اخبار ومتفرقات

العائلات اللبنانية النازحة إلى العراق: بين كرم الضيافة وصعوبة العودة

خلال الحرب والأزمات التي عصفت بالمنطقة، كان العراق دائمًا نموذجًا في كرم الضيافة والإنسانية. فقد استقبل آلاف العائلات اللبنانية التي نزحت إليه خلال الحرب الإسرائيلية على لبنان، وفتح أبوابه لهم بوصفهم “ضيوفًا أعزاء”. قدمت الحكومة العراقية، بالتعاون مع المؤسسات المحلية والدينية، كل أشكال الدعم من إقامة مجانية، ورعاية صحية، إلى تأمين الاحتياجات الأساسية، مما جعل النازحين يشعرون بالاحترام والكرامة رغم ظروفهم الصعبة.

ومع انتهاء الحرب وعودة الاستقرار النسبي، بادرت الحكومة العراقية إلى إعادة الكثير من هؤلاء النازحين اللبنانيين إلى وطنهم على نفقتها الخاصة. قدمت العراق تسهيلات كبيرة عبر الخطوط الجوية العراقية التي خصصت رحلات مباشرة لإعادتهم، تأكيدًا على موقفها الإنساني والأخلاقي تجاه الضيوف الذين احتضنتهم طوال فترة نزوحهم.

المعضلة اللبنانية: رسوم مرتفعة وإجراءات معقدة

في المقابل، يواجه اللبنانيون الراغبون في العودة إلى بلادهم عوائق كبيرة فرضتها الحكومة اللبنانية. رغم الجهود العراقية الحثيثة لتأمين عودتهم عبر الخطوط العراقية، فإن الحكومة اللبنانية تقف عقبة أمام ذلك. يتم فرض رسوم مرتفعة على الطائرات العراقية أثناء الهبوط في مطار بيروت، مما يعطل الرحلات ويزيد من معاناة المواطنين.

وبسبب هذه العراقيل، يضطر الكثير من اللبنانيين إلى استخدام طيران الشرق الأوسط (MEA)، الذي يتطلب دفع رسوم مرتفعة تصل إلى 400 دولار للشخص الواحد. هذا المبلغ يشكل عبئًا هائلًا على العائلات، خاصة أن لبنان نفسه لم يقدم أي دعم مادي أو تسهيلات تُذكر لهؤلاء العائدين الذين يعانون أوضاعًا اقتصادية صعبة.

السؤال الذي يطرحه الجميع: لماذا تعمل الحكومة اللبنانية ضد مصلحة مواطنيها؟ في الوقت الذي قدمت فيه العراق كل التسهيلات دون تقصير، يبدو أن الحكومة اللبنانية تُدخل مصلحة اللبنانيين في دوامة من التعقيدات والرسوم المرتفعة. هل الخوف من الضغوط الخارجية أو المصالح الاقتصادية هو ما يحكم هذه القرارات؟ أم أن هناك أجندات خفية تمنع تسهيل عودة اللبنانيين إلى وطنهم؟

من جهتها، لا تزال الحكومة العراقية مصرة على تأمين عودة اللبنانيين عبر الخطوط الجوية العراقية، نافية كل الشائعات التي تروج لعدم رغبة العراق في تشغيل رحلات إلى لبنان. موقف العراق هو امتداد لسياستها التي تضع الإنسان فوق كل الاعتبارات الأخرى، وتؤكد على الوفاء بالتزاماتها تجاه الضيوف الذين استقبلتهم بكرم خلال المحنة.

على الحكومة اللبنانية أن تراجع سياساتها وتعيد النظر في الرسوم المرتفعة والعراقيل التي تضعها أمام عودة مواطنيها. فالمسألة ليست مجرد قضية نقل جوي أو رسوم هبوط، بل هي اختبار حقيقي للإنسانية والمسؤولية الوطنية. اللبنانيون الذين عاشوا كرم العراق يريدون العودة إلى أرضهم ومدنهم وقراهم، ولا يجوز أن تكون الإجراءات الحكومية عقبة أمام تحقيق هذا الحق الطبيعي.

زهير فنيش

المقال يعبر عن رأي الكاتب وليس رأي موقع سانا نيوز شكرًا على المتابعة.

زر الذهاب إلى الأعلى