
مانشيت الصحف ليوم السبت 31أيار2025
بدأ عهد فرض الضرائب: المحروقات تموّل منحاً للعسكريين الأخبار:
قرر مجلس الوزراء، في جلسته أول من أمس، زيادة الضريبة على استهلاك المحروقات عبر تجميد أسعارها على مستويات أعلى من المستوى الذي يفترض أن تبلغه مع انخفاض الأسعار العالمية.
وأدّى ذلك إلى زيادة في سعر هاتين المادتين على المستهلك بنسبة 7% على البنزين، و14% على المازوت.
ويأتي ذلك بحجّة تسديد منح مالية شهرية للعسكريين بقيمة 14 مليون ليرة لمن هو في الخدمة الفعلية وبقيمة 12 مليون ليرة لمن هو متقاعد، علماً بأنه تتراكم أموال في الخزينة منذ ثلاث سنوات في حسابها لدى مصرف لبنان المعروف بحساب الـ36 بقيمة تزيد على مليار دولار، فضلاً عن أن هذا الحساب يزداد شهرياً، ما يثير التساؤلات عن السبب الحقيقي الذي دفع الحكومة إلى فرض ضريبة لتمويل إعطاء العسكريين «منحاً» وليس زيادة على أساس الراتب، وهو أمر لم تقم به مع سائر العاملين في القطاع العام.ينص قرار مجلس الوزراء على «اعتماد أسعار المحروقات السائلة (باستثناء الغاز السائل والبوتان والبروبان والفيول أويل بنوعيه) على القيم التي كانت معتمدة بتاريخ تشكيل الحكومة في 8 شباط 2025».
وهو ما يعني عملياً إعادة رفع الأسعار بشكل اصطناعي، بعد الانخفاض الذي شهدته أخيراً نتيجة تراجع أسعار النفط عالمياً. وقد ورد في نص القرار أن «يُدرج هذا الفارق ضمن خانة المعاملات الجمركية في جدول تركيب الأسعار»، ما يشير إلى أن هذه الزيادة تُحصّل كضريبة مباشرة من المستهلك.وقد أدّى القرار إلى ارتفاع سعر صفيحة البنزين 95 أوكتان بقيمة 100 ألف ليرة ليبلغ مليوناً و489 ألف ليرة، و98 أوكتان إلى مليون و529 ألف ليرة.
كما ارتفع سعر صفيحة المازوت 174 ألف ليرة، ليبلغ مليوناً و393 ألف ليرة.هذه الزيادة ليست مجرّد رشوة عادية، بل هي رشوة تمييزية، إذ إنها تُمنح للعسكريين من دون أن تعطيهم ما يطالبون به فعلياً لجهة زيادة أساس الراتب بما ينعكس مباشرة على تعويضات التقاعد، وهي تميّزهم عن سائر العاملين في القطاع العام الذين يستحقون زيادات نتيجة انخفاض رواتبهم إلى مستويات متدنية جداً قياساً على ما كانت عليه قبل خمس سنوات.أيضاً تؤثر هذه الزيادة بشكل مباشر على إنفاق الأسر، باعتبار أن المحروقات تمثّل عنصراً أساسياً في متطلباتها اليومية.
فالقرار ينعكس على كلفة النقل، سواء عبر السيارات الخاصة أو وسائل النقل المشترك التي لم تتمكن من خفض أسعارها رغم انخفاض سعر البنزين سابقاً، ليقضي القرار الجديد على هذه الإمكانية.
كما سيطال الأثر قطاع الطاقة المنزلية، إذ يعتمد اللبنانيون بنسبة تصل إلى 75% على مولدات الأحياء، إذ يستمدون الطاقة منها لمدة 18 ساعة يومياً على الأقل، والتي يشكّل المازوت وقودها الأساسي، ما يلغي أي أمل في خفض تسعيرة الكيلوواط ساعة من قبل أصحاب المولدات.
أما على المستوى العام، فإن كلفة النقل تدخل في تكوين أسعار معظم السلع والخدمات في السوق، ما يعني أن زيادة أسعار المحروقات ستؤدّي إلى موجة جديدة من ارتفاع الأسعار، وبالتالي إلى تسارع في وتيرة التضخم.
ووفقاً لصندوق النقد الدولي، بلغ معدل التضخم في لبنان خلال عام 2024 نحو 45%. ورغم أن خفض التضخم يُعدّ أولوية في توصيات كل من صندوق النقد والبنك الدولي للبنان، إلا أن قرار الحكومة يتناقض مع هذه التوصيات في وقت تسعى فيه هذه الحكومة إلى التفاوض مع المؤسستين الدوليتين، ما يثير تساؤلات حول اتساق السياسات الحكومية مع أهدافها المُعلنة.
وتُعد هذه الضريبة ضريبة على الاستهلاك، أي إنها ضريبة تراجعية تطال الفئات الفقيرة بنسبة أعلى من الأغنياء، ما يؤدي إلى تفاقم الفقر وتعميق التفاوتات الاجتماعية، تحت ذريعة زيادة إيرادات الدولة.
وهو ما يستدعي إعادة النظر في السياسة المالية التي تعتمدها الحكومة، بدءاً من الامتناع عن الإنفاق، وصولاً إلى فرض ضرائب غير عادلة من هذا النوع.
فهذه الخطوة تشكّل مؤشراً واضحاً على النهج الذي تتبعه الحكومة الحالية.اقتصادياً، يُفترض أن يسهم تراجع أسعار المحروقات العالمية في خفض كلفة الإنتاج، ما يعزز التنافسية ويشجّع على النشاط الاقتصادي.
غير أن الحكومة اللبنانية، عبر هذه الخطوة، تعاكس هذا الاتجاه، وتضع عراقيل أمام أي محاولة لإعادة الاقتصاد إلى مسار إنتاجي.
ويأتي ذلك في ظل تركيز شبه حصري على القطاع السياحي، من دون أي رؤية واضحة لتحويل الاقتصاد نحو قاعدة إنتاجية أكثر استدامة.
الأخبار
«البناء»: وضع لبنان لا يُحسَد عليه في ظل التحولات في المنطقة
اشارت معلومات «البناء» إلى أن سفارات دول أجنبية في لبنان عمّمت على المقربين منها من سياسيين وإعلاميين ومحللين، تصعيد الهجمة واللهجة ضد حزب الله وعلى مختلف الشخصيات السياسية والإعلامية في فريق المقاومة الى الحد الأقصى لاستفزاز الحزب والضغط عليه لمواكبة التصعيد العسكري الإسرائيلية وذلك لإشعال الوضع الداخلي إعلامياً وسياسياً حتى وصول أورتاغوس الى لبنان لتعزيز موقفها التفاوضي وتزيد الضغوط على الدولة لوضع سلاح حزب الله على الطاولة.
إلا أن أوساطاً مواكبة للحركة الخارجية باتجاه لبنان، أوضحت لـ»البناء» أن وضع لبنان لا يُحسَد عليه في ظل التحولات في المنطقة وضعف محور المقاومة، وحملة الضغط الخارجي على لبنان ستشتد في الأسابيع المقبلة، وسيُصار إلى تشديد الحصار المالي على حزب الله وعلى الدولة اللبنانية واستمرار الاعتداءات الإسرائيلية وتوسيعها، لكن الحديث عن اجتياح إسرائيلي بري للجنوب الى الأولي ودخول للفصائل المسلحة من الحدود السورية الى البقاع أو دخول أميركيّ عسكريّ جويّ على خط المعركة للقضاء على حزب الله أو ليسلّم سلاحه، هذا كلام مضخم ولا يعبّر عن الواقع، ويهدف الى التهديد والتهويل على بيئة المقاومة وللضغط التفاوضيّ على لبنان.
البناء
الاحتمالات المفتوحة في المنطقة ترخي بمخاوف على جبهة لبنان
اشارت “الجمهورية” إلى أنّ الاحتمالات المفتوحة في المنطقة، ترخي بمخاوف على جبهة لبنان، وهو ما أشار إليه مرجع كبير، رداً على سؤال لـ«الجمهورية»، حيث قلّل من احتمال إقدام إسرائيل على التشويش على المفاوضات النووية وخلق واقع يطيح باحتمالات اتفاق تقتضيه مصلحة الولايات المتحدة.
وقال: «المؤكّد هو أنّ إسرائيل تدرك انّها أكثر الخاسرين من هذا الاتفاق، وبالتالي لا تريده أن يحصل، لكنها لن تستطيع منعه.
إلّا أنّ الخطر يكمن في محاولتها التعويض عن خسارتها في أماكن اخرى، وربما بالتصعيد على جبهة لبنان»
.وأكّد المرجع انّه لا يستند إلى معطيات تعزز هذا الخطر، إلّا انّه لفت إلى أنّ كل الاحتمالات واردة من إسرائيل التي لا تتوانى عن القيام بأي أعمال وخطوات عدوانية، وفي هذه الحالة لن نكون إلّا في موقع الدفاع عن بلدنا.
مذكّراً في هذا السياق بما سبق وأكّد عليه رئيس مجلس النواب نبيه بري بأننا أمام العدوان الإسرائيلي سنكون جميعاً في خط المقاومة، لا بل في صفوفها الأمامية لردّ العدوان.
الجمهورية
«اللواء»: العلاقة بين الرئاسات تسير على ما يرام
قالت مصادر مطَّلعة لـ«اللواء» ان لقاء الرئيسين عون وبري اندرج في اطار التنسيق بين الرجلين هو سلسلة ملفات وقالت ان هذا الاجتماع اعطى الانطباع بأن قنوات التواصل بينهما مفتوحة، مشيرة الى ان ما من ملف محدد بحث انما عدد من القضايا لاسيما ما يتصل بالوضع في الجنوب ومسألة السلاح الفلسطيني وبعض الامور التي يعمل على معالجتها.
الى ذلك، أوضحت هذه المصادر ان العلاقة بين الرئاسات الثلاث تسير على ما يرام وما من تباين في المقاربات الأساسية وبالتالي اي لقاء ثنائي ينعقد لا يعني فتورا في العلاقات بين احد الرئاستين، مشيرة الى ان هناك ملفات تستوجب متابعتها بين الرئيسين عون وبري في المرحلة المقبلة.
اللواء
فلسطين: حلحلة في المفاوضات: أميركا تدفع نحو صفقة جزئيّة
الأخبار:يحيى دبوق-
يبدو أن ثمّة تحوّلاً ملحوظاً يمكن البناء عليه، فيما يتعلّق بمسار المفاوضات الجارية حالياً بين إسرائيل وحركة «حماس»، برعاية الوسيط الأميركي، الذي يُظهر، بدوره، جدّية أكبر لجهة الدفع نحو اتفاق بين الجانبَين. وممّا يَظهر، ثمة فرص معقولة للتوصّل إلى صفقة جزئيّة: هدنة مؤقّتة، في مقابل إطلاق سراح عدد من المحتجزين الإسرائيليين، والإفراج عن أسرى فلسطينيين.
مع ذلك، فإنّ الطريق أمام عقد اتّفاق شامل ينهي الحرب، ما يزال مليئاً بالعقبات؛ حتى أنّ الاتفاق الجزئي نفسه، ورغم أنه يبدو في المتناول، ما يزال في إطار الخطوات الأولية والمقدّمات غير الواضحة، في ظلّ عدم التوافق على بنوده النهائية.
فمن جهتها، لم تعلن «حماس» موقفها الرسمي من المقترح، وإنْ كانت المؤشرات تدلّ على أنها لا ترفضه تماماً، بل تعمل على تحسين شروطه، عبر طلب مزيد من الضمانات الواضحة حول مستقبل الهدنة ومصير العملية التفاوضية، والأهم، الاتفاق على هدف المفاوضات اللّاحقة التي يجري اقتراحها كبند رئيسي في الاتّفاق الجزئي، حتى تكون كافية في ذاتها لإنهاء الحرب والتوصّل إلى ترتيبٍ سياسي وأمني وإنساني مستدام وغير قابلٍ للخرق.وممّا يُلفت في سياق الاتفاق الجزئي المُتبلور، تراجُع إسرائيلي ملحوظ، قياساً مع مواقف سابقة رافضة صدرت عن تل أبيب، وعلى لسان رئيس حكومتها، بنيامين نتنياهو، نفسه، كانت تربط بدء مفاوضات إنهاء الحرب بإطلاق سراح جميع الأسرى دفعةً واحدة.
وهكذا تطوّر، وإنْ كان يمكن الرّهان عليه بوصفه مقدّمة لما سيلي من «تنازلات»، لكنّه غير كافٍ للإشارة إلى أنّ مسار نهاية الحرب قد انطلق؛ خصوصاً وأنّ الاتفاق ما يزال رهنَ قدرة الطرفَين على تجاوز الخلافات الجوهرية، وهي كثيرة جداً ومتعارضة، علماً أنّ المقصود هنا ليس الصفقة النهائية فحسب، بل الصفقة الجزئيّة المُحتملة أيضاً.
الطريق أمام عقد اتّفاق شامل ينهي الحرب، ما يزال مليئاً بالعقبات ويبدو أنّ المتغيّر الذي طرأ، ودفع إلى استبدال المقاربة الإسرائيلية، سببُه تصاعُد الضغوط الدولية والداخلية، خصوصاً من جانب الولايات المتحدة، التي بدأت تتدخّل بشكل أكثر فاعلية في العملية التفاوضية، بعدما منحت إسرائيل كلّ الوقت المطلوب لـ«إنجاز المهمّة».
ومن المهمّ الأخذ في الاعتبار، أن التراجع الإسرائيلي ليس تماشياً كاملاً مع الضغوط الأميركية أيضاً، كما أنّه لا يعبّر عن استسلام سياسي أو استراتيجي، بل هو خطوة مدروسة، تهدف، وفق ما تشير إليه المعطيات المتوفّرة وأرجح القراءات، إلى امتصاص الضغط الدولي، وتحويله إلى مكاسب.
فالحكومة الإسرائيلية، برئاسة نتنياهو، ما تزال تعمل ضمن حساباتها الخاصة بها، وهي تعلن عن قبول صفقة جزئية لإفراغ الزّخم الدولي والاتهامات الموجّهة إليها، من دون أن تعطي ضمانات حقيقية باستمرار المسار التفاوضي.
ويبدو الرهان الإسرائيلي هنا واضحاً: استخدام فترة الهدنة التي قد تمتدّ على 60 يوماً، للتحضير لسيناريوهات مستقبلية أكثر ملاءمة لإسرائيل، مع البحث عن ذريعة تتيح لها الانسحاب من التزاماتها بموجب الاتفاق، خصوصاً أنه لا توجد مؤشرات قاطعة إلى تحوّل جذري في السياسة الإسرائيلية، بل مجرّد إدارة للموقف.
على أن المحكّ الرئيس فيما يجري، سواء ما يتّصل بالصفقة الجزئية المتبلورة حالياً، أو الاتفاقات التي قد تليها، وحتى إنهاء الحرب نفسها، يرتبط إلى حدّ كبير بالموقف الأميركي، بعدما تعذّر على إسرائيل تحقيق النتيجة التي تريدها أميركا أيضاً، عبر الخيار العسكري.
ويبدو أنّ الولايات المتحدة بدأت تتّخذ موقفاً أكثر صراحة وتأثيراً تجاه إسرائيل، لكن من دون الوصول إلى فرض شروط قاسية أو إنذارات نهائية، و«تكسير الأواني».
فالضغط الأميركي الحالي لا يشبه ذلك الذي تمارسه واشنطن على دول أخرى، مثل أوكرانيا، بل يمارَس بحذرٍ وبصيغة تحافظ فيها على العلاقات وحميميّتها المعتادة، أقلّه في العلن.
وفي الأهداف، تراهن أميركا على دفع الطرفين نحو صفقة محدودة يمكن تنفيذها الآن، مع العمل على تمديدها لاحقاً بغرض تحقيق اتفاق شامل.
لكن نجاح هذا الرهان يتطلّب ضمانات واضحة، وآليات رقابة فعّالة، ووعوداً أميركية ملزمة، لا تسمح لإسرائيل بالتملّص من التزاماتها والانسحاب لاحقاً من الاتفاقات.
وإلى الآن، ما تزال واشنطن بعيدة عن تقديم ضمانات قاطعة، وإنْ عمدت إلى ذلك نسبياً في سياق المفاوضات الحالية، وهو تطوّر يمكن البناء عليه، في انتظار الأيام المقبلة.
الأخبار
وهم «انهيار حزب الله»: مرونة بنيوية وحضور سياسي واجتماعي وتكافلي
الأخبار:علي حيدر-
لم تنتهِ الحرب على لبنان بإعلان وقف إطلاق النار في 27 تشرين الثاني 2024، بل دخلت مرحلة جديدة بوتيرة وتكتيكات مختلفة، في مُؤشّر واضح على الإقرار بعدم تحقيق أهدافها الإستراتيجية، رغم الضربات القاسية وغير المسبوقة التي ألحقتها بحزب الله. كما كشفت عن مخاوف جدية في واشنطن وتل أبيب من استكمال حزب الله نهوضه من جديد.
ولا ينفصل عن هذا السياق ما أعلنه رئيس الأركان الإسرائيلي، إيال زامير، في جلسة تقييم في المنطقة الشمالية، بحضور قائدها اللواء أوري غوردين وضباط آخرين، بأن «المعركة ضد حزب الله لم تنتهِ بعد، وسنواصل ملاحقته وإضعافه حتى انهياره».
ومع عدم إغفال أن مواقف كهذه تهدف إلى تعزيز الشعور بالأمن لدى مستوطني الشمال، إلا أنها بالتأكيد تندرج في سياق إستراتيجي، وتُعبِّر عن خيار عملياتي يعكس تقييماً إجمالياً لنتائج الحرب، وطموحاً لتحقيق ما لم يتحقق منها.
وهي تأتي في ظل سياق إقليمي أوسع، من أهم معالمه التحول الإستراتيجي التاريخي الذي شهدته سوريا.
إذ إن النظام الجديد لم يُخفِ بعد سقوط نظام الرئيس بشار الأسد نيّته التقارب مع الغرب، وتبني أولوياته الإستراتيجية في المنطقة، خصوصاً حماية أمن إسرائيل، واعتمد خطاباً سياسياً يُسهم في إحكام الطوق السياسي وغير السياسي على المقاومة الفلسطينية، وقطع – كما هو متوقع – خطّ إمداد المقاومة في لبنان، مع عمقها الإستراتيجي في إيران.
وهذا كان أولوية ملحة للولايات المتحدة وإسرائيل ومطلباً أساسياً من سوريا على مدى عقود.
المعلم الآخر الذي لا يقل أهمية في التحولات الإقليمية، في أعقاب الحرب، إنتاج سلطة سياسية جديدة تبنّت خطاباً علنياً ضدّ المقاومة وسلاحها، وطالبت بنزعه تحت عنوان حصرية السلاح، متجاهلةً الخطر الإسرائيلي الذي يُهدّد حاضر لبنان ومستقبله.
وبدلاً من دعم إعادة إعمار ما دمّرته الحرب، لجأت هذه السلطة إلى ابتزاز بيئة حزب الله، بمنع وصول المساعدات الإيرانية والعراقية، وربط إعادة الإعمار بالخضوع للمطالب الإسرائيلية.
عقبات إسرائيلية مُركّبةورغم الاندفاعة العسكرية والإدارة الأميركية المباشرة لاستمرار الحرب، يواجه العدو الإسرائيلي عقبات مُعقّدة ومُركّبة تجعل «إضعاف حزب الله حتى انهياره» أقرب إلى الطموح منه إلى الهدف القابل للتحقق، للأسباب الآتية:
1 – يتسم تنظيم حزب الله بأنه لا يخضع لنمط عسكري تقليدي؛ بل هو كيان مرن ولا مركزي، متداخل مع مجتمعه وبيئته، ما يُصعّب على إسرائيل توجيه ضربة قاضية تؤدي إلى انهيار تنظيمه.
وبرزت أهمية هذه الميزة في الحرب، فرغم حجم الضربات الهائلة والمفاجئة، واصلت القيادة الجديدة إدارة الحرب ونجحت في احتواء تداعيات الضربات السابقة، وإعادة النهوض لمواجهة العدو في مسار تصاعدي حتى اليوم الأخير.
2 – ما يُميّز حزب الله عن غيره من القوى، أنه يُعبّر عن الهوية الثقافية لمجتمعه، في مواجهة المخاطر الخارجية والداخلية. ولذلك هو ليس حالة منفصلة عنه، بل جزء من الحياة اليومية لمجتمعه، في الجنوب والضاحية الجنوبية والبقاع ومناطق أخرى. ويعني ذلك أن ضرب المقاومة هو ضرب لنسيج اجتماعي وليس فقط لأفراد مُحدّدين، ما يُعقّد المهمة الإسرائيلية.
3 – اظهرت الايام، أنه وعلى الرغم من الضربات القاسية التي تعرض لها «مجتمع المقاومة»، إلّا أنه لا يزال يلتفُّ حولها بمستويات فاجأت كل خصومه.
وهي ظاهرة تحتاج إلى دراسة مُفصّلة، كونها تُعبّر عن وعي هذا المجتمع للمخاطر المُحدقة به داخليا وخارجيا.
ما ساعد على مواجهة كل عمليات التضليل والحرب النفسية. وجاء تشييع الأمينين العامَّين السابقين لحزب الله، السيدين الشهيدين حسن نصر الله وهاشم صفي الدين، لتعكس هذه الخلاصة، كما هو الحال مع الموجات الشعبية التي اتجهت نحو المناطق المُحتلة قبل مرور مهلة ال60 يوما، وصولاً إلى نتائج الانتخابات البلدية الأخيرة.
4 – لا يستطيع المراقب، تجاهل الدور الرئيسي للعقيدة التي تحملها المقاومة وبيئتها ودورها في تثبيتها وتصميمها. وهي عنصر يضاف الى الوعي السياسي ما يضمن وجهتها نحو حماية شعبها ووطنها.
ونجح العنصر العقائدي في أن يصبح عامل تحييد لمفاعيل الكثير من أدوات التدمير والإجرام التي ترتكز عليها عقيدتي الردع والحسم في جيش العدو.
حيّد البُعد العقائدي للمقاومة مفاعيل الكثير من أدوات التدمير والإجرام الإسرائيليةاستجابة حزب الله وإعادة تموضعه خلال وبعد الحرب القاسية، اتخذ حزب الله وجهة عملانية دلت على تعلمه من الضربات القاسية. وهو باشر خطوات منها:
1 – بدأ حزب الله في إعادة هيكلته الداخلية خلال الحرب، واستمر بوتيرة متطورة بعد 27 تشرين الثاني الماضي. وعمد إلى توزيع القيادات وتطوير منظومة القيادة البديلة، وتقليص التمركز التقليدي، واعتمد تكتيكات مرنة في أكثر من مجال.
وقد برزت نتائج هذا المتغير خلال الحرب عبر وقف مسلسل الضربات التدميرية للمنظومة القيادية، ومكّنت القيادة البديلة برئاسة أمينها العام الجديد الشيخ نعيم قاسم، من إدارة الحرب ودفعها في الاتجاه غير المخطط له أميركياً، بنسبة مهمة.
2 – يكشف أداء الولايات المتحدة وإسرائيل عن خشيتهما الظاهرة من ان يعيد حزب الله بناء قدراته العسكرية. خاصة وأنه كان ولا يزال يملك بنية تحتية واسعة جداً تُمكّنه من هذا الخيار.
ولذلك تتعامل تل أبيب وواشنطن وبعض أعداء المقاومة في الداخل بأن هناك وقتاً محدوداً لتأدية المهمة وتحقيق الأهداف. وبدأت تصدر في إسرائيل بعض التقديرات التي تحذر من أن عدم ردّ حزب الله على الضربات الإسرائيلية، هو جزء من خطة من أجل كسب المزيد من الوقت في إعادة تطوير قدراته العسكرية وملاءمتها مع المستجدات.
3 – لجأ حزب الله الى استغلال الحرب، لاجل رفع مستوى الوعي إزاء المخاطر المحدقة بلبنان ومقاومته. وهو ما يترجم على شكل مطالب القاعدة من القيادة الجديدة، لجهة الاستفادة ممّا مضى، واستخلاص العبر.
4 – أمام انكفاء الدولة اللبنانية عن القيام بغالبية مهماتها تجاه شريحة واسعة من شعبها، اكد حزب الله التزامه مسؤولياته الاجتماعية. فواصل إمداد قواعده وبيئته بما أمكن من المقومات التي تخفف من المعاناة.
ولا يخفى أن لهذا الأداء السلبي من قبل الدولة والإيجابي جداً من قبل حزب الله مفاعيله وتأثيره الكبير على مجمل المشهد في لبنان.في الخلاصة، تضرر حزب الله عسكرياً بعمق، لكنه لا يزال يمتلك بنية قتالية كامنة وفاعلة وقدرة على الرّد والدفاع، وهي في مسار تصاعدي.
أما سياسياً، فحتى اللحظة ، لم تنجح كل محاولات عزله وتجاوزه في الاستحقاقات والمحطات المفصلية. بينما لا يزال مجتمع المقاومة يرى فيه عامل الدعم اجتماعيا.
لذلك، لا يكفي أن تطمح إسرائيل إلى انهيار حزب الله حتى يتحقق ذلك، لأنها ستصطدم بواقع معقد يُظهر أن الحزب أعمق من كونه بنية عسكرية. إنه كيان عقائدي، اجتماعي، سياسي، ويملك قدرة على التكيف والاستمرار.
الأخبار