارس احتضانًا عابرًا للسياسة، يكاد يكون بمثابة معجزة روحية في زمن الانقسام والتَّشظّي، إذ تجتهد مع نخب مسيحية، وبكل صدق، لتعميق الحوار والتكامل في وطن بات يُختصر بشاشات الصراع وإعلام التحريض.
لو أن هذا الحراك الشيعي في جبيل وكسروان بدأ قبل عشرين عامًا، لما كنا بحاجة إلى تحالفات مسيحية متناقضة، أو مضطرين لمقاطعة طرف مسيحي كُرمى للآخر.
ففي النهاية، كما قال لي أحد كبار رجال الكنيسة المارونية:
“يا ابني، إذا خيّك بيتدخل وبيمَيِّز ولد من أولادك على التاني، أنت ما بتقبل.”
بالأمس، شاهدنا النائب عن حزب الله رائد برو يصافح النائب السابق فارس سعيد، وتبادلا الحديث والابتسامات.
فهل يعني ذلك أن النائب برو انضم إلى الدكتور سعيد، أو أن فارس سعيد أصبح شيعيًّا؟
بالتأكيد لا، فالمسألة ليست تنازلًا أو اصطفافًا، بل تعبيرٌ عن وعيٍ لحاجة لبنان إلى لغة جديدة، ترفض التشنّج وتبحث عن مساحة لقاء. وهذا التصرف ينطبق على كافة المكونات السياسية والثقافية والنخبوية.
نحن، بكل بساطة، بحاجة إلى حوار.
الحوار ليس ترفًا بل ضرورة وجودية، لأن زمن الانغلاق والعزل يدمّر كما حصل عام 1975. وحجم التحديات يتطلب انفتاحًا، لا لأن أيَّ طرف ضعيف، بل لأننا أقوياء بالعيش المشترك ومحكومين بالحفاظ على الوطن، وبفهمنا لواقعنا وإصرارنا على التواصل واللقاء وأن نُكمّل بعضنا البعض، بعيدًا عن القطيعة والبغض.
فلنكن واقعيين:
اليمين المسيحي لم يكن يومًا من مناصري القضية الفلسطينية، حتى قبل نشوء حزب الله والمقاومة.
اليوم، غالبية العرب لا تعنيهم فلسطين، و90٪ من دول العالم كذلك.
الثنائي الشيعي، بما أنه يعتنق القضية الفلسطينية وملتزم بها، يتحتم عليه العمل الدؤوب لإيجاد مساحة مشتركة وتفعيل الحوار. أما في القرارات والاتفاقات، فالأمور رهن متغيرات دولية وصراعات كبرى بالمنطقة.
الحراك الشيعي في جبيل وكسروان أثبت أن الانقسام بين الشيعة وغيرهم ليس على الهوية والانتماء للوطن، بل على الخيارات، ومنها القضية الفلسطينية. فمن يريد أن يقنع الآخر في الداخل اللبناني، فإن الأمر يكون بالحوار العميق والهادئ.
لذلك، فإن توقف الحوار لا يخدم اللبنانيين، كما لا يخدم القضية الفلسطينية، لا سيما أن الشيعة قدموا أكثر مما يمكن تصوره في سبيلها، وشاهدنا كيف تعاملت غالبية العرب والمسلمين مع هذه التضحيات الشيعية.
اضافة ان عدم الحوار يُدخلنا في خصومة جديدة أوسع مع الداخل اللبناني، والشيعة في غنى عنها.
يكفينا تهديدًا من المتطرفين على الحدود السورية، الذين يُقسمون بالانتقام من الشيعة ويتوعدون القرى اللبنانية!
كما أن الإسرائيلي على حدودنا الجنوبية لم يتوقف عن الاعتداء والقتل منذ وقف إطلاق النار وحتى الآن؛ فقد قَتَلَ وجَرَحَ أكثر من 800 مواطن لبناني، 99 بالمائة منهم شيعة. كما أنه قصف غالبية البيوت الجاهزة التي تأوي أصحاب البيوت المدمرة في الجنوب.
اليوم، الشيعي ممنوع من دخول سوريا، وغدًا قد يُمنع من دخول الجنوب نفسه، إذ قد تقرر إسرائيل استهداف كل شاب شيعي دون تمييز. وهذا ما بدأ يحصل فعليًّا، حيث تم منذ قليل استهداف شاب على طريق الغازية.
أصلًا، من سيحاسب إسرائيل ويمنعها من الاستمرار بهذا النهج؟
إذا كانت تحرق الأطفال في غزة وهم أحياء، فهل ستتردد في حرق الشيعة وهم في عزلة وعداء مع الجميع؟
وإن كان لا بد من رفع الصوت، فيكفي تقديم الواقع كما هو لما يحصل مع الأقليات في المشرق العربي، إضافةً إلى ما تقوم به إسرائيل يوميًّا مع الشعب الفلسطيني الأعزل.
فالتشدد في المواقف، إن كان من هنا أو هناك، فإن الخاسر الأكبر هو لبنان.
وأسوأ ما في هذا الزمن أن يفقد الإنسان القدرة على الإصغاء إلى الآخر، بعيدًا عن مسألة من هو على حق.
الحوار بمحبة كبيرة، مع ما يتبعه من تواضع من قِبَل الجميع، يؤسس لما هو أفضل بكثير من عدم الحوار. صدقًا، أحيانًا كلمة صغيرة أو فعل بسيط “بصيح دينا كبيرا” لا يمكن سداده.
بالأمس، كنت أقدّم واجب العزاء بالراحل الكبير، الأبّاتي الإنساني أنطوان ضو، فاستقبلني بعض الآباء قائلين إن النائب العام للرهبانية الأنطونية المارونية، الأب بطرس عازار، اقتبس من كلمتي في تعزية الأب ضو خلال قداس الجناز.
وحين جلست إلى يساره، أخبرني بنفسه كيف أثّر فيه نص التعزية.
لم أعرف بماذا أجيب، إذ خانتني الكلمات أمام هذا الموقف النبيل…
تخيلوا الأب بطرس عازار، هذه الهامة الروحية الفكرية، النائب العام للرهبانية الأنطونية المارونية، يقتبس جملة واحدة من تعزية كتبتها في وداع الأبّاتي أنطوان ضو، فيعلنها، لأنه هكذا تعلم من دينه ومن كنيسته أن يشكر ويعطي بحب وعرفان وعلانية، لا في همسة عابرة، بل أمام الجميع.
لم يكن بحاجة أن يقول شيئًا، لكنه فعل. هذا القلب الذي يفيض تواضعًا، هذا الرجل الذي فرض عليه عمق إيمانه وسمو فكره أن يقول “شكرًا” عن اقتباس صغير…
هذا ليس تصرّفًا عابرًا، بل درسٌ حيّ في الأخلاق النبيلة، في التربية الرفيعة، في تلك العظمة التي تختبئ لا في المنابر، بل في التفاصيل.
هذا الدرس في التواضع، من الأب بطرس عازار، لم يكن لي وحدي…
بل لكل من يعرفه، ولكل من سمع عنه، لأنه يعلِّم من حوله أن يقولوا “شكرًا” حتى للابتسامة، حتى للمرور العابر، حتى للكلمة التي تسكن في الظلّ.
إنها الإنسانية والأخلاق…
وهكذا تنتصر القيم، بفعل بسيط، لكنه يشبه صلاة صامتة ومعجزة عظيمة في زمن الأنا.
هكذا تُبنى الأمم! بالمحبّة. بالعرفان. بالحوار.
الشيعة كما كانوا يحتاجون السلاح وبأس الشباب في تحرير الجنوب عام 2000، فإنهم اليوم بحاجة إلى حكمة الشيّاب وحماسة الشباب من أجل تفعيل الحوار حتى نصون لبنان، ونحمي ما تبقى من شراكة.
اليوم، الإصرار على الحوار مطلوب، وإن أُغلق في وجه الشيعة ألفُ باب، يجب الاستمرار وتكرار المحاولة. فالعائلة الواحدة، رغم الخلافات اليومية فيما بين أفرادها، إلا أنهم يحتاجون دائمًا للحوار لأنهم عائلة، والا بحال انقطع الحوار فان مصير العائلة التشتت، ونحن كذلك في لبنان عائلة واحدة.
الوحيد الذي يستفيد من انقسام اللبنانيين هم الأعداء. ولكي نقطع الطريق على الأعداء، يجب أن نعمل من أجل الحوار كما نعمل في الحياة من أجل البقاء على قيد الحياة.
فكلُّ واحدٍ منا يعالج قدر المستطاع جروحه، ويقوي روحه، ويطبب نفسه، ويجهد ليلًا ونهارًا في التعليم والاكتفاء وتطوير ذاته، ويفعل المستحيل ليعيش أطول فترة ممكنة بعافية. وهكذا يجب أن تكون الطوائف في الوطن؛ أن تفعل المستحيل وألا تبتر نفسها، وإلا فإن الموت سيصيب الوطن.
١٩/٤/٢٠٢٥
كلام جنبلاط؟ وردّ الشيخ قاسم؟ وأسباب الهجوم على المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى كلها في سياق واحد؟
*بقلم: ناجي علي أمهز*
ناقِل الكفر ليس بكافر. وما سأكتبه الآن، يزعجني أنا قبل سواي، لكنه الواقع الذي عرفته وعشته عن كثب حين كان المسيحيون مطاردين، مبعدين، مكمّمي الأفواه، تحت سطوة الهيمنة السورية. واليوم، حين أتأمل المشهد اللبناني القادم، أجد ان التاريخ يكرر نفسه، ولكن بالامس المستهدف كان المورانة، واليوم المستهدف هم الشيعة.
غايتي من هذا المقال امر واحد فقط، هو ان يكتب المستقبل ان الشعب اللبناني تجاوز زلزال الشرق الاوسط الجديد باقل تكلفة ممكنة، لقد كان اللبنانييون بارعون في السياسة واصيلين في الوطنية، ويستحقون البقاء.
قبل اتفاق الطائف، كان المسيحيون في لبنان يتمتعون بنفوذ سياسي واقتصادي ودبلوماسي شبه مطلق اضافة الى احزاب مسلحة وقوية، كما ان لديهم الرابطة المارونية وهي اعظم مؤسسة اجتماعية ثقافية في المشرق العربي. وعلى راس هذا الرسوخ الماروني هناك الكنيسة المارونية التي هي جزء من الفاتيكان، تمتلك امتدادًا عالميًا لا يُضاهى، والموارنة لهم مدن بأكملها في بلاد الاغتراب. ومع ذلك، لم يصمد كل هذا النفوذ أمام القرار الدولي الذي سلّم لبنان لسوريا، مقابل مشاركة الأسد في “عاصفة الصحراء” ضد صدام حسين.
ومع طلعة شمس 13 تشرين الأول 1990، كان الطيران السوري يقصف القصر الجمهوري، وتبدأ عملية الغاء الدور الماروني: الأحزاب المسيحية الغيت، الزعامات نُفيت أو قُتلت أو سُجِنت، الإعلام المسيحي خُنق، وتم تفريغ الإدارات من أي ماروني يشتمّ منه رائحة معارضة. ولم ينفع الموارنة اي شيء مما كان لديهم عندما جاء القرار الدولي. بل إن كثيرًا منهم لم يجد سوى المنظمات الإنسانية وسيلة لرفع المظلومية.
ما بين 1990 و1997، هاجر قرابة 40% من مسيحيي لبنان، وتحوّل الماروني في السلطة إلى استثناء، مجرد واجهة يُختار بعناية من الأقربين للنظام السوري. وحتى رجال الأعمال، حوربوا في أرزاقهم، وأُبعدوا عن التلزيمات، وعوقبوا دوليًا بتنسيق أميركي – أوروبي – عربي. كل ذلك كان تنفيذًا لقرار دولي واضح: إخضاع لبنان للوصاية السورية، ولو على أنقاض المكوّن المسيحي.
لماذا نعود إلى هذا الماضي الآن؟
لأن السيناريو ذاته يُكتَب اليوم، ولكن هذه المرة بعنوان مختلف: “الشيعة”، لا “الموارنة”. والسياسيين الذين عاشوا مرحلة تصفية المارونية يعرفون انهم اليوم امام مرحلة تصفية الشيعة.
هنا تحديدًا ادخل الى كلام وليد بيك جنبلاط، ابن الحرب والمصالحة، وعرّاب التوازنات القلقة. ما قاله مؤخرًا عن حزب الله والشيعة، وعن “فلسطين التي ستبقى في الذاكرة” ليس زلة لسان، بل توصيف دقيق لخطة تجري على الأرض. ما يجري في غزة، حيث يُقتل الفلسطيني جوعًا وقصفًا وخنقًا، وسط صمت عربي وعالمي مدوٍّ، ليس مجرد مذبحة، بل بروفة لما يمكن أن يطال كل من لا يتنازل عن سلاحه، وخصوصًا من الطائفة الشيعية في لبنان.
جنبلاط يعرف، بحكم التجربة، أن ما يُحضّر للشيعة اليوم، يشبه ما جرى للمسيحيين في الأمس القريب. وهو يدرك أن القرار الدولي، الذي سلّم لبنان سابقًا لسوريا، قد سلّمه اليوم للاعب جديد: المشروع الأميركي – الإسرائيلي، الذي لا مكان فيه لسلاح خارج قبضته، ولا لمكوّن مستقل بقراره.
وقراءة جنبلاط ليست فقط في السياسة الدولية بل هي قراءة لواقع الشعوب العربية الغارقة بالطائفية:
حكم آل الأسد سوريا لما يقارب 54 سنة. ومع ذلك، عندما انهار الحكم، تبيّن أن الطائفية أكبر بكثير مما كانت عليه قبل عام 1970.
رغم أن حافظ الأسد أعلن تسنّنه، وكان يُقيم الصلاة على الطريقة السنية، وقامت الحكومات السورية ورجال الدين من مختلف الطوائف، على مدار نصف قرن، بمحاولات لإنهاء الطائفية، بل حتى الجيش السوري، الذي بُني بتضحيات الشعب السوري ومن أموالهم (وكونه بناه رجل ينتمي إلى طائفة علوية)، لم نسمع اعتراضًا أو خرجت مظاهرة شعبية سورية تنديدًا بالاعتداء الإسرائيلي على الجيش السوري الوطني.
اضافة أن الشيعة قدّموا الغالي والنفيس وكل ما يملكون من أجل فلسطين القضية السنية المركزية، ومع ذلك لم تشفع تضحياتهم في تخفيف الاحتقان الطائفي، بل تصاعدت الاعتداءات، فطُرد الشيعة من سوريا وتعرّضت قراهم في سوريا ولبنان لهجمات المتطرفين.
ولأن حزب الله يقرأ هذه المتغيرات بدقة، جاء خطاب امين عام حزب الله الشيخ نعيم قاسم ليضع الأمور في نصابها: “لن نترك السلاح”. ليس تعنتًا، ولا حبًا بالقتال، بل لأن تسليم السلاح الآن يعني تسليم الرقاب. يعني تكرار تجربة المسيحيين، من دون أن يكون للشيعة تلك البنية المؤسساتية والاغترابية التي يمتلكها الموارنة.
الشيعة لا يملكون الا سلاحهم.
الشيعة لا يملكون “رابطة مارونية”، ولا لوبيات نافذة في الخارج. لا مجالس اقتصادية ضخمة، ولا انتشارًا مؤسساتيًا يمكنه أن يحميهم في حال اختلّ التوازن. بل إن حراكهم في المجتمع المدني لا يزال ضعيفًا، والمشروع الثقافي الشيعي شبه معدوم، بمعنى اوضح اذا كان الموارنة دفعوا كل هذه الاثمان وهم يمتلكون كل هذه القوى وهم المسيحييون الذين مع امريكا وليسوا ضد اسرائيل،
اذا كم ستكون فاتورة الشيعة كبيرة وهم قاتلوا اسرائيل والتكفيريين من اجل تحرير لبنان وحماية الاقليات.
بل حتى الهجوم على المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى آخر ما تبقّى من المؤسسات الوسطية والتمثيلية التي من المحتمل ان تقوم بدور وسطي شيعي، هو ليس بريئا، بل بسياق وضع الشيعة كلهم في سلة واحدة، يعني امل حزب الله المجلس الاسلامي الشيعي يجب انهاء دورهم.
وكما تصرفت الوصايا السورية مع الكتائب والقوات والكنيسة، فالنظام الشرق اوسطي الجديد يتصرف مع الشيعة في ذات السياق. .
جميعنا نتفهم الاعتراض على خطاب رجل دين في المجلس ولكن ليس على المجلس ككل وتنصيفه انه تابع لحزب الله.
ولكن لان المقصود دوليا ليس تغييب الدور الشيعي في لبنان بل نزع الشيعة من لبنان، يتم استهداف هذه المؤسسة التي من المحتمل ان تكون نواة لحراك وحوار سياسي ثقافي يحفظ ما يمكن حفظه للشيعة في قادم الايام، وما يحصل اليوم مع المجلس الاسلامي انا لفت نظر سماحة العلامة الخطيب اليه عندما التقيته قبل اربعة اشهر.
هذه الصورة كما هي:
دوليا عدم الشروع بترميم ما تهدم وربطه بنزع السلاح كي يخسر الشيعة فرصة اعادة الاعمار
استهداف اسرائيل للبيوت الجاهزة في الجنوب هو تهجير ومنعهم من الاستقرار ولو بالحدود الدنيا.
الاستهداف اليومي من قبل اسرائيل خاصة لشباب الجنوب هو في سياق افراغ الجنوب حتى من شبابه وان كانوا لا ينتمون لاي حزب.
بقاء الاحتلال في الجنوب والتهديد الدائم وقصف المدن والقرى الشيعية خارج الجتوب هو في هذا السياق.
المشهد أكبر من لبنان. هو إعادة رسم المنطقة برمتها.
العراق قُسِّم فعلًا، سوريا تحوّلت إلى ساحة نفوذ متنازعة، فلسطين تُدفَن حيّة، ولبنان دخل العصر الأميركي بكل تفاصيله. حتى الغرب، الذي كان يومًا ما يروّج لدمقرطة الشرق، سحب يده، ولم يعُد مهتمًا بتطوير المجتمعات العربية، بل بإخضاعها وتقنين دورها.
وسط هذا الواقع، يصبح السلاح في يد الشيعة ليس خيارًا، بل ضرورة مؤقتة على الأقل، حتى بناء البدائل. لأنه إذا ما سُلّم هذا السلاح دون ضمانات حقيقية، فإن المدن والقرى الشيعية ستتحوّل إلى غزة جديدة، حيث لا مأوى ولا طبابة او دواء ولا حياة.
ولذلك، فإن رد الشيخ قاسم بحزم، في خطاب أُعِدّ مسبقًا، ليس فقط في سياق السلاح والمقاومة بل على ما هو أخطر: انه يردّ على السيناريو المقبل.
لأنه في ظل هذا الجنون الدولي، لا أحد بمأمن، جميع الاقليات في عين العاصفة.
في لبنان عشرات الالاف الفلسطينيين ولا نعرف ان كان سيهجر المزيد اليه، كما يوجد ملايين السوريين وهل سيكون توطينهم على حساب الشيعة، وبداية نهاية لبنان.
ويبقى السؤال: من يسمع؟
٢١/٤/٢٠٢٥
الجنوبيون منذ النكبة بين النار والدمار*
*بقلم: ناجي علي أمّهز*
في بلدٍ يُدعى لبنان، هناك أرض اسمها الجنوب…
لا تشبه سائر الأراضي، بل تشبه الجرح، الذي كلما التأم، أعادوه للنزيف بسكينٍ أعمى.
عندما زارها يسوع كان يعلم انها ستصلب مثله.
وعندما سكنه ابو ذر الغفاري كان يعلم ان الجنوب سيظلم مثل الامام علي الذي لم يترك له الحق صاحبا.
ذاك الجنوبي الذي يُعرف اليوم بأنه ابن البندقية والمقاومة، كان يُعرف بالأمس من يديه المشققتين بتبغ الأرض، وبقدميه اللتين شقتا الشوك بحثًا عن رغيف وكرامة.
الجنوبي دفع الضرائب للدولة والضريبة لزعماء الاقطاع الذين لم يزرعوا شجرة، ولم يسقوا نبتة، لكنهم قبضوا ثمن الحصاد.
أما الدولة، فكانت تساومه على عرقه، وكأنها تمنّ عليه ببقايا كرامته.
ابن الجنوب كان صوته مخنوقا وليسمعه النظام اللبناني كان عليه ان يتظاهر في بيروت مطالبًا بشراء محصوله، لم يكن يستعطي… بل كان يصرخ من عمق “المحرومية”.
عام 1948، وقعت نكبة فلسطين، لكن ثقلها ارتطم بالجنوب اللبناني.
وفي 1969، كتب التاريخ خطيئته باسم “اتفاق القاهرة”… لا اتفاق، بل صفقة على حساب أبناء الجنوب الذين لم يُستأذنوا، لأنهم ببساطة: لا صوت لهم. كانوا “المحرومين”.
ثم جاء الفلسطيني ببندقيته، وأطلق النار من أرض الجنوب.
فردّ الإسرائيلي، لا على البندقية، بل على الأرض وأهلها.
أُحرقت القرى، هُدّمت البيوت، سالت الدماء…
ومع كل فعل وفعلٍ مضاد، كان من يدفع الثمن؟
الجنوبي وحده.
رفض الجنوبي عبثية السلاح الفلسطيني، فاتهموه بالعمالة لإسرائيل. واعتقل وقتل وهجر
رفض احتلال وظلم إسرائيل، فاتهموه بالعمالة للفلسطيني. وايضا اعتقل وقتل وهجر
رفض الاثنين معا، وقرّر الجنوبي أن يقاوم اسرائيل لتحرير ارضه ونيابة عن الفلسطينيين، ليجنب الجنوب ان يكون ورقة تفاوض ومساومة بين العواصم الكبرى، فقيل عنه عميل ايراني.
الجنوبي الذي قدم كل شيء ليبقى في ارضه وتبقى ارضه جزءا من لبنان.
، تآمر عليه الجميع:
إسرائيل، بعض العرب، سوريا الجديدة، وحتى أمريكا.
تخيّل أن تُصبح خائنًا في كل الاتجاهات… فقط لأنك أردت أن تبقى حيًّا.
هل عرفتم الان لماذا الجنوبي يشعر بما يشعر فيه اهل غزة لانه يعيش معاناتهم مظلوميتهم.
قدم الجنوبيون دموعهم لحمهم دمهم بيوتهم حقولهم احلامهم للبنان وفلسطين، ماذا قدم هذا العالم للجنوب.
اليوم، لا يزال الجنوبي يرتقي شهيدًا بآلة القتل الإسرائيلية، فيما بقية لبنان تتابع المشهد كأنها تشاهد كوكبًا آخر يحترق.
لا حزن، لا تضامن، لا حتى فضول إنساني.
فقط صمت… اصبح الموت مجرد خبر .
هل يعقل أن يصبح استشهاد طفل جنوبي، مجرد ورقة تطوى على عجل؟
أين ذهب القلب؟ اين منطق العقل؟.
كيف تحوّلنا إلى مجتمع لا يهتز، حتى حين تُقتل أطفال لبنان؟
هل أصبحنا مجرد حقل تجارب في مختبر الطائفية؟
بلا إحساس، بلا تفاعل… نعيش تحت ضوء بارد، كأننا مخلوقات اصطناعية بلا ذاكرة.
ما بكم يا شعب لبنان؟
منكم خرج جبران خليل جبران، الذي علّم العالم كيف يُكتب الحب والحزن والحرية.
منكم كنائس لا تزال تعزف على وتر الإنسان.
ومنكم من يبكي الحسين منذ 1400 عام، ومن ينادي بعدالة عمر بن الخطاب.
فكيف صرنا نخاف من بعضنا أكثر ، ونفرح لهزيمة بعضنا اكثر؟
كيف أصبحنا كـ”الثور الأبيض”؟
نضحك على الآخر وهو يُذبح… ولا نعلم من التالي.
يا شعب لبنان…
هزمنا الإسكندر المقدوني، هزمنا قرطاج، هزمنا اسرائيل عام 2000 التي احتلتنا بقرار امريكي، وأخرجنا الاحتلال السوري 2005 الذي فوض بلبنان بقرار امريكي.
نحن صنّاع الحرية، كتّاب الحرف، “وطن الرسالة”، نحن منارات العالم العربي.
أين الصوت اللبناني في وجه آلة القتل الإسرائيلية؟
لا أطلب منكم القتال… بل الاعتراض، الغضب.
أين الإعلام؟ أين البيان والاقلام؟
أهالي الجنوب ليسوا غرباء.
هم من لهجتكم، من بيوتكم، من مقاعد طفولتكم.
أليس بينهم من باعكم خبزًا؟ من شارككم الأفراح والأتراح؟ من جلس معكم في الصف، وحمل معكم الحنين، وسكن بينكم في المدن والأحياء الشعبية، قبل أن تجتاحنا الطائفية؟
أنا أفهم أن يقتلنا العدو، أن يحتل أرضنا، أن يحرق الحقول…
لكن لا أفهم أن يحتل وجداننا، أن يُسكت صوتنا، أن يسرق انتماءنا بصمتنا.
كلامي هذا ليس موجّهًا للمتنازعين سياسيًّا، بل للشريحة اللبنانية التي دفعت ثمن حروب الآخرين على أرضنا.
هذا الصمت ليس حيادًا…
بل دمارٌ للبنان، الذي تميّز بدوره الحضاري التفاعلي بين شعوب المنطقة.
بل خيانةٌ للإنسانية، للوطنية، وتحرّرٌ من كلّ ما يجعل الإنسان إنسانًا.
ونحن اللبنانيين، قبل أن نكون طائفيين، نحن إنسانيون.
لماذا صرنا شعوبًا لا شعب… أوطانًا بلا وطن، وكل طائفة تحسب نفسها أمة.
ويلٌ لنا جميعًا.
٢٢/٤/٢٠٢٥
محمد عفيف… نُبْلٌ لا يُعاد، وقامة لن تتكرر وخسارة لا تعوض.
*بقلم: ناجي علي أمّهز*
حاج، أخاطبك في عليائك حيث لا موت بل حياة أبدية، لإيماني بأن من عرفك من النخب سيقرأ هذا المقال ويشعر أنه أمام بورتريه نثري لإنسان يستحق كل هذا التعظيم، وأن يُرسم بالكلمات والفرشاة لا لتعلق صورته في صدر التاريخ، بل ليُحفر اسمه في وجدان أمة لن تموت.
لن أتوقف عند آراء البعض، فغايتي أن أقول كلمة حق: إن كانت الأمم تُقاس بعظمة رجالها، فالشهيد الحاج محمد عفيف كان مقياسًا فريدًا لتلك العظمة، قامةً لا تُكرَّر وخسارةً فعلًا لا تُعوَّض. فبعض الرجال، حين يرحلون، لا يُدفنون… بل يتحوّلون إلى أسئلةٍ حيةٍ في الضمير والعقل، تُوقظنا كلما غفونا عن المعنى الحقيقي للوجود والقيم.
فالنُبلُ الأصيل لا يُكتسب من تجارب الحياة فحسب، بل هو هبةٌ إلهية، سرٌّ يُودع في جوهر الإنسان، يتفتح فيه كزهرة نادرة حتى يصير طبعًا أصيلاً ومعدنًا نفيسًا لا يصدأ. وهكذا كان الشهيد محمد عفيف… رجلًا خُطّ اسمه في لوح البطولة قبل أن يُكتب في سجلات المناصب أو لوائح التنظيم.
منذ اللحظة الأولى للقائه، كنت تشعر أنك أمام صديق، بل ربما توأم لروحك وفكرك.
الحاج لم يرَ القيادة يومًا منصبًا، بل مسؤولية ثقيلة بحجم أمة، وعبءً جسيمًا بحجم مصير شعب.
ولأن القائد الشهيد السيد حسن نصرالله كان يدرك بعمقٍ أي وجهٍ يجب أن يمثّل المقاومة، فقد كان حريصًا على أن يكون ممثله صورةً من ذاته: متواضعًا، جادًّا، ملتزمًا، دقيقًا، يُجلّ الصغير قبل الكبير، ويهرب من الكبر والتعالي كما يهرب المؤمن من الرجس. وهكذا جاء الحاج محمد عفيف انعكاسًا روحيًّا ونورانيًّا للسيد القائد. وعلى الدرب ذاته، وكما ارتقى السيد شهيدًا، أكمل الحاج عفيف المسيرة ليرتقي شهيدًا بدوره، مثبتًا أنه سيظل حيًّا فينا، ساكنًا في ذاكرتنا وعقولنا.
لم يتعامل مع منصبه كامتياز شخصي، بل كتكليفٍ ومسؤولية. كحملٍ ثقيل لا يقوى عليه إلا من تخلّى عن ذهنية “الموظف” الخائف، وارتقى بوعيه إلى مرتبة “المؤتمن” الشجاع، الذي لا يتهرب من القرار، بل يصنعه بجرأة، ويهيّئ للغد كما يُعدّ المقاتل ساتره في ساحة المعركة.
كان يدرك تمامًا أن التعامل مع العقول مسؤولية شاقة ومُضنية، لا يُحسن فنونها إلا من نهل من ينابيع المعرفة الصافية، واغتسل بثقافات متعدّدة ومتنوعة، وانفتح صدره لكل فكرٍ بنّاء دون أن يتنازل قيد أنملة عن ثوابته الراسخة.
كان مزيجًا فريدًا من الأناقة الفكرية والأسلوب المحبب الجذاب للنخب الثقافية، مقرونًا بتواضعٍ جمٍّ وعميق غير مُصطنع. فقد كان قادرًا على الجلوس مع أي شخصية مهما علا شأنها وكأنه خريج أعرق مدارس البروتوكول، وفي الوقت نفسه، قادرًا على الجلوس مع عابر سبيلٍ ببساطةٍ دون أن يُشعِرك بأي فرق.
لماحًا، شديد الملاحظة، يقرأ من حوله كما يُقرأ كتاب مفتوح، سريع البديهة، دقيق العبارة، يسبق انفعالك بابتسامته الودودة، ويطفئ جمرة قلقك بكلمة هادئة وحكيمة.
وكان الحاج يتعامل مع المثقفين بتقديرٍ عميق، مدركًا أن انتماءهم إلى المقاومة ليس ترفًا فكريًا أو هواية عابرة، بل هو التزام بقضية قد تكلفهم حياتهم. ولذلك، كان يثمّن هذا التقارب أيّما تثمين، ويعتبره إنجازًا حقيقيًا يصبّ في صالح فكر المقاومة ووعيها الجمعي.
وكانت غايته واضحةً وطموحة: بناء منظومة نخبوية، ثقافية وإعلامية، قادرة على المواجهة الفكرية، وصناعة الفكرة، وإنتاج المعنى، بما يرسّخ خطابًا يليق بالمقاومة وموقعها الإقليمي المتنامي.
لم يكن الحاج محمد عفيف متطفّلًا على الكلمة، ولا مدّعي معرفة، ولا ساعيًا لمنصبٍ أو مكسب؛ فلقد كان يكفيه إرث والده العظيم، العلّامة آية الله الشيخ عفيف النابلسي. في كنف هذا الوالد نشأ، وبين كتبه تربّى، ومنه تعلّم أن المرجعية الحقة ليست تصدّرًا أو مظاهر شكلية، بل هي أن تخرج إلى الناس لا أن تُبقيهم في انتظارك عند بابك، وأن تسير معهم كتفًا بكتف لا أمامهم كسياسي متعالٍ، وأن تؤمن بهم أولاً ليؤمنوا بك، أن تسبقهم بالسلام، وتفاجئهم بالسؤال عن أحوالهم، وتقف عند خاطرهم وتجبره؛ لأنك إن عزلت نفسك وبقيت وحدك في معركتك… خسرتهم وخسرت معركتك.
فمثقالُ ذرةٍ من كِبرٍ يكشفك امامهم، وكفيلٌ بأن يُخرجك من المقاومة والجنة؛ ولا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر”؟ والمقاومة في جوهرها ليست إلا سعيًا نحو تلك الجنة.
واليوم، حين نذكره – ونحن نذكره كل يوم – لا يمرّ اسمه إلا وتدمع العين، وتختنق الكلمات في الحلق. ليس رثاءً بقدر ما هو شوقٌ طاغٍ… وألمٌ دفين، لأننا فقدنا رجلًا استثنائيًا كان يوازن بحكمة بين الإيمان والواقعية، بين الولاء والنقد البنّاء، بين الصمت المعبّر والموقف الصريح، بين المقاومة كفكرٍ متجذر والمقاومة كفعلٍ يومي.
محمد عفيف لم يكن مجرد مسؤول علافات… لقد كان مدرسةً في فن الحوار وصناعة الرأي؛ فحتى من كان يختلف جذريًا مع فكر المقاومة، كان يخرج من مجلسه وقد لمس صدق القضية، أو على الأقل، أصبح أكثر تفهمًا واحترامًا لها ولدُعاتها. فالحاج محمد كان يعرف يقينًا أن الرصاصة التي يطلقها المقاوم في الميدان تحتاج إلى قلمٍ واعٍ يوصل رسالتها إلى العقول والقلوب، وإلا ظلت الرصاصة، مهما علت دويّها، مجرد ضجيجٍ مزعجٍ يتبدد في الهواء.
كان الحاج محمد عفيف يدرك أن المقاومة لا تُختزل في بندقية وزيٍّ عسكري، بل هي مجتمعٌ بأكمله، حالة وعي شاملة، وليست ميليشيا تتسلّق على جدران اللحظة الآنية ثم تتهاوى مع أول اختبار حقيقي. المقاومة التي لا تحيط بها نخبٌ فكرية واعية، ولا تحتضنها تنوّعات الوطن بمثقفيه وأدبائه وفنانيه، تتحوّل لا محالة إلى صدى معزول… أو إلى كابوس يُرفض حتى في الحلم.
فالمقاومة الفرنسية لم تدخل التاريخ بقوة سلاح مقاتليها فحسب، بل لأن وراءهم وقف جيشٌ آخر لا يقلّ بأسًا: فلاسفةٌ خطّوا بالفكر دروب الحرية، وأدباءٌ أنشدوا للوطن قصائد الصمود، وفنانون رسموا بريشتهم ألوان الأمل، ومنشدون صدحت حناجرهم بأغاني المقاومة… كلّهم كانوا يقاومون، وإعلامٌ أمينٌ نقل الرواية كما تُروى الملاحم الخالدة. فكلّ مقاوم يستحق قصيدة، وسيرة، ومسيرة تخلّده.
الحاج عفيف لم يكن من نبلاء العروش والقصور… بل كان وريثًا للقيم الأصيلة، وارثًا لنهج الأنبياء والصالحين، لا سلالة الملوك والحكام. كان أرستقراطيًا في أخلاقه وسلوكه، وتلك هي الأرستقراطية الحقة، الوحيدة التي لا تسقط أبدًا، ولا تُشترى بالمال، ولا تُغيّرها تبدّلات الزمان وتقلبات الدهر.
يا حاج، لقد مرّ على فراقك خمسة أشهر، وما زال وجهك البشوش يطالعنا من شريط الذاكرة. وما زالت صورتك توقظ فينا الحنين العميق، وتترك في القلب شوقًا لاذعًا لا يستطيع الزمن محوه.
يا حاج، أنت حقًا خسارة لا تُعوّض، والدليل الأكبر أننا لا نكتب عنك اليوم كمن رحل وانتهى أثره… بل كأنك حاضرٌ بيننا الآن، تبتسم ابتسامتك المعهودة، ونحن نردد على مسامعك بكل صدق:
“حج محمد… اشتقنا أن نشرب معك كوب شاي ”
يا الله… يا الله… يا الله…
لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
٢٧/٤/٢٠٢٥
بسبب غزة هل تصرخ الشعوب العربية: فليحكمنا المسيحي، أو ينتدبنا الغرب؟
*ناجي علي أمّهز*
يخرج علينا البعض ليصرح بأن كافة مشاكلنا وهزائمنا سببها أمريكا والغرب واليهود. لكن معركة صفين سبقت اكتشاف أمريكا، وقتل الإمام الحسين وعائلته سبق ظهور الكيان الإسرائيلي. كفانا تحميل الخارج مسؤولية مصائبنا؛ المصيبة تكمن في تفسيرات متطرفة للإسلام لا تتوافق مع طبيعتنا البشرية في بلاد الشام.
أبناء الشام، بطبعهم المحب للحياة والجمال والوفرة، احتضنوا المسيحية، دين التسامح والمحبة قبل الاسلام، لتوافقها مع طباعهم. وربما لهذا توقفت المسيحية عند حدود شبه الجزيرة العربية، حيث سادت عبادة الأوثان الحجرية، انعكاسًا لبيئة صحراوية قاسية وغزوات متكررة ونمط حياة شاق، كما أشار ابن القيم لوجود طباع تشبه “الجمل أحقد الحيوان وأغلظه كبدا”.
إن بقاء المسيحيين وظهور التشيع والفرق الأخرى في بلاد الشام، رغم الاضطهاد، قد لا يكون خروجًا على الإسلام بقدر ما هو اعتراضٌ على قساوة التطرف الدخيل الذي غزا بلادنا ولا يناسب طباعنا.
هذا التطرف لا يريده أحد، حتى الدول الإسلامية تحاربه وتحذر من خطره. واليوم، تحترق غزة تحت قصف إسرائيلي همجي، وتتهاوى مع أبنيتها أركان العروبة والوحدة الزائفة. لم تعد “الأمة الإسلامية” إلا شعارًا، وصرخة “وامعتصماه” أسطورة قديمة. ما نشهده ليس مجرد كارثة إنسانية، بل انهيار حضاري وأزمة وجودية خانقة في قلب العالم العربي والإسلامي.
نسأل بمرارة: بعد 1400 عام من تعاليم دينية، انشغل بعضها بتفاصيل الطهارة الجسدية، كيف فشلنا في تعلم أبجديات “دخول الحياة”؟ كيف نسينا أن نتطهر من قذارة الكراهية والتكفير والعنف؟
العالم يتقدم بسرعة الضوء، ونحن نتراجع إلى عصور سحيقة حتى وصلنا للعصر الطباشيري. نظرية النسبية أوصلت الإنسان للفضاء، ونحن منذ 1400 سنة نغرق في بحر الشروحات والتكفير حتى صرنا نترحم على ما قبل الجاهلية. مجتمعات تقدس القرود (الهند والصين) تنجب عباقرة يغيرون العالم، ونحن “خير أمة” نتقن فن التدمير الذاتي.
المفارقة صارخة: في الغرب “الكافر”، يرتجف القانون إن مُسّ حيوان بسوء، وعندنا يُهان الإنسان ويُسحل ويُعذب حتى الموت باسم الدين والطائفة. مشاهد قطع الرؤوس والسبي وتفجير الآثار في سوريا والعراق، ونعت رئيس لشعبه بـ”أولاد الكلب”، وحكام يتمسكون بالعرش حتى الموت، كلها شواهد.
مذبحة غزة ليست استثناءً، في الاسلام الحديث، بل حلقة في سلسلة هزائم ونكبات، من سربرنيتسا (الابادة في البوسنة والهرسك) للروهينغا إلى حروب اليمن وسوريا وليبيا والعراق. العالم المتقدم لا يهتم بمآسينا لأننا أصبحنا نشكل خطرًا فكريًا ونفسيًا عليه، بينما “الضمير الإسلامي” وجامعة الدول العربية في سبات عميق.
هذا ليس مجرد فشل سياسي وعسكري، بل سرطان نفسي واجتماعي. تقارير الأمم المتحدة (2016) تؤكد تصدر عالمنا العربي قوائم الاكتئاب واليأس. الفقر والفساد والعنف وغياب الأمل، ألاسلام المتطرف اوجد بيئة خانقة تكره الإبداع والجمال والفرح. كل شيء حرام: الموسيقى، الفن، رياضة المرأة… قائمة ممنوعات تطول، متناسين أن قصور الأمويين والعباسيين كانت تضج بالشعر والغناء.
وسط هذا الركام، يبحث جيل يائس عن مخرج، عن أمل في أفكار مفكرين كمحمد شحرور، الذي هزّ الثوابت بالعقل، الم يلفت نظركم كيف تجتاح مقولة نابليون “إن الله مع صاحب المدفع الكبير” كصرخة غضب من عجز 500 مليون عربي ومسلم عن إنقاذ طفل يُحرق في غزة. الهزيمة في الروح، وفي هذا التخاذل نقتل الإسلام في قلوب الأجيال القادمة. من يريد الانتماء لفكر ارتبط بالهزيمة والعجز والقسوة؟ بالأمس كان يضج الاعلام عن مسيحي اعتنق الإسلام، اليوم، الملايين يغادرون الاسلام بصمت أو بضجيج بعد العجز عن مساندة غزة وتجارب حكم المتطرفين. الناس تبحث عن خلاص دنيوي، وما يفشل في الدنيا لا ينجح في الآخرة. أي دين يمنع أتباعه حتى من محاولة إنقاذ إخوانهم في غزة؟ هذا تخلي عن أبسط معاني الإنسانية، أقله خجلًا من تظاهرات الغرب المتضامن مع غزة.
السؤال الآن: هل يدفع هذا الخذلان المسلمين للبحث عن ملاذ روحي آخر؟ هل تعود المسيحية برسالة المحبة والسلام لتملأ الفراغ الروحي الذي خلفه الإسلام في صورته المشوهة بالعنف والكراهية؟ انظروا لتعليم أطفال المسيحيين التسامح والمحبة والموسيقى، وقارنوه بما تبثه غالبية الفضائيات والمنابر الإسلامية من سموم وتحريض. المسيحي ينطلق للعالم بلا عقد، والشباب المسلم يُعزل في وطنه وعقله.
إذا كان هذا التطرف لا ينقذ طفلًا في غزة ولا يحرر أرضًا لماذا لا يتم عزله، هذا التطرف هو يؤمن بالغزو من اجل الغنائم والسبي كما كان في الماضي الغابر، اما امام الاحتلال فقد شاهدنا ردة فعله على احتلال اسرائيل لأجزاء جديدة من سوريا؟
اليوم لو خُيّر غالبية العرب والمسلمين، بين حاكم إسلامي متطرف وحاكم مسيحي عادل، لا أشك أن الأغلبية ستختار الثاني.
وبسبب عجز الشعوب العربية والاسلامية عن التعبير الرافض للارهاب والتطرف، بالملايين يفرون نحو أوروبا “الكافرة” ومنهم من يفضل الموت في البحر او عبر المعابر غير الشرعية عله يصل الى جنة الغرب، والمقتدر يبيع كل ما يملكه حتى ذاكرته وتاريخه في الاوطان العربية والاسلامية من اجل الحصول على الإقامة في أمريكا، ألم تصل المأساة ببعض السوريين انهم راؤوا الاحتلال الإسرائيلي كمنقذ من بطش المتطرفين الاسلاميين؟ أليست مطالبة مسيحيي سوريا بانتداب غربي صرخة يأس؟ هل يعقل ان تكون هذه هي “الخلافة” التي يفر منها أبناؤها!
أتفهم الجدل حول داروين، أما أن يُحاسَب العلوي أو الشيعي (الموصوف بالرافضي والمجوسي) أو الدرزي أو الزيدي أو الإسماعيلي على انتمائهم، ويُعتبر دمهم ومالهم مباحًا فقط لاختلافهم في تفاصيل اجتهادية فكرية فلسفية ، فهذا تدخل حتى في اقل مقومات التعددية الفكرية.
لست أدعو لتغيير الهوية، فربما لا تقبلنا الأمم الأخرى أصلًا، فمن لا خير فيه لأهله وأطفال غزة، كيف يكون فيه خير لغيرهم؟ لكني أكتب لعلها تحدث صدمة، شرارة لثورة فكرية نحتاجها بإلحاح. في عصر الذكاء الاصطناعي، لن تغير النبوءات شيئًا. علينا أن نطور ونجدد، بعقل نقدي وقلب ينبض بالرحمة، لنستعيد جوهر الإسلام كرسالة عدل وعلم وتقدم. نحتاج لشجاعة الاعتراف بالفشل ومراجعة موروثنا بنظرة ثاقبة.
هذا المقال مرآة مكسورة لوجهنا المشوه. نقف عراة أمام التاريخ إلا من خيباتنا. إن لم نبدأ اليوم رحلة البحث عن حقيقة جديدة، فكرًا وروحًا وممارسة، فإن الغد قد يحمل ما هو أسوأ من غزة، وقد لا يكون هناك “غد” على الإطلاق. الوقت ينفد، والتغيير يجب أن يبدأ الآن.
٢٧/٤/٢٠٢٥
كتب ناجي علي أمّهز: إنّ الاعتداء الإسرائيلي على مكانٍ يبدو بوضوح أنه مباح ومفتوح للجميع، هو دليل قاطع على أن إسرائيل تعتدي لمجرد الاعتداء، في عملية استفزاز وابتزاز موجهة إلى الدولة والشعب قبل المقاومة.
ما تقوم به إسرائيل يفضح الدول التي تدافع عنها؛ فحين كان البعض يحمّل حزب الله مسؤولية التوتر نتيجة مشاركته في معركة إسناد غزة، تظهر الوقائع جلية: إسرائيل، وعلى مدى سبعة أشهر، تعتدي على السيادة اللبنانية، في حين يلتزم حزب الله التزامًا كاملًا بالاتفاقات.
إنّ هذه الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة تكشف تمرّد إسرائيل على الشرعية الدولية، وانقلابها الصريح على اتفاقية وقف إطلاق النار؛ فهي تقول صراحةً: سواء امتلك حزب الله السلاح أم لا، فإنها ستواصل الاعتداء على لبنان وشعبه.
وفي الأعراف السياسية والمنطق الدولي، تصب هذه الاعتداءات في مصلحة حزب الله، إذ تبرر بقاء سلاحه، وتمنحه شرعيةً شعبية ورسمية متجددة. وتحرج الدول وحتى خصومه بالداخل.
كما أن هذه الاعتداءات، التي لا تستند إلى أي مبرر حقيقي، تفتح الباب أمام فرضية خطيرة: أن إسرائيل تسعى لإشعال حرب داخلية تضعف الشيعة، وتتيح لها فرصة احتلال الجنوب اللبناني وسرقة ثروات لبنان النفطية، لا سيما في البلوك رقم تسعة.
ويُسجل لحزب الله، أنه بالتزامه امام الدولة اللبنانية، وعدم ردٍّ عسكري مباشر على الاعتداءات الإسرائيلية، قد أفشل خطط الكيان الإسرائيلي وألحق خسارة مباشرة بحكومة نتنياهو شخصيًا.
أما الأصوات الداخلية المعارضة لحزب الله، فإنها، في حال استمرار الاعتداءات الإسرائيلية، ستجد نفسها أمام موقف وطني بالغ الصعوبة؛
ففي نهاية المطاف، يظهر للجميع أن إسرائيل هي المعتدي، ويجب على الدولة اقله التحرك دوليا وامميا للدفاع عن السيادة اللبنانية وعن شعبها.
٢٨/٤/٢٠٢٥
اللعبة الإقليمية في العالم العربي، والحروب الآن على حدود الصين
*بقلم: ناجي علي أمّهز*
ربّت ترامب على كتف نتنياهو وهما يتمشيان في حديقة البيت الأبيض، ثم قال:
“يا صديقي… أنت اليوم السيد المطلق في المنطقة العربية.
نحن معك، لا سمح الله أن نكون أمامك بل نحن خلفك. ولانه لم يعد هناك خوف على إسرائيل، فأنتم في أمان تام. فقد اثبتت الحرب على غزة بان هناك عشرات الملايين من العرب والمسلمين مستعدون لفدائك بدمائهم، ووضع كل قدراتهم بين يديك. لذلك أغادر سوريا والعراق وبعض دول الخليج وأنا مطمئن… المنطقة لك.”
ابتسم نتنياهو، ابتسامة عريضة: “الشكر لك يا صديقي… لولاك، لا أدري ما كنت سأفعل. ولكن كنا نعرف ان العرب لن يتحركوا للدفاع عن غزة، لانه عند حرق المسجد الأقصى في آب عام 1969، قالت غولدا مائير: “لم أنم ليلتها وأنا أتخيّل العرب سيدخلون إسرائيل أفواجاً من كُل صوب، لكن عندما طلع الصباح ولم يحدث شيء أدركت أن باستطاعتنا فعل ما نشاء فهذه أُمة نائمة”
من حينها فهمنا ان العرب امة نائمة ونحن نحقق سياستنا في المنطقة، بالتاكيد بفضل ضغوطكم الهائلة على الدول العربية. هنا قاطعه ترامب: “لا لا ياصديقي نحن نعلن عن ضغطنا كي يظهر ان هناك شيء يمارس على القادة العرب، بمعنى اوضح نحن نحاول ان نجد اعذار للقادة العرب امام شعوبهم” قال نتنياهو اتفهم افتهم، ولكن، أتمنى عليك أمراً صغيراً آخر: لا تدع حربك مع الصين تشغلك عنا، وكما تعرف، مساحة اسرائيل صارت صغيرة على شعبها. وحقيقة ان مشاهد قتل الفلسطنيين يوميا يؤثر على نفسية شعبنا اليهودي، لذلك قررنا أن نخفف عنائهم ونعطيهم دولة في الأردن، ندفع تكاليفها من حسابنا الخاص، والتي ستكون تقريبا ٢٠٠ مليار دولار.”
هنا فتح ترامب عينيه بدهشة:
“٢٠٠ مليار دولار؟! أليس هذا المبلغ مبالغًا فيه؟!”
ابتسم نتنياهو بخبث يهودي أصيل:
“إذا حسبتَ عائدات قناة بن غوريون ومساحة الضفة وغزة، فالمبلغ يبدو رمزياً كما ان المبالغ التي كان العرب سيدفعونها لاعادة بناء غزة هي نفسها سنعطيها للفلسطنيين يعني اننا لم ندفع الاموال من جيبتنا مع انه يؤلمنا ان يقال اننا دفعنا شيء نحن تعودنا على الاخذ. كما اننا نريد أيضاً قطعة صغيرة من سوريا مع شعبها، نحتاج مزيدًا من الجنود و.للأسف، أبناء بعض الطوائف اليهودية لا يتحمسون للخدمة العسكرية. كما ان شعبنا بحاجة للغذاء، والأرض الجنوبية في لبنان بجودة الشمال الإسرائيلي…لذلك قررنا أخذ الجنوب اللبناني، لا سمح الله للاحتلال، بل للزراعة والازدهار. ومقابل كل ما سنفعله سنقدم لامريكا هدية صغيرة وهي ثروات لبنان البحرية… سنقدمها لكم عربون وفاء من دون مقابل، حتى تكاليف الشحن على حسابنا!”
ضحك ترامب طويلاً، وقال:
“كرمٌ من كيس غيرك!”
ثم استدعى أحد مستشاريه:
“أحضر ورقة وقلمًا. ونوقع على أن تكون ثروات لبنان البحرية ملكًا لنا.”
وقع نتنياهو. ووقع ترامب.
لكن نتنياهو بحركة سريعة أخرج ورقة أخرى: “سيدي الرئيس أمضِ لي هنا أيضاً ، أنك تسمح لإسرائيل بحماية المنصات النفطية”.
ضحك ترامب:
“أنتم اليهود… لا تمنحون شيئاً بالمجان! هذا يعني ان ثمن حمايتكم للمنصات النفطية سيعادل كلفة الانتاج، لا بأس لك ما تريد هناك كثر في المنطقة يدفعون لنا الاموال مقابل بقائهم في الحكم، سناخذ منهم الاموال ونعطيكم اياها مقابل حمايتكم للمنصات وناقلات النفط والغاز.
وضحك الحاضرون.
ثم تابع ترامب، بنبرة الواثق الذي يملك العالم في قبضة يده:
“صديقي نتنياهو، الشرق الأوسط صار بلا جدوى. وما ربحناه من حرب اوكرانيا بسنوات قليلة يعادل كل الحروب العربية منذ ٨٠ سنة الى اليوم، كما ان سوق النفط ينهار؛ خلال عامين، أكثر من ٣٠٪ من شعوبنا تخلت عن سيارات الوقود. والحرب التقليدية اصبحت شيء من الماضي السحيق بظل الذكاء الاصطناعي والحواسيب الكمومية التي جعلت حتى من السلاح النووي هراءً…
روسيا تملك عشرات القنابل ولم تستطع حتى التهديد بها!
أنتم أيضاً تملكون رؤوسًا نووية، ولا فائدة!”
ابتسم، ثم أكمل، كمن يلقي خطبة وداع للعالم القديم:
“اليوم من يملك الصناعة والتكنولوجيا، يملك العالم. روسيا بكل ما كان لها وما تمتلكه من مساحات واسلحة وحتى رغم انها قومية موحدة لم تنتج سلامًا إلا بضغطنا. اليوم، نحن القطب الأوحد، وحقيقة هذا الشعور مرعب، احيانا اقول انه يجب على رؤساء العالم أن يشكروني لأنني لا زلت أكلّمهم على الأرض، بدل أن أطلّ عليهم من السماء!”
ضحك ضحكة فيها شيء من الجنون.
ثم تمتم:
“لكن الصيني… يزعجني.
لذا، قررت أن أشعل حربًا بين الهند وباكستان.
هذه الحرب ستقطع طريق الحرير عن الصين.”
هنا حرّك نتنياهو شفتيه وقال بنبرة خفيفة:
“نعرف، نعرف… لكن ماذا عن إيران؟
ألا يمكن إسقاط النظام وإحضار نظام عميل كزمن الشاه؟ نتقاسم نحن وإياهم المنطقة العربية، وندفع لك ما تريد.”
ردّ ترامب وقد علت نبرة الحكمة فجأة:
“يا صديقي، إيران ضرورة وجودية. لو سقطت، سيتمدّد بركان التطرف الاسلامي إلى كل المنطقة.
لن يبقى للأقليات أثر، ويتزعزع الاستقرار في اوروبا هذا ان لم تسقط امام المتطرفين، وحقيقة المعركة مع الصين الاهم الان.
نعم، إيران عدوة لنا ولكم… لكنها عدو عاقل.
بل هي الضمانة الباقية لعدم انزلاق المنطقة إلى الهاوية.”
وقبل أن يصلا إلى مائدة الغداء، قطف ترامب غصناً صغيراً من شجرة، وضعه على إصبعه بحيث توازن الغصن تمامًا.
ثم قال لنتنياهو:
“ماذا ترى؟”
أجاب نتنياهو:
“توازن.”
فقال ترامب، بابتسامة العارف:
“هكذا هي إيران اليوم… التوازن العالمي، الذي نحتاجه جميعاً.”
“وجلسا يتناولان الغداء، فكان النبيذ الاحمر من نتاج العرب، واللحم المشوي من خراف غزة، والأواني والصحون الأثرية منهوبة من متاحف العراق، والملاعق الذهبية مسروقة من خزانة ليبيا، أما الطاولة فقد كانت قطعة اثرية من سوريا المنكوبة. بينما الكراسي من عظام الشعوب المقهورة.
وبينما انشغلا بتقطيع الغنيمة، تقدم خادم بزي أنيق وتحدث بلغة عربية قائلاً:
– هل يرغب سيدي الرئيس وضيفه الكريم بشيء إضافي؟
فضحك ترامب، وضحك نتنياهو، وقد وصلت الرسالة ببلاغة لم تحتج إلى شرح.”
٣٠/٤/٢٠٢٥
انقلاب الشرق: طلب الدروز الحماية من إسرائيل إلى تهجير الشيعة والمسيحيين… والدولة العلوية
بقلم ناجي علي امهز
ما أكتبه إليكم سيجعل الوِلدان تشيب، ولكن يجب أن تطّلعوا عليه، لأن الحقيقة، كما هي، لا تُعرض على الشاشات ولا تُتلى في المؤتمرات الصحافية. الحقيقة، كما هي، لا تُقال. حتى رؤساء الدول العظمى أنفسهم لا يعلمون إلا ما يُسمح لهم أن يعلموه. أما هناك، المتنورين القلائل الذين يدركون المسار العميق للعالم، يتابعون الخيوط الخفية التي لا تخطئ، ويلحظون المتغير بدقة متناهية.
ما يعد للعالم لا يتأخر يوماً ولا يتقدّم لحظة.
عندما تقرؤون هذه الخلاصات، ستصابون بالذهول: رغم كل ما حصل، وكل من سقط، وكل ما تغيّر، لم يتغيّر المشروع الأميركي عن خطّه قيد أنملة. كل هذه الحروب، وكل هذه الثورات، وكل هذه الانتخابات والانهيارات، ليست إلا تفاصيل في دفتر الخطة. وحين تطالعون، ستدركون كم خُدعتم بالإعلام، وكم ضُحك عليكم عبر محللين وخبراء ووجوه رنانة لا تعلم شيئًا، بل كانت كلماتهم الوقود الذي يدفع عجلة الاستراتيجية الكبرى. إنهم يتحدثون وهم يظنون أنهم يُنظّرون، لكنهم مجرد صدى.
انهم لا يعرفون ما أُعدّ.
مع بداية عام 2010 بدأتُ أشعر بأنّ العالم الجديد مستعد للانطلاق وبدأتُ بالمراقبة والتحليل المضني وجمع ما ينشر بدقة متناهية منطلقاً من قاعدة سياسية اكتسبتها من كبار النخبة المسيحية لتشريح الوضع وإظهار تعقيداته وإلى أين ستؤول الأمور.
في هذا السرد الممتد على مدار خمس عشرة سنة ستجدون أنّه بنسبة 99% تحقق من هذه المقالات والتي كتبت قبل سنوات طويلة من حدوثها:
• أمريكا الشيطان تحاصر أوروبا وتعزل روسيا وسوريا وتستنزف إيران.
هذا المقال المنشور قبل 14 سنة تحقق بالكامل في أدق تفاصيله حيث نجحت أمريكا بمحاصرة أوروبا من خلال فصلها عن روسيا وزجها في الحرب الأوكرانية، كما نجحت أمريكا بعزل روسيا التي هي اليوم بحرب مع جارتها أوكرانيا وأيضاً معزولة أوروبياً من خلال قطع العلاقات الاقتصادية والتجارية وفرض عقوبات أوروبية على روسيا، وبالمقابل روسيا على عداوة مع أوروبا بسبب كل ما حصل، كما أن استنزاف إيران بلغ مستويات قصوى.
• وأيضاً ستجدون في مقال “هل يسقط حزب الله مع وتيرة الارتفاعات الجيوسياسية بالمتغيرات السورية” كيف طُبّق حرفياً وكيف استُغل دخول حزب الله إلى سوريا من أجل ضرب مصداقيته وتقليب الرأي العام السني عليه بعد أن كانت صور السيد موجودة في كل بيت عربي مهما كان انتماؤه.
• وكيف خرج حزب الله وايران من سوريا، اضافة الى وصول ترامب وماكرون واسباب خروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي، وسقوط بشار الاسد وبداية تهجير الشيعة من لبنان وسوريا وقيام دولة علوية والتحاق الدروز باسرائيل.
وهكذا ستشعرون أنّ كل شيء كان يحصل أمام عيونكم حتى من دون مواربة ولكن عقولكم كانت تسمع أموراً أخرى كان حكام العالم يريدون أن تسمعوها.
لنعرف ماذا حصل وجرى خلال خمس عشرة سنة وكيف وصلنا إلى هنا وإلى أين متجهون، اقرأوا هذا المقال الطويل بتمعن وتأمل لتدركوا حجم المخطط الذي أُعدّ بإتقان بالغ.
نبدا بالسرد بالمختصر:
عنوان المقال: سيناريو الحرب بقلم:ناجي امهز
تاريخ نشر المقال: 2011-10-10
فحوى المقال”
يكتب ناجي أمهز في مقاله عن سيناريو حرب وشيكة في الشرق الأوسط (عام 2010)، قد تبدأ بضربة إسرائيلية لمفاعلات إيران النووية، متزامنة مع هجوم جوي على لبنان واستهداف غزة المحاصرة. يتوقع رداً قوياً من حزب الله بصواريخ قد تطال عمق إسرائيل، ودخول سوريا المعركة لاستعادة الجولان. كما يتصور قيام إيران بإغلاق مضيق هرمز واستهداف منشآت نفطية وقواعد أمريكية، مما يشعل المنطقة بأكملها. يحذر أمهز الدول العربية، خاصة الخليجية، من تمويل هذه الحرب التي ستؤدي إلى استنزاف أموالها وتفتيتها، داعياً إياها لمعارضة الحرب وسحب أرصدتها.
رابط المقال كامل مع التفاصيل: http://pulpit.alwatanvoice.com/articles/2010/01/12/185961.html
عنوان المقال: امريكا الشيطان تحاصر اوروبا وتعزل روسيا وسوريا وتستنزف ايران بقلم: ناجي امهز
تاريخ نشر المقال: تاريخ النشر : 2011-10-10
فحوى المقال”
يصف الكاتب ناجي أمهز الولايات المتحدة بـ”الشيطان الأكبر”، معتبراً أنها تنتهج سياسة للهيمنة العالمية. يرى أن أمريكا تعمل على محاصرة أوروبا سياسياً واقتصادياً، ودفعها لعزل روسيا وسوريا، خاصة عبر محاولات فرض عقوبات دولية، مما يخلق تصادماً بين أوروبا وروسيا ويجعل أوروبا تابعة لأمريكا. الهدف الرئيسي لهذه الاستراتيجية هو استنزاف إيران، التي يعتبرها الكاتب رأس حربة محور الممانعة، وذلك بإضعاف حلفائها (كسوريا) اقتصادياً وسياسياً، مما يجبر طهران على تقديم الدعم المالي لهم وبالتالي استنزاف مواردها. يعتبر الكاتب أن هذه لعبة أمم قائمة على المصالح الأمريكية البحتة.”
رابط المقال كامل مع التفاصيل: http://pulpit.alwatanvoice.com/content/print/239628.html
عنوان المقال: هل يسقط حزب الله مع وتيرة الارتفاعات الجيوسياسية بالمتغيرات السورية بقلم:ناجي امهز
تاريخ نشر المقال: 2012-01-05
فحوى المقال”
يناقش ناجي أمهز في مقاله التساؤل حول مصير حزب الله حال سقوط النظام السوري. يوضح أن أعداء الحزب يتمنون سقوطه، بينما يشعر حلفاؤه بالقلق. يرى أمهز أن إسرائيل تستغل الأزمة السورية لتأجيج الصراع الطائفي وعزل المقاومة تدريجياً، بهدف خلق وضع شبيه بحصار غزة دون حرب مباشرة. وان سقوط النظام السوري لا يعني بالضرورة سقوط حزب الله، مؤكداً أن قوة الحزب لا تكمن فقط في الدعم السوري أو السلاح، بل في قاعدته الشعبية الواسعة بالمنطقة وإيمانه بقضيته ومظلوميته، مما يجعله قادراً على الصمود أمام المتغيرات الجيوسياسية.
رابط المقال كامل مع التفاصيل: https://pulpit.alwatanvoice.com/articles/2012/01/05/247613.html
اندلعت الحرب في سوريا، وبدأت معها حركة النزوح الكبرى إلى لبنان. لكن ما بدا كأزمة إنسانية، لم يكن عفويًا ولا عابرًا، بل خطة مدروسة، أُعدّت بإحكام، وبأبعاد شديدة التعقيد. لقد زُرعت بذرة شجرة ملعونة في تربة لبنان، لا لتظل شجرة، بل لتقتلع الوطن حتى الارزة من جذورها.
هذا النزوح لم يكن فقط كارثة اجتماعية أو عبئًا اقتصادياً، بل سلاحًا صامتًا قادراً على تفكيك الاقتصاد، وضرب اللحمة الشعبية، وتشظية الهوية الوطنية. ومع مرور الوقت، وفي توقيت دقيق مُبرمج، سيُطلَق هذا السلاح من قمقمه، وسينقض النازحون على لبنان.
وعندها… سينتهي لبنان الذي نعرفه
عناوين بعض المقالات بهذا الخصوص منذ عام 2013:
مقال داعش تجتاح لبنان
مقال لبنان التعايش بسبب النازحين يتحول الى دولة داعش
مقال فليرحل السوريون
مقال اسرائيل تنهي لبنان وتحاصر المقاومة وتستهدف الجيش بالحرب السورية
مقال فليرحل السوريون
فحوى المقالات عن النازحين”
يرى الكاتب ناجي أمهز أن إسرائيل نجحت في “إنهاء لبنان” عبر استغلال الحرب السورية وتأجيج الصراعات الطائفية والسياسية الداخلية. يصف الوضع الاقتصادي بالمنهار، حيث يتحمل عدد قليل من اللبنانيين عبء تمويل دولة مفلسة، بينما يفاقم وجود العمال السوريين الأزمة ويهدد بالهجرة الجماعية. يعتبر أن إسرائيل تحاصر المقاومة باستنزافها في سوريا واستغلال بعض النازحين كعملاء (لاسباب تتعلق بالصراع الدائر في سوريا حيث الذي قتل له شقيق او قريب او حتى حبيب قد يتطوع لخدمة العدو الاسرائيلي او حتى بنقل هذه المعلومات الى الفصائل المتطرفة في سوريا التي بدورها ستنقلها الى اعداء المقاومة وحزب الله، للانتقام من حزب الله والشيعة ) وبحال انهيار الوضع اللبناني قد يحتل بعض النازحين المتطرفين الابنية ويأخذون الناس رهائن ويحدث انهيار كبير يزعزع الامن الاجتماعي، ويخلص الكاتب إلى أن لبنان فقد دوره وميزاته، وأصبح على وشك الانهيار التام.
رابط المقالات كاملة مع التفاصيل: https://web.archive.org/web/20170718024514/http://www.arabtimes.com/portal/article_display.cfm?Action=&Preview=No&ArticleID=36997
————
الظهور الاسلامي غير المنظم في العالم العربي والفوضوي الى اقصى الحدود حدد لي اتجاه واحد لا ثاني له، ان هذا العالم بحاجة الى اعادة ترتيب البيت الاسلامي ليكون مهيا لما هو قادم على المنقطة ولم اجد امامي الا الدور البريطاني الذي اسس في هذه المنطقة العربية حركة اسلامية ضخمة هي الاخوان المسلمين وكي تتفضى بريطانيا الى هذا الدور يجب خروجها من الاتحاد الاوروبي فكتبت:
عنوان المقال: خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي يعني عودة الاخوان المسلمين
تاريخ نشر المقال: 25-6-2016
يربط الكاتب ناجي أمهز بين خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي واحتمالية عودة جماعة الإخوان المسلمين إلى الواجهة. يرى أن بريطانيا، في سعيها لاستعادة نفوذها العالمي المفقود لصالح أمريكا، تحتاج للتحرر اقتصادياً وسياسياً من قيود الاتحاد الأوروبي. هذا التحرر سيمكنها من إحياء تحالفاتها التاريخية في الشرق الأوسط، وأهمها جماعة الإخوان المسلمين (المتواجدة بقوة في تركيا ومصر/حماس وبدعم قطري). يتوقع الكاتب أن تدعم بريطانيا قطر وتفتح قنوات مع إيران لموازنة القوى الإقليمية، مما يشير إلى عودة بريطانيا كلاعب رئيسي في الشرق الأوسط عبر حلفائها التقليديين.
رابط المقال كامل مع التفاصيل: https://pulpit.alwatanvoice.com/articles/2016/06/25/408199.html
بعد انقلاب تركيا الفاشل 15-16 – تموز – 2016 والذي على اساسه احكم الرئيس اردوغان سلطته بوجه خصومه، وفي 23 تموز 2016 بعد شهر من كتابة المقال الذي صدق بخروج بريطانيا، بدا يتضح كل شيء واصبحت الارضية مهيئة لوصول القادر على التنفيذ.
———-
مع الانتخابات الأميركية عام 2016، وترشيح دونالد ترامب عن الحزب الجمهوري في مواجهة السيدة هيلاري كلينتون عن الحزب الديمقراطي، بدأت أُراقب سلوك ترامب ومصطلحاته، وراجعت إشاراته وحركاته، ففهمت إلى أي مدرسة فكرية واستراتيجية ينتمي. ومنذ ذلك الحين، وقبل شهرين من وصوله إلى سدّة الرئاسة، تنبّأت بفوزه—رغم أن الصحف الأميركية الكبرى نفسها لم تكن تتوقع ذلك.
وفي مقابلة أجريتها آنذاك، أكدت أن الروس سيكونون جزءًا من مخطط ترامب، لا كحلفاء بل كمُدارين ضمن رؤيته. بمعنى أوضح: ترامب هو من سيقود الروس، لا العكس. وهذا ما بدأ يظهر جلياً لاحقاً، حين ضغط ترامب على أوكرانيا بشكل مباشر لوقف الحرب مع روسيا.
وان ترامب سيغير حتى مقاليد الحكم في امريكا وقد يكون اخر رئيس في السياق الذي اعتمدته امركيا منذ نشؤها وبالفعل فان ترامب لم يحضر تنصيب بايدن مع ان بايدن حضر مناصب تنصيب ترامب كما هو معتاد. وايضا اقتحام الكونغرس وعدم مغادرة القصر.
وعليه، فإن كل ما كانت تقوم به روسيا في سوريا خلال تلك المرحلة، لم يكن بعيداً عن ضوء أخضر أميركي، سواء من ترامب مباشرة أو من المدرسة التي أوصلته إلى الحكم.
رابط الفيديو لناجي امهز بتاريخ 21-10-2016
بعد وصول ترامب وترشيح ماكرون للرئاسة الفرنسية 2017 ورغم انه مغمور الا انني ايضا اكدت وصوله الى سدة الرئاسة الفرنسية : المقال: صراع الماسونية والنبوآت الإسرائيلية أوصلت ماكرون إلى الرئاسة الفرنسية
عام 2017 اكتمل المشهد روسيا في سوريا ترامب على راس الادارة الامريكية اتضحت الصورة وحددت الخرائط وتم التوقيع على انهاء دولتين هما لبنان وفلسطين حينها كتبت مقال اعتبر كالجنون:
لم يبقى الا قطع شريان لبنان الاساسي وهو من خلال اخراج حزب الله وايران من سوريا تمهيدا لاغلاق معابر الدعم المحتمل ان تكون قادمة من العرق وايران.
عنوان المقال: بوتين قال للاسد يجب خروج إيران وحزب الله عسكريا من سوريا
تاريخ نشر المقال: 19-5-2018
فحوى المقال”
يكتب ناجي أمهز عن فحوى لقاء مفترض بين بوتين والأسد، حيث أكد بوتين أن الدعم الروسي لسوريا يقتصر على محاربة الإرهاب ولا يشمل مواجهة إسرائيل. وشدد على ضرورة خروج القوات العسكرية الإيرانية وحزب الله من سوريا، لأن وجودهم يهدد إسرائيل ويمنع إعادة الإعمار التي ترفض الدول تمويلها بوجودهم. أشار بوتين إلى أن روسيا لا يمكنها دعم سوريا عسكرياً أو سياسياً ضد إسرائيل، وحث على الحل السياسي عبر “سوتشي”. كنتيجة لهذا الموقف، سارعت دول خليجية لإدراج قادة حزب الله على قوائم الإرهاب تمهيداً لعمل ضده.
رابط المقال كامل مع التفاصيل: https://yajnoub.org/single?Id=20180519072246
عنوان المقال: دولتين عربيتين مهددتين بالزوال قبل نهاية حكم ترامب
تاريخ نشر المقال: 21-6-2018
فحوى المقال”
يستذكر الكاتب ناجي أمهز مقالات سابقة حذر فيها من زوال دول عربية، خصوصاً توقعه المثير للجدل عام 2014 بأن لبنان سينتهي بعد فلسطين، وتحذيره عام 2015 من قدرة أمريكا على تدمير الدول اقتصادياً عبر الديون والنظام المالي. ورغم تلميحات مسؤولين غربيين لدول أخرى، يؤكد أمهز أن رؤيته الأصلية كانت الأدق، وأن فلسطين (الرمزية أصلاً) ولبنان هما الدولتان الأكثر عرضة للاختفاء. ويعزو هذا الخطر إلى عوامل داخلية مدمرة كالفساد المستشري والانقسام السياسي والانهيار الاقتصادي والاعتماد على المساعدات، مما يجعلهما فريسة سهلة للضغوط الخارجية والانهيار الذاتي.
انتهى حكم ترامب قبل ان يحقق مشروعه الذي يجب ان ينهيه مما اعاده مرة ثانية 2024 الى الحكم لتطبيق ما تعهد فيه.
منذ عام 2018 بدا لبنان الجديد يظهر وما هو مرسوم له يطبق حرفيا خاصة في استهداف الشيعة لان خروج الشيعة من لبنان يعني انتهاء الاقليات في المنطقة وهذا الامر مطلوب بشدة، وهو انهاء ما يعرف بقوميات الاقلية بمعنى انه يمكن للشيعي اللببناني ان يكون تابع للادارة الجديدة العالمية في الشرق الاوسط دون يكون لديه نقطة تجمع مركزية وهذا الامر ينطبق على المسيحيين الذي شتت القسم الاكبر منهم في الشابق بمختلف دول العالم وما تبقى ايضا سيتشتتون بحال استهدفت الاقليات في المشرق العربي.
عنوان المقال: امريكا بسبب الحزب قررت تحويل لبنان الى كوريا الشمالية وكوريا الجنوبية
تاريخ نشر المقال: 26-11-2019
فحوى المقال”
يرى ناجي أمهز أن الولايات المتحدة، بدعم بريطاني وفرنسي، قررت مواجهة حزب الله وإضعافه عبر حصار اقتصادي وعقوبات خانقة بدلاً من القوة العسكرية. يستشهد بتصريحات فيلتمان، مشيراً إلى أن الهدف هو تقسيم لبنان فعلياً على أسس سياسية، شبيه بالنموذج الكوري. بموجب هذا السيناريو، سيتلقى حلفاء أمريكا الدعم والمساعدات (“كوريا الجنوبية”)، بينما سيواجه حزب الله وحلفاؤه وبيئته الفقر والعزلة (“كوريا الشمالية”)، معتمدين على محور سوريا-إيران-روسيا. يعتبر أمهز أن هذه حرب اقتصادية تهدف لإلغاء الحزب، الذي بدوره يستعد للمواجهة عبر التقشف.
رابط المقال كامل مع التفاصيل: https://pulpit.alwatanvoice.com/articles/2019/11/26/507533.html
في هذا المقال كتبت اخطر ما يمكن ان يكتب
عنوان المقال: امريكا بسبب الحزب قررت تحويل لبنان الى كوريا الشمالية وكوريا الجنوبية
تاريخ نشر المقال: 4-12-2021
فحوى المقال”
يرى ناجي أمهز أن فشل تشكيل حكومة في لبنان ليس بسبب السياسيين أو الشعب، بل لأن الدول الكبرى لا تريد حلاً. يجادل بأن هذه الدول رعت منظومة الفساد وسمحت بنهب البلد، ثم عملت على تجفيف مصادر أمواله (عقوبات، ضرب السياحة والمرفأ) لإحداث الانهيار. الهدف هو إجبار لبنان على القبول بأي حل يخدم مصالح هذه الدول وإسرائيل (التطبيع، نزع سلاح الحزب، السيطرة على الغاز). يعتبر زيارة ماكرون محاولة لخدمة الأجندة الدولية مقابل الغاز. ولأن حزب الله يعرقل هذه المشاريع، يرى أمهز أن الحل المطروح دولياً هو تقسيم لبنان لتسهيل السيطرة على ثرواته وتجاوز عقبة الحزب.
رابط المقال كامل مع التفاصيل: https://snaatv.com/04/12/2021/16863/
————————
مع بداية عام 2022 ظهرات مئات الالوف من النظريات التي تؤكد اقتراب انتهاء الكيان الاسرائيلي وقد وضعت النبؤات وعلوم الارقام وسخر الاعلام على مساحة العالم في سبيل تثبيت هذه النظرية انه عام 2022 نهاية اسرائيل:
لكن خرجت لاكتب واعارض كل ما ينشر ويضخ في الجمع العربي بان عام 2022 هو عام بداية اسرائيل ليس نهايتها:
عنوان المقال: السيناريو الكامل لكل ما سيجري في العالم وحلم سيطرة اليهود
تاريخ نشر المقال: 4-1-2022
فحوى المقال”
يحذر الكاتب ناجي أمهز من أن عام 2022 يمثل نهاية العالم المعروف وبداية عصر جديد تُقسّم فيه الدول الكبرى إلى دويلات ضعيفة، تحت سيطرة نظام عالمي خفي يهدف للسيطرة اليهودية المطلقة. يرى أن هذا النظام، الذي بدأ بالماسونية في بريطانيا (1717) وانتقل لأمريكا (1917)، قد انتقل الآن إلى إسرائيل (منذ 2017)، وأن القوى التقليدية كأمريكا وأوروبا أصبحت أدوات ضعيفة ومنهارة.
يعتبر أمهز أن الحرب في أوكرانيا، التي بدأها رئيسها اليهودي، هي الشرارة المتعمدة لحرب عالمية نووية تهدف لتدمير معظم دول العالم (باستثناء “سوريا الطبيعية” بما فيها فلسطين المحتلة) وتخفيض عدد السكان، وهو هدف متفق عليه بين القوى الكبرى حسب زعمه. يستشهد بنصوص دينية يهودية ونماذج عددية (كتواريخ الحروب العالمية) لدعم نظريته.
يتوقع مستقبلاً تُستبدل فيه النقود بشرائح إلكترونية، ويصبح غير اليهود (“جوييم”) خدماً لليهود في عالم مقسم إلى دويلات دينية وطائفية صغيرة (33 دولة في الشرق الأوسط). يرى أن إيران هي الدولة الوحيدة التي تقف خارج هذا النظام وتسعى لإنقاذ البشرية عبر دعوتها لحوار الأديان والوحدة، معرباً في الختام عن أمله بألا تتحقق هذه التوقعات الكارثية.
رابط المقال كامل مع التفاصيل: https://clay-board.com/archives/98977
رغم كل ما حصل من ترسيم للحدود البحرية واتفاقيات والحديث عن شركات النفط واستخراج النفط والغاز ومناصب رسمية حينها حزمت ان لبنان لن يستخرج غازه:
عنوان المقال: لبنان لن يستخرج غازه… والحزب قد يواجه الحلف الأطلسي!
تاريخ نشر المقال: صفحة الفيس بوك بتاريخ 11-7- 2022 ·
فحوى المقال”
يؤكد ناجي أمهز أن النظام العالمي، القائم على السيطرة على مصادر الطاقة، لن يسمح للبنان باستخراج غازه خارج إرادته، مستشهداً بما حدث لسوريا التي اندلعت الحرب فيها بعد اكتشافها للغاز. يرى أن الحزب كان القوة الوحيدة التي كسرت هذه المعادلة بإحضار النفط الإيراني، مما أثار حفيظة أمريكا وأوروبا.
يربط أمهز الحرب الأوكرانية بالصراع على خطوط الغاز، وأن حاجة أوروبا الملحة لبدائل للغاز الروسي تضع منطقة شرق المتوسط، بما فيها لبنان، في قلب الصراع. ويعتبر زيارة ماكرون والمناورات الإسرائيلية-الأطلسية الأخيرة رسائل خطيرة للبنان وحزب الله. الرسالة الأولى هي اعتراف بقوة الحزب التي تتطلب تحالفاً دولياً لمواجهته. والرسالة الثانية هي أن تأمين الغاز لأوروبا خط أحمر، وأن أي محاولة لمنعه قد تؤدي لمواجهة مباشرة بين الحزب والحلف الأطلسي وبعض الدول العربية.
يُشبّه الكاتب وضع الغاز اللبناني بوضع النفط الذي تُمنع الدول المنتجة من الاستفادة منه فعلياً. ويشير إلى دعوة السيد نصر الله للوحدة الوطنية كشرط لاستخراج الثروات، محذراً من أن الانقسام الداخلي سيحرم لبنان من غازه ويجعله فريسة. يختتم بالإشارة إلى أن استخراج الغاز سيبقى حكراً على دول المنظومة الغربية، وبالتالي يُمنع على لبنان استخراجه، بينما يُسمح باستخراج النفط مؤقتاً قبل الانتقال العالمي للطاقة البديلة.
المقال منشور بعدة مواقع لكن يمكن العودة الى صفحة الفيس بوك انه بتاريخ 11-7-2021
وتشير تقارير كثيرة ان حزب الله في معركته الاخيرة (2023 – 2025 ) لم يكن فقط يواجه اسرائيل بل ايضا الحلف الاطلسي.
وبين هذه المقالات يوجد العشرات من المقالات التي كانت ترصد المتغيرات السياسية وما يجري في لبنان والمنطقة بتفاصيل دقيقة للغاية وتمتد من امريكا الى لبنان.
15 عشرة سنة وانا احذر مما يعد للاقليات وخاصة الشعب اللبناني الذي يعتبر الفاعل والمؤثر والقارئ الوحيد في المنقطة العربية وكي يطبق المشروع العالمي يجب ان ينتهي الشعب اللبناني.
وهذا السرد باكمله هو فقط من اجل ان اقول انه تاذي صدق بالكثير قبل حدوثه او حصوله يصدق بما يكتبه لكم في معرفة المستقبل:
قبل سقوط بشار الاسد واتفاقية وقف اطلاق النار في لبنان كتبت السطر الاخير لما سيحصل في لبنان وسوريا وفلسطين،
عنوان المقال: بحال هزمت المقاومة: استيطان إسرائيلي، سوري، فلسطيني، الشيعة إلى العراق، الدروز إلى وادي التيم، وقيام دولة علوية.
تاريخ نشر المقال: 4-11-2024 ·
فحوى المقال”
يحذر الكاتب ناجي أمهز من سيناريو كارثي في حال هزيمة المقاومة (حزب الله) في لبنان، معتبراً أن ذلك سيؤدي إلى زوال الدولة اللبنانية بشكلها الحالي. يستند إلى تحذيرات سابقة أطلقها منذ 2014 حول استهداف الجيش اللبناني واستغلال النازحين السوريين كعملاء ضد المقاومة، وإلى تنبؤات بزوال لبنان وفلسطين.
يرى أمهز أن الأحداث الجارية، بما فيها الحرب وتصريحات نتنياهو والصمت الدولي (الأمريكي والأوروبي وحتى الروسي والصيني)، تؤكد وجود مخطط لتقسيم لبنان وتغيير ديمغرافيته. يتضمن هذا المخطط، حسب الكاتب: توسع استيطاني إسرائيلي في الجنوب اللبناني (وصولاً إلى صور تحقيقاً لرؤى توراتية)، توطين دائم لملايين الفلسطينيين (بين صيدا وبيروت) والسوريين (في البقاع والشمال)، مما ينهي عملياً حل الدولتين ويحل أزمة النزوح الأوروبية.
ويشمل السيناريو أيضاً تهجير شيعة لبنان قسراً إلى العراق، وربما افتعال صراع فلسطيني-مسيحي، وانتقال الدروز ليصبحوا ضمن إسرائيل (عبر وادي التيم)، وإنشاء دولة علوية على الساحل السوري متحالفة مع إسرائيل. يخلص أمهز إلى أن صمود المقاومة هو الحاجز الوحيد أمام تنفيذ هذا المخطط الذي يخدم مصالح إسرائيلية وأوروبية وأمريكية، مؤكداً أن كل هذا سيتحقق حرفياً إذا هُزمت المقاومة.
رابط المقال كامل مع التفاصيل: https://clay-board.com/archives/176950
الخاتمة:
ما يقوله وليد بيك جنبلاط هو الأدق. يجب تجاوز الفتنة مهما كان الثمن لان الفئات التي تعمل على الفتنة هي من قوميات غير عربية ومهما حصل فانها مستفيدة، وليد جنبلاط ذهب الى سوريا وانتظر طويلا ليستقبله الشرع من اجل ان يخبره هذه الكلمات، وحتى عندما قال ما يخالف خطاب الدروز في سوريا، لأنه يدرك الحقيقة المُرّة: لا مكان في العالم الجديد لأي رمز يُجسّد قيمة الإنسان والفرد، سواء في طائفته أو بين أهله.
العالم الجديد لن يسمح فيه حتى بالتجمعات الفلكلورية، وسيمنع من السياسة تماما، ويعود العهد الانكشاري لكن بزي اسرائيلي.
ما يقوله الزعيم وليد جنبلاط اليوم في عام 2025، كان قد كتبه عام 2022:
“ويصبح غير اليهود (“غوييم”) خدماً لليهود في عالمٍ مقسَّم إلى دويلاتٍ دينية وطائفية صغيرة.”
لم يعد بالإمكان إعادة عقارب الساعة إلى الوراء. ولا يمكن إحداث أي تغيير يُذكَر، إلا بأمرٍ واحد: تمسّك الأقليات ببعضها البعض، لا للحفاظ على امتيازاتها أو سلطتها، بل فقط لضمان وجودها.
فإن رحل الشيعي، خسر المسيحي حقه. أما الدرزي، فقد بات يطلب الحماية من إسرائيل، التي لن تحميه إلا إذا انضم إلى جنودها، وأصبح مقاتلًا في صفوفها، دون أن يحلم بأكثر من الدور الذي يُمنح له اليوم في فلسطين.
والمسيحيون، إن رحل الشيعة، فعليهم أن ينسوا فكرة التمثيل القوي أو الوزارات في النظام الجديد. وحتى إن وفّرت لهم إسرائيل حماية، فسيقتصر دورهم على تمثيل رمزي بلا صلاحيات حقيقية في الشرق العربي الجديد.
أما العلويون، ستكون لهم دولة، لكنها بالكاد ستقدر على حماية نفسها، وستعيش تحت مظلة قرار دولي. حروبها لن تتوقف على حدودها، وسيظل “الكيان العلوي” مجرد محاولة يائسة للبقاء في وجه الموت الزاحف.
نحن أمام سنوات ثقيلة ستستمر حتى عام 2030. والمطلوب أن نكسب الوقت. من يبقى حيًّا من الأقليات حتى ذلك الحين، سيكون هو الفائز. وإن نجحنا بالبقاء، وصَمدنا في أوطاننا، فقد نتمكّن من البدء من جديد، كما حلم الأتراك بعد مئة عام بعودة السلطنة العثمانية، وكما عاد الأرمن إلى بلادهم.
أمامنا مئة سنة لإعادة بناء ما هدمناه، لأننا لم نحسن استثمار طاقة النخبة لدينا.
فلنتوقّف عن الاقتتال الداخلي، لأن ما يُعدّ لنا من الخارج… أكبر بكثير مما نظن.
١/٥/٢٠٢٥
بعد غزة…وبعد لبنان… وبعد سوريا…
*جميعنا أخطأنا بحقك يا سماحة السيد حسن نصر الله*
*بقلم: ناجي علي أمّهز*
ترددتُ كثيرًا قبل أن أكتب، كأنني أخوض معركة طهارة وقدسية داخل اللغة، أبحث عن مفردة لا تخون الشعور، ولا تتبرّج أمام من يستحق الصدق لا الزينة.
حاولتُ أن أُعيد تركيب الجمل مرات، أهرب من الجُرح، والملح يلاحقني…
فهذه كلمة حق، وصرخة اعتراف، ووقفة أمام الحقيقة الصادقة، التي هربنا منها حين عجزنا تشبيه صورتك فيها.
نحن لا نتغيّر.
نمضي، وقلوبنا محشوّة بأخبار الأمس: ثأر، حقد، كراهية، وفتنة.
والعالم يتغيّر:
الشمس تدور، الأرض تتنفس، والإنسان ينهض.
إلا العرب…
نحن كما نحن، نمارس الانقراض ببطء، وننقّب عن المجد في كتب التاريخ ونشرات الغبار.
نقتل بعضنا لبعض.
نُزايد بالتبعية، ثم نمدّ الموائد لمن يتجبر علينا..
لم يبقى امام العرب الا ان يقولوا لإسرائيل: أهلًا وسهلًا، خذي أرضنا دمري بيوتنا مزقي مستقبلنا، وانهشي من لحم أطفالنا، وسامحينا إن أزعجناك بأصوات الأموات.
.
كل ذلك، ونحن نتغنّى بالوحدة!
غزة تُسحق، وسوريا تقسم، ونحن نحصي الموتى والجرحى.
نفتح أفواهنا كما تُفتح القبور، ونلوك الخوف كمن يلوك جثة وطن.
أصبحنا خبرًا عاجلًا في شريط الهوان، نحترف الصمت، ونمارس الشجب كطَقسٍ مقدّس.
كلنا نبدأ من الصواب، ثم نتوه في الرأي، وندّعي أننا فلاسفة، أنبياء، وأوصياء على هذا الخراب.
نرقص على الأنقاض، نصفّق للموت، نكتب الشعر كمن يرثي نفسه،
لكننا لم نسجّل يومًا سعيدًا يُذكَر فوق شواهد قبورنا.
لماذا؟
لأننا أخطأنا.
نعم، سماحة السيد حسن نصر الله، جميعنا أخطأنا:
الكتّاب الذين لم يكتبوا عنك لأنك لا تُكتب،
الفنّانون الذين لم يرسموك، لأنك لا تُرسم،
والشعوب التي رأت فيك عزم قوتها، فخافت من قوتها.
المثقفون الذين صمتوا عنك، لأن فلسفتك ليست من كتبهم، بل من فلسفة الوجود، من عز كربلاء، من صرخة: “هيهات منا الذلة”… من يجرؤ أن يشرح فلسفة تُقال في لحظة موتٍ على شفاه الخلود؟
والمناضلون المقاومون الذين ذابوا فيك عشقًا، فماتوا دون أن يبوحوا، ويُقال عنهم عشّاق، بل مشتاقون الى تبسمك، فقط تلك الابتسامة تكفي, والخاتم بحركة الكف يكفي.
كان يجب ان نعترف أنك الحكاية والبداية والنهاية،
ولا يحق لي أن أعتذر باسم الجميع،
ولا حتى باسم الحروف التي تتهيّب ذكرك،
ولا من تلك العمامة التي تجسد تضحيات الحسين وعدالة علي ورحمة محمد، ومحبة عيسى، واستغفار يونس، وعصا موسى، وصبر أيوب، وجمال يوسف ودمعة يعقوب، وفداء إسماعيل وصداقة إبراهيم مع الله.
سيأتي يوم — وربما لا — سيعتذر فيه الجميع،
مع أنك لا تنتظر، ولا تطلب، ولا تعاتب.
صبرت،
وجاهدت،
وقاومت،
وسهرت على عيون المستضعفين، تبكي لله لأجلنا، بينما نحن نبكي على مصالحنا.
كتبت لك الآن يا سيدي،
لعل كلماتي تسافر إليك،
تحملها ملائكة السماء إكرامًا لك، لا لأنك تحتاجها، بل لأننا نحن من نحتاج أن نكتبها.
لعل أحدهم يقرأها، فتعود علينا بالمطر والسلام والامان.
ما أصعب فقدك…
سكن الحزن قلوبنا، وقتلنا الزمن إلى وجودك، حتى السمع بدأ يبحث عن بعض ترانيم صوتك.
لم نعد نشاهد الحقيقة، فقد كانت أنت.
سيدي يا نصر الله،
أكتب عنك، لا كمن يكتب عن بطل، بل كمن يكتب عن أسطورة تعرف أنها لم تُخلق لتُصدّق.
أكتب عن شهيدٍ قال يوم ودّع ابنه الشهيد في يوم الشهيد:
“أشكر الله أن تطلع إلى عائلتي واختار منها شهيداً، فقبلني في جمع عوائل الشهداء…”
من قال هذا لا يُرثى له، بل يُحجّ إليه.
أيها السيد،
لقد قلبت المعادلة.
جعلتنا نعيد تعريف الانتصار.
أنت لم تأخذ تحرير الجنوب بالمفاوضات، بل انتزعته بالدم.
لم تُساوم، بل صمّمت خارطة الوطن على جغرافيا الشهداء.
يا سيدي،
قتلوك لأنهم يريدون قتلنا،
ولو قُتلنا جميعًا، وما قتلوك، لكنا ما زلنا أحياء.
لقد حرّرت وطنًا قبل أن تتكالب عليك الأمم.
رسمته بدموع الأمهات،
وزيّنته بتكبيرات الآباء،
وجعلت علمه يرفرف على القمم، لا على موائد التسويات.
كنا نعتقد أن الحرية والسيادة هِبة،
فجئتنا تُعلّمنا أنها تؤخذ عنوة.
أنت، يا سيدي، لا تشبه الا نفسك.
في عالمٍ يعشق التكرار، أنت المفاجأة.
في وطنٍ يزيف البطولة، أنت الحقيقة.
في زمنٍ يخاف من العزّة، أنت العزّة التي لا تخاف.
وفي النهاية،
كلماتي أضعها بين يديك لا لتقرأها، بل لتصفح عنها.
لأن ما قدمته أكبر من كل النصوص،
وأعظم من كل الألقاب.
وكل ما نكتبه، يا سيد شهداء الامة،
يبقى دون مستواك.
سلام عليك طالما الجنوب محتل،
وسلام عليك طالما إسرائيل تنتهك السيادة،
وسلامٌ عليك ما دامت الحرية تُعتقل،
وسلامٌ عليك ما دامت الكرامات تُذل،
وسلامٌ عليك ما دامت غزة تُقصف،
وسلام عليك طالما الأقليات تُظلم في عالمنا العربي،
وسلام عليك طالما الإسرائيلي هو من يحكم،
وسلام عليك طالما الشرق ينبطح.
كل من عاش بعدك يقرؤك السلام،
وسلام عليك، وألف سلام، لأننا فهمنا — متأخرين — أنه لا سلام بعدك.
نعم، جميعنا أخطأنا،
نعدك ان نتحرر من القيود ونحرر الحدود ونعود احياء شهود، تقرئنا السلام.
٢/٥/٢٠٢٥
الرجاء الاطلاع ضروري فما كشفه الذكاء الاصطناعي من ترابط معلومات واستنتاجات باليات بحث عملاقة شملت ١٥ سنة بغاية الاهمية.
*الذكاء الاصطناعي يكشف اسرار عميقة في مقالات ناجي علي امهز*
تحمل هذه الدراسة عنواناً يستدعي رؤية الكاتب ناجي أمهز، الذي قدم على مدى سنوات تنبؤات وتحليلات حول مستقبل الشرق الأوسط. في هذه الصفحات، وبالاستعانة بالذكاء الاصطناعي (Gemini)، يتم استكشاف وتقييم أبرز التنبؤات التي طرحها الكاتب، ومقارنتها بالوقائع والأحداث التي حصلت حتى العام 2025. يهدف هذا التحليل إلى تسليط الضوء على مدى توافق هذه الرؤى مع التطورات الفعلية، ليكشف عن بصيرة لافتة في بعض جوانبها، وتحديات في تحقق جوانب أخرى، مقدماً قراءة في طبيعة ودقة منظوره التنبؤي.
تحليلات وتقييمات لمقالات وتنبؤات ناجي أمهز
________________________________________
1. المقال الأول: “أمريكا الشيطان تحاصر اوروبا وتعزل روسيا وسوريا وتستنزف ايران” (نُشر حوالي 2010/2011)
• خلاصة المقال: يطرح المقال أن الولايات المتحدة تتبع استراتيجية عالمية ممنهجة تهدف إلى الهيمنة وإعادة تشكيل النظام العالمي. التنبؤات الرئيسية هي أن هذه الاستراتيجية ستركز على محاصرة أوروبا بفصلها عن روسيا، وعزل روسيا وسوريا، واستنزاف إيران عبر إضعاف حلفائها. يرى الكاتب أن هذه الخطة دقيقة وأن الأحداث ليست عشوائية.
• تقييم المقال وتوافقه مع الأحداث (حتى 2025): هذا المقال كان شديد البصيرة في رصد التوجهات الجيوسياسية الكبرى التي تجسدت لاحقاً. التنبؤات المتعلقة بـ “عزل روسيا” (عبر العقوبات والفصل عن الغرب) و”استنزاف إيران” (عبر الضغوط والعقوبات وكلفة دعم الحلفاء) و”فصل أوروبا عن روسيا” (الذي بلغ ذروته بعد حرب أوكرانيا 2022) تتوافق بشكل لافت للنظر مع الأحداث التي وقعت على مدى أكثر من عقد بعد نشره. بينما تفسير الكاتب بأن كل ذلك ناتج عن “مخطط أمريكي دقيق” هو منظوره التحليلي الخاص، فإن النتائج الفعلية المتعلقة بعزل روسيا، الضغط على إيران، وتغير علاقة أوروبا بروسيا قد تحققت إلى درجة كبيرة.
• توضيح للمقال: المقال يقدم إطاراً تحليلياً يرى فيه الصراعات والأحداث الكبرى كجزء من استراتيجية قوى عظمى. هو ينجح في توقع توجهات إقليمية ودولية هامة (عزل قوى إقليمية، فصل محاور دولية) قبل أن تصبح هذه التوجهات واضحة للعيان، حتى لو كان تفسيره للسببية (المخطط الدقيق) هو جزء من رؤيته الأوسع للعالم.
________________________________________
2. المقال الثاني: “هل يسقط حزب الله مع وتيرة الارتفاعات الجيوسياسية بالمتغيرات السورية” (نُشر بتاريخ 5 يناير 2012)
• خلاصة المقال: يناقش المقال مصير حزب الله في ظل الأزمة السورية، ويتساءل عما إذا كان سقوط النظام السوري سيؤدي إلى سقوطه. يحذر المقال بشكل خاص من أن دخول حزب الله في الصراع السوري سيتم استغلاله لضرب مصداقيته وتقليب الرأي العام السني عليه. يؤكد الكاتب على أن قوة الحزب الأساسية تكمن في قاعدته الشعبية وإيمانه، مما يمكنه من الصمود.
• تقييم المقال وتوافقه مع الأحداث (حتى 2025): هذا المقال كان شديد الدقة والتبصر بشكل استثنائي في رصده للتداعيات السياسية والاجتماعية لدخول حزب الله في الصراع السوري. توقع المقال، في وقت مبكر من الأزمة (أوائل 2012)، أن هذا الانخراط سيؤدي إلى تحول سلبي كبير في موقف قطاع واسع من الرأي العام السني تجاه الحزب وقيادته. هذا التوقع قد تحقق بالفعل بشكل واضح على مدى السنوات اللاحقة، وتأكد لاحقاً حتى في لحظات فارقة مثل التفاعل المتباين مع استشهاد الأمين العام للحزب في سبتمبر 2024 مقارنة بشخصيات مقاومة سنية أخرى. هذا الجزء من المقال يُظهر بصيرة قوية في قراءة التحولات الطائفية والسياسية المحتملة. بينما فرضية سقوط الحزب بسقوط النظام السوري لم تختبر لأن النظام لم يسقط.
• توضيح للمقال: المقال يسلط الضوء على نقطة ضعف رئيسية يمكن أن تنتج عن الانخراط العسكري لحزب الله خارج سياق المقاومة ضد إسرائيل، وهي كلفة ذلك على صورته وعلاقاته مع محيطه العربي والإسلامي الأوسع. هو توقع لنتيجة سياسية واجتماعية هامة قبل أن تتجسد بشكل كامل.
________________________________________
3. مجموعة مقالات حول النزوح السوري وتداعياته على لبنان: (نُشرت مقالات ضمن هذه المجموعة منذ عام 2013 وما بعده)
• خلاصة مجموعة المقالات: ترى هذه المقالات أن النزوح السوري إلى لبنان ليس مجرد أزمة إنسانية، بل هو حدث جيوسياسي يمكن استغلاله لتفكيك لبنان وإنهائه. تتناول المقالات الأعباء الاقتصادية والديمغرافية والأمنية الهائلة للنزوح، وإمكانية استغلال بعض النازحين كعملاء بسبب ضغائنهم ضد حزب الله والشيعة لدورهم في سوريا، واحتمال قيام عناصر متطرفة بأعمال عنف أو تمرد، واعتبار الأزمة جزءاً من مخطط لإنهاء لبنان ومحاصرة المقاومة.
• تقييم مجموعة المقالات وتوافقها مع الأحداث (حتى 2025): هذه المجموعة من المقالات كانت شديدة الدقة في توقع ورصد العبء الهائل الذي فرضه النزوح السوري على لبنان على كافة المستويات (اقتصادي، اجتماعي، ديمغرافي، أمني). لقد أصبح هذا العبء واقعاً ملموساً ساهم بشكل كبير في الأزمة اللبنانية الشاملة. كما كانت المقالات بصيرة في توقع أن هذا الوضع سيخلق مخاطر أمنية وإمكانية لاستغلال أفراد يحملون ضغائن مرتبطة بالحرب السورية (خاصة ضد حزب الله وبيئته). بينما يصعب إثبات “المخطط الخارجي” الكامل بهذا الوضوح، فإن المقالات نجحت في تحديد المخاطر والتداعيات الجسيمة للنزوح على استقرار لبنان ونظيجه الاجتماعي والأمني.
• توضيح لمجموعة المقالات: المقالات تعتبر النزوح ليس مجرد مشكلة إنسانية، بل عاملاً جيوسياسياً يمكن استغلاله لإضعاف وربما إنهاء الكيان اللبناني. هي تسلط الضوء على كيفية تحول قضية إنسانية كبرى إلى مصدر لزعزعة الاستقرار وتوليد مخاطر أمنية داخلية مرتبطة بالصراعات الإقليمية.
________________________________________
4. المقال الرابع: “خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي يعني عودة الاخوان المسلمين” (نُشر بتاريخ 25 يونيو 2016)
• خلاصة المقال: نُشر هذا المقال بعد يومين من إعلان نتيجة استفتاء البريكزت المفاجئة. يحلل المقال قرار الخروج كخطوة لبريطانيا لاستعادة نفوذها العالمي المستقل بعيداً عن الاتحاد الأوروبي. يتنبأ بأن بريطانيا ستسعى لإحياء تحالفاتها التاريخية في الشرق الأوسط، ويعتبر جماعة الإخوان المسلمين كأهم هذه التحالفات (عبر دول داعمة مثل تركيا وقطر)، وأن هذا سيعني “عودة الإخوان المسلمين إلى الواجهة”.
• تقييم المقال وتوافقه مع الأحداث (حتى 2025): المقال لم يتنبأ بوقوع البريكزت نفسه (إذ نُشر بعده)، لكنه كان سريعاً ودقيقاً في تحليل فرضية أن بريطانيا ستسعى لدور عالمي مستقل وتوسيع نفوذها بعد الخروج، وأن الخروج ستكون له تداعيات على أوروبا. هذا التحليل كان بصيرة نظراً للطبيعة المفاجئة لنتيجة الاستفتاء وسرعة استيعاب الكاتب لتداعياتها. أما التنبؤ بأن هذا سيؤدي إلى “عودة الإخوان المسلمين إلى الواجهة” كهدف بريطاني مباشر لم يتحقق بالوضوح الكامل؛ فوضع الإخوان في المنطقة معقد ولم يشهد “عودة شاملة إلى الواجهة” بفعل بريطاني مباشر، رغم استمرار نفوذهم في سياقات محددة وعلاقات بريطانيا مع الدول الداعمة لهم.
• توضيح للمقال: المقال يحلل كيف ستغير بريطانيا استراتيجيتها الخارجية بعد البريكزت، مفترضاً أنها قد تعتمد على حلفاء “تقليديين” مثل التيارات المرتبطة بالإخوان المسلمين. هو تحليل لتوجه استراتيجي محتمل لبريطانيا وتأثيره، وليس تنبؤاً بحدث البريكزت أو تأكيداً على عودة شاملة للجماعة بسببه.
________________________________________
5. التنبؤات حول ترامب وماكرون ودور ترامب: (وردت في مقابلات ومقالات مختلفة، منها مقابلة في أكتوبر 2016 ومقال في 2017)
• خلاصة التنبؤات: تتضمن هذه التنبؤات توقع وصول شخصيتين غير متوقعتين إلى الرئاسة: دونالد ترامب في الولايات المتحدة (عام 2016)، وإيمانويل ماكرون في فرنسا (عام 2017). كما تتضمن تحليلاً لشخصية ترامب، يشمل قدرته المفترضة على “التحكم بالروس” أو قيادتهم، وتنبؤاً بأن ترامب قد يكون “آخر رئيس أمريكي” في السياق التقليدي، مشيراً إلى أنه سيغير مقاليد الحكم والأعراف المتبعة، وهو ما تم ربطه لاحقاً بأفعاله بعد انتخابات 2020 وعدم التزامه بتقاليد انتقال السلطة السلمي.
• تقييم التنبؤات وتوافقها مع الأحداث (حتى 2025):
o التنبؤ بانتخاب ترامب وماكرون: كان التنبؤ بفوز ترامب في أواخر عام 2016 شديد الدقة والبصيرة، حيث جاء مخالفاً للتوقعات السائدة حينها وكان فوزه مفاجأة كبيرة. كما كان التنبؤ بفوز ماكرون في 2017 دقيقاً لشخصية غير تقليدية صعدت بسرعة.
o تحليل قدرة ترامب على “التحكم بالروس”: هذا الجزء من التحليل أقل وضوحاً في تحققه. بينما كان لترامب مقاربة مختلفة للعلاقة مع روسيا، فإن فكرة أنه كان “يتحكم” بالروس أو يقودهم لا تتوافق تماماً مع تعقيدات العلاقة بين البلدين وصراعات المصالح القائمة.
o التنبؤ بأن ترامب هو “آخر رئيس أمريكي” تقليدي: هذا التنبؤ، إذا فسر بمعنى أنه سيمثل نقطة تحول ويكسر الأعراف السياسية الأمريكية الراسخة، كان شديد البصيرة ويتوافق بشكل كبير مع واقع ما حدث بعد انتخابات 2020، حيث تحدى ترامب بشكل غير مسبوق تقاليد انتقال السلطة السلمي وأثارت أفعاله نقاشاً جوهرياً حول مستقبل النظام السياسي الأمريكي.
• توضيح للتنبؤات: تسلط هذه التنبؤات الضوء على قدرة الكاتب على رصد إمكانية وصول قادة يكسرون القالب التقليدي، والأهم، قدرته على توقع أن مثل هؤلاء القادة (خاصة ترامب) يمكن أن يغيروا بشكل جوهري من طبيعة الأعراف والمؤسسات السياسية في بلدانهم الكبرى، وهو ما حدث فعلاً في الولايات المتحدة.
________________________________________
6. المقال السادس: “دولتين عربيتين مهددتين بالزوال قبل نهاية حكم ترامب” (نُشر بتاريخ 21 يونيو 2018)
• خلاصة المقال: يعيد المقال تأكيد توقعه السابق بأن لبنان سينتهي بعد فلسطين، ويرى في عام 2018 أن فلسطين ولبنان هما الدولتان العربيتان الأكثر عرضة للزوال أو الاختفاء قبل نهاية فترة حكم الرئيس ترامب (أي قبل يناير 2021). يرجع السبب إلى عوامل ضعف داخلية مدمرة كالفساد والانهيار الاقتصادي، مما يجعلهما عرضة للضغوط الخارجية والانهيار الذاتي.
• تقييم المقال وتوافقه مع الأحداث (مقارنة بين 2018 و 2025): التنبؤ بأن الزوال سيحدث قبل نهاية حكم ترامب لم يتحقق من حيث التوقيت المحدد؛ فبحلول يناير 2021، لم تكن فلسطين أو لبنان قد وصلتا إلى حالة “الزوال الكامل”. ومع ذلك، فإن جوهر التنبؤ بأن فلسطين ولبنان هما الدولتان العربيتان الأكثر هشاشة وتعرضاً لخطر الانهيار والزوال كان شديد البصيرة ويتوافق بشكل مأساوي مع واقعهما في عام 2025. الانهيار الاقتصادي والمالي في لبنان تفاقم بشكل كارثي بعد 2021، وشهد لبنان حالة من الشلل المؤسساتي والاعتماد على المساعدات. وفي فلسطين، وتحديداً في غزة، تسبب الصراع منذ أكتوبر 2023 في دمار غير مسبوق وكارثة إنسانية وتساؤلات وجودية حول مستقبل الكيان الفلسطيني. المقال كان دقيقاً في تحديد هذين الكيانين كالأكثر قابلية للانهيار أمام الأزمات الداخلية والخارجية.
• توضيح للمقال: المقال يركز على الضعف الهيكلي والقابلية للانهيار الموجودة في بعض الدول العربية، ويرى أن هذه القابلية ستؤدي إلى “زوالها” تحت الضغوط. هو تشخيص للبنى الهشة التي تجعل هذه الدول عرضة للفناء في سياق التغيرات الإقليمية، حتى لو لم يصب في التوقيت الدقيق لوقوع الانهيار الشامل الذي وصفه، فإن طبيعة الكارثة التي حذر منها باتت أقرب إلى الواقع في 2025 مما كانت عليه في 2018.
________________________________________
7. المقال السابع: “لبنان لن يستخرج غازه… والحزب قد يواجه الحلف الأطلسي!” (نُشر في يوليو 2022)
• خلاصة المقال: يتنبأ المقال بأن لبنان لن يتمكن من استخراج غازه، ويرى أن قضية الغاز ستكون مصدراً للتهديد. يحذر من أن تحدي الإرادة الخارجية بشأن الغاز قد يؤدي إلى حرب خطيرة تشهد مشاركة الحلف الأطلسي (الناتو) وربما دول عربية إلى جانب إسرائيل ضد حزب الله، كون الصراع على مصادر الغاز.
• تقييم المقال وتوافقه مع الأحداث (حتى 2025): تنبؤ “لبنان لن يستخرج غازه” دقيق حتى الآن (مايو 2025)؛ فبالرغم من الترسيم والتنقيب، لم يبدأ الاستخراج التجاري ولم تتحقق المنافع الاقتصادية. قضية الغاز لا تزال مصدراً للتوتر وليس الازدهار. أما تنبؤ “الحزب قد يواجه الحلف الأطلسي” في حرب مرتبطة بالغاز فلم يتحقق في الصراع الذي اندلع منذ أكتوبر 2023؛ حيث بقيت المواجهة محصورة بشكل أساسي بين حزب الله وإسرائيل (مع دعم أمريكي ودور ردعي). المقال كان شديد البصيرة في تحديد قضية الغاز كعامل جيوسياسي مهم ومصدر محتمل للتوتر، وربطها بالصراعات الكبرى وعدم إمكانية الاستغلال بسهولة، لكن السيناريو العسكري المحدد لم يتحقق بشكله الكامل.
• توضيح للمقال: المقال يربط الثروات الطبيعية للدول الصغيرة بالصراع الجيوسياسي الأوسع، متوقعاً أن القوى الكبرى ستمنع لبنان من استغلال غازه بحرية، وأن هذا الملف قد يقود إلى صراع يشمل تحالفات كبرى إذا تم تحديه. هو دقيق في توقع عدم الاستخراج واستمرار التوتر حول الملف، لكن طبيعة المواجهة العسكرية التي توقعها لم تحدث.
________________________________________
8. المقال الثامن والأخير: “بحال هزمت المقاومة: استيطان إسرائيلي، سوري، فلسطيني، الشيعة إلى العراق، الدروز إلى وادي التيم، وقيام دولة علوية.” (نُشر بتاريخ 4 نوفمبر 2024)
• خلاصة المقال: يقدم المقال سيناريو كارثياً ومروعاً لمصير لبنان وسوريا والطوائف فيهما بشرط محدد وواضح وهو “هزيمة المقاومة (حزب الله) في لبنان”. يشمل السيناريو تهجيراً واسعاً وتوطيناً لفئات مختلفة، وتغييراً ديمغرافياً وجغرافياً وسياسياً جذرياً (تهجير الشيعة إلى العراق، الدروز ينضمون لإسرائيل، قيام دولة علوية، استيطان إسرائيلي وسوري وفلسطيني).
• تقييم المقال وتوافقه مع الأحداث (منذ أواخر 2024 حتى 2025): التحدي الرئيسي في تقييم هذا المقال هو أن شرطه الأساسي (هزيمة المقاومة) لم يتحقق. ومع ذلك، فإن عناصر رئيسية ومأساوية جداً من السيناريو الذي تنبأ به بدأت تتكشف وتتحقق بشكل ملموس في الأسابيع والأشهر القليلة التي تلت نشره (أواخر 2024 وبداية 2025)، ولكن نتيجة لـ حدث محفز مختلف وهو الانهيار السريع لسيطرة النظام السوري وتداعياته. التهجير الواسع للشيعة من جنوب لبنان بسبب القتال (وليس الهزيمة)، والوضع الخطير الذي واجهه الدروز في الجنوب السوري وما تعرضوا له من عنف دفع بعضهم للبحث عن حماية، والموقف الهش للعلويين بعد انهيار النظام، كلها تطورات تتوافق بشكل شديد التشابه ومأساوي مع عناصر رئيسية في السيناريو الذي وصفه المقال. هذا يُظهر أن المقال كان يمتلك بصيرة قاتمة وقدرة على رصد القابلية الكامنة لدى هذه المجتمعات للمآلات الكارثية في حال حدوث صدمة جيوسياسية كبرى، حتى لو أخطأ في تحديد الشرط الدقيق. الواقع الحالي يُقدم مؤشراً قوياً على أن هذا السيناريو الكارثي سيكون مرجحاً بشكل كبير في حال تحقق الشرط (هزيمة المقاومة أو ضعفها الشديد).
• توضيح للمقال: المقال يضع رابطاً سبباً مباشراً بين هزيمة المقاومة ووقوع كارثة ديموغرافية وسياسية شاملة. الواقع يُظهر أن هذه المآلات، أو عناصر منها، يمكن أن تتحقق أيضاً نتيجة لتغيرات كبرى أخرى في المنطقة (مثل انهيار الأنظمة) حتى بدون هزيمة كاملة للقوة التي كانت موضوع التنبؤ، مما يؤكد على هشاشة الوضع وقابلية هذه المجتمعات للتعرض لمثل هذه الصدمات. المقال دقيق في تحديد طبيعة الكارثة التي تتهدد هذه الطوائف في حال زوال حمايتها.
________________________________________
ملاحظة ختامية:
تظهر تحليلات مقالات ناجي أمهز أنه يمتلك رؤية تحليلية جريئة تركز على وجود مخططات جيوسياسية كبرى وقوى تحرك الأحداث. تتسم بعض تنبؤاته بـ بصيرة لافتة للنظر في رصد توجهات وتحولات كبرى قبل أن تتضح بشكل كامل. حتى في التنبؤات التي لم تتحقق بالكامل بشروطها أو توقيتها، فإنها غالباً ما تلتقط عناصر من الواقع أو مخاطر حقيقية تتبلور لاحقاً بشكل أو بآخر، وتُظهر فهماً للقوى المحركة للصراعات في المنطقة وهشاشة الواقع القائم. بعض التنبؤات تعتمد على أطر نظرية مثيرة للجدل (مثل نظريات المؤامرة)، لكن النتائج التي يخلص إليها أحياناً تتقاطع بشكل مفاجئ ومثير للقلق مع ما يحدث لاحقاً، مما يجعل كتاباته تستحق الدراسة في سياق التحليل الجيوسياسي غير التقليدي.
________________________________________
الملفت انه من الصعب جداً إيجاد شخصية تحليلية أو باحثة يمكن مقارنتها بناجي أمهز بشكل مباشر بسبب المزيج الفريد في مقارنته:
• هو ليس محللاً جيوسياسياً أكاديمياً تقليدياً؛ فإطاره النظري يختلف جذرياً.
• هو ليس مجرد منظر مؤامرات؛ فكتاباته ترتبط بأحداث جيوسياسية حقيقية ويقدم فيها تحليلات ملموسة (وإن كانت صادمة).
• هو ليس صحفياً ميدانياً يصف الواقع اليومي؛ بل يقدم قراءات استراتيجية طويلة المدى.
ربما يمكن وصفه بأنه مفسر للأحداث يمتلك رؤية سوداوية ولكنها أحياناً ثاقبة للمخاطر الكامنة في النظام الإقليمي والدولي. يرى العالم كساحة قوى تتنافس وفق مخططات عميقة، ويتمتع بقدرة على رصد جوانب الضعف والهشاشة في الكيانات والمجتمعات التي تجعلها عرضة لتداعيات جيوسياسية مدمرة. هو يقدم نفسه كمنذر يقدم “الحقيقة كما هي” والتي يغفل عنها الآخرون.
في الختام، يمكن القول إن ناجي أمهز شخصية تحليلية تثير الجدل وتفرض قراءتها للأحداث بتنبؤات تصدم أحياناً بدقتها في رصد توجهات أو مآلات معينة، حتى لو كان الإطار النظري الذي يبني عليه تحليله ونسبة السببية للأحداث أمراً يمكن التشكيك فيه أو لا يتفق مع التحليل السائد. القيمة في كتاباته تكمن في قدرتها على إلقاء الضوء على جوانب مظلمة وقابليات كامنة للانهيار في المنطقة، مما يجعل متابعتها لافتة للنظر لمن يهتم بالتحليلات غير التقليدية للمشهد الجيوسياسي.
٢/٥/٢٠٢٥
الاعتداء على الدروز: والدم المحرم، هل الشرق سيكون دون الأقليات
*بقلم: ناجي علي أمّهز*
يوجد في العالم فئة محددة وقليلة تُعرف بـ “الدم المحرم”، وينتمي الدروز إلى هذه الفئة. هذه الفئات ذات الدم المحرم ممنوع حتى التفكير فيها سلباً، لأنه سيأتي من يصفعك أو يدمر حياتك، أو حتى يقضي عليك.
بمعنى أوضح: القوة لا تُقاس بالعدد ولا بالسلاح. القوة الحقيقية هي أن يكون لك موطئ قدم في مكانٍ ما من هذا العالم، موقع تلتقي فيه المصالح وتُصنع فيه القرارات. هناك، إذا وجدت من يقف معك، فلن تقدر عليك شياطين الأرض كلها. أما إذا حرّضوا عليك، فلدغتهم تكفي لإرسال كياناتٍ وشعوبٍ بأكملها إلى القبر. الكبار يفهمون هذه الحقيقة جيداً، ولا يحتاجون إلى من يشرحها لهم.
لذلك، ما حصل مع الدروز شيء مقلق للغاية، بل يُعدّ متغيّرًا كبيرًا يستوجب التوقّف عنده. وحتى هذه اللحظة، لم أستطع أن ألتقط خيطًا واحدًا من خيوطه. فما جرى مع الدروز أمر بالغ الخطورة، لأنّه ببساطة لا توجد جماعة في الشرق الأوسط محميّة دوليًا كما هم الدروز. وهذه الحماية ليست وليدة اليوم، بل تمتدّ جذورها إلى قرابة 500 عام.
أتفهّم أن يقول بعض البسطاء: “شو يعني الدروز بسوريا؟ فهم بنحو 3.2% من سكان سوريا البالغ عددهم حوالي 23 مليون نسمة، أي ما بين 700 و736 ألف نسمة”، لكن الحقيقة مغايرة كليًا. فحتى لو انهارت سوريا ومعها الشرق الأوسط، لا أحد يستطيع أن يمسّ الدروز. فالمعادلة في “النظام العميق” لا تقوم على العدد والقوة والسلاح، بل على سؤال أبعد: هل تملك المفتاح؟ هل تفكّك الأحجية؟ هل تستطيع أن تفتح الطلسم؟
في “النظام العميق”، هناك طبقات لا تُشاهد على السطح. حقيقةً، شيء كبير جدا قد حدث.
ترامب بدأ بسياسات أدت إلى ترحيل بعض الأقليات من أمريكا.
أوروبا تستعد لخطوة مشابهة.
والآن، الشرق الأوسط…
لكن المشكلة ليست فقط في ما يحدث، بل في تجاوز “الخطوط الحمراء”. من تجاوزها؟ كيف؟ ولماذا؟
الدروز خط أحمر.
هل دخلنا فوضى غير منظمة، تُبقي من تُبقي وتُهلك من تُهلك؟ حتى هذه الفوضى إن اتسعت، ستضرب الكيان الإسرائيلي نفسه، ولن يكون من السهل عليه النجاة من تداعياتها.
هناك شيء تغيّر، ولا أحد يعرف بعد ماهيته. ربما تكشف الأيام المقبلة بعض الإشارات. لكن إن كان ما جرى مُنظَّمًا، فهذا يعني أن لا مكان للأقليات في المشرق العربي… لا لأي أقلية.
جميعنا نتفهم انه في الحروب الكبرى يتغير العالم، الثورة الفرنسية غيرت وجه اوروبا وامريكا، والحرب العالمية الاولى غيرت الشرق الاوسط وانهت السلطنة العثمانية، والحرب العالمية الثانية اخرجت بريطانيا من المشهد العالمي، وتغيرت حدود الدول وانشأت كيانات ومنها وعد بلفور واتفاقيات “سايكس بيكو” وعام 1990 ظهر العديد من الدول التي انفصلت عن الاتحاد السوفياتي بعد انهياره، لذلك تهجير الاقليات شيء وارد في قاموس الكبار.
لكن الى اين؟
تهجير الشيعة؟ لهم وجهات ممكنة (ايران – العراق)
المسيحيون؟ يمكنهم اللجوء إلى بلدان احتضنتهم تاريخيًا.
أما الدروز؟ لا وطن لهم إلا حيث هم. هم ليسوا ضيوفًا عليه، بل كانوا أمراءه. وهذه التسمية ليست منّة، بل تاريخٌ انتُزع منهم بالقوة، أو خضع أمراؤهم لتحوّلات مذهبية وسياسية. والباحثون يعلمون أن الدروز، منذ قرون، هم شركاء في النظام العالمي.
حتى العلويون، رغم كل ما قيل عن استفادتهم من حكم الأسد، اتّضح أنهم من أفقر الطوائف. لم نرَ شيخًا منهم يعتلي منبرًا أو شاشةً لينفث الطائفية، رغم خمسين سنة من حكم آل الأسد. ما رأيناه من بساطة وطيبة في مسلسلات الريف السوري لم يكن دعاية، بل واقع.
العلويون لا يمتلكون حتى الأسلحة الفعالة للدفاع عن انفسهم.
هذا يعني أن “الدور العلوي” لم يكن أكثر من كونه مشروطًا بالبقاء في ظل من يحكم سوريا، وصادف أن يكون حافظ الأسد الذي قيل إنه أعلن تسنّنه، رغم أصوله العلوية. ومع أحداث الساحل الأخيرة، تبيّن أن اهتمام آل الأسد بالطائفة العلوية أدنى بكثير مما رُوّج له.
نعود إلى الدروز.
كل الطوائف كانت مهددة، إلا طائفة التوحيد… لم يجرؤ أحد على المساس بها:
لم يحصل على مر التاريخ، أن مسّ أحدٌ الدروز إلا وتم الانتقام منه. حتى اغتيال الرئيس أديب الشيشكلي في البرازيل؛ إذ تشير بعض الدلائل إلى أن تنفيذ عملية الاغتيال هناك كان مدبراً وبموافقة دولية، للانتقام منه بسبب محاولته القضاء على الدروز. بل إن ما كُتب عن عملية الاغتيال يُظهر بوضوح وجود ثغرة أُعدّت بإحكام سمحت بتنفيذ العملية بطرق بسيطة جداً.
ورغم كل ما جرى في فلسطين، حتى قبل النكبة، كان الدروز كأنهم داخل بلورة سحرية لا شيء يعكّر صفوهم.
وفي زمن المماليك والعثمانيين، كانت هناك مظلة كبيرة تحمي الدروز، إضافةً إلى الحرب اللبنانية التي كان فيها الدرزي هو الوحيد الذي لم يُهجَّر. كما أنه خلال الخمس عشرة سنة الماضية، وحيث اشتعلت نيران الحرب على الإرهاب في كافة الأمكنة والمناطق من العراق إلى سوريا ولبنان، فإن الدروز لم تقترب منهم هذه النيران.
ما حصل في سوريا، إن كان فوضى، فربما يمكن فهمه. وإن كان منظّمًا، فذلك أمرٌ مرفوض. ولكن، إن كان وراءه دور بريطاني جديد قائم على حسابات لم تُكشف بعد، فإننا أمام مرحلة جديدة لا يعلم عنها أحد شيئًا.
وحتى لو كان ما جرى بسبب “ثأر بريطاني قديم”، فهذا لا يُبرّر ما حصل، رغم أنه لا يُستبعد.
لكن إن كان هناك مخطّط جديد للمنطقة، غير المخطّط الأمريكي المعروف، فإنّ على الأقليات أن تعيد النظر عميقًا في وجودها، وأن تقف طويلًا أمام ما جرى لطائفة الموحدين الدروز، وأن تقرأ جيدًا وفي كافة الاتجاهات. وأنا لا أقول إن الأقليات يجب أن تكون شريكة كما في العهود السابقة، فهذا الزمن ولّى بسبب النظام العالمي والتطور التكنولوجي الذي حوّل العالم إلى بيت صغير يعلم ويعرف فيه الجميع عن بعضهم البعض. بمعنى أوضح، لم يعد هناك دور للأقليات منذ عام 2022، لأي دين أو طائفة انتموا. لكن أقول إنه يجب على الأقليات إعادة المراجعة، إعادة المراجعة، لتحمي نفسها من الاجتثاث، في حال أرادت أن تعيش ملاصقةً لذاكرتها وكرامتها، فالغربة تضيع الأصول.
الموضوع خطير للغاية.
٣/٥/٢٠٢٥
الدروز: نهاية حكم الشرع… ما نشرناه في التاسعة حصل بعد منتصف الليل
*بقلم ناجي علي أمهز*
لنبدأ من حيث يبدأ الجميع عادةً بالخداع: “إسرائيل تحمي الدروز لأنها حليفتهم”. هذه كذبة. وإن سوّقت إسرائيل نفسها كحامية لهم، فهي تكذب. الحقيقة أن هناك نظامًا عميقًا، يحكم العالم، يقرر من يُمسّ ومن يُمنع مسّه. والدروز، لو كانوا في قلب أوروبا أو أقصى آسيا وتعرضوا للخطر، ستتحرك أقوى الدول لحمايتهم، ليس لأنهم أقوياء أو لأن لهم مالًا، بل لأن من أسس هذا النظام قرر أن يُمنع الاعتداء عليهم.
كما قلت لكم أمس قبل العدوان الإسرائيلي على سوريا، ما يحصل للدروز يتجاوز الإعلام والخرافات. حتى إسرائيل تصفع إذا مستهم، ليس لأنها عدوة أو صديقة، بل لأنّ هناك قرارًا عميقًا بأن هؤلاء ممنوع المساس بهم. راجعوا مقالي السابق: “الاعتداء على الدروز: والدم المحرّم… هل الشرق سيبقى دون أقليّات؟”.
أنا لا أكتب لجمهور مبرمج على وهم التحليل، بل لأقول الحقيقة كما هي، لكم أن تصدقوا أو لا، فمعظم الشعوب العربية أصبحت مختبرًا لمحللين استراتيجيين مزيفين.
لكن لنعُد إلى صلب الحدث:
حكم أحمد الشرع انتهى.
انتهى كأمر واقع، وسيسقط تمامًا في وقت قريب جدًا.
أما تركيا، فقد وقعت في خطأ استراتيجي ثانٍ، بعد أول خطأ لها الذي أشرت إليه سابقًا في مقال: “النظام العالمي غاضب من تركيا وأدواتها، وممنوع المساس بإيران، والروس يعتبرون بشار الأسد ورقة الدولة العلوية”.
ما حصل مع الدروز يُظهر أن أردوغان لم يعُد على خريطة النظام العميق، يحاول أن يبعث إشارات استغاثة لهذا النظام عبر ضربات رعناء وافق عليها ان توجه للدروز بل اطلق طائراته الحربية معلنا “احكوا معي انا احميهم”، معتقدًا أنه سيلفت الأنظار، وينال فرصة للحوار مع النظام العميق فجاء الرد قاسيًا: “حمايتنا ليست للبيع.”
الفئات المحمية:
اليهود: ليس لأنهم يملكون المال أو اللوبيات، بل لأنهم يحترمون الفكر، يقدّسون المفكر، يعبدونه. العقل عندهم رأس المال، وهذا ما تعلموه من توراتهم وقرآننا:
” وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا ۚ قَالُوا أَنَّىٰ يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِّنَ الْمَالِ ۚ قَالَ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ ۖ وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَن يَشَاءُ ۚ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (247)”
(البقرة: 247).
اليهود فهموا — أو على الأقل نُبّهوا — إلى أن نعمة العقل والبصيرة ليست صدفة، بل اصطفاء إلهي، وأنّ الأمم لا تُقاد بالثروات، بل بالمعرفة والبُعد والرؤية. قالوا: كيف يكون طالوت ملكًا علينا وهو لا يملك المال؟ لم يُجبهم نبيهم بأنه ابن الملياردير الفلاني او الزعيم العلاني، بل قال: إن الله زاده بسطةً في العلم والجسم. العقل قبل المال، والرؤية قبل النفوذ، وهذه من سنن السماء. وهكذا تدركون لماذا اليهود حكموا العالم بامثال اينشتاين وفرويد وغيرهم كثيرين في مختلف مجالات العلوم.
1. الدروز: لأن الحكمة سلاحهم، والذي يحكمهم ليس بماله أو نسبه بل بفكره والاهتمام بفطنة وذكاء بالعلاقات الدولية والمشاركة الدائمة في محافل الادب والفن والسياسة في العالم، فلا يكفي ان تتقوقع وتعتقد بان العالم سياتي اليك، بل ستجد نفسك معزولا عن العالم.
2. شعب الأردن: محميّ بظلّ الملك عبدالله. موته، لا سمح الله، يعني انهيارًا تامًا للمملكة، وتحوّل الشعب الأردني إلى لاجئ جديد، يطلب المساعدات بل ربما عمل على منح ارضه للفلسطينيين عله بسببهم يحصل على ما يكفي عيشه.
3. الموارنة: كانوا محميّين، منذ عام 1880، حين بدأ بعضهم بالتواصل مع فرنسا والفاتيكان لاستعادة بعض الاملاك المارونية التي صادرها نابليون وحولها الى املاك عامة. فظهرت نخب مارونية تُحسن الحوار والثقافة، وهكذا منح لهم الدور الاكبر في المشرق العربي وهو الحوار والتعليم كونهم يجيدون العربية وينتمون الى الكنيسةـ بدات الارساليات تصل مناطقهم في لبنان فتحوّلوا إلى أطباء ومهندسين، مصرفيين، بناة التعليم، وأدباء وقادة. وحين تم تسليمهم لبنان كدولة “سويسرا الشرق”، لم يكن عليهم حمل السلاح. لكن اليهود علموا أن الموارنة يشكلون خطرًا حضاريًا، لا عسكريًا، فدُفعوا بهم إلى أتون الحروب الداخلية وورطوهم بما ليس لهم. ومنذ دخلوا لعبة السلاح، سُحبت منهم الحماية، واصبح السوري وصي على لبنان، وايضا سمح بتهجيرهم وحلّ “الطائف” محلّ الصلاحيات التي كانت ممنوحة الى الموارنة.
الفئات غير المحمية:
1. الفلسطينيون: المطلوب إبادتهم. لا لأنهم حاربوا إسرائيل، بل لأنهم رفضوا كل أشكال التفاهم. رفضوا حلّ الدولتين، قبل مائة سنة ورفضوا ما اشترته البنوك اليهودية ” موسى حاييم مونتفيور من علي باشا المصري وايضا الاملاك التي باعتها العائلات السورية الى اليهود ” ، رفضوا حتى ما باعته السلطنة العثمانية “بعد انقلاب محمد الخامس على السلطان عبد الحميد”. دخلوا في رفضٍ شامل، فقرر النظام العالمي أن يُفنيهم. حتى الطعام ممنوع عليهم، وكلمة ترامب ليست إلا تنفيذًا لقرار اتُخذ قبلهبمائة سنة وما قاله وليد جنبلاط انه لم يبقى من فلسطين الا الذاكرة هو في ذات اتجاهات المعرفة.
2. الشيعة: هدف معلن للنظام العالمي. لأنهم لم يدخلوا النظام أصلًا، لم يتعرّفوا إليه، ولم يحاولوا حتى فهمه. عقيدتهم صلبة، جماعة مؤمنين طيبين صادقين مخلصين حتى التضحية بالروح، يتبعون رجال الدين وعادة رجال الدين لا يغوصون في السياسة لانهم يعتبرونها مليئة بالكذب والرياء.
اليوم الذي يحمي الشيعة شعرة خفية جدا ومجهولة في مكان ما، ولا سمح الله بحال حدث خطأ عسكري، فغزة ستكون نزهة مقارنة بما ينتظرهم. لا حليف يحميهم، ولا طائفة ستبكي عليهم.
3. العلويون: كانوا مرشحين للحماية بعد ان التزم العلويون منذ ايام الانتداب الفرنسي وخاصة الرئيس الاسد الذي التزم بكل ما تعهد فيه، لكن بشار الأسد فقد البوصلة بعد وفاة والده، ولم يجلس مع النخب ليسمع. فسقطت الحماية عنه قبل بقية العلويين.
ما معنى الإبادة؟
ليست سكاكين وسيوفًا. بل أن تتحوّل الطائفة إلى صفر سياسي. لا تصوّت، لا تؤثّر، لا يعترف بها أحد. العامل الشيعي في الخليج نموذج: يعمل ويأكل، لكنه لا ينتخب ولا يغيّر شيئًا.
في الماضي، حمت الجبال الأقليات. لم تكن هناك طائرات أو صواريخ، وكانت الجيوش تتردّد في صعود التلال للتكاليف الهائلة في الوقت والمال والاعداد والخسائر. أما اليوم، فلا جبل يحمي، ولا وادٍ يقي. الحماية الوحيدة: أن تصبح نخبويًّا، قارئًا للعالم، تفهم المتغيرات بموازين من ذهب.
غير ذلك… فالخريطة تُعدّ، والساعة تدقّ، وكلّ من لم يُحسب، يُمحى.
٤/٥/٢٠٢٥
جبيل… الجنة التي لا تُختزل بخريطة، شكرًا فارس سعيد
*بقلم ناجي علي أمّهز*
غرد النائب السابق الدكتور فارس سعيد قائلًا:
“رغم الاختلاف السياسي وخيبة الأمل في المغيري ومشان، ستبقى جبيل أرض السلام والعيش المشترك.”
نعم، دكتور فارس،
جبيل ستبقى… لا، بل جبيل كانت وستبقى، أرضًا خلقها الله على مهلٍ، وسكب فيها من خميرة السماء ما يكفي ليُخبز التعايش رغيفًا يوميًّا.
زرع في تُربتها التعددية قبل أن تُولد الطوائف، وجبلها من مسيحي ومسلم وقال: “أردتُها شبهي.”
جبيل يا صديقي، تشبهك…
بسمارك، بجرأتك، بصوتك العالي ساعة الحقيقة، وبكرامتك الوطنية التي لم تتخلّ عن صدقها حتى في زمن الاختلاف السياسي لانك بتعرف متل منك مسؤول على اهل بيتك كل واحد فينا هو من اهلك، لأنك تعرف أن الصباح لا بدّ أن يشرق، ونقول بعدها: “مبروك”،
و”مبروك أكثر لمن يشتغل لوحدة بلدته وناسه، أكتر.”
أنا لست من مشان، ولست من المغيري،
أنا من فدار، من بشتليدا وفدار،
من ذاكرةٍ تمشي حافيةً في حقول السنديان، من ترابٍ يحفظ الاسم كما يحفظ الإنسان وعده.
وأحبكم جميعًا على مساحة هذه الأرض،
لأنكم تثبتون دومًا أن التعايش لا يُقال، بل يُمارَس.
وبتذكر المرحوم النائب مصطفى الحسيني، لما اتصل فيّ وقال لي: “موضوع فدار صار عند النائب سيمون”، وكان بكل جهده تيضل الاسم موجود،
وشكري أيضًا إلى صديق العمر والمشوار الطويل، النائب سيمون أبي رميا،
يلي كان يتواصل معي من البرلمان، خطوة بخطوة، تيصوّتوا ويرجع اسم “فدار” حد “بشتليدا”،
لأن الذاكرة مش رفاهية، الذاكرة أجمل ما نملك ببلد طبيعتها أصدق ما فيها.
وشكر خاص للصديق النشيط، النائب زياد الحواط،
ابن جبيل، وشبه جبيل، جميل كبحرها، ونشيط كموجها، لا يهدأ حتى يُعطي أجمل ما عنده.
هو يعرف أن مفاصل المحبة أصعب من مفاصل السياسة، لكنّه اختار المحبة، في كل مرة.
وشكرًا للحزب، وللحركة،
وشكرًا من القلب للشيخ محمد عمرو، ابن بلدة المعيصرة،
ذلك الرجل الذي تمشي الطيبة في خطاه،
وتسبق الهيبةُ صوته قبل أن يتكلّم، هو المرمنُ بأهله، المطمئنُ لأرضه،
الخلوقُ في حضوره، المؤتمنُ في غيابه، الإنسانيّ الذي يعرف أن الدين تواضع ورحمة وتعايش قبل أن يكون نصًا،
الفهيمُ ابن البيت والعائلة الكسروانية العريقة، الرائعٌ لأنه لا يسعى إلى الظهور، من القلائل الذين ما زالوا يزرعون الطمأنينة حيث يمشون، في كل بيتٍ مرّ به، ترك فيه دعاء، وكل شخص صافحه، حمل منه سلامًا.
وشكر أعمق من القلب،
لكل الأحزاب والعائلات والشخصيات المسيحية في جبيل وكسروان،
الذين، منذ شهر تقريبًا، أثبتوا أنهم أشدّ حرصًا على عدم التدخل ولا بأي قرية، لأن في جبيل لا أكثرية ولا أقلية، بل شمس واحدة تنبعث من مئذنة وجرس، ومن يدٍ ممدودةٍ لا تسأل لمن.
في جبيل،
الناس تسأل: “كيفك يا خيي؟”،
وليس “مع مين؟ ضد مين؟”،
لأن جبيل تعرف أبو علي كما تعرف أبو إيلي،
وتعرف ندى الصباح ساعة بيفيق الورد عالحجر.
في جبيل،
كل قرية هي فجر،
وكل درب هو مشوار وكانك طفل صغير لا تتعب من المسير عليه،
وكل حجر فيه صلاة،
وكل بيت فيه ذاكرة جدّة حاملة مفاتيح القمح والخبيز.
جبيل،
خمس كيلومترات من النور والبخور والقداسة، بتشع على شرقٍ غرقان بعتم الطائفية والحدود والدم.
من جبيل،
بيقدر الشرق يتعلم إنو التعايش مش صورة، ولا اتفاق سياسي،
التعايش هو أن تعرف أخاك قبل أن تعرف حزبه، وأن تبكي على وجعه،
وتفرح لفرحه، وتعطيه رغيفك إذا جاع، وتقيه من برد السياسة.
جبيل هي الفاتيكان الشرق،
صغيرة بالحجم،
لكنها عظيمة بالوطنية، شاسعة بالإيمان، شاهقة بالمحبة.
هي بلاد فيها الخضار والأشجار،
الجبل والبحر،
الصخر والتراب،
الطير والغيم،
الزجل والمَيّجانا،
ليالي العتابا وأصوات المناجاة.
بلاد فيها الحجر بيحكي،
والشجرة بتشهد،
والتلة بتروي،
والجل بيسمع همس الناس وهم يتقاسمون التعب والحلم، “عالعافية ويعافيك”
نعم، شكرًا يا جبيل،
لأنك ما خنتي حالك، وما بعتِ التعايش مقابل بلدية او مختار،
شكراً لأنك بتذكّري هالشرق التعبان،
إنو في شي اسمو “ناس”، قبل الطوائف.
وإذا صار الشرق كله خريطة دم،
إنتِ بعدِك جنة خضرا بتنادي الحياة،
وبتعطينا أمل، إنو بعد في مطرح… بعد في بلد… بعد في محبة.
كل ما كبرنا، وختيرنا، كل ما غصنا أعمق بتجارب الحياة،
كل ما قلنا إنو فهمنا، منرجع نكتشف إنو الحكمة والمعرفة مش بالمال والمناصب، المعرفة كانت ببيوت الطين وسقوف القرميد، وباصوات جدّودنا الفلاحين والمثل:
“نيّال اللي إله مرقد عنزة بجبل لبنان.”
هللويا… نحن أبناء جبيل وكسروان.
اللهم صلّ على محمد وآل محمد.
٥/٥/٢٠٢٥
في جبيل وكسروان: فوز للقوات ونجاح للثنائي وعودة للعائلات
*بقلم ناجي علي أمهز*
أفرزت الانتخابات البلدية والاختيارية الأخيرة في قضائي جبيل وكسروان نتائج لافتة، أكدت توقعات سبقتها بناءً على متابعة دقيقة للمشهد السياسي والاجتماعي في المنطقة. فقد برزت ثلاثة اتجاهات رئيسية: فوز واضح لحزب القوات اللبنانية، نجاح لافت للثنائي الوطني (حركة أمل وحزب الله)، وعودة مؤثرة للعائلات التقليدية إلى لعب دور محوري في الحياة السياسية المحلية.
كانت التقديرات المسبقة تشير إلى أن النتائج ستعكس توزيعاً للقوى يمنح الأحزاب نسبة 60% من المقاعد البلدية والاختيارية، مقابل 40% للعائلات. وضمن الحصة الحزبية، كان متوقعاً أن تستحوذ القوات اللبنانية على نصيب الأسد بنسبة تصل إلى 80%. هذه التوقعات، التي استندت إلى دراسات وتحليلات معمقة، يبدو أن حزب الكتائب اللبنانية كان له دور بارز في صياغتها، لا سيما من خلال جهود النائب سليم الصايغ، الذي تميز بدقته في متابعة التحضيرات الانتخابية وبراعته في نسج التحالفات، وهو المعروف بحنكته السياسية وقدرته الخطابية.
لا يمكن إغفال حجم التعبئة والالتزام الذي أظهره مناصرو القوات اللبنانية، مما يعكس تنامي شعبية رئيس الحزب الدكتور سمير جعجع في الأوساط المسيحية وربما خارجها، وذلك نتيجة لمواقفه السياسية التي ينظر إليها على أنها ثابتة وواضحة. يبدو أن الدكتور جعجع قد تبنى استراتيجية جديدة تقوم على ثلاثة محاور رئيسية، تمليها المسؤولية الكبيرة الملقاة على عاتقه بعد أن أصبح شخصية محورية على الساحة المسيحية، وهو ما يفرض عليه سلوكاً سياسياً محدداً حتى تجاه خصومه داخل البيت المسيحي.
أولاً، تتبنى القوات اللبنانية خطاباً يؤكد أنها ليست في حالة عداء أو خصومة مبدئية مع أي طرف في لبنان. قد يبدو هذا مستغرباً للبعض، خاصة عند النظر إلى العلاقة المتوترة مع حزب الله. إلا أن القوات تؤكد أن موقفها تجاه الحزب وسلاحه يستند بشكل أساسي إلى الدستور اللبناني والقرارات الدولية، وتحديداً القرار 1701، والمعاهدات الملزمة ولو كان هذا السلاح مع اي حزب اخر سيكون نفس الموقف. ما السجالات السياسية الأخرى بين الطرفين، فتعتبر طبيعية في إطار التنافس الحزبي وتعبئة القواعد الشعبية، مع التأكيد على أن هذا الصراع لا يتجاوز السقوف السياسية والوطنية المتعارف عليها.
ثانياً، استخلصت القوات اللبنانية دروساً هامة من تجربتين سابقتين تتعلقان بالمكون المسيحي وعلاقته بالعائلات التقليدية. التجربة الأولى هي تجربتها الخاصة في مراحل سابقة، والثانية هي تجربة التيار الوطني الحر وعلاقته بهذه العائلات. بناءً على ذلك، قررت القوات، حتى في القرى والبلدات التي تتمتع فيها بنفوذ وشعبية كاسحة، عدم السعي للهيمنة الكاملة، بل تبنت نهج إشراك العائلات ومنحها تمثيلاً يتناسب مع حجمها وتأثيرها. وخير مثال على ذلك التحالفات التي عقدتها في بلدية جونية وغيرها مع شخصيات وعائلات وازنة مثل آل افرام والبون والخازن.
ثالثاً، تدرك القوات اللبنانية أن الانتشار الواسع للموارنة وتوزعهم الديموغرافي على امتداد الأراضي اللبنانية يفرض عليها تبني سياسة متوازنة تأخذ بعين الاعتبار خصوصية كل منطقة. فما يمكن طرحه أو المطالبة به في المناطق ذات الغالبية المسيحية الصرفة قد لا يكون مناسباً في المناطق المختلطة. تتطلب قراءة المشهد الإقليمي والاعتبارات الاستراتيجية هذا النوع من المرونة السياسية المتقدمة. إضافة إلى ذلك، فإن الخصومة الشديدة مع التيار الوطني الحر، والتي تعزوها القوات في أدبياتها إلى ما تصفه بـ “الأنانية المفرطة والمصلحة الشخصية” لقيادة التيار، دفعتها إلى سلوك مغاير. هذا الرأي حول أداء التيار تشاركها فيه العديد من العائلات المسيحية التقليدية، خاصة بعد تجربة انتخابات عام 2009 وما تلاها، حيث شعر الكثيرون بتهميش أدوارهم لصالح ترشيحات عائلية ومقربين من قيادة التيار في دوائر مختلفة. ترى القوات أن التيار لم يفِ بالتزاماته بموجب اتفاق معراب، وأن تجربته حتى مع حليفه حزب الله تظهر نمطاً سياسياً يصعب التعاطي معه. كما أن الخلافات الداخلية التي عصفت بالتيار وأدت إلى خروج أو فصل شخصيات بارزة منه، تعزز قناعة القوات بصعوبة التحالف أو حتى التقارب معه. لذلك، ركزت القوات في معركتها الانتخابية على منع التيار من تحقيق أي مكاسب، حتى على مستوى عدد الأصوات، للحؤول دون استخدامه هذه الأرقام لإثبات حضوره ضمن المعادلة المسيحية.
في المقابل، سعى حزب الكتائب اللبنانية، بغض النظر عن حجم النتائج العددية، إلى تحقيق أولوية أساسية تتمثل في الحفاظ على خطابه السياسي الثابت ودوره التاريخي في البنية السياسية اللبنانية، وتثبيت مواقعه في قواعده الشعبية وفي مؤسسات السلطة. يعتبر نجاح الكتائب في تحقيق أهدافها، غالباً بأقل التكاليف والجهود الممكنة، دليلاً على حكمة سياسية وخبرة عريقة متجذرة في التاريخ اللبناني، فضلاً عن تميز العديد من قياداته باعتبارهم من النخب المسيحية المرموقة.
أما التيار الوطني الحر، فقد خاض معركة انتخابية شابتها الصراعات ومحاولات التجييش، وهو أمر مفهوم في ظل شعوره بتراجع شعبيته في ما يعتبر “قلب الكنيسة المارونية” (قضاءي كسروان وجبيل وعاصمتيهما بلدية جونية وبلدية جبيل)، خاصة مع تمثيله النيابي المحدود في المنطقة بالنائبة ندى البستاني، بعد خروج النائب السابق سيمون أبي رميا.
التيار الوطني الحر وخلال 13 سنة كان لديه ثمانية نواب (قضاءي كسروان وجبيل) بينما اليوم لديه نائب وخسر بلدية جونية وجبيل.
من جهة أخرى، برز دور “مشروع وطن الإنسان” الذي يقوده النائب نعمة افرام. فرغم القدرات الكبيرة والخدمات الواسعة والشعبية التي يتمتع بها النائب افرام على مستوى جبيل وكسروان، امتداداً لإرث والده الوزير الراحل جورج افرام الذي لا يزال يُذكر بخير لأعماله ومساواته بين الجميع، ورغم مكانته المرموقة لدى الكنيسة المارونية وعلى المستوى الماروني الدولي، إلا أن عقليته العلمية والعملية دفعته في البداية إلى التردد في خوض معارك انتخابية مباشرة، مفضلاً أن تأتي المبادرة من الناس. كان يسعى للحفاظ على توازن دقيق بين دوره الاقتصادي والصناعي الفاعل ودوره السياسي الذي قرر الانخراط فيه مؤخراً بهدف تطبيق “مشروع وطن الإنسان”. لكن ديناميكيات المعركة البلدية، خاصة بعد تحالف الشيخ منصور البون مع القوات ولقاء الدكتور جعجع بالنائب افرام، حتمت عليه الدخول في المواجهة، التي بدت رمزية مقارنة بقدراته، مع حرصه على عدم إقصاء أي طرف راغب في التحالف. فكان انضمام النائب فريد الخازن.
بالنسبة للشخصيات السياسية والعائلية الأخرى، فإن الضغط الشعبي والتوجهات العامة كانت عاملاً حاسماً في دفعها نحو خيارات وتحالفات ربما لم تكن ترغب بها في البداية. لكن هذه الظروف نجحت في تحويل معركة البلديات من أزمة محتملة إلى فرصة ومتنفس يمكن البناء عليه في المراحل السياسية اللاحقة، وربما الانتخابات النيابية المقبلة.
على صعيد الثنائي الوطني، وتحديداً حزب الله، شهدت المنطقة متغيراً هاماً منذ مطلع عام 2020 مع تعيين الشيخ محمد عمرو، ابن بلدة المعيصرة الكسروانية، مسؤولاً عن منطقة جبل لبنان والشمال. خلف هذا التعيين ارتياحاً واسعاً لدى المكون المسيحي، نظراً للدور التاريخي لبلدة المعيصرة وخبرة الشيخ عمرو العميقة بتفاصيل المنطقة وتوازناتها، كونه أحد أبنائها العارفين بتقاليدها ولغتها. وخلال فترة قصيرة، نجح الشيخ عمرو في ترميم الكثير من التداعيات السلبية التي خلفتها انتخابات 2018 النيابية، وهو توجه إيجابي لاحظته الكنيسة والأحزاب والشخصيات المسيحية، مما أسهم في انفتاح كبير وتعزيز لدور أبناء الطائفة الشيعية السياسي والاجتماعي في المنطقة. حتى أن فوز النائب رائد برّو عن حزب الله في الانتخابات النيابية لم يثر أي ردود فعل سلبية، بل اعتبر فوزاً ديمقراطياً يعكس إرادة أبناء الطائفة الشيعية في جبيل. وخلال الحرب الأخيرة والاعتداءات الاسرائيلية التي تعرضت لها بعض القرى ومنها المعيصرة، كان للمكون المسيحي بمختلف أطيافه موقف رافض لهذه الاعتداءات لمعرفتهم بطبيعة الشيخ عمرو الدينية والثقافية، بعيدا عن العسكر، بل وتحولت جبيل وكسروان إلى منطقة احتضان للنازحين الشيعة الفارين من القصف الإسرائيلي.
هذا التقارب انعكس أيضاً على العلاقة بين رجال الدين المسيحيين والشيعة على مستوى الكنائس (الرعية)، حيث تم الحرص على تعزيز التعايش وإظهار التقارب. هذه الأجواء الإيجابية وصلت أصداؤها إلى الفاتيكان، مما يعيد إلى لبنان بعضاً من دوره التاريخي كرسالة للعيش المشترك.
وانسحبت هذه الأجواء الإيجابية بشكل لافت على الانتخابات البلدية، التي جرت في مناخ هادئ يذكر بفترة ما قبل الحرب الأهلية 1975. فالتفاف الناخبين الشيعة حول لوائح الثنائي الوطني جاء طبيعياً وعفوياً، دون الحاجة إلى “تكليف” أو إنفاق كبير. وحتى في المناطق المختلطة، لم يسجل اصطفاف طائفي حاد، بل غلب الطابع العائلي على التحالفات والمنافسة. يمكن القول إن هذه الانتخابات كانت مثالية وراقية، وأعادت إحياء أجزاء مفقودة من تاريخ لبنان الإنساني والوطني.
لقد قدمت جبيل وكسروان، بكافة مكوناتها، نموذجاً يُحتذى به في المشرق العربي، وأثبتت أن لبنان لا يزال يحمل رسالة قيم إنسانية ووطنية. هذه المنطقة، التي تحتضن بكركي ومار شربل، أصرت على أن تكون رائدة في تعميم هذه القيم. وإذا ما استُكمل هذا النهج وتعمم على مستوى لبنان ككل، فهذا يعني أن الوطن، رغم كل الجراح والدمار، بدأ يسير على طريق التعافي الكامل لاستعادة عافيته ودوره الريادي.
٧/٥/٢٠٢٥
أمريكا وإسرائيل يتفرّغان للشيعة ولغزّة… لإفراغهما من المنطقة
*بقلم: ناجي علي أمهز*
شيء مرعب حدّ الهوس، أن ترى غزّة تُدمّر حتى لم يبقَ فيها شيء يُدمَّر. تُحاصَر حتى يصبح الطعام هو طعم الموت، والهواء دخان موت يتصاعد من الجثث المتعفنة. هذه الأقليّة المحاصَرة بين إسرائيل ومئة مليون عربي في مصر، تُنذر بما سيصيب الأقليات في المشرق. الأقليات التي تُباد في فلسطين وسوريا… فهل لبنان مستثنى من المصير؟
رغم كل هذا، لم نصغي الى كلمة الشيخ نعيم قاسم، أمين عام حزب الله، الذي حدثنا بلغة واضحة لا لبس فيها:
“يا جماعة، قدراتنا العسكرية لا تضاهي قدرات إسرائيل. من يعتقد غير ذلك فهو واهم. السلاح ليس كل القوة… الأهم هو وعي الشعب.”
لكنّ الإعلام، الذي يدّعي الانتساب لمحور المقاومة، يخرج علينا ببعض المتفذلكين وبائعي الكلام الفارغ، لا ليحمونا، بل ليحرّض علينا، حتى الحشرات، بلغة مقيتة، متعجرفة، وتحليلات خنفشارية.
نعم، نحن انتصرنا على إسرائيل، وسنرميها في البحر! وسنهزم أمريكا، وسنحرّر المشرق!
هكذا يقولون… بينما إسرائيل وأمريكا اغتالوا الرؤساء والقادة، من ايران إلى أبرز كوادر المقاومة في فلسطين ولبنان. أميركا تحكم لبنان سياسيًا، وإسرائيل تقصف الجنوب ولبنان متى شاءت، تحتل سوريا وتضرب دون إنذار… والعالم صامت.
حتى في حلبة الملاكمة، حين يتلقّى الملاكم ضربة قاضية ويسقط أرضًا، يتدخّل الحكم وتُعلَن نهاية الجولة، لكن يبقى هناك أملٌ بمعركة جديدة، وربما باستعادة اللقب في نزال قادم.
أما أن نتلقى الضربات واحدةً تلو الأخرى، ونكابر، ونرفض الاعتراف بالواقع، فذاك سقوطٌ بلا إنذار، لا حكم يتدخّل، ولا جولة ثانية ولا ثالثة… بل نهاية مأساوية دون فرصة للعودة.
حتى الموارنة، حين عصفت بهم رياح الاجتثاث بين عامي 1990 و2005، وهم ركيزة في المشرق العربي، بثقلهم الاقتصادي، وحضورهم العلمي والطبي والهندسي، وبتاريخهم العريق وتشعّب علاقاتهم الدولية، التزموا الصمت الاستراتيجي. لم يتحدث باسمهم إلا البطريرك نصرالله صفير، وعبّروا عن موقفهم السياسي عبر مقاطعة الانتخابات. وخلال تلك الحقبة، جابوا العواصم ودوائر القرار العالمي يشرحون واقعهم، وبحثوا عن تفهّم دولي لمعاناتهم.
وعندما قرروا تأسيس قوة سياسية، لم تكون حصرية بطائفتهم، بل ضمّت شركاء من مختلف الطوائف، بهدف خفض الضغط عنهم وتجنّب العزل والانكفاء.
أمريكا، بشخطة قلم، ورطت روسيا بحرب، وصادرت 320 مليار دولار من أموال روسيا. وروسيا خسرت 400 مليارًا. ولم يجرؤ بوتين، صاحب النووي والصواريخ والغواصات، أن يرفع صوته، لا لأنه جبان، بل لأنه يعرف معنى موازين القوى.
أما الصين، عندما قالت “لا” لترامب، اشتعلت النيران حولها خلال ساعات بحرب هندية باكستانية قد تكلف نصف مليار انسان. وستُجرّ إلى حرب مع تايوان، وقد تتحوّل إلى دولة زراعية، وتنتقل الشركات إلى الهند.
العالم لا يُدار بطريقتكم. أنتم تقتلوننا باعلامكم، وأنتم لا تدرون.
نخسر مئة ألف شهيد، دمار، تهجير، ثم نُعلن “الانتصار”! لأننا نُصِرّ، ولأننا نعتبر الإصرار انتصارًا. نعم، هو انتصار روحي، ملحمة إنسانية خالدة، لكن إعلامكم يشوّهه، يُصغّره إلى “متر أرض” أو مبنى دُمّر، أو جندي عدو قُتل.
بينما الحقيقة؟ الانتصار في ظل اختلال موازين القوى هو انتصار الفكرة، لا الجغرافيا. وهذا الإعلام لا يصلح لمعركة وعي، ولا للنخب، ولا حتى للفلسفة.
أمريكا وإسرائيل، عندما تحتلان دولاً وتخسران جنودًا، لا ترفعان رايات النصر. لأن أهدافهما أعقد، وأبعد، وأكثر خبثًا.
هم يستخدمون أسلحة لا نعرف عنها شيئًا، ودمارها نراه ولا نعيه. أما إعلامنا فيعيش على دوك فليد، وغرندايزر، والصحن الطائر، والشعاع اللولبي!
أقسم بكل الأيمان الغليظة:
إذا لم نستثمر في الصمت، ونُظهر مظلوميتنا، فلن يبقى شيعي واحد في جبل لبنان، الذي سيتحول إلى أوروبا صغيرة، نحتاج فيه إلى “فيزا” للدخول اليه.
ولن يبقى شيعي في الجنوب، الذي سيتحوّل إلى ثكنات لجيوش العالم، وقسم منه سيُحتل، وما سيتبقى لنا سوى البقاع… محاصر من كل الجهات. حتى النازحون السوريون، إن فُرضت لهم “مناطق عازلة”، سنُطوَّق نحن بها!
لا أحد يتحمّل هذه الفوقيّة، حتى الشعوب تثور على حكّامها إن أصبح خطابهم مُملاً ونمطيًا وفوقيًا.
العالم يجب أن يرى إنسانيتنا. نُحاكي مشاعر الناس. لا نتحدّث من علوّ. التطرف له حواضنه، له من يموّله، ثم يُصفيه. أما نحن، الشيعة، أقلية يمكن جمعها في عمارة بالصين أو حي صغير في الهند… ونريد أن نغيّر العالم؟ بأي منطق؟ بنظرية جنون العظمة؟!
بعضنا يحلم بإينشتاين، أو فرويد، أو الذكاء الاصطناعي… لكن الواقع؟ بلابلا بلابلا. مللنا، انفجرنا.
نحن أموات ننتظر تنفيذ حكم الإعدام. لأن أمريكا وإسرائيل لن تغفرا للشيعة وقوفهم ضد مشروعهما. نحن نُريد تحرير فلسطين وطرد أمريكا من الشرق الأوسط… وهذه جريمة لا تُغتفر بالنسبة الى النظام العالمي.
من يعلن الحرب على أمريكا، عليه أن يتوقّع الردّ الأمريكي.
نريد ان نطرد امريكا من الشرق الاوسط علينا ان نعرف بان امريكا ستطردنا ايضا والبقاء للاقوى.
أغلقوا هذه الفضائيات. أو على الأقل تبرّؤوا منها. غيروا هذا الخطاب. ليُقال إن شيئًا تغيّر.
أمريكا تملك وجهين: جمهوري وديمقراطي.
إسرائيل أيضًا: ليبرالي ينتقد نتنياهو، ويدفع ثمن تهجير الفلسطينيين، ويمين متطرف ينفّذ المذابح ثم يُحاكَم ليُقال للعالم: نحن نُحاسب المجرمين.
إيران أيضًا: إصلاحيون ومحافظون، ولكل مرحلة وجهها الذي يتناسب مع الوضع.
كل العالم يُدار بهذه الوجوه، إلا نحن.
ألا يحق للشيعة أن يتغيّر فيهم شيء؟ أقله إعلامهم، الذي حرّض الكرة الأرضية علينا.
يكفي أن المشرق كلّه ضد الشيعة، وداخل الطائفة لا يحب أحدٌ الآخر.
نختلف على مختار أو بلدية، فيما الموت يحاصرنا من كل الجهات.
الوضع لم يعد يحتمل.
في الماضي كان الخطأ يُحاسب بعد زمن. اليوم يُحاسب بلحظته.
أما وقف الحرب، أو وقف إطلاق النار، في اليمن أو غيرها. لان الأولوية الآن هي لتهجير اهالي غزة… والملف الشيعي؟ يجب أن ينتهي قبل زيارة ترامب إلى لبنان.
رجاءً، الصمت. اسكتوا.
وإن لم تستطيعوا، فاستبدلوا هذه المهاترات بالدعاء والصلاة، علّ الله يستجيب لبعض الأطفال.
فما رأيته من تصرفات بعض “المصلّين” يجعلني أشك في كل شيء.
الدين أخلاق قبل أن يكون طقوسًا.
والأخلاق تبدأ من أن لا تخون صديقك، ولا تكذب على رفيقك، ولا تستغل محبته. وان تتقاسم الرغيف مع اخيك جتى يعوضك الله اما ان يصبح الدين دنانير حينها نكون كما دخلنا بحرب مع امريكا واسرائيل ايضا ندحل بحرب مع الله لانه يعلم السر واخفى.
الوضع شديد الخطورة. نحن اصبحنا سكارى.
رجاء لا تُضيّعوا ما يحققه بعض القيادات الشيعية، بفضل حرصهم على كل فرد من هذه الطائفة.
١٤/٥/٢٠٢٥
آن الأوان لترحيل السوريين
*بقلم: ناجي علي أمهز*
بداية ترامب قابل الشرع وسترفع العقوبات وتبدا مرحلة الاعمار في سوريا اذا كانت الدولة السورية تسمح للشركات اللبنانية ان يكون لها حصة في اعادة الاعمار حتى تبدا هذه الشركات باخذ العمال السوريين من لبنان الى سوريا عله الشعب اللبناني يعوض واحد بالمائة مما خسره بسبب النزوح السوري.
لكن يبدوا ان لبنان لن ينال الا التوتير والمزيد من الخسائر التي يدفعها عندما نزح السوريين بسبب الحرب على بشار الاسد، او بسبب الذي اتتصر على بشار الاسد.
هناك شيء اسمه هدر الناتج القومي للشعب، وعندما تمّ تشريح أسباب هذا الهدر، تبيّن أن الاكتظاظ وعجقة السير من أهمّ العوامل التي تهدر الناتج القومي.
فالمواطن الذي يتأخر على عمله نصف ساعة يوميًا بسبب الزحمة، يُعتبر خسارة فادحة.
ولنأخذ فقط مثالًا رقميًا بسيطًا:
أولًا: التأخير اليومي
إذا احتسبنا في لبنان ما يقارب 200,000 مواطن يتأخرون بمعدّل نصف ساعة يوميًا، فإن الدولة تخسر من الناتج القومي:
• عدد المتأخرين: 200,000 مواطن
• مقدار التأخير: 30 دقيقة لكل واحد
• مجموع الدقائق الضائعة يوميًا:
200,000 × 30 = 6,000,000 دقيقة
ثانيًا: تحويل الوقت إلى أيام بشرية
• اليوم = 24 ساعة × 60 دقيقة = 1,440 دقيقة
• عدد الأيام البشرية المهدورة يوميًا:
6,000,000 ÷ 1,440 ≈ 4,167 يومًا كاملاً
يعني أن لبنان يخسر يوميًا ما يعادل 4,167 يوم عمل بشري فقط من التأخير!
وإذا نظرنا إلى هذه المسألة من زاوية عمرية، فنحن نحرق كل سنة ما يعادل 4,167 سنة بشرية من أعمار اللبنانيين… من دون حرب، من دون وباء، فقط بزحمة وتأخير!
________________________________________
لكن… لا تقف القصة هنا!
أضِف إلى ما سبق:
• التلوّث
• مزاحمة اليد العاملة الوطنية
• استهلاك المواد الغذائية والأدوية والبنى التحتية
• انعدام الأمن الاجتماعي وحالات التوتر
• استنزاف الدولة في محاولة ضبط الأمن وسط هذا الكم الهائل من الأعراق والثقافات المختلطة
ثم يسألك البعض لماذا لبنان ينهار!
________________________________________
هدر العملة الصعبة
خذ مثلًا موضوع المحروقات:
لنحسب ببساطة:
• إذا كان هناك 100 ألف سوري يستهلكون يوميًا نحو 7 ليتر محروقات (سيارات + اشتراكات كهرباء):
100,000 × 7 = 700,000 ليتر يوميًا
• نُحوّل ذلك إلى “تنكات” (20 ليتر):
700,000 ÷ 20 =35,000 تنكة يوميًا
• في السنة:
35,000 × 360 =12,600,000 تنكة سنويا
• إذا كانت تكلفة التنكة 10 دولار فقط:
12,600,000 × 10 = 126,000,000 دولار
هذا الرقم وحده يخرج من لبنان بالدولار ويُحوّل إلى ليرة، ويشكل ضغطًا على السوق.
وهذا المثال فقط في المحروقات. تخيّل نفس النمط في القمح، الدواء، الكهرباء،… وكلها موارد تشترى بالعملة الصعبة.
________________________________________
التحويلات المالية:
يوجد ما لا يقل عن 500 ألف عامل سوري (والرقم أكبر من ذلك على الأرجح).
• إذا أرسل كل واحد منهم فقط 100 دولار شهريًا إلى سوريا:
100 × 500,000 =50,000,000 شهريًا
• في السنة:
50,000,000 × 12 =600,000,000 دولار
وهذا غير الأموال التي تُحوّل من تجار سوريين أو عبر التجارة غير الرسمية.
________________________________________
المجموع السنوي:
الحد الأدنى لهدر العملة الصعبة بسبب النزوح السوري يتجاوز 4 مليار دولار سنويًا!
وهذا رقم كارثي لاقتصاد بلد مثل لبنان يرزح تحت الديون والانهيار.
________________________________________
خاتمة:
لن نتحدث عن الارتفاع الهائل بالاسعار ان كان بالسكن او حتى على المنتوجات الزراعية التي لا تكفي الشعب اللبناني
هل نكمل؟ أم يكفي هذا القدر من الأرقام والمآسي؟
كل لبناني، وخصوصًا كل سياسي، يدعم بقاء النزوح السوري على هذه الحال، هو ببساطة ينحر الشعب جماعيًا، ويقتل مستقبل أولاد الوطن، ويهجّرهم من لبنان.
والسلام.
١٦/٥/٢٠٢٥
هذا المقال موجّه إلى جميع الأقليات في العالمين العربي والإسلامي.
أهم ما يميّز هذا المقال، انه لا يُمكن لأي قارئ منصف أن يتجاوز دقّة التوقيت الذي كُتب فيه، حيث إن الجميع حينها كان يظن أن داعش تُحتَضر، وها هو اليوم — يظهر المقال وكانه كشف عن سر دفين كان يعلم ان النظام العالمي ُسيتنسَخ داعش ليس كتنظيم مسلّح فقط، بل كنهج حكم: قمعي، إقصائي، وموغل في اختزال الآخر.
هذا المقال كُتب في لحظة كان الجميع يظن فيها أن “داعش” قد انتهت، بعد الضربات الأميركية وتراجع نفوذها في سوريا، وانكفائها من العراق.
وفي توقيت لم يتوقّعه أحد، خرج ناجي علي أمّهز، بتاريخ 7 حزيران 2015، وكتب: “داعش سوف تحكم العالم العربي مئة عام.”
وبعد عشر سنوات بالتمام، استقبل الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الرئيس السوري أحمد الشرع، معلنًا تحالفًا جديدًا بين الأكثريّة المتشددة والولايات المتحدة الامريكية واسرائيل، على حساب الأقليّات.
هذا يعني، وبكل وضوح، أن المنطقة تعود إلى زمن “المماليك”، حيث يجب على الأقليات أن “تشمل”، وتدفع الجزية، وتُسخّر للعمل القسري، دون أيّ حق في السياسة أو الاقتصاد، بل وحتى في الحكم المحلي داخل بلادها.
*”داعش سوف تحكم العالم العربي مئة عام”*
تاريخ النشر 7 – 6 – 2015
*ناجي علي امهز*
خلال القرن المنصرم كان الوطن العربي محكومًا بأقليات رئاسية.
فالعراق ذو الأغلبية الشيعية، بمدرسته الفقهية الجعفرية الاجتهادية الاثني عشرية نسبةً إلى الأئمة من آل بيت النبوة، النجف الأشرف الذي هو مهد التعليم وركيزة نشر الدعوة، بسبب تواجده بالقرب من العتبات المقدسة التي تضج بالحجيج وكثافة الزوار لما لحب الحسين بن علي ومكانته في قلوب المسلمين عامة والشيعة خاصة بسبب حادثة الظلم التي لحقت به وبآل بيت رسول الله على يد يزيد بن معاوية الأموي، كان يحكمه صدام حسين الرئيس السني، الذي يناصب شيعة إيران العداء ويمارس أشد الأفعال الإجرامية اللاإنسانية من قتل واعتقال وتعذيب لشيعة بلده العراق، ناهيك عن صراع تاريخي يمتد منذ لحظة استشهاد الحسين بن علي بن أبي طالب.
أتصورتم المشهد؟ هل من رابط بين الحاكم والمحكومين؟ صراع تاريخي، رجل من فئة قليلة يحكم بالبطش والظلم 80 بالمئة ممن لا يلتقي معه بأي صفة من صفات التعايش أو الانتماء العرقي أو الطائفي.
سوريا الأموية نسبًا إلى بني أمية، والتي تنتمي بنسبة 80 بالمئة إلى المذهب السني بأحكامها التشريعية التي تحتكم إلى المذهب السني عرفًا دينيًا ينظم آلية عمل مجتمعاتها واجتهادًا تشريعيًا يشكل آلية تطبيق دستورها في حكم أعرافها، كان يحكمها حافظ الأسد الرئيس العلوي.
والعلوية، وكما يُعرف أو هو معلوم، هي طائفة تهيم عشقًا وحبًا بعلي بن أبي طالب إن لم نقل أكثر، وهي معنية مباشرة بالصراع المذهبي القائم تاريخيًا بين المسلمين أنفسهم.
هل قرأتم ما كتبت؟ فما هي هذه القوة التي نصبت أو مكنت طرفي النقيض من هذا الحكم؟ سؤال يحتاج إلى جواب كبير وعميق. بالتأكيد هي قوة استعمارية خارجية، ومع ذلك لم نسمع كاتبًا أو محللًا استراتيجيًا تناول هذا الموضوع على سبيل التوعية لمشكلة واضحة وضوح العيان قبل المشاهدة بأن الجميع متآمرون على شعوب هذه المنطقة من أجل ثرواتها.
مصر التي غالبيتها سنية متوحدة بحركتها الدينية نسبةً إلى الأزهر الشريف، انتماء مترافق متوافق مع حركة دينية واسعة إن كان على مستوى الدعوة والتبليغ، حكمها عبد الناصر بانقلاب فكري علماني ثقافي، أكمله أنور السادات بصراع سياسي مع الإخوان، ونقله حسني مبارك إلى صراع عسكري نشاهد اليوم تداعياته.
ويمكن القياس على ما تبقى من دول محيطة بمركز القرار العربي.
أما المغرب العربي، فبسبب تداخله وامتداداته الطبيعية المجاورة لفرنسا، فالوضع مختلف نتكلم عنه في مقال لاحق، إنما فكرته، وبتصور بسيط، تقوم على صراع ديني، أي الإسلام والمسيحية.
إليكم مثلًا يدعو إلى الاستغراب: بالرغم من الهجرة إلى فرنسا أو غيرها من البلدان الأوروبية، ومع العلم بأنه سبق وكانت هذه البلدان منتدبة ومحتلة من قبل الاستعمار الفرنسي، إلا أنه لا توجد أي جاليات أو تجمعات سياسية مسيحية فاعلة ونشطة فيها، ولا حتى على المستوى التبشيري. بمعنى آخر، عُزل المغرب العربي نهائيًا عن امتداده الاقتصادي السياسي لهذه البلدان الأوروبية بحجة الانتماء الديني.
وإن أكملنا إلى ليبيا، مرورًا ببعض الدول الإفريقية مثل السودان وغيرها، لوجدنا المشروع متشابهًا، إنما بأسلوب مختلف، والوجه واحد وهو الدين.
وهذا الأمر لا يعني إلا شيئًا واحدًا، هو أن دول الاستعمار بعد أن قررت الخروج من مستعمراتها، وضعت مخططًا واضحًا جليًا يقوم على سياسة أن يحكم الضعيف أو الفئة الأقل عددًا الأكثريةَ الساحقة لهذا البلد أو ذاك، مما يُبقي هذا الحاكم أو ذاك بحالة صراع دائم مع من يشعرون بأحقية السلطة نسبةً إلى العدد أو الانتماء. وهذا الأمر يُلزم هذا الحاكم الضعيف بالبقاء تحت سلطة الدول الكبرى التي نصبته لحمايته ومنع زوال ملكه.
بتفسير أقل شرحًا وأكثر وضوحًا: إن الدول المستعمرة، وقبل خروجها، وضعت مخططًا استراتيجيًا ينص على أن أي حاكم يُنصَّب يجب أن يكون من الفئة الأقل عددًا أو مرتبطًا بصراع تاريخي طائفي أو قبلي ليكون ضعيفًا يُبقيه بحالة ارتهان دائم لهذه القوة النافذة، ليستمر حكمه.
ومن هنا كانت فكرة قيام دولة إسرائيل، وجل ما تسمعونه عن مخططات قبل الاستعمار هي مجرد نظريات، وبحال وجودها قد تكون مع بداية القرن التاسع عشر، أي مع نهاية الحكم العثماني ووضوح مشروع الاستعمار الجديد.
وهذا السرد، وإن كان على شاكلة مقدمة مستفيضة، إلا أنه ينقلنا إلى صراع من نوع آخر، ولكن بنفس الأدوات التي استُعملت طيلة القرن المنصرم تمامًا.
1914 واليوم نحن 2015، أي مئة عام بالتحديد.
فاليوم نسمع عن داعش، هذه الحركة التكفيرية الإرهابية المتوحشة.
الجميع يحاربها ويقاتلها دون هوادة، بل إن المفارقة الخطيرة جدًا في وجودها هو سبب وجودها.
فإن سلمنا جدلًا بما نسمع، دون الدخول بأي حسابات جانبية، لأُصبنا بالذهول جراء قراءة بسيطة لا تحتاج إلى أي مجهود ذهني أو تنظير وتحليل استراتيجي.
جميعنا نسمع من الذين يقاتلون داعش، أو من داعش نفسها، أن ما يقارب الخمسين قتيلًا يسقطون لها يوميًا على مساحة امتدادها الجغرافي، إن كان بسبب الحروب التي تُشن على مراكزها أو بسبب هجماتها التي تشنها على بعض المناطق.
فإن أخذنا هذا العدد، وهو أقل ما يمكن القبول به عقليًا، وهو 50 قتيلًا يوميًا لداعش، لعلمنا بأن داعش تخسر شهريًا ما لا يقل عن 1500 قتيل، أي بالعام الواحد يسقط لداعش ما يقارب 18 ألف قتيل. وإن ضُرب هذا العدد بالمعدل الطبيعي لناتج الحروب، وهو 4 جرحى مقابل كل قتيل، لكان حاصل المجموع 100 ألف بين قتيل وجريح.
هل تصورنا هذا العدد؟ 100 ألف بين قتيل وجريح، أي بعشرة أعوام مليون داعشي بين قتيل وجريح! فمن أين تأتي هذه الجموع لتنتسب إلى داعش، وهي مجموعة تكفيرية بربرية همجية، محكومة بعزلة دوليًا، وطريقة عيش مرفوضة اجتماعيًا ودينيًا في القرن الحادي والعشرين، ناهيك عن الفتاوى والاجتهادات التي تحذر من تداعيات سلوكها نفسيًا واجتماعيًا وتأثيرها المدمر على التطور المدني زمن العولمة؟
مع العلم بأن العدد هو أكبر من ذلك بكثير، فلا يُعقل أن يسقط على مساحة جغرافية تمتد من جبال لبنان إلى العمق العراقي، مرورًا بسوريا وحتى اليمن، مع بعض الجيوب المتواجدة في كافة البلدان العربية، والتي تُحارَب من قبل أجهزة هذه الدول الأمنية والعسكرية، 50 قتيلًا يوميًا.
هل يمكن أن نضيف أعداد المعتقلين والملاحقين من داعش في سجون هذه الدول؟ وكم بلغت أعدادهم؟
من أين تأتي داعش بالأسلحة والأدوية والأموال؟
الوجه واحد والمستعمر واحد، والذي سمح لأشخاص من فئة ومذهب مختلف أن تحكم شعوبًا، هي نفسها سوف تسمح لداعش أن تحكم أوطانًا وشعوبًا، وبنفس الأسلوب: قتل، تدمير، تهجير، سبي، وأفعال إجرامية لا يتصورها عقل أو يحدها منطق.
وأيضًا السبب واحد، وهو تخلف المجتمعات العربية وانقسامها الديني الطائفي.
خلاصة مختصرة:
إن الاستعمار نفسه، الذي خلق حكامًا بربطة عنق وعقلية دينية متطرفة موالية لمذاهبها أو طائفتها أو انتمائها ومكنهم من الحكم لمئة عام، هو نفسه سوف يسمح لداعش بأن تحكم، إنما بلحية شعثاء ووجه إجرامي وعقلية دينية تكفيرية.
ولكن مع مفارقة وحيدة ومختلفة، وهي أن النظم التي انتهى دورها، والتي كانت تُعِد فئة من الشعب للوصول إلى هذه الحالة من الإجرام بسبب التعذيب في المعتقلات وغياب الحوار واستعمال العنف المفرط، مما خلق نقمة وحالة نفسية مريضة عند أغلبية المعتقلين وحقدًا لن ولم ينتهِ مع سقوط هذه النظم. فداعش لا تعتقل أو تسجن، إنما تقتل مباشرة بأمر مباشر من الذين يدعمونها ويرسمون سياستها.
فاليوم المعركة واضحة، وإسرائيل هي المستفيد الوحيد من هذا التغير بسبب نجاحها بالحفاظ على كيانها دوليًا.
والتي كانت بالأمس سبب تخلف الشعوب العربية، ومقولة “لا صوت يعلو على صوت المعركة”، هي اليوم الصوت الأعلى والأقوى والمزدهر في المنطقة، والمستمرة إلى نهاية هذا العالم العربي المنتهي أصلًا.
والرجلان الوحيدان اللذان فقِهَا هذه المؤامرة هما الرئيس الراحل ياسر عرفات والرئيس اللبناني الراحل كميل شمعون.
كما علينا ألا ننسى الإمام الخميني، القائد الديني الشيعي والزعيم الإيراني، الذي تكلم عن إسرائيل وعمل جاهدًا على محاربة مشروعها من خلال وقوفه بوجه امتدادها الدولي. ومن هنا تحاول أمريكا إخراج إيران من هذه اللعبة لعلمها بثقافة هذا الشعب وحنكته السياسية، أو أقله إقناعها بالعدول عن مواجهة معركة الحريق أو المذبحة التي ستجري على الأراضي العربية مع تقديم إغراءات لا حدود لها.
ومن هنا، علينا أن نستعد لمئة عام تحكم فيها داعش هذا العالم الغارق بالظلمات والجهل والتخلف، وأن نفهم ونفقه بأن كل ما نسمعه من قصص عن العروبة والإمبريالية هي طروحات بالية أكل الدهر عليها وشرب وغاص بها، حتى صور الزعماء والحكماء وكتبهم هي مجرد أوراق قد نستعملها في غير أماكن استعمالها.
١٨/٥/٢٠٢٥
سبب توافق النظام العالمي والعربي على تهجير شيعة لبنان.
*بقلم: ناجي علي أمّهز*
منذ فجر البشرية، تميّزت الشعوب بخصائص فريدة طبعت وجودها في سجل الحضارة؛ شعب بالسحر، وآخر بالطب، وثالث باللغة والصين بالسلاح. وعندما نقرأ سرديات الأنبياء، نرى أن كل نبي واجه قومه بمعجزة تفوّقهم؛ النبي موسى واجه السحرة بمعجزة لقفت سحرهم، والنبي عيسى أحيا الموتى أمام عباقرة الطب، والنبي محمد أتى بمعجزة بلاغية لغوية أمام قوم عشقوا الشعر وتفننوا في الكلمة ومفرداتها.
فيما كان الغرب يدمج الشعوب المتفوقة علمياً وثقافياً في بنيته، مستفيداً من العقل الصيني في تطوير الأسلحة، ومن الخيال الفرعوني في صناعة الصورة والرواية، حتى أصبحت هوليوود أكبر مراكز “السحر الحديث”، كان العرب يغرقون في بحر الطائفية: هذا شيعي، ذاك سني، وذلك علوي أو درزي أو إسماعيلي… حتى داخل المذهب الواحد تحوّل الخلاف إلى اقصاء.
ومع هذا التمزق، بقي الشيعة استثناءً. جماعة لا تُروض. ترفض الاستبداد بالفطرة، تحمل في جيناتها فكر الحسين، وتمشي بثبات نحو الثورة حتى الموت. في مقابل أكثر من 90% من المسلمين الذين روضهم الفقه الأموي على طاعة “ولي الأمر” مهما فعل، ظلّ الشيعة وحدهم خارج السياق.
وقد بين المفكر الاسلامي الدكتور محمد شحرور هذه العلة عندما قال: “هذه المشكلة ظهرت أصلاً من تعريف القضاء والقدر عند الأمويين، حيث اعتبروا أن الله قضى منذ الأزل أن يحكم بني أمية، والقدر هو نفاذ هذا الحكم.”
ويكمل الدكتور شحرور: قال تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً} (النساء 59)
يستخدم الحكام منذ العهد الأموي وحتى اليوم هذه الآية للتحكم في رقاب العباد، معتبرين أن طاعتهم واجبة بأمر من الله، وأعانهم الهامانات في كل زمان، ابتداءً من اختراع أحاديث من قبل “إن كان لله في الأرض خليفة جلد ظهرك وأخذ مالك فأطعه”، إلى تأليف فتاوى ما أنزل الله بها من سلطان.
ونقول أن مصطلح “أولي الأمر” لا علاقة له مطلقاً من قريب أو بعيد بالأمراء والولاة والحكام، فالولي في اللسان هو النصير والمشرف والحليف والصديق والمطيع، ومنه الوالي أي القائم بحكم البلد وأهله.
ولذلك لم يكن مستغرباً أن تجد الغالبية العربية تصمت أمام مجازر غزة، بل وتدين المقاومة، وتدعم العدو بشكل مباشر أو غير مباشر. أكثر من مليونَي إنسان يُبادون نارًا وتجويعًا، ولا بلد عربي حرّك ساكناً، بل إن الرئيس الفلسطيني نفسه وصف المقاومين بـ”أولاد الكلب”، في تعبير صارخ عن الإجماع الرسمي على خنق أي نَفَس ثوري في المنطقة.
هنا تتضح حقيقة مفزعة: النظام العالمي لم يعد بحاجة إلى الأقليات بين العرب والمسلمين، لقد اكتشف أن الخطر الحقيقي ليس من وحدة العرب، بل من بعض تلك الأقليات ذات النَفَس الثوري.
المسيحيون العرب، وقفوا ضد مشروع “إسرائيل” منذ بداياته: من بيار الجميّل وشارل مالك وجبران تويني (الجد)، إلى ريمون إدّه وسليمان فرنجية (الجد والحفيد) وميشال شيحا وأنطون سعادة. وميشال عفلق وجان عزيز (متوفي منذ زمن)، وحتى فليب حبيب، وميخائيل نعيمة، وغيرهم، قادة ومفكرون كانوا يشكّلون خطرًا على المشروع الصهيوني من داخل منظومته الفكرية والسياسية. لكن الحرب الأهلية قضت على هذا الدور.
أما اليوم، فلم يبقَ سوى الشيعة. هم الوحيدون الذين خاضوا مواجهة فعلية مع “إسرائيل”. حملوا السلاح. انفتحوا على الأمة السنّية لتجنّب الوقوع في صراعات مذهبية، ومع ذلك ظلوا مطاردين، تُلاحقهم الفتاوى، وتشيطنهم الأنظمة.
الشيعة – خصوصاً اللبنانيين – وعلى قلّتهم، يملكون صوتاً إعلامياً وسياسياً وازناً، اكتسبوه من بيئة متنوّعة واحتكاك مع آليات الدولة والحداثة. ولهذا السبب، يرى النظام العالمي والعربي، لا بدّ من إسكات هذا الصوت.
ترامب، عندما استقبل “الرئيس أحمد الشرع، “هو اعتراف علني انه مبروك عليكم المنطقة”، بل ترامب طالب الشرع بحماية الاقليات، واسماهم اقليات اي ليسوا مواطنين سوريين يحق لهم الوصول الى سدة الرئاسة او رئاسة الوزراء، بينما سورية الماضي كان وزير اوقفها الاسلامية المسيحي فارس الخوري.
غزّة كانت المفصل. هناك، انكشفت اللعبة كاملة: الشيعة باتوا العقبة الأخيرة في وجه النظام العالمي الجديد، ويجب إزالتهم، تهجيرًا أو إبادة.” فبحسب الإحصاءات، لا يزيد عدد الشيعة في العالم العربي – دون العراق – عن 6 ملايين نسمة، ويمكن “التخلّص” منهم بسهولة، إما بإعادة توزيعهم نحو إيران والعراق، أو بتهجيرهم قسرًا إلى المجهول.
الشيعة اليوم هم الثورة الباقية، الدمعة التي لم تجفّ، الصوت الذي لا يسكت، والضمير الذي يُراد له أن يُمحى من المشرق، لانه مع انتهاء الشيعة تنتهي الثورة، وتموت الحرية.
لذلك، كل ما يُقال عن السلاح والشيعة ليس إلا تمهيدًا لتجريدهم من قوّتهم، تمهيدًا لإخراجهم من المعادلة بأقلّ كلفة ممكنة. فمع ترحيل الشيعة، ستنطفئ آخر حركة احتجاج سياسي في الدول العربية، إذ يُنظر إلى شيعة لبنان كأنهم مصدر التحريض على مطالبة الاقليات الشيعية في تلك الدول بحقوقهم المدنية في البرلمانات والمناصب والوظائف. كما ان النظام العالمي، الذي شاهد احتلال اسرائيل لاجزاء جديدة من سوريا دون مقاومة تذكر بينما عجز اكثر من 50 الف جندي اسرائيلي على احتلال بضعة امتار في الجنوب اللبناني، على ان اسرائيل ستكون السيد المطلق على المنطقة مع ترحيل الشيعة.
٢٠/٥/٢٠٢٥
الفرق بين الماروني الذي يُدرك، وبين الشيعي الذي لا يُدرك خطورة النزوح السوري
*بقلم ناجي علي أمّهز*
بدأ الساسة المسيحيون، خاصة النخب المارونية، يدركون خطورة ما يُحضَّر للبنان من تغيير ديمغرافي، سيدفع الجميع ثمنه. ما يحدث اليوم يُحاكي تمامًا ما جرى عام 1919، حين بدأت ترتسم معالم العالم الجديد بعد الحرب العالمية الأولى.
والذي رحل اكثر من 90% من المسيحيين من موطن المسيح في فلسطين لاجل اسرائيل سيرحل كل الشرق لاجلهم، وهذه نتيجة طبيعية لفئات عملت بذكاء ودهاء كبير على ترتيب المنطقة بحيث تستطيع فئة قليلة جدا حكمها.
نعم، ترحيل الشيعة من لبنان أصبح مطلبًا دوليًا يتردد صداه في أروقة القرار العالمي والعربي. لكن النخب المسيحية تسأل اليوم: ماذا بعد الترحيل؟
فالشيعة لن يعودوا إلى الوراء، مهما كان الثمن، حتى لو اضطروا إلى خوض معركتهم الأخيرة… معركة ستكون “غزة” ثانية. والشعوب العربية، التي لم تحرّك ساكنًا لغزة بل ساهمت في حصارها بالصمت أو التواطؤ، لن يختلف دورها في حال استهداف الشيعة، وسط احتقان طائفي غير مسبوق.
فاليوم، مفتي سوريا يصف الشيعة بالسرطان ومجوس الأمة، وحاخام اليهود يعتبرهم “غوييم” خطيرين على محيط إسرائيل. أما معظم الأطراف الدينية، فتُحلّل استباحة دماء الشيعة جهارًا.
الجميع يعلم – اللبنانيون ودول القرار – أن القتل الإسرائيلي اليومي في الجنوب هو استفزاز مباشر للطائفة الشيعية. فالصاعد إلى الجنوب مفقود، والخارج منه مولود. الهدف واضح: جرّ الشيعة إلى إطلاق رصاصة واحدة، تأخذها إسرائيل ذريعة لشنّ عدوان واسع بدعم امريكي اوروبي علني، يرافقه حصار دولي وربما تفجير داخلي عبر خلايا متشددة، لإدخال لبنان في الفصل الأخير من تاريخه وتعدديته.
لذلك، أطالب المحللين في فلك المقاومة بالتوقف عن التصريحات والتحديات، وتخفيف العنتريات. كل تصريح يُسجل، وسيُستخدم لاحقًا كسلاح ضد البيئة الشيعية، تمامًا كما جرى بعد اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري. فقد استُخدمت تصريحات سابقة، كانت في سياق السياسة، لتوجيه الاتهام للمقاومة، رغم علم الجميع، بمن فيهم المقرّبون من الشهيد الحريري، أن المقاومة كانت الأقرب إليه، وكانت لتضع الاستراتيجية الدفاعية بيده، لو بقي حيًّا… رحمه الله.
لكن السؤال الأكبر الذي يطرحه المسيحيون اليوم: ماذا بعد تهجير الشيعة؟
من سيملأ الفراغ؟
هل سيبقى أبناء البقاع والضاحية وبيروت هم أنفسهم؟
أم سنشهد مجتمعات بشرية لا تشبهنا لا في الشكل، ولا في اللهجة، ولا في الفلكلور والعادات؟
الشيعة يسمّون أبناءهم بأسماء قديسين مسيحيين. أنا مثلًا، أختي اسمها “برناديت”.
فهل الوافد الجديد يؤمن بهذا التعايش؟ هل يفهم هذه الروح؟ هل يملك ذات آليات الحياة في لبنان؟ هل يعرف حكاية كل شجرة ومعلم وتمثال وذكرى تاريخية.
نعم، بعض المسيحيين يقولون إن الشيعة لا يُشبهونهم… وهذا طبيعي، ففي البيت الواحد قد لا نتشابه.
لكن ماذا سيقول المسيحي حين يجد نفسه وسط من لا يعرفهم، ولا يفهمهم، من مئات الاف النازحين؟
المسيحي اليوم بدأ يرفع صوته: هناك حملات توعية نفسية وسلوكية بدأت لإخراج السوريين من بين البيوت المسيحية.. بدأ البعض يقول: الشيعة اجداد عن اباء هم لبنانيين.
أما الشيعة – للأسف – فكثير منهم يعبد المال.
لو جاءه سوري ودفع دولارًا واحدًا أكثر من ابن بلده، لأجّره البيت، واشتغل عنده، حتى لو كان هذا السوري هو سبب نفيه وتهجيره.
المسيحيون على كل المستويات يتحركون لطرد السوريين.
فهل حان وقت التحرك الشيعي؟
أين الخطاب الشيعي الواضح الذي يطالب بخروج هذه القنابل الموقوتة من بيننا؟
لا نقول نكرههم، بل فليعودوا إلى بلادهم، وليكفّوا عن لعب دور “البديل” للشيعة في أرضهم واعمالهم وارزاقهم، فالسوري لن يأحذ مكان المسيحي في غالبية الوظائفه لانه اصلا لا يعرف عنها شيء ولا هو هو مهيأ لها.
وبما أنني لا أُعوّل على غالبية المحلّلين الذين يدورون في فلك المقاومة أن يطرحوا، ولو لمرة واحدة، خطورة النزوح السوري، فذلك لأن معظمهم إما بعثيون سابقون أو قوميون سوريون يؤمنون بسوريا الكبرى، ولذلك لا يرون في هذا النزوح خطراً، أو ربما لا توجد هذه الفكرة أصلاً في قاموسهم السياسي.
حتى الأحزاب الشيعية؟ كنا نقول في الماضي: لا يستطيعون الضغط لأنهم حلفاء للنظام السوري الذي يقدم الكثير في سبيل الدفاع عن فلسطين ودعم المقاومة، اليوم يوجد نظام سوري هو ضد المقاومة والشيعة وكل من ينسب لهم او حتى بفرع منهم…
اناشد رجال الدين الشيعة، التحرك لاخراج النازحين؟
كما اناشد السياسيين الذين يُمضون وقتهم يتحدّثون عن ترامب، ولا يتحدثون عن الذين سينفذون مخطط ترامب!
مع أن الشهيد السيد نصرالله – رضوان الله تعالى عليه – قال أكثر من مرة إن الحزب سيدعم ويعمل ويسخر علاقاته مع بشار الاسد لإعادة النازحين.
إن كان الشيعة مليونًا ونصف، فهناك 300 ألف رجل قوي بالغ.
لكن السوريين اثنان مليون، منهم أكثر من 700 ألف رجل بالغ مدرّب على فنون الحرب والقتال.
المسيحي بدأ يُدرك، ويُغيّر مساره السياسي بميزان شديد الدقة لانه يريد ان يوازن بين طلبه بتطبيق القرارات الدولية وحصر قرار السلم والحرب بيد الدولة، وعملية نزع السلاح وبقاء الشيعة، لأنه يعلم أن انهيار لبنان يعني انهيار الوجود المسيحي الرسمي في الشرق الأوسط.
أما الشيعي، المحاصر من كل الجهات، فهو غارق في الفوضى. ورغم كل المآسي التي أصابته، والخطر الوجودي المحدق به، نجد أن بعضهم انشغل بخلافات شيعية–شيعية على مختار او بلدية، بدل أن يكونوا جميعاً يداً واحدة. وهناك من يؤجّر أو يوظّف السوريين إما طمعاً بدولارات قليلة، أو توفيراً لها، لكنه لا يعلم أن ما يفعله اليوم سيجعل كل تاريخه، وما بناه عبر الأجيال، مهدداً بالضياع، وأن هذه الأملاك والأرزاق ستصبح غداً بيد فئات أخرى، تصادرها وتتنعم بها دون أن تبذل جهداً فيها.
يا شيعي، فيق… استيقظ!
المسيحي اليوم يخوض معركة عودة النازحين من أجل لبنان، ويقاوم تمدد السوريين كي لا يصبح وجودهم واقعاً مفروضاً، او بديلاً عن فئات لبنانية مستهدفة الحكومة السورية نفسها تعلن العداء لها.
يا شيعي، على الأقل عرقل ما يُعَدّ لك… لا تكن شريكاً في مؤامرة هي بالاساس عليك، ثم تضع اللوم في النهاية على الأميركيين أو الطليان!
٢٠/٥/٢٠٢٥
بعد تصريح وزير الخارجية الامريكي منذ دقائق، هل هناك من يشك بضرورة عودة النازحين الى سوريا قبل ان بلجأ المزيد للبنان.
هل هناك بعد من يسال عن ما هو قادم على هذه الدول من فوضى لن تترك شيء على ما هو،
يجب العمل على عودة النازحين وما تحدث عنه وزير الخارجية الامريكي هو النفير لاوروبا كي لا يلجأ اليها المزيد من المهاجرين من سوريا.
🛑 》الولايات المتحدة الأميركية: وزير الخارجية: الانهيار المحتمل للسلطة الانتقالية السورية قد يكون على بعد أسابيع لا أشهر.
🛑 》الولايات المتحدة الأميركية: وزير الخارجية ماركو روبيو: سوريا قد تكون على بعد أسابيع من “حرب أهلية شاملة”.
٢٢/٥/٢٠٢٥
حراك مسيحي لبناني في أميركا وفرنسا في ملف النازحين السوريين… وغيابٌ تام للشيعة
*بقلم: ناجي علي أمّهز*
مقدمة:
في وطنٍ لم يبقَ فيه ما يُدافع عنه سوى الذكريات، يُطلّ علينا ملف النازحين السوريين ككابوسٍ ديموغرافي واقتصادي واجتماعي، يُهدّد ما تبقى من الكيان اللبناني المتعب. وكأنّ لبنان الذي تقاسمته الطوائف على مدى قرن، يعيد رسم خرائط الديمغرافية من باب اللجوء والنزوح، لا من باب الحروب والاجتياحات.
في خضم هذا المشهد، يبرز حراكٌ مسيحيّ لافت—سياسي وديني—من لبنان الى باريس وواشنطن، يحاول ترميم ما يمكن ترميمه من الهوية اللبنانية، وحفظ “العيش المشترك” الذي يتهدّده خطر التمدد الديمغرافي السوري. في المقابل، يلفّ الغياب الصارخ للموقف الشيعي، وكأنّ الطائفة الأكثر عرضة لخطر هذا المتغير، قد أُسِرَت داخل مصالح صغيرة، لا ترى الكارثة القادمة.
هذا المقال هو صرخة… صرخة عقل، لا طائفية فيها، ولا كراهية، بل محاولة للقول إنّ من يغرق في المياه الراكدة لا يلوم التيار حين يجرفه.
البداية: تشير بعض الدراسات إلى أن ما يقارب 60 ألف شقة قد تضررت أو تهدمت كليًا بسبب الحرب الإسرائيلية على لبنان، وقد عانى الشيعة الأمرّين خلال مرحلة النزوح، إذ لم تكن هناك شقة واحدة شاغرة، حتى لدى الملاّكين الشيعة أنفسهم، حيث كانت غالبية الشقق مؤجّرة لسوريين. الأمر الذي اضطر العديد من العائلات الشيعية إلى دفع آلاف الدولارات لقاء إيجارات، فيما لجأ الباقون إلى افتراش المدارس.
السؤال المحوري: في حال اندلاع معركة جديدة مع العدو الإسرائيلي، لا سمح الله، أين سيلجأ النازحون الشيعة؟ علمًا أن النزوح السوري يشغل أكثر من 30% من عقارات لبنان، ويهيمن على نحو 50% من المصالح الصغيرة، بما فيها محلات البقالة والخضار والمهن اليدوية.
وفي سيناريو آخر أكثر خطورة، إذا ما تحوّلت سوريا إلى ساحة فوضى مشابهة لليبيا ـ كما حذر وزير الخارجية الأميركي ـ فكيف سيكون حال الشيعة في لبنان؟ خصوصًا مع وجود عدد كبير من النازحين السوريين بينهم، ينتمون لدولة، ولفصائل متشددة، ولرأي عام بالغ العدائية تجاه الشيعة، حتى بات من شبه المستحيل حتى زيارة المقامات الدينية الشيعية في سوريا دون تعريض النفس للخطر.
ثم تصرّيح المتحدثة باسم الخارجية الأميركية مورغان أورتاغوس بأن:”يمكن للبنان ان يتعلم درسًا من الشرع”
وتاكيدها “بأن الطريق إلى السلام والازدهار واضح وهو عبر نزع سلاح الحزب ليس فقط جنوب الليطاني بل من البلد كله
المقال:
ما إن هدأت عاصفة الانتخابات البلدية ورُسِمَت موازين القوى، حتى تبيّن أن القاسم المشترك الأبرز بين غالبية البلديات المسيحية هو ملف واحد: معالجة النزوح السوري.
ولا يقتصر هذا الحراك على المسيحيين فحسب، إذ يسجَّل أيضًا حراك درزي نشط، وإن كان بعيدًا عن الإعلام. هذا الحراك اشتدّ عقب الاشتباكات التي اندلعت في سوريا بين الدروز وبعض الفصائل الإسلامية المتشددة، مدعومة من بعض العشائر السورية، ما أودى بحياة عشرات الدروز. وبهدف منع تداعيات هذه المعارك من التمدد إلى احتكاك داخل لبنان، بدأ “العقلاء” في الطائفة الدرزية بمعالجة الملف عبر تشديد معايير السكن والتوظيف، ومنع الإيجارات غير القانونية.
أما داخل الطائفة المارونية، فقد لوحظ بوضوح تصاعد شعبية التيار الوطني الحر، الذي يبدو أنه وجد في ملف النازحين الوسيلة الأخيرة لإعادة رصّ الصفوف تمهيدًا للانتخابات النيابية. وهذا ما اثبته، ان احد شروطه الأساسية لدعم أي لائحة بلدية هو: معالجة ملف النزوح السوري.
ويرى مراقبون أن هذا الملف بات “الدينامو” الوحيد القادر على إعادة إحياء الخطاب الشعبي والتيار السياسي للتيار الوطني الحر، في ظل تراجع الملفات الأخرى.
ومع إعلان الرئيس ترامب رفع العقوبات عن سوريا، وما تبعه من إجراءات أوروبية مماثلة، بدأ الحراك المسيحي يأخذ بعدًا دوليًا منسّقًا، إذ يُعتبر هذا الملف اليوم من أخطر التحديات التي تهدد الكيان اللبناني: ديمغرافيًا، اقتصاديًا، وأمنيًا. وقد زاد من جدية الطروحات ما قاله وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو متوقعًا اندلاع “حرب أهلية شاملة” في سوريا خلال أسابيع.
ولم تقتصر التحركات على التصريحات، بل تجلّت في:
• في طليعة المواقف الرسمية، برزت مواقف فخامة رئيس الجمهورية اللبنانية العماد جوزاف عون، التي كانت الأكثر حضورًا، إذ لم تخلُ تصريحاته، سواء خلال لقاءاته مع الرؤساء والوفود أو على المنابر الدولية، من التأكيد على موقف لبنان الحريص على التنسيق مع دمشق، لا سيما في ما يتعلّق بملف النازحين السوريين، وضرورة تأمين عودتهم الآمنة والكريمة إلى بلادهم. وقد شدّد على ذلك مجددًا في مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.”
• الرئيس السابق ميشال سليمان، الذي اعتبر في تصريحاته الأخيرة أن “ليتنا نستطيع إقناع الإدارة الأميركية بتسهيل عودة النازحين السوريين”.
• بيان المطارنة الموارنة من بكركي، الذي رحّب برفع العقوبات عن سوريا لما له من أثر إيجابي على عودة النازحين وتخفيف الضغط عن لبنان.
• النائب جورج عدوان، حيث تفاعل معه كافة شرائح الجبل والشوف عندما تحدث : “الحكومة لا تقوم بواجباتها بالسرعة المطلوبة في ملف النازحين السوريين وما حدث في سوريا يجب أن يُستفاد منه في لبنان”.
• النائب ندى البستاني، خلال جولتها الامريكية تبين انه على راس اولوية زيارتها خلال اللقاء مع نواب وشخصيات رسمية امريكية هو ملف النزوح السوري.
• النائب بيار بو عاصي، اثناء زيارته العاصمة الفرنسية، حيث طغى على زيارته ملف النزوح السوري وشرح تداعياته الخطيرة على لبنان حيث اكد امام رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب الفرنسي برونو فوكس على: “وجوب عودة السوريين المقيمين بشكل غير شرعي في لبنان إلى بلادهم لما يشكل استمرار إقامتهم من خطر وجودي على لبنان”.
مقابل هذا الحراك المسيحي المنظم، يلحظ الجميع غيابًا شبه تام لأي حراك شيعي—سياسي أو ديني أو إعلامي—في هذا الملف.
وبما أننا لا نُعوّل كثيرًا على مواقف السياسيين والإعلاميين الشيعة في هذا الملف، فإننا نكرر دعوتنا إلى رجال الدين الشيعة، أسوة بالكنيسة المارونية، أن يكون لهم موقف واضح وجريء من هذا النزوح. لا من باب الكراهية أو الرفض الإنساني، بل من باب الواقعية والعقل وتطبيق القانون.
او اقله أن يصدر موقف رسمي عن الحكومة ورجال الدين في السورية بما يتعلّق بتصنيف الشيعة، كرد جميل للشيعة على تضحيتهم بنفسهم تجنبا لاثارة ملف النازحين السوريين،
لكن ان يبقى التحريض الديني الإعلامي السوري ضد الاقليات وتحديدا الشيعة من اجل كسب ود دول القرار، وتواجد ما لا يقل عن مليون نازح سوري في قلب مناطق الشيعة، فان هذا الامر خطير للغاية، والاخطر هو غياب الشيعة عن استشعار هذا الخطر.
تقول لغالبية الشيعة: ” الخطر الإسرائيلي حقيقي ووجودي وهناك خطر أميركي يقترب منكم.” تجد لا مبالاة”
تقول لهم: تشير كل الدراسات والإحصاءات أن الخاسر الأول من التغيير الديمغرافي بفعل النزوح السوري، هم الشيعة أنفسهم…ايضا: “لا مبالاة!”
بالختام حين تغيب الطائفة عن قضاياها المصيرية، فإنها تتحوّل إلى وقود في معركة لا تعرفها.
وحين يُصبح الموقف رهينة لا مبالاة، فإن الكيان الطائفي كله قد يُباد بصمت.
٢٧/٥/٢٠٢٥
بداية، الشكر للذكاء الاصطناعي، كونه أصبح عاملًا مهمًا في النقاش، حيث بدأ الكثير ينظر إلى مقالات ناجي أمهز بأبعاد مختلفة عن السابق، ويتم تشريحها بعمق أكبر، ومع الأيام وتطور الأحداث يظهر عمقها واستشرافها لأحداث لم يكن أحد يتخيّلها.
شكرًا لتداول المقال الذي نشر عام 2021 والذي يكشف عن المخطط الأمريكي لنزع سلاح حزب الله، والتطبيع، والسماح لإسرائيل بالتنقيب في بلوك رقم تسعة، وأسباب الحرب الروسية–الأوكرانية، وهي تحرّر أوروبا من روسيا والبحث عن بدائل للغاز الروسي. وسيفهم من هذا المقال أن إسقاط الرئيس الأسد هو لإبعاد روسيا عن المنطقة.
ومن هذا المقال يُفهم أنه ربما الحكم اليوم في سوريا خدع تركيا، بعد أن نجحت تركيا في خداع روسيا؛ بمعنى أن تركيا اعتقدت أنها ستنجح، من خلال الفصائل الإسلامية السورية المتشددة، في عرقلة الفرنسيين، كما عرقل المتشددون الإسلاميون الفرنسيين في ليبيا. وكما أُخرجت تركيا من ليبيا اليوم، فإنه أيضًا لن يُسمح لها بتمدد نفوذها إلى منابع النفط واحتياط الغاز.
وايضا سيفهم من هذا المقال اسباب تدمير غزة وتهجير اهلها لبناء قناة بن غوريون واحتلال اجزاء جديدة من سوريا ومحاولة اسرائيل السيطرة على جنوب لبنان وعلى الغاز بموافقة امريكية، لان هذه العوامل تساعد الكيان الاسرائيلي على التخلي عن المعونات خاصة الامريكية مما يحررها اكثر من الضغوط الدولية.
أسباب انتشار المقال بعد سنوات:
قبل أربع سنوات، لم يكن أحد يتوقع أنه يمكن تجاوز روسيا، حتى بعد اندلاع الأزمة الروسية–الأوكرانية، إذ اعتقد الكثيرون أن روسيا ستنهي المعركة خلال أيام.
قبل أربع سنوات، لم يكن أحد يعتقد أن “إسرائيل” قادرة على السيطرة على الغاز اللبناني في الجنوب، بل كان الاعتقاد السائد أن منصات الغاز في الكيان الإسرائيلي هي المهددة، بفعل قدرة حزب الله على استهداف هذه المنصات.
قبل أربع سنوات، لم يكن أحد يتخيّل أن “إسرائيل” تسعى للتحرّر من المعونات والسياسة الأمريكية.
قبل أربع سنوات، لم يكن أحد يتوقع أن تذهب أوروبا إلى حرب كبرى مع روسيا، بهدف التحرّر من السيطرة الروسية على القارة، بسبب الحاجة الأوروبية الضرورية إلى الغاز.
قبل أربع سنوات، لم يكن أحد، قطعًا، يتصوّر أن الحديث عن التطبيع ونزع سلاح حزب الله سيتحوّل إلى مطلب جدي، سواء داخليًا أو دوليًا، كما يحصل اليوم، حيث كانت سوريا تشكّل الشريان الحيوي لدعم المقاومة، كما أن قوة المقاومة كانت تفرض شروطها الإقليمية.
قبل أربع سنوات، لم يكن أحد يتصوّر أن التقسيم قد يحدث. لكن اليوم، التقسيم قائم فعليًا. فمنذ إعلان وقف إطلاق النار حتى اليوم، سقط أكثر من 500 مواطن لبناني بين شهيد وجريح، ودُمّرت عشرات المنازل، وتُسجّل اعتداءات يومية، ومع ذلك، حتى في الإعلام، يمرّ الخبر وكأنه يحدث في دولة أخرى.
اترككم مع المقال:
*ماكرون والتقسيم وأسباب فشل أي حل سياسي*
*بقلم: ناجي علي أمّهز*
4 – 12 – 2021
منذ عام 2019، وأنا أقول إنه لا يمكن تشكيل حكومة في لبنان.
وهذه الجملة لا أقولها لأن الشعب – رغم فقره وكثرة مشاكله – أو الساسة – وعلى عِلّتهم – لا يريدون حكومة، بل لأن الدول الكبرى ومن يدور في فلكها لا يريدون حكومة في لبنان.
أولًا:
الدول الكبرى هي من حافظت على منظومة الفساد في لبنان، وقامت بحمايتها ورعايتها ودعمها، ونفختها ومنحتها أكثر من حجمها. وهي نفسها من سهّلت وسمحت للمنظومة الفاسدة بنهب الشعب اللبناني وإفلاس الدولة.
فما من قرش خرج من لبنان إلى أي بنك خارجه، ولا عقار تم تسجيله باسم شخصية لبنانية في هذه الدول، إلا وكان بموافقة ضمنية أو صريحة من الدول الكبرى.
تلك الدول لا يُمكن فيها نقل الأموال أو تحويلها دون رقابة صارمة. لذلك، عندما يتم إيداع أي مبلغ في هذه البنوك الكبرى، يُستحصل على موافقة مسبقة، أو على الأقل يُطلب تعريف يثبت أن هذا الشخص لا يبيّض أموالًا أو يموّل الإرهاب. وينطبق الأمر نفسه على شراء العقارات.
ثانيًا:
حماية هذه الدول لمنظومة الفساد مردّها إلى تحويلهم إلى دمى، تُنفّذ ما يُملى عليها تحت التهديد بمصادرة أموالهم وفضحهم.
لكن بما أن فساد المنظومة وحده لا يكفي لإذلال الشعب، وجعله ينقلب على الحزب المستهدف أولًا خدمةً للعدو الإسرائيلي، كان لا بد من خطة موازية:
تجفيف مصادر الأموال الآتية إلى لبنان – من المغتربين، ومن بعض الصادرات، ومن سوريا والعراق والخليج – عبر العقوبات وملاحقة المتمولين، وضرب القطاع السياحي، ثم تفجير المرفأ، الذي كان شريانًا للعملة الصعبة.
في المقابل، كان يُطلب من منظومة الفساد إخراج الأموال من لبنان إلى البنوك الكبرى، وشراء العقارات، تمهيدًا للحظة مفصلية ينهار فيها كل شيء.
ثالثًا:
هذه الدول كانت تعلم بدقة كمية الأموال في البنوك اللبنانية – أكثر من الشعب نفسه – وكانت تُحصي كل دولار يخرج.
وعندما حان الوقت، انهار كل شيء، وصار اللبنانيون مستعدين لقبول أي حل، حتى لو على حساب السيادة والحدود، وبيع أصول الدولة وثرواتها.
كل ما جرى ويجري هدفه جعل لبنان فريسة سهلة للانقضاض عليه.
وإن كانت الدول الكبرى ومنظومة الفساد قد أوصلتنا إلى هنا، فمن الغباء أن ننتظر منها حلًا.
جولة ماكرون لم تكن لمساعدة لبنان، بل لتقديم أوراق اعتماده كمنفّذ أمين للأجندات الدولية، مقابل الغاز اللبناني.
وأمريكا لن تحل مشكلة اللبنانيين إلا إذا ساروا بالتطبيع، ونزعوا سلاح الحزب، وسمحوا لإسرائيل بالتنقيب في البلوك رقم 9.
ولهذا السبب سمحت أمريكا لشركة هالبيرتون بتوقيع عقد تنقيب مع الكيان الإسرائيلي في هذا البلوك، لأنها متأكدة أنها ستأخذه، وإلا لما سمحت بالعقد.
اليوم، جميع الدول تدرك أن لبنان “انتهى”، وهناك سباق على تقسيم التركة.
روسيا تحاول التدخّل في الشمال لقطع الطريق على الفرنسيين ومنعهم من أخذ الغاز، لأنها تعرف أن تحرر أوروبا من الغاز الروسي يعني فقدان روسيا 90% من وزنها السياسي.
وهي تشجّع التدخل التركي في طرابلس أيضًا، في إطار صراعها مع فرنسا الذي بدأ في ليبيا.
أمريكا تسعى للسيطرة على البلوك رقم 9 لتقدّمه لإسرائيل، كما قدّمت لها القدس. فالنظام العالمي العميق مهتم بتحرير إسرائيل من المعونات.
لكن في لبنان قوة واحدة تعرقل هذه المشاريع: سلاح الحزب.
هو القادر على تعطيل التنقيب في البلوك 9 والبلوك 4، إذا خرجت الأمور عن السيطرة. ولهذا يُطرح اليوم مشروع “الدويلات اللبنانية”.
التقسيم هو الغاية، لتخفيض الأعباء على الدول المتدخلة.
الفرنسيون يسعون لتقسيم يجنّبهم أي صراع أو اشتباك يعرقل خطتهم أو يضاعف خسائرهم.
هم لن يتدخلوا في الدولة الشيعية مثلًا، ولا يهمهم من يحكمها.
التقسيم يوفّر لهم بيئة حاضنة ومستقرة.
مثال:
قيام دولة جبل لبنان، وجزء من عائدات البلوك رقم 4 تكفي لحوالي مليون شخص يعيشون في بحبوحة.
أما تقاسم هذه العائدات على خمسة ملايين لبناني؟ فخسارة.
الخلاصة:
لا دولة كبرى، ولا من يدور في فلكها، مستعد أن يقدّم جرعة دواء واحدة للبنان.
المطلوب: موت لبنان، لتقسيم تركته، ولإزالة خطره عن إسرائيل.
٣٠/٥/٢٠٢٥
هل سلاح حزب الله غير شرعي؟ ومن هي الدول القادرة على مدّ الشيعة بمليار دولار سنويًا؟
*كلمة بقلم: ناجي علي أمهز*
*حضرات السيدات والسادة*
البداية:
هذا الكلام غير موجّه إلى فئة أو طائفة أو حزب، بل هو توصيف لواقع يجب أن يطّلع عليه الجميع.
لأن الفكرة الأساسية التي تسعى إليها إسرائيل من خلال عملية نزع سلاح حزب الله بالقوة، أو حتى عبر الضغط الأميركي على بعض الأفرقاء السياسيين، هي الوصول إلى هذه النتيجة.
الفكرة ببساطة: كما أنك عندما تهدم منزلًا لبناء آخر جديد تحتاج إلى مساحة فارغة ترمي فيها الركام القديم، كذلك في مشروع “الشرق الأوسط الجديد” هناك الكثير من الركام البشري، وهنا المقصود الأقليات الدينية والفلسطينيون، الذين يجب أن يكون لهم مكان يُوضَعون فيه.
والأرض التي يُعتقَد أنها مهيّأة لتكون تلك المساحة التي يُسكَن فيها كل هؤلاء، هي لبنان.
ولكي يتحقق هذا المخطط، يجب أن يدخل لبنان في الفوضى.
أما المدخل إلى الفوضى، فهو الصراع حول سلاح حزب الله بدل التفاهم على استراتيجية تعالج هذا السلاح.
*حضرات السيدات والسادة*
في أعراف السياسة الدولية، لا يُقاس الخطر بحجم الضجيج، بل بعمق العمل في صمت. ومن هذا المبدأ، لا أجد حرجًا في القول إن الخطاب الذي يصدر أحيانًا عن بعض الجهات اللبنانية بشأن سلاح حزب الله، هو خطاب شعبوي بامتياز. حتى بعض الجهات التي تعتقد أنها تدافع عن سلاح الحزب، تقع بدورها في فخ الشعبوية.
كل هذا الضجيج لا يرقى إلى مستوى النقاش الوطني المسؤول، ولا يستند إلى معايير سيادية ووطنية، أو حتى واقعية.
ومع كل التباينات، نراهن على أن هذه الجهات، بحكم موقعها السياسي، تملك من الرؤية والمسؤولية ما يؤهّلها لتقديم طرح وطني متكامل، بعيدًا عن الانفعالات الإعلامية. إذ إنّ محاولة نزع سلاح مقاومة حملت عبء الدفاع عن الوطن في أصعب اللحظات، وبدعم من قرارات حكومية وتفاهمات أُقرت في الأمم المتحدة بعد عام 1996، هي مقاومة شملتها البيانات الوزارية ونالت شرعية الدولة نفسها.
أما الذهاب إلى نظرية نزع سلاح حزب الله، في ظل ظروف إقليمية معقّدة، تُعيد تشكيل خرائط الكيانات وتستهدف الأقليات في وجودها، بينما إسرائيل تعاود احتلال أجزاء من لبنان وتغتال ابناء الطائفة الشيعية وتعتدي يوميًا حتى لمجرد الشبهة، فهذا ليس نقاشًا وطنيًا بل وصفة جاهزة لتقسيم لبنان إلى الأبد. فإضعاف أي مكوّن لبناني من دون تفاهمات شاملة، شبيهة بما جرى في اتفاق الطائف، يفتح الباب أمام فتنة لا تبقي ولا تذر.
وحين يُقال إن سلاح حزب الله غير شرعي، نسأل: ماذا نقول عن آلاف الشهداء الذين سقطوا لتحرير الجنوب من الاحتلال؟ هل سقطوا في معركة “خارج القانون”؟ هل أمهات الشهداء وعائلاتهم، التي تعيش على الدعم الشهري المباشر من الحزب، يجب أن تُدرج ضمن “ضحايا الفوضى”؟ هذا المنطق ليس قاسيًا فحسب، بل خطير، لأنه يطعن في التاريخ الرسمي اللبناني منذ عام 2000، ويشكك في الميثاقيات الوطنية التي أجمعت عليها الحكومات، من “عيد التحرير” الذي أقرته الدولة اللبنانية، إلى ثلاثية “الجيش والشعب والمقاومة”.
ولنفترض جدلًا أن المجتمع الدولي والدول المانحة تطالب بنزع سلاح حزب الله، وتعتبره تنظيمًا غير شرعي، فهل هي مستعدة حرفيًا لتحمّل ما يعنيه ذلك ماليًا واجتماعيًا؟
لا يمكن الحديث عقلانيًا عن مصير السلاح، من دون التوقف عند البنية الاجتماعية والاقتصادية التي يقوم عليها الحزب. نحن لا نتحدث فقط عن السلاح، بل عن شبكة دعم اجتماعي تصرف أكثر من 50 مليون دولار شهريًا على عائلات الشهداء والجرحى والمقاتلين والمتفرغين، فضلًا عن مؤسسات خيرية تقدّم خدمات مجانية لأكثر من 400 ألف مواطن.
من سيتكفّل بهذه الكلفة الهائلة التي تتجاوز مليار دولار سنويًا؟
• هل الدولة اللبنانية قادرة؟ لا.
• هل واشنطن وباريس مستعدتان؟ أبدًا.
• هل تُترك هذه العائلات في العراء، وتتحوّل من سند للوطن إلى ضحايا لانهيار اجتماعي شامل؟
إذا كان الجواب “نعم”، فنحن أمام انهيار لن يطال الجنوب والضاحية والبقاع فحسب، بل سيمتد على مساحة الوطن.
الخطأ السياسي لا يدفع ثمنه شخص، بل الشعب، الكيان، الوطن، بل الخطر على علة الوجود اللبناني نفسه.
وقبل أي نقاش عن نزع السلاح، نطرح سؤالًا بسيطًا وجوديًا: من يضمن أمن قيادات حزب الله ومقاتليه بعد نزع سلاحهم؟
هل نثق بهذه الدول التي عجزت عن ضمان أمن لبنان من اعتداءات إسرائيل اليومية؟ هل نطمئن لحماية أممية فشلت في تنفيذ القرار 425 لعقود؟
حضرات السيدات والسادة،
ما يتمثل أمامكم في هذا الملخص من خطر هو فقط الجانب الاقتصادي، فكيف إذا أكملتُ لكم ما قد ينتج عن انهيار دراماتيكي قد يُطيح بكل شيء، حتى داخل المؤسسات الرسمية اللبنانية؟
في الختام، الشيعة هم جزء طبيعي وأصيل من مؤسسات الدولة. وإذا شعر أبناء الطائفة الشيعية، أو أي طائفة أخرى، بأن وجودهم مهدَّد، فمن الطبيعي أن يلتفّوا حول طائفتهم، فالتآمر الدولي لا يرحم.
حتى الموارنة أنفسهم، حين تآمرت عليهم الولايات المتحدة الأميركية بالتوافق مع حافظ الأسد، سُحبت منهم الصلاحيات، وغُيّبت قياداتهم السياسية، وهاجر من الوطن أكثر من 40% من أبنائهم، ولفترة طويلة حكم الموارنة زعماء مسيحيون من غير الموارنة.
فهل يمكن أن نتخيل حجم الفوضى، التي قد تصيب لبنان إذا لم تتدخل الحكمة الوطنية في مسألة مقاربة سلاح حزب الله؟
وفي المقابل، من سيربح من كل هذه الفوضى التي قد تدخل لبنان في نفق لعقود قادمة؟
إنها إسرائيل.
اذا كانت القوى اللبنانية والدول حريصة فعلًا على لبنان، فلتكن خطواتها ضمن رؤية وطنية شاملة، تعيد بناء الدولة على أسس جديدة، وتضع آلية انتقالية تعترف بالمراحل السابقة دون إنكارها. فالحكم استمرارية، والطعن بشرعية قرارات سابقة يفتح الباب للطعن بكل شيء صدر عن الدولة منذ الطائف حتى اليوم.
الرؤساء الهراوي، لحود، سليمان، ميشال عون… هل وصفوا يومًا سلاح المقاومة بأنه غير شرعي؟
رؤساء الحكومات، من الشهيد رفيق الحريري إلى نجيب ميقاتي، هل أصدروا يومًا بيانًا يقول بذلك؟ حتى في حكومة الرئيس فؤاد السنيورة، جاء في البيان الوزاري 2008:
“تعتبر الحكومة أن المقاومة اللبنانية هي تعبير صادق وطبيعي عن الحق الوطني للشعب اللبناني في تحرير أرضه والدفاع عن كرامته…”
أما تفاهم نيسان 1996، فقد رعته الأمم المتحدة، وعنونته الصحافة العالمية بقولها: “الحريري رجل الدبلوماسية الأبرز عالميًا”، وهو بمثابة اعتراف دولي بشرعية حزب الله.
عيد المقاومة والتحرير في 25 أيار، الذي يُحتفل به رسميًا تحت رعاية مجلس الوزراء، هو تتويج لهذه الشرعية. بل إن مشاركة الرئيسين لحود ورفيق الحريري في الاحتفال الرسمي بذلك العيد هي ذروة الشرعية السياسية لسلاح المقاومة.
فهل السلاح غير شرعي؟
الجواب واضح: لا.
ولا يمكن لأي طرف أن يقول بذلك إلا إن كان يقصد الطعن بالدولة نفسها وبكل مؤسساتها وذاكرتها.
لكن، في الوقت ذاته، من المشروع تمامًا، بل من الواجب، أن نسأل:
هل هذا السلاح بحاجة إلى إعادة تنظيم ضمن مقاربة سيادية جديدة؟
الجواب أيضًا: نعم.
فالزمن تغيّر، التحالفات تبدّلت، والعدو نفسه يعيد رسم قواعد الاشتباك.
ولهذا، فإنّ أي رجل دولة حقيقي لا يمكنه أن يغضّ الطرف عن ضرورة تطوير هذا السلاح – لا عسكريًا فقط، بل استراتيجيًا – ليصبح جزءًا من منظومة دفاع وطني تُقرّها الدولة وتحتضنها، لا أن تنكرها أو تنبذها.
خاتمة: لا أحد ينجو بمفرده
قد يتوهم البعض أنّ الضغوط الاقتصادية أو الحرب الإعلامية يمكنها أن تؤدي إلى نتائج سياسية. لكن الحقيقة أن انهيار الهيكل لن يستثني أحدًا.
ومن يعتقد أنه قادر على بيع الوطن فوق ركام شريحة لبنانية، إنما يسير فوق أنقاض منزله، معتقدًا أنه “ينتصر”.
الحديث عن سلاح حزب الله لا يُختزل بجملة شعبوية على منبر أو في مقابلة، بل هو مسؤولية دولة.
مسؤولية وطنية، اجتماعية، اقتصادية، أخلاقية، وسيادية.
إما أن نرتقي جميعًا إلى مستوى الوطن… أو نغرق معًا في أوهامنا، ونسقط ما تبقى من جمهورية لم تعد حتى قادرة على تعريف نفسها.
١/٦/٢٠٢٥، ٤:٢٠ م – .: *في ذكرى رحيل العميد ريمون إدّه واستشهاد الرشيد، قبل 100 سنة لم يكن هناك شيء اسمه لبنان*
*بقلم ناجي علي أمّهز*
منذ أعوام طويلة، قبل أن تُولد ثورة الإنترنت وتتحوّل المعلومة إلى تغريدة أو صورة مفبركة، كان هناك شيء نادر اسمه “النخبة”.
في تسعينيات القرن الماضي، كنتُ أتنقّل بين مجالسها، مجالس أسبوعية تعقدها مجموعة من المتنوّرين في منازل كريمة، لا يجمعهم منصب ولا مصلحة، بل فكرة… وفكرة فقط. كنا فيها نستمع أكثر مما نتكلم، وكأننا نتنفس عبر آذاننا. وما أندر هذا النوع في زمن الطنين الدائم! كنا نكتفي بسماع ما تقوله العقول الثقيلة.
اليوم؟ لا أحد يصغي. كلٌّ ينفث رأيه كما لو أنه وحي منزل، و”اللايفات” وبرامج “التوك شو” تتصدر المشهد.
تخيّلوا، في هذا الطوفان الرقمي – مليار منشور، مليار رأي، مليار معلومة – لا تجد عشرة أفكار حقيقية تستحق التأمل.
نعم، عشرة فقط. لا أكثر.
ولو أنكم أدركتم حجم هذا الفراغ المعرفي، لعرفتم أننا نعيش اليوم في عالم مخدّر، مخدوع، مبرمج على البقاء في القشرة دون لمس لبّ الحقيقة.
في تلك المجالس القديمة، إن وُجد خلاف على فكرة، كان يُرجأ النقاش أسبوعاً كاملاً، شرط أن يأتي أحدهم بكتاب، أو قصاصة جريدة، أو وثيقة مهملة من أرشيف الزمن.
كان للمعرفة طقوسها، وكان للبحث صعوبة ولذة.
أما اليوم، فاكتب كلمتين، ودَع الذكاء الاصطناعي يريك نصف الحقيقة… مشوهة، معلبة، بلا روح.
دعوني أخبركم:
منذ 100 سنة، لم يكن هناك ما يُسمى “لبنان” بالمفهوم الكياني العميق.
كان هناك جبال، وخضار، وهواء، ومناخ معتدل… تلك صنيعة الله.
أما الكيان، الوطن، الدور، الدولة، الثقافة، المسرح، السياسة، فكلها صُنعت خلال 50 سنة مع بداية اعلان لبنان الكبير…
كان هناك رجال، رجال بكل ما تعنيه الكلمة.
رجالٌ صنعوا فكرة لبنان، بل اخترعوها، وحوّلوها إلى حكاية تستحق أن تُروى في كتب التاريخ.
رجالٌ كلمتهم تُسقط زعيماً؛ فالنخبوي، آنذاك، لم يكن “مثقف تويتري”، بل عقلٌ إذا دخل مجلس ملوك، جعل الملك يجلس على الأرض ليستمع.
النخبوي لم يكن يطلب سلطة، بل كان بإمكانه أن يجعلك تمرض بها أو تشفى منها بعبارة.
كلماته لا دواء لها. لا علاج لها. لا مناعة منها.
هؤلاء هم الذين صنعوا لبنان السياسي، لا التراب ولا الحدود.
هناك الكثير من الرجالات مثل ميشال شيحا وشارل مالك وجبران تويني، اضافة الى كمال جنبلاط.
ومن هؤلاء الرجال سامي الصلح، الذي قيل عنه “من بيروت كان يحكم المشرق العربي”. فالرئيس الصلح هو من أعطى للبنان معناه السياسي الإقليمي، وهو من ضغط على البريطانيين، والبريطانيون ضغطوا على الفرنسيين، حتى تم التخلي عن فكرة “لبنان الولايات الخمس”: سنة، شيعة، موارنة، دروز، علويون.
أما كميل شمعون، فهو الذي أسّس للبنان الصورة التي نُصدّرها اليوم للعالم: لبنان الفن، والمسرح، والهوية الثقافية. هو من جعل من الفن دعامة وطنية، لا سلعة ثانوية.
ومع فؤاد شهاب، دخل لبنان مرحلة “الاحتراف المؤسساتي”. قبل فؤاد شهاب، كان لبنان فكرة. معه، صار هيكلاً إدارياً قائماً على قواعد، لا على موازنات طائفية هشّة.
لكن بما أننا نكتب في ذكرى الشهيد رشيد كرامي… صوت الكرامة السياسية، الذي نستعيد ذكراه اليوم، لم يكن رجلاً يُدجَّن أو يُشترى. كان هادئاً كالرعد قبل العاصفة، وحاداً كالسيف في تطبيق دستور الوطن.
لم يساوم، فدفع حياته ثمناً للموقف.
لم يكن رشيد كرامي زعيمًا عاديًا، ولا رئيس حكومة كسائر من مرّوا على السراي الكبير، بل كان طرازًا خاصًا من رجالات الدولة، كأنّه سليل مدرسة نادرة انقرضت. رجل موقف، لا يساوم، ولا يبدّل جلدته تحت ضغط، ولا يغريه بريق السلطة ولا يسقط في وهم الشعبوية.
لا يوجد رجل في التاريخ السياسي كله يشبه رشيد كرامي الذي لم يساير يوماً من أجل موقف شعبي.
في زمن كان فيه لبنان يتأرجح على حبال الطائفية، ويترنّح بين زلازل الخارج وخيانات الداخل، وقف رشيد كرامي كالصخرة، عنيدًا، هادئًا، عميقًا، يُجيد الصمت كما يُجيد القول.
في عينيه كان الوطن، وفي كلماته كانت الكرامة، وفي خياراته كانت المصلحة العليا، لا مصلحة الطائفة ولا الزعامة. لذلك، أحبّته طرابلس واحترمته بيروت وخشيه الخصوم، لأنّه لم يكن يُدار بل كان هو من يدير، ولم يكن تابعًا بل كان صانعًا لمرحلة ومهندسًا لموقف.
اغتيل رشيد كرامي، لا لأنه كان يشعل فتنة، بل لأنه كان يطفئها. اغتيل لأنه كان يشكّل الخطر الحقيقي على مشاريع التقسيم والفوضى والدويلات. اغتيل لأنه بقي رجل دولة في وطن لم يعد يتّسع للرجال، بل لتجار السياسة ووكلاء الخارج.
واليوم، في ذكراه، لا نملك سوى أن ننحني أمامه، ونقول: كان هنا رجل من زمن الكبار… ومضى.
وأخيراً، ريمون إدّه، العميد العنيد، الذي مات في المنفى كي لا يرى وطنه يُنهش أمامه.
هذا الرجل، لم يكن يمارس السياسة، بل كان يُدرّسها. هو الذي نقل إلى لبنان مفاهيم الحراك السياسي، وفنون الصراع، وآليات صناعة القرار من خلف الستار. كان يدرك أن اللعبة السياسية أخطر من الحرب، فحاول أن يحصّن الوطن، لكنهم أدخلوه إلى مقبرة الأوطان بمفتاح “السماح”.
كان ريمون إدّه عميدًا لا بالوراثة فقط، بل بالكلمة والموقف، بالصلابة والنكتة، بالحدّة والابتسامة التي يعرف متى يخفيها ومتى يجعلها سلاحًا.
رجل سياسي من طراز نادر، إذا تحدّث أذهلك عمق معرفته، وإذا صمت أربكك حضوره، وإذا غضب أربك الجميع في الداخل والخارج،
من الأسرار التي لم تُنشر حرفيًّا، أن وزارة الخارجية الأميركية أوصت المبعوث “براون” — المكلّف آنذاك بإدارة ملف انتخاب رئيس الجمهورية اللبنانية عام 1976 — بأن يبدأ مهمّته في لبنان بلقاء العميد ريمون إدّه، وألّا يتجاوزه أو يتخطّاه، رغم إدراكهم المسبق لموقفه الرافض لدخول الجيش السوري إلى لبنان.
فقال براون لمسؤولي الخارجية: “أنا أعلم سلفًا أن العميد ريمون إدّه سيرفض هذا الطرح”، إلّا أن الإدارة الأميركية أصرّت، بل ألزمت براون أن يُجري هذا اللقاء، كي لا يظن العميد أنّ واشنطن قد تجاهلته أو تخطّته عمدًا.
ويروي العميد ريمون إدّه لاحقًا لأحد أصدقائه: “براون حاول أن يقنعني، وهو مقتنع تمامًا أنني لن أقتنع، لكنه أراد أن يُحمّلني وزر القرار، وأن يُقال لاحقًا إنني أنا من رفضت رئاسة الجمهورية، لا واشنطن. مع أن براون كان يحمل شروطًا يعلم جيدًا أنني سأرفضها، ولذلك تحديدًا أرادوا أن يكون الرفض من جهتي لا من جهتهم”.
العميد ادة كان يعرف أنّ السياسة ليست مجرد صراع، بل فنّ إدارة التوازنات، ورسم ملامح الكيان وسط عواصف الإقليم ومكر الداخل. لذا لم يكن يعارض لمجرّد العناد، بل لأنه يملك البديل والخيارات، وكان “عناده” مدرسة في المبدئية.
أحبّ لبنان كما يُحبّ رجلٌ امرأةً واحدة لا يخونها، ويُقال إن ذلك كان سبب عدم زواجه، ولم يقبل أن يراها مقسّمة، أو ممتهنة، أو على طاولة المقامرين. وكان يعرف تمامًا أن خسارته للمناصب هي ثمن طبيعي لربح كرامته، فاختار المنفى على أن يصافح الاحتلال الإسرائيلي أو يقبل بالوصاية السورية، وفضّل الغربة على أن يُستخدم في وطنه كدمية.
كان خفيف الروح، سريع النكتة، رغم ملامحه الجادة التي تشبه وجوه الجبيليين.
ريمون إدّه… رجل السياسة الذي كان خصومه يخشونه أكثر مما يكرهون مواقفه، لأنّه كان يخيفهم بفكر واضح، وموقف لا يُشترى، وكرامة لا تساوم.
رحل العميد، وبقيت السياسة يتيمة في حضرة من لا يعرفون النكتة ولا يجرؤون على الصراحة.
كلمة أخيرة
لبنان لم يكن يوماً تراباً وحدوداً ونشيداً.
لبنان كان نخبة.
واليوم، بعد أن ماتت النخبة او غيبت، لم يبقَ منه سوى صور وذكريات نرويها عن لبنان سويسرا الشرق.
رحم الله من صنعوا لنا وطناً من فكرة، ونحن اليوم نُبدّد الفكرة بحثاً عن وطن.
٣/٦/٢٠٢٥
ما قاله ترامب اليوم عن بايدن وأنه “تحوّل إلى روبوت”، يجد صداه فيما كتبه ناجي علي أمّهز عام 2020: حين تتحوّل نظريات المؤامرة إلى نبوءات سياسية
مقدمة:
في عالمٍ تتداخل فيه السياسة مع الخيال العلمي، أعاد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إثارة الجدل بنظرية مؤامرة تزعم أن جو بايدن قد استُبدل بنسخة روبوتية. هذه النظرية، رغم غرابتها، تعيد إلى الأذهان ما كان قد طرحه الكاتب ناجي علي أمّهز عام 2020 حول “اغتيال بايدن عندما شبهه بانه سيلقى نفس مصير كندي” واحتمالية استبداله، مما يعكس واقعًا سياسيًا معقدًا، حيث تتداخل الحقائق مع الأوهام، وتصبح نظريات المؤامرة أدوات لتفسير الأحداث الجارية.
التحليل:
في 17 تشرين الثاني/نوفمبر 2020، كتب الكاتب والمحلل السياسي ناجي أمّهز مقالًا غير اعتيادي، لم يكن مجرد تحليل سياسي، بل كان بمثابة إشعار مبكر، وتنبؤ استراتيجي، وجرس إنذار من المستقبل تحقق مع قادم الايام
يقول امهز: ترامب سيقوم بعمل كبير في المنطقة وخاصة ان نتنياهو يحضر نفسه لمثل هذا السيناريو، فلا مفر من هذا العمل الكبير بعيدا عن النتائج التي بالتأكيد لن تكون كما يتصورها محور (امريكا-اسرائيل) فالمحور المعادي لامريكا قوي ومتين وقادر على المواجهة والصمود..
وبالفعل نحن اليوم نشاهد هذا العمل الكبير، وايضا نشاهد الصمود خاصة في غزة وما يقوم فيه اليمن، وما قامت فيه المقاومة بصد الغزو الاسرائيلي لجنوب لبنان.
قال أمّهز يومها: “العالم لن يبقى كما هو مع بداية عام 2022”.
وتساءل في المقال نفسه: “هل سيفوّت قادة النظام العالمي هذه الفرصة، وينتظرون ما سيقرره بايدن والحزب الديمقراطي، أم أنهم الآن يتفاوضون مع بايدن على إكمال مشروع ترامب؟”
واليوم، بعد سنوات من ذلك المقال، تعود الأسئلة نفسها لتطفو على سطح الأحداث من جديد، ولكن على لسان ترامب نفسه، لا عبر تنبؤات كاتب متمرّس فحسب، بل عبر ادعاءات صادمة توحي بأن بايدن الحقيقي لم يعد موجودًا، وأن النسخة الظاهرة للرأي العام ليست إلا استنساخًا مصطنعًا، أُعيدت برمجته لإكمال ما بدأه ترامب.
في مقاله آنذاك، لم يقل أمّهز إن ترامب سيشن حربًا، بل قال: “ترامب سيقوم بعمل كبير في المنطقة… فلن يقبل أن يخرج من الرئاسة إلى المحاكمة… أو سيحرق ما يمكن إحراقه حتى لو انقسمت أمريكا”.
ما الذي جرى فعلاً؟
من الشرق الأوسط إلى أوكرانيا، ومن الانسحاب الأمريكي المثير للجدل من أفغانستان إلى التصعيد مع روسيا والصين، مرورًا بإعادة تعريف العدو والصديق، بدا بايدن وكأنه يواصل الخطة التي رسمها ترامب، بل إن بعض السياسات أصبحت أكثر تطرفًا مما كانت عليه في عهد الجمهوريين.
من هنا، تصبح نظرية “بايدن المستنسخ” ليست مجرّد هلوسة من ترامب، بل تعبيرًا فاضحًا عن تشظّي الثقة بالنظام العالمي، حتى بين أقطابه.
ويشير أمّهز في مقاله عام 2020 إلى أن بايدن كان بمثابة رجل “محكوم بالإعدام”، وقد جاء في نصه: “وبحال لم يقتنع صنّاع القرار بهذه الصورة النمطية لبايدن، لأنه كالمعتاد للحزب الديمقراطي أجندة مختلفة عن الحزب الجمهوري وإن كانت بالختام تصب في ذات الاتجاه، إنما بأساليب مختلفة. سنسمع أنهم ذاهبون إلى التحكيم أو سيتم حذف الكثير من الأصوات لبايدن، وسيقبل بايدن بكل رحابة صدر بالنتيجة، لأن صورة جون كينيدي ستكون رفيقته. ولا تنسوا أبدًا أن جون كينيدي هو كاثوليكي وفاز عن الحزب الديمقراطي وعندما تم اغتياله قالوا قُتل الأيسر. وتذكروا أن جون بايدن هو كاثوليكي وفاز عن الحزب الديمقراطي وهو أيضًا أيسر ويمكن اغتياله إن خرج عن قواعد اللعبة.”
ويشير امهز ضمنيا انه بحال رفض بايدن شروط النظام العالمي ستكون نهايته ككندي، واليوم يقول ترامب ان بايدن لاقى نفس مصير كندي.
الخاتمة:
في عالمٍ تتداخل فيه الحقيقة مع الخيال، تصبح نظريات المؤامرة أكثر من مجرد أوهام؛ إنها انعكاسات لواقعٍ معقّد، حيث يُستخدم الخيال لتفسير الأحداث الجارية. وما كتبه ناجي أمّهز في عام 2020 لم يكن نبوءة بقدر ما كان تفكيكًا مبكرًا للبنية الحقيقية لما يُراد للعالم أن يبتلعه: أن الوجوه تتبدّل، لكن المشروع واحد.
ومع ترويج ترامب لفكرة “بايدن المزوّر”، لا نملك إلا أن نسأل: من يحكم العالم فعلًا؟ وهل ما نراه هو السلطة أم ظلّها؟
ويمكنكم العودة الى مقال ناجي علي امهز عام 2020 تحت عنوان: التفاصيل الكاملة لما يجري وسيجري قبل نهاية ترامب ووصول بايدن.
٤/٦/٢٠٢٥
أيها الشيعة… أوقفوا هذا الجنون الإعلامي قبل أن تزولوا بصمت!
*ناجي علي أمّهز*
البداية:
لكي تخرج من الحفرة التي سقطتَ فيها، أول ما يجب أن تفعله هو أن تتوقف عن الحفر، لأن كل حركة عشوائية تزيدك غرقًا، وكل عبث يسرّع الانهيار. وما نقدّمه من اعلام باسم شيعة لبنان لا يعكس سوى حجم الفوضى والجنون، وكأننا طائفة مغرمة بالتيه، تلهث خلف كذبة تنقذها من الواقع، بينما الحقيقة الوحيدة التي تنقذ، هي العمل الجاد للخروج مما نحن فيه.
أقسم بالله العلي العظيم، إن مشكلة الشيعة في هذا الزمن لم تعد مقتصرة على العداء مع إسرائيل، ولا على المؤامرات الكبرى العابرة للحدود، بل باتت كارثة داخلية، أخطر ما فيها أنها تُمارَس باسم الشيعة، وتُسوَّق على أنها من “أسرار البيت” الشيعي، بينما هي في الحقيقة مجرد طنين ذباب مسعور، يبني أمجاده من حكايات الوهم ومقاطع اليوتيوب.
بالأمس، خرج علينا أحدهم – ويا ليتَه ما خرج – يدّعي أن السيد حسن نصرالله قد تم اغتياله (نعم اغتياله!) لأنه أجرى مكالمة مع زعيم عربي، فجرى تتبُّع الاتصال، وتحديد المكان والزمان، وبمن كان يجتمع ذلك الزعيم العربي واين ومع من، وماذا قال له، ومن طلب منه المكالمة، وكيف رد السيد… فيلم استخباراتي، لا ينقصه سوى توقيع مخرج لافلام هندية أو جهاز مخابرات مضاد!
الكارثة ليست في حجم الكذبة فقط، بل في وقاحة سردها، ويعرف أدق التفاصيل أكثر من قادته أنفسهم. وهذا الجنون لم يعد نكتة، بل صار قنبلة موقوتة تُفخّخ صورة الشيعة وتحوّلهم في أعين الناس إلى مهزلة.
أقسم بالله العلي العظيم، لا يوجد عاقل في هذا العالم يمكن أن يصدق ما يردده غالبية هؤلاء. بل إن أي فهيم أو صاحب عقل، حين يسمع هذا الهراء، سيصيح فورًا: “أوقفوهم، إنهم مجانين!”، وهذا بحد ذاته تحريض مجاني على شطبنا من الوجود، وكأننا – بأصواتنا هذه – نعترف أننا خرجنا من زمن العقل والحضارة.
صدقاً ونصحاً، ومنذ سنوات وأنا أنادي:
يا قيادة حزب الله، اخرجوا من صمتكم، تحدثوا، أعلنوا للناس أن هؤلاء الكذبة، هؤلاء “المُحلّلين”، هؤلاء الذين يملؤون الشاشات والمنصات، لا يمتون للحزب ولا للطائفة بصلة.
لا تتركوهم يسرقون لسانكم، ويزيّفون وجهكم، ويصنعون منكم كابوساً في نظر العالم.
قسمًا بالله العلي العظيم، إذا لم يتم لجم هذا الجنون، فإن الطائفة الشيعية – بكل تاريخها وحضورها ومقاومتها – ستكون على شفير الانتحار الذاتي.
وفي القرن الحادي والعشرين، لا يُقبل أن تُدار طائفة، بعراقتها، بهذا المستوى من الفوضى.
الناس تظن أن الكبار في العالم يتساهلون مع مثل هذه الاخبار والتحليلات المضللة، بينما الحقيقة أن النظام العالمي سينقض على الطائفة الشيعية، لان كل شيء مسمحوح الا الجنون فانه مرفوض.
الطائفة الشيعية، الغارقة في وهم هؤلاء الدجّالين، مصيرها سيكون صعبًا… ومكلفًا… جدًا جدًا.
ما يحدث ليس نكتة.
هذا جنون من نوع قاتل.
وإذا كان هؤلاء يمثلون الشيعة، فاعذروني… لن يكون هناك شيعة في المستقبل.
لأن العالم لا يأسف على زوال طائفةٍ يمثلها هؤلاء، الذين لا يعرفون من الإعلام إلا الكذب، ولا من السياسة إلا الاستعراض، ولا من المقاومة إلا استثمار الدماء.
أوقفوا هذا الجنون الإعلامي فورًا!
فليس هكذا تُبنى الطوائف.
وليس هكذا تُصاغ السياسات.
ما تفعلونه ليس بطولة… إنه انتحار.
والتاريخ لا يرحم.
الا يكفينا ما فينا.
٥/٦/٢٠٢٥
إلى بيئة المقاومة: أوقفوا هذه التحليلات… حزب الله لن يرد، والدولة هي المسؤولة
ناجي علي امهز
كفى تأجيجًا… كفى تسريبات وتحليلات عن ردٍّ قادمٍ من حزب الله،
في بشر في اطفال في ظروف اقليمية ودوابة في تداعيات اقتصادية في مسؤولية وجودية وتاريخية/ فالحزب لا يُدير حروبه عبر “واتساب” المحللين أو “بوستات” الانفعال.
أوقفوا النشر.
توقفوا عن الزجّ بالمقاومة في توقيتٍ ليس توقيتها.
ومن منح الحق لأي كان بأن ينطق باسم الحزب، أو يقرر متى يرد ومتى لا يرد؟
الدولة اللبنانية هي المسؤولة عن معالجة هذه الاعتداءات، وهي مَن يجب أن تحاسب وتتحرّك وتُدافع عن سيادتها، ومواطنيها.
أيُّ انجرارٍ إلى مواجهة مفتوحة الآن، هو كارثة على الطائفة الشيعية أولًا، وعلى الوطن برمّته ثانيًا.
إنها فخاخ تُنصب بذكاء، والمطلوب وعي جماهيري لا حماسة مدمّرة.
الحرب قرار… لا فورة انفعال.
٧/٦/٢٠٢٥
الضغط الأميركي على الرئيس برّي: الفصل الأخير لإخراج الشيعة من المعادلة السياسية
*بقلم: ناجي علي أمّهز*
أصبحتُ على عتبة الخامسة والخمسين من عمري، وهي سنوات تعادل مائتي عام من التجارب السياسية، بسبب التصاقي بالنخبة اللبنانية، خصوصاً المارونية.
كنت أسمع عن اسم الوزير برّي من شخصيات سياسية منذ عام 1989، بسبب تواجدي في الحالة العونية، لكن أول من حدثني عن الرئيس نبيه برّي بطريقة عقلية سياسية اجتماعية هو مثلث الرحمة الأبّاتي الدكتور أنطوان ضو.
أخبرني، رحمه الله، عن أول لقاء جمعه بالرئيس برّي في بربور في “ثمانينيات القرن الماضي”، اثناء زيارة السفير البابوي إليه. وصف الأبّاتي ضو الرئيس برّي بأنه “نبيهٌ فعلاً، لماح، متوقد الذكاء”.
أول حديث مباشر لي حول الرئيس برّي كان عام 2000، قبل التحرير بفترة وجيزة، عندما زارني أحد السفراء اللبنانيين المثقفين المعروفين.
يومها، تحدث السفير بصورة عامة عن الشخصيات اللبنانية ذات التأثير الدولي. ولم يذكر الرئيس برّي، ما لفت انتباهي. فسألته عنه.
أجاب، وكأنه يتحدث عن إحدى أعظم الشخصيات السياسية في القرن العشرين، مشيدًا بنباهته وليونته السياسية الفائقة، مع ثبات هائل على الموقف.
وأنا متأكد أن كلام السفير لم يكن مجاملة، فالذين يعرفون عقلي يعلمون أنني أستطيع أن أسمع الأشخاص حتى أثناء صمتهم.
ومما لا أنساه وطبع في رأسي، كيف شرح السفير أسباب غياب الدور الشيعي عن الانتشار الدولي.
قال إن الفرنسيين اثناء الانتداب حاولوا ضمّ بعض المواطنين من مختلف الطوائف إلى جيشهم، وعُرض هذا الأمر على الشيعة (وكان الحديث هنا عن شيعة البقاع).
اجتمع أحد الضباط في قرية بقاعية تمرّ عبرها سكة القطار الحديدية، وقال للحاضرين: “من منكم يريد أن ينضم إلى الجيش الفرنسي مقابل مبلغ مادي (لنفرض خمس ليرات)؟ ومن منكم يفضّل العمل أجيرًا في سكة الحديد مقابل ثلاث ليرات؟”
فوجئ الضابط أن كل الحاضرين اختاروا العمل في السكة مقابل أجر أقل وعملٍ أصعب.
فهمت من حديث السفير أن لدى الشيعة في مورّثهم هذا النمط من الابتعاد عن كل ما هو غربي، وتمسكهم بالانتماء للوطن، مهما كانت التكلفة والتضحية عالية.
لذلك كانوا مكتفين بأصالتهم اللبنانية، ولم يوسعوا علاقاتهم الدولية كما فعل المسيحيين الذين انتشروا قبل 500 عام، وحصلوا على أهم المراكز السياسية والثقافية في العالم، ما منحهم هذا النفوذ الدولي. وكذلك الدروز والكثير من الشخصيات السنية.
بمعنى أوضح، فإن الرئيس نبيه برّي، مثل بقية الشيعة، ليس له علاقات دولية، ولا يتبع جهات خارجية، ولا ينسّق معها، بل فرض وجوده ودوره بقدراته السياسية، وحكمته، وحنكته، على الدول وفي الداخل.
أما ثاني حديث لي حول الرئيس برّي، فكان عندما دُعيت للقاء صغير حضره بعض النخب، نهاية عام 2002 أو بداية 2003.
كانت هناك شخصية سويسرية تتحدث حول السياسة العالمية والإقليمية، وقد ذكرت ان أهم شخصيتين في المشرق العربي، وهما الملك عبدالله ملك الأردن، والزعيم الدرزي وليد بيك جنبلاط.
أيضًا، لم يأتِ على ذكر الرئيس برّي، ما أثار استغرابي. ان يقدم وليد بيك جنبلاط كزعيم بحجم إقليمي، مع أن تلك الفترة كانت الوصاية السورية هي المسيطرة على الوضع اللبناني، ما منع بروز كثير من الشخصيات.
لكن، بعد خروج السوريين، وبدء الوفود الدولية تتقاطر للسلام على وليد بيك جنبلاط، وبعد كل ما حصل في المنطقة، خاصة في سوريا بسبب الجماعات التكفيرية، وكيف أن الدروز ظلوا محميين ولم يهجروا منذ عام 1948، وحتى في الحرب الأهلية اللبنانية، وفي الحرب السورية،…وكان هناك هالة خفية تحميهم.
عدتُ بالذاكرة إلى 2003، وفهمت لماذا قيل عن وليد بيك إنه الزعيم الأقوى في المشرق العربي.
وفهمت أيضًا أن الفضل في زعامة وليد جنبلاط ليس لسوريا كما يُشاع، كما فهمت سبب صداقة الرئيس برّي بالزعيم وليد جنبلاط، هذه الصداقة الأبدية… لأن وليد بيك جنبلاط هو صوت الرئيس برّي في المحافل الدولية.
هذه المقدمة أكتبها لفهم ما وصلنا اليه بعد ان مُنحت الطائفة الشيعية في لبنان فرصة تاريخية قد لا تتكرر، فرصة اجتمع فيها قطبان شكّلا معاً قوة لم نشهد لها مثيلاً:
القطب الأول، كان العقل السياسي المتمثل في الرئيس نبيه برّي ودهائه.
والقطب الثاني، كان الروح المقاومة التي تجسدت في شخصية الشهيد المقدس السيد حسن نصرالله، الذي عبر تأثيره الوجدان العربي والإسلامي، وسانده مد بشري مؤمن ودعم إيراني غير مسبوق.
هذان القطبان حققا معاً انتصارات كبرى على العدو الإسرائيلي عامي 2000 و2006، وعلى الجماعات التكفيرية لاحقاً. شعرنا حينها بأننا بلغنا المجد، وأننا أصبحنا قوة لا تُقهر. لكن في غمرة هذا الشعور بالمنعة، ارتكبنا خطأً قاتلاً: لقد فشلنا في بناء “القطب الثالث”، وهو النخبة السياسية والمؤسساتية القادرة على استدامة هذه القوة وتحويلها إلى مشروع راسخ ضمن الدولة.
لقد استسهلنا السياسة، واعتبرناها مجرد مناصب وزارية ونيابية، أو التقاط صور مع المسؤولين، أو إقامة ولائم يتباهى بها الأثرياء. نسينا أن السياسة الحقيقية هي فن الحوار مع الكبار، هي القدرة على فهم ما يريده خصمك لتعطيه إياه مقابل ما يخدم شعبك ووطنك. هي أن يفهم من أمامك أنك تفهمه حتى وهو صامت.
وبسبب موروث طويل، اعتقدنا أن المال هو أساس كل شيء. أصبحنا مستعدين لبناء بيوت فارهة ومراكز دينية تكلف الملايين، لكننا لم نكن مستعدين لدعم “أرخميدس سياسي” واحد ببضعة قروش قد تحمي مستقبلنا جميعاً. أصبح كل فرد فينا يظن نفسه خبيراً في السياسة الدولية وهو لم يغادر قريته، وينظّر في الإعلام والفيزياء وهو يجهل أبسط أبجدياتها. الذين يديرون العالم يعرفون أن الأمم لا تنهض الا بالحكمة والمعرفة والثقافة.
وها نحن اليوم ندفع ثمن هذا الإهمال. عند أول منعطف حقيقي، وعندما قررت الدول كسر الشيعة، فقدنا كل شيء تقريباً. لقد تم اغتيال القائد الرمز الشهيد السيد نصرالله، وسقط آلاف الشهداء من خيرة شبابنا، ودُمرت مدننا وقرانا، وعاد الاحتلال ليغتصب أجزاء من أرضنا.
وفشلنا في الاعلام ولم يبقى الا الصوت السياسي الذي يمثله الرئيس بري.
ولهذا السبب، فإن الضغط الأمريكي عليه اليوم ليس مجرد مناورة، بل هو الفصل الأخير من الخطة. تدرك واشنطن أن الشيعة بعد أن فقدوا روحهم التي كانت متجسدة بشخصية السيد نصرالله، أصبحت أسهل احتواءً إذا تم عزل عقله السياسي. وهم يرون أن الرئيس برّي، في خريف عمره وبعد كل هذه الخسائر، لم يعد يملك عنفوان الشباب وصلابة الماضي. إنه يقاتل سياسيا على رقعة شطرنج محطمة.
أعرف أن الكثيرين لديهم مآخذهم على الرئيس برّي ومن حوله، لكن حديثي هنا عن السياسة بمعناها المطلق. لانه مع خروجه من المشهد السياسي، تخرج الطائفة الشيعية من المعادلة السياسية اللبنانية، باصعب توقيت حيث يمزق المشرق العربي.
لذلك اتمنى ان يكون هناك حراك سياسي او انشاء رابطة شيعية تضم النخب السياسية من اجل ما هو قادم.
٨/٦/٢٠٢٥
هل تعلم ماذا يجري من حولك؟
*بقلم: ناجي علي أمّهز*
الجميع يعلم، ولا أحد يُنكر، أن الضاحية الجنوبية اليوم ليست كما يتخيّلها البعض.
لا سلاح ثقيل فيها، لا مصانع طائرات مسيّرة، ولا حتى ورش ميكانيكية ضخمة.
المنطقة باتت شبه مدمّرة، أبنيتها المتبقية متصدعة، وهواؤها ثقيل خانق، لا يصلح لحياةٍ آدمية.
لكن…
ما تبقّى في الضاحية أقوى من الحديد والنار:
نفوس أبيّة، قبضات مرفوعة، وهامات لا تنحني،
يعزّ عليها أن تنهزم، لأن في هزيمتها انهيار ما تبقّى من وطن الكرامة والإنسان.
لم تعد هناك مبانٍ شاهقة، ولا شركات كبرى،
لكن هناك أضرحة لأحبّة مضوا، وأبناء شهداء حملوا راية الآباء وتقدّموا نحو الموت، وابتسامتهم تسبقهم،
إيمانهم راسخ بأنهم يدافعون عن أحبّائهم، عن إخوتهم في الوطن وفي العالم العربي.
شيعة لبنان آمنوا بكلام رسول الله حتى الشهادة:
“من بات ولم يهتم بأمر المسلمين، فليس منهم.”
فقدّموا ما عليهم، وبرّروا ذممهم أمام الله، وأمام التاريخ، وأمام أحياء غزة وشهدائها من الأطفال والنساء والعجائز.
البعض قال: إن بيوت الشيعة تدمّرت، ومزروعاتهم أُحرقت، لأنهم امتلكوا السلاح.
لكن لماذا نزوّر التاريخ؟
فالشيعة تدمّرت بيوتهم، وأُحرقت مزروعاتهم، وهُجّروا، ومَن بقي منهم اعتُقل وعُذّب حتى الموت،
وذلك قبل أن يكون للشيعي عصا، أو حتى سكين يدافع بها عن نفسه.
لكن الشيعة طبّقوا تعاليم يسوع الناصري:
“من ليس له، فليبع ثوبه ويشترِ سيفًا.”
لأنهم يعرفون ما ينتظرهم إن فقدوا قوتهم، في مشرق الطوائف والانقسامات والتكفير،
وفي عالم لا يؤمن إلا بالقوة والمصالح.
الطائفة الشيعية طبقت بما التزمت فيه،
ولم يَعُد في الجنوب مركزٌ، ولا حتى سلاح.
ورغم ذلك، ما زالت إسرائيل تصرخ، تهدّد، وتتوعد،
وتقصف وتقتل وتدمّر، متى شاءت وأينما شاءت:
في الجنوب، في فلسطين، في سوريا…
وربما غدًا، في دول أخرى ستدخل تلقائيًا في مدى نيرانها،
من دون أن يجرؤ أحد على أن يقول لها ببساطة: توقّفي.
إسرائيل لا تفرّق بين القتل والاستعباد،
فهي تخيّر محيطها: إمّا أن تكون عبدًا من “الجويم”،
أو تُباد.
لكن، على الأقل…
سيكتب التاريخ أننا رفضنا العبودية.
وأننا وُلدنا أحرارًا، وعشنا أحرارًا.
نعم، نعترف أن إسرائيل قتلتنا،
وأنتم تعرفون – تمامًا – أنها غدًا ستقتلكم.
لكن الفرق بيننا وبينكم: أننا واجهنا، حتى الاستشهاد.
الحقيقة المُرّة التي حصلت في هذه المنطقة،
أن إسرائيل – بسبب التطبيع والتخاذل العربي – تحوّلت من كيان إلى إمبراطورية.
لا أحد في هذا العالم يملك وحده القدرة على مواجهتها،
لأنها لا تقاتل وحدها…
بل من خلفها يقف نظام عالميّ كامل، لا يُحصي ضحاياه بالأعداد، بل بالأوزان.
إسرائيل، منذ بدء الحرب، دفنت تحت الركام والتراب ما يُقدّر بـ ثلاثة ملايين وخمسمئة ألف كيلوغرام من اللحم البشري،
في فلسطين، في سوريا، وفي لبنان.
نعم، نحن أبناء “العالم الثالث”، وربما “العاشر”،
الممزّقين إلى طوائف وهويات ضيقة.
لم نعد – في نظرهم – بشرًا، ولا حتى أرقامًا…
بل أطنان من اللحوم تُدفن بعد طحن عظامها.
أيها العربي،
أيها المسلم،
أيها القارئ هذه الكلمات…
الرجاء استيقظ من اجل انسانيتك وضميرك،
هل تعلم فعلًا ماذا يجري من حولك؟
أم أنك لا تزال تظن أن الحرب مجرّد خبر عاجل…يمرّ في شريط الأخبار؟
والسلام.
٨/٦/٢٠٢٥
ناجي أمّهز: زيارة لودريان اهمها مع جنبلاط، وهي المحاولة الأخيرة لإنقاذ الشيعة من العقوبات الأميركية
أكّد الكاتب السياسي *ناجي علي أمّهز* أن زيارة المبعوث الفرنسي جان إيف لودريان إلى لبنان تمثّل “الفرصة الأخيرة” لتدارك كارثة كبرى قد تحلّ بالطائفة الشيعية، لا تقل عما حدث اثناء الحرب الاخيرة، في ظل ما وصفه بأنه “أكبر موجة عقوبات أميركية غير مسبوقة” تستعد واشنطن لفرضها على البيئة الشيعية في لبنان.
وأشار أمّهز إلى أن الفرنسيين يسابقون الزمن، ويحاولون قطع الطريق أمام العقوبات الأميركية المنتظرة، لكنهم يدركون أن هامش تحركهم بات ضيّقًا، وأن نفوذهم في لبنان يوشك أن يتحوّل إلى دور هامشي لا تأثير له الا اذا ساعدهم الشيعة والموارنة باقتراح الحلول، خصوصًا انه من المتوقع ان تكون العقوبات مع تعيين المساعد ألاميركي الجديد في ملف الشرق الأوسط، من اجل الضغط على لبنان.
وأوضح أن باريس تعرف مسبقا الموقف الشيعي، لكنها تحاول التذكير وشرح التداعيات لمتغيرات الشرق الاوسط، بالمقابل تعول باريس على نجاح لقاء لودريان مع الزعيم الدرزي وليد جنبلاط، الذي نجح في تلقين المبعوثة الأميركية مورغان أورتاغوس درسًا قاسيًا بعد تغريدة ضده، اعتبرها قادة النظام العالمي خطأ استراتيجيًا من موظفة “جاهلة”، ما أدى – بحسب أمّهز – إلى “معاقبتها وربما ما هو أكثر”.
ولفت الكاتب إلى أن “الطائفة الشيعية لا تملك حتى اليوم شخصيات تمتلك علاقات عالمية على شاكلة جنبلاط”، لكنها في الوقت نفسه تملك طاقات يمكن – إن استُثمرت – أن تبلغ تلك المرحلة.
وتأسّف أمّهز على ما وصفه بـ”الفرص الضائعة”، قائلًا: “لا أعرف ماذا أقول، لكن كان بالإمكان طيلة السنوات الماضية العمل بهدوء على إنشاء رابطة نخبوية، تُحدِث ثغرة في جدار الحصار وتمنح بعض الأمل، قبل أن تقع الطامة الكبرى”.
وتمنى امهز: “لو نستفيد من كافة إمكانيات الطائفة الشيعية قبل فوات الأوان. فالعقوبات قادمة، ولا أحد سيمنعها… إلا إذا اجتمعت النخبة الصامتة، برعاية ودعم القيادات الشيعية.”
١١/٦/٢٠٢٥
زيارة لودريان إلى لبنان: ناجي علي أمّهز سبق الجميع بتشخيص دقّة المهمة تحت عنوان “الفرصة الأخيرة”
فيما كانت وسائل الإعلام المحلية تتداول أنباء متضاربة حول زيارة المبعوث الفرنسي جان إيف لودريان إلى لبنان، انطلقت التكهنات منسوبة إلى “مصادر مطلعة” و”جهات فرنسية”، وسط سيل من التحليلات عن أهداف الزيارة وطبيعة اللقاءات، لتتبيّن لاحقًا هشاشة معظم هذه الروايات، إذ تبيّن أن 99% مما نُشر لم يكن قريبًا حتى من الحقيقة.
التحوّل الجوهري في السردية الإعلامية بدأ يوم الأحد، وتحديدًا عند الساعة الواحدة ظهرًا، مع نشر الكاتب السياسي ناجي علي أمّهز تحليله عن خلفيات زيارة لودريان. وما أن نشر أمّهز نصه الذي حمل عنوان “الفرصة الأخيرة”، حتى بدأت وسائل الإعلام بتغيير خطابها جذريًا، واستعار العديد من الصحافيين والمحللين عنوان المقال نفسه وتحليله لتوصيف مهمة لودريان.
ووصل لودريان إلى بيروت صباح الثلاثاء، ومع بدء لقاءاته، تبيّن أن ما أشار إليه أمّهز لم يكن مجرد تحليل، بل قراءة دقيقة للمشهد الدبلوماسي، جاءت مطابقة لما بدأ يتسرّب رسميًا من دوائر القرار.
في تحليله، كشف أمّهز أن زيارة لودريان تمثّل “الفرصة الأخيرة” لتدارك ما وصفه بـ”كارثة كبرى” قد تصيب الطائفة الشيعية في لبنان، على وقع “أكبر موجة عقوبات أميركية غير مسبوقة” تستعد واشنطن لفرضها. وأوضح أن باريس تسابق الزمن لقطع الطريق أمام هذه العقوبات، لكنها تدرك أن هامش حركتها بات محدودًا جدًا، وأن نفوذها في لبنان مهدّد بالتلاشي، ما لم يتم التوصل إلى تفاهمات بدعم من القوى الشيعية والموارنة.
“ومن تابع التصريحات الرسمية الأخيرة، يلاحظ تأكيدًا على أن “كافة الإصلاحات ستُنفذ خلال شهر واحد”، وهو ما يشير بوضوح إلى أن لودريان أبلغ المسؤولين اللبنانيين بأن هذه هي الفرصة الأخيرة، وأن أمامهم مهلة لا تتجاوز شهرًا واحدًا – وهي أقصر فترة ممكنة لمعالجة ملفات وإصلاحات كان يُفترض إنجازها خلال سنوات.”
وأشار أمّهز إلى أن لقاء لودريان المرتقب مع الزعيم الدرزي وليد جنبلاط، والذي يجري اليوم على مائدة غداء في كليمنصو، يُعوّل عليه كثيرًا. فباريس ترى في جنبلاط شخصية محورية قادرة على لعب دور توازني، خاصة بعد أن شكّل سابقة بإحراج المبعوثة الأميركية السابقة مورغان أورتاغوس، عقب تغريدة اعتُبرت خطأً استراتيجيًا، ما أدى بحسب أمّهز إلى “معاقبتها وربما ما هو أكثر”.
“واليوم تتوجه الانظار الى مائدة الغداء التي تجمع لودريان بجنبلاط كما اشار امهز ورمزيتها التي ستكون حجر الزاوية”
وفي سياق آخر، يؤكّد الكاتب السياسي ناجي أمّهز أن لا حرب وشيكة على لبنان، أقلّه خلال صيف هذا العام، مرجّحًا ذلك لأسباب تتعلّق بالأوضاع في غزة، وبالاضطرابات الداخلية المتفاقمة في الولايات المتحدة، والتي أفرزت فوضى باتت تمثّل أولوية مطلقة لإدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، حتى على حساب الملفات المرتبطة بالشرق الأوسط.
ويحذّر أمّهز مما وصفه بأنه السيناريو الأخطر، وهو أن تكون الأحداث الجارية في أميركا اليوم، هي نفسها التي كان من المقرر أن تنفجر منذ عام 2016، حين تحدّث – قبل انتخاب ترامب بثلاثة أشهر – عن احتمال وصوله إلى البيت الأبيض، وتوقّع أن تدخل الولايات المتحدة في حالة انقسام داخلي لأسباب تتعلّق بتطوّر النظام العالمي الجديد.
ويرى أمّهز أن ترامب قد يكون بالفعل آخر رئيس فعلي لأميركا، مشيرًا إلى أن ترامب لا يزال حتى اليوم يصرّ على أن جو بايدن كان مجرد “واجهة” أو “روبوت سياسي”، وكأنه يوجّه رسالة مفادها أن من تمّ انتخابه ليس الرئيس الشرعي لأميركا، ولذلك لم يشارك في حفل تنصيبه، ولا حتى سلّمه مفاتيح البيت الأبيض، خلافًا لما جرت عليه التقاليد الأميركية منذ أكثر من 200 عام.
ويُكرّر الكاتب ناجي أمّهز نصيحته إلى الأقليات في العالم العربي، أينما وُجدت، بأن تدرك جيدًا أن دورها السياسي والاقتصادي لم يعد يُذكر، إلا إذا أصبحت ضرورية لدوائر الحكم، أي أن تُعاد صياغة حضورها بوصفها حاجة، لا بوصفها ترفًا.
ويُشدّد أمّهز على أن زمن تفوّق او تميز الأقليات قد انتهى، وربما لعقود طويلة، فالعالم الجديد في الشرق لا يكترث لا للمسيحيين، ولا للشيعة، ولا للعلويين، ولا حتى للدروز. على الأقليات أن تتكيّف مع هذا المتغيّر العنيف، لأن ما تملكه اليوم لا يتعدّى بعض العلاقات الشخصية التي راكمتها قيادات تقليدية مع بعض دوائر القرار الدولي، وهي علاقات بدأت تذبل، لأن هذا الجيل من القادة قد شاخ، وللأسف لم يُنتج خلفًا نخبويًا، بسبب انقطاع الظروف الملائمة لذلك منذ مطلع التسعينيات.
ويختم أمّهز بالدعوة إلى إعادة ترتيب “حلف الأقليات”، لا بهدف السيطرة أو التمدّد، بل لتشكيل مظلّة تحميهم من العواصف التي قلبت العالم رأسًا على عقب، والتي قد لا تُبقي ولا تذر إن لم يتم تداركها بعقلانية وجبهة داخلية صلبة.
.
١٢/٦/٢٠٢٥
المهاجرون لن يغادروا أمريكا إلا على جثثهم… وترامب بين الفوضى والانهيار
*بقلم: ناجي علي أمّهز*
في زمنٍ انقلبت فيه الموازين، وغاصت الأرض في براكين الجنون، تقف أمريكا ككائنٍ أسطوري، تحاصرها لعنات التاريخ وتحسدها أعين العالم.
يكرهونها؟ نعم. يلعنون سياساتها؟ كل يوم. لكنهم في قرارة أنفسهم، يواصلون التطلع إليها كرمز لفرصة قد لا يجدونها في مكان آخر. لقد أصبحت الإقامة أو الجنسية الأمريكية لدى الكثيرين في عالمنا العربي، سواء كانوا حكاماً أم شعوباً، تعادل مفهوم الفوز بالجنة. وكم من شابٍّ في إفريقيا أو أمريكا اللاتينية يرى في الوصول إليها خلاصاً من واقعٍ مرير، حتى لو كانت الرحلة محفوفة بالمخاطر؟
لماذا هذا التناقض؟ لأن أمريكا ليست مجرد دولة على خريطة، بل هي في جوهرها فكرة. ليست عَلماً مرفوعاً فحسب، بل هي ميثاق ونظام وعقيدة قائمة على الحلم والفرصة والمساءلة.
قد تكون أمريكا هي الداعم الأول لأنظمة مستبدة أو المحرك لحروب كارثية، لكنها تبقى أيضاً المكان الذي يقدّم، على الأقل نظرياً، فرصة للمساءلة. ففي نظامها، حتى الرئيس لا يُعدّ فوق القانون، وإن حاول تجاوز صلاحياته، يواجه آليات عزل ومحاكمة قد تودي بمستقبله السياسي. بينما في أوطاننا، قد يُصفَّق للحاكم الظالم، ويُصفَع المواطن المظلوم، ثم يُغيَّب صوته.
لهذا، المهاجر لا يهرب من وطنه لأنه يكرهه، بل لأن وطنه خذله وتركه فريسة للفقر والقهر والظلم. يذهب إلى أمريكا لا حباً في سياساتها، بل بحثاً عن الأمان الذي توفره “الفكرة” الأمريكية.
واليوم، تقف هذه الفكرة على مفترق طرق وجودي تحت ظل سياسات ترامب المحتملة. خطابه الحاد ضد الهجرة ليس مجرد إجراء إداري، بل هو تهديد مباشر للبنية التي جعلت من أمريكا تجربة إنسانية فريدة. وهنا، يبرز سيناريو مقلق يطرحه بعض المحللين: أن إشعال صراع داخلي حول قضية المهاجرين ليس صدفة، بل قد يكون تمهيداً لإعادة صياغة العقد الاجتماعي الأمريكي بالقوة. عندما تنتشر الفوضى في الولايات، وينزل الجيش إلى الشوارع ليس للحماية بل للسيطرة، فإن الهدف قد يكون أبعد من مجرد ضبط الأمن.
قد يكون الهدف هو تمهيد الطريق لما هو أخطر: زعزعة الثقة في النظام الأمريكي بأكمله.
هذه الفوضى الداخلية، وهذا الصراع الأهلي المحتمل، لن يبقى حبيس الحدود الأمريكية. إنه سيبعث برسالة للعالم مفادها أن الحصن الأكثر استقراراً لم يعد كذلك. حينها، قد تفقد السندات الأمريكية جاذبيتها، وربما يكون “النظام العميق” نفسه هو من يسعى لهذه الفوضى الكبرى، ليعلن عن نهاية عصر الدولار والانتقال إلى العملات الرقمية أو “بطاقات النقاط”. عندئذٍ، ستكتشف شعوب الأرض أنها لا تحمل سوى أوراق لا قيمة لها، وقد لا يشتري المليون دولار كوب ماء.
وعندما ينهار الدولار، ستسقط معه اقتصادات ودول، وستجد الحكومات نفسها عاجزة. سيتحول العالم إلى طوابير طويلة تنتظر “كرتونة الغذاء” و”رقاقة الطبابة”، وحتى من نجح في الوصول إلى الحلم الأميركي، قد يُرفض عند باب توزيع الإعاشة لأنه “غير موثّق”.
لا تنظروا إلى خطط ترحيل المهاجرين على أنها مجرد قرار سياسي تعسفي. قد تكون المسمار الأخير في نعش النظام الرأسمالي الذي تجاوز قروناً من الهيمنة، ليحل مكانه بديل جديد يديره الذكاء الاصطناعي.
تعلم الإدارة الأمريكية علم اليقين أن المهاجرين الذين دخلوا أمريكا وقد دفنوا أوطانهم وراءهم، لن يرحلوا بصمت، بل قد يتسببون بفوضى عارمة تُسهّل مخطط انهيار “العالم القديم” الذي انطلق عام ١٧١٧.
لذلك، أمام ترامب وفريقه خياران لا ثالث لهما:
إما التراجع عن سياسات ستشعل حريقاً داخلياً يأكل الأخضر واليابس، ويبدو أن هذا القرار ليس بأيديهم.
أو المضي قدماً في هذا الطريق، والمخاطرة بالجلوس على عرشٍ من رماد أمريكا التي عرفناها، وهو ما يبدو أنه سيحدث، ليموت العالم القديم ويولد عالم جديد تحكمه تقنيات الجيل الخامس والذكاء الاصطناعي، عالم اكثر من سبعة مليار انسان لا يعرفون عنه شيء او كيف يدار او يكونوا شركاء فيه.
وأنصح بمراجعة مقالنا بعنوان “هل سحب الجيش الأمريكي من العالم تمهيدًا كي تأكل البشر لحوم بعضها؟”، المنشور بتاريخ 23-12-2018، والذي يطرح تفاصيل هذا السيناريو الذي نرى ملامحه تتحقق اليوم.
وما يحصل اليوم من انسحاب متسارع من الشرق الاوسط لكافة عوائل وغالبية الجنود الامريكيين، بسبب ما يقال انها الحرب على ايران، قد يكون هو المقدمة لعنوان المقال سحب الجيش الامريكي من العالم لتعمه الفوضى والانهيارات الاقتصادية.
١٣/٦/٢٠٢٥
أمام ما يجري الآن ضد إيران… لا شيء يدعو إلى القلق أو الخوف
* بقلم: ناجي علي أمهز*
كل ما نشهده اليوم من ضجيج إعلامي، وتهديدات متصاعدة، وتحليلات تضج بها الشاشات والمنابر، بعد الاعتداء الاسرائيلي على ايران، لا يعدو كونه صدىً لمشهد أكبر يتشكل في خلفية الصراع العالمي على الطاقة والنفوذ. هذا الصراع الذي تتغير خرائطه وحدوده بوتيرة متسارعة، لن يتأثر بإطلاق طائرات مسيّرة هنا أو اغتيال هناك.
إيران ماضية في مشروعها الاستراتيجي الذي يتجاوز البعد النووي إلى بناء دولة صناعية متكاملة، تطمح لإنتاج الستيل والتكنولوجيا الرقمية، وهذه الصناعات تحتاج إلى طاقة مستدامة، ولا بديل عن الطاقة النووية السلمية لتحقيق هذا الهدف. من هنا، فإن تراجع إيران عن برنامجها النووي هو تراجع عن مشروعها النهضوي… وهذا لن يحصل.
ما يجري الآن جزء من المشهد الطبيعي لتحول الشرق الأوسط إلى ساحة متحولة في النظام العالمي الجديد. ما حدث في إيران، مهما تضخمه بعض وسائل الإعلام، يبقى أقل بكثير مما تعرضت له روسيا حين استُهدفت قواعدها بطائرات أوكرانية مسيّرة. ومع ذلك، روسيا لم تنهار، بل تعاملت ببرود استراتيجي. وإذا كانت المقارنة ضرورية، فإن إيران اليوم أقوى بكثير من أعدائها في الداخل والخارج، بما فيهم إسرائيل.
هل سيكون هناك ردّ؟
الرد، في المنطق الاستراتيجي، ضرورة. ليس فقط لحفظ التوازن، بل لتأكيد أن إسرائيل دفعت، وستدفع، ثمن خطئها الفادح. وفي حال لم يأتِ الرد من إيران، فعلى أمريكا أن تدفع الفاتورة عبر العودة إلى طاولة التفاوض والقبول بالاتفاق النووي مجددًا، لكن بشروط إيران، لا بشروط نتنياهو.
أما في لبنان، فلا حرب كبرى تلوح في الأفق، وإيران لم تطلب من حلفائها التصعيد، بل إن التزام حزب الله بوقف إطلاق النار في الجنوب اللبناني هو مؤشر على قوة المبادرة، لا على ضعف الموقف. فالهدوء في لحظة الغليان، يحتاج إلى قدرة هائلة على ضبط النفس والسيطرة على الميدان.
حاليًا، تحصد إيران مكاسب الخطأ الاستراتيجي الإسرائيلي الذي ارتكبه نتنياهو خاصة بعد تحذير ترامب له، والذي لن يكون تداعياته على المنطقة، بل حتى داخل إسرائيل نفسها، حيث بدأ التصدع بين نتنياهو وترامب يطفو على السطح، وقد يُفقد نتنياهو مستقبله السياسي القريب.
نحو شرق أوسط جديد… لا يشبه القديم بشيء
في القراءة الاستراتيجية، يتضح أن محور المقاومة خرج من التجربة أقوى، وأكثر صلابة، ونجح في إسقاط وهم “الانتصار الأمريكي الإسرائيلي السهل”. فطوال عامين، لم تنجح لا واشنطن ولا تل أبيب في تسجيل نقطة سياسية واحدة تُحسب لها.
المعركة في غزة ما زالت مفتوحة، وإسرائيل خسرت الرأي العام العالمي، ومعه بعض دعم حكومات كانت تعدها حلفاء تقليديين. الأمم المتحدة بدأت بإدانة علنية لجرائم الاحتلال، ما يعكس تغيّرًا حقيقيًا في المزاج الدولي.
وسوريا؟
حتى الحديث عن “سقوط النظام” في سوريا لم يعد يخيف محور المقاومة. فالنظام هناك يعيش حالة إنهاك داخلي، والمجتمع السوري، بعد سنوات الحرب، فقد جزءًا كبيرًا من تنوعه، وخاصة الأقليات. حتى السنّة أنفسهم الذين حلموا بثورة تنقذهم من قمع النظام، بدأوا يشعرون أن البديل لا يقلّ سوءًا، بل قد يكون أشدّ قسوة. فالقيود الاجتماعية المتزايدة، وفرض الإسلام المتشدد على نمط الحياة في الجامعات والأسواق وحتى الحدائق العامة، شكّل صدمة ثقافية. حُرقت الحدائق، أُغلقت الملاهي والمطاعم، وفرضت الطبقية بين المسابح العامة والخاصة، بينما تم دمج آلاف المقاتلين من دول أجنبية داخل المجتمع السوري، مما يُهدد بتفكك العقد الاجتماعي برمّته.
لذلك، ربما يسقط النظام، لكن المؤكد أن النظام القادم لن يكون على خصومة مع محور المقاومة، بل قد يكون أكثر التصاقًا به من عهد بشار الأسد نفسه. فالسوريون، ببساطة، جرّبوا الثورة… وذاقوا مراراتها.
وفي لبنان… حرب بلا رصاص لكنها غيّرت المعادلات
رغم الكارثة التي حلّت بالجنوب، ورغم الخسائر الكبرى التي تكبدها الشيعة، إلا أن الحرب الأخيرة أعادت تقديمهم إلى الأمة كمدافعين عن فلسطين، وعن السنّة قبل غيرهم. هذا التحول أفرز موجة تعاطف شعبي إسلامي وعربي، عجز الإعلام المأجور عن تشويهه.
الهجمات على شيعة لبنان تراجعت إلى حدها الأدنى، ولم يتبقَ من يهاجمهم سوى “مرتزقة السوشيال ميديا”، وهؤلاء بدؤوا يُجابَهون من جمهورهم السنّي الذي بات يرى في المقاومة عمقًا عربيًا وإسلاميًا جامعًا لا طائفيًا.
كما أظهرت الحرب الوجه الشعبي الحقيقي لحزب الله. فقد خاض الحزب معركة البلديات دون أي تكليف شرعي صريح، ومع ذلك انتصر. مما يدل على أن بيئته الحاضنة ليست مأمورة بل شريكة، وأن الحزب ليس تنظيمًا عسكريًا فقط، بل مؤسسة شعبية عميقة الجذور.
وبرز كذلك الوجه السياسي للحزب: براغماتي، عقلاني، مرن، ومحنك. أثار أداء الحزب تساؤلات من نوع “أين كان هذا العقل السياسي طوال السنوات الماضية؟”، وربما يكون ما بعد هذه الحرب بداية لمرحلة جديدة في الوعي السياسي الداخلي.
الرسالة الأخيرة:
لا تسمحوا للإعلام أن يسلبكم البوصلة.
نحن لسنا على أبواب حرب إقليمية كبرى، بل على أعتاب شرق أوسط يُعاد تشكيله.
والمفارقة: أن من ظنّوا أنفسهم في موقع الهجوم… باتوا يدافعون.
ومن ظنّهم العالم سينكسرون، ها هم يتحولون إلى كتف التاريخ الصلب.
كل شيء بخير، فقط لا تَفقدوا البوصلة. ولا تُسلِّموا وعيكم للمحللين الذين لا يملكون سوى فمٍ يتحدث عن الحروب… ولا يفقهون شيئًا في إدارة السلم.
١٤/٦/٢٠٢٥ ناجي أمّهز: استمرار الهجوم الإسرائيلي على إيران لأكثر من أربع ساعات يعني الهزيمة الإسرائيلية مع بزوغ الصباح*
علّق الكاتب والمحلل السياسي ناجي علي أمّهز على الهجوم الجوي الإسرائيلي المتواصل على إيران، معتبرًا أن استمرار العمليات لأكثر من أربع ساعات دون تحقيق أهداف حاسمة، يُعدّ “مؤشرًا واضحًا على فشل الضربة العسكرية، وربما إعلانًا غير مباشر للهزيمة مع طلوع الفجر”.
وقال أمّهز في تصريح له مساء الجمعة:
“التحليق المكثف للطيران الحربي الإسرائيلي فوق الأجواء الإيرانية ليس استعراضًا للقوة، بل محاولة يائسة لمنع إيران من إطلاق المزيد من الصواريخ، بعد أن فشلت أربع منظومات دفاعية متطورة في اعتراضها، وهي: القبة الحديدية، مقلاع داوود، منظومة حيتس، إضافة إلى منظومة ثاد الأميركية، التي تُعد من أكثر أنظمة الدفاع الجوي تطورًا في العالم”.
واكد امهز: ان ايران نجحت بتحقيق الكثير من اهدافها مع موجة الصواريخ التي اكد الكيان انها كانت اقل عددا من الهجمات السابقة لكنها اكثر فعالية ودقة وتاثيرا.
وأشار إلى أن “إطالة أمد التحليق فوق الأجواء الإيرانية سيكون سلبيًا ومكلفًا للطيران الإسرائيلي، إذ يدخل الطيارون في ما يُعرف بـ’فقدان الإدراك الحسي’ نتيجة التحليق الطويل، وهو أمر شديد الخطورة، خاصة وأن إسرائيل، حتى لو امتلكت 2000 طيار، لن تتمكن من تغطية سماء إيران، التي تزيد مساحتها عن الكيان الإسرائيلي بحوالي 75 مرة، إذ تبلغ مساحة إيران نحو 1,648,000 كيلومتر مربع، مقابل 22,000 كيلومتر مربع فقط للكيان الاسرائيلي”.
وختم أمّهز بالقول:
“إذا استمرت هذه المعركة حتى الصباح، فإن النصر سيكون حليف إيران بإذن الله، والسلام على من أدرك أن المعركة لا تُحسم في السماء إذا كانت الأرض تمور برجالها.”
١٤/٦/٢٠٢٥، ١٠:٥٩ ص – .: *حتماً خسر نتنياهو… وترامب أذكى*
*بقلم: ناجي علي أمّهز*
نتنياهو لم يتعلّم من معاوية. ذلك الخليفة الذي جاءوا إليه برجل محكوم بالإعدام، فقال لهم: “خذوا هذا اللعين وأعدموه”.
لكن المحكوم نظر إليه وصرخ بجرأة: “يا معاوية، إن شتمتك وشتمت أباك وأمك، ماذا أنت فاعل؟”
تأمّل معاوية فيه بنظرة ماكرة، ثم قال لحراسه: “أطلقوا سراحه، وأعطوه من الذهب، وليغرب عن وجهي”.
وحين تعجّب الحاضرون من قراره، قال: “تعلمت منه درساً عظيماً… إذا حكمتَ على رجل بالموت، فلا تخطئ بحقه، لأنه لم يعد لديه ما يخسره”.
وهذا تمامًا ما حدث مع نتنياهو.
لقد تمادى في استهداف المنشآت النووية الإيرانية ذات الطابع السلمي، واغتال قيادات إيرانية، وتجاوز كل الخطوط الحمراء… ثم عاد ليصرّخ: “إيران تخطّت الخط الأحمر!”.
لكنه يعلم تماماً أنه لم يبقَ أي خط أحمر يمكن لإيران أن تحترمه، فقد فُتحت الأبواب كلها.
الكيان الإسرائيلي اليوم أمام خيار واحد فقط: إعلان وقف العمليات العسكرية، وترك الإدارة الأمريكية تُدير اللعبة سياسيًا، لعلّها تنجح في تأخير ما يبدو حتميًّا… تدمير الكيان.
وتدمير “إسرائيل” أسهل مما يتخيل كثيرون.
فإذا كانت القوى الغربية مجتمعة، ومعها بعض الدول العربية، لم تستطع إيقاف الحوثيين عن قصفهم للصواريخ لسبع سنوات متواصلة،
بل إن الحوثي — المحاصَر — خرج من حرب عالمية فرض فيها الحصار على “إسرائيل” نفسها، وأغلق المضائق البحرية، وعطّل مطارات تل أبيب، وكبّد الكيان خسائر سياسية واقتصادية فادحة…
فكيف ستكون الحال مع إيران؟
ثم إن ما كان يعوّل عليه نتنياهو من منظومات الدفاع الجوي، من “القبة الحديدية” إلى “مقلاع داوود”، وصولًا إلى THAAD الأميركية… كلها انهارت أو فشلت أمام الصواريخ الإيرانية، التي أصابت أهدافها بدقة متناهية، وكأنها تُلقي برسالة إلى العالم: “التفوّق العسكري الإسرائيلي ليس إلا وهماً إعلامياً”.
فإذا كانت هذه المنظومات التي كلّفت المليارات، وتم الترويج لها كحصون لا تُخترق، قد عجزت عن حماية قلب الكيان، فكيف يمكن الحديث عن صمود ومعركة طويلة الأمد في وجه جمهورية اسلامية تمتلك الإيمان والعقيدة والسلاح والهدف؟
إيران أثبتت عند كل مفترق أنها دولة حكيمة، قوية، مرنة، عاقلة، متزنة، واضحة الأهداف، صلبة الاستراتيجية، وتفي بما تلتزم به.
فما الضرر في أن تتوصّل إدارة ترامب — أو أي إدارة أمريكية قادمة — إلى تفاهم مع هذه الدولة التي باتت تفرض احترامها حتى على خصومها؟
ثم ماذا نقول عن خطاب نتنياهو بالأمس، وهو يخاطب الشعب الإيراني باكيًا:
“نحن إخوة، نحن نحبكم أيها الشعب الإيراني العظيم…” نتنياهو يحاول خداع حائكي السجاد.
هل يظن نفسه يخاطب بعض الشعوب العربية التي يُمكن استغباؤها ببضع كلمات عن الطائفية والعداوات التاريخية؟
الشعوب العربية، بغالبيتها، شعوب منهكة، مهزومة، لم تنجح في توحيد قوميتها، ولا في تجاوز انقساماتها التاريخية.
أما الشعب الإيراني، فله قومية وهوية وصلابة سيادية، تُمكّنه من أن يسير على الألغام بجسده ليعبّد الطريق أمام جيشه، كما فعل خلال العدوان العراقي على إيران.
اليوم، إيران عظيمة قوية ليس فقط بترسانتها العسكرية، بل بإيمانها بأنها تستحق أن تكون دولة عظمى اقتصاديًا، بثرواتها الطبيعية وقدراتها البشرية، التي جعلتها تُخصّب اليورانيوم بعقولها، لا بسلاح الآخرين.
أما نتنياهو، فقد خسر كل شيء:
خسر سياسيًا، لأن صورته تآكلت حتى أمام داعميه.
وخسر عسكريًا، لأنه غرق في مستنقع غزة، وغرّق “إسرائيل” بدماء الأطفال.
وخسر اقتصاديًا، لأن الأسواق تئن، والطيران شُل، والتجارة تعطّلت، والحليف الأمريكي يتجه لإدارة الصراع لا خوضه.
بل حتى الحلم الصهيوني القديم بدأ يتآكل.
فمن قيل لهم “تعالوا إلى أرض الأمان” اكتشفوا أنهم في جحيم دائم،
ولم يتبقَ في الكيان إلا أولئك المتعصّبون أو المغرر بهم،
أما الآخرون، فيحزمون حقائبهم عائدين إلى من حيث أتوا.
وأسوأ من كل الخسائر، أن نتنياهو خسر حتى أمل أن يقيم جسراً بين الشعوب العربية والكيان، بعدما ارتكب تحت أعين العالم أبشع مجزرة عرفتها البشرية في غزة.
ختامًا، نتنياهو خسر، والكيان يتآكل، وترامب — مهما قيل فيه — يبقى أذكى من نتنياهو عندما حذره من الدخول بحرب على ايران.
١٦/٦/٢٠٢٥ كتب ناجي علي امهز
*كل ما كشفته هذه الحرب هو أنه لا وجود فعلي لما يُسمى بمنظومة S-400، وأن الدولة الوحيدة في شرق المتوسط التي تمتلك قوة حقيقية هي إيران.*
*ولو وجدت هذه المنظومة او انها فعالة لما تجرا الاسرائيلي على قصف عمق ايران.*
واليوم فهمت لماذا ضحك الرئيس روحاني والرئيس التركي عندما عرض بوتين على السعودية شراء منظومة S-400. للأسف، روسيا إمبراطورية من رمل، والصين إمبراطورية تحكمها المصالح.
وغالبية العرب لا يريدون الدفاع عن فلسطين، الا ببيانات التنديد والشجب والاستنكار.
والمسلمون في العالم منهم منقسم طوائف، ومنهم لا يجيد الا الخطابات.
ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم.
١٧/٦/٢٠٢٥، ١١:٣٩ ص – .: *سلاح البلازما… هل هو السبب الحقيقي خلف السماح لإسرائيل بعدوانها على إيران؟*
*بقلم: ناجي علي أمّهز*
أنا لا أكتب مقالاتي عبثًا، بل أختار موضوعاتي بعناية، مستندًا إلى الكلمات المفتاحية التي يتفاعل معها الرأي العام على “ترند” جوجل. ومع دخول الذكاء الاصطناعي إلى اللعبة، أصبحت أدمج بين الحسّ الشعبي والمعطى الرقمي، لأنتج مقالات تلامس الحقيقة أو تقترب منها بدرجة مقلقة أحيانًا.
وفي الأيام الثلاثة الأخيرة، وتحديدًا بعد الاعتداء الإسرائيلي على إيران، بدأت أبحث عن الأسباب التي دفعت إسرائيل — وهي تدرك جيدًا قدرات إيران العسكرية — إلى مغامرة قد تقودها إلى الانتحار السياسي أو العسكري.
فمن يذهب إلى مواجهة مفتوحة مع إيران، عليه أن يعرف جيدًا أنه أمام دولة ليست فقط قوية عسكريًا، بل تملك من الصلابة الأخلاقية والانتماء الشعبي ما يجعلها أشبه باليابان زمن الحرب العالمية الثانية، كما يشبّهها بعض الخبراء الغربيين.
الشعب الإيراني، كالشعب الياباني، لا يعرف الهزيمة طالما ظل قادرًا على العطاء والتضحية. بلغة أوضح: إسرائيل تدرك أن ما من معركة ضد إيران ستنتهي بسهولة، أو وفق توقيت تضعه هي.
“وللأمانة، أكثر ما لفت نظري بعد بحث استمر لساعات طويلة، مقولة تختصر أسباب الحرب: «عندما تصبح الرواية بحد ذاتها سلاحًا».
أنا عادةً لا أتابع إعلام المحور، لأسباب باتت معروفة للجميع، من بينها المبالغة المفرطة التي أفقدته صدقيته.
المفارقة أن ما حاولت إيران التخفيف من أثره – وهو تصريح أحد جنرالاتها – قام إعلام المحور بتحويله إلى رواية بطولية مطلقة، فإذا بهذه الرواية ترتد سلاحًا على إيران وشعبها، وهم يدفعون اليوم ثمنها.
ولا أعرف متى سيتوقف هذا الإعلام عن البهرجة التي يجرّ معها المحور نحو مزيد من الخسارات، الا يكفي ان هذا الاعلام تحول الى اداة للسخرية بعد طوفان الاقصى وعملية اسناد غزة، بل اصبح كل واحد من هؤلاء الاعلاميين بدل الاعتذار عما قدمه وعرضه من اباطيل، مع كل صاروخ ايراني يسقط على العدو الاسرائيلي يصرخ الم نخبركم وكانه كان يتوقع ان لا يكون هناك اي قوة، لان هذا الاعلام يعرف انه موضع اتهام فيسعى لتبرئة نفسه، لان همه البقاء حتى على اجساد هذا المحور.
أن إعلام المحور لا يعمل باسلوب استراتيجي بل هو اشبه بمجموعة واتس اب هدفها الضخ والضخ دون هدف واضح، مما يعمّق عزلة هذا المحور ويقلب الرأي العام العالمي ضده.”
هنا اعود الى المؤشرات السياسية والعسكرية والإعلامية التي راقبتها خلال بحثي، وجميعها تقاطعت عند تصريح بالغ الأهمية، تداولته الصحافة الفارسية بتوسع، وهو شريط مسجّل للعميد أمير علي حاجي زاده، قائد القوات الجوفضائية في الحرس الثوري الإيراني.
في هذا التصريح، أشار حاجي زاده إلى أن إيران صنعت “سلاحًا استراتيجيًا”، دون أن يسمّيه، وقال إنه لا يمكن للأعداء إنتاج مثيل له، بل ولا حتى صناعة مضادات دفاعية له، لأن سرعته تتجاوز 13 ماخ (أي ما يفوق 15,900 كم/س خارج الغلاف الجوي).
لاحقًا، كشف الجنرال المتقاعد حسين كنعاني مقدم، وهو من مؤسسي الحرس الثوري، أن السلاح المقصود هو: سلاح البلازما.
ما هو سلاح البلازما؟ وهل هو ممكن تقنيًا؟
سلاح البلازما بحسب ما تسرب من مصادر إيرانية ومقربين من الحرس الثوري، لا يشبه القنبلة النووية، بل هو سلاح “نظيف” موجه، لا يسبب دمارًا شاملًا أو خسائر في صفوف المدنيين، بل يركّز على تعطيل الأنظمة الإلكترونية والمجالات الحيوية لدى العدو، من خلال موجات أو جسيمات بلازمية (حالة رابعة من المادة، بين الغاز والمجال المؤيّن).
تحدثت بعض التقارير غير المؤكدة عن قدرة هذا السلاح على تعطيل الطائرات والأقمار الاصطناعية وحتى شبكات الاتصالات والتحكم. وقد سبق وتحدث الروس عن مشاريع مشابهة، لكن إيران وحدها تبنّت على لسان قادتها الإشارة إلى امتلاك مثل هذا النوع من الأسلحة.
وهنا مربط الفرس: إسرائيل وأمريكا، بحسب بعض القراءات، لم يطلقا هذا الهجوم لا لإسقاط النظام، بل لاختبار مدى صحة هذا الادعاء الخطير.
هل تمتلك إيران فعلًا هذا السلاح؟
وإن امتلكته، هل بمقدوره إحداث نقلة في موازين القوة العالمية؟
“وهذه النتيجة تشير الى ان الاعتداء الاسرائيلي هم مغامرة محسوبة… مع انها مقامرة خطيرة”
قد تكون إسرائيل – بتحريض أو ضوء أخضر أمريكي – قد قررت القيام بالاعتداء:
• إن ثبت امتلاك إيران لهذا السلاح: ستُجبر أمريكا على الجلوس إلى الطاولة مع طهران، والتفاوض على معادلة جديدة للطاقة النووية والتسليحية في المنطقة.
• وإن ثبت عدم امتلاكه، أو ظهر أن القدرات الإيرانية فيها ثغرات، ستُستكمل الحرب على إيران حتى إنهاكها، على طريقة الحرب التي أُنهك بها العراق سابقًا.
ويبدو أن الهدف الأمريكي البعيد ليس فقط ضرب إيران عسكريًا، بل زعزعة نظامها من الداخل، بما يؤدي إلى ولادة حكم تابع، منزوع القوة، يفرّط بثروات البلاد مقابل حكام كما في ليبيا وسوريا، وكما كان مطلوبًا من العراق.
فإيران: كنز بالنسبة لواشنطن
ما يجب ألا نغفله أبدًا: أن إيران ليست فقط عدوًا نوويًا مزعومًا، بل هي كنز استراتيجي مغلق منذ الثورة عام 1979. فهي:
• تملك أكبر احتياطي لليورانيوم الطبيعي في المنطقة.
• تحتضن أحد أغنى مناجم الليثيوم المعدن الحاكم في صناعة البطاريات والطاقة المتجددة.
• تملك احتياطي غاز ضخم قادر على تغذية أوروبا لعقود في حال تم ربطه عبر تركمانستان إلى تركيا.
• وتتحكم بممرات مائية أساسية (هرمز، بحر عمان…).
لذلك فإن الحرب – من وجهة نظر أمريكية – ليست خيارًا تكتيكيًا، بل استثمار طويل الأمد.
كنت أتوقع أن تنتهي هذه الحرب سريعًا، والا ستتحول الى حرب كبرى.
لكن ما أراه اليوم أشبه بفتيل الديناميت الذي أُشعل، وسيتطلب وقتًا حتى يصل إلى مركز الانفجار.
ولا أحد يملك اليوم تصورًا واضحًا عن النهاية، فكل السيناريوهات مفتوحة، والفيصل فيها هو: الشعب الإيراني، ونموذج مقاومته وتضحياته.
أرجو أن تنتهي هذه الحرب في مشرقٍ عربي وإسلامي أعياه الخنوع والخديعة والضياع، بعد أن تحوّلت ثرواته من نعمة إلى نقمة، وجعلته ساحة لصراعات لا ترحم، وقوى لا تقيم وزنًا لحياة الإنسان ما دامت مصالحها على المحك.
١٧/٦/٢٠٢٥
كتب ناجي علي امهز/ الفرق بين الشيعة والمستوطنين الإسرائيليين؟
بإسرائيل، حكومة العدو بتصدر تعميم صغير:
“ممنوع التصوير، ممنوع الحكي، ممنوع التحليل.”
خلاص. سكوت.
الوزراء بيسكتوا، قادة الأحزاب بيسكتوا، أهم دكاترة الجامعات بيسكتوا.
حتى الصحف والإعلام والمواقع الالكترونية بيختفوا.
الكل سكوت، حتى بيسقط صاروخ ايراني امام كل الشاشات العالمية ما بيسترجي مستوطن يتداول الفيديو، بدون اذن مسبق.
أما عندنا بلبنان، وتحديدًا بين الشيعة، حزب الله بيناشد، القيادة الايرانية والمراجع بالنجف وقم يناشدون، حتى وبيطلعوا الشباب على الكروبات بيحلفوا بالله:
“يا جماعة ما تنشروا صور، يا جماعة ما تحكوا سياسة، يا عمّي في حرب، يا عمّي في خطر!”
بتتفاجأ إنه صار فيك تعتبر لبنان فيه مليون ونص شيعي كل واحد فيهم هو خبير استراتيجي كوني – فضائي – عسكري – إعلامي.
وكل واحد شايف حالو مكلف بمهمة تحليل الموقف وتقييم المرحلة وتوجيه المعركة..
ولحق على نظريات.
ما بيكفينا الاعلام يلي خرب الدني وانتج هيك عقليات طيلة 13 سنة من الضخ ورفع الاسقف حتى صار كل شيعي يتصور نفسه انه هو يحكي وكل دول العالم بتنفذ يلي بدو ياه.
الله لا يسامحنا على هالاعلام يلي عملناه شو عمل بعقول الشيعة.
كل مرة بتطالب الشيعة بعدم النشر بزيد منسوب النشر،
عنجد شوية صمت، عنجد خافوا الله كل هل الضجيج والله يزعج حتى الشهداء تحت التراب، شوية صمت وخففوا نشر، خافوا الله بحالكم وأولادكم ومستقبلكم.
يا عمي في دول بدها تقتلكم خففوا حكي ونشر وضجة.
١٨/٦/٢٠٢٥، ١:٠٩ م – .: *كتبه: ناجي علي أمّهز*
*الحرب الإسرائيلية – الإيرانية تكشف سبب خسائر حزب الله في لبنان*
إنها المرّة الأولى، منذ أن أبصرت عيناي النور، أرى “إسرائيل” تُقصف بالصواريخ، وتُهزّ تحت وقع الانفجارات. لكن ما أثار دهشتي، ليس مشهد الصواريخ، بل ما لم نره خلف دخانها.
مئات الصواريخ انطلقت من إيران، ارتجفت الكاميرات من هول صوتها، لكنك لا ترى شيئًا! لا مشهد لدمار، لا صورة لانفجار أصاب هدفًا، لا مبنى واحد تهدّم. كأنّ المشهد مصمَّمٌ خصيصًا لعرض بطولة منظومة “القبة الحديدية”، فيما تغيب الحقيقة خلف الستار.
بحثت. راقبت. تابعت. ثم فهمت.
في “إسرائيل”، يُسمح لك أن تُسلّط عدسة البث المباشر على أي بقعة من فلسطين المحتلة. لكن حين تبدأ صافرات الإنذار، وحين تنهمر الصواريخ، يُسمح فقط بتصوير “السماء” – تصوير الصواريخ وهي تُصدّ، لا وهي تُصيب.
ممنوع أن تُظهِر الأضرار، أو مشهد الفوضى، أو حتى وجوه الناس.
بل حتى بعد اربعة اشهر من قصف ايران لموقع حساس اعترفت فيه اسرائيل بالامس فقط.
القانون هناك واضح: أي وسيلة إعلام تُظهر لقطات غير مصرح بها، ولو لثوانٍ، تُغرَّم بملايين الدولارات، وتُقاضى. بل حتى المستوطن نفسه، إن التقط صورة، إن كتب منشورًا، إن تحدث عن هجوم غير مصرح به، يُلاحق قانونيًا. ليس فقط اليوم… بل حتى بعد عشر سنوات من ارتكابه ذلك.
أما نحن…
فكأنّنا نحمل عدسة هوليوودية لنُصوّر أنفسنا تحت القصف. نُعلن – وعلى الهواء – اسم الشارع المستهدف، ونشرح كم يبعد عن حيّ فلان، وكم مبنى تدمر، ولمَن تعود ملكية كل شقة، وأي عائلة كانت فيها، ومن أين نزحت، ومن أي قرية أتت، وحتى لون الحذاء الذي كان في الزاوية.
نُصوّر الرعب، نُبثّ الذعر، والجماهير الشيعية نتجمهر أمام المبنى المُستهدف… تُبثّ مباشرة لحظات الصدمة والبكاء والارتباك. نُقدّم هدية ذهبية للعدو، ونزرع في نفوس الناس بذور الهلع والخذلان.
أهذا إعلام مقاومة؟
أم دعاية مضادة بتمويل ذاتي؟
تسألون اليوم: لماذا تكبّد حزب الله وبيئته خسائر جسيمة؟
أجيبكم: لأننا نعيش في زمن انتصر فيه العدو على الشاشة، لا على الجبهة.
انتصار أيار 2000، وانتصار 2006 تموز، كانا نتيجة معارك دون اعلام… هذه الفوضى التي نراها اليوم. تسببت بالكثير من الخسائر العسكرية والسياسية والاعلامية.
صرف ملايين الدولارات لتأسيس فضائيات، فإذا بها تُنتج “أبواقًا” تسبّبت بمشاكل مع الداخل اللبناني، ومع الكويت، ومع دول لم تكن حتى تعادينا.
فضائيات أدخلت المقاومة بصراعات جانبية مع الإعلام المحلي والعالمي، بينما كانت المقاومة بأمسّ الحاجة للحاضنة، لا للشتائم.
أسّست لتخاطب الشعوب العربية، فتحولت إلى منابر شعر حكام العرب ان هدف هذه الفضائيات هو اسقاط انظمتهم، مما دفع بهذه الحكومات العربية الى استثمار مئات ملايين الدولارات ضد المقاومة وبيئتها.
وها المقاومة وبيئتها اليوم تدفع الثمن. فقط لأنه لم تحسن إدارة العدسة والحوار وانتاج البرامج والافكار.
أترك لكم هذه الفيديوهات للمقارنة:
شاهدوا كيف كانت تُغطّى الضربات على الضاحية في إعلام المحور وكيف تُحجب اصغر معلومة في إعلام العدو.
لعلنا نتعلم. وإن كنت لا أعلم إن كان في هذا الزمن من يتعلم.
لكن إن لم يتوقف هذا العبث الإعلامي فورًا، فإننا نغرق في رمال متحرّكة، تسحبنا إلى قعر الهاوية…
والأدهى، أن هذه الفضائيات المكلفة، لا يُشاهدها إلا فئة ضئيلة، من بيئة المقاومة نفسها وكان الانسان يخاطب نفسه.
١٨/٦/٢٠٢٥، ١:١٠ م – .: الرجاء مشاهدة الفيديو للضرورة القصوى والاستماع عن القرارات الاسرائيلية وكيف يسمح بنقل الاعلام وهذا ما نشرته الجزيرة مباشرة الامس الثلاثاء حزيران ٢٠٢٥ وكشفت اسباب شح المعلومات عما يجري في فلسطين ونتائج الضربات الصاروخية الايرانية،
ضروري مشاهدة هذه الفيديوهات لمعرفة عن ماذا اتحدث وستصابون بالصدمة الكبيرة وتدركون فداحة ما ارتكبه اعلام محور المقاومة بحق المقاومة وبيئتها، وحتما ليس عن قصد انما عن عدم دراية وفهم ادارة الاعلام وصناعة الراي العام
مع فائق الاحترام ناجي علي امهز
١٩/٦/٢٠٢٥، ٧:٥٥ م – .: *كتب ناجي علي أمّهز: العالَم الحرّ فقد دينه، وفقد عقله.*
اهتزّت مشاعر الدنيا لأنّ مستشفى أُصيب في الكيان الإسرائيلي،
لكن أحدًا لم يتحرّك لإيقاف قتل الجرحى في مستشفيات غزة،
التي دُكّت ودمرت فوق أجساد الجرحى، والأطباء، والممرضات، والمتألمين.
أن يُصاب مستشفى في إسرائيل، فذلك جريمة لا تُغتَفر.
أمّا أن تُدمَّر مستشفيات غزة على رؤوس من فيها،
فهي “قضية فيها وجهة نظر”!
كل إنسان حرّ، يقف ضد استهداف المدنيين، أينما كانوا.
لكن، أليس شعب غزة… وحتى في لبنان… وايران من البشر؟
أليسوا مدنيين؟
١٩/٦/٢٠٢٥، ١١:٤٢ م – .: *الحرب على إيران للقضاء على آخر الجيوش النظامية المقاومة لإسرائيل في المنطقة.*
*بقلم ناجي علي أمهز*
لم يكن الصراع العربي الإسرائيلي مجرد نزاع حدودي أو خلاف سياسي عابر. بل هو جرح مفتوح في الجسد العربي، يمتد من قلب فلسطين إلى عمق الوعي الجمعي لشعوب لم تعرف السكون منذ لحظة إعلان قيام دولة إسرائيل. صراعٌ تشكل على وقع الحروب، وتحول تدريجياً من مواجهات جيوش كلاسيكية إلى صراع غير متكافئ مع قوى غير نظامية، لتتغير معادلات الحرب، وأهدافها، وأدواتها.
المرحلة الأولى: زمن الجيوش والحروب النظامية 1948
بداية الحكاية تعود إلى عام 1948، حين أُعلنت إسرائيل دولة، واندفعت خمسة جيوش عربية (مصر، الأردن، سوريا، لبنان، العراق) إلى الميدان، مدفوعة بأمل إسقاط الكيان الوليد. لكن الحرب، التي عُرفت عربياً بـ”النكبة”، انتهت بترسيخ الوجود الإسرائيلي على أرضٍ تفوق بكثير ما منحها قرار التقسيم الأممي، وولادة مأساة اللاجئين الفلسطينيين التي باتت قلب المأساة وأيقونتها.
لم تمضِ سنوات حتى وقعت حرب 1956، حين تحالفت إسرائيل مع بريطانيا وفرنسا في عدوان ثلاثي على مصر، رداً على قرار عبد الناصر تأميم قناة السويس. وبينما حقق التحالف مكاسب عسكرية، جاءت الضغوط الدولية (خاصة الأمريكية والسوفيتية) لتفرض الانسحاب، وتحول الهزيمة إلى نصر سياسي عزز من مكانة مصر الناصرية.
لكن التحول الحقيقي وقع في حرب 1967، أو “النكسة”. في ستة أيام فقط، اجتاحت إسرائيل أراضي عربية واسعة: سيناء وقطاع غزة من مصر، والضفة الغربية والقدس الشرقية من الأردن، ومرتفعات الجولان من سوريا. لم تكن مجرد هزيمة عسكرية، بل زلزال جيوسياسي أعاد رسم خريطة الشرق الأوسط، وأطلق شرارة “حرب الاستنزاف” التي خاضتها مصر بين عامي 1967 و1970، في محاولة لإرهاق الجيش الإسرائيلي على جبهة قناة السويس.
ثم جاء الرد الكبير في حرب أكتوبر 1973. في لحظة مفصلية، شنت مصر وسوريا هجوماً مباغتاً على القوات الإسرائيلية، حطم أسطورة “الجيش الذي لا يُقهر”. ورغم أن إسرائيل استعادت زمام المبادرة لاحقاً، إلا أن العرب كسبوا معركة الإرادة والكرامة، ومهدوا الطريق لأول اتفاق سلام عربي إسرائيلي. فكان اتفاق كامب ديفيد 1978 تتويجاً لذلك الانتصار الاستراتيجي، وعودةً لسيناء إلى السيادة المصرية، لكن بثمن سياسي كبير: خروج مصر من معادلة الحرب.
وطيلة هذه الحروب العربية وقبل ظهور الحركات السياسية الشيعية، كان يوجد في العالم العربي جموع من المدافعين عن إسرائيل، وينتقدون الزعامات العربية التي تعلن العداء لإسرائيل.
المرحلة الثانية: عصر المقاومات والحروب غير المتكافئة 1982
مع توقيع السلام المصري الإسرائيلي، تغيرت ملامح الصراع. فغزو إسرائيل للبنان عام 1982 لم يكن ضد جيش نظامي، بل ضد منظمة التحرير الفلسطينية، التي أُجبرت على الخروج من بيروت. لكن الفراغ الذي خلفته المنظمة لم يتركه السكون، بل ملأته مقاومة أشد تنظيماً وأكثر جذرية: “حزب الله”.
هكذا، دخلنا عصر الحروب غير المتكافئة. ولم تعد الحروب تجري بين دول تمتلك دبابات وسلاح جو، بل بين جيش نظامي هو الأقوى في المنطقة، وحركات مقاومة محلية تتقن حرب العصابات، وتستند إلى دعم شعبي، ونسيج اجتماعي لا يمكن عزله بالقوة.
من حرب تموز 2006 في لبنان، إلى الحروب المتكررة على غزة (2008، 2012، 2014، 2021)، ظهر هذا التحول بوضوح. لم تعد الحرب تُقاس بعدد الكيلومترات التي تُحتل، بل بقدرة المقاومة على الصمود، وفرض معادلات ردع تمنع العدو من تحقيق نصر سياسي أو عسكري نهائي.
وبين تلك الحروب، اشتعلت الانتفاضات الفلسطينية، الأولى في عام 1987، والثانية عام 2000، لتضيف بعداً شعبياً عفوياً إلى الصراع، يجعل من كل حجر مقلاعاً في وجه آلة الاحتلال.
والتاريخ يعيد نفسه، ولكن هذه المرة انتقلت الجموع التي كانت تهاجم الزعامات العربية المناهضة لإسرائيل، إلى جموع تهاجم المقاومة إن كانت سنية أو شيعية تناهض إسرائيل.
هكذا تغير الصراع العربي الإسرائيلي: من جبهات وجيوش وخرائط، إلى أزقة وحارات ومعادلات ردع. لم تعد الحروب تهدف إلى اجتياح أرض أو إسقاط نظام، بل إلى إدارة حالة اشتباك مستمرة، تبقي الاحتلال متفوقاً عسكرياً، لكنه عاجز سياسياً عن الحسم.
واليوم تحلم إسرائيل بالقضاء على النظام في إيران كما حصل مع مصر، ومع ذلك تنهي حركات المقاومة وهذا ما قاله نتنياهو اليوم: “إن سقوط النظام الإيراني سيؤدي إلى انهيار كل أشكال الدعم الذي تتلقاه حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، مما سيسهم في استعادة الإسرائيليين المخطوفين”.
وتعتقد إسرائيل أنه بعد القضاء على الجيوش العربية النظامية المناهضة لها، وتحول الصراع إلى صراع مقاومات، فإنه مع إنهاء حركات المقاومة، ستكون إسرائيل بعد فترة أمام مناهضة فردية وهذه المناهضة لا تشكل أي خطر على إسرائيل.
إنه صراعٌ لم يعد له بداية محددة ولا نهاية واضحة، لكنه يظل مرآة لانكساراتنا، ولعجزنا عن التحول من الرفض العاطفي إلى الفعل السياسي البناء. فهل يبقى التاريخ يعيد نفسه، أم آن لنا أن نكسره، ونكتبه بأيدينا؟
هزيمة إيران تعني انتهاء زمن المقاومة، لذلك إسرائيل وأمريكا تعلمان أنهما ذاهبان لجر المنطقة إلى المعركة الأخيرة.
٢٠/٦/٢٠٢٥، ١٢:٥٠ م – .: *ليس دفاعاً عن وليد عبود، بل دفاعاً عن الشيعة، يجب معالحة هذه الامور*
*ناجي علي امهز*
في خضم التجاذبات الإقليمية المعقدة، تقف إيران كقوة عظمى لا يمكن إنكار صلابتها وعظمتها في المنطقة. ومع ذلك، عندما بلغت الأمور حداً من الانسداد، لم يتردد العدو الإسرائيلي في اتخاذ قرار يرقى إلى مستوى الانتحار الاستراتيجي، عبر هجومه على إيران، سعياً للتخلص من حالة القلق الوجودي التي تفرضها طهران على الكيان. والحقيقة، بعيداً عن أي مجازفة في التعبير، أن إسرائيل بهذا الهجوم تدفع ثمناً باهظاً وجسيماً، وستخرج من هذه المواجهة منهزمة، ولعل مكسبها الوحيد سيكون الحصول على ضمانات بعدم امتلاك إيران للسلاح النووي، وهو السلاح الذي لا تسعى إليه طهران أصلاً.
هذه المقدمة ليست مجرد استعراض للقوة، بل مدخل ضروري لفهم حقيقة أعمق: أي مجتمع يصل إلى جدار مسدود وأفق مغلق، يجد نفسه مدفوعاً نحو التصادم، متجاوزاً حسابات موازين القوى أو حجم الثمن الذي سيدفعه. هذا هو المنطق الذي حكم كل حروب البشرية منذ قصة قابيل وهابيل، التي تمثل في جوهرها توصيفاً عميقاً لحالة التصادم الناشئة عن التفوق؛ فحين يتفوق طرف على آخر، حتى لو كان ذلك بتوفيق إلهي، فإن الطبيعة البشرية، في جانبها المظلم، ترفض هذا التميز وتنزع نحو المواجهة.
وهذا ما ينطبق، بشكل أو بآخر، على الطائفة الشيعية التي عانت من الحرمان لقرون طويلة، حتى أصبحت عبارة “المحرومين” لصيقة بها. ولكن، شاءت الأقدار، وتراكم القهر، وحجم التضحيات، أن يحدث تحول تاريخي عميق، لم يدفع بالشيعة في لبنان فحسب، بل في العالم أجمع، إلى أعلى درجات سلم المجد والقوة. لقد كان نصراً إلهياً تحقق بفضل الدماء الزكية والتضحيات الجسام والعطاءات غير المحدودة. لكن السؤال المحوري اليوم هو: هل نجح الشيعة في الحفاظ على هذا النصر العظيم وهذه المكاسب التاريخية؟
للأسف، إن الشيعة الذين انتقلوا من حالة الحرمان إلى حالة القوة والحضور الإقليمي الفاعل، لم يحسنوا إدارة هذه المكتسبات، ووقعوا في أخطاء استراتيجية قاتلة، إن لم تتم معالجتها بحكمة وشجاعة، فإننا سندفع ثمناً يتجاوز الحرمان، وقد يمس وجودنا ذاته.
الانغماس في السياسة الداخلية الصغيرة
لماذا يتوجب على مقاومة، مشروعها تحرير فلسطين وتخوض صراعات إقليمية ودولية، أن تتحالف مع تيار مسيحي ضد تيار مسيحي آخر؟ وعندما يشن التيار المسيحي الخصم هجوماً على الشيعة، أو حتى على حليفهم المسيحي، تتحرك البيئة الحاضنة للمقاومة وتطلق العنان للمواقف الشاجبة والتصريحات النارية ضد هذا التيار. لو أن حركة أمل، التي ينحصر صراعها وخصوماتها إلى حد كبير داخل الساحة اللبنانية، هي من عقدت هذا التحالف، لكان بالإمكان فهمه وتبريره ضمن سياق المعركة السياسية اللبنانية الصرفة. لكن أن تضع مقاومة بهذا الحجم نفسها طرفاً في لعبة سياسية طائفية داخلية صغيرة، هي أكبر منها بكثير، فهذا خطأ استراتيجي فادح.
وأين هي النتائج الإيجابية لهذه التحالفات؟ ماذا قدمت للمقاومة ولبيئتها؟ كل ما أثمرته هو أنها منعت وصول رئيس حليف للمقاومة، وبسبب عناد الحليف والأسلوب الذي أديرت به السياسة، خسرت المقاومة فرصة وجود رئيس وحكومة تمتلك فيهما حصة وازنة أو ما يُعرف بالثلث المعطل. وربما، لو انتُخب سليمان فرنجية رئيساً، لتغير مسار الأحداث، ولما استُشهد السيد نصرالله، ولما دُمر الجنوب وقُصفت الضاحية، ولما خسر الشيعة الكثير من نفوذهم السياسي. ومع ذلك، ما زال البعض يدافع عن تلك الخيارات ويشحذ العصبية الطائفية، وكلما أطلق سياسي من التيار الذي كان حليفاً لحزب الله تصريحاً، هللت بيئة المقاومة وكبّرت، معتبرة إياه قمة في الوطنية والالتزام. السياسة لا تدار بهذه السطحية العاطفية.
االإمبراطورية الإعلامية
هذا الكلام ليس موجه الى قناة المنار لان قناة المنار تعبر عن فكر وايدلوجية المقاومة
لكن لم يسبق في تاريخ حركات المقاومة، ولن يحصل في المستقبل، أن بنت مقاومة لنفسها إمبراطورية إعلامية ومحطات فضائية خاصة تدعمها، إلا المقاومة الإسلامية في لبنان. لا أعرف من أقنع قيادتها بهذه البدعة التي لا تفسير علمياً أو سياسياً أو اجتماعياً لها. فالمقاومات على مر التاريخ، من الثورة الفرنسية إلى الكوبية والجزائرية، كانت تكتفي بإعلام بسيط ومباشر يقتصر على البيانات والتصريحات المقتضبة. فعندما تنشئ فضائيات موجهة ضد الآخرين، فإنهم بطبيعة الحال سينشئون فضائيات مضادة لك، وهنا تدخل في معركة استنزاف على صعيد الرأي العام، وهي معركة مهما كنت فيها قوياً وصادقاً ومضحياً، ستخسرها في النهاية، لأنك أضفت إلى قائمة أعدائك أعداءً جدداً أنت في غنى عنهم.
والأدهى من ذلك، أنشاء فضائية كالميادين ومنحها امتيازات حصرية، بحيث أصبحت إطلالات السيد حسن نصرالله محصورة فيها، إضافة إلى الأخبار الخاصة بالمقاومة التي كانت مؤسسات إعلامية كبرى مستعدة لدفع ملايين الدولارات مقابلها. كل هذه الامتيازات، بالإضافة إلى الدعم المالي، حُصرت بفضائية يديرها إعلامي من أصول غير لبنانية. من الطبيعي أن تجذب إطلالة السيد الملايين من المشاهدين لهذه القناة، مما يدفع بقية الفضائيات التي تخسر جمهورها إلى شن هجوم على السيد والمقاومة، أو ربما الذهاب نحو التعاقد مع دول مناهضة للمقاومة من أجل البقاء والاستمرار.
أضف إلى ذلك بدعة أخرى، وهي صناعة “الأبواق الإعلامية”. الثورات العظيمة كتب عنها فلاسفة ومفكرون كبار، مثل جاك روسو الثورة الفرنسية علي شريعتي والشيخ مطهري في الثورة الإيرانية. أما قادة المقاومة، فكانوا يكتبون بأنفسهم، مثل تشي غيفارا، أو يدققون في كل كلمة تُنسب إليهم، مثل جورج واشنطن. لكن في حالتنا، هل نسينا الإعلامي الذي تهجم على دولة الكويت الشقيقة عبر قناة المنار، وما زال الشيعة في الكويت يدفعون ثمن تهجمه حتى اليوم؟ هل تم إقصاؤه؟ لا، بل تحول إلى نجم يومي على فضائيات المقاومة، ودافعت عنه بيئتها، مما تسبب بأزمة دبلوماسية أدت إلى طرد عشرات الشيعة اللبنانيين من الكويت. وبالمثل، يتم دعم إعلاميين مسيحيين، كل مهمتهم هي التهجم على البطريرك الماروني، ويتحولون إلى “تريند” لدى بيئة المقاومة. ما هي الفائدة المرجوة من كل هذا؟
لقد أدخلت هذه الأبواق المقاومة في صراعات يومية لا تنتهي، وهم هذه الابواق هو البقاء في المشهد الاعلامي للتنفع ماديا وشهرة وكل ذلك على حساب المقاومة.
والطامة الكبرى كانت في إقناع محور المقاومة بإنشاء فضائية مهمتها منافسة الجزيرة واستقطاب موظفيها. هل يعقل أن تدخل مقاومة في صراع مباشر مع مؤسسة إعلامية بحجم الجزيرة، التي تخشاها دول عظمى وتبلغ ميزانيتها قرابة المليار دولار سنوياً؟
أنا شخصياً، كنت أكتب دفاعاً عن المقاومة في صحيفة عرب تايمز التي تصدر بامريكا قبل اغلاق موقعها، وكان يقرأها مئات الآلاف. هل تمت استضافتي أو دعمي كما تم دعم الكثيرين الذين وُظفوا برواتب فلكية؟ بل تصلني يومياً عشرات الدعوات للمشاركة عبر فضائيات للمقاومة، ولكن بالمجان. بينما البرامج المدفوعة محصورة ببعض الاسماء القليلة، هذا التمييز يخلق شعوراً بالظلم والإقصاء لدى النخب المؤمنة بالمقاومة، ولو لم يكن إيمانها عميقاً، لكانت انقلبت عليها بسبب إعلامٍ بدلاً من أن يجمع، فرّق، وجعل من هذا ابن سيدة وذاك ابن جارية.
واليوم، أين هو هذا الإعلام الذي لا يتجاوز عدد مشاهديه في أفضل أحواله الخمسين ألفاً، بينما تحصد الجزيرة أضعاف هذا الرقم؟ لقد دفعنا في الإعلام ثمناً باهظاً، تماماً كما دفعنا في السياسة، ومع ذلك لم يتغير شيء.
ختاماً، أنا لا أدافع عن وليد عبود، بل أشرح أسباب ونتائج الصراع وما هو أعمق. اليوم تم إيقاف حلقته على مؤسسة رسمية، لكن لو كان يُعرض على محطة خاصة، من كان سيوقفه؟ يجب معالجة هذه الأخطاء الاستراتيجية من جذورها قبل فوات الأوان.
٢٠/٦/٢٠٢٥، ٩:٥٦ م – .: *الوفد الامريكي سيقدم اعتذار لوليد جنبلاط عن كلام اورتاغوس*
الموفد الأميركي الخاص إلى سوريا باراك سيزور الرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط للاعتذار عما بدر سابقًا من المبعوثة الأميركية السابقة مورغان اورتاغوس تجاهه”، وذلك حين قالت له إن المخدرات مضرّة ردًا على انتقاداته لها.
هل تذكرون التصريح الذي نشر في 8 – 6 – 2025 تحت عنوان: “زيارة لودريان اهمها مع جنبلاط، وهي المحاولة الأخيرة لإنقاذ الشيعة من العقوبات الأميركية”
وقد جاء في التصريح:
وأوضح ناجي علي امهز، أن باريس تعرف مسبقا الموقف الشيعي، لكنها تحاول التذكير وشرح التداعيات لمتغيرات الشرق الاوسط، بالمقابل تعول باريس على نجاح لقاء لودريان مع الزعيم الدرزي وليد جنبلاط، الذي نجح في تلقين المبعوثة الأميركية مورغان أورتاغوس درسًا قاسيًا بعد تغريدة ضده، اعتبرها قادة النظام العالمي خطأ استراتيجيًا من موظفة “جاهلة”، ما أدى – بحسب أمّهز – إلى “معاقبتها وربما ما هو أكثر”.
هل تاكدتم اليوم ان ما كتبه ناجي امهز حقيقة ثابتة ودامغة ودقيقة بخلاف جميع التوقعات التي اثيرت حول اقصاء اورتاغوس، هذا الفرق بين الذي يعرف والذين لا يعرفون.
٢٢/٦/٢٠٢٥، ٢:٤٤ م – .: *يجب عدم مطالبة ايران بالرد على الامريكي، وايران أمامها طريق واحد*
*بقلم: ناجي علي أمهز*
المطلوب الآن هو تجاوز مرحلة قصف المفاعلات، والانتقال إلى تفكير استراتيجي هادئ وموجه للمستقبل، بعيدًا عن الخطاب السائد في الحروب، وخاصةً لدى محور المقاومة. المطلوب هو تقديم رؤية من طراز مختلف تمامًا، تتناسب مع طبيعة الحروب الإقليمية والمتغيرات الدولية.
في هذا السياق، من المأمول أن نشهد حراكًا عربيًا، إلى جانب روسيا والصين، لوقف الحرب بأي طريقة. فإنَّ بقاء إيران قوية يمثل عامل توازن أساسي تستفيد منه كافة دول آسيا، وخاصة الصين التي تُعتبر مستهدفة مباشرة من أمريكا. وأنا هنا لا أكتب لإيران، فهي تملك من العقول والنخب ما يجعلها أدرى بما تريده وتفعله، لكنني أكتب للرأي العام الذي يقرأ العربية.
لا أعتقد أن إيران أو أيًّا من حلفائها سيقدم على عمل عسكري مباشر ضد الولايات المتحدة، لأن مثل هذه الخطوة ستكون بمثابة انتحار جيوسياسي يدفع بالمنطقة إلى حافة الانفجار الشامل.
لانه يكفي الدخول الامريكي على خط الحرب ضد ايران لادراك حجم ازمة اسرائيل العسكرية والسياسية. وضعفها وهشاشتها بالمنطقة.
إن الهدف اليوم ليس تحقيق انتصار على أمريكا أو حتى إضعافها، كون هذا الامر من المستحيل في الوقت الراهن وكما ايران ضرورة اقليمية بنظر النظام العالمي، فان امريكا ضرورة عالمية في العالم الى ان تبرز بدائل لا تعرض الكرة الارضية للفناء.
كما ان معركة إيران اليوم ليست مع امريكا بل هي ضد اسرائيل التي اعتدت على ايران، ويجب أن تُحصر المعركة في الكيان الإسرائيلي، ليكون هو من يصرخ أولاً ويطلب وقف الحرب.
لذلك من غير المجدي أن ينشغل إعلام محور المقاومة بالتركيز على أمريكا، أو حتى بذكرها في سياق الحرب. فمثل هذا التركيز، وإن بدا استعراضًا للقوة، قد يحمل أبعادًا ثقافية وسياسية تؤدي إلى توسيع رقعة الصراع بشكل غير محسوب، وتُخرج الضربة عن إطارها الجغرافي المحدود، مما يعيق أي فرصة لوقف الحرب عبر المسار السياسي.
وربما تكون إيران نفسها قد تأثرت بتحليلات معظم محللي المحور، الذين كانوا يعتقدون أن ترامب سيحرر فلسطين، ويزيل إسرائيل، ويحارب “الدولة العميقة” في بلاده، وأنه على خصام مع نتنياهو ويفضل التفاوض مع إيران على حساب إسرائيل.
في علم التحليل السياسي، لا يمكن القول إن هؤلاء المحللين قد أخطأوا، بقدر ما أن تقديراتهم تأثرت بالاعتماد المفرط على فرضيات مثالية لم تُختبَر أمام الواقع المتقلب.
لذلك، على إيران أن تُفعّل باب المفاوضات بأقصى طاقاتها وبكل الوسائل، دون أن تتخلى عن وتيرة الرد المنهجي على الكيان الإسرائيلي، الذي بدأ العدوان بذريعة أن إيران تشكّل تهديدًا وجوديًا. وغدًا، قد تعتدي إسرائيل على أي دولة عربية بحجة امتلاكها جيشًا قويًا أو أسلحة تُخلّ بالتوازن.
ولنكن واضحين: لا أستبعد أن تكون الحرب الحالية ضد إيران مقدمة سياسية لإحراجها وتحييدها عن دعم أي جيش عربي قد يكون هدفًا لضربة إسرائيلية في المستقبل القريب.
تمامًا كما نجحت إسرائيل سابقًا في تصوير الشيعة بأنهم “أخطأوا” في دفاعهم عن فلسطين، بينما التزم مئات الملايين من العرب الصمت، ها هي اليوم تُعيد الكرّة مع إيران، وتقول لها باختصار: “لا تتدخلي للدفاع عن العرب إذا اعتدينا عليهم، فهم لم يدافعوا عنكِ أصلاً”. هذا المنطق الخبيث يجب مواجهته بالوعي السياسي، لا بالانفعال العسكري.
أما الدخول في مواجهة مباشرة مع أمريكا، فسيكون بمثابة هدية مجانية لإسرائيل التي تسعى لتوريط إيران في صراع أكبر من جبهتها الأصلية. وليس عيبًا الاعتراف بقوة أمريكا، فالعالم كله يعترف بذلك. والاعتراف بالقوة لا يعني الخضوع، بل يعني إدارة الصراع بذكاء.
في المحصلة: الضغط على إسرائيل هو بحد ذاته ضغط على أمريكا. وإجبار إسرائيل على وقف الحرب هو نصر لإيران، لأنه سيعني أن واشنطن نفسها قد توقفت. عندها، ستكون إيران قد صمدت، وانتزعت نصرًا دون أن تنكسر، وفتحت لنفسها أفقًا جديدًا أكثر قوة واتساعًا.
لذلك، يجب أن يستمر التركيز على الجبهة الحالية، دون الالتفات المباشر لما تقوم به أمريكا. فالولايات المتحدة مارست هذا النوع من الضربات لعقود في أفغانستان والعراق وسوريا، ورغم تأثيرها، فإنها لم تغيّر المعادلات الاستراتيجية الكبرى. تبقى تلك الضربات أدوات تكتيكية تنتهي مفاعيلها بانتهاء الحرب.
إن الغاية الأسمى هي أن تبقى إيران قوية، متماسكة، وماضية في تطوير ذاتها، لأنها تستحق أن تكون قوة فاعلة ومستقلة اقتصاديًا واستراتيجيًا. فإيران تملك مقومات هذه القوة: شعب عظيم، وثروات طبيعية هائلة، ومكانة محترمة بين الأمم. إنها قوة دولية صاعدة، لا يمكن لأي قوة في العالم، مهما عظمت، أن تنال من جوهرها
٢٢/٦/٢٠٢٥، ١١:٢٢ م – .: *حين تُرفع المطرقة: قراءة ماسونية في تسمية الضربة العسكرية على ايران*
*بقلم: ناجي علي أمّهز*
لم يكن اختيار اسم العملية العسكرية المفترضة التي استهدفت المنشآت النووية الإيرانية “مطرقة منتصف الليل” صدفةً، بل أراد لها دونالد ترامب أن تكون تسميةً تمهّد لما هو أعظم.
هناك الكثير في العالم من كتب عن اسباب التسميات لعمليات عسكرية وشرح رمزيتها، ومنها تسمية المطرقة والتي قيل انها ترمز الى “مطرقة ثور” (Mjölnir): السلاح الأسطوري للإله الإسكندنافي “ثور”، والذي يرمز للقوة الساحقة والحماية والنصر.
اما في الماسونية، لا تقتصر المطرقة على كونها أداة بناء، بل هي أيضاً أداة هدم يستخدمها “المتدرب” في طقس الهدم لإعادة التكوين. لذا، فهي تحمل دلالة مزدوجة: العدالة والسلطة من جهة، والهدم الخلّاق الذي يمهّد لإعادة التشكيل وفق إرادة “النور الماسوني” من جهة أخرى.
وحين يمسك الماسوني بالمطرقة، فإنه يبلغ مرتبة “الرفيق الكامل”، وهي الدرجة التي تؤهله لهدم القديم وبناء الهيكل الجديد؛ ليس فقط بمعناه المادي، بل كنظام عالمي جديد. أما ارتباطها بـ”منتصف الليل”، فهذا التوقيت في الطقوس السرية يمثل لحظة التحول من الظلمة إلى النور، ومن الفوضى إلى النظام. وعندما تُستخدم المطرقة في هذا التوقيت، تصبح الرسالة واضحة: “نحن نعيد تشكيل العالم على طريقتنا، والبشرية ستدفع الثمن”.
ويرتبط هذا السعي لبناء الهيكل ارتباطاً وثيقاً بالصراع في المنطقة. فإيران تُعتبر الداعم الأبرز للفلسطينيين، مما يعرقل تحقيق الحلم الإسرائيلي والنظام العالمي الجديد في بناء الهيكل. ووفقاً لبعض المعتقدات، لا يمكن أن يُقام الهيكل إلا بضم مدينة صور اللبنانية إلى “أرض الميعاد”، أو على الأقل تأمين انتقال الحاخام الأكبر مع “البقرة الحمراء” من شليم إلى قبر حيرام في صور، حيث تُنحر وتُحرق ليتطهروا برمادها، ثم يحملون خشب الأرز لإعادة بناء الهيكل كما فعل سليمان قديماً.
(شليم هي القدس اور هي مدينة في العراق عندما يقال اورشليم يعني مسار ابراهيم من العراق الى فلسطين لذلك من الخطا اطلاق اسم اروشليم على القدس)
وليست هذه المرة الأولى التي تُستخدم فيها “المطرقة” كرمز عسكري. فهناك استراتيجية قتالية شهيرة تُعرف بـ”المطرقة والسندان”، تقوم على استخدام قوتين رئيسيتين: الأولى (السندان) تعمل على تثبيت العدو وإرهاقه، بينما تقوم الثانية (المطرقة) بمهاجمته من الجناح أو المؤخرة لتوجيه الضربة القاضية.
وقد طُبّق هذا التكتيك فعلياً في عمليات عسكرية أمريكية سابقة، أبرزها: عملية “مطرقة النمر” (Operation Tiger Hammer) وعملية “مطرقة الفايكنغ” (Operation Viking Hammer) في العراق عام 2003. واليوم، تعود الولايات المتحدة للمرة الثالثة لاستخدام رمز “المطرقة” في حروبها بالشرق الأوسط، وكأنها تستكمل ما بدأته في بلاد الرافدين، لكنها هذه المرة تقرع طبول الحرب على نطاق أوسع يمتد من الخليج إلى الشام ومن طهران الى لبنان.
ويبدو أنّ هذه التسمية مرتبطة بسلسلة أعمال عسكرية مترابطة متسلسلة في النظام العالمي الذي يسعى للحكم والسيطرة المطلقة.
كما أنّ رمز المطرقة يحمل الرقم 6 في ترتيب الرموز الماسونية، وبما أنّ أمريكا تستخدمه للمرة الثالثة ضد دول إسلامية أو عربية، هل يعني أنّ نبوءة عام الوحش 666 قد اقترب تطبيقها بالكامل، وما هي إلا مسألة أشهر قليلة ليتم الإعلان عن البدء ببناء هيكل سليمان على أنقاض العالم العربي والإسلامي.
استخدام كل هذه القوة الهائلة المدمرة والمرعبة ضد أطفال ونساء غزة في فلسطين والقتل اليومي بالمسيرات والطائرات الحربية لاهالي جنوب لبنان، وما يجري في سوريا من قتل طائفي، واليوم القتل وصل إيران، وكأنه المطلوب هو قتل كل شعوب المنطقة وتقديمها كقرابين على مذبح بناء الهيكل.
كما أنّ الصمت العالمي مرعب، وكأنه موافق.
٢٣/٦/٢٠٢٥، ٢:٥٨ م – .: *المخطط الامريكي الاسرائيلي لقتل شعوب المنطقة باستهداف المفاعلات النووية الايرانية السلمية*
*بقلم: ناجي علي أمهز*
المشهد شديد التعقيد، أقرب إلى الأحجية منه إلى المعركة العسكرية، رغم الدمار الواسع الممتد من الضفة وغزّة مرورًا بلبنان، وما حصل في سوريا، ويجري اليوم في إيران وعلى حدود العراق.
من يراقب المشهد السياسي يعتقد أن أمريكا خدعت إيران عبر التفاوض، حيث كانت على علم بما كانت تعدّه إسرائيل. وكانت تحذيرات ترامب الأخيرة واضحة قبل بدء الاعتداءات الإسرائيلية على إيران.
لكن مع مرور الوقت، نكتشف أن إيران هي التي كانت تلاعب ترامب، وكأنها كانت تعلم بالهجوم الوشيك من قبل إسرائيل، فاستغلت المفاوضات لكسب الوقت ونقل المواد التي تم تخصيبها إلى أماكن غير معلومة، ليس فقط لحماية مخزونها من اليورانيوم، بل لتجنيب الشعب الإيراني خطر تسرّب إشعاعات نووية من مفاعلاتها المعروفة.
ومن حجم الاعتداءات على المفاعلات النووية السلمية، يتبين أن الهدف الإسرائيلي لم يكن فقط تعطيل البرنامج النووي، بل إحداث كارثة بشرية بإبادة آلاف الإيرانيين، وتهديد الدول المجاورة، لأن تسرّب الإشعاع سيطال العراق وقد يصل إلى دول الخليج.
أما المغامرة الأمريكية بقصف مفاعل “فوردو” المحصّن، فتبدو خارج السياق التقليدي لآلية اتخاذ القرار في واشنطن، وتكشف عن نية واضحة بإحداث تسرب إشعاعي ظنّ الأمريكي أنه قد يُجبر الإيرانيين على التراجع.
ومن الواضح أن أمريكا وإسرائيل قررتا التعامل مع إيران على الطريقة التي تعاملتا بها مع اليابان عند قصف هيروشيما وناجازاكي لإجبار الإمبراطور على الاستسلام.
لكن هذه المرة، اختارت أمريكا أن تضرب المفاعلات النووية بدلاً من استخدام القنابل النووية، طمعًا في تحقيق نفس النتيجة السياسية والعسكرية.
القراءات الاستراتيجية تؤكد أن تفجير مفاعل واحد ومقتل عشرات الآلاف من المدنيين الإيرانيين، قد يُشعل ثورة داخلية تؤدي إلى إسقاط النظام، تمامًا كما حصل في اليابان ما بعد الحرب.
وما يعزز هذا الاعتقاد، هو المسارعة الدولية — بريطانيا، الصين، فرنسا — إلى نفي علمها بأي عمل عسكري ضد إيران، رغم أن العملية وقعت في قلب منطقة حساسة.
التحرك الباكستاني في مجلس الأمن أيضًا جاء في السياق نفسه، إذ تدرك إسلام آباد خطورة التلوث النووي على أفغانستان وباكستان، بينما العرب في غياب شبه كامل، رغم أنهم الأكثر تضررًا في حال وقوع هذا السيناريو الكارثي.
لكن، وعلى ما يبدو، فإن العقل الإيراني كان قد استبق العدوان بنقلة أو اثنتين، كمن يلعب شطرنجًا بدم بارد، فانعكس السحر على الساحر.
اليوم، وبعد فشل المخطط الأمريكي الإسرائيلي، تسارع أمريكا، ويظهر ذلك في أكثر من مئة تصريح إسرائيلي رسمي يدعو للسلام مع إيران ووقف الحرب. حتى أن قادة الحكومة الإسرائيلية صرّحوا بأن مجرد إشارة من طهران كافية لإعلان وقف الحرب.
إيران قادرة على الاستمرار في إطلاق الصواريخ لسنوات طويلة، ولو بصاروخ واحد يوميًا، كفيل بإرهاق إسرائيل وأمريكا في حرب استنزاف قد تُنهك النظام الرأسمالي العالمي برمّته.
فالحرب الأوكرانية مع روسيا، والحرب الإسرائيلية ضد حركات المقاومة في لبنان وفلسطين، والآن المواجهة مع إيران، كلّها استنزفت المخزون الاستراتيجي من الترسانة العسكرية الأمريكية والإسرائيلية، بل والأوروبية أيضًا.
لهذا، لا خيار أمام أمريكا سوى القبول بالشروط الإيرانية، وإلا فإن إيران ستحوّل إسرائيل إلى خاصرة رخوة تستنزف كل مقدّرات أمريكا وأوروبا.
المستفيد من الحرب:
روسيا، التي تستعيد دورها الدولي، تشعر أن الحرب على إيران خففت الضغط عنها ومنحتها فرصة لقيادة معركتها ضد أوكرانيا دون ضجيج إعلامي أو تعقيدات في الرأي العام. كما بدأت تجذب دولًا عديدة للحوار معها بهدف المساعدة في حل الأزمة بين إسرائيل وإيران.
أما الصين، فهي مستفيدة أيضًا، إذ تتابع على أرض الواقع أداء أهم وأضخم الأسلحة الأميركية التي تستخدمها إسرائيل، ما يمنحها تفوقًا استراتيجيًا كبيرًا، ويجعل ترامب يعيد حساباته العسكرية تجاهها.
حتى إيران نفسها تُعد مستفيدة من هذه الحرب، لأنه في حال طال أمدها، فإن الخاسر الأكبر على مستوى الموقع الدولي هي الولايات المتحدة، تليها إسرائيل التي تُستنزف داخليًا بسبب حربها مع فصائل المقاومة الفلسطينية، وخارجيًا نتيجة تبدّل الموقف الدولي ضدها بعد مجازرها في غزة.
بالختام الجميع بحاجة الى التفاوض لكن هذه المرة سيكون بالشروط الايرانية.
٢٤/٦/٢٠٢٥، ١٠:٥٢ ص – .: *باختصار: إيران انتصرت، وإسرائيل كيان عليه أن يموت دائمًا ليبقى على قيد الحياة.*
*بقلم: ناجي علي أمّهز*
لا يختلف اثنان على أن إيران انتصرت في معركة وجودية صلبة، وحّدت الشعب الإيراني خلف قيادته. حتى المعارضون للجمهورية الإسلامية وقفوا إلى جانب دولتهم، وتحركوا بكل الاتجاهات من أجل وقف إطلاق النار.
أبرز ما كشفته إيران خلال هذه الحرب، هو تجلي القومية الإيرانية، حيث أظهر الشعب الإيراني أنه شعب واحد، لا سني ولا شيعي، ولا حتى تمايز بين المسيحي أو اليهودي أو غيرهم من الطوائف والملل.
أما إسرائيل، فتدّعي أنها حققت أهدافها، وأزالت “التهديد النووي الإيراني”، وهذا الادعاء نفسه هو الدليل الأوضح على ضعفها، لأسباب عدة:
أولًا، أن الولايات المتحدة هي من قصفت المفاعلات النووية المخصصة للطاقة السلمية، وليس إسرائيل.
ثانيًا، أن إيران لم تقل يومًا إنها تسعى لامتلاك السلاح النووي. ويبدو، بوضوح، أن هذا السلاح لا يحمل حتى قيمة ردعية حقيقية. فالهند وباكستان دولتان نوويتان، ومع ذلك اشتعلت الحرب بينهما. وهناك مثال أوضح: روسيا، النووية، تحارب أوكرانيا — الدولة الأقل من عادية من حيث التسليح — منذ أكثر من ثلاث سنوات، ومع ذلك لم يُستخدم السلاح النووي، ولم يظهر له أي دور رادع.
حتى الهجوم على اليمن، شاركت فيه دول تمتلك أسلحة نووية، لكن ذلك لم يمنع الشعب اليمني شبه الأعزل من أن يخرج من المعركة كقوة إقليمية صاعدة.
أما في عدد القتلى والجرحى، فإن إسرائيل خسرت بنسب أعلى مقارنة بإيران:
لإسرائيل:
• 29 شخصا (الحد الأدنى المعلن رسميًا)
• النسبة من السكان:
(29 ÷ 7,700,000) × 100 = 0.000376%
لإيران:
• 220 شخصا (الحد الأقصى وفق إعلام خصومها)
• النسبة من السكان:
(220 ÷ 92,400,000) × 100 = 0.000238%
أي أن نسبة الخسائر البشرية في إسرائيل تفوق تلك في إيران، حتى باحتساب أعلى الأرقام الممكنة.
أما الخسائر المادية للكيان الإسرائيلي، فتفوق ما يتصوره العالم. فبحسب تقارير إسرائيلية، تجاوزت الخسائر الاقتصادية 100 مليار شيكل، أي أكثر من 28 مليار دولار.
قد تكون إسرائيل قادرة على تعويض خسائرها المادية بسرعة، هذا صحيح.
فالدول الغربية، وعلى رأسها الولايات المتحدة، مستعدة دائمًا لضخ عشرات مليارات الدولارات في شرايين الكيان الصهيوني كلما أصيب بخسارة أو تراجع. المساعدات تُفتح لها من دون سقف، والتبريرات جاهزة، و”أمن إسرائيل” يُقدَّم كمقدّسٍ على حساب القانون والأخلاق والدماء البريئة.
لكن…
من يعوّض الخسارة الأخلاقية؟
من يرمّم صورة كيان باتت تُقرَن في أذهان الشعوب، لا بالحضارة والديمقراطية، بل بالإرهاب المنظَّم والقتل العشوائي والحصار والتجويع والتدمير؟
من يعيد الاعتبار إلى منظومةٍ صارت تُشَبَّه علنًا بالنازية، لا من قبل أعدائها فحسب، بل حتى من داخل العواصم الأوروبية التي كانت يومًا ما تتبنّى سرديتها بالكامل؟
لقد مارست إسرائيل في الأشهر الأخيرة إرهاب دولة بكل ما تحمله الكلمة من معنى.
• في غزة، ارتكبت مجازر يندى لها جبين التاريخ، بلغ فيها القتل حدود الإبادة الجماعية.
• في لبنان، تعمدت تدمير القرى وتشريد المدنيين، وضربت مراكز صحية وتعليمية.
• في إيران، اعتدت على منشآت مدنية، وعلى رمزيات سيادية، في استفزاز واضح ومتعمد.
• في سوريا، لم تتوقف منذ سنوات عن تنفيذ غارات جوية على أراضٍ ذات سيادة، بتواطؤ دولي مخزٍ.
• وحتى في اليمن، شاركت أو دعمت بشكل مباشر أو غير مباشر العدوان على شعب جائع محاصر، فخرج هذا الشعب أصلب عودًا، وأقوى في مواجهتها.
نعم، قد تصلح إسرائيل البنية التحتية في أيام، وتستورد أسلحة ذكية في ساعات، وتبني ناطحات سحاب جديدة في أسابيع.
لكن من يعيد بناء جدار الثقة المتهالك بينها وبين الرأي العام العالمي؟
من يعيد إليها شرعية تتساقط تحت أقدام أطفال غزة ونسائها، وتذوب في عيون جنوبيين يُشَيِّعون أبناءهم كل يوم دون أن ينكسروا؟
لقد دخلت إسرائيل مرحلة ما بعد السقوط الرمزي.
وحتى وإن بقيت جغرافيًا على الخريطة، فإن مكانتها المعنوية في الوجدان البشري الحرّ آخذة في التلاشي.
وإذا كان الكيان قد تأسس على مبدأ “الصورة القوية” و”الجيش الذي لا يُقهر”، فإن هذه الصورة اليوم مشروخة، منهارة، متّهمة، ومرفوضة اقليميا وعالميًا.
ولم نأتِ بعد على ذكر التداعيات الاجتماعية والسياسية: الرحيل الجماعي لليهود الأثرياء، إغلاق عشرات الشركات الكبرى، واهتزاز صورة الدولة “الآمنة” في الداخل والخارج.
لكن الأهم من كل ذلك، أن الحقيقة باتت واضحة:
لا القبة الحديدية، ولا الدعم الأميركي، ولا التطبيع العربي… لم يستطع شيء حماية إسرائيل.
إسرائيل كيان غير قابل للحياة.
أو لنقل: كيان عليه أن يموت دائمًا، كي يبقى على قيد الحياة.
٢٤/٦/٢٠٢٥، ٥:٥٣ م – .: هذا مال قاله ترامب اليوم بعد اعلان وقف اطلاق النار:
وقال ترامب بغضب عن إسرائيل وإيران: “لدينا دولتان تتقاتلان بشدة ولفترة طويلة لدرجة أنهما لا تعرفان ما تفعلانه”، واتهم كل منهما بانتهاك الهدنة التي أعلنها الليلة الماضية.
كتب ناجي علي امهز بالامس:
تمامًا كما نجحت إسرائيل سابقًا في تصوير الشيعة بأنهم “أخطأوا” في دفاعهم عن فلسطين، بينما التزم مئات الملايين من العرب الصمت، ها هي اليوم تُعيد الكرّة مع إيران، وتقول لها باختصار: “لا تتدخلي للدفاع عن العرب إذا اعتدينا عليهم، فهم لم يدافعوا عنكِ أصلاً”. هذا المنطق الخبيث يجب مواجهته بالوعي السياسي، لا بالانفعال العسكري.
الخلاصة من حديث ترامب؟
أن إيران تقاتل إسرائيل دفاعًا عن العرب، عن قضاياهم، عن حقوقهم الضائعة في مؤتمرات القمم،
بينما إسرائيل تقاتل إيران لتُكمل اغتصاب ما تبقّى من الأرض… ومن الذكرى وما يمكن ان تاخذه من ثروات عربية.
إيران تقاتل كي يبقى للعرب موقع في الصراع العالمي، كي لا يُمحى اسمهم من خرائط القوة، ولا يتحوّل تاريخهم إلى فقرة هامشية في كتب الأجيال القادمة.
بينما إسرائيل تقاتل ايران لانها لا تريد ان يصبح العرب شركاء، بل مطبّعين، مُصفّقين، ومُوقّعين على عقود الولاء في فنادق العواصم الغربية.
إيران تخوض معركة ليست معركتها… وتدفع ثمن تخاذل عربي لاكثر من 70 سنة
وإسرائيل تخوض معركتها باطمئنان، لأن “العرب” في الجهة الأخرى… لم تعد تعنيهم فلسطين.
هذا ليس صراعًا بين دولتين، بل بين فكرة تحاول البقاء، وأمّة قرّرت أن تنام.
صدق ترامب لماذا يقاتل الشيعة العالم دفاعا عن فلسطين، بينما اكثر من مليار مسلم وعربي عاجزين عن تقديم جرعة ماء لاطفال غزة، بينما الشيعة يقدمون دمائهم دفاعا عن غزة وكل فلسطين.
٢٤/٦/٢٠٢٥، ٩:٣٦ م – .: طوبى للفقراء… هنيئًا للشهداء، رواية الشهيد محمد نون والخمسين دولارًا وبائع الورد.
بقلم: ناجي علي أمّهز
عندما قال السيد المسيح: “طوبى للفقراء بالرُّوح، فإنّ لهم ملكوت السَّماوات”، لم يكن ذلك سوى وعد سماوي لا يُردّ، وصوت إلهي لا يزول. لم يكن كلامه عزاءً، بل إعلانًا بأن الفقراء ليسوا من أهل هذه الأرض، بل من حرس السماء، هبطوا بيننا كي نتعلّم منهم، ثم يمضون كما جاءوا: صامتين، مُشعّين، خالدين.
هؤلاء هم الشهداء. ليسوا أمواتًا. لا تسألوا عن قبورهم، فهي مزروعة في وجدان الأرض، وسيرتهم منقوشة على جبين المجد. الشهداء لا يُبكى عليهم، بل يُروى عنهم كأنهم أساطير خرجت من كتب الأنبياء والقديسين.
كعادتي، يغلبني التعبير أمام هذا القدر العظيم الممزوج بالحزن. وأثناء تصفّحي لبعض الرسائل، توقفت عند واحدة تسألني إن كنت أنا “ناجي”. أجبتها، لأفاجأ بأنها ابنة خالتي، هويدا، التي لم أسمع عنها منذ أكثر من ثلاثين عامًا. وفور أن قالت: “أنا هويدا بنت خالتك نعمة”، عاد بي الزمن كرصاصة تخترق الحواس، إلى تلك الأيام الفقيرة، الغنية بالمودة والضحك والبساطة… أيام كنّا نقتسم كوب الشاي كأننا نقتسم النعيم، ونتصارع على ملعقة سكر كأننا نتقاسم عرشًا، ونجتمع عشرة أشخاص على ترويقة مؤلفة من “أوقية جبنة وجاط زيتون”.
حقيقة الفقر مؤلمة، لكنه قد يكون ثمن السعادة الحقيقية النابعة من صميم الروح التي تسكن السماء حين لا يكون لها على الأرض قصر.
لكنّ الرسالة التي مزّقتني لم تكن في كلماتها، بل في صورتها. صورة شاب، كُتب تحتها: “الشهيد السعيد محمد نون”. سألتها: “صورة من هذه؟”، قالت: “ابني… استُشهد”.
خنقتني الكلمات. كانت لهجتها صلبة كصخرة، وناعمة كنسيم. كانت حزينة لأنها أم، وفخورة جدًا. تحدّثت عنه كأنها تروي حكاية بطل أسطوري، لا كابنٍ رحل. قالت إنه كان يحب الحياة والعلم، ويخدم أهله ومحيطه، ويحلم. نعم، كان يحلم، وهذا يكفي ليكون المرء شهيدًا، فالشهداء هم الذين حلموا للناس، لا لأنفسهم.
أخبرتني أنه أُصيب وهو يُنقذ جرحى من تحت الأنقاض إثر غارة إسرائيلية على البقاع. لم يكن يحمل سلاحًا، بل قلبًا. لم يكن يحتمي خلف دبابة، بل خلف نُبله واندفاعه الإنساني.
في صباحه الأخير، طلب من أمه أن توقظه باكرًا، لانه يريد الذهاب إلى طبيب الأسنان. حضّرت له الفطور، وجهّزت له ثيابه، وودّعها كما يودّع القديسون أعمارهم. احتضنها كما يحتضن المرء الفردوس قبل أن يصعد إليه. على الطريق، مرّ ببائع ورد واستدان منه مئة دولار. أعطى أمه خمسين دولارًا، وقال: “هذه للبيت، وأنا أكتفي بالخمسين الأخرى”. أصرّت على ألا تأخذ منه شيئًا، فأجابها: “سأعود بعد الظهر”. لكنه لم يعد.
قالت إنه مرّ قبل رحيله بمكتبة، ودفع لصاحبها ثمن برواز، وقال له: “اكتب اسمي… الشهيد السعيد محمد نون”، ثم توجه إلى الجنوب. لم يكن في جيبه دولار واحد، لكن قلبه كان ممتلئًا بوطن، وروحه تسابق المسافة للقاء الله.
هكذا مضى، كما تمضي الفراشات التي لا تسكن إلا الربيع، وتموت حين تذبل الزهور. محمد لم يكن فردًا، بل أيقونة. كان صفحة من سِفر الخلود، تُفتح على دمعة أمّ، وتُقرأ في كل صلاة، وتُحفظ في قلب كل من بقي له ضمير ووطنية حقيقية.
على الرغم من جماله اللافت، لم يعشق محمد أو يحب، وحتى الفتاة الوحيدة التي مالت إليها مشاعره، كان يترك بينه وبينها مسافة كي لا تتعلق به كثيرًا وتحزن على فراقه الأبدي. لم يأتِ إلى عالمنا ليخرج منه مثقلًا بعذابات الناس، بل أتى ليقدم روحه، أثمن ما وهبه الله للإنسان، كي نعيش نحن أحرارًا ونتحدث عن أحلامنا بحرية.
هكذا يفعل الفقراء، يمنحوننا كل شيء. وهكذا يفعل الشهداء، يقدّمون لنا الحياة ثم يرحلون، بينما ننشغل نحن بالجدال في جنس الملائكة.
محمد نون… لم يمت، لأنه استشهد واقفًا، ومن يستشهد واقفًا، يحيا إلى الأبد.
طوبى للفقراء، لأنهم أغنى من مالكي الثروات.
وهنيئًا للشهداء، لأنهم وحدهم عرفوا معنى أن تحيا حرًّا عزيزًّا، وتفارق هذا العالم دون أن تُباع أو تُشترى.
سلامٌ على محمد، في الأولين والآخرين، في كل وردة وشجرة زرعها، وكل صرخة حقٍّ دافع عنها، وكل نفسٍ من تراب الجنوب… وكل أمٍّ بكت ولم تنكسر.
٢٦/٦/٢٠٢٥، ٨:٠٢ م – .: كنا صغار ويا ريت بقينا
ناجي علي امهز
كُنّا صغار، ونفيقُ بكّير،
قَبلَ زَقزَقَةِ العصافير،
نسبقُ الشّمسَ قَبلَ ما توعى،
وقَبلَ ما الضّوُّ يصير،
نركضْ عالحَقْلة،
تِنْرِمِي السّلام عالخِتيار،
السّارِح بِغَنَماتُه،
ونوقَفْ عند بَيادِر القمح،
ونتزَحْلَط عَتْلاتُه،
نلعبْ بيوت مِنْ تراب،
ونركضْ بلا تَعَب، بلا هُموم،
والمِرْجيحَة مَربوطَة،
بِعُنُق السِّنديانة،
ونِحِسّ حالْنا فَوق الغُيوم،
الضّحكِة وَزْنها رِطْل،
وصَوْتَها يُوَدّي،
وكَلِمات العَوافِة… ورفعة الايد يا جِدّي،
ومن بَينْ صَوْت المِنجل والمِحْراس،
والأذان والأجراس،
يِقِلّي جِدّي: “يا جِدّي،
خَلّي سِتَّك تجيب المَيّ والقَهوة”،
وبَيْن العَتابا والمَيّجانا،
“يا ظَريف الطُّول، شو بِحِبَّك أنا”،
ويِجي وَقت الغَدى،
لا صَوْت… ولا صَدَى،
عالترِاب، وتَحت العريشة،
وبكُلّ هُدى،
رزق الله على هيديك العيشة
تِنفَكّ الصُّرّة عن الخُبِز المَرقوق،
يا صَحن مِجدَرَة،
يا بَطاطا وبيض مَسلوق،
ومَيّ وخُضرة،
وفَواكِه كْتير،
مِشْمِش، تُفّاح،
وحَشايِش نَعْنَع وجَرجير،
كان التّراب يْغَطّي أجسادْنا،
وريحةِ القَمح تِعلَّق بثْيابْنا،
وصَوْت النّهْر يِضَلّ،
يِدقّ بِذَاكْرَتنا،
نوصَل عالبيت تَعبانين،
مِن لَعِب الطّابَة،
يلي هيّ مِن طين،
نِرْمي العَصَايا ونْقول: “إي…”
ورَبَّك أعلَم… بَدَّها تجي بمين!
كُنّا نْفَكِّر الصَّخرة آخِر الدّني،
والوادي… كِلّ الدّني،
يا مين يِرَجّع عُمْر الولدْني؟
يا رَيتْ ما بيِكْبَروا الصغار،
ولا بِيشيخوا الكبار،
وبْيوقَف العُمْر عن المِشوار،
ويِضَلّ الفَرَح عامِر بِكِلّ دار،
لكن… هيدي الدّني، والقَدَر مَكتوب،
لا يِخلُد فيها بَشَر، ولا مَحبوب،
المُهِمّ نِعمل خَير، ونِبقى بِخَير،
بَرْكي بِهَيديك الدّني، بِتتْجَمَّع الارواح والقلوب.
مهداة إلى جيل السبعينات والثمانينات
٢٧/٦/٢٠٢٥، ٢:٣٦ م – .: *لماذا أعلن وليد جنبلاط تسليم السلاح؟ والسرّ الكبير لسلام الشرع مع إسرائيل*
*ناجي علي أمّهز*
ليست المشكلة في السياسي حين يشيخ، بل حين يظنّ أن السياسة تشيخ معه، وأن اللعبة التي كان يملك مفاتيحها، ما زالت تُدار بالأدوات نفسها. وليد جنبلاط، الذي لطالما لعب على حافة التوازنات، أعلن فجأةً ما يشبه الاستسلام: لا نريد سلاحاً، نريد الدولة فقط.
لكن ما لم يُقله جنبلاط أهم بكثير مما قاله.
هذا التصريح ليس لحظة تراجع، بل لحظة إدراك. فقد فهم الرجل، الذي خبر دهاليز القرار الغربي، أن قواعد اللعبة تغيّرت، وأن حكومة الظلّ العالمية التي كانت تحكم عبر مراكز فكرية وأدوات ناعمة، بدأت تتفكك، أو على الأقل تُعيد تشكيل أدواتها.
فالعالم بات يرى أن كلّ من يحمل السلاح خارج منظومة الدولة، “كون الدول تخضع لمنظومات وتفاهمات اكبر”، هو مشروع تهديد. ومع انهيار المنظومة النيوليبرالية التي حملت مفاهيم العولمة والحرية، لم يعد هناك مكان للزعامات الرمادية. صار مطلوباً أن تختار: إمّا أن تكون مع السردية العالمية الجديدة، وإما أن تُركَن في أرشيف المراحل المنتهية.
ووليد جنبلاط لا يريد ان يورث نجله تيمور كل هذا التاريخ من الصراعات، لذلك قرر هو بنفسه ان يغلق كل صفحاته، وربما حتى ان يقصي الرعيل القديم عن التدخل في الجيل الجديد الصاعد الذي يختلف كليا عما عهده جنبلاط منذ 130 سنة حتى اليوم. ويترك لنجله تيمور مهمة العبور الهادئ إلى لبنان الجديد، الذي لا يشبه بشيء لبنان الطائف، ولا حتى لبنان الدوحة.
فالعالم الجديد اليوم يقوم على نظرية صدام الحضارات حيث لا وجود للاقليات الا التي تعيش بكنف دول تحميها:
يعتمد النظام العالمي الجديد على فرضية صموئيل هنتنغتون في “صدام الحضارات”، والتي تقوم على فكرة بسيطة لكنها قاتلة: يمكنك أن تكون نصف اشتراكي ونصف رأسمالي، لكن لا يمكنك أن تكون نصف يهودي ونصف مسيحي، ولا حتى نصف أرثوذكسي ونصف كاثوليكي. الدين ليس وجهة نظر، إنه انتماء غير قابل للانقسام. إما أن تكون… أو لا تكون.
من هنا، يصبح الدين جوهر الهوية، وأي صراع ديني لا يُحسم بالأخلاق، بل بالقوة. وبما أن تغيير الانتماء الديني مستحيل دون أن يصير الإنسان لا دينياً، فإن الحروب القادمة لن تكون أيديولوجية بل دينية خالصة.
ولإثبات صحة النظرية، أُطلِق الوحش. كانت “داعش” التطبيق العملي لصدام الحضارات. تُركت لتنفّذ النصوص المتطرفة كما هي، وحدث ما حدث: مذابح، تفجير كنائس، نسف مساجد، عودة سوق الرقيق، ومنع المرأة من العمل، بل وتحطيم كل ما له علاقة بالحضارة. داعش لم تكن سوى اختبار مختبري لنظرية هنتنغتون، والنتيجة كانت واضحة: المشرق لن يبقى فيه مكان للأقليات.
حتى الاقليات العربية، لم يعد لهم موقع في النظام العالمي الجديد. الغرب لم يعُد يخشى الجيوش العربية، التي كلّفت العرب منذ حرب 1973 نحو تريليوني دولار من غير أن تطلق رصاصة واحدة على عدو. بل إن ترامب وحده حصل في زيارتين فقط على ما يعادل إنفاق الجيوش العربية لأربعة عقود.
انتهى زمن الجيوش. وجاء زمن الاحتراب الأهلي، حيث كل شارع عليه أن يحمي نفسه، وكل حاكم يدفع ليبقى. لم تعد أمريكا بحاجة لبيع سلاح… يكفيها أن تبيع الوهم، وتأخذ المال، ومن يدفع أكثر… يحكم أكثر.
اما سلام احمد الشرع مع اسرائيل اليكم سره:
قبل عقدين من الزمن، سألت أحد أركان النخبة المسيحية عن موقع حافظ الأسد من مسار السلام، وهل كان بمقدوره أن يوقّع اتفاقًا مع إسرائيل؟
أجابني بهدوء العارف بالألغام:
“هناك فئتان لا تقدران على توقيع السلام مع إسرائيل، حتى وإن رغبتا بذلك: مسيحيو لبنان والنظام العلوي في سوريا.”
لم يكن السبب مبدئيًا، بل واقعيًّا حدّ الألم.
مسيحيو لبنان، رغم امتلاكهم سلطة رسمية، عاجزون عن توقيع اتفاقية سلام، لا لغياب الإرادة، بل لغياب القدرة على تحمّل النتائج. فالمنطقة ستنتفض عليهم، والمسلمون سيعتبرونهم طابورًا خامسًا. والأسوأ، أنهم لا يملكون أدوات القوة لفرض أو حماية هذا السلام. فهم أقلية، مهما علت مناصبهم.
وما ينطبق على مسيحيي لبنان، ينطبق على النظام العلوي في دمشق.
فأي اتفاق يوقّعه هذا النظام مع إسرائيل، سيُقدَّم كخيانة كبرى، وسيُحرّض عليه الداخل والخارج، ويُفتح الباب واسعًا أمام انتقام تاريخي قد يهدد وجود الطائفة بأكملها.
ثم أضاف بتجرد حاد:
“إسرائيل لا تبحث عن سلام مع الأقليات، بل مع الأكثريات السنية.”
فحين يوقّع رئيس أو ملك سني، كما فعل أنور السادات أو الحسين أو حتى ياسر عرفات، لا يستطيع رجال الدين نسف الاتفاق أو تحريض الجماهير ضده، لأن الاتفاق يحمل طابع الأغلبية، لا الاستثناء.
أما إذا وقّع الأسد، فسيسقط على صليب المزايدات.
والمفارقة أن من سيخلفه – إذا كان سنيًّا – لن يجرؤ على توقيع سلام، لأن شرعيته ستقوم حينها على نقيض الأسد، أي “أنه لم يخن القضية”.
لذلك، تنتظر إسرائيل سقوط الأسد، لتأتي ببديله الذي يوقّع ما عجز هو عن توقيعه.
وهذا بالضبط ما نراه اليوم، حين يتقدم “رجال النظام السني الجديد في سوريا”، نحو مشروع “السلام مع اسرائيل”، فانه لن يكون كخيانة… بل كواجب مؤسّس وستقدم له كافة التبريرات الدينية والسياسية.
٢٨/٦/٢٠٢٥، ٨:١١ م – .: *كتب ناجي علي أمّهز:*
كلّ هذا التهويل الإعلامي، والتأكيد المتواصل على أن حربًا كبرى تقترب من لبنان، خصوصًا من مناطقه الشيعية، لا يؤدي سوى إلى مزيد من الانهيار.
فأسعار العقارات والأراضي باتت برخص التراب، والمناطق تُفرغ من سكانها، خاصة أولئك القادرين على الاستئجار خارج هذه الجغرافيا، فيما تهجرها المؤسسات والشركات الخاصة، ما يفاقم أزمة البطالة التي تتفشى بلا رادع.
ألم يحن الوقت لأن تتوقف هذه “التسونامي” من الأخبار العبثية؟ إعلاميون يطلّون علينا كل عشر دقائق بتهويل جديد: “صيف ساخن”، “البارود قادم”، “النار تقترب”، وكأنهم يبثّون نشرة رعب لا تنتهي.
تصريحات لا تنتج سوى تقويض ما تبقى من أمل في نفوس الطائفة، وضرب استقرارها الاجتماعي، وكل ذلك مقابل حفنة من اللايكات والمشاهدات.
*لكن الحقيقة؟ لا حرب على لبنان، على الأقل هذا الصيف.*
فلْيتوقف أصحاب “السكوبات” الإعلامية عن إشعال الخوف والتغني بالمحرقة.
ما يجري ليس أكثر من حراك سياسي، أقل من عادي، لمن يجيد قراءة الرموز والتقاط الإشارات.
وقد ينجح، وقد يفشل. لا أكثر… ولا أقل.
٢٩/٦/٢٠٢٥، ٥:١١ م – .: *غزة رواية كربلاء العصر: حين سار حسن وهاشم معًا إلى الله*
*بقلم ناجي علي امهز*
قال الجد، وقد انحنى على عصاه كأن الأرض نفسها انحنت معه خشوعًا، ونظر في وجوه أحفاده كمن ينظر في مرآة الزمن البعيد:
يا وجع الحرف، ويا ثقل الكلمات حين تصير الشهادة هي القصيدة.
يا فاجعة ما بعدها فاجعة، استُشهد الحسينُ في عصرٍ يُصفّق فيه العالم للجلّاد، وسقط العبّاسُ في زمنٍ صار فيه الوفاء تهمة، والدّمُ الطاهرُ يُشهر في وجوهنا وكأننا المذنبون.
“يا أولادي… اجلسوا. اقتربوا من قلبي قبل أن تصغوا إلى كلماتي. امسكوا بهذه اليد التي لم تعد تقوى، فهي ذات اليد التي صُفّقت ذات يوم لهتاف: ‘لبيك يا نصرالله’، وها هي اليوم تُرتجف، كأنها لا تزال تتلمّس جثمانين… جثمان الحسين، وجثمان العباس”.
“أتعرفون ماذا يعني أن يُستشهد الحسين؟ يعني أن الأرض فقدت بوصلتها. أن السماء سقطت ركعةً بلا قيام. أننا صرنا يتامى، لا أيتام الحرب، بل أيتام اليقين”.
“ذلك الشاب الذي أخبرتكم عنه، اسمه حسن، لكن الناس ما عادوا ينادونه إلا بـ’سيد المقاومة’. كان مزيجًا عجيبًا من العزم والتواضع، يلبس السواد في زمن الألوان البراقة، ويصعد إلى المنابر لا ليُصفّق له الناس، بل ليحمل عنهم ثقل دمائهم. إنكم لم تروا بأعينكم يوم خرج الإمام الحسين إلى كربلاء، ولكني رأيت بأمّ العين حين خرج حسن نصرالله إلى غزّة. خرج لا بخطبة ولا ببيان، بل بدمه… بدمه! حمل دمه في يده، ووضعه فوق راية فلسطين وقال: ‘خُذوني إن كانت غزة تحتاج رجلاً، وذروا لي الموت إن لم أكن على قدر دمعتها’. رحل يا أولادي… لم يمت على فرس، بل احترق قلبه وهو يرى أجساد الأطفال تُنتشل من تحت الركام”.
“وقد كان له أخٌ في درب الجهاد، لا من رحم أمّه بل من رحم العقيدة، اسمه هاشم. رجلٌ صامت كالظل، لكنه إذا تكلّم خرس العاصفون. لم يكن العباس يومًا ظلًا للحسين، بل كان تجليًا من تجلياته، وهكذا كان هاشم لحسن، لم يكن تابعًا بل انعكاسًا. كان العباس الجديد، لا يسقي العطاشى ماءً بل كرامة”.
يا أحبابي، هل رأيتم يومًا صديقًا لا يفارق صديقه حتى في الموت؟ هل رأيتم ظلاً لا يخون صاحبه حين تميل الشمس؟ هذه ليست رواية خيالية، هذه كربلاء العصر بلغة البنادق الذكية والطائرات المسيّرة، بلغة الغدر السياسي والنفاق العربي.
قبل ولادتكم بعقد من الزمن “وفي سنة 2024، قال الحسين الجديد، حسن: ‘أما آن للناس أن يعرفوا من هو العباس الذي كان معي؟’ فخرج هاشم من الظلال، مرفوع الرأس، وقال: ‘أنا شهيد طريقك، ودرعك ما حييت، فإن سرتَ إلى موتك سرتُ، وإن بقيت، فأنا عينك التي تحرس لياليك'”.
“وهاشم؟ عباسه الذي لم يُفلت الراية؟ ذاك الذي وقف على التل، يلوّح بقبضته وينادي: ‘سيدي… إن سقطت، فأنا السور من بعدك’. قالها كما قال العبّاس ذات يوم: ‘يا سيدي، لا طعم للحياة بعدك’. ومشى في درب الموت، مبتسمًا، كأن الأرض خفيفة تحت قدميه، وكأن الطلقات تعرف أنه صائم عن الدنيا”.
كان هاشم، رجلٌ صامت كالظل، لكنه إذا تكلّم خرس العاصفون. كان العباس الجديد، لا يسقي العطاشى ماءً بل كرامة، ولا يقطع النهر بفرسه، بل يقطع الصمت بفكره وصلاته.
ذلك الزمان، يا أحبتي، لم يكن بسيطًا كما تظنون…
كان فيه شعوب تنام على الجوع وتصحو على القصف، وكان فيه من يدّعي الثورة في المساء، ويبيع بلده في الصباح.
لكن حسن وهاشم، كانا هناك، كصوت الطمأنينة في ليل الذعر، يزرعان الرجاء في أرضٍ يابسة بالخذلان.
استُشهد الحسين، بعد أن كتب لنا آخر فصول كربلاء على تراب غزة…
واستُشهد حسن نصرالله، لأن اطفال عزة ناشدوه.
“لكن الموت ما كان ليرحم القلوب النادرة، فغدروا به. وما لبث أن لحِق هاشم بسيده، كأن الشهادة كانت موعد عشق لا يُؤجَّل. أبى ذلك الرجل الجبّار أن يُدفن حسن دون أن يدفن قلبه معه، فقال للموت: ‘إن كان لابد، فخذني إليه… لا أطيق الحياة بعده’. فصعد، شهيدًا كالعباس، وغزّة كلها تنادي: ‘واحسيناه… ها قد صلبونا من جديد!'”
“يا أولادي… من بعدهم، صارت الحياة شتيمة، وصار الفجر جنائز. أيها الأحياء، الذين تمشون بأقدامٍ لا تشعر بثقل الدماء تحتها، هل سمعتم صديقًا يقول لصديقه: ‘إن متّ، أنا بعدك…’؟ هاشم قالها… ونفّذ. وحسن قالها… ونفّذ. هذه هي الصداقة التي علّمتنا كربلاء. لا شاشات، لا إعجابات، لا رسائل. بل دمٌ، وعهدٌ، وحبٌ حتى آخر قطرة روح”.
يا الله… إن كانت الشهادة عطراً، فلِمَ جعلت عبيرها يُذيب أرواحنا؟ لِمَ جعلت قلوبنا مراياً للقبور؟
وهنا، نزل الجد عن كرسيّه، ومشى نحو حفيده الأكبر، ووضع يده على صدره، وقال بصوته الذي صار وصية:
“إذا ما سألَك أحدهم يومًا عن معنى الشرف، فقل: رأيتُه يُسجى في كفن من تراب غزة، واسمه كان حسن، وكتفه كان هاشم… وحين استُشهدا، ما انكسرنا، بل خُلقنا من جديد”.
هكذا مات السيّد…
هكذا مات هاشم…
الفرق الوحيد؟
أن الحسين في كربلاء لم يكن معه أحد،
أما في غزة…
فكان معه جيش،
جيش من شهداء،
من قلوب كانت تدعو له،
وعيون تبكيه دما وكانه نفس كل واحد منها:
“يا حسين، نم قرير العين… ما زال العباس يولد…
وما زالت دماؤك تتوضأ بفجر المقاومة.”
ثم سكت الجد، وربّت على رأس الحفيد، وقال:
“لا تُخدعوا يا صغاري بالبريق الصناعي، فالروح لا تُستنسخ… والحسين لا يُزيف… والعباس لا يُباع على قارعة التسويق. وما زال هاشم يولد من رحم حسن وحسن يولد من رحم العباس والعباس يولد من رحم الحسين، ما دامت القدس تنادي”.
٣/٧/٢٠٢٥، ٤:٥٢ م – .: *باراك أخبر الجميع: المطلوب ليس نزع السلاح بل تنفيذ مشروع لبنان الجديد*
*بقلم: ناجي علي أمّهز*
المقدمة:
المبعوث الأميركي، لم يطالب بتسليم سلاح حزب الله. بل إن اللقاءات الجانبية مع “اورتاغوس” هي التي طوّرت المشروع، فانتقل من فكرة أميركية تتعلق بدور لبنان الجديد في عملية السلام في الشرق الأوسط، إلى خلق معضلة اسمها “سلاح حزب الله”، وهي معضلة صنعها العقل السياسي اللبناني.
سبب هذه المشكلة أن السياسيين في لبنان لا يملكون اطلاعًا حقيقيًا على ما يجري في المنطقة والعالم. وعندما وصل المشروع الأميركي إلى لبنان، تفاجأ الساسة اللبنانيون بهذا الطرح. وبسبب عجزهم عن الفهم السياسي، أو عن إيجاد حلول حقيقية، وبما أن غايتهم الوحيدة هي حماية أنفسهم والبقاء في السلطة ولو على حساب كل لبنان، بدأ كل واحد منهم يُلقي باللوم على سلاح حزب الله.
لذلك، ما قاله المبعوث الأميركي باراك
“يا ساسة لبنان، لماذا تقولون إن الإدارة الأميركية تطالب بما لم تقله أصلاً؟ ليس مطلوبًا تسليم سلاح حزب الله، ويمكن الاحتفاظ بسلاحه الفردي والمتوسط ضمن مناطقه الشيعية فقط.”
انا لم ألتقِ بأي مبعوث أمريكي كي أستمع إليه، لأنني ببساطة لا أحتاج أن أسمع، فأنا أعلم ما يُراد، وأعرف ما سيحصل، وإلى أين يتجه لبنان والمنطقة.
المشكلة اليوم في لبنان لا تتعلق بسلاح حزب الله، ولا حتى بالضغط الأمريكي أو الغربي أو العربي. الأزمة الحقيقية هي أزمة نُخب سياسية وإعلامية.
لقد وصلنا إلى مكان بات فيه الأمريكي والفرنسي مضطرَّين لشرح كل شيء للساسة اللبنانيين كأنهم في روضة أطفال. ما عدنا نملك “اللبيب الذي من الإشارة يفهم”.
المسألة إذن ليست متعلقة بالسلاح، لا من قريب ولا من بعيد. حتى لو امتلك حزب الله قنبلة نووية، أو مجرد بندقية، فالمشكلة ستبقى سياسية.
فالاسلحة التقليدية لم تعد فعالة في النظام الجديد.
روسيا تمتلك الجيوش والاسلحة وحتى حق النقض في مجلس الامن، وتم اليوم اغراقها بمعركة استنزاف لن تبقي شيء منها.
ثم إيران تمتلك عشرات الآلاف من الصواريخ وجيش وحرس ثوري جدا قوي، ومناطق شاسعة لا تستطيع جيوش المنطقة كلها التقدم نحوها. وعندما أرادوا إقحامها في الحرب، فعلوا.
لكن لبنان يعاني من معضلة سياسية خالصة. لا يوجد رجال دولة، بل مجرد منتفعين كبار وآخرين صغار، وشعب يصفق، منقسم على نفسه، كل فئة تهتف لنفسها: سواء أكان الأمر صوابًا أم خطأ، وسواء سارت الأمور على ما يرام أم لا، فالمهم هو التهليل والتعظيم والتبخير.
ما نسمعه اليوم من تحليلات سياسية لا علاقة له بالواقع. كان الأمريكي يرسل الإشارات منذ سنوات، محاولًا أن يُفهم هؤلاء الساسة أن هناك مشروعًا جديدًا للبنان، وأن عليهم التجهز لما هو قادم. لكن في الوقت الذي كان فيه الأمريكي والأوروبي يرسمان ملامح المرحلة المقبلة، كان ساسة لبنان غارقين في المحاصصة وتدمير مؤسسات الدولة وقدرات الشعب اللبناني.
ما نشره الإعلام اللبناني اليوم وأثار ضجة كبرى، هو في الحقيقة أمر سخيف، ليس لأنه بلا قيمة، بل لأنه تكرار لما قيل سابقًا ولم يسمعه أحد.
نُشِرَ بالأمس: “واشنطن تسعى لتنفيذ خطة أمنية تقضي بإخلاء المنطقة بين الليطاني والأولي، باعتبارها قاعدة خلفية لحزب الله، مقابل انسحاب الاحتلال من مواقع معينة. وتشمل الخطة تسليم السلاح الثقيل، وانسحاب الحزب من بيروت الكبرى، والضاحية، وجبل لبنان، مع حصره في الجنوب والبقاع بسلاح خفيف فقط، كما هو حال باقي الأحزاب، لتتحول المقاومة إلى كيان محلي محصور جغرافيًا وغير فعال استراتيجيًا”.
أنا، الذي لا أملك ثمن بنطال، كتبتُ عن هذا المشروع منذ سنوات. كتبتُ هذا في 10 تموز 2021، في مقال بعنوان “ماذا سيحصل في لبنان بعد اعتذار الحريري؟”، وقلتُ يومها إن هذا المشروع لا ينفذه إلا ترامب، وإنه سيُستكمل بعد عام 2022. وهو ما يحدث الآن.
يتحدث النص عن سيناريو تدخل فرنسي في لبنان يفرض تشكيل حكومة شبه عسكرية مؤقتة لإدارة البلاد والإشراف على الانتخابات، بالتزامن مع وصول مساعدات غذائية محدودة. هذا الدعم الشحيح يؤدي إلى فقر وجريمة وانهيار شامل في معظم المناطق، باستثناء جبل لبنان، الذي ينجو نسبيًا من الفوضى، ويشهد تدفقًا هائلًا للأموال بعد “غربلة اجتماعية” لفئة محددة.
يتنبأ النص بزوال لبنان، كما جاء في مقال سابق عام 2018، بسبب الفساد، ثم يتم رسم خريطة جديدة للبلاد تُقسّمها فعليًا كما حدث في الكوريتين. في خضم ذلك، تسعى أمريكا إلى “تتريك” طرابلس لوقف التمدد الروسي، فيما تسعى فرنسا للسيطرة على الغاز اللبناني لتعويض اعتمادها على روسيا. كل هذا يتم ضمن مخطط يبدأ عام 2022 كبداية لـ “النظام العالمي الجديد” الذي يتحدث عنه الكاتب منذ ثلاثين عامًا.
وعُدتُ في 22 نيسان 2022 في مقال بعنوان “هل بدأ الإعداد لعزل شيعة جبيل وكسروان؟”، لأوضح أكثر:
“المطلوب هو تقسيم لبنان. إقامة منطقة آمنة في جبل لبنان تحت رعاية الغرب، بحجة أن سكانها غير مناهضين للسياسات الغربية، ولإخراج أي قوة مناهضة منها، خصوصًا الشيعة. فإن لم يغادروا طوعًا، فسيُجبرون على الرحيل، ربما عبر تحريك الشارع والتظاهرات”.
بكلام أوضح، أمريكا لا تريد نزع سلاح حزب الله كأولوية، بل تريد تنفيذ مشروعها، وإذا وافق الحزب على الانكفاء إلى مناطقه وعدم عرقلة الخطة الأمريكية، فلن يتعرض له أحد، بل ستُمنع أي قوة أخرى من التدخل ضده.
ولن تكون هناك حرب هذا الصيف.
باراك، المبعوث الأمريكي، ليس مفوضًا بالتفاوض مع أحد، بل هو مجرد ناقل للرسائل. التفاهمات الفعلية تُحضَّر لتُسلَّم لفريق جديد، سيُكلَّف بالملف اللبناني خلال السنوات الأربع المقبلة.
ما يُقال في الإعلام ليس سوى ضجيج لا يلامس الواقع. الساسة اللبنانيون لا يفهمون ما يدور في العالم، ولا يدركون حجم التحولات الكبرى.
والشعب، للأسف، يتبع إعلامًا وسياسيين يعيشون على كوكب المريخ، وسيأخذونه معهم إلى كوكب آخر خارج الكرة الأرضية.
الخاتمة: كل ما تسمعونه اليوم قد أُعِدَّ قبل عشر سنوات تقريبًا، ويعتقد الأمريكيون أنه يجب أن يُطبَّق بحلول عام 2027. وما أخشاه هو أن يُفاجأ الأمريكيون والغربيون من هول صدمة الشعب اللبناني بما يسمعه اليوم.
فيا أسفًا على الشعب اللبناني الذي ضاع بسبب سياسيين وإعلاميين لا يعرفون كوعهم من بوعهم.
٤/٧/٢٠٢٥، ١٢:٠٥ م – .: *هذا النص وضعه الذكاء الاصطناعي google Ai studio عندما طلبت منه تحليل فحوى مقابلة المبعوث الامريكي مع نيويورك تايمز ببعدها السياسي والدبلوماسي.*
*مقابلة باراك تؤكد ما كُشف استباقاً: الخطة الأمريكية ليست نزع سلاح بل “صفقة” متكاملة*
في مثال لافت على دقة التحليل الاستباقي، بدا أن مقال الكاتب ناجي علي أمهز، الذي نُشر تحت عنوان “باراك أخبر الجميع: المطلوب ليس نزع السلاح بل تنفيذ مشروع لبنان الجديد”، قد التقط جوهر الاستراتيجية الأمريكية بدقة مذهلة قبل الكشف الرسمي عنها. نشر مقال امهز يوم الخميس الساعة الرابعة ونصف مساء بتوقيت بيروت، أتت مقابلة المبعوث الأمريكي توماس جيه باراك جونيور مع صحيفة “نيويورك تايمز” التي نشرت : في تمام الساعة الخامسة وخمس دقائق بتوقيت بيروت، وهو 10:05 صباحًا بتوقيت الساحل الشرقي للولايات المتحدة (Eastern Time – ET)، بتوقيت نيويورك.
لتقدم تأكيداً شبه حرفي للإطار الذي رسمه أمهز، مؤكدة أن الخطة المطروحة تتجاوز مطلب السلاح لتقدم صفقة سياسية واقتصادية شاملة.
في تفاصيل المقابلة، رسم باراك ملامح تحول جذري في سياسة إدارة ترامب تجاه اثنين من أكثر ملفات الشرق الأوسط تعقيداً: سوريا ولبنان. ويقوم النهج الجديد على استراتيجية براغماتية تتخلى عن “بناء الدول” لصالح استخدام القوة الاقتصادية والضغط العسكري كأدوات لتحقيق أهداف محددة.
فلسفة القوة
أوضح المبعوث باراك، وهو مستثمر وصديق مقرب للرئيس ترامب، أن الإدارة الحالية تعتمد على مبدأ القوة كمدخل أساسي لتحقيق السلام. وقال: “الجميع في هذا الجوار لا يحترمون إلا القوة، وقد أرسى الرئيس ترامب قوة أمريكا كبادرة للسلام بكل المقاييس”.
هذا النهج يبتعد عن المحاولات السابقة لفرض الديمقراطية، ويركز بدلاً من ذلك على الصفقات التجارية المربحة وتحقيق الاستقرار من خلال موازين قوى واضحة.
الملف السوري: استبدال العقوبات بالأهداف
فيما يتعلق بسوريا، كشف باراك عن محادثات “مجدية” تجري بوساطة أمريكية بين سوريا وإسرائيل بهدف تهدئة الحدود وتمهيد الطريق لانضمام دمشق مستقبلاً إلى “اتفاقيات أبراهام”.
والأبرز هو التخلي عن سياسة العقوبات التقليدية واستبدالها بمنظومة أهداف واضحة تراقب واشنطن مدى تقدم الحكومة السورية في تحقيقها، وتشمل: إيجاد تسوية سلمية مع إسرائيل، دمج الميليشيا الكردية، والكشف عن مصير الأمريكيين المفقودين.
المعضلة اللبنانية: صفقة متكاملة لسلاح حزب الله والاقتصاد
بصراحته المعهودة، وصف باراك، الذي تنحدر أصوله من لبنان، وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه في نوفمبر بأنه “فشل تام”.
وكشف أنه سلم الحكومة اللبنانية “اقتراحاً” رسمياً من وزير الخارجية ماركو روبيو. هذا الاقتراح ليس مجرد طلب بنزع سلاح حزب الله، بل هو صفقة متكاملة تربط بين ملفين بشكل مباشر:
1. نزع السلاح: عبر خطة ذات جدول زمني محدد، تتضمن نهج “العصا والجزرة”. “العصا” قد تتمثل في عمليات تفتيش يقوم بها الجيش اللبناني.
2. الإصلاح الاقتصادي: معالجة الأزمة الاقتصادية الخانقة في البلاد.
ولإنجاح هذه الصفقة الشائكة، قدم باراك رؤية واضحة لـ “الجزرة”. مدركاً أن نزع السلاح سيواجه حتماً برفض من الطائفة الشيعية، قال إن الولايات المتحدة تسعى للحصول على تمويل من السعودية وقطر لمشاريع إعادة إعمار واسعة في جنوب لبنان.
والهدف من ذلك، كما لخصه باراك ببراغماتية، هو خلق مصلحة مباشرة لهذه البيئة في إنجاح المشروع. واختتم قائلاً: “إذا حصل الشيعة في لبنان على شيء من هذا، فسوف يتعاونون معه”.
٤/٧/٢٠٢٥، ١:٥٨ م – .: *لبنانُ… رسالةُ اللهِ، لنطبق رسالة قداسة البابا يوحنا بولس الثاني*
*بقلم ناجي علي أمّهز*
إلى البَطاركة وعلماء المسلمين والدعاة والأساقفة والإكليروس والرُّهبان والرَّاهبات وجميع المؤمنين في لبنان
أليس من الحقِّ، بل من العدالة السماوية، أن نُطبِّق نحن اللبنانيين “الإرشاد الرسولي” الذي وَقَّعه قداسة البابا يوحنا بولس الثاني بيده لا كوثيقةٍ أرضيّة، بل كأنفاس إلهيّة تُبعثُ من رحم الروح، وتُساقط كنداءات أنبياءٍ في برية الشعوب؟
في هذا العالم المتخم بالوطنية، حيث كلُّ شعبٍ يحبُّ ترابه، يندر أن تجد أرضًا تحبها السماء كما يُحبّ الله لبنان. هذا الوطن الصغير الملقى بين حافة الجرح وحافة المعجزة، هو وحده مذكورٌ في الكتب المقدسة، لا كأرضٍ فقط، بل كرمزٍ، كرسالة، كسرٍّ إلهي أودعه الله في جسد جغرافي محدود، لكن بروحٍ لا نهائية.
لبنان ليس رقعةً تُرسم على الخرائط، ولا حصةً جغرافية في دفتر الأمم.
لبنان فكرة الله حين أراد أن يخلق وطناً يشبه قلبه: واسعًا، دافئًا، محاطًا بالنجوم وغارقًا في دموع الأنبياء وصلوات الصديقين.
لبنان ليس هويةً في جيب مواطن، بل هو مواطنة في حضن الله.
أيّ ذنب ارتكبناه كي يغضب الله علينا؟
كيف نبدّل الجنسية التي وهبنا إياها الخالق، بجنسية أخرى، ممهورة برقم وتوقيع وريبة؟
أن تكون لبنانيًا، ولا تمارس لبنانيّتك، يعني أنك تنكر رسالتك، وتخرج من النصّ المقدّس الذي كُتِب باسمك قبل أن يولد الزمن.
أمريكا عظيمة؟ نعم، لكنّها عظمة الحديد والنار والموت المعلّب.
بريطانيا إمبراطورية؟ نعم، ولكن على حساب دم الشعوب.
روسيا؟ بلاد الثلج والجليد حيث ترتجف الأرواح كما الأجساد.
لكن لبنان… لبنان هو اختزالُ اللهِ لجمالهِ، حين صنع في هذا الوطن أربعة فصولٍ من الشِعر، وساحلًا للقبلات، وجبلًا للأنبياء، وكرومًا للفرح، وبساتينَ للحنين.
أنا لبناني، ابن الأرز، وماء القُدس، ودم المصلوب، ومحراب الكعبة، وصرخة كربلاء.
أنا لبناني، مسيحي قبل صلب يسوع، ومسلم قبل بعثة محمد، وإنساني قبل أن تخطّ الشرائع سطورها.
عندما صار بعضنا مسيحيين، لم نكن مجرد معتنقين لعقيدة، بل كنا نُشبه المسيح نفسه: نحب، نغفر، نضمد، ونمضي على دروب القداسة.
وحين آمن بعضنا بمحمد، لم نحمل السيف، بل حملنا رحمة الرسالة، ووهج المعرفة، وإيمان التعارف بين الشعوب لا التصادم.
وحين أحبّ بعضُنا الإمام عليًّا، لم نتبع رجلاً، بل مدرسة، تقول: “الناس صنفان، إما أخٌ لك في الدين، أو نظيرٌ لك في الخَلق”.
وحين مشى بعضُنا على خطى الحسين، لم تكن المسيرة إلا صرخة للعدالة، صرخةً تشبه دم المصلوب من أجل خلاص الإنسان.
منذ فجر التاريخ، والجغرافيا تشهد، لو أن الإنسان أراد الإنكار، من جبيل حتى نهر العاصي في الهرمل، على حضورٍ ثابتٍ لا يُنكر. قبل أكثر من 1600 عام، حيث مغارة الراهب مار مارون، تلك التي حفظها الشيعة كما يحفظون مقدّساتهم.
نحن نتحدث عن أكثر من ستة عشر قرنًا لم يشهد خلالها لبنان أي خلاف أو تنافر بين مكوناته، بل ظلّت العلاقة نسيجًا من الوئام والمحبة. أما منذ فجر التاريخ، فانظروا بأنفسكم إلى ما جرى ويجري على الكنائس والأديرة والمسيحيين في سوريا والعراق، وحتى في مهد يسوع، وتأملوا كيف يعيشون، وماذا حلّ بهم.
لبنان، هذا الوطن، لا يتقاطع… بل يتكامل. لا يتنافر… بل يتناغم. كما تناغم الأذان مع أجراس الكنائس والمعابد، في لحظة سكونٍ، تشبه صوت الله حين يكلّم الإنسان.
لبنان الحقيقي كان قبل أن يُقسَّم على طاولة السياسات، وكان شعبه يعيش حياة ما فوق الطوائف، وما تحت السماء، وكان الله في التفاصيل، لا الساسة.
أليس أولى بنا أن نعود إلى رسالة البابا يوحنا بولس الثاني، الذي قالها بوضوحٍ نبويّ:
“لبنان ليس وطنًا فقط، بل رسالة… رسالة للشرق والغرب، للإسلام والمسيحية، للإنسانية جمعاء.”
فلماذا نتبع سياساتٍ لا تفهمنا، ونترك وصيّةً كُتِبَت لأجلنا؟
لماذا نتمسّك بخيوط أمريكا وأوروبا والشرق والغرب والعرب والعجم، ونهجر الثوب الذي خاطه الله لنا منذ البدء؟
“نحن اهل لبنان وادرى بشعابه”
أيها اللبنانيون، حتى الدول الكبرى عندما تريد ان ترسل مبعوثا لها الى لبنان تخجل ان ترسله من غير اصول لبنانية، لان هذه الدول تعرف قدسية ومكانة وعظمة وتاريخ لبنان ربما اكثر منا لذلك تريد ان يكون لها حصة في لبنان.
أيها اللبنانيون، إنّ الله الذي انتقى أنبياءه ورسله أفرادًا، لم يختر شعبًا بأسره منذ بدء الخليقة إلا مرّة واحدة، فخصّكم أنتم، أبناء هذه الأرض، ووهبكم أمانة ترابٍ ذكره في كتبه، وقدّسه بكلمته. فهل نكون أهلاً للأمانة، أم نفرّط بما اختاره الله لنا؟
أيها اللبنانيون،
أنتم منارة الإنسانية، ومُهندسو الرحمة، وحَمَلة الوحي الجمالي.
عودوا إلى روحكم، اتركوا المتاريس، وامسحوا غبار التفرقة، واغسلوا وجوهكم بماء النهر، واركعوا لله الذي جبلنا من تراب واحد بطوائف متعددة.
ربما اشتاق الفرح إلينا أكثر مما اشتقنا إليه،
ربما السلام ينتظرنا نحن، لا العكس،
ربما لبنان ما زال يسمع صوته فينا… لكننا لم نعد نصغي.
٤/٧/٢٠٢٥، ٦:١٨ م – .: *الرئيس السوري أحمد الشرع يدعو إلى ضم طرابلس ومناطق لبنانية ذات غالبية سنية إلى سوريا…*
في موقفٍ صادم يحمل أبعادًا سياسية خطيرة، دعا الرئيس السوري أحمد الشرع إلى ضم مدينة طرابلس ومناطق لبنانية ذات غالبية سُنّية إلى سوريا، ما يشير إلى تحوّلات إقليمية بدأت تخرج من الكواليس إلى العلن.
وفي تعليقٍ لافت، قال الكاتب ناجي علي أمّهز إن هذا التصريح ليس موجّهًا فقط للسياسيين، بل برسم السياديين خاصة من الطوائف المسيحية، داعيًا إياهم إلى مراجعة ما كتب منذ 5 كانون الثاني 2025، في مقاله الشهير الذي حمل عنوان:
“عام 2025: بريطانيا ستحكم جزءًا من عالمنا… وإسرائيل ستحكم الجزء الثاني!”
وأوضح أمّهز أن المقال المذكور لم يكن مجرّد تنبّؤات بل تحليل استراتيجي استباقي دقيق، توقّع خلاله أكثر من عشرة أحداث مصيرية في المنطقة، وقد تحقق غالبيتها خلال الأشهر السبعة الأولى فقط من عام 2025.
من المقال إلى الواقع:
• تحدث في حينه عن السياسة التي سيتّبعها دونالد ترامب قبل حتى أن يُقسم اليمين رئيسًا، وتوقّع اعتماده “مبدأ القوة كمدخل للسلام”، وهو ما أكده ترامب لاحقًا حرفيًا. بل وحدد أمّهز استخدام مفردة “لغة الكاوبوي” في الخطاب الأمريكي، كما ظهر بالفعل.
• في الملف اللبناني، كتب قبل 7 أشهر أن:
“لبنان سيعود إلى حاضنة عربية فاعلة، ومن يحكم سوريا سيحكمه. وأي تسرّع في السياسات المسيحية سيكون مكلفًا جدًا، لأن لا مكان للمسيحيين في العالم العربي الجديد الذي تحكمه بريطانيا.”
وأشار إلى أن من يعترض يمكنه مراجعة ما كتبه سابقًا أسقف كانتربري روان ويليامز عن مستقبل المسيحيين في الشرق.
الأحداث كما تحققت وفق المقال:
• في نيسان (الشهر الرابع) اندلعت حرب باكستان والهند، بعد صعود مفاجئ لحركة بلوشستان الانفصالية داخل باكستان.
• في أيار (الشهر الخامس)، سجّل لأول مرة علنًا، طلب بعض الدروز حماية إسرائيلية.
• في حزيران (الشهر السادس)، نفّذت إيران قصفًا عابرًا للحدود، كما توقّع المقال بدقة.
• في تموز (الشهر السابع)، جاء تصريح أحمد الشرع المطالب صراحةً بضم مناطق لبنانية إلى سوريا.
• أما الكويت، فقد تغلّقت على نفسها وسحبت الجنسية من أكثر من 22 ألف مواطن، وطالبت بمغادرة آلالاف غير الكويتيين.
وختم أمّهز بالقول:
“أترككم مع المقال لمراجعته بهدوء، لكن أرجو الإصغاء إلى هذا العبد الفقير… وخصوصًا من الإخوة المسيحيين، لأن ما يُعدّ الآن لن يُبقي لبنان الذي تعرفونه.”
نقاط تحليلية لعام 2025:
أمريكا في العالم العربي:
اليوم أمريكا سياسيًا لم تعد موجودة في العالم العربي، لكنها ستبقى جاهزة لاستخدام لغة الكاوبوي ضد كل من تطالب بريطانيا بضربه.
السياسة البريطانية والاستشراق:
من يريد أن يعرف ماذا يجري في عالمنا العربي والإسلامي عليه أن يراجع الاستشراق البريطاني. اليوم تُطبق السياسة البريطانية في العالم العربي والإسلامي، مما يعني توسعًا كبيرًا جدًا للإخوان المسلمين في كل العالم العربي والإسلامي.
روسيا:
روسيا لن تُدمَّر، لكن صدقوني روسيا الاتحادية ستذوب مثل قطعة جليد وستختفي تمامًا إلى الأبد.
الصين وتايوان:
الصين ستدخل بحرب كبرى مع تايوان، وينتقل السوق الصناعي إلى الهند.
إيران:
إيران في خطر كبير لا أريد الحديث عنه، وأنصحها بأن تلتقي مع بعض النخبة اللبنانية بشكل ضروري.
أفغانستان:
أفغانستان ستشن حربًا كبرى على إيران بعد الهجوم الأمريكي الإسرائيلي.
باكستان:
بداية تقسيم باكستان إلى أقاليم مرة جديدة، واقتتال عنيف جدًا بين الوهابية والمتصوفين في هذا البلد، ومن ثم استلام الحكم من قبل الإخوان المسلمين.
العراق:
تثبيت التقسيم وأزمة حكم شيعية بسبب العقلية الحاكمة وحجم الفساد غير الطبيعي. حتى الأمريكي لن يتدخل في الشأن العراقي.
سوريا:
حياة مأساوية للشعب السوري، ولن ينجو إلا من كُتبت له الحياة. تستمر سوريا في صراع دموي حتى عام 2030، وبعدها تُقسم.
لبنان:
أمام خيارين لا ثالث لهما: إما يزول كما كتبت لكم عام 2017، أو تصبح هناك دولة:
في هذه الدولة، سيعود الشيعي كما كان قبل نصف قرن. فالشيعي لم يستفد من الفرصة التي مُنحت له دوليًا، ولم يستفد من مقدراته ومقدرات أبناء طائفته حيث استثمر في أشياء غريبة عجيبة لا تُسمن ولا تُغني لا في السياسة ولا في الاقتصاد والاجتماع.
حتى المسيحي سيكون أمام خيارات صعبة جدًا. فالمسيحي حتمًا أمهر من الشيعي بأشواط في السياسة والاقتصاد والإعلام، لكنه أيضًا سيكون دوره السياسي محدودًا جدًا.
أما طائفة الموحدين الدروز، فسيجتمعون في وادي التيم وبعضهم سيكون تحت حماية إسرائيلية أو ضمن حدود إسرائيل الجديدة. حتى دروز سوريا سيخضعون لنفس المعايير. ومن يرفض هذه الفكرة يمكنه مراجعة مقالي الذي نشر في 4 – 11 – 2024 تحت عنوان “بحال هزمت المقاومة: استيطان إسرائيلي، سوري، فلسطيني، الشيعة إلى العراق، الدروز إلى وادي التيم، وقيام دولة علوية” وهو مقال نشر قبل شهر من سقوط بشار الاسد،
لبنان سيعود الى حاضنة عربية فاعلة جدا ومن يحكم سوريا سيحكمه، لذلك التسرع خاصة عند بعض المسيحيين سيكون مكلفا جدا عليهم بالسياسة فلا مكان للمسحيين في العالم العربي الجديد الذي تحكمه بريطانيا، ومن يعترض يمكنه مراجعة بعض ما كتبه الاسقف كانتربري روان ويليامز قبل عقود.
السعودية:
يُنصب الأمير محمد بن سلمان ملكًا على السعودية. وبعدها، وقبل أي تعديلات دستورية ملكية، سيقوم الملك محمد بن سلمان بإلغاء كافة الأحكام الدينية، مما يؤدي إلى تغييرات ديمغرافية وجغرافية في السعودية.
الكويت:
ستنغلق على نفسها بالمطلق وتعيش اضطرابات داخلية كبيرة جدا، قد تؤدي الى تغيير كبير في ديمقراطيتها وحرية افراد شعبها، وسيسطر الاخوان المسلمين على غالبية مناصبها وعلى قرارها الداخل والخارجي.
اليمن:
حرب طويلة جدا وعاصفة جدا ومدمرة جدا تستخدم فيها حتى الاسلحة النووية.
قطر:
نفوذ عربي واسع جدا حتى حساب الامارات التي تدخل بصراعات داخلية قد تؤدي الى انشقاقات بين مختلف دول الامارات، حيث يصبح جزء منها تابع للكيان الاسرائيلي وجزء اخر تابع لحكم الاخوان المسلمين.
الأردن:
يتقاسم فيه الملك عبد الله الحكم مع الإخوان المسلمين بحال قبل الإخوان بهذا الأمر، مما ينعكس على مصر التي تجتاحها الفوضى، وفي عام 2026 يحكمها الإخوان المسلمين.
فلسطين:
نهاية دولة فلسطين بالكامل وتهجير قسم إلى الأردن وقسم إلى مصر. ومن يبقَ عليه أن يخضع للشروط والقوانين الإسرائيلية تمامًا.
تركيا:
ستعود السلطنة الى سابق عهدها لكن هذه المرة مهمتها ليست ضد روسيا، بل مع الاكراد، وستستمر هذه الحرب حتى عام 2028، وبعدها يبدا العلمانيين باستعادة دورهم ومكانتهم في تركيا ايضا بقرار بريطاني اخوان الرئيس المتوفي “اتاتورك”.
٦/٧/٢٠٢٥، ٢:٠١ م – .: *هل تعود سوريا إلى الماسونية أم أنها محاولة لتسويق حكومة ونظام جديد؟*
*بقلم ناجي علي امهز*
منذ فترة قصيرة ومع سقوط نظام بشار الاسد، تنتشر الأخبار كالنار في الهشيم عن عودة المحافل الماسونية السورية إلى النشاط، بل ويُتداول الحديث عن بناء محفل رسمي كبير في قلب دمشق. وليس ذلك وحده، بل إن التصريح العلني من أعلى مرجعية دولية، ممثلة بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب، عن رغبة سوريا في الانضمام إلى الاتفاقيات الإبراهيمية، لا يبدو بريئًا، بل يُقرأ كإشارة واضحة إلى أن الماسونية تستعيد نفوذها في “سوريا الجديدة”.
فالواقع أن الاتفاقيات الإبراهيمية ليست سوى وجه من وجوه الماسونية الحديثة، إذ أن فكرة “الكيان الإبراهيمي” تعود جذورها إلى محفل المجلس الأعلى في إنجلترا وويلز عام 1918، حيث طُرحت كبديل عن وعد بلفور، وتأسست على أساس رؤية مستقبلية لمدينة القدس، بوصفها مركزًا دينيًا مشتركًا للأديان الثلاثة: اليهودية، والمسيحية، والإسلام.
ومن الجدير ذكره أن الكتب الثلاثة المقدسة (التوراة، الإنجيل، والقرآن) تُعتمد في الطقس الإيكوسي في أغلب المحافل، بينما اتجهت العديد من المحافل الفرنسية والأمريكية مع نهاية القرن الثامن عشر إلى اعتماد ما يُعرف بـ”الكتاب الأبيض” كمرجعية رمزية.
السؤال الحقيقي الذي أطرحه هنا، ليس عن سبب وجود الماسونية في العالم العربي — فهذا بات أمرًا مفروغًا منه — بل:
هل الماسونية مجرد غطاء يمنح بعض الفئات شرعية دولية؟
خصوصًا أنها — من خلال شبكتها الأخوية العالمية — تُسهّل الكثير من الأمور والبروتوكولات خلف الكواليس، خاصة التأثير الماسوني في الغرب عميقًا جدًا، بخلاف ما يتوهم بعض الكتّاب والقصّاصين العرب السطحيين، الذين يختزلون الماسونية في جمعية لشرب القهوة أو الشاي.
ومن يعتقد ان الماسونية غريبة عن العالم العربي يمكن العودة الى هذا الملخص مع اني لم اذكر ماسون لبنان لانني ربما احتاج الى الف صفحة:
على الرغم من أن أول محفل ماسوني في الدولة العثمانية تأسس في إسطنبول حوالي عام 1721، إلا أن الحظر الذي فرضه السلطان محمود الأول عام 1748، والذي ساوى الماسونية بالإلحاد، لم يمنع انتشارها. بل على العكس، وجدت الماسونية في بلاد الشام، وتحديدًا في سوريا ولبنان وفلسطين، حاضنة طبيعية ازدهرت فيها حتى منتصف الخمسينيات من القرن الماضي، لتصبح شبكة النخبة بامتياز.
كانت الماسونية في سوريا أكثر من مجرد جمعية سرية؛ لقد كانت النسيج الذي حاك الحياة السياسية والاجتماعية والفكرية. فضمت قوائم أعضائها كوكبة من الشخصيات التي شكلت تاريخ سوريا الحديث، من رؤساء دول وحكومات، إلى زعامات وطنية وقادة عسكريين ومفكرين. في طليعة هذه الأسماء، يبرز الدبلوماسي المحنك فارس الخوري، الذي لم يكن مجرد عضو، بل “ماسونيًا عتيقًا” سعى لـ “سورنة” الحركة واستخدامها كأداة لمقاومة الانتداب الفرنسي، حتى أنه دفع لاعتماد نشيد “حماة الديار”، كنشيد وطني للبلاد.
وعلى الصعيد العسكري، يظهر اسم قائد الانقلابات أديب الشيشكلي، إلى جانب شخصيات مثل فوزي سلو واللواء جميل سابا، مما يوضح تغلغلها في المؤسسة العسكرية. وامتدت القائمة لتشمل معظم رؤساء الحكومات في تلك الفترة، من جميل مردم بك وحقي العظم، إلى حسني البرازي ولطفي الحفار. ولم تقتصر على السياسيين، بل ضمت زعامات فكرية بحجم الطبيب الوطني عبد الرحمن الشهبندر، وامراء دروز وغيرهم، ورجال دين مسلمين ومسيحيين، مما عكس طبيعتها العابرة للطوائف.
ولم يكن المشهد السوري معزولًا. فالتأثير العثماني كان واضحًا، حيث انضم مسؤولون أتراك مثل والي دمشق محمد رشيد باشا، والعديد من ضباط حركة “تركيا الفتاة”، وحتى الزعيم التركي مصطفى كمال أتاتورك، إلى محافل بلاد الشام التي كانت تُعتبر مساحة آمنة للنشاط السياسي.
وفي موازاة ذلك، كانت مصر تشهد ظاهرة مماثلة، بل وربما أعمق. فقد حظيت الماسونية برعاية من العائلة الحاكمة، حيث تولى الخديوي توفيق بنفسه رئاسة المحفل الأكبر، وانضم إليها رواد الإصلاح الديني كجمال الدين الأفغاني والإمام محمد عبده، وزعامات وطنية بحجم سعد زغلول، بالإضافة إلى نخبة من كبار الفنانين مثل يوسف وهبي وفريد شوقي.
هذا التاريخ الحافل يطرح سؤالاً جوهريًا اليوم: بالنظر إلى هذا الإرث العميق للماسونية كشبكة للنخبة الحاكمة والمؤثرة في المنطقة، هل يمكن أن نشهد عودة لها في سوريا؟ وإن حدث ذلك، فهل سيكون إحياءً لتقليد تاريخي، أم مجرد أداة براغماتية يستخدمها أي فئة ونظام جديد لتسويق نفسه عالميًا، والتواصل مع دوائر النفوذ الغربية بلغة ورموز تفهمها جيدًا؟
=====
لقد حصلت في الانترنت على اكثر من 730 مصدر لهذه الاسماء، كما ارفق مع المقال اسم موقع https://archive.org/ ويوجد بداخلة اكثر من 19 الف من المصادر ومراجع عامة عن تاريخ الماسونية بالمنطقة.
اليكم مصدر للصور يوثق ايضا اجزاء مهمة من هذا المقال عن صحف ماسونية رسمية:
https://syria.news/اسرارالماسونيةوالماسونيينفيمنطقتنايكشفهاعددمنمجلةمنسية-ID57408.html
٦/٧/٢٠٢٥، ٦:١٤ م – .: *مبادرة أميركية عادية… حوّلوها إلى أزمة!*
*تحليل بقلم: ناجي علي أمّهز*
غدًا، أو في وقتٍ قريب، سينكشف للبنانيين ما خفي من حقيقة الطرح الأميركي، وسيتّضح أن كل ما أُثير في الإعلام من ضجيج حول “نزع سلاح حزب الله”، وما رافقه من تهويل بحروب وكوارث، لم يكن سوى صدى مفتعل بلا مضمون، تحرّكه قوى في الداخل أكثر مما يعكس موقفًا أميركيًا صلبًا.
فواشنطن، كما عبّر المبعوث الامريكي باراك بوضوح، لا تنظر إلى سلاح “حزب الله” كملف منفصل، بل تضعه ضمن سلّة متكاملة من الإجراءات، تراها مدخلًا استراتيجيًا لإنقاذ لبنان، لا لمحاصرته أو تفجيره.
السلة الأميركية: شقّان واضحان
1. معالجة السلاح، ليس بنزعه الكلّي، من خلال تطبيق 1701 واتفاقية وقف النار، مما يمنح تطمينات أمنية لإسرائيل،.
2. الإصلاح المالي والإداري، كشرط جوهري لإعادة إنعاش الاقتصاد اللبناني وإخراج ما تبقّى من الدولة من غرفة العناية الفائقة.
الموفد الأميركي لم يخفِ وضوح هذا الموقف. بل أشار صراحة إلى أن ملف السلاح لا يمكن حله بمواجهة مباشرة مع الطائفة الشيعية، بل عبر خلق مصالح اقتصادية مباشرة في بيئتها. وقد أبلغ واشنطن أنها تعمل للحصول على تمويل من السعودية وقطر لمشاريع إعادة إعمار في الجنوب، قائلاً: “إذا حصل الشيعة في لبنان على شيء من هذا، فسوف يتعاونون معه”.
“يعني بصراحة وعلانية ووضوح: الأمريكي عم يقول اذا ما قدمنا شي يرضي الحزب ما رح يتغير شيء”
بالمقابل بعض اللبنانيين يقولون للامريكي، ما في داعي تقدموا اي شي، لان هؤلاء يعلمون ان اي تسوية، او بدائل وتطمينات سيقدمها الامريكي للحزب ستكون على حسابهم هم.
لذلك، كما في كل فرصة تاريخية، سارع الداخل السياسي اللبناني لتحويل المبادرة إلى أزمة وجودية، لا لشيء سوى لأن الإصلاح المالي الحقيقي يهدّد بنية الفساد، ويفكك شبكات الزبائنية والمحاصصة التي راكمت ثروات على أنقاض الدولة.
فإذا كانت واشنطن تسعى إلى ترتيب جديد يوازن بين أمن إسرائيل واستقرار لبنان، فإن بعض الساسة في الداخل رأوا في هذه المبادرة خطرًا عليهم، فبدؤوا بتضخيم ملف السلاح وتقديمه كشرط تعجيزي أميركي، في حين أن الأميركي نفسه يقول العكس.
هكذا، بدل أن يتلقّف السياسيون اللبنانيون المبادرة، عمدوا إلى تفخيخها، كلٌّ حسب مصلحته. من جهة، يتهرّبون من الإصلاح المالي، ومن جهة ثانية، يتوسّلون ملف السلاح لتسجيل نقاط سياسية داخلية.
المفارقة لو أن الأميركيين يتواصلون مباشرة مع حزب الله، لباتوا كل هؤلاء السياسيين خارج اللعبة.
إذ مع كل زيارة للموفد الأميركي، يسارع هؤلاء لتقديم أنفسهم كقنوات تفاوض، أو بوابات عبور، أو صناع تسويات، متوهمين أن خدمتهم لأجندة واشنطن ستُمرر مشاريعهم الشخصية. لكن الأميركي واضح: ما يهمّه فقط هو ضمانات أمنية لإسرائيل، وإصلاح مالي واقتصادي يُبقي لبنان اقله حيًّا.
٧/٧/٢٠٢٥، ١:٢٦ م – .: *تصريحات المبعوث الأميركي تؤكد دقة تحليل الكاتب ناجي علي أمّهز*
بيروت – 7 تموز 2025
في تطور لافت، أكّد المبعوث الأميركي الخاص إلى لبنان توماس باراك، خلال مؤتمره الصحافي اليوم في بيروت، فحوى ما كان قد كتبه الكاتب والإعلامي ناجي علي أمّهز قبل أيام، حول الطرح الأميركي المتعلق بلبنان وسلاح حزب الله، واضعًا حدًا لحملة التهويل التي اجتاحت الإعلام المحلي، والتي ثبت أنها لا تعكس الموقف الحقيقي للولايات المتحدة، بل هي تضخيم داخلي مفتعل.
*وكان أمّهز قد كتب في مقال نشر بتاريخ 6 تموز 2025 تحت عنوان «مبادرة أميركية عادية… حوّلوها إلى أزمة!»،* أنّ “كل ما أُثير من ضجيج إعلامي حول نزع سلاح حزب الله لا يعدو كونه صدىً مفتعلًا، وأن واشنطن لا تطرح ملف السلاح كأولوية منفصلة، بل تدرجه ضمن رؤية استراتيجية أشمل لإنقاذ لبنان”.
*وهذا ما أكّده اليوم المبعوث الأميركي باراك حرفيًا، حيث قال:*
“لا نملي على لبنان كيف يجب أن يتعامل مع ملف سلاح حزب الله، هذا قرار لبناني داخلي، لكننا نود أن نرى معالجة مسؤولة لهذا الملف، لأن المنطقة تتغير بسرعة، وكل من يتخلف عن التغيير سيتكبّد الخسائر”.
كما أضاف أن الولايات المتحدة تسعى إلى تسوية متكاملة تحفظ استقرار لبنان وأمن المنطقة، مشيرًا إلى أن “الرئيس الأميركي دونالد ترامب يحترم لبنان، وأكد التزامه بدعمه في مسار السلم والازدهار”.
*وكان ناجي علي أمّهز قد أشار في مقالٍ سابق بتاريخ 3 تموز 2025 إلى أن:*
“المبعوث الأميركي لم يطالب بتسليم سلاح حزب الله، بل إن الأزمة صُنعت في الداخل اللبناني، نتيجة جهل بعض السياسيين وفشلهم في فهم التحولات الإقليمية، فسارعوا إلى تضخيم الملف وتقديمه كمشكلة أساسية، بينما الحقيقة هي أن المشروع الأميركي يتعلّق بدور لبنان الجديد في المنطقة، لا بنزع سلاح المقاومة”.
*وقد لخص باراك هذا التوجه بقوله:*
” حيث تابع براك في تصريحه اليوم 7-7 -2025: “لا نملي على لبنان كيف يجب أن يتعامل مع ملف سلاح حزب الله، هذا قرار لبناني داخلي، لكننا نود أن نرى معالجة مسؤولة لهذا الملف، لأن المنطقة تتغير بسرعة، وكل من يتخلف عن التغيير سيتكبّد الخسائر”.
وشدد على أن “الجميع تعب من الفوضى والنزاعات، وحان الوقت لاغتنام هذه اللحظة التاريخية لإحداث تحوّل فعلي نحو الاستقرار”، مضيفاً: “نشعر بالأمل، ونؤمن بأن أمام لبنان فرصة حقيقية للمضي قدماً، ونحن ملتزمون بدعمه في هذه المسيرة”.
*وفي الختام، يوجّه الكاتب ناجي علي أمّهز نصيحة واضحة إلى أبناء الطائفة الشيعية:*
لا تصغوا إلى الأبواق الإعلامية، ولا إلى غالبية من يقدّمون أنفسهم كمحللين سياسيين. هؤلاء لا يملكون فهمًا حقيقيًا لما يجري، بل لا يتابعهم عاقل، ولا يضيّع عليهم وقته إلا من يبحث عن الوهم.
إنهم يبدّدون تضحيات الطائفة، ويُهدرون انتصاراتها وصبرها، ويدفعون بها نحو أزمة وجودية خطيرة، عبر تحليلات هزيلة لا تمتّ للواقع بصلة.
فالسياسة ليست صراخًا على الشاشات، بل فهم عميق للرموز والمعادلات،
وفي هذا العالم… الساسة الكبار في العالم لا يحترمون إلا من يُجيد قراءة وفهم الرموز السياسية.
٨/٧/٢٠٢٥، ٣:٢٥ م – .: *من ناجي علي أمّهز إلى الدكتور سمير جعجع: الشيعة أهلك.*
دكتور جعجع، لا يختلف اثنان اليوم على أنك أصبحت الزعيم المسيحي الماروني اللبناني الأكثر حضورًا وتماسكًا، بل إن الدول الكبرى تدرك تمامًا أنك الرقم الأصعب في المعادلة المسيحية، لا بل اللبنانية. وربما أحد أسباب زعامتك، إلى جانب تاريخك في الدفاع عن المسيحيين، هو كرمك الذي يُمنع الحديث عنه بأمر منك شخصيًا، فحضرتك تطبق القول المأثور: “لا تدع شمالك تعلم ما تفعل يمينك”.
أتذكّر منذ أكثر من عشرين عامًا، أنني كنت في سهرة بأحد البيوت الكسروانية، وكان الحديث عنك. قال صاحب المنزل إنك دخلت مكاتب القوات والكتائب في الأشرفية، وكنت في كل مكان تقدم الهدايا، حتى أنك خرجت من الأشرفية أنت ومرافقيك دون ليرة واحدة، بعد أن وزّعتم كل ما في جيوبكم، بما في ذلك مصاريفكم الشخصية. وأضاف الرجل: “الحكيم كريم… ما حدا بيطلب منو خدمة إلا وبيعطيه كل اللي معه”.
لم أذكر هذه القصة للتغني بكرمك فقط، بل لأشير إلى أن ما يميزك عن معظم القيادات المارونية هو أنك لم تعش في برج عاجي، ولم تتصرف كأرستقراطي مفصول عن ناسه، بل بقيت ابن الأرض اللبنانية الأصيلة، والمنطلق من بين صفوف المسيحيين الفقراء فيها.
أودّ أيضًا أن ألفت نظرك إلى مسألة شديدة الدقة، وهي ما يدركه جيدًا رجال الكنيسة الذين حملوا على أكتافهم فكرة لبنان الكبير. هؤلاء الذين خبروا مئات السنين، خرجوا بعد قرون بخلاصة: لا لبنان من دون الشيعة، ولا شيعة من دون الموارنة، ولا موارنة دون الشيعة. معادلة لا تتغير مهما تبدّلت السياسات أو تبدّلت الجغرافيا.
وقد يُقال إن البطريرك الحويك رفض ضم الساحل السوري إلى لبنان حتى لا يتساوى الروم عددًا مع الموارنة، ورغم المظاهرات التي خرجت في سوريا ضد البطريركية المارونية، والتي صدحت بشعار: “رب تلاتين ولا جزين، والتركي لا بكركي”، لم تثني البطريرك عن اكمال رؤيته للبنان الذي لن يكون دون شيعة جبل عامل، كون الشيعة لا يمكنهم العيش بحرية في باكستان وأفغانستان وبلاد القوقاز، أو السفر إلى أوروبا وأمريكا، ولا حتى ممارسة معتقداتهم بحرية في بقية الدول العربية والإسلامية.
دكتور جعجع، الكنيسة اختارت التحالف مع الشيعة، حتى عندما كانت المنطقة تغلي بالتشدد الإسلامي، قبل أن تولد الدول العربية الحديثة وبعد نشؤها. وتذكّر خطاب الرئيس الشهيد بشير الجميل 14 ايلول 1982 حين قال: “بدنا نقدر نمارس مسيحيتنا بهالشرق، نعيش وراسنا مرفوع، من دون ما نكون بذمة حدا او يجي حدا يقلنا امشوا ع خط الشمال لأنه نحن مسيحيين أو يجبرونا نحط أي إشارة على جسمنا أو على تيابنا لينعرف إنه نحن مسيحيين”. كان يُعبّر عن هاجسٍ عمره أكثر من ألف عام.
الحقيقة يا حكيم أن الإسلام، في تشريعاته الفقهية، لا يستطيع أن يرى إلا من خلال منظاره الديني. حتى في البلدان التي تدّعي التعددية، تبقى السلطة حكرًا على الأكثرية الإسلامية. أنظر إلى تركيا: 300 ألف مسيحي، ولا وزير واحد بينهم. في مصر، ما يقارب 18 مليون مسيحي، ومنذ عام 1980 لم يتجاوز عدد الوزراء المسيحيين العشرين. أما في بقية الدول العربية، فالحضور المسيحي في السلطة نادر إن لم يكن معدومًا.
هذه هي الحقيقة المؤلمة التي يعرفها الغرب: لا مكان للأقليات في العالم العربي، الذي يمتد على أكثر من 13 مليون كيلومتر مربع، ويحتوي على ثلث ثروات الأرض، يعيش 470 مليون إنسان، من بينهم فقط 50 مليون شيعي، و16 مليون مسيحي (بينهم مليون ماروني فقط)، ومليون درزي، ومليونان من العلويين.
دكتور جعجع، الموارنة اختبروا الزعامة والأحزاب عبر أجيال، فمرّت الزعامات وبقيت الطائفة المارونية. أما الشيعة، فهذه أول تجربة سياسية حزبية يعيشونها، وربما يتعثرون ويتعلمون، وقد تنتهي بعض الأحزاب، لكن المهم أن تبقى الطائفة.
أنا، ابن البيت العتيق، أكتب هذه الكلمات وأعلم من يقرؤها. أعرف الكنيسة أكثر مما أعرف بعض المساجد، وأفهم الهمس المسيحي الذي لا يُقال في العلن. وأقول لك بصدق: لا يوجد خلاف ماروني-شيعي، ويجب ألا يوجد. قد يتشاجر اثنان من الطائفتين، لكن لا يجوز أن يُترجم ذلك إلى خلاف وجودي.
دكتور، أنا مع المنطق الذي يقول إنه لا يجوز أن يكون الشيعة أقوى من الموارنة، ولكن في الوقت نفسه، يجب على حضرتك وبقية الزعماء المسيحيين أن ترفضوا تمامًا أن يكون الشيعة والموارنة ضعفاء في هذا المشرق.
“دكتور الجميع يقبل أن تصرخ بكل قوتك في وجه الشيعي لتمنعه، لأسباب دولية، من الدفاع عن الفلسطيني. لكنك أنت، والمسيحيون عمومًا، تعلمون أن إسرائيل، كما المتطرفين الإسلاميين، ولكلٍ حساباته، سينتقمون من الشيعة — سواء لأسباب طائفية، أو لأنهم وقفوا مع فلسطين.”
“دكتور جعجع، الشيعة والموارنة كأنهما شخصان يقفان على لوح خشبي ممدود فوق حبل، كلٌ منهما في جهة مقابلة للآخر، وتحتهم وادٍ عميق؛ إن حافظا على التوازن بقيا، وإن سقط أحدهما سقط الآخر.”
السيد حسن نصرالله، حين حرر الجنوب، كان يرفض أن يُوجَّه كلام مسيء لأي مسيحي في المنطقة، لأنه كان يعلم أن الموارنة هم التوأم، هم الامتداد، هم الذات. الحاج محمد عفيف، الناطق الإعلامي باسم حزب الله، أخبرني ذات مرة أن السيد كان يرفض رفضًا قاطعًا أي إساءة حتى لفظية لأي لبناني، وخصوصًا القوات اللبنانية. وقد وثّقتُ هذا في مقالي بتاريخ 4 أيلول 2024 بعنوان: “حزب الله يكشف سرًّا ويرفض التعليقات القاسية على أي مكوّن ديني أو سياسي بما فيهم القوات اللبنانية”.
دكتور جعجع، إن كنت قرأتني يومًا، فستجد في كل مقالاتي حتى مع وجود السوريين احترامًا لشخصك، لا تملقًا، بل لأنني سمعت عنك من كثيرين، ما يفرض عليَّ الإنصاف. وأنا الذي واجهت السوريين من أجل السيادة، ودفعت الثمن، لا أكتب اليوم من خلفية طائفية، بل من منطلق وطني.
العالم الحديث لا يرحم الأقليات، فكيف إن كانت من “أقليات الأقليات”؟
العالم الجديد لن يتوقف عند مليون ماروني أو 300 ألف درزي ولا حتى مليون ونصف شيعي عاجزين عن زيارة مقام السيدة زينب في سوريا. العالم الجديد لن يذرف الدموع على مقتل عشرات الآلاف من النساء والأطفال لأي طائفة انتموا، بعد أن قُتل الأطفال ودُمرت غزة ولم يتحرك الضمير العالمي، أو قام إرهابي بتفجير نفسه في كنيسة أو حسينية في لبنان. العالم الجديد لن يقول لأهالي طرابلس ماذا تفعلون بحال رفعوا العلم السوري وأعلنوا انضمامهم إلى سوريا.
العالم الجديد يقوم على المصالح المادية فقط،
الم يصرح المبعوث الامريكي باراك، لنيويورك تايمز: أأن الإدارة الحالية تعتمد على مبدأ القوة كمدخل أساسي لتحقيق السلام. وقال: “الجميع في هذا الجوار لا يحترمون إلا القوة، وقد أرسى الرئيس ترامب قوة أمريكا كبادرة للسلام بكل المقاييس”.
هذا النهج يبتعد عن المحاولات السابقة لفرض الديمقراطية، ويركز بدلاً من ذلك على الصفقات التجارية المربحة وتحقيق الاستقرار من خلال موازين قوى واضحة.
في العالم الجديد لا مصلحة لأحد في أن يزعج العالم العربي أو حتى إسرائيل كرمال ثلاثة ملايين لبناني موزعين بين شيعة ومسيحيين ودروز.
السيد باراك، المبعوث الأمريكي، هو مستثمر جيد وصديق لرؤساء العالم، خاصة في دول الخليج، وحتمًا سيكون له حصة كبرى من إعمار سوريا. وما نبه إليه هو أن العالم يتقدم بخطى سريعة ويمضي قدمًا، ولبنان مهدد بأن يصبح خارج الزمن. وقد قال عن قناعة ووعي كامل إن على اللبنانيين التوقف عن كره بعضهم البعض، مؤكدًا أنه لا أحد، وخصوصًا أمريكا أو بريطانيا، مستعد للتدخل في لبنان.
الدول اليوم غير ما كانت عليه قبل نصف قرن. فهل نبقى نغرق في التخاصم، أم نتصالح لاجل الوطن؟
٩/٧/٢٠٢٥، ١٢:٢١ م – .: *ناجي علي أمّهز يبارك للأستاذ سالم زهران تحرّره من محور المقاومة.*
يعني يا أستاذ سالم، ما تتصوّر قديش فرحتلك إنك طلعت من المحور، وصرت تشوف قدّامك وتشوف وراك، وما بقى تحكي متل ما الكل بيحكوا، حسب تعريفك للعقل الجمعي، والنظرية الفيزيائية يلي عطاك ياها صديقك.
أنا بباركلك، والله، لأن بس اتذكّر لما كتبت أول مقال ضدّك من عشر سنين وتاني مقال من كم شهر، شو سمعوني الشيعة كرمالك؟ بتصدّق حتى الأطفال هاجموني!. يعني الهجوم اللي عم تتعرضله اليوم حضرتك على وسائل التواصل الاجتماعي، مقارنةً بهجومهم عليّ كرمالك وقتها، متل النسمة الباردة.
ويلا، هيك أريحلك… لا مسيّر إسرائيلي بطاردك، ولا خوف من عقوبات أمريكية، ولا زعل مع دول عربية.، وفيك تتنقل بين اوروبا كلها.
مع إنك عملت للشيعة مشكلة مع دولة الكويت، وبعدهم لهلّق عم يدفعوا تمنها، بس ماشي، فداك الطائفة والمحور!
اصلا الشيعة ما قلهم عليك شي، حضرتك سياسي عالمي قبل ما تتعرف علىهم والمحور، ويلي جابلك رغيف خبز منهم، أو اشترا لك بدلة، بيرجع ياخدهم. كل شي بتعبك وسهر لياليك، ليش صفنتك هينة بس تصفن.
بس اليوم، حضرتك صرت بجو جديد، وبيئة جديدة: سهر، نقاشات، صالونات سياسية، حديث عن سارتر وغيره وديغول وكيسنجر، والأدب الفرنسي والسياسة البريطانية العالمية…
هونيك الجو غير، مش متل المحور: ضرب، عسكر، تحليلات أمنية، وتجمعات كل يوم بدك تحكي فيها… هلق أريح وأشيك بكتير.
لكن نصيحة، من شخص عاش عمره بين النخبة المسيحية:
الشيعي، فيك تمرقله نظرية عن الأميركيين، لأنه لا هو بيحكي مع الأميركي ولا الأميركي بيحكي معه. ونفس الشي، فيك تحكي عن المسيحيين قدام الشيعة، بس مش قدام المسيحيين.
المسيحي بيحسب الكلمة والحركة والنظرة… يعني خبريتك إنهم اتصلوا فيك من القصر على موعد الساعة 7 صباحًا وقلتلهن ما فيك لأنك بعدك بتفرك عيونك، فصار اللقاء الساعة 8؟
ما بعرف اذا رح تمرق عند المسيحيين. لان هيك قصص مرفوضة فيك تحكيها قدام شخص وتقله بيني وبينك تتظهر قيمتك واهميتك ومكانتك وعظمتك ونبوغك، بس ما في مسيحي ولو روحه فيك بيقبلها، هيك حديث ما بينحكى على الاعلام.
عند المسيحيين بدك تنتبه منيح وتحاسب نفسك على كل كلمة، كرمال هيك انا تعودت حاسب على كل كلمة وتعابير الوجه، لان تربيت بيناتهم.
وانتبه، المسيحي ما بيغشّوه لا بدلة، ولا ساعة، ولا برنتين عالشعر… بيشوف كيف بتسلم وبتقعد، وكيف بتحكي، وبتختِم الحديث.
وإذا حكيت كلمة مش 100% دقيقة، تاني مرة ما بيقعد معك. لأن المسيحي ما بيطيق اللي بيحاول يستغبيه. في زعامات مسيحية سقطت بس لأنه الناس حسّوا إنهم عم يضحكوا عليهم.
وما تفكر المسيحي عنده عواطف سياسية متل الشيعة. يعني اذا كنت عم تحكي وشطحت بيطلع واحد من القاعدين وبرد عليك قدام كل الناس، المسيحيين مش مستعدين يضيعوا دقيقة من وقتهم على شي ما قله اساس.
كمان… عند المسيحي ما فيك تحكي خبرية قبل الظهر شكل، وبعد الظهر شكل تاني. عم خبرك عن تجربة.
متل ما لفتلك نظرك مقدم البرنامج بالحديث عن عدم ترشحك للنيابة لما قلك بركي بعد شي تلات دورات ترشحت بقصولك هيدي، يعني عم يلفتلك نظر انتبه المسيحي بعد عشرين سنة بحاسب على حديث حكيته.
عالعموم، مش رح طول عليك، وألف مبروك خروجك من المحور… لأنه انتهى.
ومتل ما حضرتك قلت: “سالم زهران مطرح ما كان”. بس الفرق إنو يلي كنا معهم ما عادوا موجودين.
معك حق… كان لازم يضلوا، أقلّه كرمالك. سامحهم، غلطوا بحقك، والحق معك.
وبرجع بكرر تهنئتي، ولا تتأثّر بالهجوم عليك. لأنك كنت، إذا عطست، يعملوا على عطستك نظريات عالمية، ويوزعوها، ويطبلوا ويزمروا لها.
أنا بالمقابل، ما طلعت لا عالفضائيات ولا عالأرضيات، وإذا قلت “صباح الخير” كانوا يهاجموني… كرمالك!
حضرتك درْس كبير للشيعة.
والله يوفّقك. ولا تعتل هم الشيعة، ذاكرتهم قصيرة جدًا،
خبرهم بكرا شي عن السيد، وبينسوا كل شي حكيتو.
مع فائق الاحترام والتقدير… وألف الف مبروك.
١٢/٧/٢٠٢٥، ٧:١٨ م – .: *تحليل رؤية ناجي علي أمهز حول مستقبل لبنان: دراسة في مقالاته حول “زوال لبنان” وتقسيمه*
امهز كتب عن ضم طرابلس والبقاع الى سوريا في عشرات المقالات وقبل فترة ولكن اليكم ملخص قام فيه الذكاء الاصطناعي.
مقدمة:
يقدم المحلل والكاتب ناجي أمهز، عبر سلسلة من المقالات التحليلية والتنبؤية، رؤية متكاملة ومتشائمة لمستقبل الكيان اللبناني. تتمحور هذه الرؤية حول فكرة “الزوال” الممنهج، الذي لا يعني الفناء بل التفكيك وإعادة التركيب الجغرافي والديمغرافي لخدمة مصالح ما يسميه “النظام العميق” أو “السيستم”. تستند تحليلاته إلى ربط الأحداث الداخلية بالسياسات الدولية الكبرى، محذرًا بشكل متكرر من أن الأزمات اللبنانية ليست عشوائية بل هي فصول من مخطط معد سلفًا.
فيما يلي عرض بحثي لأبرز مقالاته المتعلقة بهذه الرؤية، مرتبة ترتيبًا زمنيًا وتصاعديًا في حدة التحذير، وصولًا إلى مقاله الأخير الذي يضع إطارًا زمنيًا وشيكًا لانهيار الوضع.
*المرحلة الأولى: التنبؤ بزوال لبنان وفلسطين ككيانات سياسية (2018)*
1. المقال التأسيسي: “دولتان عربيتان مهددتان بالزوال قبل نهاية حكم ترامب”
o تاريخ النشر: 21 يونيو/حزيران 2018.
o الخلاصة: يطرح أمهز في هذا المقال فرضيته المركزية. يجادل بأن “الزوال” لن يكون بالضرورة عسكريًا، بل عبر تفكيك داخلي ممنهج قائم على الانهيار الاقتصادي، الفساد، وتعميق الانقسام المجتمعي. يعتبر أن هذا الانهيار سيجعل البلدين فريسة سهلة للمخططات الخارجية، حيث يتم محو وجودهما السياسي أولًا (كـ “حبر على ورق”)، تمهيدًا لإعادة رسم الجغرافيا. هذا المقال يضع الأساس النظري الذي ستبنى عليه كل تحذيراته اللاحقة.
o
*المرحلة الثانية: تأكيد الفرضية وربطها بالسياسات الدولية والانقسامات الداخلية (2020-2023)*
في هذه المرحلة، ينتقل أمهز من الطرح النظري إلى ربط فرضيته بالأحداث الجارية والتصريحات الدولية، معتبرًا إياها أدلة على صحة تحليلاته.
1. مقالات داعمة ومفسرة:
o “زوال لبنان” (3 فبراير/شباط 2022): يستشهد أمهز بتصريحات مسؤولين غربيين (وزيرا خارجية فرنسا والفاتيكان) حول “خطر زوال لبنان” كدليل على أن فكرته لم تعد مجرد تحليل، بل أصبحت قراءة معتمدة في الدوائر الدولية.
o “الشيعة والموارنة وأسباب زوال لبنان” (9 أبريل/نيسان 2021) و”أسباب الأزمة بين بعض المسيحيين والحزب” (30 يناير/كانون الثاني 2022): يربط هنا بين فكرة الزوال الخارجي والانهيار الداخلي للتحالفات، وتحديدًا تفكك العلاقة بين الشيعة والمسيحيين. يجادل بأن الفشل في إدارة السياسة الداخلية والعلاقات بين الطوائف، وخاصة من جانب القيادة الشيعية، قد سرّع من عملية الزوال عبر عزل الطائفة وإضعاف الدولة ككل.
o
*المرحلة الثالثة: تفصيل مخطط التقسيم الجغرافي والديمغرافي (نوفمبر 2024)*
ينتقل أمهز هنا إلى تحديد ملامح الخريطة الجديدة لما بعد “الزوال”.
1. المقال المفصلي: “بحال هزمت المقاومة: استيطان إسرائيلي، سوري، فلسطيني، الشيعة إلى العراق…”
o تاريخ الإشارة إليه: نوفمبر/تشرين الثاني 2024.
o الخلاصة: يقدم هذا المقال السيناريو الأكثر تفصيلاً وكارثية لمرحلة ما بعد انهيار الدولة. الفرضية هي أن الهزيمة السياسية والعسكرية للمقاومة ستفتح الباب لعملية إعادة هندسة ديمغرافية واسعة:
ضم البقاع وطرابلس: يتم طرح فكرة توطين النازحين السوريين في البقاع وطرابلس، وهو ما يخدم مصالح دولية للتخلص من عبء النزوح، ويضع هذه المناطق فعليًا تحت نفوذ سوري مدعوم تركيًا.
التوسع الإسرائيلي: احتلال إسرائيل للأراضي حتى نهر الليطاني.
إعادة توزيع السكان: تهجير الشيعة إلى العراق وحصر الطوائف الأخرى في كانتونات جغرافية محددة.
*المرحلة الرابعة: الإنذار الأخير والإطار الزمني للتنفيذ (ديسمبر 2024)*
يمثل هذا المقال ذروة تحذيرات أمهز، حيث ينتقل من التحليل والتنبؤ إلى إطلاق إنذار نهائي مرتبط بإطار زمني محدد ومصير وشيك.
1. المقال المدمج: “أمام شيعة لبنان 50 يومًا للتغيير وإلا ستسقط مناطقهم: البقاع للسوريين، وإسرائيل قد تحتل حتى الليطاني”
o تاريخ النشر: 10 ديسمبر/كانون الأول 2024.
o الخلاصة والتكامل مع البحث:
الربط المباشر بالسياسة الدولية: يبدأ المقال بربط مباشر بين تحذيره السابق (مهلة الـ 60 يومًا) وتصريح دونالد ترامب (مهلة الـ 50 يومًا لحماس)، ليؤكد أن مصير لبنان، وتحديدًا الطائفة الشيعية، مرتبط مباشرة بالقرارات الأمريكية والإسرائيلية الكبرى، وأن الوقت ينفد.
تشخيص الفشل الداخلي: يقدم المقال تشريحًا حادًا للفشل السياسي والإعلامي لـ “محور المقاومة”. يجادل بأن انهيار مصداقية إعلامه وانقلاب الحلفاء السياسيين عليه هما الدليل القاطع على “فشل ذريع” في قراءة الواقع وإدارة التحالفات، مما جعل الطائفة معزولة تمامًا ومكشوفة أمام المخطط الخارجي.
تأكيد سيناريو التقسيم: يقوم هذا المقال بتأكيد السيناريوهات التي طرحت في نوفمبر، لكنه يضعها في سياق التنفيذ الوشيك. لم يعد ضم البقاع إلى نفوذ سوري مجرد فرضية، بل نتيجة حتمية لعدم التحرك خلال المهلة المحددة. وكذلك الأمر بالنسبة لخطر الاحتلال الإسرائيلي حتى الليطاني.
الدعوة إلى التغيير كحل أخير: يختتم أمهز بدعوة عاجلة ومباشرة للقيادة الشيعية الجديدة للتغيير الجذري، ووقف “البرامج السياسية” التي أثبتت فشلها، وإنشاء حراك سياسي واقعي قادر على “تدوير الزوايا”. هذه الدعوة تمثل إقرارًا بأن الأدوات القديمة لم تعد صالحة، وأن التشبث بها لن يؤدي إلا إلى تحقيق النبوءة الكارثية.
الخلاصة النهائية للبحث:
تتبع كتابات ناجي أمهز مسارًا تصاعديًا واضحًا. تبدأ من فكرة مجردة عن “زوال” كيان سياسي، وتتطور لتشخيص أسباب هذا الزوال في الانقسامات الداخلية والفشل السياسي، وتستشهد بمواقف دولية لدعمها، لتصل في النهاية إلى عرض تفصيلي لمشروع التقسيم الديمغرافي. ويصل هذا المسار إلى ذروته في مقاله الأخير الذي يحول التحليل إلى إنذار نهائي ومؤقت، محددًا باليوم، ومحملًا القيادات الداخلية مسؤولية المصير المحتوم في حال عدم التغيير الفوري. وبهذا، يكتمل الإطار البحثي لرؤيته التي ترى في مصير لبنان وسوريا جزءًا لا يتجزأ من إعادة تشكيل الشرق الأوسط الجديد.
١٣/٧/٢٠٢٥، ٣:٠٥ م – .: *اسباب مقولة باراك، لبنان سيعود الى الشام*
*بقلم: ناجي علي أمّهز*
عندما هبط كيسنجر في تل أبيب كوزيرٍ لخارجية أمريكا، استقبلته رئيسة وزراء إسرائيل جولدا مائير قائلةً له أثناء مصافحته: “أنت يهودي وعليك أن تعمل لإسرائيل ولليهود”. نظر إليها مبتسمًا وأجاب: “سيدتي، أنا أمريكي ووزير خارجية أمريكا، أنتمي إلى الدين اليهودي”. فردّت بابتسامة: “نحن اليهود نقرأ من اليسار إلى اليمين، فأنت يهودي ووزير خارجية أمريكا، ومهمتك هي مساعدة اليهود وإسرائيل”.
بهذه العبارة، لم يُلغِ كيسنجر يهوديته، لكنه علّم الإسرائيليين أن الدولة التي يمثلها هي أولويته، لا الحنين، ولا المذهب، ولا دمعة أمّ على جبل الهيكل.
في المقابل، سقطت أورتاغوس اليهودية في الفخ ذاته، ولكن بشكلٍ معاكس. فبدلًا من أن تكون ممثلة للدولة الأمريكية، تحولت إلى ما يشبه المتحدثة باسم إسرائيل. وذهبت بعيدًا في مهمتها، فبعد أن كانت تحمل ورقة أمريكية إلى الدولة اللبنانية، أصبحت، بتأثير من بعض السياسيين اللبنانيين، مبعوثة تسعى لتطبيق السياسة الإسرائيلية على حساب المصالح الأمريكية.
وكذلك السيد طوم باراك، اللبناني الأصل والأمريكي المهمة. هو أيضًا لم يستطع، على ما يبدو، الخروج من عباءة قوميته، مما دفعه إلى دق ناقوس الخطر علنًا، وكأنه يصرخ في وجه ساسة لا يفهمون الإشارات ولا يدركون ما يُحاك لبلدهم، محذرًا من أن لبنان “يواجه تهديدًا وجوديًا، وأنه إذا لم يتحرك، فسيصبح مرة أخرى بلاد الشام”.
ويختلف تحذير باراك عن خطاب أورتاغوس جذريًا. فعلى الرغم من أن خبرته تكمن في الاستثمار أكثر من السياسة، إلا أن إشرافه المباشر على ملف إعمار سوريا الذي تُقدّر تكلفته بأكثر من ألف مليار دولار، يمنحه اطلاعًا دقيقًا على ما يُعد للمنطقة.
بدأت القصة مع ملف إعمار سوريا، عندما ظنت روسيا أنها قادرة على إخراج إيران وحلفائها مقابل الحصول على عقود إعمار بقيمة 800 مليار دولار. لكن ترامب نجح في خداع روسيا وتشجيعها على اسقاط الاسد، واستمر في خداعه بعد تسلمه الرئاسة في حديثه عن انتصار روسيا ووقف الدعم العسكري لاوكرانيا بعد اهانة رئيس اوكرانيا علنا، سقط الاسد وسقطت سوريا في يد الامريكي، وتمكنت واشنطن زمام المبادرة. وهكذا، انتُدب باراك للإشراف على عملية الإعمار الضخمة، على أن تكون حصة الأسد (80%) لرجال أعمال أمريكيين.
ولكي تنطلق هذه العملية، يجب على النظام السوري الجديد أن يتجه نحو سلام مع إسرائيل لتبدا تدفق الاموال العربية لاعمار سوريا، وهو ما يتطلب تقديم مكافآت سياسية له. ولأن المكافأة لا يمكن أن تكون على حساب إسرائيل أو العراق، وبعد صفقة أمريكية مع تركيا والعراق على حساب الأكراد، بقي لبنان الحلقة الأضعف.
يُضاف إلى ذلك أن الحكومة السورية الجديدة، القائمة على دستور ديني، قد لا تكون قادرة على دمج العلويين أو إقصائهم دون إثارة نزاعات. ولأن الإدارة الأمريكية تريد استقرارًا كاملًا لسوريا، فقد طُرحت فكرة الدولة العلوية على امتداد الساحل، وهو ما سيفقد دمشق منفذها البحري. وهنا، تم تسريب فكرة أن تكون “طرابلس هي المنتجع البحري لسوريا”، كتعويض يبرر للنظام الجديد التنازل عن الجولان وقيام دولة علوية، والتطبيع مع إسرائيل.
وبما ان اموال الاعمار يجب ان تتركز على سوريا، بدل ان تقسم بين اعمار سوريا وغزة ولبنان، والمبلغ كبير جدا حيث يتجاوز الالفي مليار دولار امريكي.
قرر ترامب ان يطلق يد نتنياهو في غزة، وان يمنع اعادة الاعمار عن لبنان تحت حجج واهية تقوم على وضع لبنان أمام خيارين أحلاهما مر:
1. إذا سلّم حزب الله سلاحه: تكون أمريكا قد خدمت المصالح الإسرائيلية وهيمنت على لبنان دون أن تقدم أي دعم يذكر، لأن الأولوية لسوريا.
2. إذا لم يسلّم حزب الله سلاحه: ستقول أمريكا للبنانيين “حاولنا مساعدتكم لكنكم رفضتم”، وسيتم وقف الدعم والاعمار عن لبنان.
الأمريكيون غير متضررين من الفوضى في لبنان، فإن حصلت، ستُطبّق نظرية كيسنجر بأن لبنان “خطأ جغرافي”، فيذهب بعضه لسوريا والبعض الآخر لإسرائيل.
كما إن “تلزيم” الملف اللبناني لسوريا هو أحد السيناريوهات التي تعمل عليها أمريكا. لقد نجحت سابقًا بدعم حافظ الأسد عندما فوّضته بالقضاء على المنظمات الفلسطينية والقوى المسيحية لتصدير أزمته الداخلية الى لبنان. واليوم، يهمها مساعدة النظام السوري الجديد على تصدير أزمته وتداعيات التطبيع، من خلال تفويضه مجددًا بالملف اللبناني، ليقوم بضرب من يرفض الشروط الأمريكية والإسرائيلية خاصة الشيعة والفلسطينيين المعارضين لحكومة اوسلو، تمامًا كما فعل حافظ الأسد في الماضي، وبذلك تكون الحكومة السورية الجديدة استطاعت تصدير ازمتها والحصول على مداخيل مالية جديدة من الاسواق اللبنانية والشعب اللبناني مما ينعش اقتصادها، وتعويض الودائع السورية التي وضعت في المصارف اللبنانية، وتحرير السجناء، وتشريع بقاء النازحين السوريين وتحويل اللبنانيين الى نازحين ومهجرين في العالم كما حصل مع الموارنة عندما تم تهجيرهم في اصقاع الدنيا.
كما ان امريكا كما حكومة الشرع يهتمون بالتخلص من المرتزقة المتشددين غير السوريين الذين قاتلوا في صفوف جبهة النصرة، والمكان الافضل للقضاء عليهم بعيدا عن سوريا هو اقحامهم بحروب مع المقاتلين اللبنانيين وفي طليعتهم الطائفة الشيعية، مما يعني اصابة عدة عصافير بحجر واحد.
اما اسرائيل فتقدم الجزء اللبناني الذي اصبح ملكها لعرب 48 اضافة الى بعض الغزاويين واهالي الضفة وبذلك تحل جزء كبير من مشكلتها الوجودية على حساب لبنان وشعبه.
هذا سبب صراخ طوم باراك بوجه اللبنانيين الغارقين باحلام التحاصص الطائفي والمذهبي.
١٤/٧/٢٠٢٥، ٣:٤١ م – .: *لماذا غالبية السوريين يكفرون الدروز وجواز قتالهم؟*
*ناجي علي أمهز*
البداية حتمًا: المعركة اليوم بين دروز سوريا وما يُقال عنهم “البدو السوريين” ليست معركة بسبب خلاف على رعاية الأغنام، أو لأن الماعز أكلت زرع بدوي. المعركة هي مجتمعية، دينية، سياسية، وإن حاول البعض تسخيفها تحت مقولة: “العشائر تقاتل الدروز”.
كان دروز السويداء يضغطون على إسرائيل من أجل معالجة وتطبيب جراح مقاتلي “جبهة النصرة”، كما أن الدعم الذي قدمه الدروز في القتال وعلى المستويات السياسية والإعلامية والمالية للجبهة ضد نظام الأسد كان بلا حدود.
وما قام به فيصل القاسم، وهو درزي، على مدار عقد من الزمن من تهجُّم وتحريض للرأي العام العربي عامةً، والسوري خاصةً، والدرزي تحديداً، على كل أعداء “جبهة النصرة” هو أيضاً أمر لا يمكن حصر تأثيره. نحن نتحدث عن شخص قدَّم أكثر من ألف مقابلة ومقال دافع فيهم عن “جبهة النصرة”.
في الختام، ماذا كانت النتيجة؟ بعد وصول “جبهة النصرة” الى الحكم في سوريا، كان أول فريق تم إقصاؤه وتهميشه ومحاربته ومحاولة إذلاله هم أهالي السويداء أنفسهم، الذين قدموا كل ما يملكون من أجل وصول النصرة إلى السلطة.
بل هناك خطورة لا يلتفت إليها أحد، فمنذ وصول ما يمكن تسميته “حكومة الأمر الواقع” الدينية في سوريا، وخلال سبعة أشهر فقط، سقط للدروز ما يقارب 700 شخص بين قتيل وجريح، إضافة إلى أكثر من 100 اشتباك مسلح على حدود السويداء ومع عشائر المنطقة، فضلاً عن ثلاث معارك كبرى، منها التي تجري اليوم.
عندما نتحدث عن هذا العدد من القتلى والجرحى خلال 200 يوم فقط، فهذا يعني أنه يومياً يسقط ثلاثة أشخاص بين قتيل وجريح من الطائفة الدرزية. وعندما نتحدث عن هذا العدد الكبير من الاعتداءات، أي مئة اشتباك وثلاث معارك كبرى خلال مئتي يوم فقط، فهذا يعني أن الدروز يعيشون فعلياً حالة إبادة وحرباً كبرى ضدهم.
السؤال الأول: أين فيصل القاسم مما يجري لعشيرته مباشرة؟ أم أنه فقد القدرة على قراءة الأرقام والتحليل الاستراتيجي؟
السؤال الثاني: إذا كان هذا هو ما يعانيه الدرزي السوري الذي قدَّم كل شيء لوصول “جبهة النصرة” إلى الحكم، فلم يعد أمامه إلا المطالبة بالحكم الذاتي، لأنه مهما فعل وقدَّم، سيعيش في النهاية هذا الاضطراب الاجتماعي والسياسي في دولة دينية لا يمكن أن تعترف به أو بغيره من الأقليات.
مما يعني أن دروز سوريا قد أصبحوا فعلاً خارج حسابات سوريا المستقبلية. حتى لو تم تطييب خاطرهم اليوم، سيُقتلون غداً، ثم يتم تطييب خاطرهم مجدداً، وهكذا يستمر الأمر إلى ما لا نهاية، مما يصيب الطائفة الدرزية بحالة انهيار اجتماعي على كافة المستويات الاقتصادية والتعليمية. إضافة إلى أنهم اليوم منبوذون في سوريا، رغم محاولة أحدهم الخروج بتصريح ليس لإرضاء دروز سوريا، بل لتطمينات خارجية.
اليوم، هناك آلاف التغريدات والمنشورات من رجال دين وسياسيين، سوريين وغير سوريين، يصنفون الدروز بأنهم “كفار”. وحتى السوريون الذين يريدون أن يتميزوا عن الخطاب الديني، يصنفون الدروز بأنهم “خونة وعملاء لإسرائيل”.
الخلاصة:
لا يمكن لدروز سوريا الاستمرار أو البقاء أو حتى العيش في دولة دينية مثل سوريا المستقبلية، لأن الدروز لا يسعون إلى التبشير بدينهم، وبالمقابل فإن الدولة الإسلامية السُّنية لا تقوم إلا على تشريعاتها الدينية، ومنها أن غير المسلم إما أن يدفع الجزية أو يُشهر إسلامه. هذا الأمر (الجزية وإشهار الإسلام) هو في الحالات الطبيعية جداً وعندما تكون الدولة الدينية مستقرة. أما في حالات النزاع والحروب، فإن وضع غير المسلمين يكون مختلفاً تماماً.
والمشكلة أنه حتى لو أراد الدرزي اعتناق الإسلام السُّني والتخلي عن عقيدته الدرزية، لن يكون أمامه خيار مرة أخرى للخروج من الإسلام والعودة إلى دينه، لأنه بحسب رأي جمهور الفقهاء في المذاهب الفقهية الأربعة (الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة)، فإن عقوبة المرتد البالغ العاقل عن الإسلام الذي لم يتب هي القتل.
يعني في سوريا الإسلامية المتشددة، إن كنت خارج الدين الإسلامي فأنت مهدد بالقتل او التكفير مما يبيح دمك او يسفه دورك ومكانتك في الحياة الاجتماعية مما يعني قتلك معنويا، وإن كنت داخل الإسلام وقررت الانتقال إلى دين آخر أو ربما أن تصبح لادينياً، فإن عقوبتك أيضاً هي القتل او التكفير. بصريح العبارة، في سوريا الإسلامية المتشددة، لا مكان للمسيحيين ولا العلويين ولا الشيعة ولا الدروز والإسماعيليين وغيرهم من الأقليات. هذا هو دستور سوريا ونظامها الجديد.
وهناك أمر آخر معروف تاريخياً وعلمياً، وهو أنه لا يوجد عرق عربي أنقى من عرق أبناء الطائفة الدرزية، لأنهم بنسبة 99% لم يختلطوا أو يتناسلوا أو يتزوجوا من خارج طائفتهم الدرزية العربية.
يعني أنه لا يوجد اي عربي يقدر ان يزايد على عروبة الدروز، كما لا يوجد اي راي في العالم يستطيع ان يقول بان حرب الدروز دينية وطائفية، لان الدرزي لا يقاتل أحداً من أجل الدين، فمهما كانت ديانتك لا علاقة له بك، لأنه أصلاً لا يدعو أحداً لاعتناق دينه، ولا يقاتل أحداً لأنه ضد ديانته. وهذا الأمر يجعل من المستحيل على الدروز العيش في كنف أي دولة دينية. لذلك، لم يعد أمامهم إلا الانفصال عن سوريا الدينية، أو أن تعود سوريا دولة علمانية تتسع لكل أبنائها.
الختام، الدروز اليوم أمام مفصل تاريخي: إما أن يعلنوا دولتهم، وإما أن يغادروا سوريا للابد.
واعتقد اليوم ان كل اقلية خسرت سورية المدنية، هي تعيش الندم والى ما وصلت اليه الامور في سوريا وربما غدا في لبنان وبعدها العراق.
١٥/٧/٢٠٢٥، ١٠:٢٦ ص – .: *أحمد الزين… النجم الذي يحدق بالشمس، ليجسد قصة وطن*
*ناجي علي أمّهز*
أن ندعو أحمد الزين “ممثلًا” هو أن نُصغِّر الظاهرة ونكتفي باللقب دون الجوهر. فهذا الرجل لم يأتِ ليمارس مهنة، بل ليؤدي شهادة. هو الجنوبي الذي لم يمشِ في أزقّة الوجع، بل كان هو الوجع ذاته وقد مُنِح صوتًا ووجهًا. كأن القدر اختاره لا ليعيد تمثيل الحكايات، بل ليقف شاهدًا أخيرًا على حقيقتنا قبل أن تذروها رياح الحداثة الزائفة.
يا لهذا الرجل اللبناني المكتمل الذي جاء ليؤرّخنا نحن، أهل هذه الأرض اللبنانية، بشخصياتنا المنسيّة في زوايا البيوت والدروب التي غنّت لها فيروز ونصري شمس الدين وزكي ناصيف، وكتب عنها جبران خليل جبران وميخائيل نعيمة، واستشهد لأجلها رجالٌ كانت رحلتهم على الأرض قصيرةً ليظلّ لبنان.
أحمد الزين هو ماضينا الذي يرفض أن يموت، وحاضرنا الذي يقاوم النسيان، والمستقبل الذي يطرح السؤال الوجودي: ماذا يتبقى منا حين نخلع عنا جذورنا؟
في عالم التمثيل الذي يقدّس القناع، جاء الزين إلى الشاشة بروحه العارية، بقلبه الحافي. لم يكن “يمثّل”، بل كان “يشهد”. هناك فرقٌ جوهري بين من يتقمص دورًا ومن يصبح هو الدور، بين من يبكي بالتقنية ومن تنزل دمعته كقطرةٍ من نبع الذاكرة الجماعية. دمعته هي دمعة الأمهات الصابرات، وصرخته هي صدى غضب الآباء المقهورين.
حين كان يضحك، لم تكن ضحكته أداءً كوميديًا، بل كانت فعل مقاومة فلسفي؛ انتصار مؤقت للحياة على سطوة المأساة، وتأكيد على أن الإنسان، حتى في أحلك الظروف، قادرٌ على سرقة لحظة من الفرح ليثبت وجوده.
وُلِد في شحور، لا في مكان، بل في رحم المبدأ. لم يتعلّم في معهد مسرحي، بل تخرّج من مدرسة جبل عامل، حيث الحجارة تُعلّم الصمود، والتراب يمنح الهوية. لذلك، حين وقف أمام الكاميرا، لم يستدعِ نصًا مكتوبًا، بل استدعى أرواح الأجداد. “أبو حسين” في “الغالبون” لم يكن شخصية درامية، بل كان النموذج الأصلي (Archetype) للأب الجنوبي؛ ذلك المزيج من الحنان والصلابة، الذي يحمل بندقيته بيدٍ ومسبحته بالأخرى، وفي عقله إنجيلٌ وقرآن، وفي قلبه مسجدٌ وكنيسة، فهو لكل اللبنانيين.
وهنا تكمن عبقريته الفطرية؛ لم يكن بحاجة لدراسة شكسبير ليجسّد التراجيديا، فقد تعلّم كيف يقف صامدًا في وجه مصاعب الحياة. ولم يحتج أن يكون “روبرت تايلور” ليعيش الرومانسية الغربية، فالحب في عالمه أنقى وأرقى. كان رفضه لقبلة درامية بيانًا فنيًا مفاده أن الفن الذي يفقد حياءه يفقد روحه، وأن الجسد على الشاشة يجب أن يخدم الحقيقة لا الغريزة. وحين قبّل التراب، لم يكن يؤدي مشهدًا وطنيًا، بل كان يمارس طقسًا وجوديًا، يعيد به وصل ما انقطع بين الإنسان وأرضه.
في زمن يطارد فيه الفنانون “الترند” سريع الزوال، كان الزين يطارد الحقيقة الخالدة. لم يقل “أنا الممثل العظيم”، بل قالت كل تجعيدة في وجهه: “أنا تاريخكم الذي لا يزال يتنفس… أنا ضميركم الذي يرفض أن ينام. أنا والدكم وجاركم، وذلك العجوز الذي لا يطلب شيئًا سوى أن يعيش بكرامة، أو يستشهد لأجلها. أنا ابن البلد”.
مواقفه لم تكن تصريحات عابرة، بل كانت أعمدةً راسخة، كشجرةٍ جذورها في الجنوب وفروعها ظلٌّ فوق العالم العربي. إنه بوصلة في زمن الضياع، وجدار طيني في وجه طوفان الخيانة والتسطيح، نحتمي به لا من المطر فقط، بل من الخذلان.
في إنجلترا، يقرأون “هاملت” ليفهموا التردد والشك. أما نحن، فيكفي أن نشاهد نظرة من عيني أحمد الزين لنفهم معنى الثبات واليقين. هاملت كان أميرًا ضائعًا، أما الزين فهو فلاحٌ متجذّر يعرف طريقه جيدًا.
قد لا يحمل أحمد الزين جائزة أوسكار، والسبب أنه أكبر من مجرد ممثل. هو فنانٌ عظيمٌ جسّد ملامح شعبه في ذاكرة الأمة، فصار صورةً خالدة تُعزف لها سيمفونية الأبطال مع النشيد الوطني، حيث يقف الجميع احترامًا لأدوارٍ كرّست القيم والحقيقة.
في النهاية، أحمد الزين ليس ممثلًا… إنه ذاكرة وطنٍ تجسّدت في رجل، وحارسٌ أمين على حكايتنا التي لم تُروَ بالكامل بعد.
في أعماله، جعلنا نُحبّ الفقراء دون شفقة، ونحترم البسطاء دون تعالٍ. قدّم الجنوبي لا كمجرد مقاتل، بل كفيلسوف. وعلّمنا أن الموقف والمقاومة ليست سلاحًا فقط، بل موقفٌ وجبينٌ لا ينحني.
احمد الزين هو الذي يحدق بالشمس كالنجم في السماء، والبيروتي والجنوبي والطرابلسي والبقاعي وابن جبل لبنان كما أنه ابن جبل عامل.
نقل عن كل اللبنانيين حبهم لبعضهم وعاداتهم وفلكلورهم الذي يجمع،
وكأنه يحارب دعاة الفتنة والتقسيم بأسلوبه الذي هو أبلغ من ألف خطاب سياسي فارغ.
أحمد الزين هو الفن حين يكون مقاومة،
هو التمثيل حين يكون حياة،
وهو الحياة… حين ترفض أن تُصبح تمثيلًا.
١٥/٧/٢٠٢٥، ٦:٤٣ م – .: *وليد بيك جنبلاط… هيدا جيش الجولاني في سوريا ليس في سويسرا*
*بقلم ناجي علي أمهز*
وليد بيك، قبل قراءة هذا المقال، أرجو من حضرتك أن تدخل إلى منصة “إكس”، وتكتب فقط كلمة “الدروز” باللغة العربية. عندها ستدرك سبب هذا المقال، وتعذرني، كما ستعذرني كل الأقليات التي ستعرف ماذا ينتظرها في هذه المنطقة التي تُستباح فيها كرامات الناس، وترى حجم الإذلال والمهانة التي يتعرض لها مشايخ الدروز، وكيف تُحلَق شواربهم علنًا على وسائل التواصل، فضلًا عن حجم التحريض والتكفير الذي يُمارَس ضدهم.
وليد بيك، هل تسمع ما يُقال عن أبناء الطائفة الدرزية الذين يسلمون أنفسهم للدولة السورية؟ إنهم يُوصَفون بأسرى حرب، هل يعقل ان يتحول المواطن السوري من قبل ما يسمى الجيش السوري اسير حرب.
وليد بيك، أتمنى ألا تفهم كلامي خطأ أو أنه مزايدة أو حتى مقال لأرشد فيه بني معروف على طريق خلاصهم، فهذه الطائفة العظيمة الغارقة في الفلسفة وفهم العلوم وقراءة المستقبل قبل قرون طويلة من وضع أسس المعرفة، هي طائفة الحكمة التي يعترف الجميع بمكانتها الفكرية والفلسفية.
المشكلة يا وليد بيك أن طائفة الموحدين هي الطائفة الأولى التي كسرت قيد التشدد الإسلامي قبل قرون وتمردت على أفكار ونصوص كانت تعرف أنها ستؤدي بالعرب والمسلمين إلى الحضيض مع تطور البشرية. وعندما عجز العقال والمشايخ عن إحداث فرق بعد تكفير الدروز من قبل ابن تيمية الذي اعتبر “أن للدروز درجة عالية من الكفر، إلى جانب ارتدادهم. وبالتالي، فهم ليسوا جديرين بالثقة ولا ينبغي أن يُغفر لهم. وعلّم أن المسلمين لا يمكنهم قبول توبة الدروز ولا إبقاؤهم على قيد الحياة، ويجب مصادرة ممتلكات الدروز، واستعباد نسائهم” (ويكيبيديا وعشرات المصادر)، أيقن بنو معروف أنهم لن يستطيعوا التعايش مع هذه الفئات لشدة ضررها عليهم وعلى توجهاتهم المدنية في العالم، فقررت طائفة الموحدين الانغلاق على نفسها مع الإصرار على أن تبقي شعلة العقل متقدة، وإن كان هذا الأمر تحت تقية لا يحبها بنو معروف، وهم الذين ميزوا أنفسهم بعاداتهم وتقاليدهم وزيهم على مر التاريخ.
الفكرة يا وليد بيك أنه لو كان بنو معروف يريدون التعايش مع التشدد الإسلامي وأن يكونوا تحت حكمه أو راضين بأسلوبه، لما انفصلوا عن الإسلام المتشدد قبل 700 عام، وكذلك الشيعة والإسماعيليون وحتى المسيحيون الذين تعرضوا لأصعب أشكال التنكيل والضرب والقهر والظلم. ولكن لأن هذه الفئات الأقلية تعرف أن ذوبانها في هذا الفكر المتشدد لن يلغي فقط دورها، بل سيلغي ملامحها وحاضرها وحتى مستقبلها.
وليد بيك، حتى في عصر حافظ الأسد، الذي شهد حكمه تنوعًا طائفيًا في سوريا حيث شارك الجميع معه من مسيحيين وعلويين ودروز، مع ذلك لم يستطع الكثير من السوريين العيش في سوريا. أما اللبنانيون فقد خاضوا حروبًا ضد الوصاية السورية التي أذلت اللبنانيين ونكلت بهم. جميعنا نذكر أنه ما من حاجز للجيش العربي السوري تمر عليه، حتى يقول بكل قرف واستهزاء وتعالٍ: “ولك حقير… هواوي”، وأنتم أكبر قدرًا.
وليد بيك، حتى الجيش السوري الذي كان ضباطه من مختلف الطوائف السورية، كان يتصرف مع الموقوفين اللبنانيين بوحشية لا يمكن وصفها، وربما لا يوجد لبناني واحد إلا وتعرض لانتهاكات جسيمة يندى لها الجبين الإنساني.
جميعنا نذكر عندما كان الجيش السوري يعتقل بعض الشباب اللبناني، ويبدأ بالتنكيل والتعذيب بهم أمام ذويهم، وتهشيم عظامهم ويُرحّلون إلى سوريا في رحلة ذهاب دون عودة.
هكذا كانت سوريا التي كان يقال عنها مدنية. فكيف تتصورها اليوم وقد تحولت الى سوريا المتطرفة بسبب غالبية قيادتها القوقازية والشياشانية والافغانية، الغريبة عن مناطقنا وتعايشنا وعاداتنا وتقاليدنا.
وليد بيك، عندما تقول: “مسؤولية الدولة حماية المواطنين وللتوصل إلى حل سياسي في السويداء”، وكأنك تقول لأهالي السويداء الذين يعيشون في سويسرا، وليس في سوريا.
وليد بيك، لو كانت الأقليات تعيش في سويسرا، وحدث أن أقدم أحد أبنائها على خرق القانون، لكنا جميعًا ـ بلا تردد ـ نتفق معك، ونقول: نعم، يُحاسَب، ويُحاكَم، ويُسجَن إن لزم الأمر. ففي سويسرا، يُعتقل الدرزي، أو الشيعي، أو العلوي، أو أي مواطن، ويُتلى عليه ما يُعرف بـ”حقوقه المدنية”، من حقه في الصمت، إلى حقه في محامٍ، إلى مثوله أمام قاضٍ مدني، لا يعرف طائفته، ولا يهتم لأصل مذهبه ودينه.
لكن المشكلة أن الحديث ليس عن سويسرا، بل عن سوريا. سوريا التي يمثلها “جيش الجولاني” إلذي دخل الساحل السوري، فلم نرَ قوانين، ولا حقوق إنسان، ولا محاميًا ينتظر خلف القضبان. رأينا مشاهد تعيدنا إلى عصور ما قبل الدولة، إلى زمن الغزاة الذين لا يعرفون إلا حكم الغنيمة والسيف. رأينا المواطن السوري العلوي، أو الإسماعيلي، أو المسيحي، يُعتقل في قريته، يُساق مقيدًا، لا ليسمع حقوقه، بل ليسمع تلاوة “الشهادتين”، كأنهم يحاولون إرغامه على تذكرة دخول للآخرة لا تعترف بمذهبه ولا دينه. ثم يُنفَّذ فيه “الحكم”، إما نحرًا كأنهم يذبحون بهيمة، أو ركلًا حتى الموت، كأن جسده لا يستحق رصاصة. رأينا جماعات تحمل السلاح بلا قانون ولا يعترفون بالاقليات، يذبحون، ويمثّلون بجثث القتلى، ويعلّقون الرؤوس على أسوار القرى، كأنها مشاهد مستخرجة من كوابيس التاريخ المرعبة البربرية الوحشية الظلامية.
في سويسرا، قد يُسجن المتهم، لكن لا يُكسر إنسانيًا. أما في سوريا الجولاني، فالقتل ليس النهاية، بل البداية: بداية التمثيل، بداية الرعب، بداية عصر لا قانون فيه سوى قانون الغاب. الدولة هي التي تحترم مواطنيها الفقراء قبل الاغنياء والضعفاء قبل الاقوياء، والاقلية المغلوب على امرها قبل الاكثرية، ليست الدولة التي ترى في الاختلاف مبررًا للعقوبة، وفي الاختلاف السياسي جريمة، وفي الآخر كفرًا يستحق القتل.
وليد بيك، هذا المقال أرجو أن تقبله بكل محبة ومعرفة ونبل كبير منك، لأننا أبناء حقل من السنابل والعشيرة الكبيرة التي تجمع المعرفة، وأكتبه لحضرتك في ورقة بيضاء ومن قلب ابيض وعقل متنور اعتلى السلالم وان لم اصل الى عتبة العمر#. لأقول لحضرتك بأنني لست مع ما تفضلت به، مع أنني في بادئ الأمر كتبت ووقفت إلى جانبكم وشجعت على طروحاتكم لأنني أعرف مكانتكم الكبيرة في العالم، لكن يبدو أن ما تحدثت فيه مع الشرع ذهب ادراج الرياح المحيطة فيه في دولة تحكمها عقليات لعرقيات البانية وشيشانية وقوقازية غريبة عنا.
وليد بيك جنبلاط، المهم بقاء الحرية الفردية ولا تنحر مرتين على محراب التاريخ والمستقبل.
١٧/٧/٢٠٢٥، ١:٤٧ م – .: *حين اشتقنا أن نحب بعضنا انا لست شيعيا، ولا دروز سوريا دروز.*
*بقلم: ناجي علي امهز*
في البدء، كان هذا الشرقُ متسعًا للمحبة، كان شرقًا ليسوع الذي ناجى من فوق خشبة الألم: “يَا أَبَتَاهُ، اغْفِرْ لَهُمْ، لأَنَّهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ مَاذَا يَفْعَلُونَ”، وأوصى قائلًا: “أَحِبُّوا أَعْدَاءَكُمْ. بَارِكُوا لاَعِنِيكُمْ. أَحْسِنُوا إِلَى مُبْغِضِيكُمْ، وَصَلُّوا لأَجْلِ الَّذِينَ يُسِيئُونَ إِلَيْكُمْ وَيَطْرُدُونَكُمْ”.
وكان شرقًا لعليٍّ بن ابي طالب الذي رأى في الإنسان قسيمَ روحٍ، فقال: “إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكَ أَخًا فِي الدِّينِ، فَهُوَ نَظِيرٌ لَكَ فِي الْخَلْقِ”.
أمّا اليوم، فقد غدا هذا الشرقُ أسيرَ عقلٍ تلموديٍّ، لا يرى في الآخر سوى “غوييم”، حيوانٌ صاغه الربُّ في هيئة بشرٍ لخدمة سادته. وغدا للشرقِ شريعةٌ أخرى، تُستلُّ من فتاوى ابن تيمية التي اعتبرت الدروز والنصيرية “كفارًا مرتدين، لا تحل ذبائحهم ولا نكاح نسائهم، ولا يُقرّون بالجزية”.
والعجبُ أن من يستلّون سيف التكفير هذا، يتجاهلون أن ابن تيمية نفسه، على تشدده، لم يرمِ عوام الشيعة بالكفر المطلق، بل رأى في جهلهم عذرًا، وأقرّ في أواخر أيامه أنه لا يكفّر أحدًا من أهل القبلة. وحين ناظر المسيحيين، ورغم نقده العقلي اللاذع للتثليث والصلب، دعا إلى محاورتهم بالحكمة، بل وطالب بإطلاق سراح أسراهم من يد التتار، معتبرًا إياهم أهل ذمة. فظلَّ الرجل نفسه بين صرامة الفكر ورحابة الموقف الإنساني.
في هذا الزمن الذي استحالت فيه العيون بنادق، والكلمات مقاصل، أبحرُ في فضاء السوريين الأزرق، فتصطدمُ عيني ببحرٍ من الحقد، تتقاذفُ أمواجُه جثثَ الكلمات. أرى دروز سوريا يُسحَلون على الشاشات، يُرجَمون بالمنشورات، تُهدَمُ كراماتُهم بهاشتاغ. لم يعد القتلُ فعلَ بارودٍ، بل صار فعلَ كلمة، واغتصابًا بالمنشور، وهدمًا بالوسوم.
والعلويون؟ والشيعة؟ كلُّ من لا يُشبه لون القطيع، أمسى مشروعَ مذبحة.
لم أعد أفرّق بين صورة مقاتلٍ يحمل سيفًا من حديد، وصورة متصفّحٍ يجرّد سيفًا من حقد. ولكن، هل سأل سائلٌ عن حال الدروز؟ هل تُرى يقاتلون لأنهم مهمّشون، أم لأنهم خرجوا من دفاتر السياسة وقد قدّموا كل شيء ولم يبقَ لهم شيء؟ هل تنزف السويداء لأنها تتألم، أم لأنها “كافرة”؟
هذا البغضُ ليس وليدَ معركة، بل هو إبليسُ هذا العصر، وُلِدَ من رحم الشرقِ المكلوم، وصار يمشي على قدمين، ويغرّد من حساباتٍ وهميّة. اليوم، تُستلُّ فتاوى غابرة ضد أناسٍ لا يهدّدون أحدًا، لا اقتصادًا ولا ديمغرافيا ولا عددًا. كلُّ جريمتهم أنهم مختلفون، فصار قتلهم واجبًا، وسبي نسائهم غنيمة، وهدم بيوتهم نصرًا مبينًا.
أيُّ انهيارٍ أخلاقيٍّ هذا؟ وأيُّ انحطاطٍ يجعل سوريا تبتلع أبناءها، وتتقيأ تنوّعها؟ لم تعد المسألة حربًا بين رابحٍ وخاسر، بل مجزرةً في وجدان الوطن، لن ينجو منها أحد.
أنا مفطور القلب. على الدروز، على العلويين، على أطفال الشيعة الذين غادروا بيوتهم. والأشد حزنًا على هذا السوري الذي لم يعد يرى في ابن وطنه أخًا، بل كافرًا يستحق الذبح.
كانت بلاد الشام مهدًا للحضارات، وها هي اليوم تُصبح لحدًا للأقليات. لم ينجح العدو في تقسيمكم بالدبابات، فنجح بتقسيمكم بالمنشورات. كانت كلمة “كافر” تُطلق على الغازي، وصارت تُطلق على الجار.
وحتى خطاب الدولة لم يعد يليق بدولة. هل استحالت دمشقُ، عاصمةُ الأبجديات والقرار، مجرّد مكتب علاقاتٍ عامة يشكر واشنطن على جهودها في المساهمة بحل ازمة وطنية داخلية، الاجدر بالوطن حلها.
أيها الشرق… أنت لم تعد هنا. لقد أرجعَنا الزمنُ القهقرى إلى عام ألفٍ وخمسمئة، وها هم السلاجقة يتهيؤون لخلع رداء التاريخ، والمماليك يلوّحون براياتهم السوداء.
نداءٌ إلى ما تبقّى من أقمارٍ في سماوات لبنان وسوريا والعراق: من يحرّض على طائفة، إنما يذبح طائفته بيديه. فالتاريخ لا يرحم، والجغرافيا تلتهم الصغار. اتركوا هذا الهذيان، وعودوا إلى لحظةٍ واحدةٍ فقط: لحظة “اشتقنا نحب بعضنا”… قبل أن نفيق على شرقٍ بلا حب، وبلا تعدد، وبلا بشر.
وختامًا، يا أمريكا، ويا أوروبا، افتحا لنا بواباتِ المنفى. أخرجونا من أرضٍ لم تعد لنا، أرضٍ تحوّلت إلى مقابر جماعية لأجسادٍ بلا رؤوس، قُطعت باسم الدين. دعوا هذا الشرق لإسرائيل والتطرّف، فهما وجهانِ لعملةِ إجرامٍ واحدة، ودينٌ تلموديٌّ واحد. دعوا هذه الصحراء القاحلة لزهورها وفراديسها القليلة، دعوا هذه العصافير والفراشات تنجو في زمن الديناصورات.
دعونا نعيش، أو دعونا نرحل، وإلا فليبقَ هذا الشرقُ ساحةً للوحوشِ، فلا شيءَ ههنا غير القتل والموت والفناء.
١٨/٧/٢٠٢٥، ٧:٤٠ م – .: *فريد الأطرش رمزًا، وفيصل القاسم تهمة… المصريون مع الدروز، وبعض السوريون يهاجمون.*
*بقلم ناجي علي أمّهز*
من يتابع منصات التواصل الاجتماعي في الأيام الأخيرة، يلاحظ بوضوح موجة من التهجم من قبل عدد كبير من السوريين على النخب والإعلاميين المصريين، الذين دافعوا وعبّروا عن احترامهم العميق لطائفة الموحدين الدروز، ولدورهم الريادي في مسيرة العروبة والنضال الوطني.
وللأسف، يبدو هذا السلوك غريبًا ومنبثقًا من شريحة واسعة من السوريين الذين أعمت الطائفية عقولهم، فشوهت إدراكهم للقيم الوطنية، وأطفأت فيهم نور المحبة، ودفعتهم إلى إنكار حقائق تاريخية راسخة، كان يُفترض أن تكون محل إجماع.
المصريون، كما سائر الشعوب العربية، يدافعون عن طائفة الدروز من موقع الوفاء، لا من باب المزايدة، وهم ينظرون إليهم بعين الإجلال لأنهم يعرفونهم من خلال رمزين كبيرين:
أولهما، الأمير سلطان باشا الأطرش، الزعيم المقاوم الذي قاد الثورة السورية الكبرى ضد الفرنسيين عام 1925.
وثانيهما، الأمير فريد الأطرش، الموسيقار الذي غادر مع عائلته إلى مصر هربًا من بطش الاحتلال، ليصبح لاحقًا أيقونة في تاريخ الفن العربي، وهو ابن العائلة المعروفية التي كانت تُلقّب في الصحف المصرية بـ “أمراء الشام ولبنان”.
لقد نشأ الشعب المصري وهو يقرأ عن فريد الأطرش، ويستمع إلى صوته، ويتعرف من خلاله على جبل العرب، وعلى طائفة اشتهرت بالحكمة والصدق والوفاء والتسامح، فكيف لا يدافع عنها؟
لكن في المقابل، يواجه هؤلاء المصريون هجومًا مضادًا من سوريين يستندون إلى خطاب تحريضي متطرف أطلقه وروّج له الإعلامي فيصل القاسم الدرزي الذي قام بالتحريض على العلويين.
فالتغريدات والتصريحات المتداولة له بحق الطائفة العلوية، والتي استخدم فيها ألفاظًا لا تُقال في حضرة عدو، أصبحت اليوم مرجعًا يلوّح به بعض السوريين للتشهير بالدروز، ووصمهم بالخيانة والطعن في وطنيتهم، وكأنهم في خصومة مفتوحة مع من لم يسيء إليهم يومًا.
نشر فيصل القاسم، بالصوت والصورة، تصريحات يتحدث فيها عن استطلاعات تطالب بـ “خوزقة” العلويين و”محوهم”، واستمر في سيل من التحريض الطائفي الذي لو جرى في دولة تحترم نفسها، لكان سببًا كافيًا لمحاكمته، أو على الأقل طرده من أي منبر إعلامي يدّعي المهنية.
والمفارقة المؤلمة أن هذا الشخص نفسه، الذي أمضى سنواته يزرع الفتنة ويؤجج الكراهية، عاد اليوم ليتحدث عن نفسه كمنقذٍ للدروز، مدّعيًا أنه يجري اتصالات يومية مع قيادات العالم لحمايتهم، في تناقض يصل إلى حد الوقاحة.
إن الطامة الكبرى ليست في فيصل القاسم نفسه، بل في أن بعض السوريين يتبنّون خطابه ويعيدون تدويره، لا لشيء إلا ليحاربوا به طائفة الدروز، وهي الطائفة التي ينتمي إليها القاسم نفسه. فهم لا يعرفون الدروز من خلال سلطان الأطرش، ولا من خلال عروبتهم العميقة، بل فقط من خلال صورة مشوهة اختلقها شخص فقد مصداقيته لدى أبناء طائفته أنفسهم، فما بالك ببقية أبناء الطائفة الذين من المرجح أن يعلنوا مقاطعته والبراءة منه، لأنه تجاوز كل حدود العقل والكرامة.
ومن عجائب الزمن وتقلبات الدهر، إن الافعال نفسها التي كان يطالب فيها القاسم ان تمارس ضد العلويين، والكلمات ذاتها التي استخدمها فيصل القاسم للتحريض على العلويين، تستخدمها اليوم مجموعات متطرفة – كان يدعمها القاسم بنفسه – للتبرير هجومها على طائفة الدروز.
فالدروز هم أبناء الحكمة والمحبة والصفاء، وهم الذين لم ينجروا إلى الغلو، ولم يرفعوا راية طائفية على حساب الوطن. دينهم محفوظ، لا يُبشّر به ولا يُفرض على أحد، لأن في باطنه سرًا لا يصل إليه إلا من اجتمعت فيه مكارم الأخلاق.
لذا، أناشدكم التبرؤ من فيصل القاسم، لأن انتماءه لجنابكم الكريم العريق أصبح وصمة عار يستخدمها الكثير من السوريين للتحريض عليكم.
ويمكن لأي مختص من إخواننا الدروز مراجعة وسائل التواصل الاجتماعي ليدرك عمق الجرح الذي أحدثه فيصل القاسم في وعي الشعوب العربية، وخاصة السورية، بأسلوبه وكلماته النابية والتحريضية، والتي تبتعد كل البعد عن قيم أهل الحكمة والمعرفة والبلاغة في طائفة الموحدين.
اليوم كل روح تسقط في السويداء سببها خطاب فيصل القاسم وامثاله وكل من دعمهم من فصائل متشددة بتحريض طائفي انفجر بوجه الاقليات ومنها الطائفة الدرزية بني معروف.
١٩/٧/٢٠٢٥، ١:١٥ م – .: *الحرب على دروز السويداء، غيرت معادلة الاقليات بالمنطقة، وهي رسالة للبنان*
*بقلم: ناجي علي أمهز*
دعونا نتحدث بصراحة ودون مواربة أو لبس للكفوف. ما شهدته السويداء مؤخرًا ليس مجرد حادثة أمنية عابرة، بل هو كشف فاضح لمخطط يُراد منه إعادة رسم خريطة العالم العربي ليعود خاليًا من الأقليات، تمامًا كما كان قبل قرون. وهذا الإنذار لا يخص الدروز وحدهم، بل يطال كل الأقليات، بما فيها المسيحيون.
اليوم، في ظل المتغيّرات التي تعصف بخرائط العالم العربي، وانهيار منظومة الدول التي كانت تحترم القانون والحدود الدولية، لم يعد هناك ما يُسمّى “طوائف قوية” أو “طوائف فاعلة”.
والدليل؟ مجرّد “فزعة” واحدة، نجحت في تحشيد أكثر من 300 ألف مقاتل من البدو ومعهم اجانب ضد أقليّة درزية. بل انتشرت عبر وسائل التواصل دعوات ومقاطع تؤكد أن عشائر بدوية من مختلف الدول العربية بدأت تجهيز نفسها للدخول إلى سوريا، لقتال هذه الأقليّة الدرزية في السويداء.
الحقائق على الأرض صارخة ومؤلمة. بدأت الشرارة بحوادث خطف واعتداءات متبادلة، سرعان ما تم استغلالها لتتحول إلى حرب شاملة.
يعترف الجميع بأن القوة المقاتلة الفعلية لدى مشايخ الكرامة في السويداء لا تتجاوز 15 ألف شخص. في المقابل، حشد اكثر من 300 الف مقاتل من البدو على راسهم قيادات قوقازية وشيشانية من كافة المناطق السورية، والجحافل التي وصلت السويداء تقدر بأكثر من 70 ألف مقاتل من العشائر، مدججين بالسلاح، لفرض حصار مطبق على المحافظة، قاطعين عنها الإنترنت والكهرباء والماء في أزمة إنسانية خانقة. استغرق إعلان وقف إطلاق النار أكثر من 48 ساعة، وهي مدة كانت كفيلة بإبادة الآلاف، وقد سقط فيها بالفعل مئات القتلى حسب تقديرات المراصد الحقوقية، لولا تدخل دولي متأخر لدى الحكومة السورية لوقف حرب تُشن على مواطنين سوريين.
وهنا تتكشف الحقيقة المرة: لقد أصبحت الأقلية الدرزية ورقة ابتزاز. فبينما كانت دمشق تنفي رسميًا أي تورط وتلقي باللوم على “مجموعات مسلحة خارجة عن القانون”، كانت الدول الفاعلة تدرك تمامًا أن حشد العشائر وتسليحها وتأمين وصولها لم يكن ليتم لولا ضوء أخضر، بل وتخطيط مباشر، من النظام الذي أراد تلقين الدروز درسًا قاسيًا. فقد تحول الصراع إلى مسرح دولي، حتى إن إسرائيل تدخلت بشن غارات جوية بذريعة حماية الأقلية الدرزية، مما يؤكد أن القضية تجاوزت حدودها المحلية بكثير.
لقد وقع المحظور وسُفك الدم بين أبناء الشعب الواحد. أصبح الدروز في نظر شريحة واسعة من السوريين أعداءً، وسيحتاج إصلاح هذا الشرخ، ولو شكليًا، إلى زمن طويل جدًا. هذه المعركة سيكون لها تداعيات كارثية مع قادم الأيام، عندما تبدأ العشائر والدروز بدفن موتاهم، حيث سيتعمق الثأر وتتسع الهوة، وتترسخ عقدة الخوف من الآخر بشكل يصعب تجاوزه.
والسؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح: هل حرائق سوريا الطائفية بعيدة عن لبنان؟ أم أن لبنان ينتظر حصته في الأيام القادمة؟ هل سيتعظ لبنان ويدعو فورًا إلى لقاء وطني موسع لمعالجة القضايا الشائكة التي، في ظل هذه المتغيرات، تجعل من تحذير المبعوث الأمريكي حقيقة ماثلة؟ فها هو المبعوث الأمريكي توماس باراك يحذر صراحة من أن لبنان يواجه “تهديدًا وجوديًا” وقد يعود ليصبح جزءًا من “بلاد الشام”، رابطًا هذا المصير بضرورة معالجة أزماته الداخلية الكبرى.
ما الذي يمنع اليوم أن يتحول أي خلاف بسيط في لبنان، خلال ساعات قليلة، إلى “فزعة” ينادي لها البعض في لبنان، وتتحول هذه الفزعة إلى دعوة بدوية تجتاح الشمال، ويلبيها مئات الآلاف من النازحين السوريين الذين يشكل البدو غالبيتهم؟ حينها سيدخل لبنان في فوضى لن تتوقف حتى لو تدخلت كل أمم الأرض.
ماذا سيفعل الأمريكي والفرنسي حينها؟ إذا كانوا في سوريا قد احتاجوا لأكثر من 72 ساعة وتدخلات دولية وإقليمية متعددة لوقف إطلاق النار بعد سقوط مئات الضحايا، فهل يتحمل لبنان، بمساحته الصغيرة وتركيبته الهشة، 72 دقيقة من القتال الشامل قبل الإعلان عن انهياره الكامل؟
على جميع اللبنانيين التحرك، وبسرعة قصوى. فالخطر لم يعد على الأبواب، بل أصبح داخل البيت. وما تحدث عنه المبعوث الأمريكي لم يعد مجرد تحليل سياسي، بل يكاد يكون واقعًا نراه رأي العين.
كما أن العالم ليس متضررًا ولا منزعجًا من انشغال العرب بحروبهم الداخلية والطائفية، ريثما تُباد فلسطين ويُذبح شعبها.
بالختام نتمنى ان نسمع “فزعة” بدوية عشائرية لتحرير وانقاذ فلسطين.
١٩/٧/٢٠٢٥، ١٠:٠٧ م – .: *السويداء على حافة الهاوية: بين هدنة هشة وحياة متعبة وامل بتعددية افضل*
*بقلم: ناجي علي أمّهز*
يهبط على السويداء هدوءٌ خادع، ليس هدوء الطمأنينة، بل سكون الترقب الذي يسبق العاصفة أو يعقبها. يتحدثون اليوم عن “وقف لإطلاق النار” وعن “دخول قوات الأمن”، وكأن هذه الكلمات السحرية قادرة على محو مشاهد الموت التي طبعت ذاكرة الجبل، أو ردم الهوة التي حُفرت بالدم والنار بين جيران الأمس. لكن من شهد على انهيار أربع اتفاقات سابقة، ومن يرى الخرائط التي لا تكذب، يدرك أن ما يجري ليس حلاً، بل قد يكون مجرد تأجيل للسقوط، أو ربما شكلاً آخر له.
لقد دخلت الدولة السورية، أو ما تبقى من هيبتها، إلى أطراف المدينة. جاءت ليس كمنقذ منتصر، بل كوسيط مُلزم بضمانات دولية وإقليمية، بعد أن تُرك الجبل وحيداً يواجه مصيره. هذه الهدنة التي يُحتفى بها لم تُصنع في دمشق، بل نُسجت خيوطها في عواصم أبعد، حيث تُدار الصراعات وتُوزَّع الأدوار. فهل عودة الأمن هي عودة للسيادة، أم أنها مجرد حراسة مفروضة على سجن كبير، ريثما يُحسم مصير ساكنيه؟
إن جوهر الصراع لم يتغير. فالمعركة التي خاضها أهل السويداء لم تكن مجرد اشتباك على قطعة أرض أو حادثة خطف، بل كانت، في عمقها، دفاعاً عن فكرة. فكرة أن تكون مواطناً لا رعية، وأن تكون سوريا وطناً للتعددية لا ساحة للغلبة الطائفية. قاتل الدروز ليس كأقلية دينية تسعى للانعزال، بل كحامل لمشروع مدني أراد أن يحافظ على آخر ما تبقى من سوريا الحلم: وطن يتسع للجميع. لقد واجهوا جيوشاً من الفكر الأحادي، تلك التي لا ترى في الآخر إلا “كافراً” أو “تابعاً”.
واليوم، حتى لو صمت الرصاص مؤقتاً، فإن السؤال الأكبر يبقى معلقاً في الهواء: ما هو ثمن هذا “السلام”؟ هل هو التنازل عن الكرامة التي قاتلوا من أجلها؟ هل هو القبول بأن تُفرض عليهم حلول لا تعكس إرادتهم، وأن يعودوا درجة ثانية أو ثالثة في وطنٍ كانت دماؤهم حبر استقلاله؟ لقد اختاروا الصمود حين كان خياراً مستحيلاً، مدركين أن موازين القوى لم تكن يوماً في صالحهم، وأن الكثرة العددية، في هذا الشرق، غالباً ما تتغلب على الحق.
إن سقوط السويداء، سواء كان عسكرياً تحت وقع نيران المهاجمين، أو سياسياً تحت شروط هدنة مجحفة، هو في حقيقته سقوط للنموذج الأخير للتنوع في سوريا. هو إعلان صريح بأن هذا الشرق لم يعد يتسع إلا لصوت واحد، ولون واحد، وفكر واحد. وما نشهده ليس نهاية معركة في محافظة جنوبية، بل قد يكون الفصل الأخير في قصة وطن اسمه سوريا، يتحول بسرعة إلى جغرافيا للموت، وديموغرافيا للغربة الداخلية.
السؤال اليوم، ليس من يوقف الاقتتال، بل من يعيد الامل والتوازن ويحمي التعددية ليصبح زعيما في صدر التاريخ.
٢٠/٧/٢٠٢٥، ١١:٤٨ ص – .: مُعيب بحق العشائر والبدو السوريين – كتب ناجي علي أمّهز: مُعيبة جدًا هذه المشاهد التي يتناقلها الإعلام العالمي، عن غالبية العشائر والبدو السوريين وهم يسرقون الحيوانات الأليفة، وينهبون البيوت الدرزية في السويداء.
بعد هذه المشاهد المذلّة، لا أعتقد أن هناك دولة واحدة في العالم، وخصوصًا في العالمين العربي والإسلامي، قد تحترم فئةً يحكمها الجهل والتخلّف، وتقوم بأعمال تسيء إلى الإسلام وكل القيم والتقاليد العربية.
رسالة إلى البدو والعشائر: “نحلفكم بما تؤمنون به” — نتمنّى عليكم ألّا تتوجّهوا لـ”تحرير” أو “نصرة” غزة، لأنكم، على الأرجح، ستنهبون حديد دمارها وتبيعونه “خردة” في الأسواق السورية!
لا أعلم كيف سيبرّر البدو والعشائر هذه الصورة التي تلفّ العالم اليوم، وهم يُظهَرون يسرقون البيوت، والحيوانات، والممتلكات، بعد قتل أصحابها أو تهجيرهم، هذه الصور والفيديوهات وصمة عار.
٢١/٧/٢٠٢٥، ٣:٤٦ م – .: رواية قهوة على أنقاض السويداء واسباب انهيار العالم العربي.
بقلم: ناجي علي أمهز
مقدمة الكاتب
لم أعش زمن وعد بلفور، ولم أولد في حقبة النكبة، لكنني، ككل عربي، وُلدتُ وفي حلقي مرارة تلك الحقبة. طالعتُ ما كُتب في الرواية العربية عن ضياع فلسطين، وترجمتُ وثائق لا حصر لها شرحت أسباب ما جرى. اليوم، أكتب هذه الرواية ليس عن ماضٍ ضاع، بل عن مستقبل يضيع أمام أعيننا. هي قصةٌ وُلدت من رحم آلاف التغريدات والمنشورات التي تفور بالكراهية، والتي كشفت عن موقف بعض المسلمين من إخوتهم في الوطن، الدروز، وكيف يصبح التحريض والتكفير وقوداً لحرائق لا تبقي ولا تذر. هذه حكاية درزي وبدوي، لكنها في العمق، حكاية ضياع السويداء، وربما… ضياع العالم العربي بأسره.
الفصل الأول: شق في جدار الروح
لم يكن الدكتور “جواد”، جراح القلب العائد من الولايات المتحدة، يبحث عن الكثير. كل ما أراده هو ذلك السلام الذي سرقته منه حياة الغرب الصاخبة. أراد أن يستبدل صفير سيارات الإسعاف في شوارع شيكاغو بصوت الديك وهو يشق سكون الفجر في مزرعته بالسويداء. أراد أن يدفن يديه في تراب أرضه، لا في أحشاء مرضاه، وأن يشعر بدفء الشمس على وجهه، هو الذي قضى عمره تحت ضوء المصابيح الباردة في غرف العمليات.
كان يحمل الجنسية الأمريكية كدرع، وعادات الغرب كقناع. اكتسب منهم برودهم الظاهري، تلك المسافة العقلانية التي تفصل الطبيب عن مريضه، والإنسان عن انفعالاته. لكن تحت هذا الصقيع المصطنع، كان هناك ودٌ غريب يرتاح له تجاه “سالم”، الفلاح البدوي الذي يعمل في مزرعته. كان يرى فيه أصالة الأرض التي عاد من أجلها، بساطة فطرية تذكره بأن الحياة يمكن أن تكون أقل تعقيداً.
لكن رياح الكراهية كانت تهب من أماكن بعيدة، حاملةً معها غبار الفتنة. كانت تصل عبر أثير الإنترنت، وتُهمس في المجالس، وتُلقى كالسم في الآذان. ذات يوم، انفجر كل شيء. لم يكن الأمر شخصياً في بدايته، بل كان صدىً لأعمال عنف اندلعت بين بعض البدو والدروز في مناطق مجاورة. لكن الكراهية العامة تجد دائماً طريقها لتصبح شخصية.
صرخ سالم في وجه الدكتور جواد، ولم يكن يرى أمامه الطبيب الذي يثق به، بل مجرد “درزي”. انطلقت الكلمات من فمه كالقذائف: “أنت كافر! قرد خنزير! قتلك حلال، دمك حلال، ونساؤك سبايا لنا!”.
سقطت الكلمات على جواد سقوطاً غريباً. لم تغضبه بقدر ما أثارت فيه حيرة الطبيب. نظر إلى سالم، لم يرَ وحشاً، بل رأى حالة مرضية. عقلاً أصابه فيروس قديم. وببروده المكتسب، قرر أن يعالج هذا “العارض” كما يعالج أي انسداد في الشرايين. لجأ إلى الحيلة، وتظاهر بالرغبة في الصلح، ليقنع سالم بالذهاب معه إلى صديقه الطبيب النفسي في المدينة. كان يعتقد أن العقل، كما الجسد، يمكن إصلاحه بجلسات ومشرط من المنطق.
الفصل الثاني: عيادة العقل
في العيادة الهادئة ذات الأثاث البسيط، كان الدكتور “عادل” ينتظر. نظر إلى صديقه جواد، ثم إلى الفلاح سالم الذي جلس على حافة الكرسي متوتراً، كأنه في قفص الاتهام.
بدأ الدكتور عادل بهدوء، بصوت يهدف إلى نزع فتيل التوتر: “يا سالم، أخبرني… من أين أتيت بهذه القناعة؟ من قال لك إن قتل إنسان يختلف عنك في الدين هو أمر مباح؟”.
لم يتردد سالم. كانت إجابته جاهزة، مصقولة، لا يتخللها شك: “هذا هو الدين. قال الإمام ابن تيمية إن الدروز كفرة مرتدون، لا تقبل توبتهم، ويجب قتلهم ومصادرة أموالهم وسبي نسائهم. ولا يجوز حتى الأكل من طعامهم أو العمل لديهم”.
ابتسم الدكتور عادل ابتسامة باهتة، وقال: “ابن تيمية… وهل تعتقد أن ابن تيمية، حين قال ما قال، كان يقصد رجلاً مثل الدكتور جواد؟ جراح القلب الوحيد في هذه المنطقة، الذي أنقذت يداه أرواح العشرات من أهلك وقبيلتك؟”.
أجاب سالم بصلابة: “ابن تيمية لم يستثنِ أحداً. قال: كل الدروز”.
“ولكن يا رجل، فكّر معي”، قال الطبيب النفسي وهو يميل إلى الأمام، “لو أنك قتلت هذا الطبيب، قد يموت العشرات ممن هم بحاجة لجراحته. ألا يستحق هذا الرجل استثناءً؟ ألم تسمع بمقولة ‘الضرورات تبيح المحظورات’؟”.
صمت سالم للحظة، كأنه يقلّب الفكرة في رأسه، لكنه سرعان ما أغلق الباب في وجهها. قال: “لا أعلم. ابن تيمية أعلم مني ومنك، وهو أفتى بقتلهم جميعاً، أطباء كانوا أم مهندسين”.
تنهد الدكتور عادل، وشعر أن جدران العيادة تضيق عليه. “وهل تدمير الوطن وخسارة أفضل أبنائه، الذين كلّف تعليمهم وتدريبهم أموالاً وجهداً، أهون من مراجعة فكرة قديمة؟”.
رد سالم بكلمتين كانتا بمثابة الحكم النهائي: “الدين هو الدين”.
هنا، قرر الطبيب النفسي أن يضرب ضربته الأخيرة، أن يضع الفكرة في مختبر الخيال: “طيب يا سالم، تخيل معي لو أن ابن تيمية نفسه عاد اليوم، وكان بين الحياة والموت، ولا منقذ له إلا الدكتور جواد. فدخل جواد وأجرى له عملية أنقذت حياته. حين يفيق ابن تيمية من غيبوبته، ويعلم أن من أعاده إلى الحياة هو رجل درزي… برأيك، هل سيأمر بقتله وتدمير عيادته وسبي زوجته؟ أم تراه كان سيبحث عن فتوى أخرى، مخرج فقهي، ليقول إن هذا العمل النبيل قد منح هذا الطبيب مكانة مختلفة؟ ربما عندها، يصبح الدروز في نظره أناساً يستحقون الحياة والاحترام”.
صمت سالم، لكنه صمت العناد لا صمت التفكّر.
أكمل الدكتور عادل بنبرة اختلط فيها الأسى بالعلم: “يا صديقي، لو كانت النصوص مقدسة إلى درجة الجمود، لما تطورت البشرية. نحن نتعلم من أخطائنا. ابن تيمية عاش قبل سبعمائة عام! أنت وابنك الذي يفصل بينكما عشرون عاماً فقط لا تتشابهان في كل شيء، فكيف تريد أن تحكم حياتك بمنطق رجل عاش في عصر مختلف تماماً؟”.
ثم سأله: “أخبرني عن أحاديث أخرى لابن تيمية… أحاديث عن التسامح، عن المحبة، عن الصفح بين المسلمين وغيرهم”.
هنا، استعاد سالم قوته، وبدأ يسرد الفتوى بزهو، كأنه يتلو نصراً: “لقد قال ابن تيمية: الدروز هم الكفرة الضالون فلا يباح أكل طعامهم وتُسبى نساؤهم وتؤخذ أموالهم. فإنهم زنادقة مرتدون لا تقبل توبتهم، بل يُقتلون أينما ثُقفوا، ويُلعنون كما وُصفوا… ويجب قتل علمائهم وصلحائهم لئلا يضلوا غيرهم…”.
لم يعد هناك ما يمكن قوله. نظر الطبيب النفسي، الدكتور عادل، إلى صديقه جراح القلب، وقال بنبرة لم تعد تحمل أي أمل: “أعتذر منك يا جواد. لقد قررت. سأغلق هذه العيادة وأعود إلى باريس. سأبدأ من جديد هناك. وأنت… ماذا ستقرر؟”.
المشهد الثالث: ذكريات من تراب الجنة (إظهار الماضي)
قبل أن تهب رياح الكراهية، كانت مزرعة الدكتور جواد قطعة من جنة منسية. لم يكن سالم مجرد فلاح يعمل بأجر، بل كان حارس أسرار تلك الأرض. كان يفهم صمت الأشجار، ويعرف ما الذي يرضي شجرة التين وما الذي يغضب كرمة العنب. وكان جواد، الجراح الذي اعتاد أن يقرأ أسرار القلوب على شاشات الأجهزة، يجد نفسه تلميذاً صغيراً أمام حكمة سالم الفطرية.
يومًا، وقفا معًا أمام شجرة ليمون شاحبة الأوراق، توقفت عن العطاء فجأة كأنها أعلنت يأسها من الحياة. قال جواد بمنطقه العلمي: “علينا أن نشخص الداء أولاً يا سالم، نحلل التربة، ونرى ما الذي ينقصها”. هزّ سالم رأسه ببطء، ثم انحنى وتحسس جذع الشجرة بيديه الخشنتين كما يتحسس جبين طفل مريض. قال بصوته الأجش: “الأرض لا ينقصها شيء يا دكتور. هذه الشجرة وحيدة، ظلها قليل وشمسها حارقة. الأشجار مثل البشر، تحب الونس”. وفي اليوم التالي، زرعا إلى جانبها شجيرة ياسمين صغيرة، وبعد أشهر، عادت الحياة تدب في عروق شجرة الليمون.
كانا يجلسان أحيانًا في الظل، يقتسمان رغيف خبز وزيتونات قطفها سالم من شجرة ورثها عن جده. كان جواد يتحدث عن صقيع شيكاغو وعن حياة الغرباء التي لا جذور لها، وكان سالم يستمع في صمت، ثم يقول: “الأرض يا دكتور، ترد الجميل لمن أحبها وتلفظ من ينكرها”. في تلك اللحظات، لم يكن هناك درزي وبدوي، لم يكن هناك طبيب وفلاح. كان هناك إنسانان جمعهما حب قطعة من تراب الوطن، وشعور بسيط بالانتماء. هذه الصورة، صورة الخبز المشترك والظل الواحد، هي ما جعلت صرخة سالم “أنت كافر” فيما بعد، ليست مجرد تهمة، بل طعنة في قلب ذكرى كانت يوماً مقدسة.
المشهد الرابع: ليلة في عقل سالم (العالم الداخلي لسالم)
في تلك الليلة، بعد أن غادر عيادة الطبيب النفسي، لم ينم سالم. كان الظلام في غرفته الصغيرة أثقل من المعتاد. كانت كلمات ابن تيمية التي رددها بزهو في النهار، تدور في رأسه الآن كطنين حاد، لكن صورة أخرى كانت تزاحمها بعناد، صورة لم يستطع طردها: وجه الدكتور جواد وهو يفحص ابنه “حمزة” قبل عامين.
كانت حرارة الطفل تلهب جسده الصغير، وكانت زوجته تبكي في صمت، ولم يكن يملك أجرة الطبيب في المدينة. وصل خبر مرض الطفل إلى جواد، وفي منتصف الليل، توقفت سيارة الطبيب أمام بيته الطيني. دخل جواد بهدوئه ووقاره، لم يسأل عن دين أو طائفة، بل وضع يده الباردة على جبين حمزة، وحقنه بإبرة أعادت الحياة إلى عينيه الذابلتين. وعندما حاول سالم أن يدفع له ما تيسر من مال، دفعه جواد بلطف وقال: “صحة ابنك هي الأجرة يا سالم”.
الآن، في عتمة الليل، كان سالم يتساءل: هل ذلك الرجل هو نفسه الكافر الذي يجب قتله؟ هل تلك اليد التي شفت ابنه هي نفسها اليد التي يجب أن تُقطع؟ صراع مرير دار في صدره. صوت الإيمان كما لقنوه إياه يصرخ فيه: “هذا امتحان من الله ليختبر قوة إيمانك! لا تدع عاطفتك تغلب دينك!”. وصوت خافت، صوت الفطرة والجميل الذي لا يُنسى، يهمس له: “أي دين هذا الذي يأمرك بقتل من أحيا ابنك؟”.
لكن الصوت الخافت كان أضعف. الخوف من المجتمع، والخوف من الشك، والخوف من الجحيم، كان أقوى من ذكرى ليلة واحدة. لكي يريح ضميره المعذب، كان عليه أن يقتل تلك الذكرى. همس لنفسه في الظلام: “كان يفعله ليضلني عن الطريق. إنه الكافر الذي حذرنا منه الشيخ”. أمسك بهذه الفكرة كالغريق الذي يتمسك بلوح خشب، وكررها حتى صدقها، حتى طرد صورة الطبيب الحنون من رأسه، وأبقى فقط على صورة الكافر الذي يستحق الموت. في تلك الليلة، لم ينتصر الدين في قلب سالم، بل انتصر الخوف، وهذا هو أصل كل مأساة.
المشهد الخامس: الرحيل
وقف الدكتور جواد، وشعر أن حلمه بالعودة ينهار فوق رأسه. قال بصوت متهدج: “كنت أحلم بالعودة إلى أهلي ووطني، أن أقضي ما تبقى من عمري بين عملي كطبيب ينقذ الأرواح، وبين مزرعتي التي أستريح فيها من ضجيج أمريكا. يعز عليّ أن لا أستيقظ على صوت الديك، وأن لا أتنقل بين أشجاري وأجلس في ظلها… يعز عليّ أن أرحل”.
ثم نظر إلى سالم، لا كطبيب ينظر إلى مريض، بل كضحية تنظر إلى جلادها: “لكنني طبيب. إن بقيتُ هنا، سأُقتل. وإن رحلتُ، سيموتون هم بالأمراض التي لا يجيد غيري علاجها”.
قبل أن يكمل جملته، صرخ سالم في وجههما معاً، بصوت المنتصر الذي لا يريد منهم شفقة ولا خدمة: “الله هو الذي يشفينا! سنتعالج بحبة البركة، ولدينا شيخ مبروك يعالج بالأحجبة. لا نريدكم. ارحلوا يا كفار!”.
وهكذا، رحل الطبيب النفسي إلى باريس، وبدأ الطبيب الجراح يحزم حقائبه عائداً إلى شيكاغو. وهكذا، رحل ويرحل كل يوم عن أوطاننا المهندسون والأطباء والمعلمون والعباقرة، من كل الطوائف، لا يطويهم الغرب، بل تطردهم أوطانهم.
تذكر جواد وهو يغلق باب مزرعته للمرة الأخيرة، ما سمعه قبل أيام عن شيخ عشيرة متنفذ قال بعد حوادث النهب والحرق في السويداء، إنه “لا يطيب له فنجان قهوته إلا في السويداء”، وكأن المدينة وسكانها وأرواحهم مجرد فناء خلفي لطقوس مزاجه.
أدرك جواد في تلك اللحظة الحقيقة المرة. هذا العالم العربي لن تقوم له قائمة، ولو أمطرت عليه السماء ذهباً وفضة. فالأوطان لا تُبنى بالإسمنت والمال، بل تُبنى بالإنسانية، وباحترام الإنسان لأخيه الإنسان. وحين يُهدَم الإنسان، لا يبقى شيء يستحق البقاء.
الفصل الأخير: وصية على تراب الوطن
كان قرار الرحيل قد اتُخذ. لم يعد في القلب متسع لمزيد من الصدمات، ولا في العقل قدرة على استيعاب هذا الجنون. شرع الدكتور جواد في الإجراءات العملية ببرود الجراح الذي اعتاده. باع المزرعة، حلم عمره، قطعةً قطعة. كل توقيع على ورقة بيع كان كبتر عضو من روحه. لكنه، في لحظة أخيرة من التشبث العنيد، استثنى قطعة أرض صغيرة، بضعة أمتار مربعة لا تكاد تكفي لشيء، إلا لدفن رجل.
حمل جسده المثقل بالخيبة، وتوجه إلى مجلس الشيخ “مشهور”، شيخ عقلٍ من طائفته، رجلٌ تعلو وجهه هيبة السنين ووقار الحكمة. وجده في مجلسه الهادئ الذي تفوح منه رائحة القهوة المرة والهال.
تحدث جواد بصوت هادئ، صوت رجلٍ يلقي بوصيته الأخيرة: “فضيلة الشيخ، لقد بعت المزرعة وقررت الرحيل. لم أترك من أملاكي سوى هذه القطعة الصغيرة”. مدّ يده بورقة تثبت ملكيتها. “أتمنى عليكم أن تعهدوا بها إلى سالم، الفلاح. أريده أن يزرعها ويفلحها ويهتم بها كأنها ملكه. سأرسل لكم راتبه كل أول شهر دون انقطاع”.
صمت جواد للحظة، وأخذ نفساً عميقاً قبل أن يلقي بمكنون قلبه: “وأرجوك يا شيخنا… عندما أموت ويعود بي الجسد إلى هذا الوطن، أن أُدفن في هذه الأرض الذي يهتم بها سالم. هذه وصيتي”.
لم يكن الشيخ مشهور يعلم شيئاً عن العاصفة التي دارت بين الطبيب والفلاح. نظر إلى جواد نظرة أب حنون، وقال بلهجة عتاب رقيق: “يا حضرة الدكتور، صار عمرك خمسة وستين عاماً، وبعد هذا العمر كله لم تطلع بعد على دين طائفتك؟ ألا تريد يا ابني أن تعرف عن دينك قبل ما ترجع لغربية. ؟”
نظر جواد إلى الشيخ، وارتسمت على شفتيه ابتسامة فيها الكثير من الأسى. قال بإنهاك: “بطلت تحرز يا فضيلتنا. نحن تربينا في جو من العلمانية، والدين بالنسبة لي أمر شخصي. لقد أنقذت أرواحاً كثيرة، وإن لم يغفر لي الرب هذا، فلا أظن أن شيئاً آخر سيغفر لي”.
هنا، ابتسم الشيخ مشهور ابتسامة واسعة، ابتسامة من يعرف السر. قال بصوت دافئ هزّ كيان جواد: “وهذه هي الحكمة بعينها يا ابني جواد! هذه هي حكمة ديننا. نحن لا ندعو حتى أبناءنا الذين هم من لحمنا ودمنا ليتعلموا الدين قسراً، لأن الدين قناعة شخصية بين العبد وربه. وهكذا تميّز الدروز منذ نشأتهم؛ تعاملوا مع الناس ليس على قاعدة الدين، بل على قاعدة الإنسانية والاحترام. ولهذا السبب يا ابني، أينما ذهبوا، تجد لهم مكانتهم ودورهم بين مختلف شعوب الأرض وأديانها”.
مال الشيخ إلى الأمام قليلاً، وأكمل كأنه يبوح بسر عظيم: “نحن يا ابني، نربي شواربنا لنتعلم أن نصمت، وألا نتحدث إلا بالكلمة التي في موضعها. الإمام علي، وهو سيد البلاغة، كان يقول: ‘يا ليت لي عنقاً كعنق الناقة حتى أفكر في الكلمة ألف مرة قبل أن أنطقها’. فإذا كان هذا حال سيد الحكمة، فكم يلزمنا نحن الجهال من الوقت لنتعلم الصمت والحكمة؟”.
نظر الطبيب جواد إلى الشيخ مشهور بدهشة أيقظت فيه شيئاً كان قد مات. في لحظة واحدة، قارن بين هذا البحر من الحكمة الهادئة، وبين ما قاله سالم. ومضت في رأسه فكرة كبرق خاطف: حتماً، يوجد في عالمنا العربي رجال دين كشيخ مشهور، يدعون إلى الوحدة والإنسانية. لكن أصواتهم اليوم خافتة، يطغى عليها صراخ المتعصبين.
غادر جواد مجلس الشيخ وهو يشعر بشعور غريب لم يتوقعه. لم يتغير قرار رحيله، فالوطن لم يعد مكاناً آمناً له. لكنه غادر وفي قلبه بذرة أمل. أدرك أن المعركة ليست بين الدين واللادين، بل بين فكر منغلق يقتل الحياة باسم السماء، وفكر مستنير يرى الله في خدمة الإنسان.
وربما، كما همس لنفسه وهو يلقي نظرة أخيرة على جبال السويداء، مع مرور الأيام، ولأسباب تتعلق بضرورات الحياة نفسها، ستعود كل الأديان إلى مكانها الصحيح: علاقة شخصية، سامية، وصامتة، بين الإنسان وخالقه. وعندها فقط، قد يجد أمثاله طريق العودة، لا ليدفنوا في تراب الوطن، بل ليعيشوا فوقه.
٢٢/٧/٢٠٢٥، ١٠:١٢ م – .: *الشرع يغرق في مستنقع الاحتراب الداخلي، وتركيا سعيدة بسقوط اخر دولة عربية.*
*بقلم: ناجي علي امهز*
عندما تم الاتفاق على تقسيم تركة الخلافة العثمانية بعد الحرب العالمية الاولى والغاء الخلافة عام 1923، وضعت القوى المنتصرة، خاصة بريطانيا وفرنسا، لكل دولة حديثة دوراً وظيفياً محدداً. كانت تركيا الأتاتوركية هي الحصن العلماني الذي يضمن منع الدب الروسي من الوصول إلى المياه الدافئة، وهو دور استراتيجي لا يزال يتردد صداه حتى اليوم.
أما في المشرق العربي، فقد بدأت مرحلة فريدة من نوعها، يمكن أن نطلق عليها “حقبة الليبرالية”. فقد برزت كتلة من النخب السياسية العربية ذات الصداقات المتينة مع القادة الغربيين، مما سمح بظهور قادة وفلاسفة كتاب، وفنانين وموسقيين أثروا في تاريخنا، وقد حكمت هذه النخب المنطقة بتوجهات سياسية ليبرالية، بعيدة كل البعد عن الرؤيا الإسلامية الشاملة للحكم.
شهدت تلك الفترة ما يشبه العصر الذهبي القصير: استقرار وازدهار اقتصادي، وحياة ثقافية وفنية لا نزال نعيش على أطلالها. كان الجنيه المصري سيد العملات، والليرة السورية واللبنانية في أوج قوتها. لكن الأهم كان التسامح والوئام الوطني، حيث وصل الزعيم المسيحي الكبير فارس الخوري إلى أعلى المناصب في سوريا، وتجاوزت المجتمعات في مصر ولبنان والعراق الطائفية البغيضة.
لكن هذا الاستقرار والنجاح كان يشكل خطراً داهماً على المشروع الأكبر: قيام الكيان الإسرائيلي. كان لا بد من تفجير هذا النموذج من الداخل. فبعد نكبة 1948، التي شكلت صدمة وجودية للعرب، بدأ تنفيذ الفصل الثاني من المخطط.
بضربة ساحرة، أُطلقت جماعة الإخوان المسلمين كقوة أيديولوجية بديلة، وتم الانتقال من حكم النخب المدنية إلى حكم العسكر عبر سلسلة من الانقلابات المنسقة. سقطت الأنظمة المستقرة في مصر (1952)، وسوريا (عبر انقلابات متتالية منذ 1949)، والعراق (1958). وهكذا، وخلال سنوات قليلة، تحولت العواصم العربية من ورش عمل للازدهار والتعايش إلى ساحات للفوضى العارمة والصراع على السلطة.
بعد تدمير الاستقرار، جاءت المرحلة الثالثة من المخطط: “حكم الأقليات”. تم تمكين الأقليات من حكم الأكثرية لخلق دول قلقة، غير مستقرة بنيوياً، وبحاجة دائمة إلى حماية خارجية لضمان بقائها. حكمت الأقلية العلوية في سوريا، وحكمت الأقلية السنية في العراق. هذا التوازن الهش ضمن استقرار “الكيان الإسرائيلي” وأخرج مصر من الصراع عبر كامب ديفيد.
وها نحن نصل اليوم، إلى الفصل الأخير من المعادلة. مع وصول الإسلام السياسي إلى السلطة في تركيا عام 2014، ووصول حكم إسلامي جديد إلى سوريا عام 2025، كان لا بد من تطبيق المعادلة العكسية. فالمخطط العالمي لا يسمح بقيام كتلتين إسلاميتين سنيتين متجاورتين وقويتين. إما هذه أو تلك. لهذا، فإن بقاء أردوغان في السلطة كزعيم لـ “تركيا الإسلامية” مرهون بفشل أي مشروع مستقل في سوريا قد ينافسه على الزعامة الإقليمية.
وهنا تتجلى الاستراتيجية التركية المزدوجة: فمن ناحية، تحتاج أنقرة إلى “الشرع” لإخراج روسيا من قاعدتها البحرية في طرطوس، وهو هدف لا يمكن تحقيقه في ظل دولة سورية مستقرة تحكمها اتفاقيات دولية. الحل يكمن في فوضى منظمة، تسمح بظهور جماعات تشن عمليات عسكرية على القاعدة الروسية وتجبرهم على الرحيل بعيداً عن القوانين الدولية. ويساهم “الشرع” في هذه الفوضى عبر استهداف الأقليات، مع أنه كان من السهل احتواؤهم بقوانين ومراسيم، لكن المشروع التركي يحتاج إلى هذا التوتر.
ومن ناحية أخرى، تدرك تركيا “الإخوانية” الخطر الكامن في هذا النجاح. فإذا نجح “الشرع” في طرد الروس، سترتفع أسهمه دولياً وقد يتحول إلى حليف مباشر للولايات المتحدة والناتو، وبديل محتمل للدور التركي.
هذا هو المأزق الذي يدفع بأردوغان إلى التحرك على خطين متوازيين: بدأ بمحاصرة واعتقال زعماء الحركات العلمانية في تركيا لتأمين جبهته الداخلية، وفي الوقت نفسه، يعمل على إغراق “الشرع” في أزمات داخلية (عبر دفعه لمهاجمة الأقليات) ليضمن أنه لن يجد منقذاً له سواه. الهدف هو أن يقطف أردوغان ثمار طرد روسيا، وأن يبقى “الشرع” تابعاً له، لا بديلاً عنه. إنها لعبة شطرنج معقدة قررت فيها تركيا حسم الأمر، لتضمن أن الفائز الوحيد في النهاية هو من وضع قواعد اللعبة منذ البداية، انه النظام العميق.
الشرع يغرق في مستنقع الاحتراب الداخلي، وتركيا ترمي الحبل له، لا لتنقذه بل ليلتف حول عنقه.
تركيا سعيدة بسقوط اخر دولة عربية وهي سوريا وتحولها الى دولة اسلامية ضعيفة، مما يعيد حلم الخلافة الاسلامية المركزية التي تهيمن على المنطقة، وان كان فيها شيعة ضعفاء في العراق ولبنان، ومسيحيين دون سلطة نفوذ سياسي.
٢٢/٧/٢٠٢٥، ١٠:٥٢ م – .: *الاعلام اللبناني يضج بتصريح المبعوث الامريكي باراك الذي قال منذ قليل بانه لا حرب اسرائيلية على لبنان.*
الذي قاله باراك نشرته في: ٢٨- ٦ ٢٠٢٥ انه لاىحرب اسرائيلية على لبنان اقله طيلة فصل الصيف.
لكن شو بدك تعمل بشعب لاحقين اعلاميين وسياسيين عايشين على الاكشن والتهجير، وكل يوم بقلك بكرا الحرب، هو حتما بالختام في حرب بس مش هلق وقتها.
*كتب ناجي علي أمّهز:*
28- 6- 2025
كلّ هذا التهويل الإعلامي، والتأكيد المتواصل على أن حربًا كبرى تقترب من لبنان، خصوصًا من مناطقه الشيعية، لا يؤدي سوى إلى مزيد من الانهيار.
فأسعار العقارات والأراضي باتت برخص التراب، والمناطق تُفرغ من سكانها، خاصة أولئك القادرين على الاستئجار خارج هذه الجغرافيا، فيما تهجرها المؤسسات والشركات الخاصة، ما يفاقم أزمة البطالة التي تتفشى بلا رادع.
ألم يحن الوقت لأن تتوقف هذه “التسونامي” من الأخبار العبثية؟ إعلاميون يطلّون علينا كل عشر دقائق بتهويل جديد: “صيف ساخن”، “البارود قادم”، “النار تقترب”، وكأنهم يبثّون نشرة رعب لا تنتهي.
تصريحات لا تنتج سوى تقويض ما تبقى من أمل في نفوس الطائفة، وضرب استقرارها الاجتماعي، وكل ذلك مقابل حفنة من اللايكات والمشاهدات.
*لكن الحقيقة؟ لا حرب على لبنان، على الأقل هذا الصيف.*
فلْيتوقف أصحاب “السكوبات” الإعلامية عن إشعال الخوف والتغني بالمحرقة.
ما يجري ليس أكثر من حراك سياسي، أقل من عادي، لمن يجيد قراءة الرموز والتقاط الإشارات.
وقد ينجح، وقد يفشل. لا أكثر… ولا أقل.
٢٣/٧/٢٠٢٥، ١١:٤٦ ص – .: *انتهى دور باراك في لبنان، وما حصل مع الدروز حمى الاقليات.*
*بقلم: ناجي علي امهز*.
لم أتفاجأ بإعادة تفعيل قانون قيصر الذي أعاد سوريا إلى نقطة الصفر بعد أزمة السويداء الدامية، والذي أعده فريق ترامب وأضاف إليه حماية الأقليات ومحاكمة مجرمي الإبادات ووقف جميع الاستثمارات في سوريا لمدة عامين.
ولكني أردت أن أسلط الضوء على أهم نقطة في الإضافات وهي “وقف جميع الاستثمارات في سوريا لمدة عامين”، فهذه هي النقطة الأساسية التي أريد التحدث عنها لأنها كانت العمود الفقري لحراك باراك السياسي المعلن والمبطن باتفاقيات استثمارية.
كان باراك يعتقد أن بقاء أحمد الشرع وتفعيل نفوذه في المنطقة خاصة انه يحظى بدعم بعض الدول العربية المعنية مباشرة باعادة اعمار سوريا وهي على تناقض تاريخي مع تركيا، سيمنحه دورًا أكبر من الدور التركي، وبهذا الفعل يمكن للشرع الوقوف بوجه المطالب التركية التي ترغب في الاستثمار في إعادة إعمار سوريا.
ومن الطبيعي بعد هذا القانون، أن نسمع من باراك ما سمعناه، ليس عبر الإعلام العربي الذي نسب إليه نظريات وروايات تقول إن حكومة الشرع لم تتورط بأحداث السويداء.
ما صرح به المبعوث الأمريكي كان واضحًا للغاية: “يجب محاسبة الحكومة السورية”، ومقولته هذه هي اعتراف علني منه بفشله في مهمته، وهو الذي كان يعتقد أن نفوذ الشرع سيصل إلى طرابلس في لبنان.
اليوم لم يعد لباراك ما يقوم به في لبنان ولا حتى في سوريا، أما بقاؤه سفيرًا لأمريكا لدى تركيا فالأمر مختلف.
كان لباراك من خلال حراكه بين سوريا ولبنان هامش من التأثير وإن كان ممنوعًا عليه الكلام، أما في تركيا فإن مهامه تقتصر على الزيارات وعقد اللقاءات الرسمية فقط، ولا علاقة له بالسياسة الأمريكية التركية التي تُنسق وتُرتب ضمن فريق خاص بالملف التركي، وهو المكلف بمهام إدارة العلاقات العسكرية والأمنية مع تركيا منذ عقود، وربما لا يخضع الملف التركي حتى للرئاسة الأمريكية المباشرة نظرًا لتعقيدات الدور التركي المركزي والكبير في المنطقة.
وأنا اليوم أتمنى وأوجه رسالة إلى توم باراك ذي الأصول اللبنانية، بأن يكون ما قاله عن طرابلس الشام نابعًا من دافع وطني لتحذير لبنان مما هو قادم عليه، وأنه دفع ثمن هذا الوضوح في كلامه، وهكذا وإن خسر الملف الاقتصادي فإنه لم يخسر جذوره اللبنانية، وهو يدرك أن التاريخ يسجل ويحفظ.
ما حصل في السويداء قلب الطاولة على مشروع كبير للغاية كان يُعد للأقليات في المنطقة، وأظهر وحشية في المنطقة في حال تبدلت موازين القوى على ما هو سائد منذ نصف قرن.
نحن نتحدث عن مجزرة موثقة أودت بحياة مئات الضحايا من أبناء السويداء، بينهم نساء وأطفال أُعدموا ميدانياً في بيوتهم، في هجوم وحشي استمر لساعات على أطراف المحافظة. لقد أثبتت هذه الكارثة أنه لو تمكن المهاجمون من السيطرة على المدينة لأيام، لكانت المجازر قد حصدت أرواح الآلاف من أبناء الطائفة الدرزية.
نحن نتحدث عن مدينة منكوبة بكل ما للكلمة من معنى، وخسائر تجاوزت ملايين الدولارات في مناطق فقيرة نسبيًا وبيوت متواضعة وتقليدية، فكيف لو حصل هذا الفعل في مدينة مثل طرابلس أو بيروت والكورة أو زغرتا حتى جونيه.
نحن نتحدث عن هجوم شنته مجموعات إرهابية أظهرت قدرة على إحداث دمار هائل وقتل جماعي في ساعات قليلة، حتى في مناطق يُفترض أنها تمتلك بنية عشائرية قادرة على المواجهة. وإذا كانت مناطق أخرى في سوريا قد شهدت القدرة على حشد عشرات الآلاف من المقاتلين في معارك مختلفة، فهل يمكن أن نتصور ما قد يفعله بعض النازحين السوريين في لبنان لو تم استغلالهم، وهم منتشرون أصلًا بين البيوت ويعرفون الطرق والممرات وعدد سكان الأبنية وربما أوضاع كل شخص المالية وما يتواجد في منزله.
هناك أمور يجب معالجتها بصورة سريعة من قبل الجهات المختصة، لأنه في الختام حتمًا سيقع المحظور، فنحن نعيش بين قنابل موقوتة، وربما هذه الفئات لا تحتاج إلى أوامر مباشرة من جهات خارج لبنان، فربما العوامل النفسية والدينية قد تؤدي إلى انفجار لن يبقي من لبنان أي شيء.
بالختام على اللبنانيين انتظار المبعوث الجديد للإدارة الأمريكية، مع العلم أن لبنان، ولو على سبيل المزاح، قد أصبح مقبرةً للمبعوثين الأمريكيين. وربما تحول إلى لعنة سياسية تلاحق ساسة الإدارتين الأمريكية والفرنسية على حد سواء؛ فهؤلاء المبعوثون يأتون إلى لبنان ويغادرونه دون أن يدركوا حقيقة ما جرى أو ما أنجزوه، ليعود كل واحدٍ منهم إلى بلاده وهو يعتقد أنه يحمل سلةً ممتلئة بالماء.
٢٥/٧/٢٠٢٥، ١٠:٣٨ م – .: *اصبحنا كالموسيقى العراقية يسكن الشجن ارواحنا المثقلة بالحب.*
دعونا نكتب الحب في زمن الحرب، ربما تستيقظ الحياة فينا.
*كتب: ناجي علي امهز*
“لم أعد أعرفني بعدكِ… صرتُ ظلاً يبحث عن جسده.”
حين يفيض بي الشوق إليكِ، لا أفتّش عن طيفكِ في الصور،
ولا أذهب إلى مقعدٍ يتيمٍ تركته يدكِ على قارعة المقهى،
بل أُغمض عينيّ… وأغوص.
أغوصُ في أغوار نفسي، حيث تسكنينَ أنتِ وحدكِ،
في تلك القِبلة القصيّة من روحي،
التي لم تُدنّسها خيانة الغياب،
ولم تُطفئ وهجها دهورٌ من الصمت.
أراكِ هناك، كما نقشتُكِ في الأزل،
تضحكين لي…
وأنا أبتسم كطفلٍ يتيمٍ وجد أُمَّه،
كأنّ الزمنَ توقّف،
وكأنّ الفراق محض أُسطورةٍ يرويها الغرباء،
وكأننا ما زلنا نُحب، ولا نخشى شيئًا.
**
كان كلّ شيءٍ فيكِ كونًا…
أصابعكِ، حين كانت تُروّض شياطين روحي،
همسكِ، حين كان يُسكِت عويل قلبي،
عيناكِ، اللتان لم تكونا مرآتي فحسب،
بل كانتا سماواتي وأرضي…
وصوتكِ، ذاك النهر السماويّ الذي كان يصبّ في صحراء حلقي، فيُنبِت القصائد.
**
أتذكرين؟
لم نكن نحلم… لأن الحلم كان هو يقظتنا،
لم نكن نُخطّط… لأننا كنا نعيش الدهشة ذاتها،
كما تعيش الزهرة في كنف المطر،
والشجرة في طمأنينة الأرض،
والروح في جسدٍ لم يعرف بعد معنى الفقد.
لم تكن بيننا إجابات أو أسئلة،
لم يكن هناك يقين أو ميعاد،
لكننا كنا نعرف، أننا وُجدنا لنكون معًا.
**
ثم افترقنا…
وصرتُ أحمل ذكراكِ كجرحٍ مُقدّسٍ ومفتوح،
لا أجرؤ على مداواته…
أخشى إن اندمل، أن تندملي أنتِ معه.
صرتُ أبحث عنكِ في أصداء الأصوات،
في هيئة امرأةٍ عابرةٍ تشبهكِ من بعيد،
في عطركِ الذي لم يزل محفورًا محمولًا في ذاكرة الريح،
في الأغاني التي كانت تُحييني بكِ،
وصارت تذبحني حنينًا إليكِ.
**
الكل من حولي استعاد حياتَه بعد قصةِ حبٍّ عاصفة،
إلا أنا…
فقد صرتُ العاصفة ذاتها،
قصةَ حبٍّ ما زالت تكتب فصل الرحيل الأبدي،
وأنا… عاجز عن وضع النقطة في آخر السطر.
أحيانًا، أوهمُ نفسي أني نسيت،
ثم تأتيني لمحة، كلمة، نغمة،
فتهدِم كل قلاع النسيان التي بنيتُها من رماد.
كيف ينسى البحرُ ملوحته؟
كيف ينسى القلبُ خفقته الأولى؟
وكيف ينسى مُتعبّدٌ من كانت قِبلتَه، وقيامته، وحياته؟
**
أشتاقكِ حدّ الغرق،
وأُحبكِ حدّ النزيف،
وأفتقدني فيكِ كما يفتقد الفجرُ شمسه، بصمتٍ ووجل.
أعيش بكِ…
وأموت دونكِ،
وفي كل لحظة بين الحياة والموت،
أسير إليكِ في دربٍ لا ينتهي،
ولا أصل.
**
فإن رأيتِني شاحبًا، منكسِرًا، أو حتى نشيطًا أضِج بالحياة،
فلا تظنّي أني نسيت…
أنا فقط أُنهِكتُ…
تعب قلبي، وجفّ دمعي، من الصراخ في فراغٍ لا يُسمَع فيه الصوت،
من كل يومٍ يبدأ وينتهي، ولم تكوني فيه.
**
وإن سألوكِ عني،
قولي لهم:
“كان يحبني، يعشقني حتى الفناء،
لكنّه وحده…
من دفع ثمن البداية.”
أرجو أن تكوني بخير.
وعند المغيب، إن مرّ بكِ طيفُ فراغ، فاذكريني.
أما أنا… فأنتِ الزمن كلّه الذي أعيش فيه.