اخبار ومتفرقات

هل تسمع مثلي حديث الموتى؟

يحدث احيانا ان اسمع حديث الموتى و انا اعبر بجانب حائط المقبرة الواقعة في وسط بلدتنا حاروف،يحصل ان اقترب و ان أضع اذني على الجدار ،لطالما ارتعبت وانا امرّ ليلا ان يقفز الموتى من قبورهم باكفانهم البيضاء ليعتقلوني بالقوة وليخطفوني إلى حيث هم في المجهول ،في العالم المظلم،ربما الظلام هناك نوراً .

سمعتهم يتشاجرون فيما بينهم،عرفت أصوات البعض منهم،الأحاديث نفسها التي كنت اسمعها منهم وهم على قيد الحياة.

ما زالوا يتعاركون للأسباب نفسها،لم يعلّمهم الموت اي درسٍ ،نقلوا صراعاتهم إلى حيث هم،هذا إثبات واضح ان النفس وان انتقلت من دار إلى دار لا تعترف الا بما تراه حقاً حصرياً لها.

الارواح امر آخر.

الارواح لا تتقاتل ولا تُحاسب ولن يمسها نار ولن تطأ جنّة.

وحدها النفس المطمئنة في دائرة الاستفهام،لها ما للنفس الأمارة بالسوء ولها ما للنفس اللوامة .

الارواح أمر آخر لا تموت إنما تتعارف فيما بينها من حياة إلى حياة ،ربما الروح الواحدة تحمل في كل حياة نفس واحدة خاضعة للتجارب،ربما تعطى كل نفس و في كل حياة ادواراً مختلفة ،تارة تجربة واسعة في الثراء وتارة تجربة واسعة في الفقر،تارة نفس في جسم مريض وتارة نفس في جسم سليم،تارة في دور حاكم وتارة في دور محكوم،ربما تمر النفس في كل لأدوار وتموت حتى في كل الاعمار كي لا تحتج في يوم الحساب مستخدمة كلمة”لو”او “لماذا” او “اذا” أمام خالقها.

ستعبرون في كل الأدوار كي لا يحتج منكم احد،ما تتمنوه في هذه الحياة ستحققونه في الحياة التالية ليعرف الإله ما الفرق ما تغيّر.

الارواح تؤمن نقل الأنفس من جسم إلى جسم آخر وصولا إلى الجسد.

الجسم حيّ والجسد جيفة.

الروح واحدة لنفس بادوار كثيرة.

اسمع حديث الموتى،ما زالوا لا يصدقون انهم اكملوا اول تجربة لهم في الحياة ،لا تتعلم النفس من ادوارها السابقة ،تكرر الأخطاء،تعيدها بلا ندم ولا ذنب، انا بدوري لا اتعلمّ ان لا اضغي لحديث الموتى وافشل دائما أن لا اقترب من حائط المقبرة،ما أصبحت شجاعا الا بعد ان مات كثيرون ممن اعرفهم وصار لي في المقبرة اهل وأصحاب اكثر من الأشخاص الذين اعرفهم في الدنيا.

مذ مات من أحب ما عدت اخاف المرور ليلا بجانب سور المقبرة،كأن الذين نفتقدهم يحموننا من الرعب وسط الظلام.

بقلم د.احمد عياش 

المقال يعبر عن رأي الكاتب وليس رأي الموقع، شكرا على المتابعة. 

زر الذهاب إلى الأعلى