الشعور بالخجل أحد المشاعر الشائعة والتي تكتنف الكثيرين، وغالباً ما يمر أغلب الناس في مرحلة ما من حياتهم بهذا الشعور، وقد يتفاقم فيؤثر بالسلب على الشخص، ويحد من تفاعلاته الاجتماعية، ويعوق من فرصه فتؤثر على نوعية حياته بشكل عام، لكن التغلب على الخجل والخوف الاجتماعي أمر ممكن من خلال تطبيق بعض الاستراتيجيات التي يمكنك التعرف إليها من السياق التالي.
تعريف الشخص الخجول :
فتاة تبدو خجولة تخبئ وجهها خلف ورقة شجر كبيرة فجميع الأفراد لديهم درجة من الخجل، حتى المنفتحون
تقول راندا عبدالجواد، استشاري علاقات إنسانية ودعم نفسي ومختصة بالتنمية الذاتية : يُعرف الخجل بأنه الشعور بالخوف والانزعاج وعدم الأمان الذي يشعر به الفرد عند تعامله مع الآخرين، مما يؤدي إلى تخاذله وابتعاده في المواقف التي تنطوي على تفاعل اجتماعي، لافتة إلى أنه في معظم الحالات، يتجاهل الأشخاص الخجولون الإدلاء بآرائهم خشية تعريض أنفسهم للإهانة أو السخرية حسبما يعتقدون، حيث إن تدني احترامهم لذاتهم يجعلهم يعتقدون أن كل ما يقولونه لا أهمية له.
يظهر هذا الشعور في الظروف التي يشعر فيها الفرد بالتهديد، أو الاستجواب أو حتى مجرد التساؤل، فبمجرد أن يشعر الشخص الخجول أنه محط الأنظار أو المتابعة من شخص أو أشخاص آخرين تتولد لديه موجات من القلق ويتفاقم شعوره بالتوتر؛ وهذا لا يعني أن الأشخاص الخجولين كتومون أو انعزاليون، ولكنهم عادة ما يعبرون عن أنفسهم بشكل طبيعي في بيئة يعتبرونها آمنة، مثل أسرهم، ولكن عندما يجدون أنفسهم في سياق مختلف مع أشخاص لا يثقون بهم أو لا يعرفونهم، يصبح خجلهم أكثر حدة.
جميع الأفراد لديهم درجة من الخجل :
تقول راندا: من المهم أن نعرف أن جميع الأفراد لديهم درجة من الخجل، حتى المنفتحون، وهذا الخجل هو ما يسمح لهم بالحفاظ على احترام أنفسهم وتقدير ذواتهم تجاه شخصيات معينة تتمتع بسلطة أكبر؛ ومع ذلك، فإن مصطلح الخجل يستخدم لأولئك الذين يظهرون سلوكيات الدونية، واليقظة المفرطة، ولديهم تدني احترام الذات والخوف المفرط من التعرض أو التعامل مع الآخرين، على أننا لا يجب أن ننكر أن العلاقات الشخصية تعتبر في غاية الأهمية في أي مجال يتطور فيه الفرد، ولذلك فإن الخجل قد يشكل عائقاً يحول دون إظهار إمكانات الأشخاص الذين يعانون منه.
صفات الشخص الخجول :
فتاة تبدو خجولة تخبئ وجهها بكفها فمن السهل التعرف إلى الفرد الخجول بسبب حركاته وتصرفاته
من السهل التعرف إلى الفرد الخجول، لأن الموقف الذي يتخذه عندما يجد نفسه في سياق يجب أن يتفاعل فيه أو يعرض نفسه للآخرين هو موقف الخضوع، لأنه يريد أن يمر دون أن يلاحظه أحد .
- الأشخاص الخجولون لديهم وضعية جسدية معينة وسلوك معروف يتبنونه عند التعرض للمواقف الاجتماعية، الأشخاص الخجولون يحنون ظهورهم، ويهزون أكتافهم.
- الأشخاص الخجولون يتجنبون التواصل البصري مع بقية الأشخاص في المجموعة.
- الأشخاص الخجولون عندما يتعين عليهم التعبير عن أنفسهم فإنهم يتلعثمون، أو يتحدثون بنبرة صوت منخفضة.
- الأشخاص الخجولون لديهم تقدير منخفض لذاتهم، لذلك لا يعتبرون أنفسهم مهمين بدرجة كافية حتى يستمع الآخرون إلى آرائهم.
- الأشخاص الخجولون دائماً يقللون من شأن أفكارهم ويقومون باستمرار بتقييم ذاتي سلبي لمواقفهم.
- الأشخاص الخجولون لديهم ما يُعرف بالتثبيط الاجتماعي، فهم لا يشعرون بالراحة في مجموعات كبيرة ويفضلون تجنب مخاطر تعريض أنفسهم لأفراد آخرين، لأنهم يعتبرونهم تهديداً.
- الأشخاص الخجولون عندما يشعرون بأنهم معرضون لانتقادات الآخرين، فإنهم يتفاعلون بقلق، مما يسمح بتطور أعراض الانزعاج الجسدي؛ مثل التعرق الزائد، والغثيان، وعدم انتظام دقات القلب، والشعور بضيق في التنفس أو ضيق في الصدر، وغيرها.
- الأشخاص الخجولون كثيراً ما تشيع لديهم الأفكار السلبية، ودائماً ما يقومون بتحليل سياقهم الاجتماعي، ويتخيلون أن أسوأ سيناريو سيحدث لهم؛ مما يساهم في زيادة القلق والخوف من المخاطرة بمواجهة الحدث الذي يسبب لهم الخوف.
استراتيجيات التغلب على الخجل وزيادة الشعور بالثقة بالنفس :
فتاة تبدو خجولة تخبئ وجهها بيدها فالخجل يمكن أن يؤثر بشدة على التفاعلات الاجتماعية
تقول راندا: الخطوة الأولى للتغلب على الخجل هي اكتساب الجرأة في التعبير عن الآراء والأفكار، دون خوف من الرفض الاجتماعي، فيما يلي بعض الاستراتيجيات الفعالة التي يمكنك تنفيذها لتعزيز الثقة بالنفس والاستمتاع بتفاعلاتك الاجتماعية.
حدد أفكارك المقيدة :
لا بد أن تكون على دراية بأنماط تفكيرك السلبية، فمن الممكن أن يؤدي الخجل إلى أفكار تتسبب في تضخيم حجم الخطر الاجتماعي وتشويه الواقع، ولذلك حدد الأوقات التي تشعر فيها بالقلق واسأل نفسك هل هناك دليل قوي يدعم مخاوفك؟ ثم استبدل بالأفكار السلبية تأكيداتٍ أكثرَ واقعية ورحيمة.
تدرب على التعامل مع الآخرين بشكل تدريجي :
التعرض التدريجي هو أسلوب فعال لمواجهة مخاوفك الاجتماعية تدريجياً، ابدأ بمواجهة المواقف الاجتماعية التي تسبب قلقاً خفيفاً، ثم انتقل إلى تحديات أكبر، فابدأ في إظهار نفسك في المواقف التي قد تشعر فيها براحة أكبر، على الرغم من أنك قد لا تدرك ذلك، إلا أنك ستتدرب وسيبدأ عقلك في استيعاب أن التحدث أمام الآخرين لا يشكل أي خطر؛ ومن ثم لا داعي للخوف أو القلق، تتيح لك هذه التقنية التعود على المواقف الاجتماعية، وتقليل القلق الذي يكتنفك بمرور الوقت.
اعمل على تطوير مهاراتك الاجتماعية :
تحسين مهاراتك الاجتماعية يمكن أن يزيد من ثقتك بنفسك، ولذلك تعلم كيفية طرح أسئلة مفتوحة، والاستماع بفعالية للآخرين، والحفاظ على التواصل البصري، كلما شعرت براحة أكبر في التفاعل مع الآخرين، سيقل القلق الذي ستعاني منه، مارس هذه المهارات في بيئات مريحة قبل تطبيقها في المواقف الأكثر تحدياً.
إذا كنت ما زلت تشعر بالتوتر والخجل؛ فذكّر نفسك بهذا الأمر.
إذا لم تفلح في تخطي الخجل فتذكر أن هناك أشخاصاً عظماء في التاريخ تغلبوا على خجلهم، على الرغم من أن الأمر مكلف، إلا أن الخجل لن يكون عائقاً أمام تحقيق أهدافك الشخصية والمهنية.
اطلب الدعم إن تعسر الأمر :
قد يكون التغلب على الخجل والخوف الاجتماعي عملية صعبة، وفي بعض الأحيان يكون من المفيد طلب المساعدة الخارجية، التحدث مع الأصدقاء المقربين أو أفراد الأسرة الموثوق بهم يمكن أن يوفر الدعم العاطفي ووجهات النظر المفيدة، وإن لم تفلح هذه الوسيلة فلن يتبقى أمامك إلا أن تطلب المساعدة من معالج متخصص في القلق الاجتماعي أو العلاج السلوكي المعرفي.