
علي فنيش، شاب لبناني، يعيل عائلته بشرف. لا ينتمي إلى أي حزب، ولا يملك ظهرًا سياسيًا أو أمنيًا. يخرج كل صباح ليصطاد من البحر، لا حبًا في الصيد، بل بحثًا عن لقمة العيش. يعيش بكرامة، رغم أن الكرامة أصبحت عملة نادرة في هذا البلد.
خُطف علي. تم اقتياده من أرضه، من رزقه، من بين عائلته، ولم تتحرك الدولة. لا بيان، لا موقف، لا حتى استنكار على استحياء. وكأن الأمر عادي، وكأن الخطف صار من تفاصيل الحياة اليومية التي لا تستحق التوقف عندها. وكأن الإنسان لم يعد له وزن ما لم يكن من أصحاب الحظوة والنفوذ.
الدولة لم تعتبر علي فنيش من “النسخ المطابقة للمواطنة”. لم تضع صورته على الشاشات. لم ترسل موفدين. لم تفتح تحقيقًا. لم تُحرّك ساكنًا. ربما لأنه لا يجلس معهم في الصفوف الأولى، ولا يحضر مناسباتهم، ولا يحمل بطاقة توصية من أحد.
كأن علي فنيش لا ينتمي لهذا الوطن. كأن التعدي على حقوقه لا يعني الدولة بشيء. كأن خطفه لا يستحق حتى تغريدة من مسؤول يشعر أحيانًا بأنه إنسان.
المؤسسات الرسمية في سبات. مشغولة بملفاتها المتراكمة، بتقاريرها الورقية، بجلساتها الفارغة، بتقاسم الحصص والمواقع. لا وقت لديهم لعلي فنيش. لا وقت لديهم لإنسان يُخطف من بين أطفاله، لأن وقتهم مخصص لأمور “أهم”.
لكننا نقولها بوضوح: هذا غير مسموح. هذا غير مقبول. هذا صمت مشين، وتقصير فاضح، وتخلٍّ كامل عن أبسط واجبات الدولة. الدولة ليست في منتجع سياحي. الدولة ليست ضيفة شرف على معاناة الناس. الدولة وجدت لحماية الناس، لا لتجاهلهم.
أي دولة أنتم؟
أين الإنسانية؟
أين الكرامة؟
أين الحد الأدنى من الشعور بالمسؤولية؟
علي فنيش ليس رقمًا. علي فنيش ليس عابرًا. هو واحد من كثيرين يعيشون على الهامش، ويُسحقون بصمت، لأنهم لا يملكون سوى كرامتهم. وعندما تُخطف كرامتهم، لا أحد يتدخل.
إذا كان الخطف لا يستفز الدولة، فما الذي يستفزها؟
وإذا كان الصيد من أجل العيش يُقابل بالإهمال، فما هو تعريف “المواطن” في قاموسكم؟
وإذا كانت حياة علي فنيش لا تهم أحدًا في السلطة، فمن بقي لهؤلاء الناس؟
هذا نداء، صرخة، موقف. علي فنيش يجب أن يعود. ويجب أن تُحاسب الدولة نفسها قبل أن تحاسب غيرها.
ولتعلموا جيدًا… أن الصمت على الظلم شراكة فيه.
وأن الشعوب لا تنسى،
سنا فنيش