.

لودريان لن يقبل الفشل… وتداول أسماء طُرِحَت في الدوحة

كتب فادي عيد في جريدة “الديار”

عودة الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان إلى بيروت اليوم تبدو محفوفة بالمخاطر والصعوبات المحليّة والتجاذبات الإقليمية المتصاعدة، أكثر منها بالتسهيلات ومناخات الاسترخاء التي خيّمت على المشهد الإقليمي الدولي قبل شهرين.
يعود لودريان بعد جولة الاستطلاع التي قام بها الشهر الماضي، وإثر اجتماع الخماسية قبل أسبوع في قطر، مسبوقاً بتوقّعات غير متفائلة بما يمكن أن ينجم عن زيارته الثانية حتى من الشخصيات السياسية التي تكون عادة لصيقة بالدوائر الفرنسية، لجهة إحداث أيّ تقدّم في المخارج لإنهاء الفراغ الرئاسي.

“الحاكميّة” تداهم لودريان “إنسانيّاً”

يعود الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان إلى بيروت، في ظل ظروف وأجواء مغايرة لزيارته السابقة، إن على الصعيد الداخلي أو الخارجي. وثمة معلومات أنه، وخلافاً لما يثار وينقل أن لودريان لا يحمل أي جديد، فان زيارته استطلاعية حول ما استجدّ لبعض الأطراف والقوى السياسية اللبنانية، فإنه سيطرح بعض الأسماء التي تم التداول بها خلال لقاء الدوحة، إذ علم في هذا الصدد، بأن بعض الأسماء طرحت على أن يتم من خلالها جس نبض المسؤولين اللبنانيين، دون أن يكون هناك فرض أو إملاءات على أي طرف، لكنها وفق الأجواء، تشكل مخرجاً وهامشاً واسعاً للنقاش على اعتبارها غير استفزازية، ولا تعتبر نافرة حيال أي مكوّن سياسي، لأن الغرق في طرح الأسماء وحرقها، وتمسك البعض بمرشحيهم سيُبقي الأمور تدور في حلقة مفرغة.

وبناء عليه، نقل أن لودريان سيستمع إلى إجابات الذين سيلتقيهم حول رأيهم بالأسماء التي كانت موضع نقاش في الدوحة، وفي حال كان الوضع مشابهاً للجولة الأولى، عندئذ ستتم تزكية اسم معين ليتم فرضه بإجماع دولي وإقليمي واسع. وعلى هذه الخلفية، جاءت زيارة الموفد القطري محمد بن ناصر الخليفي إلى إيران، ليكون الغطاء جامعاً حول من سيتم تبنيه، وفي هذه الحال مَن سيرفض الصيغة التي ستقترح سيتحمل مسؤولية التعطيل.

وتقول المعلومات ان لودريان، ومعه كل «اللقاء الخماسي»، يسعون الى انتخاب رئيس قبيل نهاية أيلول، ودرءاً لأي تطورات قد تحصل في المنطقة، وفي ظل القلق من تجاوز الحرب الروسية ـ الأوكرانية كل الخطوط الحمر، وانتقالها إلى الدول المحاذية لكلا البلدين، أي أن الصواريخ والمسيّرات من الطرفين ستتجاوز ما كان محرماً في السابق، ولذا تتجنّب هذه الدول الخمس أي صعوبة لاحقاً في إنجاز التسوية الرئاسية، بمعنى أن كل الاحتمالات واردة من السودان إلى أوكرانيا وروسيا إلى جنوب لبنان.

وفي هذا السياق، تضيف المعلومات أن فرنسا بدأت تساير وتجاري الدول الأخرى المنضوية في «اللقاء الخماسي»، لجملة اعتبارات وظروف لها صلة داخلية بما حدث مؤخراً من اضطرابات في المدن الفرنسية، إلى تفاقم الأوضاع الإقتصادية في فرنسا، بعدما اتّسعت هوّة الخلافات بين واشنطن وباريس، إلى عامل آخر يتمثّل بعدم تمكّن الرئيس إيمانويل ماكرون من تحقيق أي إنجاز في لبنان، من زيارته لمرتين إلى بيروت بعد انفجار المرفأ، وعدم التزام الأطراف اللبنانية بالورقة التي طرحها أمام المسؤولين في قصر الصنوبر، وهذا الفشل تمدّد بعدما أوكل لمستشاره السفير باتريك دوريل مهمة إنجاز الاستحقاق الرئاسي والملف اللبناني بشكل عام، ليعود ويكلِّف الموفد الحالي لودريان، والذي ما زال يعاني.

ومن هذا المنطلق، ينقل وبحسب المعلومات، أن لودريان أخذ يعمل على خط تغيير الأداء الذي كان معتمداً في السابق من قبل الإيليزيه، وبناء عليه يريد إنهاء مهمته وقد أصبح للبنان رئيس للجمهورية، فيما أُزيلت رواسب الخلاف بين واشنطن وباريس، بعدما كانت الإدارة الأميركية تتّجه لسحب التفويض الأميركي لفرنسا حول الملف اللبناني.

من هنا، ثمة ترقّب لزيارة موفد ماكرون إلى العاصمة اللبنانية، مع ضرورة قراءة ما قام به من لقاءات في جدة والدوحة، واتصالات بقيت بعيداً عن الأضواء، أي أنه يسعى إلى تجاوز كل المطبّات وعدم إطالة أمد مهمته، وهذا يعتبره تحدياً شخصياً من خلال الذين يعرفوه عن قرب، وعلى هذه الخلفية قد تكون المساعي التي يقوم بها لودريان قد دخلت في مرحلة الحسم، ولكن لا يعني أن هناك انتخاب رئيس في وقت قريب، بل كل ما في الأمر أنه سيغير في إدارة تعاطيه مع القوى السياسية المحلية، وإلا ثمة تعاطٍ مغاير كلياً للماضي، وهذا ما مهّدت له السفيرة الفرنسية في لبنان آن غريو خلال العيد الوطني في قصر الصنوبر، عندما وبّخت المسؤولين اللبنانيين بقساوة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى