
في زمنٍ تتكاثر فيه الأصوات وتندر فيه الحقيقة، تبرز سنا فنيش كصوتٍ يُشبه البوصلة في عاصفة الإعلام. لا ترفع صوتها لتُسمع، بل ترفعه لأنّ ما تقوله يستحق أن يُسمع.
إعلاميّة لبنانيّة حملت على عاتقها رسالةً تتجاوز حدود الشاشة والمايكروفون، فكانت حيث يجب أن تكون الكلمة الحرّة. من المنابر المحليّة إلى قاعات الأمم المتحدة، كان حضورها علامة فارقة في الدفاع عن القيم الإنسانيّة.
ليست مجرّد مقدّمة برامج أو محاورة عابرة، بل امرأة تقف بثبات بين الكلمة والموقف، تُدرك أنّ الإعلام ليس مهنةً فقط، بل مسؤولية أخلاقيّة. في كلّ إطلالة لها، تحرص أن تكون المساحة التي تمنحها للآخرين صادقة، وأن تكون الأسئلة التي تطرحها أسئلة توقظ الوعي ولا تُخدّر المتلقّي.
شاركت في مؤتمرات دوليّة عدّة، من بينها مجلس حقوق الإنسان في جنيف، حيث حملت صوت المرأة والطفل والإنسان اللبناني إلى العالم، واضعةً إصبعها على الجرح ومقترحةً حلولًا بلغةٍ مدروسةٍ وأسلوبٍ رصين. لم تكتفِ بالنقد، بل آمنت أنّ الكلمة التي لا تُثمر فعلًا تبقى ناقصة.
ولم يتوقّف دورها عند حدود الإعلام؛ فقد انتُخِبت ضمن قائمة العشرة الأوائل في لبنان من النساء الداعِمات لحرية المرأة والطفل، تكريمًا لمسيرتها المشرّفة ومواقفها الجريئة التي لم تساوم يومًا على الحقّ أو الكرامة.
سنا فنيش أيضًا مدرّبة في مجال التنمية المستدامة، تُعلّم كيف نُعيد ترتيب أولوياتنا في زمن التشوّش، وكيف نستخرج من انكساراتنا معنى وقوّة. تلهم في محاضراتها كما في مقالاتها، وتكتب كما تتحدّث: بصدقٍ وبصيرةٍ، بلغةٍ تحترم عقل القارئ ووجدانه.
حضورها الإعلامي لا يتلوّن مع الظروف، بل يبقى ثابتًا على قيمٍ واضحة: الحقّ، العدالة، والإنسان. وبين السياسة والمجتمع، بين الاقتصاد واليوميّ، تتنقّل كمن يعرف تمامًا موقعه من الأشياء، ويختار أن يُعبّر لا ليرضي أحدًا، بل ليُنير.
إنها سنا فنيش… إعلاميّة حين تتحدث تُعيد للكلمة معناها، وللحق هيبته، وللإنسان قيمته. في عالمٍ يزدحم بالضجيج، تبقى هي الصوت الذي لا يُشبه إلا نفسه، صوتٌ لا ينكسر، ولا يُشترى، ولا يساوم… صوتٌ يذكّرنا دائمًا بأن الحقيقة مهما خُنقت، ستجد منبرًا يليق بها.