اخبار ومتفرقات

اضحك مع الشرق الأوسط الجديد…

في اجتماع حزبي في موسكو في ثمانينات القرن الماضي،رفع الرفيق عصام يده طالبا الاذن بالكلام في الحلقة:

-تفضل رفيق عصام!

–لماذا لا يتم انتخاب غير الرفيق ليونيد بريجنيف لرئاسة الحزب والاتحاد السوفياتي؟

صُعق سكرتير الحزب من السؤال إنما اجاب بهدوء العارف بخبايا أسرار الاحزاب والدول وقال:

-يا رفيق انّها ” الديمقراطية المركزية”،يبدو انّك تغيب عن المحاضرات التثقيفية في الحزب!

ثم تابع الكادرمناقشة أمور حزبية أخرى اهمّ من السؤال البسيط الذي تتطلب إجابة بديهيه .

الا ان عصام اعجبته مقولة الديمقراطية المركزية وأصبح يجيب بثقة الواثق بنفسه على اي سؤال يُطرح عليه ولو من خارج السياسة والعقيدة بجملة “يا رفيق انها الديمقراطية المركزية…” ولو أنّه لم يفهم المعنى والقصد الا ان التعصّب العاطفي للمنجل والمطرقة كافٍ ليدافع عن أراء الحزب. 

ومرّت السنون ،اليوم دخل مقهى الدنكن في شارع الحمراء ،أحمرّ الوجه وكاظم للغيظ ومحتار بأمره وما إن جلس حتى انفجر بالكلام:

–هل تعرفون ما هو الشرق الأوسط الجديد؟

ذهل الحاضرون من سؤاله لظنّ كل واحد منهم أن ما يعرفه عن الشرق الأوسط الجديد هو الإجابة العادية والبسيطة الا انّ الأمر اخذ منحى آخراً:

قال البعثي المحنّك بين عراق وشام:

— يا سيدي يعني تقسيم المنطقة لقوميات وبيانات ضعيفة متناحرة تضعف شوكة وحدة العرب.

قال اسلامي ملتحٍ لا يتوقف عن الاستغفار ومن طاولة مختلفة:

*بل جعل المنطقة ترضخ لقوانين علمانية تشجع على المثَلية الجنسية و بحجة تحرير ما يسمونه حقوق المرأة الدوس على الشرع وتفتيت العائلة والتشجيع على الكفر بالله.

قال رجل سبعيني يساري من طاولة بعيدة سمع بوضوح النقاش المتأجج وقال:

**بل تقسيم المنطقة لكيانات طائفية رأسمالية تسهل سرقة ثروات الشعوب الطبيعية وتسليط ما يسمى دولة “اسرائيل كممثل عن الامبريالية”على شعوب المنطقة.

إنما قال قاضٍ له باع طويل في القضاء والعدالة قال:

#مهلا ان الأمر أوضح من ذلك،الشرق الأوسط الجديد حكت عنه كونداليسا رايس وجوهره جعل “اسرائيل”تصفع وتركل كل من يرفع رأسه مطالبا بحقوق شعبه إضافة لانهاء القضية الفلسطينية.

تدخل النادل في النقاش واضاف:

##استاذنا في القانون الدولي قال ان الشرق الأوسط الجديد يعني فدراليات تسهل تعامل السوق الاقتصادي الحرّ وتمهد لعولمة ثقافية تتقدم فيه “اسرائيل”تكنولوجيا واقتصاديا وتتخلف فيه باقي الشعوب ولا دولة فلسطينية فيه.

فرح عصام بالنقاش وقال:

— اذن لست وحدي الذي لا يعرف ما هو الشرق الأوسط الجديد إذ كل واحد.يظن ان اجتهاده الشخصي هو المشروع الحقيقي.

غادرنا المقهى وكل روّاده في مختلف الجبهات ،عذراً، الطاولات يناقشون بحدّة وشجار مشروع”الشرق الأوسط الجديد”.

سألت عصام إن كان مسرورا الان بعد ان كاد.يتسبب بسؤاله تضارب الحاضرين فأجاب:

–اريد ان اعرف ماذا نواجه وماذا نحارب لربّما المشروع مفيد لنا ونحن لا نعرف،بكل الاحوال لا “الديمقراطية المركزية” فهمتها ولا الشرق الأوسط الجديد يعرفه احد.منّا وانت بكل الاحوال ديماغوجي.

@انا ديماغوجي؟

انت الديماغوجي.

–بل أنت وأهلك الديماغوجيين.

احتدت نبرات الأصوات.

سأل عابر سبيل عن معنى ديماغوجي فقال عصام:

–أظنها شتيمة يستخدمها المثقفون الكبار فقط.

بقلم د.احمد عياش

المقال يعبر عن رأي الكاتب وليس رأي موقع سانا نيوز شكرًا على المتابعة. 

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى